الضرورة إلى بناء الفرد المسلم بناءً معرفيًّا صحيحًا - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215414 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61204 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29184 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-12-2020, 11:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي الضرورة إلى بناء الفرد المسلم بناءً معرفيًّا صحيحًا

الضرورة إلى بناء الفرد المسلم بناءً معرفيًّا صحيحًا







أبو الفداء بن مسعود





ومما سبق في المقال السابق نُقرِّر أن قواعد كشْف الوهاء والخُرافة والدجل في حق العامة ومَن في حُكمهم - ستَختلِف لزامًا عنها في حق من يَملكون ناصية النظر العلمي والتحقيق والبحث، وواجب العالم عند استعراض الأقوال لا يستوي - يقينًا - بواجب العامي عند تعرُّضه لها، فإن كنا مرشدين عامة الناس لطريق صحيح يَسلكونه لتجنُّب الخرافة والباطل، فإننا نرشدهم - أول ما نرشدهم - إلى اجتناب القراءة العشوائية فيما يَكتُب الناس مما يبثُّ في الصحف الصفراء، وعلى أرصفة الطرُق، وفي شبكة الإنترنت، وفي الفضائيات، وغيرها من وسائل الإعلام، وهذا أمر أصبح من الضرورة بمكان عظيم في هذا الزمان؛ فإنَّنا في زمان لو عطس فيه رجل في المغرب لربما شمَّته نِصفُ أهل الأرض من فوره من الصين إلى الأمريكتين! وقد صارت حرية الكلمة وحرية النشر والكتابة والتأليف مما يُوصَف بأنه من حقوق الإنسان، فترى الناس يَكتُبون في كل شيء وأي شيء، ولا يَعنيهم - إلا ما رحم ربك - التقيُّد بشروط العلوم التي يَخوضون فيها لبلوغ أهلية النظر، ومِن ثَمَّ فإننا نقصد بالقراءة العشوائية ها هنا: ألا يعتني الإنسان عند المُطالعة والقراءة بالنظر في حال مَن يَقرأ لهم من العلم والدراية بما يَكتبون فيه، وأن تراه يقدِّم ما حقه التأخير، ويؤخِّر ما حقه التقديم، ولا يُبالي في أي كتاب يقرأ! فلا يَنتظم هذا المُطالِع في نسق تراكمي صحيح لبناء أصول معرفية صحيحة لدَيه، ينتهي منها إلى إقامة الفروع على تلك الأصول، مع الدراية بما تدخل تحته كل مادة يقرأ فيها من أبواب التخصُّص المعرفي، ومِن ثَمَّ معرفة من يلزمه الرجوعُ إلى قولهم فيها عند الحاجة إلى التثبُّت والتعلم والتزود من تلك المعارف.

فإنَّ أول علامات العلم: الإقرار بالجهل، وشهادة الرجل على نفسه بأنها ما تزال لا تملك ما به تَصطنع الرأي وتُرجِّح بين الأقوال في هذا المجال أو ذاك، وإن كان الرجل من أشدِّ الناس ذكاءً ونبوغًا في صنعة من الصناعات، فإنه ينبغي أن يدرك الناس أن مَن ظنَّ بنفسه أنه قادر على سَبك الرأي في كل شيء، والاستقلال بالنظر في سائر العلوم، هذا جاهل سَفيه، بل هو أجهل الناس جميعًا، وجهله مما يُسمِّيه علماؤنا بالجهل المركَّب؛ إذ يجهل وهو يظن أنه على شيء وأنه على علم - أي: يجهل أنه يجهل - وهذا أذمُّ درجات الجهل؛ لأن صاحبه لا يظن أنَّ هناك ما يَنقصه لبناء التصوُّر الصحيح في هذه المسألة أو تلك، مع أنه بموازين أهل تلك الصنعة المعرفية التي يتقحَّمها، عاميٌّ أحمَقُ، كحاطب بليل لا يدري أين يَضع يده.

وإنه مما يُؤسَف له أنْ صار حال هذا الزمان مما يشجِّع الناس على فوضى الرأي، وعلى أن ينشر كل أحد رأيه في كل شيء بلا زمام ولا خطام، حتى صارت الفتن الظلماء تُعرض على العامي الجاهل وهو قاعد في قعر بيتِه، تُصَبُّ في مسامعه ليلَ نهارَ! وقد رأينا في هذا الزمان - وبكل أسف - من يهوِّن من أمر الاختصاص بدعوى اصطناع "المفكِّر"، الذي هو بخلاف المُختص، بدعوى أن المفكِّر لا يتقيد بقيود التخصُّص الواحد، فتراه قادرًا على ما لا يقدر عليه أهل الاختصاص؛ من تسنُّم القضايا الكلية الشاملة، وبناء التصورات الصحيحة فيها، مع أن كل عاقل له أدنى قدر من الاطِّلاع يشهد بأن من الاختصاصات ما هو كلي في قضاياه، ومنها ما هو جزئي دقيق شديد الدقَّة في مباحثه ومسائله، فبأي حق يسوغ للناس أن يقتحموا ما لا يُحسِنون من الاختصاصات، ثم يقال: إن هذا لمصلحة بناء التصورات الكلية التي يعجز عنها أهل الاختصاصات لدقة اختصاصاتهم؟ إنهم يُشجِّعون الشباب على ما يُسمى بالقراءة الحرَّة، فما ضابط تلك الحرية وما حدُّه؟ وأين مسؤولية العالِم المربي عندما لا يَعتني بتوجيه الشباب الغضِّ الطري الذي لا يزال في مبتدأ الطريق لبناء المعرفة والثقافة إلى ما ينبغي أن يبدأ به أولاً، وما ينبغي أن يؤجل النظر فيه إلى حين استكمال ما يلزم من عدة للتأهل للنظر فيه والانتفاع منه؟ أين أهل التربية من صيانة هؤلاء الناشئة من التعرُّض لما يُفسِد لهم عقولهم ويُضلِّلهم من المواد المسموعة والمقروءة، وهم بعدُ في أول الطريق؟ ومن الذي قال: إن ولي الأمر ليس من حقه أن يمنع العامة من الاطِّلاع على ما يُفسد لهم دينهم وهو يعلم أنهم لا يَملكون من ذخيرة العِلم ما به يدفعون تلك الشبُهات ويُبطلونها؟ بل إنه أوجب واجباته؛ لأنَّ دِين رعيته هو أول ما يسأله الله عنه يوم القيامة.

وهكذا هي أمة العقل والحكمة، أمة ﴿ اقْرَأْ ﴾! إنها أمة تدري كيف تقرأ، وعلى أي نسق تقرأ، ولمن ومتى ولماذا، أما إطلاق اليد في المكتبات لتَخبط خبط عشواء، بدعوى القراءة الحرة والثقافة الموسوعية، فسفَهٌ ينبغي أن يتصدَّى له العلماء والحُكماء بكل ما آتاهم الله من قوة!

إنني أعجب أشدَّ العجب عندما أقرأ لبعض الملاحِدة - ككارل ساغان صاحب الكتاب المذكور - شكواهم من سيطرة الإعلام على الرأي العام في زماننا، ومن قدرة أهل الدعاية والإعلان على إقناع العامة بأي شيء مهما كان عاريًا من الدليل العلمي المعتبر، ثم أراهم هم أنفسهم - في سياقات أخرى - يُحارِبون في سبيل فتح الحرية المُطلَقة لكل كاتب ولكل ناشر ولكل بهيمة ناطقة لا تدري ما يَخرج من رأسها! إن كنتم حقًّا ترومون صيانة العامة مما يتعرَّضون له من الجهالات والخرافات، فكيف لا تطالبون بإقامة لجان متخصصة للرقابة العلمية المحكمة على ما يبث في هؤلاء العامة وما ينشر فيهم، تكون مسؤولةً عن صيانتهم من هذا الباطل وهذا الهراء؟ وكيف بكم تشجعون هؤلاء العامة على الخوض في كل شيء، والاستقلال بالحكم على كل شيء، وفي كل باب من أبواب المعارف البشرية، ثم أنتم تَشْكُون مُرَّ الشكوى من ضياع حرمة العلم والاختصاص فيه، وفُشوِّ الجهل والخرافة والشعوذة فيما بينهم؟ أليس هذا من التناقُض يا عقلاء؟!


من الواضح أن كارل ساغان لا يراه تناقُضًا؛ بدليل أنه قد جاء إلى العامة بهذه اللعبة المختصرة يريد أن يُوهِمَهم بأنها تكفيهم للحُكم على أي قول يتعرَّضون له، أيًّا كانت مادته، هل هو حق أم باطل، حتى يسلموا وتسلم لهم عقولهم من الخرافات والأباطيل، فأي شيء هذا إن لم يكن جهلاً متلبسًا بلبوس العلم؟

فالقصد: إنَّ أول ما ينبغي أن يتربى عليه عامة الناس في هذا الزمان ألا يأخذوا العلم والفكر في أي مسألة من المسائل إلا ممَّن هو أهل للكتابة وللتفكر في تلك المسألة، بما يجعله حقيقًا بأن يوصف بأنه من أهل هذا الذكر، وألا يُعرِّضوا أنفسهم للخوض فيما لا يُحسنون.

وأهل الذِّكر هؤلاء - الذين يجب على العامي أن يقصدهم فيما يَخفى عليه من أمور اختصاصهم - يلزم أن يتحرى السائل فيهم شروطًا؛ حتى يطمئنَّ إلى قوة الظن في صحة ما يُفتونه به من الأمر، مع كونه عاجزًا عن النظر في أدلة ما يقولون، وهذه الشروط تُختصَر في شرطين أساسيين:
أن يكون المسؤول عالِمًا مشهودًا له بالعلم في مجاله، شهادة من أقرانه من أهل الاختصاص، لا من العوام والدهماء.

أن يكون عليه سمت الوقار، وأن يكون منزَّهًا عن التهمة في أمانته العلمية ونزاهته الفكرية، وإن كان من علماء الشرع المطهَّر فإنه ينبغي أن يكون ممَّن يَظهر عليهم اتباع السنة في الظاهر والورع وحسن الديانة، فإن الظاهر قرينة على الباطن، تستصحب للحكم على باطن الإنسان وما يَخفى من أمره، ما لم يثبت ما يبطل ذلك ويدفعه، والأصل في المسلم السلامة من الأهواء ومن فساد المخبر، فإن ظهر عليه ما ينقض ذلك عومل بحسبه.

وهذان الأصلان (القوة في العلم، مع الأمانة والورع) يشترطهما الإنسان العاقل بتلقاء نفسه حتى عندما يقصد الذهاب إلى طبيب يعالجه من مرضه؛ فإننا لم نر أحدًا من الناس يفرِّط عند السؤال عن الطبيب في معرفة حاله مِن العلم، وكذلك حاله من الأمانة والنزاهة ما أمكنه ذلك، وحتى إن فرط في السؤال عن هذه الأخيرة فإنه يَقينًا لن يذهب إلى طبيب قد تبيَّن له أنه سيئ السمعة أو أنه يُجري العمليات الجراحية طمعًا في المال دون أن تكون الحالة تستدعي ذلك حقًّا (مثلاً)، أو أن شهادة الدكتوراه التي ينسبها لنفسه مطعون فيها ومتَّهم بأنه قد سرقها، أو نحو ذلك من الخوارم في باب النزاهة والأمانة، ولكلٍّ صَنعة من صناعات المعارف البشرية ما به يعرف ذلك الوصف من أمر المشتغلين فيها، فلا يخفى ذلك على من يطلبه.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.01 كيلو بايت... تم توفير 1.65 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]