الثمرات العلمية والثقافية للدعوة إلى الله تعالى في المرحلة الثانوية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 22 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-12-2020, 11:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي الثمرات العلمية والثقافية للدعوة إلى الله تعالى في المرحلة الثانوية

الثمرات العلمية والثقافية للدعوة إلى الله تعالى في

المرحلة الثانوية (1)


هند بنت مصطفى شريفي



يعتبر العلم من الأسس الهامة في المنهج الإسلامي، ولذلك جاء الترغيب في طلبه والحث على التزود منه، بل وقُدم على العمل، إذ هو شرط لصحته، قال تعالى:﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾[1]، وترجم عليه الإمام البخاري[2]- رحمه الله - باب: العلم قبل القول والعمل (أراد به أن العلم مشروط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به، فهو متقدم عليهما، لأنه مصحّح للنية المصحّحة للعمل)[3].

وللعلم في الإسلام شأن ومكانة كبيرة، وفضائله في القرآن والسنة متضافرة كثيرة، وقد مدح الله العلم وأهله، في قوله تعالى:﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [4]، فلا يستوي (الذين يعلمون أن ما وعد الله به من البعث والثواب والعقاب حق والذين لا يعلمون ذلك .. لا استواء بين العلم والجهل، ولا بين العالم والجاهل)[5]، فلا يستوي الذي يعلم والذي لا يعلم، كما لا يستوي الحي والميت، والسميع والأصم، والبصير والأعمى، قال تعالى:﴿ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾[6] وإنما كان المطيع هو العالم، لأن العلم هو الذي رسخ في القلب، تأصّل بعروقه في النفس، بحيث لا يمكن صاحبه مخالفته، فظهر أثره على الأعضاء، لا ينفك شيء منها عن مقتضاه[7].

ومما يدل على شرف العلم وفضله، أن الله تعالى أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم ( أن يسأله زيادة العلم، فإن العلم خير، وكثرة الخير مطلوبة)[8] قال تعالى:﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾[9].

وهو إرث الأنبياء، من أخذه وتعلّمه وعمل به ونشره، فحظه وافر منه، بل تبقى بركته ويُكتب أجره حتى بعد الموت، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ))[10].

وقد تميز منهج الدعوة الإسلامية بتقديم العلم على غيره من الأمور، وكان - صلى الله عليه وسلم يولي العلم عناية فائقة، فكان يباشر بنفسه الكريمة تعليم شعائر الدين لمن يدخل في الإسلام، فقد جاء في صحيح مسلم: أنه ((كان الرجل إذا أسلم، علّمه النبي - صلى الله عليه وسلم الصلاة، ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات: اللهم اغفر لي وارحمني، وأهدني وعافني وارزقني))[11]، أو يوكل به غيره من المسلمين، فيسلمه لهم ويوصيهم بقوله: ((فقّهوا أخاكم في دينه وعلموه القرآن))[12].

إن الدعوة الإسلامية تهدف إلى إكساب الطالبات العلم، وتحثهنّ على التزود منه والتفقه فيه، وليس مجرد الحصول عليه وحفظه في القلب، بل تعمل على اتخاذه وسيلة لتقوية إيمان الطالبة والارتقاء به ، وتهذيب سلوكها وأخلاقها، والعمل والإنتاج لمصلحة الإسلام والمسلمين، أما العلم الذي لا يحقق هذه المنافع فإنه مجرد حشو للأذهان وتكديس للمعلومات، ولا ثمرة ترتجى من هذا التعليم -إلا القليل- والإسلام ينظر للعلم على أنه وسيلة لا غاية[13]، وسيلة لعبادة الله كما شرع، لا اكتسابا فقط دون قيام بالعمل المطلوب، إذا أن معيار صحة العلم عند صاحبه، هو سلامة الجواب على السؤال يوم القيامة: ماذا عمل فيم علم.

وبهذا تصبح الثمرات العلمية للدعوة إلى الله من أهم ثمرات دعوة الطالبات، ذلك أن المسلمة التي تعاني من ضعف وقصور في العلم الشرعي، تظل عاجزة عن القيام بالواجبات والتكاليف الشرعية في نفسها، فضلا ًعن القيام بواجبها في إصلاح الآخرين ودعوتهم وتربيتهم.

ولدعوة الطالبات ثمرات علمية زكية من أهمها ما يأتي:
أولاً: نشر العلم الشرعي وانتفاء الجهل:
يعد العلم الشرعي سببا لمرضاة الله تعالى، وسببا للحياة الطيبة والسعادة في الدنيا والآخرة، ولهذا نجد أهل العلم محل الثناء والتقدير والقبول عند أفراد المجتمع، وهذا رفعة لهم في الدنيا، أما في الآخرة، فهم يرتفعون درجات حسب ما قاموا به من العمل بما علموا، قال تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [14]، (والله تعالى يرفع أهل العلم والإيمان درجات بحسب ما خصهم به من العلم والإيمان)[15].

فسعادة العلم (هي السعادة الحقيقية، وهي سعادة نفسانية روحية قلبية، وهي سعادة العلم النافع ثمرته، فإنها هي الباقية على تقلب الأحوال، والمصاحبة للعبد في جميع أسفاره، وفي دوره الثلاثة، أعني: دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار، وبها يترقى معراج الفضل ودرجات الكمال)[16]، ولنشر العلم الشرعي في المجتمع آثار مباركة منها:
1)) أن يعرف المسلمون العقيدة الصحيحة، ويرسخ إيمانهم بها، وتزول الشبهات من قلوبهم، كما يتعلمون أحكام الحلال والحرام وكل ما يحتاجونه من أحكام العبادات والمعاملات.

2)) أن العلم يساعد على تقويم السلوك، وتهذيب النفوس، وبه تكون النجاة من الشرور على اختلاف أنواعها، فالعلم يحفظ صاحبه من موارد الهلاك، ويجنبه مداخل الشيطان، ويحجزه عن المعاصي والانحراف، لأن الإنسان لا يلقي نفسه في هلكة ولا يعرضها لتلف إلا إذا كان جاهلا، فهو كمن يأكل طعاما مسموما، فالعالم بالسم وضرره يحرسه علمه، والجاهل به يقتله جهله، وقد قيل: (العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال)[17].

3)) نشر العلم يدفع ضده وهو الجهل، الذي يعد من الأسباب الرئيسة في الانصراف عن الحق ورده والبعد عنه، فالجهل والظلم هما أصل كل شر، قال تعالى:﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾[18]، والعلم والعدل أصل كل خير[19].

والجهل من أعظم الأسباب الصادة عن سبيل الله، والمؤدية للوقوع في المحرمات، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-: وأصل ما يوقع الناس في السيئات هو عدم علمهم بكونها تضرهم ضررا راجحا، أو ظن أنها تنفعهم نفعا راجحا، ولهذا قال الصحابة - رضي الله عنهم -: (كل من عصى الله فهو جاهل)، ولهذا يسمى حال فعل السيئات: الجاهلية ، فإنه يصاحبها حال من حال الجاهلية[20].

ويقول في موضع آخر: (وأما السيئات، فمنشؤها الجهل والظلم، فإن أحدا لا يفعل سيئة قبيحة، إلا لعدم علمه بكونها سيئة قبيحة، أو لهواه وميل نفسه إليها، ولا يترك حسنة واجبة، إلا لعدم علمه بوجوبها، أو لبغض نفسه لها)[21]، (والهوى وحده لا يستقل بفعل السيئات إلا مع الجهل، وإلا فصاحب الهوى إذا علم قطعا أن ذلك يضره ضررا راجحا، انصرفت نفسه عنه بالطبع، فإن الله تعالى جعل في النفس حبا لما ينفعها، وبغضا لما يضرها، فلا تفعل ما تجزم بأنه يضرها ضررا راجحا، بل متى فعلت كان لضعف عقل)[22].

4)) العلم يغرس التقوى والخشية من الله تعالى في قلوب عباده، وقد امتدح الله العلماء بهذه الخصوصية في قوله تعالى:﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾[23] (فهو سبحانه قد عيّن في هذه الآية أهل خشيته، وهو العلماء به وتعظيم قدرته)[24].

ثانيًا: العمل بمقتضى العلم:
لا يكفي أن تنشر الداعية العلم بين الناس فحسب، وإنما يجب تطبيق الناس هذا العلم وظهور بركته في حياتهم، عقيدة وعبادة وأخلاقا ومعاملة، لأن هذه هي ثمرة العلم ونتيجته، وحامل العلم كالحامل لسلاحه، إما له وإما عليه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((والقرآن حجة لك أو عليك))[25]، فهو حجة للمؤمنة إن عملت به، بأن تتلقاه بالقبول والتسليم، وتعمل بما فيه، لا تزيد ولا تنقص، وتتمثل ما فيه في أخلاقها ومعاملتها[26].

وتزكية النفس بالعلم الشرعي مشروطة بالعمل، فليس العلم النافع أن يملأ الإنسان عقله بالمعلومات والمعارف المتنوعة؛ بل لا بد أن يؤدي إلى أعمال بالجوارح، يرتقي بها المسلم إلى درجة العلماء، كما قال تعالى:﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾[27]، ففي الآية الكريمة (إشعار بأن الذين يعلمون هم العاملون بعلمهم، إذ عبّر عنهم أولا بالقانت، ثم نفى المساواة بينه وبين غيره، ليكون تأكيدا له وتصريحا بأن غير العامل كأنه ليس بعالم)[28].

والعلم ليس بمقدار ما يحفظه الإنسان من المسائل، بل ما وعاه عقله وتيقنه قلبه، وظهر أثره على جوارحه، وذلك أن (العلم علمان: علم في القلب وعلم على اللسان، فعلم القلب هو العلم النافع، وعلم اللسان هو حجة الله على عباده)[29]، وقد أنكر الله تعالى على أهل الكتاب مخالفة أفعالهم لأقوالهم وعلمهم فقال تعالى:﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾[30].

وشدّد في السؤال يوم القيامة عن مصير هذا العلم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه ))[31]، وقد ثبت من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع...))[32].

كما أن العمل بمقتضى العلم هو سبيل النجاة، وصاحبه يكون أفضل أقسام الناس الذين ذكرهم النبي - صلى الله عليه وسلم ، من حيث انتفاعهم بالعلم وبركته، في قوله: ((مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب، أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان، لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلََّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي جئت به)[33]، يوضح الإمام النووي - رحمه الله - تمثيل النبي - صلى الله عليه وسلم - للهدى والعلم ويبين الفرقة الفائزة، فيقول: (الأرض ثلاثة أنواع، وكذلك الناس، فالنوع الأول من الأرض ينتفع بالمطر، فيحيي بعد أن كان ميتًا، وينبت الكلأ، فتنتفع الناس والدواب والزرع وغيرها، وكذا النوع الأول من الناس، يبلغه الهدى والعلم، فيحفظه فيحيا قلبه، ويعمل به ويعلمه غيره، فينتفع وينفع، والنوع الثاني من الأرض: ما لا تقبل الانتفاع في نفسها، لكن فيها فائدة وهي إمساك الماء لغيرها، فينتفع بها الناس والدواب، وكذا النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أفهام ثاقبة، ولا رسوخ لهم في العقل يستنبطون به المعاني والأحكام، وليس عندهم اجتهاد في الطاعة والعمل به، فهم يحفظونه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عندهم من العلم...فيأخذه منهم فينتفع به، فهؤلاء نفعوا بما بلغهم، والنوع الثالث من الأرض: السباخ التي لا تنبت ونحوها، فهي لا تنتفع بالماء ولا تمسكه لينتفع به غيرها، وكذا النوع الثالث من الناس ليست لهم قلوب حافظة ولا أفهام واعية، فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون به ولا يحفظونه لنفع غيرهم)[34].


[1] سورة محمد: جزء من آية 19.

[2] الإمام الحافظ محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبو عبدالله، ولد سنة 194هـ في بخارى ونشأ يتيما، قام برحلة طويلة في طلب العلم وسمع من نحو ألف شيخ، جلس للتعليم وعمره 17 سنة، كان صاحب فضل وورع وعبادة، اقام في بخارى فتعصب عليه جماعة ورموه بالتهم فخرج إلى سمرقند وبقي بها إلى أن مات سنة256 وعمره62 رحمه الله. ينظر سير أعلام النبلاء 12/391، الأعلام: الزركلي 6/34.

[3] فتح الباري 1/160.

[4] سورة الزمر: جزء من آية 9.

[5] باختصار: فتح القدير 4/453.

[6] سورة هود: آية 24.

[7] ينظر: محاسن التأويل 14/199.وينظر: كتاب العلم: الشيخ محمد صالح العثيمين ص 15-22، دار الثريا للنشر، ط:1، 1420هـ/1999م. ومنهج الإسلام في تزكية النفس: د. أنس كرزون 1/183-201.

[8] تفسير الشيخ السعدي: ص 464.

[9] سورة طه: جزء من آية 114.

[10] صحيح مسلم، كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته 3/1455 ح 1631.

[11] كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء 4/2072 ح 2697.

[12] أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني مرسلا وإسناده جيد 8/285،كما جاء في قصة إسلام عمير بن وهب رضي الله عنه، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي، دار الكتاب بيروت- لبنان ط:2، 1967م، وينظر: البداية والنهاية: 3/313، والإصابة 3/36.

[13] ينظر: تجديد الوعي: د. عبد الكريم بكار ص 51، دار المسلم، الرياض، ط:1، 1421هـ/2000م.

[14] سورة المجادلة: جزء من آية 11.

[15] تفسير الشيخ السعدي ص 785.

[16] مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة: ابن قيم الجوزية (751هـ) ص 108، دار الكتب العلمية، لبنان، ط: بدون.

[17] مفتاح دار السعادة 1/128.وينظر: منهج الإسلام في تزكية النفوس: د. أنس كرزون 1/183-201.

[18] سورة الأحزاب: جزء من آية 72.

[19] ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم: شيخ الإسلام ابن تيمية 1/128 تحقيق وتعليق: د.ناصر العقل، شركة العبيكان، الرياض، ط:1، 1404هـ، ومدارج السالكين 3/523، وإغاثة اللهفان من مصايد الشيطان 2/128.

[20] ينظر: الحسنة والسيئة: شيخ الإسلام ابن تيمية ص 62، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، ط: بدون.

[21] المرجع السابق ص 56.

[22] المرجع السابق ص 61.

[23] سورة فاطر: جزء من آية 28.

[24] فتح القدير 4/348.

[25] صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء 1/203 ح 223.

[26] ينظر: كتاب العلم: الشيخ محمد العثيمين ص 33-38.

[27] سورة الزمر: آية 9.

[28] محاسن التأويل 14/199.

[29] ينظر: مجموع الفتاوى: شيخ الإسلام ابن تيمية 18/304.

[30] سورة البقرة: آية 44.

[31] سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب في القيامة 4/612 ح 2417، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/290 ح 1970.

[32] صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل 4/2088 ح 2722.

[33] متفق عليه: صحيح البخاري، كتاب العلم، باب فضل من علم وعلّم، ح79 (فتح الباري 1/175) واللفظ له، وصحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب بيان ما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الهدى والعلم 4/1787 ح 2282.

[34] شرح صحيح مسلم للنووي 15/48.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-12-2020, 11:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الثمرات العلمية والثقافية للدعوة إلى الله تعالى في المرحلة الثانوية

الثمرات العلمية والثقافية للدعوة إلى الله تعالى في

المرحلة الثانوية (2)


هند بنت مصطفى شريفي




تكوين ثقافة إسلامية كافية لدى الطالبات:
ترتقي الدعوة إلى الله بثقافة الطالبات، وتعلو بها، وتسد النقص والتقصير الذي قد يعتري مناهج التعليم، فالدعوة إلى الله في المدارس تقدم للطالبات ثقافة إسلامية، بمعنى: أنها ثقافة محورها الإسلام بمصادره المحفوظة، وأصوله المتينة، وعلومه المتكاملة، ثقافة تتميز بالمرونة العلمية من حيث الكم والكيف، وذلك مقارنة بالمناهج الدراسية الملزِمة للطالبة والمعلمة، والمنضبطة بضوابط الوقت والتخصص والتنظيمات الإدارية.

تعريف الثقافة:
الثقافة لغة: من ثَقُـِف ثقْفا وثقَفا وثقافة: أي صار حاذقا خفيفا فطنا[1].

أما في الاصطلاح:
فإن (الثقافة بمعناها الواسع تشمل جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعا بعينه، أو فئة اجتماعية بعينها، مثل نظم القيم والتقاليد والعادات، ومثل الحقوق الأساسية، إلى جانب الفنون والآداب وطرائق العيش)[2].

والثقافة عند علماء الاجتماع:
(كل ما يتصل بمقومات الفرد والمجتمع من النواحي الاعتقادية والفكرية والسلوكية والاجتماعية)[3]، وثقافة أي أمة يجب أن تقوم على أساس من القيم التي تسود مجتمعها، وهي قيم وثيقة الصلة بالعقيدة والفكر، والسلوك ونمط الحياة، كما أنها التراث الروحي والنفسي والاجتماعي، ومن شأن ثقافة أفراد أي مجتمع - إذا كانت صحيحة سليمة - أن تكون مصدرا لتقديم الحلول السليمة لكل ما يعترضهم من مشكلات، والوفاء باحتياجاتهم[4].

والثقافة الإسلامية التي تثمرها الدعوة في المرحلة الثانوية هي: (مجموعة المعارف التي تسهم في تشكيل شخصية المرأة المسلمة المعاصرة، وتحديد أهدافها، وتكوين نظرتها السوية للكون والحياة، بما يعينها على معايشة العصر الذي تعيش فيه، ضمن الإطار الذي ارتضاه لها الإسلام)[5].

وتتميز الثقافة الإسلامية بمميزات فريدة، تنفرد بها عن غيرها من الثقافات، أهمها: أن مصدرها الأساس هو: نصوص الوحيين المحفوظين بحفظ الله لهما، وما ينبثق منهما من حقائق ومفاهيم صحيحة هادية إلى الحق، وفق فهم السلف الصالح من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم ومن أخذ بمنهجهم بحكم أنهم نموذج التلقي والفهم السليم لما جاءهم به الرسول - صلى الله عليه وسلم من هدي، ولما امتازوا به من تلقّ مباشر منه، وسلامة في اللغة وصفاء في الفطرة، وبعد عن التلوث بالثقافات والفلسفات التي حاقت بعقول كثير ممن جاء بعدهم.

كما أن الثقافة الإسلامية ثقافة شاملة واسعة في آفاقها، عميقة في دلائلها وآثارها، متكاملة في تصورها للإنسان والحياة، توافق بين العقيدة والعبادة والأخلاق وبين نظم الأسرة والاقتصاد، والسياسة والمجتمع البشري[6].

وتهدف الثقافة الإسلامية إلى بث روح التميز في القول والعمل والسلوك في الأمة الإسلامية، تميزاً ينأى بها عن التشبه بغيرها من الأمم المخالفة لها في العقيدة والقيم، ولتحقيق هذا الهدف تقيم الدعوة البناء الثقافي للطالبة المسلمة على عدد من الركائز المهمة، منها:
1)) تأصيل التصور الإسلامي الصحيح، المعتمد على نصوص الوحيين وفهم السلف الصالح، فيما يتعلق بإيمانها بالله تعالى وبرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وببقية أركان الإيمان والإسلام، وبالقرآن الكريم والسنة المطهرة، وفيما يتعلق بالحياة الإنسانية - أصلا وغاية ومصيرا - والكون المحيط بالإنسان.

2)) استكمال الثقافة الشرعية في علوم الإسلام الأساسية، ومنها: علوم التوحيد والتفسير والحديث والفقه والسيرة والتجويد... بما يؤسس شخصية الطالبة علميا وعمليا.

3)) التزود بقدر كاف من العلوم الأخرى - غير العلم الشرعي - في مجالات الحياة المتنوعة، مثل: التاريخ واللغة والأدب والعلوم الإنسانية والطبيعية التي تشكل عاملا مهما في رفع المستوى الفكري لدى الطالبة، وتوفير الإمكانيات التي تدعم فاعليتها في محيطها الاجتماعي، وتهيئها لوظائفها المستقبلية.

4)) العناية بالثقافة الخاصة بالطالبة بصفتها أنثى، أو ما يطلق عليه (الثقافة الوظيفية)، وتتمثل في المعارف المتعلقة بخصوصيات المرأة، خاصة ما كانت متلقاة من الشرع، أو مستمدة من الفكر الإنساني والتجربة البشرية، قديما وحديثا، فمعرفة العلوم النافعة أمر مشترك بين الرجال والنساء، كل حسب استعداده، فتتعلم الفتاة من ذلك ما تجد في نفسها الحاجة له والقدرة عليه، وتستزيد منه بشرط ألا يصرفها هذا التعلم - عقلياً أو نفسياً - عن وظيفتها الأساسية التي ينبغي أن تعد نفسها علميا من أجلها[7].

5)) غرس الوعي عند الطالبة بأن الثقافة الإسلامية تتمثل بوعيها ومعرفتها بما جاء به الإسلام في جميع جوانب الحياة، خاصة منها ما لا غنى للمسلم عنه في قيام إسلامه مما هو معلوم من الدين بالضرورة، ثم أن تتفاعل مشاعرها مع هذه المعرفة الفكرية، وتستعذب كل جزئية منها، وأخيرا أن تنطبع شخصيتها بها انطباعاً كلياً، فتصبح هذه الثقافة عنوان شخصيتها، التي تعبر عنها في آرائها ومعاملاتها، وهذا المستوى هو ما عبرّت عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لمن سألها عن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - بقولها: ((فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن))[8].[9]

توعية الطالبة بأسس وظيفتها المستقبلية في بناء الأسرة المسلمة:
إن توعية الطالبة بوظيفتها المستقبلية التي تتناسب مع فطرتها وطبيعتها العضوية والنفسية والعقلية أمر له أهميته في بناء شخصيتها، بدءا من الأسرة وانتهاء بالمجتمع، لذلك ينبغي أن تتبصّر الطالبة بمسؤولياتها سواء كانت ابنة أو زوجة أو أما، فهذه الأمور أهم ما ينبغي لها معرفته بعد كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأحكام دينها، وبهذا يجتمع لها ما يجب عليها معرفته من أمور دينها، وما تحتاج إليه من العلوم التي تساعدها على القيام بشؤون المنزل، ورعاية الأطفال وتربيتهم، والقيام بحقوق الزوجية، وغير ذلك من مجالات الحياة المختلفة، لا سيما ما يجعلها مهيأة لاستقبال حياة زوجية سعيدة وأمومة صالحة.

وتعد مرحلة البلوغ ومناهزة الاحتلام - غالباً - أفضل مرحلة عمرية تتعلم فيه الفتاة أمور الأسرة، لأن الفتاة أسرع نمواً - بصفة عامة - من الناحية الجسدية والنفسية والعاطفية، فنضجها الجسدي يحدث قبل الشاب بسنوات، كما أن من خصائصها في هذه المرحلة توافق نموها النفسي والعاطفي مع نموها الجسدي، فالفتاة في هذه السن تصبح مهيأة لأن تكون ربة بيت، وتكون زوجة وأما، لذلك ينبغي ألا يتأخر إعدادها حتى تتجاوز هذه المرحلة وهي لمّا تتهيأ لمهمتها بعد.

إن تعليم الفتاة شؤون الرعاية الأسرية والمنزلية، لا يعني الاكتفاء بالتعليم النظري، بل يلزمها التدرّب عليه، وهذا الأمر لا يتم بين يوم وليلة، فبناء الأسرة المسلمة لا يعني فقط إتقان الفتاة للطهي، أو القدرة على تنظيف المنزل وترتيبه، وهذا مطلوب ولا شك، ولكنه وحده لا يجعل منها ربة بيت ومربية أجيال، إن لم يُغرس قبل ذلك شعورها بالمسؤولية تجاه كل ما في المنزل الذي تعيش فيه والأسرة التي تنتمي لها، وهذا هو الذي نوّه به الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (( والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم))[10] [11].

وفي ضوء ما سبق فإن أهم وظائف الفتاة في أسرتها ما يأتي:
1)) وظيفتها كابنة وأخت في منزل أسرتها، ومسؤوليتها من القيام بحق الوالدين والإخوة، وحقوق الرحم والأقرباء والجيران، ورعايتها لشؤون منزلها.. إلى غير ذلك.

2)) وظيفتها كزوجة تدرك صفات الزوج الصالح عند اختيار زوجها، ثم ترعى حقوقه تمام الرعاية، فتعيش مع زوجها حياة طيبة مشبعة بالدفء والمودة والرحمة، كما قال عز وجل:﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [12].


فتكون هي من يضفي السعادة والأنس والسكينة على بيتها، وتكون خير متاع لزوجها الصالح، حين تحسن تعلم مقومات الحياة الزوجية، وحقوقها وواجباتها وحسن التبعل للزوج، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة))[13].

3)) وظيفتها كأم تحسن تربية أبنائها وفق أخلاق الإسلام وآدابه، فهم زينة الدنيا ومعقد الآمال، وثمرة البيت الصالح إذا أحسنت تربيتهم، قال تعالى:﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾[14]، أما إذا أهملت التربية والرعاية كانوا وبالاً على والديهم، وبهذا تدرك الفتاة مسؤوليتها التي كلّفها بها الإسلام، الأمر الذي يجعلها تتعلم أفضل الأساليب في تربيتهم، في مختلف مراحل نموهم، ليعتادوا القيام بالعبادات، ويصبحوا أفرادا صالحين مصلحين في مجتمعهم، ولن يتحقق هذا إلا إذا تعلمت كيفية حثهم على طلب العلم وطلب الرفقة الصالحة وتجنيبهم الانحرافات الخلقية.

وقد أثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - على نساء قريش بما فيهنّ من خصال (الحنوّة على الأولاد والشفقة عليهم وحسن تربيتهم والقيام عليهم إذا كانوا يتامى، ونحو ذلك مراعاة حق الزوج في ماله وحفظه، والأمانة فيه وحسن تدبيره في النفقة وغيرها)[15]، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((نساء قريش خير نساء ركبن الإبل، أحناه على طفل، وأرعاه على زوج في ذات يده))[16].

وعلى هذا فإن دعوة الطالبة تهيئ لها العلوم والثقافة المتنوعة الخاصة بها لتساعدها على الارتقاء بنفسها وبأسرتها وببيتها من خلال اطلاعها على الجديد المفيد من هذه الأمور، وتحثها على تمثله في حياتها[17].


[1] القاموس المحيط فصل الثاء من باب الفاء ص 1027.

[2] تجديد الوعي: د. عبدالكريم بكار ص 211.

[3] لمحات في الثقافة الإسلامية: عمر عودة الخطيب ص 32، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط:14، 1418هـ/1997م.

[4] ينظر: المرجع السابق ص 35.

[5] أصول تربية المرأة المسلمة المعاصرة: حفصة حسن ص 318.

[6] ينظر: لمحات في الثقافة الإسلامية: عمر الخطيب ص 53-99، و ثقافة المسلمة بناء وأداء: د. عبدالرحمن الزنيدي ص 29-36.

[7] ينظر: منهج التربية الإسلامية: محمد قطب 2/317، وثقافة المسلمة بناء وأداء: د. عبدالرحمن الزنيدي ص 28-35.

[8] صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل، ومن نام عنه أو مرض 1/513 ح 746.

[9] ينظر: ثقافة المسلمة بناء وأداء: د. عبدالرحمن الزنيدي ص 12-13.

[10] متفق عليه: سبق تخريجه ص 18.

[11] ينظر: منهج التربية الإسلامية: محمد قطب 2/311-317.

[12] سورة الروم جزء من آية 21.

[13] صحيح مسلم، كتاب الرضاع، باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة 2/1090 ح 1476.

[14] سورة الكهف: جزء من آية 46.

[15] شرح صحيح مسلم للنووي 16/80.

[16] متفق عليه: صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب آل عمران آية45-48، ح3434 (فتح الباري 6/472)، وصحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل نساء قريش 4/1959ح 2527.

[17] ينظر: شخصية المرأة المسلمة كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة: د. محمد علي الهاشمي، دار البشائر الإسلامية بيروت، ط:4، 1417هـ/1997م.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-12-2020, 11:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الثمرات العلمية والثقافية للدعوة إلى الله تعالى في المرحلة الثانوية

الثمرات العلمية والثقافية للدعوة إلى الله تعالى في

المرحلة الثانوية (3)


هند بنت مصطفى شريفي




من أركان الدعوة إلى الله تعالى: موضوع الدعوة، وهو الهدى والخير والعلم الذي تبلغه الداعية للناس وتحثهم على التزامه، وهو المعروف الذي تأمر بفعله، والمنكر الذي تنهى عنه، ويتضح المراد بموضوعات الدعوة من خلال ما يأتي:
تعريف الموضوع في اللغة:
تتضمن كلمة (موضوع) في اللغة العربية العديد من المعاني، منها: الوضع، يقال: وَضع يضعه وَضعًا وموضوعًا: حطّ من قدره، والوضيع: الدنيء من الناس، والتواضع: التذلل.

ووضع الجزية: أسقطها، وكذا الحرب، ووضعت المرأة حملها: ولدته، ووضعت الناقة: أسرعت في سيرها، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ [1]، أي حملوا ركابهم على العدو السريع[2].

أما كلمة (موضوع) فهي مصدر، ويجمع على مواضع وموضوعات، وموضوع العلم: هو ما يبحث فيه عن عوارضهم الذاتية، كجسم الإنسان لعلم الطب، وموضوع الكلام: هو المادة التي يجري عليها[3].

وهذا المعنى الأخير هو الأقرب للمعنى اللغوي المراد في هذا البحث.

وأما تعريف موضوع الدعوة اصطلاحا:
فهو: ما يُدعى إليه، وهو الإسلام الذي أوحى الله تعالى به إلى نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم، متمثلا في القرآن والسنة، فالدعوة إلى الله هي الدعوة إلى دينه وإلى شرعه الذي أمر به، والذي قال عنه تعالى ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [4].[5].

والإسلام هو الدين الخاتم الذي أكمله تعالى لعباده، وارتضاه لهم بفضله ونعمته، كما قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا[6]قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: إن (الدعوة إلى الله هي الدعوة إلى الإيمان به، وبما جاءت به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا به، وطاعتهم فيما أمروا، وذلك يتضمن الدعوة إلى الشهادتين، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والدعوة إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والإيمان بالقدر خيره وشره، والدعوة إلى أن يعبد العبد ربه كأنه يراه، فإن هذه الدرجات الثلاث التي هي: الإسلام والإيمان والإحسان، داخلة في الدين، كما في الحديث الصحيح: ((هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم))[7] بعد أن أجابه عن هذه الثلاث، فبين أنها كلها من ديننا)[8]، وهذا يؤكد شمولية الدعوة لكل جوانب وأسس الدين.

مما سبق يتضح أن الإسلام هو موضوع الدعوة ومقصودها، (فهو المنهج الكامل الذي اختاره الله للعالمين، وجمع فيه أصول الشرائع، ووصايا الأنبياء، وبعث عليه خاتم الأنبياء والمرسلين، بخصائصه ومبادئه وأهدافه وغاياته ونظامه الشامل الذي يتناول مظاهر الحياة جميعًا)[9].

والمقصود بموضوعات دعوة الطالبات في المرحلة الثانوية: المحتوى والمضمون الذي يُبلغ لطالبات المرحلة الثانوية، ويُدعين لامتثاله وتطبيقه في جميع شئون حياتهنّ، ليُحققن الغاية التي خُلقن من أجلها، وهي العبودية الخالصة لله تعالى وحده لا شريك له، وإسلام الوجه وإخلاص العمل له عز وجل، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [10]، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ [11].

وهناك جملة من الأسس الهامة التي على المعلمة الداعية مراعاتها في اختيار موضوع الدعوة حتى يحقق هدفه في تبليغ الرسالة وهداية الطالبة، لا سيما أن موضوع الدعوة يعتبر غاية ووسيلة في العملية الدعوية في آن واحد، فهو غاية حيث يحصل به البلاغ المبين كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا[12]، ووسيلة حيث يكون سببًا في حياة القلوب والأرواح، كما في قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[13]، وهو في الحالتين ركن أساس من أركان الدعوة.

ومن هذه الأسس:
1- أن تعمل المعلمة الداعية على ربط كل موضوع تتحدث فيه مع طالباتها بالإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم:
حيث إن الإيمان هو الركيزة الأساس لما بعده من الأعمال؛ سواء كان موضوعًا عقديًّا، أم تشريعيًّا، أم أخلاقيًّا؛ لأن غرس الإيمان الصحيح الذي يقوي مراقبة المرء لله تعالى في كل أعماله وأقواله، ويثمر طاعة الله والرسول - صلى الله عليه وسلم هو الذي يبني الطالبة بناءً عقديًّا متينًا، وقد قال تعالى مبينا أهمية الإيمان: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾[14]، (وهذه صفة المؤمن - حق المؤمن - الذي إذا ذكر الله وجل قلبه؛ أي: خاف منه، ففعل أوامره وترك زواجره)[15].

ولما أمر المؤمنين بالتزام الأخلاق الفاضلة، وحذرهم من الأخلاق الرذيلة، جعل الإيمان قاعدة تقوم عليها القيم الأخلاقية؛ حيث جعل كمال حسن الخلق من كمال الإيمان؛ قال - صلى الله عليه وسلم: (( أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقًا))[16].

2- الوضوح في تحديد الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها من خلال موضوعات الدعوة:
فينبغي أن تكون الأهداف واضحة؛ سواء كانت أهدافًا عامة، أم أهدافًا خاصة جزئية، أو مرحلية، لما في تحديد الأهداف من تنظيم لجهد الداعية، وابتعاد عن الارتجالية والفوضوية التي قد تؤدي في النهاية إلى القعود عن الدعوة والفتور والملل.

كما أن تحديدها لأهدافها يوضح لها الوجهة التي تسلكها، فتعرف من أين تبدأ وكيف تدعو، والداعية العاقلة الحكيمة إذا أرادت لنفسها النجاح، فعليها أولاً أن تحدد غاية سلوكها، ثم تجمع كل نياتها وأعمالها ومساعيها للوصول إليه، وإن كان هناك طرق عدة للوصول إليها، فعليها أن تختار الطريق الأنسب بعناية، ولا تلتفت أدنى التفاتة إلى الطرق المتخللة في سبيلها[17].

ومن المهم في تحديد أهداف الدعوة، أن تعتني المعلمة بالأهداف السلوكية التي تجيب على السؤال الآتي: ماذا ينتظر من الطالبة أن تفعل؟ بحيث يحدد التغيير المرغوب في سلوكها، والذي يمكن ملاحظته وتقويمه، فقد تختار المعلمة موضوعًا يتعلق بالعقيدة، وهي في كثير من الأحيان ( أعمال قلبية أساسها في داخل النفس الإنسانية، على أن ممارستها يجب أن تنعكس في صورة سلوك خارجي سوي يحقق هذه الأعمال؛ أي: إنه لا بد أن يكون هناك مؤشرات ودلالات خارجية ممكن ملاحظتها تدل على أن من اتصف بها قد حقق الهدف المرغوب فيه، ومن هنا فإن صياغة الهدف السلوكي، تتبعها مؤشرات عديدة، تسهم في توضيحه والدلالة عليه)[18].

3- أن يكون موضوع الدعوة محققًا للغايات التربوية للدعوة:
إن أهداف الدعوة هي مقاصد الإسلام وغاياته؛ لأنه ما جاء إلا بتحقيق وجلب المصالح للناس، ودفع المفاسد والشرور عنهم، والدعوة الإسلامية تدعو إلى تطبيق دين الإسلام بما فيه من جلب للمصالح ودفع للمفاسد، فتحفظ للإنسان دينه ونفسه وعقله وعرضه وماله، (وقد شرع الإسلام لكل واحد من هذه الخمسة أحكامًا تكفل إيجاده وتكوينه، وأحكامًا تكفل حفظه وصيانته)[19]، وبهذه الأحكام حفظ للناس ضرورياتهم، إيجادا لها بتشريعها ابتداءً، ودرءًا للمفاسد عنها؛ كيلا يقع فيها الخلل أو العدم، يقول الإمام الشاطبي - رحمه الله -[20]: (والحفظ لها يكون بأمرين:
أحدهما: ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود.
والثاني: ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم)[21].

وطالبة الثانوية تحتاج إلى من يغرس في نفسها الفضائل وينمِّيها، ويبني شخصيتها على أصول الدين، كما تحتاج إلى سياج متين يقيها ويحصنها من الشُّبه والانحرافات، التي قد تخدش دينها وأخلاقها، كما تحتاج إلى علاج ما قد يشوب ويكدر صفاء إيمانها، من أمراض أصيبت بها، أو أخطاء وقعت فيها نتيجة جهلها واتباعها لهواها.

وبناءً على ما سبق فمن المهم في موضوع الدعوة أن يراعى طبيعة التوجيه التربوي الملائم ليسير ضمن أحد المحاور الآتية:
أ‌- موضوعات إنمائية تأسيسية.
ب‌- موضوعات وقائية تحصينية.
ت‌- موضوعات علاجية.

وتوضح هذه المحاور بالآتي:
أ- الموضوعات الإنمائية التأسيسية:
هي الموضوعات التي تركز على جانب التدعيم والبناء والتأصيل، وترسيخ القيم الإسلامية لدى الطالبة؛ بتعريفها بها، وإقناعها بأهميتها، فالدعوة توجه الطالبة إلى الالتزام بتوجيهات الإسلام؛ حتى لا تَحيد عن جادة الطريق، فتقع في الفساد، وذلك بترغيبها في تزكية نفسها وتطهيرها من الشرور والآثام، ومن الموضوعات المهمة في الجانب البنائي التأسيسي:
تنمية تقوى الله في قلبها بحثها وترغيبها فيه؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ[22].

ومنها: تنمية السلوك الظاهر والباطن؛ حتى يتوافقا في القول والعمل؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [23].

ومنها: تنمية الأخلاق الفاضلة بالترغيب بما فيها من الأجر العظيم عند الله.

ومنها: غرس محبة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في قلبها بالمحافظة على الفرائض والإكثار من النوافل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم: (( ما تقرّب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه))[24].
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-12-2020, 11:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الثمرات العلمية والثقافية للدعوة إلى الله تعالى في المرحلة الثانوية

الثمرات العلمية والثقافية للدعوة إلى الله تعالى في

المرحلة الثانوية (3)


هند بنت مصطفى شريفي



ب- الموضوعات الوقائية التحصينية:
وهي الموضوعات التي ترتكز على جانب الوقاية، التي تحفظ الطالبة من الكفر والضلال والانحراف، ومن الموضوعات المهمة في الجانب الوقائي التحصيني:
الحث على اتقاء الشبهات استبراءً للدين والعرض؛ لأنها قد توقع في الحرام عند من يعتاد عليها ولا يتورع عنها؛ عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه))[25].

ومنها: الحث على اتقاء الشهوات المغرية الفاتنة، وقد حذَّر الله من بعضها كفتنة الأموال والأولاد في قوله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ[26]، كما حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من فتن الدنيا بقوله: ((إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، واتقوا الدنيا واتقوا النساء))[27].

ومنها: وقاية العقل مما يفسده ويعطله، وينحدر به إلى مهاوي الرذيلة، كتحريم الخمر والمخدرات.

ومنها: الوقاية بالحث على اتخاذ التدابير الواقية من الزنا والفواحش، كغض البصر والحث على الزواج عند القدرة، وحفظ المرأة المسلمة بمنع خلوة الأجنبي بها، ومنع سفرها إلا بمحرم، وغيرها من التوجيهات الوقائية التي تبعد عن الرذائل وتحذر منها.

ج- الموضوعات العلاجية:
وهي الموضوعات التي ترتكز على جانب العلاج وإصلاح حال الطالبة المنحرفة، وإعادتها إلى ظلال الهدى والإيمان، فقد تنشأ الطالبة على غير قيم الإسلام، وتتربى عليها حتى تصبح سجية وطبعًا غالبًا لها، وقد تقترف بعض الآثام أو تنزلق في الخطايا وتتمادى فيها؛ حتى تسيطر عليها، فلا تنكر بعد ذلك السوء والفواحش، بل تستمرئها، وهذا الأمر- وقوع الإنسان في الإثم جهلاً - أمر طبيعي بشري، قال عنه - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم))[28]، ولكن التمادي في الخطأ والإصرار عليه أمر يأباه الإسلام، ومن الموضوعات العلاجية التي توجه لها الدعوة:
الحث على قراءة القرآن بتدبر، فهو الشفاء لأمراض القلوب؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ[29].

ومنها: الحث على التوبة والاستغفار وعدم القنوط من رحمة الله.

ومنها: الترغيب بالاستقامة على أمر الله، والترهيب من عقابه في الدنيا والآخرة.

ومنها: الحث على فعل الحسنات المكفرات للذنوب، والحث على مجاهدة النفس ومحاسبتها[30].

4- مراعاة أحوال الطالبات المدعوات:
من المهم في موضوعات الدعوة توافقها مع أحوال الطالبة، وما تمر به من فترة عمرية تتميز بتغيرات جسدية وعقلية ووجدانية واجتماعية كبيرة، توجب على الداعية انتقاء الموضوعات التي تلائم خصائص المرحلة، وتستثمر مميزاتها، مع ملاحظة أنها فترة ظهور واضح للفروق الفردية؛ حيث يكون التفاوت كبيرًا في القدرات العقلية؛ مما يؤكد ضرورة مراعاة المستوى العقلي والإدراكي للطالبات، فلا تُخاطب بموضوعات تَعجِز عن فَهمها، وقد كان منهج الصحابة في دعوتهم لغيرهم أنهم يحدثون الناس بما يناسب مستوى عقولهم؛ يقول علي رضي الله عنه: (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله)[31]، فكذلك تخاطب الداعية الطالبة بما يدركه عقلها، وتدع ما يشتبه عليها فهمه؛ (لأن الإنسان إذا سمع ما لا يفهمه وما لا يتصور إمكانه، اعتقد استحالته جهلاً، فلا يصدق وجوده، فإذا أسند إلى الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لزم ذلك المحذور ويكذب)[32].

ولكي تنتفع الطالبة بما يقدم لها من توجيهات، فإن الواجب على المعلمة تجنُّب الموضوعات التي لا تملك الطالبة أدوات فَهمها، ولم تهيأ لها كالخلافات الفقهية، أو العلوم التي لا طائل من ورائها؛ كعلم الكلام والمنطق، أو العلوم التي توقعها في سوء الظن أو سوء الأدب؛ كالحديث عن الفتن التي شجرت بين الصحابة؛ (ذلك أننا لا نستطيع أن نعلِّم أية معلومة أو فكرة في أية مرحلة، فلا بد من مراعاة مستوى المعلومات بالنسبة لمستوى النمو العقلي والعملي، فإذا لم نراع ذلك لا يستطيع الطالب فَهمها، وإذا لم يفهم المعلومات والأفكار التي تقدم، يؤدي الأمر إلى إعاقة نموه العقلي؛ كما يؤدي إلى فِقدان الثقة بنفسه وبقدرته العقلية، وقد يؤدي الأمر أيضًا إلى الوقوف موقفًا سلبيًّا إزاء تلك المعلومات والأفكار)[33]، لهذا قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا يبلغه عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنة)[34].

كما يؤكد علماء النفس والتربية وجود الفروق بين الذكور والإناث في جوانب النمو المختلفة، وهذه الفروق راجعة إلى طبيعة خلق كل منهما [35]؛ كما قال تعالى ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [36]، ولقد جاء في توصيات المؤتمر العالمي الأول للتعليم الإسلامي ما يؤكد خصوصية المرأة؛ حيث جاء فيه: (يوصي المؤتمر بوضع نظام مبني على أسس علمية مدروسة لتعليم البنات، يقوم على استقلال الدراسة في كل مراحل التعليم، ويراعى فيه ما يناسب طبيعة المرأة، وما يحتاج إليه المجتمع من خدمات نسوية، ويحقق ما يهدف إليه الإسلام من المحافظة على الفطرة السوية لكل من الرجل والمرأة، ويعمل على مراعاة التخصصات الوظيفية الفطرية)[37]، وهذا يؤكد أهمية إبراز النماذج النسائية والقدوات من سيرة الصحابيات، إلى جانب العناية بالآيات والأحاديث التي تخاطب المرأة المسلمة بشكل خاص.

5- أهمية الشمول في طرح الموضوعات:
يتطلب نجاح الدعوة لدى طالبات الثانوية العناية بالشمولية في طرح الموضوعات، نظرًا لتنوع الفئات التي يوجه لها الخطاب الدعوي، وتفاوت احتياجات الطالبات، وتنوُّع خلفياتهنَّ الشرعية والثقافية، ومقصود الباحثة بشمولية الموضوعات: أن تتناول موضوعات الدعوة الدائرة الخاصة والعامة للفتاة المسلمة؛ حيث إن هناك أحكامًا وآدابًا شرعية خاصة بالنساء دون الرجال، وهي الدائرة الخاصة، وما سوى ذلك فالأصل أن الخطاب فيه للجميع، والدائرة التي يشترك فيها الرجال والنساء أوسع بكثير من الدائرة التي تختص بها النساء، والملاحظ في الواقع أن الموضوعات التي توجه للفتاة يغلب عليها كثيرًا التركيز على قضايا محددة، حتى أصبحت الموضوعات الدعوية الرئيسة الآن لا تخرج في كثير من الأحيان عن نطاق الحجاب، وخروج المرأة للأسواق، وطاعة الزوج.. إلخ، وهي موضوعات مهمة بلا شك، ومن الضروري طرحها لشدة حاجة الفتاة إليها، ولكن المقصود ألا تأخذ هذه الموضوعات أكبر من حجمها، ويصبح إلقاؤها على حساب موضوعات أخرى، لا تقل عنها أهمية، بل قد تكون أساسًا في إصلاح المظاهر السلوكية والعبادات الظاهرة[38].

إن الفتاة اليوم تفتقر إلى الحديث عن الإيمان والتقوى والتوكل على الله، والتخلص من التعلق بسواه، كما تحتاج إلى الحديث عن العبادات ومقاصدها، وعن أخطار المعاصي وآثارها، والحديث عن الحياة الطيبة السعيدة وأسبابها، وعن الآداب والحقوق التي ينبغي لها رعايتها، وكذلك الحديث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأهميته ووسائله، والحديث عن واقع الأمة ومسؤولية المسلمين تجاهها، إلى جانب التربية وأهميتها وجوانبها ووسائلها، والمتغيرات المعاصرة والانفتاح العالمي وما فيه من الخير والشر.. إلى غير ذلك من الموضوعات التي توسع مداركها وتزودها بالمعرفة.

6- أن يكون للموضوعات نتائج تربوية سلوكية:
لكي تتحقق الأهداف الدعوية في وسط الطالبات، لا بد أن يكون لموضوعات الدعوة آثار عملية تحققها الطالبة في حياتها؛ لأن (العمل في الحقيقة هو ثمرة العلم، فمن عمل بلا علم فقد شابه النصارى، ومن علم ولم يعمل فقد شابه اليهود)[39].

لذلك ينبغي أن تؤدي الموضوعات الدعوية إلى تغيير سلوك الطالبة إلى الأفضل، فهي تتعلم الدين ليزداد إيمانها بتعلمه، وتتعلم الأخلاق لترتفع بأخلاقها، وكذلك غرس حب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في قلب الطالبة يثمر طاعتهما في الأوامر والنواهي، كما يثمر الالتزام بالسنة النبوية والدفاع عنها.

ومعالجة آفات القلوب من حسد وحقد وكبر؛ يعكس في سلوك الطالبة الاجتماعي دماثة الأخلاق؛ مثل محبة الآخرين، والتواضع لهم.

7- مراعاة حاجات الطالبات المتنوعة:
ولكي تحقق الدعوة أهدافها، فالواجب مراعاة حاجات الطالبات المتنوعة، من خلال توافق موضوعات الدعوة مع ميول واهتمامات الطالبات؛ حتى تكون هذه الموضوعات مصدر إشباع لهذه الحاجات، نظرًا لما يعتري مرحلة المراهقة من النمو السريع في جوانب شخصية الفتاة في هذه المرحلة؛ حيث يمكن تلخيص حاجاتها فيما يأتي:
1- الحاجة إلى العبادة، وهي أمر فطري ثابت، فتوجه الطالبة إلى التفكير في مخلوقات الله، وتحث على التدين والعناية بأعمال القلوب والجوارح.

2- الحاجة إلى الأمن الجسمي والنفسي، فتوجه إلى الحياة الأسرية الآمنة المستقرة، وكيفية حل المشكلات المعترضة.

3- الحاجة إلى الحب والقبول والرفقة، فتوجه إلى حسن الانتماء للجماعات والأصدقاء وحب الخير للآخرين.

4- الحاجة إلى الزواج، فتوجه إلى الطريقة الصحيحة في إشباع حاجتها الجنسية، وإلى الوسائل التي تقلل من أثر الدافع الغريزي لديها.

5- الحاجة إلى النمو العقلي والابتكار، فتقدم لها الأنشطة والبرامج التي توسع قاعدة الفكر عندها، وتكسبها خبرات جديدة تدفعها إلى النجاح الدراسي.

6- الحاجة إلى تحقيق وتأكيد الذات، فتوجه إلى سلوك طريق الحياة الطيبة، والعمل لتحقيق الأهداف والتغلب على الصعوبات والعوائق[40].

بعد ذكر الأسس السابقة تخلص الباحثة إلى عرض موضوع الدعوة - وهو الإسلام - من خلال جوانبه الثلاثة:
1- جانب العقيدة: المشتملة على أصول الدعوة، وهي عبارة عن الإيمان بالله تعالى وبرسوله - صلى الله عليه وسلم - وبالملائكة وبالكتب المنزلة واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره من الله تعالى، ويتضمن تمييز العقيدة الصحيحة عن الفاسدة كالشرك والبدع.

2- جانب الشريعة: المتكونة من فروع الدعوة، وهي التشريعات والعبادات التي فرضها الله تعالى.

3- جانب الأخلاق والآداب: وهي النتاج الضروري للعقيدة والشريعة، وهي مجموعة المحاسن النفسية التي تظهر في الأقوال والأفعال.

وهذه الجوانب الثلاثة وإن بدت للناظر كأنها منفصلة عن بعضها، إلا أنها في الحقيقة مترابطة متماسكة، يفضي أولها إلى تاليها، ويرجع تاليها إلى ما قبله، فالعقيدة السليمة أساس تقوم عليه العبادة، والعبادة أساس يقوم عليه السلوك الفردي والاجتماعي[41].


[1] سورة التوبة: جزء من آية 47.

[2] ينظر: مختار الصحاح، ص 726، القاموس المحيط فصل الواو من باب العين ص 996، تاج العروس من جواهر القاموس، فصل الواو من باب العين 5/543.

[3] ينظر: المنجد ص 905.

[4] سورة آل عمران: جزء من آية 19.

[5] ينظر: أصول الدعوة: د. عبدالكريم زيدان ص 5، والدعوة إلى الله الرسالة الوسيلة الهدف: د. توفيق الواعي ص81، دار اليقين ط:2، 1416هـ/1995م.

[6] سورة المائدة: جزء من آية 3.

[7] صحيح مسلم: سبق تخريجه ص 42.

[8] مجموع الفتاوى 15/157.

[9] الدعوة إلى الله: د. توفيق الواعي ص 81.

[10] سورة الذاريات: آية 56.

[11] سورة النساء: جزء من آية 125.

[12] سورة المائدة: جزء من آية 92.

[13] سورة الأنفال: جزء من آية 24.

[14] سورة الأنفال: الآيات 1-3.

[15] تفسير ابن كثير 3/551.

[16]سنن أبي داود، كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه ص 710 ح 4682، وسنن الترمذي، كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها 3/457 ح 1162 وقال: حديث حسن صحيح، وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/340 ح 928..

[17] ينظر: الحضارة الإسلامية أسسها ومبادؤها: أبو الأعلى المودودي ص 80، دار الخلافة للطباعة والنشر، ط: بدون.

[18] الأهداف التربوية والسلوكية عند شيخ الإسلام ابن تيمية: فوزية رضا أمين خياط ص 153-154، طباعة دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط:1، 1408هـ/1987م.

[19] علم أصول الفقه: عبدالوهاب خلاف ص 200، دار القلم، دمشق، ط:12، 1398هـ/1978م.

[20] إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشاطبي، أصولي حافظ، من أهل غرناطةكان من أئمة المالكية، توفي سنة 790هـ رحمه الله. ينظر: معجم المؤلفين تراجم مصنفي الكتب العربية: عمر رضا كحالة 5/128، مكتبة المثنى، بيروت، ودار إحياء التراث العربي بيروت، ط:بدون، 1376هـ/1957م، والأعلام: الزركلي 1/75.

[21] الموافقات في أصول الشريعة: أبو إسحاق الشاطبي 2/8، تحقيق وتخريج: الشيخ عبدالله دراز، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ط:بدون، ت: بدون.

[22] سورة الحشر: جزء من آية 18.

[23] سورة الصف: آية 2.

[24] صحيح البخاري، سبق تخريجه ص 58.

[25] متفق عليه: سبق تخريجه ص 60.

[26] سورة الأنفال: جزء من آية 28.

[27] صحيح مسلم، كتاب الرقاق، باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء، 4/2098 ح 2742.

[28] صحيح مسلم، كتاب التوبة، باب سقوط الذنوب بالاستغفار والتوبة 4/2106 ح 2749.

[29] سورة فصلت: جزء من آية 44.

[30] ينظر: أسس التربية الإسلامية: د. عبدالحميد الزنتاني ص 332، وأصول التربية الإسلامية: د. خالد الحازمي ص 55-72، دار عالم الكتب، الرياض، ط:1، 1421هـ/2001م.

[31] صحيح البخاري، كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، ح127( فتح الباري 1/225).

[32] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري: أبو عباس بن شهاب الدين أحمد القسطلاني 1/388، دار الفكر، بيروت ط:1، 1410هـ/1990م.

[33] جوانب التربية الإسلامية الأساسية: د. مقداد يالجن ص 134،مؤسسة دار الريحاني للطباعة، بيروت، ط:1، 1406هـ/1986م.

[34] مقدمة صحيح الإمام مسلم 1/11.

[35] ينظر: أصول تربية المرأة المسلمة المعاصرة: حفصة حسن ص 612-620، وعلم نفس المراحل العمرية:د. عمر عبدالرحمن المفدى ص 329-334، مطبعة دار طيبة، الرياض ط:2، 1423هـ، ورعاية المراهقين: يوسف ميخائيل أسعد ص 5-27، دار غريب للنشر، القاهرة ط:بدون، ت: بدون.

[36] سورة آل عمران: جزء من آية 36.

[37] المركز العالمي للتعليم الإسلامي، توصيات المؤتمرات التعليمية الإسلامية الأربعة ص 22-23، المركز العالمي للتعليم الإسلامي، مكة المكرمة، 1420هـ.

[38] ينظر: وقفات حول الخطاب الدعوي في قضية المرأة: محمد الدويش، مقال منشور في مجلة البيان، العدد 150، إصدار المنتدى الإسلامي، لندن- بريطانيا.

[39] شرح الأصول الثلاثة: الشيخ محمد بن العثيمين ص 22.

[40] ينظر: علم نفس النمو: د. حامد زهران ص 436.

[41] ينظر: الدعوة الإسلامية أصولها ووسائلها: د. أحمد غلوش ص 426، وفقه الدعوة إلى الله: د. علي عبدالحليم محمود 1/113، دار الوفاء، مصر ط:3، 1412هـ/1991م، والمدخل إلى علم الدعوة: محمد البيانوني ص 184.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 137.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 134.24 كيلو بايت... تم توفير 3.28 كيلو بايت...بمعدل (2.38%)]