|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
حكايات سلمى
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: حكايات سلمى
حكايات سلمى (2) محمد صادق عبدالعال انتظار حكَت سلمى أنه: لما كانت أمها على شفا جرف دانٍ من الرحيل، اتخذت من نافذة تُطلُّ على البحر الكبير مرصدًا لها، فكانت كلما مرَّ ركبٌ بأشرعة بيضٍ وبيارق خضر فرحَت وارتعشَت وتمتمَت بكلمات: أفي الرَّكْب أنا؟ لوَّوا رؤوسهم، ورأيتَهم يمرُّون وهم معرضون: ليس بعد. فتشرع في البكاء، ثم سرعان ما تَبتسِم، وكلما أردتُ أن أسألها امتنعتُ، وذات مرة حطَّ عند دارنا الركب المُنتَظر، وتجهزت أمي لهم، وارتدت ثيابًا بلون البيارق والشراع، ثم ارتقَت مُرتقاهم، وصارت في حماهم، من بعدها اتخذتُ من أريكة أمي ومرصدها مُتكأً لي، حتى غُمَّ عليَّ ذات ليلة، فرأيتُ ركب أمي أمام النافذة فهللتُ: عادت أمي أيها الخَلق، عادت أمي أيها الناس، هممتُ أن أُعانقها فكان زجاج النافذة الرقيق الشفاف أقسى مانع لي ولها. قلت بأسًى: يا أمِّي عودي! قالت: سلمى، لا يجوز. صرختُ: ما أعجلك عن ركبك يا أمي! قالت: هو ركبي يا سلمى، لم يُخطئ الحادي، ولم يَضِع الشراع وسط المتلاطم من الأمواج، فمهما كان الليل داجيًا، والبحر غير ساج، فما ينبغي لذي ركب أن يفقدَ رَكبه، وإني قد شُغلت بهيبة المواكب، وأشرعة المراكب، وبهرتني بيض البيارق، وخضر النمارق؛ فنسيتُ بعض الفرائض فأدِّيها عنِّي بنيّتي، وكوني بعينٍ على الركب وعين على الدار، عين تَنتظِر الغد وأخرى تترقَّب مرور القطار، ولا تجزعي لفقدان المواكب؛ فلربَّ مُنتظِر خير من راكب، ولرب مطلوق خير من أسير. وبينما الحوار مُمتع ماتع، تتوق كلتاهما لو يطول؛ قطع الرجاءَ قائلٌ: "الصلاة خير من النَّوم"، فانصرفت أمها لحال لا تَدريه (سلمى) وانزوت الأخرى تفكِّر في الوعد المقطوع. وإلى حكاية أخرى من حكايات سلمى.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |