كيف نرجع لبيوتنا بعد الحج ؟

[ابوالوليد المسلم]

كيف نرجع لبيوتنا بعد الحج ؟
الشيخ / د. أشرف الفيل




هناك كثير من الناس يهتم عند عودته من الحج أن يجمع الهدايا ويقدمها لأبنائه وأحبابه ولم يفكر أن يدخل عليهم بالهداية التي هي أهم من الهدايا فيدخل عليهم وقد تمت له الهداية التامة فيصبح أفضل مما كان خلقا وأدبا وذكرا وطاعة لله تعالى
لأن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال : ((والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)).
والحج المبرور هو الحج المقبول عند الله وعلامته أي لا يخالطه إثم ولا كذب
والحج المبرور هو الذي يرجع صاحبه أفضل مما كان خلقا وأدبا وطاعة لله ورسوله
فكيف نرجع إلي بيوتنا أفضل خلقا وأدبا وطاعة لله تعالى ؟؟
نرجع إلي بيوتنا ونحن موقنين أن الله تعالى قد غفر لنا كما في الحديث : (( آتاني جبريل آنفا فأخبرني أن الله تعالى قد غفر لأهل عرفات وأهل المشعر الحرام وضمن عنهم التبعات )) فقال له عمر : هذا لنا خاصة ؟ فقال "صلى الله عليه وسلم" (( هو لكم ولمن اتي بعدكم الي يوم القيامة )) !!!
نرجع إلى بيوتنا محملين بالهدايا البسيطة لأبناءنا وأحبائنا لان النبيﷺ قال : (( تهادوا تحابوا )).
نرجع إلى بيوتنا ونحن عاقدي النية على
المحافظة على قيام الليل كل ليلة لييبعثك ربك على مقام محمود كما قال جل ذكره : { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودا }.
وقد أثني الله على من يحافظون على قيام الليل فقال جل ذكره : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }.
نرجع إلى بيوتنا وقد اتفقنا على حفظ اللسان من التلفظ في غير ما يرضي الله وفي غير ما يفرق بين العباد كما في قوله تعالى : { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً }.
نرجع إلى بيوتنا ونحن أشد خشية لربنا نرجوا رحمته ونخاف عذابه كما بين الله في محكم كتابه بقوله تعالى : { أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }.
نرجع إلى بيوتنا عاقدي النية على المحافظة على صلاة اثنتي عشرة ركعة كل يوم لغير الفريضة كما جاء في سنن الترمذي من حديث عائشة قالت قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" : (( من ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة بني الله له بيتا في الجنة أربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر )).
نرجع إلى بيوتنا ونحن أكثر إنفاقا في سبيل الله لأن النبي "صلى الله عليه وسلم" قال : قال الله تبارك وتعالى : (( يا بن آدم أنفق أنفق عليك وقال يمين الله ملآى سحاء لا يغيضها شيء الليل والنهار )).
نرجع إلى بيوتنا أكثر عطاء للخير ففي حديث أنس بن مالك يقول : كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا وكان أحب أمواله إليه بيرحياء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس فلما نزلت هذه الآية : { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }. قام أبو طلحة إلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فقال : إن الله يقول في كتابه { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }. وإن أحب أموالي إلي بيرحياء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث شئت قال : رسول الله "صلى الله عليه وسلم" : (( بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح )) قد سمعت ما قلت فيها وإني أرى أن تجعلها في الأقربين فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبنى عمه "
نرجع إلى بيوتنا ونحن أكثر لله ذكرا ففي حديث أبي ذر أن ناسا من أصحاب النبي "صلى الله عليه وسلم" قالوا للنبي "صلى الله عليه وسلم" يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم قال : (أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن منكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة ) قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر قال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر ).
نرجع إلى بيوتنا مستعدين لصيام النافلة
فقد سن النبي "صلى الله عليه وسلم" صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر هجري وسن صيام يوم عرفة وصوم عاشوراء وصوم أيام كثيرة من الأشهر الحرم
نرجع إلى بيوتنا عاقدي النية على العودة لزيارة بيت الله الحرام وزيارة نبيه عليه الصلاة والسلام
نرجع وكلنا أمل أن يرضي عنا الإله
نرجع وكلنا ثقة في غفران الغفور الرحيم
نرجع وقد دمعت القلوب قبل العيون علي مفارقة البيت العتيق وقبر ضم في طياته أفضل من خلق الله !!!
وإلى اللقاء بإذن الله تعالى ...تقبل الله منكم حجكم وجعل حجكم مبرورا وسعيكم مشكورا وذنبكم مغفورا