|
|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
ما هي مشكلتي؟
ما هي مشكلتي؟ أ. شروق الجبوري السؤال السلام عليكم. قد قمت بتلخيص مشكلتي في عدَّة نقاط: عمري عشرون عامًا، أعاني من اضطرابٍ ثنائي القطب، أنتقد نفسي كثيرًا، أحيانًا أرى أني إنسانة مميزة ورائعة، وأحيانًا العكس تمامًا، دائمًا أُفسِّر تصرُّفات الآخَرين، شكَّاكة أحيانًا، أشعر بنقصي الشديد وأنَّني غير مرغوب فِيَّ في المجتمع، حسَّاسة وأحزن بسرعةٍ، عندي قلقٌ شديد، ولا أستطيع النوم بسهولةٍ أحيانًا، أجرح نفسي عند الانفعال، أخاف الخروج إلى الشارع لأنِّي أشعر أنَّ كلَّ الناس تتكلم عنِّي، أكره أن أقارن نفسي بالآخَرين؛ لأني أشعُر أنني أقل منهم، أحلم بكوابيس، دائمًا أحس أنَّ لديَّ عدَّة شخصيَّات؛ أي: إنَّني أظهر لكلِّ شخص بشخصيةٍ مختلفة عن الشخص الآخر، وعندما أستيقظ من النوم أشعر باكتئابٍ شديد. تعبتُ من طريقة تفكيري؛ لأنها تجعلني مكتئبة دائمًا، فبماذا تنصحونني؟ الجواب أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. يسعدنا أنْ نُرحِّب بك أختًا كريمة في (شبكة الألوكة)، ونشكرك على اختيارك لها لطلب الاستشارة، سائلين المولى القدير أنْ يجعلنا سببًا في تفريج كربتك وانشراح صدرك، إنَّه تعالى سميع مجيب. وأودُّ بدءًا أنْ أُحيِّي فيكِ بحثَك عن الجوانب السلبيَّة في شخصيَّتك، كما أحيِّي رغبتك في التخلُّص منها بالأسلوب الصائب، وهو سُؤالك المختصِّين عنها. أختي الكريمة، إنَّ لوم الذات ونقدَها أمرٌ لا شكَّ أنَّه إيجابي، ليس من وجهة النظر الإسلامية وحسب، بل من رؤية العلوم النفسية والتربوية والاجتماعيَّة التي ترى أنَّه تقييم ذاتي موضوعي لإجراء التصحيح، لكن ما استقرأتُه من رسالتك، وما تضمَّنتها من بعض العبارات - يُشِير إلى أنَّك تقومين (بجلْد ذاتك) بشدَّةٍ تَحُول دون تصالُحك واتِّساقك معها أحيانًا، بينما يُمثِّل لُجوءُك للرضا عن الذات وتقديرها في أحيانٍ أخرى عودةً لك إلى جادَّة الصواب؛ لأنَّك حِينَها تتلمَّسين مميِّزاتك وإمكاناتك الحقيقيَّة، ويتَّضِح أنَّك تنحازِين لهذا الجانب أو ذاك بناءً على ما يَصدُر من أفعال أو أقوال ممَّن هم حولك لتحديد ردِّ فعلك. لذا؛ أقول لك - أختي الكريمة -: إنَّ رأي الآخَرين مهم - لا شكَّ - في المساعدة في عمليَّات تقييم الذات والتواصُل الاجتماعي الناجح، لكنَّ تلك الآراء يجب ألاَّ تؤخذ أبدًا بطريقة (إقراريَّة)، بل لا بُدَّ من أخْذها بأسلوب تقييمي وناقد؛ كالنظَر إلى شخص قائلها ودَوافِعه وأسلوب طرحه لها، ثم كيف يمكن الاستفادة منها في تطوير الذات، وليس في جلدها وتعذيبها... وما إلى ذلك. أمَّا فيما يخصُّ إحساسَك بأنَّ لدَيْك شخصيَّات عديدة بسبب تصرُّفك مع كلِّ شخصٍ بشكلٍ يختَلِف عن الآخَر، فأقول لك - يا عزيزتي -: إنَّ اختلاف طريقة تعامُلك مع كلِّ شخصٍ هي ميزة عقلانيَّة، فليس من الحكمة أنْ يكون هناك أسلوب تعامُل نمطي مع الآخَرين الذين هم حَتْمًا مختلفون في سِماتهم الشخصيَّة واهتماماتهم، وأساليب ومستوى تفكيرهم وطريقة تعامُلهم وتواصُلهم مع الناس، وهذا لا يُوصَف بأنه نفاق أو رياء، ولا ازدواج في الشخصيَّة؛ بل هي فِطنةٌ وذَكاء اجتماعي، وأنصَحُك - أختي الفاضلة - في هذا الجانب بالاطِّلاع والتأمُّل بأساليب الحوار والسُّلوك الذي اتَّبَعَه النبي محمد - عليه الصلاة والسلام - مع الأقوام والأشخاص المختَلفِين؛ لكونهم مسلمين أو مشركين أو يهودًا... إلخ. وفيما يخصُّ شُعورك بالاكتِئاب عبر استيقاظك من النوم فسبَبُه - يا عزيزتي - عدم وُجود دافع أو رغبة جميلة لك تُشجِّعك على النُّهوض بحماسٍ وإقبال، فكلُّ فكرك مغمورٌ بمشاعر القلق والتوجُّس والخيبة، تلك المشاعر التي تُحبِط صاحبَها عن القِيام بأيِّ دور حياتي بشكلٍ طبعي. ولذا - يا أختي الفاضلة - أنصَحُك بالإقبال على تصحيح بعض مَسارات التفكير لديك ونظرتك للواقع الذي تَعِيشين فيه، والذي أولى خُطواته هي إشغال نفسك بـ(رب الناس) بدلاً من إشغالها بالناس وكلامهم أو سلوكهم؛ وعند ذاك ستَحدِّين من شُعور الامتِعاض الذي يَنتابُك عند سَماعِك - شكًّا أو يقينًا - أيَّ رأي يُزعِجك منهم، كما أنصَحُك - أختي - أنْ تُذكِّري نفسَك دومًا بأنَّ خير البشريَّة نبينا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يسلَمْ من النقد، بل ومن الشتم والسباب أيضَا، وكذا أصحابه الكِرام وزوجاته أمَّهات المؤمنين، ثم سلي نفسك بتكرارٍ: هل أنا خيرٌ منهم لأتَّقي هذا الأمر؟! واعلَمِي - يا أختي - أنَّك إنْ تبنَّيْت هذا الأسلوب في التفكير وجعلتِه منهجَك، ورسَّخت تلك المعتقدات، فإنَّك - بإذن الله تعالى - ستَجِدين أنَّ شكَّك وتوجُّسك من تصرُّفات الآخَرين ما هو إلا عرَض زال وجودُه، خاصَّة إذا ما أيْقَنتِ أنَّ تقرُّبك من الله تعالى بقَلبك وفِكرك وسُلوكك، سيكون لك حِصنًا من كلِّ ما تخشين وتكرهين، ومن كلِّ هاجسٍ نحو الآخَرين؛ لأنَّ الله يُدافِع عن الذين آمنوا. كما أنصَحُك - أختي الكريمة - بأنْ تعمدي إلى جلساتٍ تأمُّليَّة مع نفسك، تستذكرين فيها كمَّ النعم التي مَنَّ الله تعالى عليكِ بها، بتناوُلها نعمةً تلوَ الأخرى - واعلَمِي أنَّكِ لن تحصيها أبدًا، لكنَّ هذا من باب التذكير ليس إلا - ثم استَشعِري أهميَّة كلٍّ منها، وتخيَّلي أنَّك تعيشين بدُونها، ثم كرِّري استذكارك لتلك النِّعَم من خِلال مراجعتك لحال مَن تعرفين من الناس أو سمعت عنهم ممَّن يفتقدونها. أختي الحبيبة، إنَّ تطبيقك لهذه النصائح تُعَدُّ في ديننا أحدَ أساليب حمد الله تعالى وشُكره على نعمه، وللأسف فقد غفل عنها كثيرٌ من المسلمين رغم أنها اليوم تُستَعمل كعلاجٍ نفسي في الغرب يُسمَّى (نظرية المقارنة التحتيَّة)، وقد أثبتت كثيرٌ من نتائج الدراسات والأبحاث نجاعتَه. كذلك أرجو منك - يا عزيزتي - أنْ تتبني في نفسك اعتقادًا راسخًا، مُفادُه أن لا أحد أفضل من سواه أبدًا مهما أوحى مظهره الخارجي بذلك، فالأفضل عندنا كمسلمين هو الأتقى وذو القلب السليم، وهو كذلك من وجهة نظر علم النفس والتربية التي تعدُّ الأفضل، هو صاحب الشخصيَّة السويَّة، فإذا ما آمَنتِ بذلك يُصبِح الأمر يسيرًا عليك بتجاوُز أيِّ شعور للنقص؛ حيث ارتقاؤك أمرٌ بين يديك؛ وهو إرادتك في تغيير نفسك وقوَّة إيمانك. كما أنصَحُك - أختي الفاضلة - بالبحث عن هواياتٍ مشروعة ترغَب إليها نفسك، حتى وإنْ لم يكن لديك خِبرة في كيفيَّة ممارستها؛ إذ يمكنك تحويل عدم معرفتك بها إلى حافزٍ يدفَعُك لبذْل جُهدٍ في تعلُّمها. كذلك يمكنك القيام بزِياراتٍ منتظمة إلى ملجأ أيتام أو دارٍ لرعاية المسنِّين أو المعاقين، أو أي مركزٍ آخَر تجِدِين في نفسك ميلاً للتعامُل مع فئته، من خِلال تنظيم ذلك مع إدارته والتنسيق معهم، وأنصحك - أختي - ألاَّ تُكثِري من عدد الزيارات في بادئ الأمر؛ حتى لا يدب الملل إلى نفسك بعد حين. وأدعوك - أختي الكريمة - إلى المداومة على قِراءة صفحة واحدة من القرآن الكريم قبل ذَهابك إلى النوم بصوتٍ مرتفع تسمَعِينه بشكلٍ واضح وكأنَّك تقرئينه لغيرك، واجتَهِدي في التدبُّر في معاني ما تقرَئِين ما استطعت. أختي الكريمة، إنِّي إذ أنصحك بالمداومة على الشيء القليل، أملاً بدفْع الملل الذي قد يدبُّ إلى نفسك فيمنعك من المواصلة، فإنَّ مداومتك على كلِّ ما أسلفتُ سيجعلك - بإذن الله تعالى - تجدين في نفسك من التغيير الذي تأملينه. وأخيرًا: أختم بالدعاء لله تعالى أنْ يصلح شأنك كلَّه، وينعم عليك بسكينةٍ وفضل من عنده، إنَّه تعالى سميع مجيب.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |