في العلاقة الملتبسة بين المبدع والمتلقي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854714 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389599 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-01-2022, 10:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي في العلاقة الملتبسة بين المبدع والمتلقي

في العلاقة الملتبسة بين المبدع والمتلقي
سعيد بكور









دائمًا ما كانت العلاقةُ بين المبدعِ والمتلقِّي على صفيحٍ ساخنٍ، وغالبًا ما كانت على المِحكِّ مهدَّدةً بالقطيعةِ، ملتبسةً شائكةً، يلفُّها الغُموض وتكتنِفُها الألغازُ، ظاهرُها الوفاقُ وباطنُها الخلافُ؛ فالأولُ يترفعُ عن كل القيودِ، ويرفُضُ أي توجيهٍ من الخارجِ يُلغي شخصيَّتَه ويحُدُّ من حرِّيتِه، فيما الثاني يُراقب عن كثبٍ، يحتج، يُنكِر، يوجِّهُ، ويسعى على الدَّوام إلى أنْ يجعل المبدعَ لا يخالفُ السَّنَنَ، ويبقى داخلَ الدَّائرةِ المرْسومةِ، فإنْ هو التزَمَ بما سُطِّرَ نال الرِّضَا والتَّمجيدَ، وإنْ هوَ ثارَ قُوبِل صنيعُهُ بالسخط والتنديدِ، وكان نصيبُه من النقد وكَيْلِ الاتِّهاماتِ وَفيرًا كثيرًا غزيرًا، إنَّها الرَّغبةُ في إثباتِ الذاتِ من الطَّرفينِ.







والعلاقةُ علَى هذا الحالِ مُذْ وُجدَ إِبداعٌ، وتلاهُ في الوُجودِ نقدٌ؛ حيثُ كان الناقد - المتلقي - يسعَى ما وسِعَه السعيُ إلى أنْ يضعَ الضوابطَ الكفيلةَ بجعلِ المبدعِ لا يميلُ عنها قِيدَ أُُنْملةٍ، وهكذا يتحكمُ فيه وفي إبداعِه بطريقةٍ فيها الكثيرُ من التمويهِ والخِداعِ والسلطويَّةِ وسبْقِ التَّرصُّدِ، لكنَّ المبدعَ بحِذْقِه، وما أوتِي من ذكاءٍ ثاقبٍ، وما رَاكَمَه من تجاربَ - يعرف مُسبقًا نوايا المتلقِّي الناقدِ، ويَدْريها درايةً مسبقةً، على اعتبارِ أنه متلقٍّ وناقدٌ في الأصلِ؛ لذلك يسعَى إلى المُراوغةِ والمخاتَلَةِ بإظهار الوفاقِ وإضمار الخلافِ، وكلَّما سنَحت له الفُرصة إلا وخرجَ عن الدائرةِ المرسومةِ والخطَّةِ المعلومةِ.







عندما سُئلَ أبو تمَّامٍ رائدُ التجديدِ في العصرِ العباسي ذاتَ إنشادٍ لقصيدةٍ من قِبَل أبي العَمَيْثَل: "لمَ تقول ما لا يُفهم؟"، كان جوابه مُفْحِمًا مُلجِمًا لخصمه الذي أرادَ تبْكيتَه، فرَدَّ أبُو تمام بخبْثٍ: "وأنتَ لِمَ لا تفهمُ ما يقال؟"، نخرُج من هذا السُّؤال - الفخّ - والجوابِ الذَّكي بخلاصة تُبرزُ مدى التَّوترِ القائمِ بينَ المبدعِ والمُتلقي، خاصَّةً إذا لمْ يَفْهمِ المتلقِّي خطابَ المبدعِ، ووجَدَه مستغلقًا يفوقُ فَهْمَه ومستوى ثقافته، كما نقف على أمرٍ ذي بالٍ هو تَكرارُ مصطلحِ "الفهم" الذي عليهِ المَدارُ في العمليَّةِ الإبداعيَّةِ؛ فالمبدعُ إنَّما يُبدعُ ليُفهَمَ عنْه، والمتلقِّي مُطالَبٌ بعد ذلك أنْ يبذُلَ جهدًا ليَفهمَ، لا أنْ يُقدَّم له المعنَى على طبقٍ؛ لأنه إذ ذاكَ سيفقِدُ أهمَّ صفة تميزه، وهي الإسهامُ في إنتاجِ المعنَى، وهنا نطرَحُ سؤالاً مُفادُه: ما حدودُ المطلبِ الإفهامي الذي يريدُه المتلقي؟ وهل المبدع مطالَبٌ بأنْ يقولَ كلامًا يفهمُه الجميع؟ هنا نطرق إشكاليةً ذات فائدة تتمثلُ في أي الطرفينِ ينبغِي أن يتنازل عنْ مطالِبه: هل هو المُبدعُ الذي ينبغِي أنْ ينزلَ من برجِه أم أنَّ المتلقِّي هو الذي عليه أنْ يرتقِيَ ويصعدَ؟







من خلال ما دارَ بين أبي تمامٍ وخَصْمِه، نرَى إصرارًا من الطرفين على عدمِ التنازل عن مطلبِهِما في الفَهْم وفي الإبداعِ، ممَّا يُوحي بتعنُّت مرَضِيٍّ يفضي إلى توتر العلاقة، وهو ما يؤدي إلى تضييع المطلبِ الجمالي بين ثنائيَّةِ الشدِّ والجَذْبِ.







ونصادفُ ها هنا قضيَّةً ذاتَ بالٍ، تتمثَّلُ في كونِ المُبدعِ يرفُض الوصايةَ على إبداعهِ من قِبَل المتلقي، ولا يخفَى ما في كلامِ أبي تمامٍ من دعوةٍ إلى ضرورةِ مسايرةِ ما يُقال، ومحاولةِ فهْمه، وعدمِ الركونِ إلى الرَّفضِ الذي هو أوَّلُ علائِم الفشلِ، وهو من أحدِ الجوانبِ مُصيبٌ؛ ذلك أن الشاعر أو المبدعَ بشكلٍ عامٍّ لا يمكن أن يُبدعَ شيئًا قدْ حُدِّدت معاييرُه سلفًا.







إن الذي يُستشفُّ من وراء سطور كلام أبي تمام أنه لا يقصد بإبداعه أيًّا كان، بل متلقِّيًا من طراز خاص، متلقِّيًا مسؤولاً مُنْتجًا، قادرًا على أن يتحولَ إلى مبدعٍ ثانٍ، يُغني النَّصَّ الأوَّل بقراءاتِه، لا أن يَكتفي بمجرَّدِ التلقي السَّلبي غيرِ المُنتجِ، وهكذا نفهمُ أن أبا تمام يشترطُ لإبداعِه متلقِّيًا لا يقل عن المبدعِ ثقافةً وحِذْقًا ومهارةً وخبرةً بالقول، ومعرفةً بمضايِق الكلام، متلقِّيًا يحترم المبدعَ ويقدرُ اجتهادَه.







ويطرحُ ما قالَهُ أبو تمام أمرينِ يثيرانِ إشكاليَّةَ العلاقة بين المتلقي والمبدع:



المبدعُ يرفض الوصايةَ على إبداعه، ومن ثَمة يثُورُ على القواعدِ والسَّنَن التي تَعَارفَ عليْهَا معَ المتلقي.







المتلقي يريد أن يظلَّ المبدعُ ضمن السياج الذي اتُّفِقَ عليه مسبقًا وَفْق تعاقُدٍ ضمني، يكبِّلُه نسبيًّا، ويكبحُ جموحَه واندفاعَه التجريبيَّ الكَشفي الدائمَ.







وأيُّ خرقٍ لهذا التَّعاقد - من قِبَل المبدِع طبعًا - يُوقِعُ في صدمة التَّلقِّي، التي أسالت حبرًا ومدادًا كثيرًا غزيرًا، خاصة بين معسكر المحافظين، وفَيْلَقِ المُجددين.







وعليه؛ فالذي يولِّد الخصومةَ والتوتر هو الرَّغبة الدفينة من المبدع الذي يريد دائمًا أن يظهرَ بمظهرِ المجدِّد المخترع، الذي لا يرْكَنُ للتقليد، الشَّيء الذي يخلُق صدمةَ تلقٍّ عند من يتقبَّل شعره، ولعلَّ الإصرار على التجديد الدَّائم دون مراعاة السَّنن والضوابط يجعل المتلقي ينفِر ويولِّي وجهه شطْرَ نماذجَ إبداعيةٍ أخرى، وهكذا تتراجع شعبية المبدع ويفقد جماهيريته.







وهذا ما نُلفيه في كثيرٍ من نماذج الشعر الحديث، الذي لم يحقِّق تلك الجماهيرية التي سعى إليها؛ نظرًا لابتعاده عن نبْض الواقع وهموم المجتمع، واتكأ على أساليب تعبيرية جديدة كل الجدة، سواء في اللغة أو التصوير أو الإيقاع، وهو ما أدى به في كثير من الأحايين إلى الغموض والإبهام، الأمر الذي جعل المتلقِّيَ يقومُ بردَّة فعل رجعية نحو الماضي؛ علَّه يجد تعويضًا جماليًّا في الشعر القديم، وهنا أستحضر عبارة محمود درويش في حفل تكريمي له سنة 2007م بالقاهرة، عندما فاجأ جمهور الحاضرين قائلاً: "إن المتنبي أكثرُ منا حداثةً نحن شعراءَ القرن العشرين"؛ أي: إن شعره يعبِّر عن واقعنا بطريقة لم نستطَعْ نحن التعبير بها، ومن الناحية الفنية أغرَق الشِّعر الحديث - خاصة بعض شعر التجريد والرؤيا - في استخدام الرُّموز والأساطير، وتفجير اللغة وتثويرها، بشكل جَعله يعيش في جزيرة معزولة عن المتلقي، حتى صار الشاعر في كثير من الأحيان يبدع لنفسه، وهكذا فَقَدَ العلاقة بينه وبين المتلقي.







وفي قول أدونيس التالي دليلٌ على توتُّر هذه العلاقة: "إن الذين يطالِبون اليوم بالوضوح في الشعر - باسم الجماهيرية أو الثَّورية أو الواقعيَّة - إنما يطالِبون في الواقع بنظم الأفكار، ووصف المواقف، ويطلبون من الشَّاعر - عمليًّا - أن يبقى ضمن المعاني العقلية؛ فإنهم يطلبون منه أن يُنتج ما "ليس للشعر في جوهره وذاته نصيب" على حد تعبير الجرجاني"؛ (محمود أمين العالم، مقالة بعنوان: "لغة الشعر العربي الحديث وقدرته على التوصيل" ضمن كتاب: "في قضايا الشعر العربي المعاصر - دراسات وشهادات، ص 49)، وهنا نسائل أدونيس عكسيًّا: وهل الغموض المبالَغ فيه يُكسب الشعرَ شعريةً ويمنحه قَبولاً لدى المتلقِّي؟ أليست هناك منطقة وسط يمكن أن يمارس فيها الشاعر عمليتَه الإبداعية دون أن يسقط في التجريد والميتافيزيقية والمغالاة التعبيرية المؤدية إلى التعمية، ودون أن يقعَ في المباشرة والوضوح الذي يُفقِد الشعر جماليته؟








إن ما يُستشف من كلام بعض منظِّري الحداثة الذين سلكوا بالشِّعر طرق التجريب والكشف والرؤيا، أنهم فقدوا الصِّلة بالجماهير التي لم تستسِغْ كثيرًا من أشعارهم؛ مما عمَّق الهوَّة بين المبدع والمتلقي، وكأني بشعراء الرؤيا والتجريد يطبِّقون القاعدةَ القديمة: "علينا أن نقول، وعليكم أن تتأوَّلوا"، وهو ما يجعلنا نقول: إن كثيرًا من شعراء الحداثة المتبعين طريقةَ التجريد المغالية في الرمزية والتجريب والانتهاك والهدم - لا يُعيرون اهتمامًا يُذكر للمتلقي، ويُبدعون لكائنات وهمية غير موجودة، وأكاد أجزم بأن كثيرًا من شِعر هؤلاء لا يفهمه حتى مُنتجه، ثم متى كان الشِّعر فكرًا ومنطقًا وتجريدًا وميتافيزيقيةً؟


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.61 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]