أمور هامة قبل التربية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 25 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-11-2020, 04:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي أمور هامة قبل التربية

أمور هامة قبل التربية


عبد الرحمن بن محمد آل عوضة






اختيار الزوجة الصالحة:
من أعظم هذه الحقوق وأهمها: حسن اختيار الأم تلك الحاملة الحاضنة المربية، والرسول _صلى الله عليه وسلم_ وضع وبيّن مرغبات الرجال في اختيار النساء ذكر الجمال، الحسب، والمال، والدين، ثم قال: «فاظفر بذات الدين تربت يداك».


وليمة العرس بضوابطها الشرعية:
فلا يبالغ فيها بالإسراف في الأطعمة والأشربة، وكذلك يبتعد عن الأغاني والموسيقى وكل ما يغضب ربه تعالى.


آداب الدخول على الزوجة:
ويستحب له إذا دخل على زوجته ليلة الزفاف أن يدعو الله ويسأله من خيرها ما جبلت عليه، ويضع يد على رأسها، ويصلي معها ركعتين.


الترغيب في طلب الولد:
قال صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم»، وقال _عليه الصلاة والسلام_: «ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم»، وقد كان لقيس بن عاصم _رضي الله عنه_ اثنان وثلاثون ذكراً.


الأذان في أذن المولود:
يستحب حين الولادة أن يقوم الوالد بالأذان في أذن المولود اليمنى ويقيم في اليسرى، وذلك ليكون أول شيء يصل على المولود من أمور الحياة بعد الهواء هو التوحيد المنافي للشرك.


التحنيك:
سنة مؤكدة من سنن الهدي التي سنها رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ لأمته، فقد أورد البخاري _رحمه الله_ في صحيحه أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ جاءته أسماء بنت أبي بكر _رضي الله عنهما_ بعبد الله بن الزبير بعد أن ولدته «فوضعته في حجره ثم دعا بتمرة فمضعها ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، ثم حنكه بالتمرة ثم دعا له فبرَّك عليه».


الرضاع:
يقول الله _سبحانه وتعالى_ في كتابه العزيز: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ" (البقرة: من الآية233)، فهذا حثٌّ من الله للوالدات بأن يغذين الأولاد الصغار مما وهبهن الله من اللبن في أثدائهن.


التسمية (اختيار الاسم الجميل):
يتأثر الطفل نفسياً بنوع الكنية أو الاسم الذي يعطى له، ويشير الإمام ابن القيم رحمه الله إلى أن هناك علاقة وارتباطاً بين الاسم والمسمى، وأن للأسماء تأثيراً على المسميات، فقد أمر رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ بتحسين الأسماء فقال: «من ولد له ولد فليحسن اسمه وأدبه».


العقيقة:
وهي سنة مؤكدة عند جمهور العلماء قال _عليه الصلاة والسلام_: «عن الغلام شاتان مكافيتان وعن الجارية شاة».


الحلق لرأس الولد:
حلق رأس المولود بالموس من السنة، ويكون ذلك في اليوم السابع من ولادة المولود، ثم يتصدق عن المولود بما يعادل وزن شعره من الذهب أو الفضة، فقد وردت السنة بذلك عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ حين ولدت السيدة فاطمة -رضي الله تعالى عنها قال لها: «زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضة».


الختان:
هو إزالة الجلدة الموجودة على رأس الذكر، وهو من سنن الفطرة المباركة الواردة في الشرع.





(مجدد)

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19-11-2020, 04:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أمور هامة قبل التربية

الابن الأول وأخطاء الأبوين التربوية ..


يحيى البوليني







من أكثر المفارقات غرابة في تصرفات كثير من البشر , أن تجدهم يعيبون على أسلوب التجربة والخطأ كمنهج للتعلم في أبسط ممارساتهم اليومية رغم ضئالة قيمتها وضعف تأثيرها فيهم , في حين يتبعون نفس النهج في التعامل مع أغلى ما يمتلكون !




ففي أبسط المواقف اليومية قد لا تلجأ ربة المنزل لتجربة طهي صنف جديد من الطعام لا تعرفه إلا بعد سؤال المجربين أو البحث عن معلومات حول كيفية طهيه والمقادير الواجبة لكي لا تقع في الخطأ , وبينما يتطلب شراء جهاز الكتروني بسيط من رب الأسرة أن يبحث ويقرأ المواصفات والخصائص وسبل التشغيل والمشاكل وحلولها والمحاذير لتلافيها , وكلاهما يرفض مطلقا فكرة أن يجرب ثم يتعلم من خطئه ويعتبرها فكرة خاطئة تماما إذ تكلفهم ضياع الوقت أو الجهد أو المال .



لكن نفس الرجل والمرأة قد يقعان فيما هو أكبر من ذلك ويتصرفان بنفس المنطق الذي رفضاه من قبل في تربيتهم لأبنائهم , فيعتمدان على أسلوب تجربة الوسيلة التربوية والتعلم من الخطأ فيها مستقبلا , ومن ثم لا يكررانه بعدها , متناسين أن الولد أثمن وأغلى ما يمتلكون مما رزقهم الله في هذه الحياة الدنيا وأن الخطأ في تربيته من الخطورة بمكان , وربما قد لا يجدان طريقة لإصلاحه بعد ذلك .



قليل من الآباء والأمهات من يطلع ويبحث ويقرأ في طرق ووسائل التربية , وقليل منهم أيضا من يلجأ إلى كبار السن والخبرة بأسئلة حول كيفية التصرف في المواقف التربوية , ونادر من يحاول أن يحضر في ذلك مؤتمرات أو ندوات أو لقاءات تعريفية بالوسائل التي يجب إتباعها في التربية والمخاطر التي يتعرضون لها والمشكلات التي تواجههم والحلول المثلى لفهم نفسيات أبنائهم ومحاولة التأثير فيها , بل الأغلبية من الناس لا تعترف أصلا بأن تربية الأبناء علم يحتاج للتوقف عنده وسؤال المختصين .



إن قليلا من الصداع في الرأس أو ألم بسيط في الأسنان يجبران الآباء على سرعة الذهاب للطبيب للخوف على صحة الطفل البدنية – وهذا صحيح لا ينكر - في حين أن هناك أمراضا وأوجاعا شديدة الألم على الطفل وعميقة الأثر على حاضره ومستقبله لا ينتبه لها الآباء إطلاقا ولا يعتبرون أن الطفل في حاجة للوقوف بجانبه , بل يعتبرون شكواه من الترف الغير مباح .



ومن المفارقات المفجعة أيضا أن هناك قوانين ودراسات وتراخيص تمنح للأفراد لكي يسمح لهم بممارسة أي عمل , فلا يمكن لإنسان أن يمارس الطب أو الهندسة أو التعليم أو غيرها من المهن مهما كانت بسيطة إلا إذا كان مؤهلا , بل لا يمكنه قيادة أبسط سيارة إلا إذا حصل على شهادة تفيد صلاحيته لذلك , في حين أن أهم واعقد وأخطر الأدوار التي يقوم بها الإنسان في حياته وأكثرها اتصالا بمجتمعه وتأثيرا فيه وهي تربية الأبناء قد لا تقوم على أسس سليمة ولا يوجد لها برامج ولا إرشادات ولا تنبيهات مجتمعية مسئولة عن ذلك , بل ويُترك فيها الأمر لاجتهادات الناس الغير مبنية على علم أو دراسة أو خبرة .



ربما لم تظهر مشكلة لهذه الممارسات قديما لاتصال الحفيد بالأجداد والجدات الذين كانوا يشتركون بصورة حقيقية وواقعية في عملية التربية , ولم تكن تُترك فيها تربية الأبناء للأبوين وحدهما دون سابق خبرة أو تجربة , ولكن مع تغير الأحوال وانفصال كل أسرة صغيرة بنفسها وقيامها على شئون تربية أبنائها منفردة ظهرت المشكلات التربوية , وصار الأبناء ميدانا لتجارب الأبوين التربوية , فما يثبت فشله من الوسائل التربوية في التعامل مع طفل يتم تلافيه في الآخر دونما نظر أو اعتبار للخسارة الرهيبة التي يخسرها المجتمع لوجود أطفال ظلوا فترة طويلة كفئران تجارب تربوية لآباء لم ينالوا قسطا من الثقافة التربوية ولم يكن معهم – أو ربما رفضوا تماما أن يتدخل- من يوجههم في تربية أبنائهم .



ولا اعني بتدخل المجتمع في ممارسة دوره في العملية التربوية أن يسلب حقا أصيلا للآباء في العملية التربوية لأبنائهم , وإنما اعني به تشجيع وجود ثقافة أسرية بإقامة فعاليات تربوية يعطي نصائحها وتوجيهاتها التربوية وتطرح حلولا للمشكلات التربوية التي يعانيها الآباء مع أبنائهم وأن يهتم الإعلام بقضية التربية ويفرد لها مساحات اكبر في الوسائل الإعلامية لمناقشات المتخصصين مع إقامة دورات توجيهية أسرية لراغبي الزواج والمتزوجين حديثا ولمن يرغب من الآباء لطرح وسائل معالجة المشكلات للأبناء وغير ذلك من الوسائل المجتمعية التي ترفع وتساهم في النهوض بالثقافة الأسرية لأبناء المجتمع كله .



الابن الأول يحصد الأخطاء التربوية للأبوين

ولعل أكثر الأبناء تضررا في العملية التربوية هو الابن الأول الذي يولد فيجد أبوين لم يمارسا العملية التربوية لأبناء من قبل , فيتعامل كل منهما بحسب ما ورث وما رأى من ممارسات في حياته مع والديه وبحسب ما تمليه ثقافة الأبوين التربوية , ومن خلال متابعات كثيرة للعديد من الأبناء ظهر أن الابن الأول في معظم الأسر مختلف عن باقي الأبناء , ووُجد أن مشكلات شخصية مثل التردد وعدم القدرة على أخذ قرار حاسم والانطواء والعصبية الزائدة وضعف الثقة بالنفس توجد بنسبة عالية في الابن الأول بنسب اكبر من باقي الأبناء .



ولعل أبرز أسباب هذه السلوكيات التربوية الخاطئة أن الابن الأول قد يقع – لعدم وجود الخبرة التربوية للأبوين – تحت تأثير واحد من نوعيتين متناقضتين وخاطئين من التربية - هذا إن لم يقع تحتهما معا بين الأب والأم - , فيقع الابن الأول بين الإفراط في التدليل بسبب سعادة الأبوين لوجود ابن لهما فيغدقان عليه بالاهتمام المبالغ فيه وتلبية كل رغباته ظنا منهما أن ذلك هو الأسلوب الأمثل للتربية , والتصرف الآخر قد يقع الابن الأول تحت السيطرة الكاملة من الأبوين التي ربما تصل للقسوة المفرطة بدعوى الرغبة في أن يكبر الصغير ليصير رجلا يعتمد عليه الأب أو بنتا تعتمد عليها الأم ويظنان أيضا أن هذا هو الأسلوب الأمثل للتربية , وتكون المشكلة الأعمق إذا وقع الطفل بين تدليل مفرط من جهة وقسوة مفرطة من جهة أخرى وكلاهما خطأ تربوي والأخطر إذا اجتمعا .



ومن المشاهدات أيضا أن كثيرا من الأبناء - من بعد الأول - قد لا يعانون من نتائج جهل وعدم خبرة الأبوين , لان الأطفال بعد الأول يحصدون من الخبرة التربوية التي اكتسبها الأبوان نتيجة ممارستهما للتربية بأسلوب المحاولة والخطأ مع الابن الأول , فيقل التدليل المفرط عند من كان يتبنى هذا النهج , وأيضا تقل القسوة المفرطة عند من ينتهجها وخاصة عن تبين أصحاب كلا الرأيين أنهما قد أنتجا نماذج لا يرضون عنها وظهرت لهم مشكلات عملية في طريقة تربيتهما وساعتها ربما يلجئون بالسؤال والاستشارة – مضطرين - لأصحاب الخبرات التربوية من الأجداد أو المتخصصين التربويين .



ولهذا من الأخطاء الشديدة التي يقع فيها الأبوان حينما يتصوران أن كل تدخل للأجداد في التربية هو تدخل سلبي غير مرغوب فيه , وأن التربية الحديثة التي يتمنياها لأبنائهما تختلف كلية عن التربية التي ربى عليها الأجداد أبناءهم من قبل , ولكن الأدق أن هناك فارقا بين الأهداف التربوية وبين الأدوات ووسائل التأثير والتوجيه .



فيعرف الجميع أن الأدوات ووسائل التأثير والتوجيه قد تتطور ولكن المبادئ التربوية ثابتة وأصيلة ولا تتغير إلا يسيرا فالقيم الكبرى والأهداف العظمى المرجوة كثمرة من ثمار التربية لن تتغير على مر العصور ومنها إخراج الإنسان الذي يستطيع أن ينفع نفسه وغيره ومجتمعه وان يكون صالحا في نفسه ومصلحا لما حوله وان يكون منتجا وايجابيا وقادرا على رفعة شأن نفسه في الدنيا والآخرة وعاملا على أن يكون لبنة في صرح كبير لبناء مجتمعه , فهذه الأهداف كغيرها من الأهداف العظمى للتربية لا تتغير ولا ينكرها أب أو مرب , ولكن الأدوات التربوية للوصول لها تتغير من جيل لآخر , ولا يلزم الثبات على أداة تربوية وتقويمية مادام العلم يتطور والمعارف تتقدم والعالم يقترب وتتسارع المعلومات متدفقة بين جنبات العالم بسرعة البرق .



يجب أن يتفهم الأبوان أن تربية الأبناء علم يحتاج للدراسة والتثقيف ولا يمكن اكتساب الخبرة فيه إلا بالتجربة التي قد تجني على قطاع كبير من أبنائنا , ويجب أن لا تخضع لهذا الأسلوب المرفوض وهو التعلم بالمحاولة والخطأ , لان الأبناء أثمن من أن يكونوا ميدانا للتجارب التربوية , فالمجتمع يخسر أبناء يخرجون كنماذج تحمل من العيوب الشخصية والتشوهات النفسية نتيجة الأخطاء التربوية الشديدة لآبائهم , وربما يمتد تأثيرهم لأجيال تليهم .




(مجدد)



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19-11-2020, 04:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أمور هامة قبل التربية

محطات إيمانية في تربية الطفل

موقع المسلم



يقول الرسول المصطفى _صلى الله عليه وسلم_: " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه"، وفسّره الشيخ العلامة سفر الحوالي بأن "الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قد أودع في فطر النَّاس الإيمان بالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فكل مولود من بني آدم يولد، فهو مقر بالله ومتجهٌ بفطرته إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ومفطور عَلَى الإقرار والإيمان به -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بحيث لا يحتاج إِلَى أن يلقن ذلك ولا أن يعلّم، بل هو مولود عَلَى نفس هذه الملة -ملة الإسلام- ".
وعلى ذلك تظهر أهمية الاهتمام بدين المولود، والمحافظة على فطرته الإسلامية الصحيحة، وترسيخ ذلك في حياته اللاحقة، منعاً لدخول ما قد يشوبها من أفكار خاطئة، قد تؤدي إلى ضلالة أو تفضي إلى انحراف.
ويستعين الأهل بعد الله ا_عز وجل_، بالكثير من الطرق والأساليب في تنمية هذا الجانب الإيماني لدى أبنائهم، وتعظيم وحدانية الله _عز وجل_ في نفوسهم، ومنها ما يشير إليها الدكتور عدنان علي النحوي بالقول: " إن قضية تربية الطفل عملية إعداد وبناء ليصبح قادراً عند بلوغه سن الرشد على تحمُّل المسؤولية التي كلّفه الله بها، سليم الفطرة، سليم الإيمان والتوحيد، يحمل العلم من منهاج الله قدر وسعه الصادق خلال مراحل نموّه. وأدب الأطفال الإسلامي يساهم مساهمة كبيرة في بناء العقيدة السليمة وفي حماية الفطرة في مراحله المختلفة".

مرحلة الحمل والولادة:
يرى الدكتور عدنان النحوي أن أول قطعة من الأدب الإسلامي للطفل وللكبير هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولذلك ورد في الأثر الأذان في الأذن اليمنى للطفل والإقامة في الأذن اليسرى ، فعن أبي رافع _رضي الله عنه_ قال: "رأيت رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أذَّن في أذن الحسن بن علي حين ولدته أمه فاطمة _رضي الله عنه_ا بالصلاة" [رواه أبو داود والترمذي]. فيكون أول كلمة تدخل فطرة المولود بالأذان هي الشهادتان، كلمة تتجاوب مع فطرته التي فطره الله عليها، تدخل الأذن وتمتدّ في كيان المولود ما شاء الله لها أن تمتد على سنن ربّانية، لتنمّي غرسة الإيمان والتوحيد وصفائهما، الغرسة التي وضعها الله في فطرة هذا المخلوق الجديد، ولتصبح مسؤولية الإنسان ابتداءً بالوالدين مسؤولية مباشرة عن رعاية العقيدة وسلامتها وصحّتها".

ويضيف "ثم تمضي الشهادتان في حياة الطفل كلها تتردّد مع مراحل نموه حتى بلوغه رشده وشبابه وكهولته وحياته كلها حتى يلقى الله ربه عليها، فيُلقّنها عند الموت"، مورداً دليلاً على استمرار ذلك إلى الموت، بحديث أبي سعيد وأبي هريرة وعائشة _رضي الله عنه_م عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ قال: "لقّنوا موتاكم لا إله إلا الله" [رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والنسائي].
فهذه الكلمة: "لا إله إلا الله" هي القاعدة الصلبة في التربية في الإسلام، وهي تمثّل النهج والغاية، وهي تمثّل الحقيقة الكبرى في الكون والحياة، وتمثّل الانطلاقة الأولى والهدف الربّاني الأول للمسلم في تبليغ دعوة الله للناس كافّة".
ويرى الدكتور النحوي أن من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم أن نبّهنا إلى نشاط حاسة السمع لدى المولود ولو لم يدرك المعنى، ولكن الصوت وأمواجه تترك أثرها بطريقة ربانية، وقد ثبت علمياً اليوم أن حاسة السمع لدى الجنين قبل أن يولد تكون عاملة، تتأثر وتستقبل الصوت، ويترك الصوت أثره في الجنين بطريقة لا يدركها العلم، ولكن يعلمها الله رب العالمين.

وتقول د. آريان آيزنبرغ وزميلتاها في كتابهنّ: "ماذا تتوقع عندما تنتظر الجنين" حيث إن حاسة السمع عند الجنين تكون قد تطورت تطوراً كبيراً مع نهاية المرحلة الثانية أو بداية الثالثة، فيصبح من الحقيقة أن الأجنّة عند أصدقائك يسمعون ما يدور من موسيقى ومن قراءات، ولكن ما هو تأثير ذلك في مقبل الأيام لم يتأكد حتى الآن، ويعتقد بعض الباحثين المختصين في هذا العلم أنه من الممكن إثارة الجنين قبل ولادته ليكون جنيناً متميزاً"
ولذلك ينصح بعضهم بأن تقرأ الأم شيئاً يسمعه الجنين دون أن يعي المعنى، فيترك ذلك أثره، وكذلك الحديث الذي يجري في البيت بين الأبوين أو غيرهما قد يترك أثره، ويتّضح لنا هنا أهمية نقاء جو الأسرة وصفاء العلاقة بين الزوجين، حتى تسود الكلمة الطيبة التي أمر الله بها، والكلام الحسن الذي أمر الله به، ليتلقَّى الطفل وهو جنين أصوات الخير والكلم الطيب، وذكر الله، واستمرار الدعاء، وتلاوة القرآن الكريم وقراءة أحاديث الرسول _صلى الله عليه وسلم_، وأصوات الوداد والمحبّة والكلم النقيّ من الأدب الإسلامي.
كلُّ ما يجري في بيت الأسرة يمكن أن يؤثّر على الجنين بالصوت، لذلك حرص الإسلام على تنظيم جو الأسرة وتفصيل العلاقات بين أفرادها، فيكون دور أدب الأطفال الإسلامي أن يُغذّي هذا الجو وهذه العلاقات.

ويتابع الدكتور النحوي في محاضرة ألقاها خلال ندوة "أدب الأطفال الإسلامي" في الرياض خلال عام 1427هـ "عندما يولد الطفل تظل حاسة السمع عاملة فيه دون أن يدرك معنى الأصوات التي تصله، والتي تستقبلها أجهزة فطرته الأخرى بطريقة ربّانية، فهو يتأثر بنفس الطريقة بحنان الأم وهدهدتها له، ومناغاتها، بين كلمات الحب العميق والحنان الشديد، ويتأثر بضمّه إلى صدرها، وإرضاعها له، حين تخرج الكلمات من الأم عفو الخاطر والبديهة، فتلتقي الفطرة الصافية بالفطرة الصافية، فينال الطفل الغذاء الصافي على جرس المناغاة، لتكون النص الثاني الذي يتلقّاه الطفل.
ولقد سنَّ الإسلام سُنناً في رعاية المولود كالأذان والإقامة في أذنيه كما ذكرنا، وكذلك التحنيك والعقيقة وغير ذلك، ولكن الخطوة المهمة في هذه المرحلة هي اختيار اسم للمولود، اختيار اسمه الذي سيُرافقه حياته كلّها، والذي سيظل الناس ينادونه به، فمن مسؤولية الوالدين اختيار الاسم الحسن الطيب في معناه ومبناه، وجرسه ولفظه وكتابته، كما وردت الأحاديث الشريفة بذلك.
ويصبح هذا الاسم من أوائل الكلمات التي يسمعها والتي تظل تطرق أذنيه، ثم يتعلمها فينطق بها لسانه، وكأنما اسمه قطعة أدبية محببة إلى الطفل، يتعلّمها في سن مبكرة.

إنها النغمة الحلوة التي تحمل الصورة الأدبية بمعناها وظلالها وجرسها، وقد أخذت جهداً حقيقياً من الوالدين حتى اختارا هذا الاسم لطفلهما، وربما اشترك معهما بعض الأقرب والأرحام، وكأنّ هذا الاسم أصبح النص الأدبي الثاني الذي يتلقاه الطفل بعد الشهادتين والأذان والإقامة في أُذنيه.
وتأتي القطع الأدبية الثالثة مع أول مراحل نمو الطفل من خلال مناغاته وتسهيل نومه بالنغمة الحلوة، والشعر البسيط، مما لا يدرك معناه ولكن يؤثر فيه الإيقاع الرتيب الحلو، وأرى أنه يجب الحرص على أن لا يدخل أذن الطفل في جميع مراحل تربيته إلا اللغة العربية الصحيحة والمعاني الكريمة، مع إدراكي صعوبة تحقيق ذلك في عالم ضعفت فيه منزلة اللغة العربية الفصيحة، وانتشرت اللهجات العامية المختلفة، ولكن يجب علينا أن نظل نذكّر بالقواعد الرئيسة في الإسلام، والتزام اللغة العربية الصحيحة أمر هام فعليه أن يسعى ويجاهد من أجل إتقانها، وخاصة في واقعنا اليوم.
ويتدرّج الطفل في تقبّل الشعر وتمثُّله عاماً بعد عام، حتى يصل إلى مرحلة يستطيع فيها أن يحفظ الأناشيد الحماسية، والقصص الشعرية، ويرددها مع زملائه في المدرسة، أو بين والدين متعاونين وأسرة مترابطة، ويفخر بالتغنّي بها".
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19-11-2020, 04:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أمور هامة قبل التربية

محطات إيمانية في تربية الطفل

موقع المسلم

مرحلة ما بين السنة الأولى والثانية حتى الفطام:
يقول الدكتور النحوي معلقاً على الآية الكريمة: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا... الآية" (البقرة: من الآية233). "إنه أسلوب رباني معجز في التربية والتعهد والبناء، لا يمكن أن تجده خارج أجواء الإسلام والبيت المسلم الملتزم. وأطيب الكلام وأغناه كلام الله، فيسمع منه مع السنة الثانية بعض الآيات القصيرة، ثم يزداد ذلك مع نموّه، ليُغْرس في فطرته الكلم الطيب الطاهر، وتُحمى فطرته بذلك، ويمكن للشعر السهل الخفيف أن يسمع منه شيئاً، وفي آخر السنة يمكن أن يحفظ بعضه، شعراً طيباً في نغمته ومعناه، مع ما يسمع من آيات كريمة قصيرة، ويظل جو الأسرة المسلمة يؤثر في تربية الطفل بما فيه من سكن ومودّة وتعاون. ويكون الطفل في هذه المرحلة قد تعلّم المشي، وتعلّم بعض الكلمات السهلة أيضاً مثل: بابا، ماما، هات، ربي، الله، الحمد لله، مع بعض الآيات القصيرة والشعر السهل كما ذكرنا، وينمو قاموس الطفل ليبلغ بحدود (250) كلمة".

مرحلة ما بين السنة الثانية والرابعة أو الخامسة:
وعن هذه المرحلة، يورد الدكتور عدنان النحوي دليلاً من حديث الأسود بن سريع عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "قال مولود يولد على الفطرة حتى يُعْرِبَ لسانه فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه".
ويضيف "يبدأ الطفل في هذه المرحلة بالتقليد وبالتعرّف على ما حوله، وتزداد قدراته على التعلم، فنراه يقلّد والديه في الركوع والسجود، وقد يقف بجانبهما في الصلاة، أو يقف وحده، أعمال يُقبل عليها بالفطرة، فتُغْرس فيه بعض معاني الإيمان وبعض أعمال الإسلام وآدابه، ويتعلّم التحيّة و"بسم الله الرحمن الرحيم"، وتقوى ملكة النطق عنده ويستقيم لسانه، فيمكن أن يحفظ سوراً قصيرة وأحاديث قصيرة، ومقاطع شعرية خفيفة، ويستمتع بالسماع إلى القصة القصيرة الممتعة، فيعطى من عناصر أدب الأطفال الإسلامي ما يوفر له المتعة والفائدة معاً، وما ينمي إيمانه وعلمه وقدرته على حسن الاستماع والنطق والفهم، لينمو بذلك زاده كله، وينمو قاموسه اللغوي مع السنة الرابعة إلى (1600) كلمة، وينمو إيمانه، ويتعلم بعض قواعد الإيمان والتوحيد.
يتعلم الطفل في هذه المرحلة بالتلقين المباشر، والتقليد، والتعرف على ما حوله، وبالاستماع، والنظر في الصور، وما يعرض عليه من كتب مصورة، وتنمو حواسه كلها، وينمو إدراكه".

مرحلة السنة الخامسة إلى السنة السابعة:
وعن هذه المرحلة الهامة في حياة الإنسان، يورد الدكتور النحوي دليلاً آخر عن عبد الله بن عمر _رضي الله عنه_ما عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع" [رواه أبو داود].

ويضيف بالقول: "في هذه المرحلة يحسن أن يوفر للطفل جو الرفقة الطيبة، فالرفقة ضرورية للتربية ومراعاة الحاجات النفسية كلها، والتدريب على حب التعاون وتنمية الروابط الإيمانية في أجواء اجتماعية من ألفة ومحبة. وننصح في هذه المرحلة، وعندما يقترب الطفل من الخامسة، بأن ينظم الأب جلسة يومية أو أسبوعية على الأقل، نسميها "مجلس العائلة"، يكون له منهج ممتع مسل ومفيد، ينال الطفل من خلاله أفضل غذاء من الكتاب والسنة واللغة العربية، ومن الكتاب الإسلامي من شعر أو قصة أو حكاية، ومن فكاهة وطرفة، ومن خبر وأحداث، ذلك كله يخضع لنهج محدد وخطة مدروسة تعين على تحقيق الأهداف المرجوة، ومن خبر وأحداث، ذلك كله يخضع لنهج محدد وخطة مدروسة تعين على تحقيق الأهداف المرجوة، يضعها الوالدان المسؤولان ويشرفان على تنفيذها، وقد ينضم إلى المجلس أبناء الأرحام والأقارب والجوار. وجميع ما يعطى للطفل من مواد مناسبة من أدب الأطفال الإسلامي، يظل ينمو مع نمو الطفل من مرحلة إلى مرحلة، فينمو الشعر وتنمو القصة".
ويتابع بالقول: "يزداد هنا اهتمام الوالدين بتدريب أولادهما على الصلاة ووعي فرضيتها والمحافظة عليها، حتى إذا بلغ السابعة أمر بها كما جاء في حديث الرسول _صلى الله عليه وسلم_، ويفرق بين الأبناء في المضاجع، وتبدأ الفروق تظهر بين البنين والبنات مع آخر هذه المرحلة، ويصبح لهذه الفروق أثر في التربية، وأحاديث شريفة أخرى. ولم يأت الأمر بالضرب إذا امتنع الطفل عن الصلاة وهو ابن عشر سنين، إلا لأن التربية في الإسلام نهج وخطة متكاملة تتجاوب مع فطرة الطفل ووسعه وقدراته، وتقضي هذه الخطة والنهج أن الطفل عندما يؤمر بالصلاة في السنة السابعة سيستجيب الطفل السوي إلى هذا الأمر بسهولة ويسر استجابة فطرة وإيمان بناء على نجاح التربية في المراحل السابقة ووضوح آثارها، فإن لم يستجب وهو ابن عشر سنين، فيكون الطفل بحاجة إلى هزّة توقظ فطرته، والله أعلم بما يحتاجه الطفل في هذه الحالة، فهو تشريع رباني أعلى من كل تجربة بشرية علمانية، تطويها تجارب أخرى، وحين ترفض المناهج العلمانية الضرب فذلك يعود إلى أنه لم يبق في حياتهم ما يوجب الضرب في مراحل تربية الطفل، فهم لا يدركون خطورة الصلاة ولا خطورة الإيمان والتوحيد، ولا خطورة البعث والحساب وعذاب النار، وهم قد أباحوا الزنا والفاحشة واللواط، فلم يبق شيء يستحق حتى التنبيه أو اللوم، كل المحرمات أبيحت.
وهم لا يعترضون على مبدأ الضرب فقط ، وإنما يعترضون على الإسلام كله بنهجه وتشريعه.
والتفريق هنا في المضاجع، وفي مراعاة الاحتياجات المختلفة المتجاوبة مع طبيعة كل من البنين والبنات، ولا تجوز التفرقة في المعاملة والحب والحنان، حتى لا يشعر أحد أنه نال اهتماماً أقل في النظرة أو القبلة أو الحنان أو العطاء، كما تبين لنا ذلك أحاديث شريفة.
ويكون الطفل مع السنة الخامسة والسادسة قد بدأ يتعلم الكتابة، وتتحسن كتابته وقراءته في السابعة من عمره، مما يُهيّئ الطفل إلى مرحلة جديدة بعد السابعة، ينمو معه فيها غذاؤه من أدب الطفل الإسلامي، قرآناً وسنّة ولغة عربية، وشعراً، وقصة، وغير ذلك، وبذلك ينمو قاموسه اللغوي حتى يبلغ بحدود (3000) كلمة".

مرحلة ما بين السابعة إلى العاشرة:
يقول الدكتور النحوي: " في هذه المرحلة يجب أن يتأكد الوالدان من التزام ابنهما للصلاة، ومن حسن تعلمه لها وتطبيق أحكامها، ويمكن أن يُلجأ إلى الضرب عند الحاجة. وفي هذه المرحلة تنمو قدرة الطفل على الكتابة والقراءة، وتنمو قدرته على التفكير والتصور الذهني والخيال، وينمو تصوره الإيماني ووعيه لأسس قواعد الإيمان والتوحيد، وإدراك معنى طاعة الله ورسوله. وفي هذه المرحلة يكون قد أصبح طالباً في المدرسة يتلقى فيها مختلف العلوم الأولية، فيصبح البيت مرتبطاً بالمدرسة كمركزين من مراكز التربية والبناء وإعداد الطفل ليتحمل مسؤولياته في الحياة، وكذلك أصبح يرتاد المسجد ويقيم الصلاة، ويرى المؤمنين صفوفاً متراصة منتظمة، في أوقات محدّدة، فيتعلم احترام الوقت وتنظيمه، ويتعلم ارتباطه مع أمّته من خلال هذه المراكز الثلاثة المترابطة: البيت، والمسجد، والمدرسة. ويتلقى الآن نصوصاً أعلى وأغنى من أدب الأطفال الإسلامي وأولها من منهاج الله، ثم من الشعر والقصة، وربما يدخل المسرح في هذه المرحلة جزءاً من نشاط المدرسة يتدرّب فيها الطفل على الإلقاء والحوار ومقابلة الجمهور، وبناء العلاقات الاجتماعية من خلال نصوص مختارة من أدب الأطفال الإسلامي. يتعلّم هنا معاني الألوهية والربوبية وعبوديّة الإنسان لربه من خلال الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، ومن الأناشيد والقصائد، ومن القصص أيضاً".

ويضيف "ويستمر (مجلس العائلة) وينمو مع نمو الطفل، ويزداد عطاؤه وبركته، وتُحبّب إليه القراءة والمطالعة باختيار أنسب الكتب، حتى يحب الطفل في هذه المرحلة قصص المغامرات التي توسّع من خياله وتُنَمّيه، كما يُحِب المسلسلات والألغاز، وسير الأبطال من تاريخ أمة الإسلام، تقدّم له قصصاً غنيّاً وأدباً نديّاً. ويجب أن نلاحظ ونؤكد أن للإسلام نظريته الفريدة في التربية والبناء، وله نهجه الفريد الذي يمتدّ نهجاً واحداً متكاملاً بين البيت والمسجد والمدرسة، حتى لا يجد الطفل المسلم أيّ تناقض بين ما يتلقّاه هنا وهناك، بل يجد التناسق والترابط، ويظلّ الأدب يؤدي دوره غنيّاً نديّاً، ممتعاً ومفيداً.
ومع هذه الحياة الجديدة بين هذه المراكز الثلاثة، يتعلم الطفل نصوصاً من الكتاب والسنة، ومن مصادر أدبية أخرى، تُغذّي فيه عزّة الإيمان وروابطه القويّة المتينة، التي تربط المسلمين أمّة واحدة في الأرض، نقيّة من العصبيات الجاهلية التي حرّمها الإسلام: "... إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ..." (الحجرات: من الآية10)".

مرحلة السنة العاشرة إلى السنة الخامسة عشرة:
ويتابع الدكتور النحوي مع الأطفال عند بلوغهم، قائلاً: " يبيّن لنا الإسلام هذه المرحلة وتميّزها من غيرها بقوله سبحانه وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ... الآية" (النور: من الآية58)".
ويقول: "هذه مرحلة غيّة ثريّة يتزايد فيها العطاء ويتسارع، حيث تنمو لدى الطفل قدرته ووسعه الصادق الذي وهبه الله إياه، والذي سيحاسبه عليه، وتنمو كذلك قدرته على التفكير والخيال مع نمو زاده كلّه.
إن نمو الطفل في هذه المرحلة آخذ بالاتجاه إلى الرجولة وتحمّل المسؤولية والأمانة التي خُلِق للوفاء بها، ولا بد أن يكون توضيح هذه المهمة التي خُلق للوفاء بها جزءاً رئيساً من منهج هذه المرحلة.

وقد بيّن الله لنا غاية الحياة الدنيا والمهمة الملقاة على الإنسان فيها ليحاسَب عليها يوم القيامة، بيّنها لنا سبحانه وتعالى بأربعة مصطلحات نصفها من جوانبها الأربعة مع ظلالها، ثم فصَّلها تفصيلاً بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة، وهذه المصطلحات الأربعة هي: العبادة، والأمانة، والخلافة، والعمارة.
ويتضح من ارتباط هذه الكلمات بعضها ببعض وضوح مهمة الإنسان في الحياة الدنيا وامتداد معنى العبادة في الإسلام، ليشمل كل عمل المسلم إذا أخلص فيه نيّته الواعية لله رب العالمين، واتبع في عمله شرع الله وخضع له. وجعل الله برحمته الوفاء بهذه المهمة التي خُلق الإنسان لها عهداً وميثاقاً مع الله سبحانه وتعالى، وجعل الوفاء بهذه الأمانة يتمّ من خلال ابتلاء وتمحيص لكل إنسان، ولكل أمة، وكان هذا المعنى من أكثر المعاني التي يؤكّدها القرآن الكريم".
ويضيف بالقول: " ومن أهم قواعد الإيمان والتوحيد التي يجب أن يتعلّمها الطفل في هذه المرحلة خاصة قضية النية وإخلاصها لله، ليعي الطفل حقيقة معنى النية وخطورتها، فتشرح له من خلال الآيات والأحاديث، ليدرك أن النية ليست تمتمة شفاه، ولكنّها تحديد لهدف رباني، وتحديد لدرب يوصف إلى الهدف، ليتحقق معنى في سبيل الله، وإعداد الوسائل والأساليب الربانية. وآيات أخرى كثيرة، ثم يأتي حديث رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "إنما الأعمال بالنيّات..." موضحاً ومؤكداً معنى النيّة ودورها في ميدان الممارسة والتطبيق، فالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة نصوص أدبيّة رائعة غنية، تمد الطفل المسلم في هذه المرحلة باللغة والأدب والإيمان والعلم، وتمتدّ به النيّة إلى آفاق الكون وإلى ميادين السعي والعمل. ويوضّح للطفل أن هذه النية الواعية شرط لقبول العمل عند الله، وأنها بالصدق تكون إشراقة في النفس وجمالاً في العطاء، وأساساً للجمال الفني في النص الأدبي ومنطلقاً له، وأنّ النيّة ضرورية في كل عمل المسلم في كل ميادين السعي في الحياة، حتى يكون عمل المؤمن عبادة لله إذا استكمل الخضوع لشرعه. وتجتمع وسائل الإعداد والتدريب من خلال جميع الوسائل والنصوص على إعداد الطفل على تحمّل المسؤولية شيئاً فشيئاً، وعلى العمل المنهجي والتخطيط، والإدارة والنظام، وحسن تنظيم الوقت والاستفادة منه، ليرتبط عمله كلّه بالنيّة الصادقة الواعية لله، وليكون عمله كلّه عبادة وطاعة له".
المنهاج الفردي:
عن المنهج الفردي في تربية العقيدة الإسلامية لدى الأطفال، يقول الدكتور النحوي: " من أهم ما نوصي به في هذه المرحلة، بالإضافة إلى "مجلس العائلة" الذي سبق ذكره، "المنهاج الفردي" بمرونته وشموله وتكامله، المنهاج الفردي لكل مسلم ليتعلّم من خلاله الاعتماد على نفسه، واحترام مسؤولياته، والتدرّب على النهج والتخطيط والإدارة، وتنظيم الوقت وإدارته، وتغذية الإيمان والتوحيد، مصاحبة منهاج الله مصاحبة منهجيّة مصاحبة عمر وحياة، والتقويم وكثير غير ذلك، ويكون الأدب الإسلامي من أهم بنوده، ليساهم الأدب الملتزم بالإسلام في بناء العقيدة الصحيحة".

الواقع:
ويختتم محاضرته القيّمة بالقول: "ينمّى في هذه المرحلة في الطفل وَعْي الواقع حوله بصورة أكبر مما كان في المراحل السابقة، ليُصبح في هذه المرحلة موضوعاً رئيساً منهجياً يلقى العناية من البيت والمسجد والمدرسة، لأهميته في بناء العقيدة الصحيحة في قلب المسلم، وهذا الموضوع يعني دراسة الواقع من خلال منهاج الله والتدرّب على ردّ جميع الأمور إليه. ومنهاج الله، وكذلك النصوص الأدبية من أبواب الأدب المختلفة، عوامل أساسيّة في دراسة الواقع، ويمثّل "الواقع" ودراسته الركن الرئيس الثاني في النظرية العامة للتربية الإسلامية، حين يكون الركن الأول هو منهاج الله، وينهض الركنان الرئيسان على القاعدة الصلبة، الإيمان والتوحيد، الحقيقة الكبرى في الكون والحياة".

ويضيف "من خلال هذه النظرية ونظرية المنهاج الفردي ونظرية منهج "لقاء المؤمنين"، ليكون الطفل المسلم قد أُعدَّ لتحمُّل المسؤولية والوفاء بالمهمة التي خلقه الله لها، والتكاليف الربانية التي أُمِر بها، واستقرّت في نفسه معاني الإيمان والتوحيد، والخلق الإسلامي، ونهج التفكير الإيماني، ووعي الواقع وردّه إلى منهاج الله في حدود وسعه الصادق، ويكون قد نما زاده من الكتاب والسنّة واللغة العربية.
وأدب الأطفال الإسلامي يجب أن يساهم في بناء هذه المبادئ والقواعد والمناهج في قلب الطفل المسلم حتى تستقرّ العقيدة الصحيحة في حياته دون خلل أو اضطراب أو شرك".

__________________
(*) من محاضرة للدكتور عدنان علي رضا محمد النحوي بعنوان: (أثر أدب الأطفال الإسلامي في تربيتهم العقدية الصحيحة).


(مجدد)



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19-11-2020, 04:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أمور هامة قبل التربية

ضرب الأبناء والسلوك المعوج

يحيى البوليني





حين تنتكس الفطرة وتنقلب على أعقابها , وعندما يصبح الأبوان - مصدر الأمان والاطمئنان - مصدرا للخوف والرعب والتدمير لأبنائهم , وحينما نرى آباء وأمهات يُقدِمون على الإيذاء المتعمد الجارح ماديا ومعنويا لأبنائهم, وحين يزداد الطين بلة وتصل الطامة الكبرى إلى أن نسمع عن جرائم قتل حقيقي متعمد للأبناء على أيد ملوثة خاطئة من آبائهم - مهما كان مبررهم إن كان لهم مبرر من الأساس - حينها ندرك يقينا أننا نسير بخطى مسرعة إلى الهاوية وندرك أن العالم العربي والإسلامي يحتاج إلى جهد خارق لا يكل ولا يمل من المربين والعلماء ليتداركوا ما تبقي للأمة من أخلاقها وقيمها ومبادئها .
إننا لا نتعجب من هذه اللفتة الهامة الحكيمة في كتاب الله الكريم حين أوصى ربنا سبحانه كل إنسان بالقيام بحق أبيه وأمه وحسن رعايتهما بينما لم يوص أحدا من الناس قط بحسن رعاية أبنائه , فتنطق الآيات الكريمات بوصية الله لعباده بحسن معاملة الأب والأم وحفظ حقوقهما والاحسان إليهما خاصة عند الكِبر في ثلاثة مواضع فقال سبحانه " وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ... العنكبوت " وقال " وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ .... لقمان " وقال " وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ... الأحقاف " , لكنه في الوقت نفسه لم يوصه على أبنائه بنفس الوصية في أي موضع في القرآن الكريم فلم ترد فيه آية واحدة بنفس اللفظ , والآية الوحيدة التي أوصت الآباء على أبنائهم كانت في الحقوق المادية قبيل مفارقة الحياة بالعدل بين أبنائهم في قسمة ما تركوه من أموال وذلك باتباع منهج الله فيها وعدم مخالفة أحكام الشرع في أحكام المواريث بدافع الحب او البغض للأبناء , فقال سبحانه " يوصيكمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .. النساء " ولم ترد وصية أبدا في حب ورعاية الأبناء , وذلك لأن الانسان لا يحتاج في معاملة أبنائه إلى وصية فهي فطرة فطر الله عليها الناس بل كل المخلوقات ولا تحتاج إلى مُذكر يذكر ويوصى بها
إن عددا غير قليل من أبناء الأمة يعانون من استخدام آبائهم أسلوب الضرب الشديد والمبرح والجارح والمهدر للكرامة كوسيلة عقابية أو تأديبية لا تخضع لقانون ولا تنظيم ولا هدف ولا يوجد لها حد اقصى تنتهي عنده , ومنهم من يستخدم يده وقوته ومنهم من يستخدم وسائل لا يستعملها إلا المجرمون في تعذيب ضحاياهم .
فيروي بعض الأبناء أحداثا ووقائع تدل على غياب البعد التربوي في عملية الضرب وتدل على أن هناك شعورا خفيا بالانتقام منهم لا مجرد تقويمهم كما يزعمون فيقول أحد الضحايا شاكيا " أنا شاب في العقد الثالث من العمر ومتزوج ، وزواجي ناجح والحمد لله . مشكلتي أن لي أباً متسلطاً مصراً على تحجيمي كلما كبرت أو صار لي شأن في الحياة. منذ صغري وهو يقسو علي ويطالني كل يوم بالتقريع وبالضرب في بعض الأحيان لسبب ودون سبب , وكثيراً ما كان يضرب أمنا أمامنا لأتفه الأسباب "
ومثل هذا كثير في مجتمعاتنا التي تزداد فيها نسبة ضرب الأبناء كسلوك متبع ووحيد لتقويمهم أو لمعاقبتهم او الانتقام منهم على الرغم من تحذير المربين من استخدامه كوسيلة وحيدة أوالافراط فيه عند استخدامه .
ويعتبرهذا السلوك شائعا في كل المجتمعات تقريبا , ويظهر ذلك جليا في الاستطلاعات الكثيرة التي تقوم بها الجامعات المختلفة في جميع ارجاء العالم , ففي دراسة لجامعة تولين الأمريكية استمرت لمدة عام مجموعة كبيرة من الأطفال شملت أكثر من 2500 طفل ، وجد خلالها الباحثون أن الذين يُعاقبون بالضرب في سن الثالثة تزداد لديهم الميول العدوانية في الخامسة ، أما الذين يتعرضون للتعنيف الجسدي اعتباراً من السنة الأولى من عمرهم فقد يواجهون خطر التخلف الدراسي وأن الصغار الذين تعرضوا للضرب كانوا يتصرفون بعنف ويمكن استفزازهم بسهولة، كما كانوا يصرون على تلبية طلباتهم بسرعة، ولوحظت عليهم تصرفات حادة حيال الآخرين ولوحظ أنه عند تكرار الضرب يرفع لدى الطفل منسوب القلق وأكد الدارسون أن أحد أهم أسباب ضرب الطفل هو زرع الخوف في نفسه ليكف عن القيام بأمر ما بدلا من محاولة إقناعه بالكف عنه بطريقة منطقية
إن الكثير من الأبناء الآن يصطرخون ويطلبون الإنقاذ من تلك المعتقلات التي دخلوها بلا جريمة محددة وبلا عقوبة واضحة وينتظرون ويتحينون الفرصة للخلاص من براثن مَن كان يفترض فيهم أنهم حصن الأمان وموئل الراحة والسعادة


وهناك أسباب كثيرة ومتعددة تدفع الآباء لانتهاج سلوك ضرب الأبناء كخيار وحيد ودائم ومتواصل لعملية تقويم وتربية أبنائهم منها :
- البعد عن المنهج النبوي في التربية
كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم بعيدا كل البعد عن الضرب بل نهى عنه صحابته ففي صحيح مسلم عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً: ( اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك عليه)، فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت : يا رسول الله هو حرٌ لوجه الله. فقال: ( أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار) , وفي البخاري عن أبي أمامة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أقبل من خيبر ومعه غلامان فوهب أحدهما لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال: " لا تضربه؛ فإنّي نهيت عن ضرب أهل الصلاة، وإنّي رأيته يصلي منذ أقبلنا "
. ويقول أنس عن حسن معاملته صلى الله عليه وسلم معه وقد كان خادما - فكيف بمعاملته مع فلذات كبده - ففي صحيح سنن الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أحسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت: والله! لا أذهب وفي نفسي، أن أذهب لما أمرني به. قال: فخرجت حتى مر على صبيان وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قابض بقفاي من ورائي فنظرت إليه وهو يضحك فقال: يا أنيس اذهب حيث أمرتك. قلت: نعم! أنا أذهب يا رسول الله. "

- تعرض الآباء للضرب من آبائهم وهم صغار
فعند تعرضهم للضرب المتواصل من آبائهم واعتيادهم على تلك الوسيلة وحدها في التقويم , قد لا يجدون خيارا مع أبنائهم سوى الاستمرار على نفس النهج الذي كان مرفوضا منهم قبل ذلك وهم أطفال وربما يقتنعون أن تلك الوسيلة - حتى وإن بدا فيها بعض الشدة - إلا أنها أنجع الوسائل في التربية ويعتقدون أن وجودهم الحالي وما وصلوا إليه من مراكز علمية أو ثقافية أو مالية هو أكبر دليل على صحة وفاعلية تلك الوسيلة

- عدوانية الآباء الموروثة
معظم الذين يتعاملون مع أبنائهم بتلك الوسيلة وحدها يعانون من عدوانية شديدة وحِدة في طباعهم , حتى وإن تظاهروا بعكس ذلك وأظهروا الوداعة واللين في أخلاقهم , ولذا فهم يحرصون دوما على اظهار جانب مشرق من شخصياتهم للناس ويكون دوما الجانب الأسوأ والأكثر إظلاما منهم من نصيب أبنائهم وزوجاتهم وذويهم وهم الأولى دوما بالرعاية والعطف وحسن المعاملة
وهذه العدوانية تظهر في المظهر الانتقامي الذي يتعامل به الآباء مع أبنائهم حين يضربونهم حيث لا يبينون لهم سبب الضرب ولا يعلمونهم بالخطأ الذي ارتكبوه كي يتجنبوه بعدها , وأيضا تظهر في القسوة الشديدة التي تصل إلى إحداث الجروح وإهدار الكرامة على مرأي ومسمع من الجميع بلامبالاة بالتأثير النفسي السلبي لهذا السلوك على نفسية أبنائهم

- ضعف الثقافة التربوية وإهمال نصائح المربين
قد يولد الإنسان ويُعامل بهذه المعاملة السيئة من والديه أو أحدهما ويكرر نفس الفعل بداعي التقليد لسلوك والديه عند تربيته , ولكنه قد لا يعتبر أن التربية علم من العلوم له رجاله ومختصوه , وأن ما ينصحون به هو نتاج سنين من الخبرة والدراسة للسلوك البشري , ومنهم من يسمع نصائح المربين أويقرأ كلماتهم ويجد منهم تحذيرا شديدا من مغبة التجاوز في استعمال هذه الوسيلة على نفسية أبنائهم ولكنه قد لا ينتصح ولا يجعل لتلك النصائح قيمة تُذكر حين يحدث خطأ ولو كان صغيرا من أولاده

- ضغوط الحياة وتنفيس الكبت
للناس في تحملهم ضغوط الحياة مراتب وأيضا في تنفيسهم لتلك الضغوط وسائل متنوعة , وأسوأ الناس من يجعل أهل بيته كزوجته وأبنائه الصغار متنفسا لما يتحمله من ضغوط الحياة , فتراه إن كثرت عليه الضغوط والمشكلات وضاقت عليه الحياة بما فيها ولم يستطع أن يخرج ما في جوفه أمام من سبب له تلك الضغوط تراه يخرجها أمام الجانب الأضعف وهي الزوجة والأطفال , تراه كثير الشجار مع الزوجة وكثير الانفعال على الأبناء وإذا قرر أن يعاقب أحدهم تراه يعاقبهم بكل قسوة وشدة بما لا يتناسب أبدا مع حجم الخطأ أو عقلية الطفل أو نفسية المرأة

- سيطرة الغضب على الانسان
الغضب سمة بشرية لا ينفك الإنسان عنها ولكن الاسلام وجهنا لتوجيه الغضب لا لمنعه بالكلية ووأمرنا بملك النفس وإلجامها عند الغضب , فالشديد هو من يملك نفسه عند الغضب , وكظم الغيظ عند القدرة على إنفاذه - وخاصة مع الضعيف مثل الزوجة والأبناء - من أعظم القربات وأفضل الوسايل لنيل الغايات كما روى أبو داود بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه ، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق ، حتى يخيره من أي الحور شاء "

ولهذا يعتبر الضرب بشروطه وآدابه الشرعية آخر الدواء بشرط سلوك باقي الوسائل وعدم التفريط فيها , وينبغي أن لا يكون من الكثرة بحيث أنه لن يؤثر بعد ذلك في الأبناء وسيفقد الآباء نهائيا السيطرة على أبنائهم فما عساهم أن يفعلوا معهم بعد ذلك إن تمادَوا في أخطائهم ؟!!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 19-11-2020, 04:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أمور هامة قبل التربية

طرق غير مباشرة لتربية الأبناء


إدريس أبو الحسن







في مجال تربية الأبناء تتعدد الطرق والوسائل وتتنوع حسب معطيات عديدة تتعلق بنفسية الأبناء تبعا لمراحلهم العمرية وأمور أخرى ، لكن يبقى للتربية في عمومها ثوابت راسخة لاتتغير في جوهرها وأهدافها ويبقى المقصد الأساس من ذلك هو تربية الأبناء على الاستقامة لتتحقق بهم الغاية من خلق الله لعباده وهي تحقيق العبودية لله بكل معانيها .



فمهما تغيرت الطرق والوسائل في التربية فإن هذا الهدف ثابت لا يتغير ، وإذا كان من طرق التربية التي تحقق ذلك الهدف: التعليم والتوجيه – والنصح – والوعظ- والتشجيع والتحفيز - والتأديب – والزجر – والحث والتحذير وغير ذلك ، وهي كلها طرق مباشرة لتربية الأبناء ، فإن هناك طرق أخرى غير مباشرة لا يتوجه فيها الخطاب والفعل للأبناء مباشرة وإنما يظهر أثرها عليهم بشكل أو بآخر .





وهذه الطرق هي غاية في النفع والجدوى وأكثر تأثيرا وأكبر في تحقيق الأهداف المرجوة من التربية والتوجيه . إنها طرق هادئة صامتة ! وشرعية يتحقق بها الاقتداء بخير الخلق من الأنبياء والمرسلين والصالحين، وقرآنية جاء بها القرآن بنصوص واضحة صريحة ، لا يستغني عنها من شغل باله صلاح أبنائه وتنشئتهم النشأة الصالحة.





ومن آكاد تلك الطرق الصامتة لصلاح الأبناء :





أولا: الدعاء بالذرية الصالحة : فإن الدعاء من أيسر الوسائل وأسهلها لا يعجز قويا ولا ضعيفا ، إنما هو استمطار رحمة الله وفضله بكلمات يسيرة معدودة باللسان يخضع بها القلب لله ، ويظهر عجزه وحاجته وفقره لمولاه لذلك قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ( أعجز الناس من عجز عن الدعاء ) رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع.





وهذه الوسيلة من الوسائل القرآنية التي لم يستغن عنها أعلم الناس بالله وبفنون التربية وعلومها وأكثر الناس حكمة وعلما وفهما وأحرص الناس عل هداية الناس ، هؤلاء الذين أمرنا الله بالاقتداء بهم في كتابه فقال أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) :إنهم الأنبياء ، وفي الاقتداء بالأنبياء في دعائهم خير سبيل لصلاح الأبناء، فقد كانوا يقرنون بين سؤال الله الذرية مع صلاحها ، فلا يسألون الذرية مجردة عن الوصف بل يسألون الله الذرية الصالحة ليكتمل العطاء وتقر بهم العين !





قال تعال عن إبراهيم :" رب هب لي من الصالحين " قال ابن كثير رحمه الله : (أولادا مطيعين عوضا عن قومه وعشيرته الذين فارقهم) . وقال عن زكريا : (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ) وقال أيضا : ( فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا ) قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى (واجعله رب رضيا ) أي مرضيا عندك وعند خلقك ، تحبه وتحببه إلى خلقك في دينه وخلقه )





و قد جعل الله الدعاء بصلاح الذرية من صفات المؤمنين فقال: ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) قال ابن عباس -رضي الله عنهما": (يعنون: من يعمل بطاعة الله فتقرّ به أعينهم في الدنيا والآخرة". فجنس الذرية لا يدل على خير أو شر فقد يكونون خيرا على آبائهم وقد يكونون شرا بسوء أفعالهم وجحودهم ولذلك قص الله علينا في سورة الكهف قصة الابن العاق الذي قتله الخضر فقال: (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما) وفي تفسير ابن كثير قال قتادة : (قد فرح به أبواه حين ولد ، وحزنا عليه حين قتل ، ولو بقي كان فيه هلاكهما ، فليرض امرؤ بقضاء الله ، فإن قضاء الله للمؤمن فيما يكره خير له من قضائه فيما يحب ) ! فمثل هؤلاء الأبناء ليسوا من الذرية التي تقر بها العين بل مما يكون عذابا ونكالا على الوالدين ، لذلك شرع الدعاء بصلاح الذرية قبل مولدها .





ثانيا - الدعاء للذرية عند الحمل والولادة : وتستمر هذه الوسيلة في عطائها ما استمر المربي الداعي بالدعاء لذريته عند الحمل والولادة وفي كل مرحلة من مراحل عمره وحياته، ومن أكثر من الدعاء لأبنائه كثر الله له فيهم الصلاح والخير والبركة ، ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها ، أو صرف عنه من السوء مثلها ، ما لم يدعُ بإثم أو قطيعة رحم ، فقال رجل من القوم : إذا نكثر؟ ، قال : الله أكثر) . رواه الترمذي وحسنه ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع . ففي أدب الجماع مثلا سنة نبوية لها أثر كبير في صلاح الأبناء : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا. فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرُّهُ شَيْطَانٌ أَبَدً) (متفق عليه).فهذا واحد من الأدعية الثابتة التي تحصن الذرية من أذى الشياطين وفي تحصنهم من ذلك خير معين لهم على الهداية والاستقامة والفلاح .





وفي كتاب الله امرأة صالحة دعت لحملها بالخير والبركة والاستعاذة من الشيطان الرجيم فأنجبتها مباركة طيبة صديقة قانتة عابدة من خيرة نساء الدنيا وأصلحهن وأكملهم خلقا وعقلا وهي مريم بنت عمران عليها وعلى عيسى السلام قال تعالى فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) قال البغوي رحمه الله: (وإني أعيذها ) أمنعها وأجيرها ( بك وذريتها ) أولادها ( من الشيطان الرجيم ) فالشيطان الطريد اللعين ، والرجيم المرمي بالشهب .) وفي الصحيحين أن أسماء -رضي الله عنها- أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- بمولود لها، تقول: "ثُمَّ حَنَّكَهُ بِالتَّمْرَةِ ثُمَّ دَعَا لَهُ وَبَرَّكَ عَلَيْهِ" (متفق عليه) .





ثالثا- تعويذ الأبناء من أذى الشياطين والعين : ولما كان أذى الشياطين وتسلطهم على بني آدم لا يستثني الصغير ولا الكبير ، فقد شرع تعويذ الأبناء من همزاتهم ومن أذى العين والأنفس الخبيثة فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ) رواه البخاري ،فهذه سنة نبينا والأنبياء قبله وهم المربون والقدوة ! وفيها حفظ للأبناء في نفوسهم وعقولهم وعافيتهم وكل نعمة أصبغها الله عليهم ليكتمل بها بناؤهم ونشاتهم على الوجه الأفضل ، وكل شر قد يمكن دفعه ومدافعته إلا شر هذه المخلوقات الشريرة فما من شيء يدفعه سوى الاستعاذة بالله من ذلك وفي هذا جاء نص صريح قال تعالى وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون) قال ابن كثير وقوله : "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين ": أمره أن يستعيذ من الشياطين ، لأنهم لا تنفع معهم الحيل ، ولا ينقادون بالمعروف).





رابعا- تعاهد الدعاء للأبناء بصلاح الدين والدنيا وليس الدعاء بالصلاح قاصرا على صلاح آخرتهم بل تعيين الدعاء بصلاحهم العام في الدنيا والآخرة وصلاح أمورهم في الكسب والعلم والعافية والخير كله فإن ذلك من الفقه الذي هدى الله إليه أنبياءه والصالحين من عباده كما كان إبراهيم عليه السلام في دعائه لأبنائه بل وذريته من نسله حين دعا بدعوات مباركة كثيرة منها: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ) ودعاؤه أيضا: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُون) فملآ الله المكان خيرا وبركة وأفاض فيه أعذب ماء وأطيبه وأبركه- بئر زمزم- لا يزال خيره يفيض على من حوله إلى اليوم .





وهذا البخاري رحمه الله – كما ذكر اللالكائي في (شرح السنة ): (كان قد ذهبت عيناه في صغره , فرأت والدته الخليل إبراهيم عليه السلام في المنام فقال لها : يا هذه رد الله على ابنك بصره بكثرة دعائك , قال : فأصبح وقد رد الله عليه بصره.) فدعاء والدة البخاري رحمهما الله كان له أثر كبير في رفع العجز وهو العمى عنه فارتد بصيرا ، فكان لذلك أثر في التكوين العملي للبخاري وقدرته عل طلب العلم والسفر وجمع الحديث فهي دعوة عمت بخيرها أمة الإسلام بأكملها حين استطاع هذا الرجل جمع أصح الكتب الحديثية حفظ بها السنة من الزيد والنقص فانظر كيف هو أثر الدعوة الصالحة للأبناء وأين يصل مداه.





خامسا -النهي عن الدعاء عل الأولاد : ولا يستقيم أن يبذل المسلم قصارى جهده في الدعاء لذريته وأبنائه بالخير والصلاح ثم في لحظة غضب واضطراب ينسف ما بناه بالدعاء عليهم بما لو استجيب له في ذلك لكانوا من الهالكين ! ولقد وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عدم عن الدعاء عل النفس والولد فقال: (لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ) رواه مسلم وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك -رحمه الله- يشكو إليه عقوق ولده، فسأله ابن المبارك: "أدعوت عليه؟"، قال: "نعم"، قال: "اذهب فقد أفسدته".





سادسا - أكل الحلال : ومن وسائل التربية غير المباشرة أكل الحلال وإطعام الأبناء منه، وليس الأمر مقتصرا على المطعم والمشرب وإنما في كل نواحي الحياة ،فإنما البركة فيه والخير، فعنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ) صححه الألباني في "صحيح الترمذي" قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (21/541): "الطَّعَامَ يُخَالِطُ الْبَدَنَ وَيُمَازِجُهُ وَيَنْبُتُ مِنْهُ فَيَصِيرُ مَادَّةً وَعُنْصُرًا لَهُ ، فَإِذَا كَانَ خَبِيثًا صَارَ الْبَدَنُ خَبِيثًا فَيَسْتَوْجِبُ النَّارَ ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (كُلُّ جِسْمٍ نَبَتَ مَنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ) . وَالْجَنَّةُ طَيِّبَةٌ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا طَيِّبٌ" انتهى . فهذا الوعيد متعلق بمن كسب الحرام وأنفقه لكن مع ذلك ، فإنفاقه على الأبناء فيه مفسدة لنفوسهم وعقولهم ونشأتهم فإنه بمثابة السم لذواتهم ، وأرواحهم ،





وهذا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما أُتي بتمر الصدقة فأخذ سبطه الحسن بن علي -رضي الله عنهما- تمرة منها وجعلها في فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كخ كخ ليطرحها ثم قال: أما شعرت أنّا لا نأكل الصدقة"رواة البخاري ، فالإنفاق على الأبناء من الحلال من وسائل الحفاظ على فطرتهم سليمة نقية من الأمراض الحسية والمعنوية وتأمل في فقه إسماعيل والد البخاري رحمه الله وهو على فراش الموت يقول: "والله لا أعلم أني أدخلت على أهل بيتي يومًا درهمًا حرامًا أو درهمًا فيه شبه" فكانت ثمرة ذلك أن رزقه الله من ذلك ولدا صالحا عالما محدثا هو الإمام محمد بن إسماعيل رحمه الله جدد الله به سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وأبقاها به محفوظة في أمة الإسلام فتأمل في بركة صنيعه وآثارها .





سابعا : القدوة وهذه الوسلة هي أم الوسائل وأكثرها أثرا في تربية الأبناء لا سيما وقد أثبتت الدراسات النفسية والتربوية أن الأبناء يعتبرون آباءهم القدوة المطلقة ومصدر المعارف والمواقف والأخلاق والآداب وكل ما يتصل بأمور الحياة ، إن هذا السلوك هو بمثابة غريزة سببها رابطة الأبوة والأمومة! ولذلك جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ) رواه البخاري. ومهما بذل الآباء من جهد في توصية الأبناء وتوجيههم فما لم يكن كلامهم مقرونا بفعال تدل على صدقهم فقلما يكون مقنعا بالنسبة للأبناء ، فالسلوك السوي للأب أكبر وأبلغ في التعبير من التوجيه إلى السلوك السوي ! لاحظ كيف يزاحمك طفلك على سجادة الصلاة وأنت تصلي في بيتك ويركع ويسجد ويتشهد دون كلمة واحدة من توجيهاتك !! إنه يفعل ما تفعله ! ولعل هذا مما أشار إليه الحديث في قول الرسول صلى الله عليه وسلم( اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا) رواه البخاري ومسلم!!





ولاحظ كيف يعجز أب مدخن عن إقناع ابنه بترك التدخين !! لتعلم قيمة التربية بالقدوة ! قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) .والتربية بالقدوة تجدي مع الكبار فضلا عن الصغار الذين لا يتطلعون للقيادة ! فهؤلاء صحابة رسول الله في صلح الحذيبية لم يحلقوا رؤسهم بمجرد التوجيه فلما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم فعلوه . فعَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ فِي قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ ، قَالَ : فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ : " قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا " . فَوَاللَّهِ مَا قَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ ؟ فَاخْرُجْ ثُمَّ لا تُكَلِّمُ أَحَدًا مِنْهُمْ بِكَلِمَةٍ حَتَّى تَنْحَرُ بُدْنَكَ وَتَدْعُو حَالِقَكَ فَيَحْلِقُكَ . فَخَرَجَ وَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ، نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا ). رواه البخاري





ثامنا : صلاح الآباء فإن لصلاح المؤمن بركة على حياته تمتد لذريته من بعده ، وتبقى فيهم دليلا على فضل الاستقامة وكرامة أهل الإيمان عند الله ، فلا تكاد تجد عبدا صالحا إلا وترى في ذريته لمسات الخير والهداية ونفحات الولاية والإيمان والصلاح ، وقد قص الله علينا قصة الغلامين اليتيمين في سورة الكهف وكيف حفظهما الله وحفظ لهما كنزهما بصلاح والدهما قال تعالى : (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) قال ابن كثير: وقوله : (وكان أبوهما صالحا فيه دليل على أن الرجل الصالح يحفظ في ذريته ، وتشملهم بركة عبادته في الدنيا والآخرة ، بشفاعته فيهم ورفع درجتهم إلى أعلى درجة في الجنة لتقر عينه بهم ، كما جاء في القرآن ووردت السنة به ). وقال أيضا : (. (وذكر أنهما حفظا بصلاح أبيهما ، ولم يذكر منهما صلاح ، وكان بينهما وبين الأب الذي حفظا به سبعة آباء ، وكان نساجا ) . فتأمل في قوله (حفظا بصلاح أبيهما ولم يذكر منهما صلاح) لتعلم كيف يحفظ صلاحك أبناءك في حياتك ومن بعدك ، فهذه الوسيلة أصمت الوسائل وأبقاها ، وأرفعها وأعلاها قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور:21]. قال ابن كثير رحمه الله يخبر تعالى عن فضله وكرمه وامتنانه ولطفه بخلقه وإحسانه، أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذلك.)





تاسعا - التربية بالإيحاء التربية الإيحائية هي في حقيقتها من الوسائل التربوية المباشرة لكن المباشرة فيها تقع بالإنابة فينوب الإيحاء بوسيلته عن المربي في تبليغ الرسالة التربوية ، قد تكون الوسيلة الإيحائية قصة ،وقد تكون كتابا ، وقد تكون شريطا وقد تكون لوحة معلقة ،وقد تكون سلوكا في قالب تحريضي غير مباشر في – إطار التربية بالقدوة – يوحي للغير بفعل مثله ، والسير على منواله دون توجيه مباشر ! التربية الإيحائية توجيه صامت بوسيلة صامتة ، تحث على سلوك محدد ، فحين يختار الآباء مثلا برامج حاسوبية لأبنائهم فهم بطريقة أو بأخرى يدخلون مربين جدد إلى بيوتهم ، يوحون للأطفال بتوجيهات تتضمنها مواد تلك البرامج بحسب ما فيها ! إنهم يوحون إليهم بأفعال وأخلاق وسلوك ! هنا تقع مسؤولية الاختيار على الآباء ، ففي مستطاعهم انتقاء ما يصلح فيكون معينا لهم على صلاح الأبناء واستقامتهم ونجاحهم في الحياة ! وقس على ذلك المكتبة الورقية ، وكل ما يساهم في تشكيل عقلية الأبناء وتأطير سلوكهم بالإيحاء.





(مجدد)

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19-11-2020, 04:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أمور هامة قبل التربية

الأبناء وانحرافات الجوالات المتطورة

الهيثم زعفان




تتلاحق التطورات التكنولوجية يومًا بعد يوم، فما يكاد يظهر جهاز تقني جديد إلا ويلاحقه جهاز أحدث منه، وبإمكانيات أعقد وأعمق، تعقيدات تتسع معها رقعة الفجوة بين جيل الآباء والأبناء في تدارك هذا التطور التقني بحكم اعتبارات عديدة أهمها كثرة احتكاك الأبناء بالمجتمع الخارجي من مدرسة وجامعة وملتقيات شبابية.


قريبًا كنا نتناول سلبيات أجهزة الحاسوب الثابتة والمتمثلة في توظيفها في إرتياد ومشاهدة المواقع والأفلام والمقاطع الانحلالية، أو التواصل المحرم مع الأجنبيات وكشف وترويج العورات، وكنا ننادي حينها بتثبيت جهاز الحاسوب في موقع مميز في المنزل يراه ويشاهده الجميع، وتفعيل برامج الحجب والتشغيل الآمن والتتبع التاريخي من أجل المتابعة والتوجيه التربوي المستمر، مع السعي دومًا إلى غرس القيم الدينية والأحكام الشرعية ومراقبة الله في وجدان الأبناء كي يتشكل في داخلهم ذلك الدرع العقدي والأخلاقي الواقي الذي يحميهم بإذن الله من الوقوع في سلبيات وانحرافات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات.

تطور الأمر وتيسر حصول الأبناء على أجهزة الحاسوب المحمولة من اللاب توب والآيباد فتعقد الأمر في المراقبة المنزلية والمتابعة الدقيقة، ليزداد الأمر تعقيداً بأجهزة الجوالات الحديثة ذات الإمكانيات التكنولوجيا الممتدة، وحمل الأبناء لها في كل مكان، وتوظيفها في تحقيق النزوات والعبث غير الأخلاقي الذي قد ينتج عنه فضائح أخلاقية تنتهك الأعراض وتنتشر كالنار في الهشيم بين أفراد المجتمع عبر برامج وتقنيات التواصل الاجتماعي كالواتس آب وتويتر والفيس بوك والبلوتوث.
وحتى ندرك أبعاد المشكلة فإننا بحاجة ابتداًء إلى إلقاء الضوء على أبرز سلبيات أجهزة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات المتقدمة والمحمولة في أيدي الأبناء وبخاصة المراهقين منهم والتي يمكن أن تأخذ الصورة التالية:
1- ارتياد المواقع الانحلالية، وسهولة تحميل وتبادل ومشاهدة مقاطع الفيديو والصور الانحلالية والتأثر بذلك في السلوكيات العامة، ومن ثم تزيين الوقوع في الموبقات والكبائر.

2- إقامة العلاقات العاطفية والانحلالية أحيانًا، وإجراء التواصل المحرم مع الأجنبيات والأجانب خلسة من الآباء، خاصة وأن الجهاز التقني المحمول صغير الحجم نسبيًا، ويصاحب الابن أو البنت المراهقين في كل مكان يمكنهما ارتياده.
3- الأزمة المركبة والمعقدة أن أجهزة تكنولوجيا الاتصالات الحديثة تزين للمغيب الواقع في براثن الخطيئة أو مقدماتها أن يقوم بالتوثيق بالصوت والصورة لزلات البنات وهفواتهن بل وزلات نفسه وهفواتها، فتقع المقاطع الموثقة للجريمةالانحلالية بعد ذلك في يد الغير فيحدث الابتزاز أحيانًا، والتشهير في معظم الأحيان، وتتعقد الفضيحة، وتنشب الخلافات العميقة داخل المجتمع؛ والبنت في الغالب هي الضحية.
4- في ظل كثرة الأجهزة التكنولوجية الحديثة وسهولة حملها من قبل المراهقين، يصير تصوير اللقاءات الخاصة والحفلات والأعراس بل وتصوير المواقف الحياتية الخاصة في الحياة المنزلية الطبيعية أمراً ميسوراً، وفي ظل حماقات بعض المراهقين والأطفال أحياناً، أو القرصنة أو السرقة أو اطلاع الغير على خصوصيات المنازل وحرماتها، قد يحدث ما لا تحمد عقباه وتتسرب الصور والفيديوهات الخاصة، وتحدث الأزمات المجتمعية والأخلاقية، وكثير منها يكون كارثي، وتحدث على أثره مشكلات أسرية كبرى.
5- في ظل تطور برامج وتقنيات التواصل الحديثة نجد أن الصور الخاصة تنتشر بطريقة سريعة، والمتربصين بالمحرمات والمحارم كثر والنتائج لا ترضي دائماً أصحاب الأخلاق الحميدة، وتصطدم مع قيم المجتمع وثوابته الشرعية والعقدية والأخلاقية.
6- حمل الأبناء وبخاصة الصغار منهم لأجهزة الاتصالات المعقدة يجعلهم أصدقاء دائمين للألعاب الغربية المجسمة، وهي مليئة بكثير من الانحرافات الأخلاقية والعقدية، وممتلئة كذلك بالعنف المركب، الأمر الذي قد ينعكس بدوره على أداء الأبناء مع أقرانهم في جدهم وهزلهم.
7- على أفضل تقدير وبعيداً عن الاستثمار الانحلالي لهذه الأجهزة التكنولوجية فإن المتتبع لأحوال الأبناء مع هذه الأجهزة يجد أنها أحدثت عندهم نوعا من الانعزال والانشغال بعالمهم التقني الجديد عن الأسر الحاضنة لهم، الأمر الذي قد ينعكس على الرباط الاجتماعي بين الأبناء والآباء ويخلخل القناة التربوية بين الطرفين، ويفتح قناة تربوية موازية يتلقى منها الابن مكونه التربوية بصورة قد تكون مغايرة تماماً لواقع البيئة المحيطة ومكونها الثقافي والعقدي والتربوي.
8- قد يمتد الأمر لانشغال الأبناء بعالمهم التقني عن التحصيل الدراسي مما يؤثر على مستوى الطلاب وأدائهم العلمي.
9- قد يمتد الأمر أيضاً إلى انشغال الأبناء بعالمهم التقني عن العبادات والواجبات الشرعية، ويكون التقصير في أدائها هو السمة المميزة لهم.
10- هناك بعد اقتصادي شديد الخطورة في حمل المراهقين والأطفال لأجهزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتطورة، فالقيمة المادية لهذه الأجهزة عالية نسبياً، فلو اعتبرنا أن متوسط قيمة الجهاز ألف دولار وهناك أسرة بها أربعة أبناء فإن قيمة أجهزة الأبناء المحمولة فقط في هذه الأسرة أربعة آلاف دولار، إضافة لجهازي الأب والأم، فضلاً عن الكلفة الدورية المالية العالية لخدمات وبرامج الأجهزة التقنية والتي تمثل استنزافاً شهرياً يحمل على أعباء الأسر الاقتصادية، ويؤثر على المسار المالي العام للمجتمع المسلم بصورة إجمالية، فالسعودية على سبيل المثال وبحسب دراسة أجريت تحت مظلة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية تمتلك عدداً من مستخدمي الهواتف المحمولة أكثر من أي دولة في العالم، حيث وصل عدد أجهزة الهاتف إلى 180 جهازاً مقابل كل 100 مواطن سعودي، بواقع 56 مليون جهاز محمول داخل المملكة بينما وصلت نسبة مستخدمي الهواتف المحمولة المتطورة في المملكة إلى 54 بالمئة من جملة الأجهزة، و65 بالمئة منهم يستخدمون هواتفهم للوصول إلى الإنترنت بشكل يومي، فما بالنا ودورة المال في هذه الصناعة والتجارة التكنولوجية تصب في معظمها خارج العالم الإسلامي، على الأقل على مستوى الجهاز نفسه.

11- هناك بعد اقتصادي هام لا يفوتنا وهو عدم مراعاة مشاعر الأسر الفقيرة، فبعد أن كنا نناشد الأسر الميسورة بمراعاة مشاعر الأسر الفقيرة عندما تهندم وتزين أبناءها بطريقة مبالغ فيها الأمر الذي جعل أحد أسباب الزي الموحد في المدارس هو تكريس السواسية ومراعاة مشاعر الفقراء، وهذا هندام لا تتعدى قيمته عشرات الدولارات، أصبحنا الآن نناشد الآباء مراعاة مشاعر الأسر الفقير في حمل الأبناء لأجهزة تقنية بمئات بل آلاف الدولارات.
12- لا نستطيع أن نهمل الانعكاسات الصحية لهذه الأجهزة التكنولوجية على صحة الأبناء ونموهم، فساعات المتابعة والمشاهدة ترهق العين وتسبب لها الكثير من المشكلات البصرية، كما أنها تشرد الذهن، وترهق البدن، وتؤثر على عضلات الجسم وفقرات الظهر وبنيان الشاب في سن مبكر. فبعد أن كان سمت مرحلة المراهقة والطفولة الحركة والرياضة وتنفس الهواء النقي في الأندية والمنتزهات، أصبحت الألعاب الرياضية مقتصرة على خيال المراهق وشاشة جهازه.
بعد هذا الاستطلاع المختصر لسلبيات وانحرافات الأبناء مع الجوالات المتطورة نتساءل؛ هل من خطوات عملية تمكن الآباء من تدارك هذه الأزمة التي تتفاقم يومًا تلو الآخر، وتنعكس سلبياتها على المكون العقدي والأخلاقي والعلمي والصحي والاقتصادي للأبناء وأسرهم؟

أولاً...ينبغي ابتداًء أن تدرك الأسر أن هناك أزمة فعلية قد لا تكون واضحة للعيان تتمثل في الاستثمار السئ للأجهزة الألكترونية الحديثة في يد الأبناء؛ وأن هذه الأجهزة على صغر حجمها إلا أنها تستطيع تدمير مستقبل الولد أو البنت وقد يمتد التدمير إلى الأسرة نفسها؛ فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
ثانياً... عطفاً على النقطة السابقة فإن الأسر بحاجة إلى تكريس المكون التربوي والعقدي الذي يعظم في نفوس الأبناء حرمات الله، ويضبط لديهم ضوابط التعامل الشرعي مع النزوات والرغبات، ويربطهم دوما بالله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، والمحافظة على الطهارة والصلوات ومراقبة الله سبحانه وتعالى في كافة السكنات والحركات.
ثالثاً.... أن تتساءل الأسر خاصة التي لديها أبناء في مرحلة المراهقة عن الهدف من الأجهزة الحديثة؛ وستجد أن هناك هدفين رئيسيين الأول الاتصالات الهاتفية، و الثاني هو الإنترنت وما يتعلق به من تطبيقات، وحسبي أن الجوال العادي غير المتصل بالإنترنت وغير المزود بتقنيات التواصل وتحميل المقاطع والألعاب السيئة قد يحقق الهدف الأول، والحاسوب الموضوع في موضع مميز بالمنزل قد يحقق الهدف الثاني بالنسبة لمن هم دون المرحلة الجامعية أو ذوي التصرفات الراشدة المنضبطة؛ لذا فما هو المانع أن تكون هناك مبادرة مجتمعية تربوية يحمل في ضوئها الأبناء الجولات الآمنة من الاتصال بما قد يدمر أخلاقهم وصحتهم؟. على أن يكون التواصل عبر الإنترنت من خلال متابعة الآباء لأبنائهم والعبور بهم إلى بر الآمان.
رابعاً.... أعلم أن سياسة المنع قد لا تكون حلاً جذريًا للمشكلة، وأن هناك ضرورة ملحة للترشيد الإيجابي لتوظيف الأبناء لهذه الأجهزة المتطورة فيما ينفعهم وينمي قدراتهم العلمية، لكن يبقى أن جيل الأجداد لم يترك في يد الأبناء شرائط الفيديو والمجلات البذيئة وقالوا علينا الترشيد الإيجابي، فسن المراهقة سن حرج للغاية والأبناء والبنات بحاجة لمن يمد اليد كي يعبر بهم المرحلة الحرجة والخطرة بأمان لا أن يضع النار بجوار البنزين ويقول للبنزين إياك إياك أن تشتعل.
خامساً... أدعوا من هذا المنبر وزارات التربية في كافة البلدان أن يفعلوا قيمة السواسية في المدارس وأن تمنع الطلاب والطالبات من حمل تلك الأجهزة التقنية في المدارس، مع تفعيل الضوابط الأخلاقية والعلمية في التعامل الإيجابي مع أجهزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
سادساً... هناك دور هام يقع على الدعاة والخطباء في توجيه أولياء الأمور من خلال المساجد المنابر الدوية في متابعة الأبناء وترشيد استخدامهم لتلك الأجهزة التقنية، مع وضع برامج استيعابية للأبناء تواكب التطور العصري وتقلل من الاستثمار السلبي والانحلالي لهذا التطور.
يبقى في الختام أن هناك دورا هاما يقع على خبراء التربية في العصف الذهني للخروج بأفضل النتائج التي تمكن الآباء بإذن الله من التعامل الإيجابي مع هذه الأزمة، وفي هذا الصدد فإنني أقترح عمل دليل استرشادي للأسر عن كيفية التوجيه الإيجابي للأبناء كي يحققوا أعلى استفادة من أجهزة التقنيات الحديثة، دون الوقوع في براثن موبقاتها ومهلكاتها؛ حفظ الله الأبناء وسترهم، وأقر أعين آبائهم وأسعدهم بهم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19-11-2020, 04:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أمور هامة قبل التربية

أولويات في التربية


عبد الرحمن بن محمد آل عوضة








1- إن تربية الأبناء في الإسلام مرتبطة بكتاب الله وسنة رسوله _صلى الله عليه وسلم_.
2- إن تربية الأبناء من أعظم الأمور التي يجب أن تصرف فيها الطاقات والأموال والأوقات.
3- إن تربية الأبناء الصحيحة تتسم بالعلم والعمل، ولا يمكن أن تكون بالمزاج والتقليد.
4- التربية الصحيحة للأبناء متكاملة؛ لأنها تعنى بالروح والعقل والجسد، فهي دائماً في توازن متميز وفريد.
5- إذا أردت أن تقرّ عينك ويرتاح أبناؤك؛ فربهم على مراقبة الله وحده، بعيداً عن تربية الرياء.
6- معرفتك القيم والمعتقدات ومراحل النمو عند الأطفال تفتح أمامك آفاقاً بتربية رائعة وممتعة _بإذن الله_.
7- أبناء اليوم رجال الغد، وما نبذله اليوم في تربيتهم إنما هو إسهام منا رائع في نصر أمتنا وعزها في المستقبل.
8- ينبغي علينا محاولة التعرف على ما يفكر فيه أبناؤنا، لأن الفكر الإيجابي يقود إلى الشعور والسلوك الإيجابيان _بعون الله تعالى_.
9- ينبغي علينا فصل الفعل عن الفاعل، وهذا يعني أن نوجه نقدنا عندما ننتقد إلى فعل الطفل لا إلى الطفل.
10- ينبغي احترام مشاعر الأبناء، فهم كيان مستقل، لهم مشاعر تختلف عن مشاعرنا.
11- جاهد نفسك لتسمع أبناءك أحسن وأجمل وأطيب الكلمات واحتسب الأجر في ذلك.
12- اعترف بمعاناة ابنك عندما يشتكي إليك، أو يتضايق من أحد، فمثلاً عندما يشتكي من مدرّسه بأنه أهانه، فقل له: " صحيح أن هذا مزعج، ولو كنت مكانك لأصابني ما أصابك"، أو "هذا مزعج وسوف أنظر في الأمر" وتفاعل مع قضية ابنك لكي يفضي لك عما في صدره وقلبه دائماً، ولا تكن سبباً في إبعاده عنك لعدم الاعتراف بمعاناته، وإن كنت لا توافقه أحياناً.
13- إن أبناءك هم أحق الناس بالرفق واللين والرحمة والمحبة والوفاء والصدق والعدل والإحسان.
14- ينبغي أن تتقبل أبناءك على ما هم عليه ثم تتأهل بالقراءة والاستماع والسؤال والاستشارة، لتتمكن بعد ذلك _بإذن الله_ من أخذ أبنائك إلى ما تريده من تربية مطمئنة، وتربية بعيدة عن تربية المتشددين أو المتساهلين.
15- تقبل مشاعر الأولاد يجعلهم مستعدين لقبول الحدود التي تريد أن يقفوا عندها.
16- من آفات التربية الاستعجال، والصابرون هم الفائزون.
17- اختر الطريقة المناسبة والكلمات المعبرة لتفهم مشاعر الأبناء وقبولهم واحترامهم.
18- ينبغي للآباء أن يتعرفوا على مبادئ التربية الصحيحة، ثم يبذلون الجهد والمال والوقت لتطبيق هذه المبادئ.
19- الأبناء يختلفون فيما بينهم، سواء في الأمور الوراثية أو غيرها، وجميل أن تتعرف على ملكات ومؤهلات كل واحد منهم، حيث إن كلاً منهم يحتاج إلى علاج خاص أو طريقة خاصة، وهذا يحتاج إلى مزيد من الوقت والجهد والمال، ولكنه ليس بكثير على من جعلهم الله يثقلون كفة حسناتك بعد موتك.
20- الكلمات، ونبرات الصوت، وملامحم الوجه، كل ذلك له أبلغ الأثر في إيصال الأبناء إلى نفسية طيبة إيجابية، أو نفسية متعبة قلقه.




(مجدد)



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19-11-2020, 04:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أمور هامة قبل التربية

" نحو تربية جنسية راشدة " .. ملامح في التربية الجنسية

معتز شاهين




1- نظرة الكبار نحو الجنس :
" تبدأ تربية الطفل المسلم من نقطة سابقة كثيرًا على مولده ، وهي وجود أبوين مسلمين ، هما ذاتهما قد تربيا على الإسلام ، وبمقدار رصيدهما الذاتي من التربية الإسلامية يكون توقعاتنا لثمرة تربيتهما لهذا الطفل. "
كتاب ( منهج التربية الإسلامية ) – محمد قطب – الجزء الثاني – دار الشروق – الطبعة الثانية عشرة – صـ 339

فالكبار هم المناط بهم تربية أولئك الأطفال الصغار وتعريفهم بالتربية الجنسية القويمة ، فكيف سيعلمونهم شيئًا هم أنفسهم لم يتعلموه ؟
لذا فقد حرص المشرع الإسلامي على ضرورة إلمام الكبار بوجهة النظر الإسلامية نحو الجنس ؛ باعتباره فطرة يجب توجيهها لا كبتها ، و لكي يستطيع هؤلاء المربون القيام بأعباء التوجيه الجنسي لهؤلاء الصغار نظريًا وعمليًا . ويكون المقصد من ذلك التوجيه ألا يصنع عفّة في ضبط النفس عن كل شهوة جنسيّة محرمة فحسب، بل يقصد تحقيق استقرار نفسي لأفراد المجتمع المسلم ككل .
وعلى المربيين أن يفهموا أن قيامهم بإنجاز هذه المهمة هو عمل ايجابي في الأصل ، فالتربية الجنسية تصون جانباً من الشخصيّة المسلمة، وتحفظ بتعاليمها التوازن الداخلي للفرد المسلم إزاء مظاهر النشاط الجنسي، إنّه بأمر المشرع الإسلامي يتعلم من هذه التربية الحلال والحرام، ويتعرّف على النجاسات وأحكام التطهر منها، ويسهم بقدر كبير في تكوين أجيال للأمّة متصلة بالله عز وجل حتى في الأمور التي تسلب وعي الإنسان لقوة تأثيرها .


2- التربية الجنسية من الكتب الفقهية :
فكما ذكرنا من قبل أن التشريع الإسلامي قد أوجد نظاما متكاملا للتربية الجنسية في حياة الفرد منذ الطفولة وحتى اكتمال الرشد وبناء الأسرة المسلمة ، ويقوم ذلك النظام على عدة أسس من أهمها :
يمتلىء النظام التشريعي الإسلامي وكتب الفقه بكثير من الأمور المتعلقة بالتربية الجنسية ، ولكننا هنا اختصارًا للمساحة اخترنا الملامح الأهم ، والمتعلقة بشكل مباشر بموضوعنا الأساسي.
• آداب الاستئذان :

قال تعالى [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ] النور 58:59
وهنا تدرج التشريع القرآني في أحكام الأستئذان ، فميز بين الطفل الغير مميز [ َالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ] ، والطفل المميز [ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ] .
فهناك ثلاث أوقات للاستئذان للطفل غير المميز وهي .. قبل الفجر ، وقبل الظهيرة ، و بعد صلاة العشاء ، لما في تلك الأوقات من وضع للثياب ، والنوم والراحة ، وكذلك التكشف في العورات . وهي أشياء يجب ألا يراها الطفل لما لها من أثر نفسي وسلوكي سيء على نفسية الطفل. وتنتهي الآيات بتوضيح وجوب استئذان الطفل المميز في كل الأوقات.

• غض البصر :
قال تعالى [ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ... ] النور 30: 31
ويقول الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – ( النظرة سهم من سهام إبليس ، من تركها مخافتي أبدلته إيمانًا يجد حلاوته في قلبه )
رواه الحاكم وقال صحيح

فهدف الإسلام من غض البصر هو إقامة مجتمع نظيف لا تهاج فيه الشهوات في كل لحظة ولا تستثار فيه الغرائز في كل حين
• التفريق في المضاجع :
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( .. وفرقوا بينهم في المضاجع )
فالتفريق في المضاجع يجنب الأولاد من الجنسين أية احتكاكات بدنية يمكن أن تؤدي إلى بعض المداعبات الجنسيّة الخطرة ، وكذلك هو وسيلة تربوية مهمة ، فكل فرد لديه غرفة مستقلة – إن امكن ذلك - ، أو سرير خاص به ، كل ذلك يؤدي لشعور الطفل بالاستقلالية والتفرد.
• صوم السنن :
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء ).

3- خصوصية الأعضاء التناسلية :
على المربي ان يشرح للطفل أن هناك أشياء خاصة به وحده لايمكن لأحد ان يشاركه فيها ومنها ( الاعضاء التناسلية ) ، ويكون ذلك بشكل غير مباشر ، فنبدأ الكلام مع الطفل حول أجزاء الجسم بشكل عام ( عين ، رقبة ، رأس ... ) ، وكيف تختلف بعض الأعضاء في بابا عن ماما ؛ كالشعر .. طويل عند ماما وقصير عند بابا ، ثم يتم لفت النظر بصورة غير مباشرة إلى الاعضاء التناسلية ، وأنه يجب أن يهتم بنظافتها أولاً حتى لاتنتقل الأمراض إليه ، ويجب ألا يراها أحد لأنه خاصة به وحده فقط .
ولحماية أبنائنا من خطر التحرش ، على المربي ان يعود الطفل على أنواع لمس الجسد عمومًا ( لمسة صحية ، ولمسة غير صحية ) ، فاللمسة الصحية مثل ما يمكن أن يحدث من الأم أثناء تغيير الملابس أو مصافحة الأقرباء ومعانقتهم ، ويكون اللمس الصحي لليدين والكتفين والذراعين، وبصورة سريعة ودون الحاجة لكشف أي جزء من الجسم أو رفع الملابس عنه.
ويقع الكثير من المربين في خطأ كبير وهو أنهم يقومون بمداعبة الطفل في تلك المناطق الحساسة من باب المداعبة ، لأن ذلك سيجعل الطفل يقع في حيرة من أمره . مع ضرورة تعويد أطفالنا وخصوصًا الإناث منهم على عدم خلع ملابسهم أمام أحد ، أو خارج البيت مهما كانت الظروف.

4- تحسين البيئة المحيطة بالطفل :
• إشاعة الفاحشة والرقابة الخارجية :
والرقابة الخارجية هنا يقصد بها المجتمع ووسائل ضبطه لأفراده ، فأي مجتمع مهما بلغت درجة الحرية به ، لا يسمح لأفراده أن يتخطوا الحدود والقوانين والأعراف التي وضعها على مر الزمن ، ويفرض المجتمع على كافة مؤسساته أن تلتزم بتلك الحدود والقواعد ، وخصوصًا المؤسسات ذات التأثير الكبير على أفراده عامة والصغار منهم خاصة . كوسائل الإعلام ، والنوادي وغيرها.
وعجبًا نجد في مؤسسات مجتمعاتنا الإسلامية ، فهي أشد ما يكون بعدًا عن قواعد وأعراف بل وعن ديننا الحنيف بتوجيهاته السامية ، فلمصلحة من كل ذلك البعد والانفصام ؟

ولا يمكن للأب أو الأم تحييد أثر تلك المؤسسات على نفوس صغارهم تحييدًا تامًا ، ولكن يمكن تقليل فرص التأثير أو الحد من نسبة ذلك التأثير ويكون ذلك بعدة طرق منها :
- تيسيير الرفقة الصالحة للأبناء.
- العمل على إيجاد منافذ مجتمعية صالحة ، يستطيع من خلالها الطفل التفاعل اجتماعيًا مع نماذج من الأفراد تصلح أن تكون قدوات يحتذى بها.
- محاولة إيجاد بديل إعلامي نافع وفن هادف ، وهذا الأمر يحتاج لتضافر جهود المجتمع ككل وليس أفراد فقط .



• إبعاد الطفل عن العملية الجنسية والمثيرات الجنسية المختلفة :
فكم من مأسي وازمات نفسية تحدث نتيحة لإطلاع الأطفال على أبويهم اثناء الجماع ، فالعلاقة الزوجية علاقة أساسها الكتمان والسرية ، ورؤية الطفل لها يؤثر على استقامته في المستقبل . ففي كثير من الأحيان تحدث للطفل ( إفاقة جنسية مبكرة ) ، قد ينتج عنها قيام الطفل بسلوكيات جنسية منحرفة .
لذا فقد قام رأي المشرع الإسلامي على حكمين : أولهم منع رؤية الطفل الغير مميز لعورة الابوين ، والآخر حرمة رؤية الصبي المميز لهذا السلوك لأنه يميز ويمكن أن يصف ما يراه. وقد جاء في الأثر : " لو أن رجلاً غشي امرأته ، وفي البيت صبي مستيقظ يراهما ، ويسمع كلامهما ونفسَهما ما أفلح أبداً. ".

5 - استعفاف لا استقذار :

في لسان العرب ( العفة ) : هي الكف عما لا يحل و يجمل ، و ( الاستعفاف ) : طلب العفاف وهو الكف عن الحرام والسؤال من الناس ، وقيل: الاستعفاف الصبر والنزاهة عن الشيء .. و يقصد بالاستعفاف هنا : إخماد الغريزة الجنسية و التسامي بالإحساسات الشهوية و تهذيب الميول الجسدية .

والاستعفاف الذي يقصده الإسلام يعني التوجيه السليم لتلك الطاقة الفطرية حتي ييسر الله لها الطريق الصحيح وهو الزواج. أما ( الكبت ) : يعني إزدراء العملية الجنسية واستشعار الإثم لمن يزاولونها ولو كان عن طريق الزواج حتى. وقد يتطور الكبت عند بعض الأشخاص ليتحول إلى استقذار الدوافع الجنسية نفسها وعدم اعتراف الإنسان بينه وبين نفسه أن مشاعر الجنس يجوز ان تخطر في باله حتى .
والإسلام بالذات لا يستقذر الدوافع الجنسية ، فهو يعترف بها اعترافًا واضحًا وصريحًا على أنها الأمر الواقع الذي لايستنكر في ذاته ولايستقذر ، قال تعالى [ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ... ] الآية آل عمران : 14 ، وقوله – صلى الله عليه وسلم – ( حبب إلى من دنياكم الطيب والنساء ... ). ولكن الإسلام يحدد فقط مصارف الجنس ، فهو حين يدعو إلى التبكير بالزواج يخفف الضغط على الاعصاب إلى أصغر مدى ممكن ويريح النفس البشرية من كثير من عوامل الأضطراب .
( وإنما وجد الكبت حقاً في العالم الإسلامي منذ عهد قريب ، حين خرجت المرأة سافرة متبرجة ، وأصبحت فعلاً أو حكمًا في متناول الشباب الجائع ، الذي تمنعه من الزواج المبكر ظروف اقتصادية واجتماعية وفكرية تطيل فترة التعطل الجنسي وتدفعه إلى الجريمة . حين ذلك وُجد الكبت .. ووُجد الصراع الداخلي بين تعاليم الدين ودفعه الجريمة ، ولم يكن نتيجة اتباع تعاليم الدين – كما يريد البعض أن يُفهم - ، وإنما كان نتيجة انحراف المجتمع عن الدين )
كتاب ( في النفس والمجتمع ) – محمد قطب – دار الشروق – الطبعة الثانية عشرة – صـ 82/83

ومن الأسباب المعينة على الاستعفاف اتخاذ الإسلام منهاج حياة ، والزواج المبكر ، والمجاهدة و تقوية الإرادة ، وغض البصر ، وتجنب المثيرات الجنسية ، ومنع الخلوة المحرمة بين الرجل و المرأة ، وستر المرأة وحجابها ، والصحبة الصالحة ، وملء الفراغ بما ينفع ، وقيام الأسرة بدورها.

6- العفاف المبكر :
فحينما تفشل التربية الجنسية في التقويم ، ويصبح الفرد غير منضبط جنسيًا من واقع نظرة الشرع والمجتمع الذي يعيش فيه ، يصبح ( الزواج المبكر ) الحل أو العلاج الوقائي لحالة ذلك الفرد. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج ... ).
فالزواج المبكر حل مشروع يرضى الإله والمجتمع ، كما يزيح التوتر الحاصل للفرد نتيجة للرغبة الجنسية الموجودة بداخله ، فيجعل الطفل منسجم نفسيًا مع نفسه ، ومجتمعيًا مع المجتمع الذي يعيش فيه

(مجدد)


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19-11-2020, 04:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: أمور هامة قبل التربية

المنهج النبوي في تصحيح أخطاء الغلمان

د. عامر الهوشان




خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم , و وهب له العقل الذي يميز به الصحيح من السقيم , وأودع فيه من القدرات الشيء الكثير , ففي الإنسان لمة ملك ولمة شيطان رجيم , فهذا يدعوه إلى الجنة وذاك يدعوه إلى السعير , وجعله في النهاية مسؤولا عن اختياره أمام الله رب العالمين , في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون , إلا من أتى الله بقلب سليم .

والإنسان كما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم خطاء , أي كثير الخطأ , قال صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) المستدرك على الصحيحين .
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم : ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم )
فالخطأ والذنب لا ينفك عنه إنسان , ولا يستثنى من الوقوع فيه أحد , إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم , فليست المشكلة في الوقوع بالخطأ , فهذا أمر يشترك فيه الناس جميعا , ولكن المشكلة تكمن في معالجة الخطأ والتوبة منه بعد ذلك , حتى لا يصبح الخطأ ديدنا وعادة يصعب الخلاص منه في المستقبل .
وإذا كانت معالجة الأخطاء للكبار في غاية الأهمية والخطورة , فهي للصغار والغلمان أكثر أهمية و أشد خطرا , لأن الغلام والصغير إن لم تصحح أخطاؤه , وتوجه هفواته وزلاته , فإنه قد يظن أن هذه الأفعال سليمة ما دامت لم تصحح , و عادية لا شيء فيها ما دامت لم توجه , وعند ذلك قد يكررها حتى يصبح الخطأ فيما بعد عادة متأصلة في نفسه وحياته , يصعب علاجه وتوجيهه وتصحيحه .
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا كل الحرص على تربية أصحابه وتوجيههم , و خاصة الغلمان منهم والصغار , فمع كثرة أعبائه صلى الله عليه وسلم ومشاغله الكثيرة , لم يترك توجيه الغلمان وتصحيح أخطائهم , لعلمه بأهمية هذا الجانب , وخطورة هذا الأمر, في إخراج جيل مؤمن قوي الإيمان , يميز الحلال من الحرام والصحيح من الخطأ , والصالح من الطالح , وبذلك فقط ينمو المجتمع ويتطور , ويصبح أنموذجا يحتذى به , كما قال الله تعالى :
( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ....)


أسباب وقوع الغلمان في الخطأ
وقبل البدء بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم بتصحيح أخطاء الغلمان وتقويم هفواتهم و زلاتهم , لا بد أولا من معرفة الأسباب التي تجعل الغلام يقع في الخطأ , فقد ذكر علماء التربية والسلوك عدة أسباب لذلك منها :
1- الجهل بالشيء وعدم العلم به ذهنيا : وهو ما يسمى الخطأ الفكري , فالغلام هنا لا يعرف أن هذا الفعل أو العمل خطأ , ولا يملك فكرة صحيحة عنه , فيتصرف من نفسه , وعند ذلك يقع في الخطأ .
2- عدم الممارسة والتدريب : وهو ما يسمى الخطأ العملي , وهنا لا يستطيع الغلام القيام بالفعل على وجه الصحة , لعدم ممارسته لهذا الفعل من قبل , ولعدم التدرب عليه , وعند ذلك يقع في الخطأ .
3- الخطأ المتعمد : وهذا أمر نادر وقليل جدا عند الغلمان , وهو أن يتعمد الغلام في فعله الخطأ مع علمه بأنه على غير الصواب , ولا بد في هذه الحالة من علاج خاص وسريع لأنها تشكل خطرا على الغلام والمجتمع بآن واحد .


المنهج النبوي في تصحيح أخطاء الغلمان
لقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم منهج فريد وعظيم في تصحيح الأخطاء التي يقع فيها أصحابه بشكل عام , يتصف باللين والرفق والرحمة , وكان لهذا المنهج أثر كبير في تقويم سلوك الصحابة الكرام و غيرهم الكثير ممن كان له شرف توجيه الرسول الله صلى الله عليه وسلم و إرشاده , وهذا واحد منهم يروي قصة تعلمه من خطئه .
فقد أخرج مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي قال :
( بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ عطس رجل من القوم , فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم , فقلت : واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم , فلما رأيتهم يصمتونني سكت , فلما صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه , فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني , قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) والأمثلة على ذلك كثيرة ليست مجال البحث هنا .
وإذا كان توجيه الكبار وتقويم سلوكهم ليس بالأمر اليسير , فإن تقويم سلوك الغلمان وتصحيح أخطائهم أخطر وأصعب , لأن الغلام يحتاج في التوجيه والتقويم إلى طريقة خاصة , وأسلوب تربوي يتناسب مع مداركه العقلية والنفسية , وهذا ما انفرد به رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذي ورث العالم أعظم الوسائل التربوية و السلوكية , التي تصلح لكل زمان ومكان .


لقد اتبع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عدة وسائل في تقويم وتصحيح أخطاء الغلمان , وأهمها :
1- التعليم والتنبيه
أي تصحيح الخطأ من خلال تعليم الغلام ما كان يجهله مما كان سببا في وقوعه بالخطأ , وهو ما يسمى التصحيح الفكري للخطأ , فكثيرا ما يقع الغلام في الخطأ لجهله وعدم علمه , ولا يحتاج في مثل هذه الحالة إلا إلى التعليم , وهذا ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم في كثير من الأمثلة .
مثال1 : أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه , فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( كخ كخ ) ليطرحها ثم قال : ( أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة )
فقد علم الرسول صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي , أن الأنبياء وآل بيت النبوة لا يجوز لهم أن يأكلوا من تمر الصدقة , فصحح له خطأه الذي وقع فيه بسبب عدم العلم .
مثال2 : وفي هذا المثال لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعليم , بل أعطى الغلام الذي وقع في الخطأ بديلا مناسبا لما كان يفعله , فقد أخرج أبو داود عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عُقْبَةَ عَنْ أَبِي عُقْبَةَ وَكَانَ مَوْلًى مِنْ أَهْلِ فَارِسَ قَالَ : ( شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا فَضَرَبْتُ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَقُلْتُ خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا الْغُلَامُ الْفَارِسِيُّ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( فَهَلَّا قُلْتَ خُذْهَا مِنِّي وَأَنَا الْغُلَامُ الْأَنْصَارِيُّ )
مثال3 : وفي هذا الحديث أيضا علم الرسول صلى الله عليه وسلم الغلام المخطئ , وصحح خطأه مع إعطائه البديل المناسب , فقد أخرج الحاكم في المستدرك عن رافع بن عمرو الغفاري قال : كنت أرمي نخلا للأنصار و أنا غلام , فرآني النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا غلام لم ترمي النخل ؟ فقلت : آكل قال : فلا ترم النخل و كل مما يسقط في أسفلها , ثم مسح رأسي و قال : اللهم اشبع بطنه .
لقد نبه الرسول صلى الله عليه وسلم الغلام أولا إلى خطئه بأن أكل من شجر الغير دون إذن منهم , ثم رخص له أن يأكل ما يسقط في أسفل الشجرة , ثم دعا له بشبع البطن حتى لا يكون شرها في الأكل , وهذا من لطائف تربيته وتعليمه صلى الله عليه وسلم .


2- التصحيح العملي لخطأ الغلام
فقد يكون خطأ الغلام ناجما عن قلة الخبرة العملية , وعدم التدريب الجيد المسبق على الفعل , فعندما يرى الغلام الفعل الصحيح عمليا , ويحاول بعد ذلك المحاكاة والتدريب , فإنه بذلك سيتدارك الخطأ ويصححه .
أخرج ابن حبان في صحيحه وأصحاب السنن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر بغلام يسلخ شاة , فقال له ( تنح حتى أريك فإني لا أراك تحسن تسلخ ) قال : فأدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم يده بين الجلد واللحم فدحس بها حتى توارت إلى الإبط ثم قال صلى الله عليه و سلم : ( هكذا يا غلام فاسلخ ) ثم انطلق فصلى ولم يتوضأ ولم يمس ماء .


3- تصحيح خطأ الغلمان من خلال استثمار الأوقات المناسبة
فالغلام عندما يكون في النزهة والطريق , أو عندما يجلس على مائدة الطعام , فإنه ينطلق على سجيته وطبعه دون تكلف أو تصنع , فإذا بدرت منه هفوة أو خطأ , فما على المربي والمعلم إلا أن يصحح ويقوم , فهذه الأوقات مناسبة لذلك .
مثال الطريق : فقد ورد في صحيح البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بعض أسفاره , و له غلام حبشي مملوك يقال له أنجشة , يحدو لهم ويسوق بهم ( أي بالنساء وفيهن أم سليم ), فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ويحك يا أنجشة رويدا سوقك بالقوارير) فقد استثمر الرسول صلى الله عليه وسلم الطريق والسفر لتصحيح الخطأ والتوجيه , لأنه أدعى للقبول في نفس الغلام .
مثال الطعام : أخرج البخاري ومسلم عن أبي سلمى قال : كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه و سلم وكانت يدي تطيش في الصحفة , فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم ( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك ) . فما زالت تلك طعمتي بعد , أي : صفة أكلي وطريقتي فيه بعد توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم وتصحيح الخطأ .
وهناك وقت آخر يصلح لتصحيح خطأ الغلام وتقويمه , ألا وهو وقت المرض , حيث تلين قلوب الكبار , فكيف بالغلمان والصغار , فلا بد للمربي أن يغتنم هذا الوقت لتصحيح الخطأ وتوجيه النصح والإرشاد المناسب .
أخرج البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال : كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه و سلم فمرض , فأتاه النبي صلى الله عليه و سلم يعوده , فقعد عند رأسه فقال له ( أسلم ) . فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له : أطع أبا القاسم (صلى الله عليه و سلم) فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه و سلم وهو يقول ( الحمد لله الذي أنقذه من النار )


4- تصحيح الخطأ بشد الأذن
وهو أسلوب نبوي رائع في تصحيح أخطاء الغلمان , وذلك بمداعبة جسدية تتمثل بشد الأذن بشكل لطيف وخفيف , تحمل في طياتها المداعبة والمعاتبة والتأديب , للفت انتباه الغلام بأن ما قام به خطأ يستوجب الاقلاع عنه وعدم تكراره .
فقد ورد بإسناد صحيح أن عبد الله بن بسر المازني قال: بعثتني أمي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) بقطف من عنب فأكلت منه قبل أن أبلغه إياه فلما جئت به أخذ بأذني وقال: يا غدر.
وقد ورد حديث آخر لتصحيح خطأ الغلام بشد الأذن أو الأخذ بالرأس أو التحويل , فعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال :
( بت عند خالتي ميمونة, فلما كان بعض الليل قام رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي, فأتى شنا معلقا فتوضأ وضوءا خفيفا ثم قام فصلى, فقمت فتوضأت و صنعت مثل الذي صنع, ثم قمت عن يساره فحولني عن يمينه , فصلى ما شاء الله ثم اضطجع فنام حتى نفخ , ثم أتاه المؤذن يؤذنه بالصلاة فخرج فصلى )وفيه تصحيح لخطأ الغلام الذي التحق بالنبي صلى الله عليه وسلم , وصلى خلفه واقفا عن يساره , فصحح له ذلك وجعله يقف عن يمينه لا عن يساره.


5- تصحيح الخطأ بالتلميح من خلال الثناء والمدح
فقد كان من عادة الرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في تصحيح الأخطاء , أن يبدأ أولا بمدح الغلام والثناء عليه , ليظهر محاسنه وفضائله , وأن الخطأ الذي وقع فيه , لا ينقص من فضله و مكانته , ثم يبادر بعد ذلك لتصحيح الخطأ وتقويمه , خاصة عندما يكون الموضوع متعلقا بالنوافل والسنن , لا بالفرائض والواجبات .
أخرج البخاري في صحيحه عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه قال : ( كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه و سلم إذا رأى رؤيا يقصها على رسول الله صلى الله عليه و سلم وكنت غلاما شابا , وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم , فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي الى النار, فإذا هي مطوية كطي البئر, وإذا لها قرنان وإذا فيها أناس قد عرفتهم , فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار قال: فلقينا ملك آخر قال لي: لم ترع . فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ( نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل ) . فكان بعد ( أي عبد الله )لا ينام من الليل إلا قليلا .


6- تصحيح الخطأ من خلال غض الطرف عنه
فما دام الخطأ مما يقع فيه الغلمان عادة في هذه الفترة من حياتهم , كحبهم للعب مع أقرانهم حبا شديدا , وربما يكون أحيانا على حساب عملهم أو خدمتهم لأهاليهم , أو غير ذلك من الواجبات المترتبة عليهم , فالأفضل في مثل هذه الحالات التغاضي و التغافل عن مثل هذه الأخطاء , لأنها حالة طبيعية للغلام بحكم تكوينه النفسي والجسدي في مثل هذه الفترة من حياته , وهذا ما تعلمناه من خلال طريقة تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع بعض الأخطاء التي ظهرت من بعض الغلمان , وكيفية معالجته صلى الله عليه وسلم لمثل هذه الأخطاء .
عن أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : ( خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا أَمَرَنِي بِأَمْرٍ فَتَوَانَيْتُ عَنْهُ أَوْ ضَيَّعْتُهُ فَلَامَنِي , فَإِنْ لَامَنِي أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا قَالَ : دَعُوهُ فَلَوْ قُدِّرَ أَوْ قَالَ لَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ كَانَ ) فكثرة اللوم والعتاب على أخطاء الغلام في مثل هذا السن غير مفيدة ولا مثمرة , بل ربما تكون لها نتائج سلبية .
وفي حديث آخر له نفس الدلالة والمعنى , كان الرسول صلى الله عليه وسلم فيه يبتعد عن اللوم والمعاتبة للغلام إذا أخطأ , قال أنس رضي الله عنه : ( خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفًّا قَطُّ وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا ) وفي رواية ( وما قال لشيء صنعته لم صنعته ؟ ولا لشيء تركته لم تركته ؟ )
وفي حديث ثالث غضت أم أنس رضي الله عنهما الطرف عن خطئ ابنها أنس عندما تأخر عن وقته المعتاد , لأنه كان في خدمة الرسول صلى الله عليه وسلم , قال أنس رضي الله عنه : ( خدمت رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما , حتى إذا رأيت أني قد فرغت من خدمتي قلت : يقيل رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرجت إلى صبيان يلعبون , قال : فجئت أنظر إلى لعبهم قال : فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فسلم على الصبيان وهم يلعبون , فدعاني رسول الله صلى الله عليه و سلم فبعثني إلى حاجة له فذهبت فيها , وجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم في فيء حتى أتيته واحتبست عن أمي عن الإتيان الذي كنت آتيها فيه , فلما أتيتها قالت : ما حبسك ؟ قلت بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم في حاجة له , قالت : وما هي ؟ قلت : هو سر لرسول الله صلى الله عليه و سلم , قالت : فاحفظ على رسول الله صلى الله عليه و سلم سره)



7- تصحيح خطأ الغلام بالمداعبة
كثيرا ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستخدم أسلوب المداعبة مع الصحابة الكرام , ولعل مداعبته للغلمان كانت هي الأكثر , بسبب ميلهم لهذا الأسلوب وحبهم له , ورغبة منه صلى الله عليه وسلم في التودد إليهم وتعليمهم وإرشادهم وتصحيح أخطائهم من خلال ذلك .
قال أنَس رضي الله عنه : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَذْهَبُ وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ قَالَ قُلْتُ نَعَمْ أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ... )
وفي الحديث اشارة ملفتة في تصحيح الأخطاء من خلال أسلوب المداعبة مع الغلام المخطئ , حيث كان من عادته صلى الله عليه وسلم استخدام أسلوب تصغير اسم الغلام تعبيرا منه عن المداعبة والتودد له , وتصحيح منه للخطأ بهذا الأسلوب اللطيف والمحبب .


8- تصحيح خطأ الغلام بالحوار والإقناع
فقد يرتكب الغلام والشاب الصغير الخطأ عمدا تحت ضغط شهواته وأهوائه , ولا سبيل لتصحيح مثل هذا الخطأ إلا بأسلوب الحوار والنقاش الهادئ , كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم , في الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده , مع ذلك الفتى الشاب الذي جاءه يقول : يا رسول الله ائذن لي بالزنا؟!
فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا مه مه , فقال : أدنه فدنا منه قريبا , قال فجلس, قال أتحبه لأمك؟! قال : لا والله جعلني الله فداءك, قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم , قال : أفتحبه لابنتك ؟ قال : لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك , قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم , قال : أفتحبه لأختك ؟! قال : لا والله جعلني الله فداءك , قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم , قال : أفتحبه لعمتك ؟!قال : لا والله جعلني الله فداءك , قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم , قال : أفتحبه لخالتك ؟! قال : لا والله جعلني الله فداءك , قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم , قال : فوضع يده عليه وقال : اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء ( قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح .
إن تصحيح أخطاء الغلمان وتوجيههم , ليس عملا انتقاميا ولا عدائيا , وإنما هو عمل تربوي وتعليمي , هدفه الأول والأخير الارتقاء بهذا الجيل الجديد , إلى المستوى الأخلاقي الإسلامي الرفيع , الذي يجعل من هؤلاء الغلمان في المستقبل القريب , نواة تقدم الأمة وازدهارها , وإعادة عزها ومجدها , في القريب العاجل إن شاء الله تعالى


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 211.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 205.88 كيلو بايت... تم توفير 6.04 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]