التخريج الكامل لأحاديث الرايات السود التي لم تصح مطلقا - ملتقى الشفاء الإسلامي

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858993 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393375 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215682 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 67 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى الاحاديث الضعيفة والموضوعة

ملتقى الاحاديث الضعيفة والموضوعة ملتقى يختص بعرض الاحاديث الضعيفة والموضوعه من باب المعرفة والعلم وحتى لا يتم تداولها بين العامة والمنتديات الا بعد ذكر صحة وسند الحديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-06-2023, 08:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,061
الدولة : Egypt
افتراضي التخريج الكامل لأحاديث الرايات السود التي لم تصح مطلقا

التخريج الكامل لأحاديث الرايات السود التي لم تصح مطلقا
محمد محمود حبيب



أحاديث ظهور الرايات السود وهي (عَلَم تنظيم داعش وأمثاله) من الأحاديث التي تعددت طرقها وألفاظها في كتب الملاحم وأشراط الساعة، وقد فرح بها فِرَقٌ وطوائف، فزادوا فيها وما زالوا! ومن طالع تلك الأحاديث تذكَّر قول الإمام أحمد: "ثلاثة كتب ليس لها أصول: المغازي، والملاحم، والتفسير"؛ (الجامع للخطيب البغدادي برقم (1536)).


وهو يعني بذلك: كثرة الروايات المردودة في هذه الأبواب الثلاثة، وقلة ما يصح فيها من الأحاديث، والجديد في الرد على هذه المخالفة أنه لم يصحَّ أيُّ حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من الصحابة في «الرايات السُّود»، وشدة ضعف طرقه يثبت أنه تم وضعه في فترة من الفترات، وقد وُضعت بسبب الخلافات السياسية والاقتتال على الخلافة!وقد جمع نُعيم بن حمَّاد الروايات الواردة في ذلك، وهي (22 رواية) في كتابه في الفتن، في باب (العلامات في انقطاع مُلك بني أمية)! وهذه الروايات كلها بلا استثناء شديدة الضعف بسبب أسانيدها فضلًا عن وجود ضعف وارد في صاحب الكتاب نفسه نُعيم بن حماد، فهناك من وثَّقه، وهناك من اتَّهَمه بالكذب! ولذا فكتابه غير معتمد إذا تفرَّد؛ (راجع تهذيب التهذيب (10/ 409) فله ترجمة مفصَّلة فيه -قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (10 / 609): "لا يجوز لأحد أن يحتج به، وقد صنف كتاب "الفتن"، فأتى فيه بعجائب ومناكير")؟


وهذه الأحاديث هي:
1 - حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا، وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي هَؤُلاءِ سَيَلْقَوْنَ بَعْدِي بَلاءً وَتَطْرِيدًا وَتَشْرِيدًا، حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ هَا هُنَا مِنْ نَحْوِ الْمَشْرِقِ، أَصْحَابُ رَايَاتٍ سُودٍ، يَسْأَلُونَ الْحَقَّ فَلا يُعْطَوْنَهُ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ، فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا، فَلا يَقْبَلُوهَا حَتَّى يَدْفَعُوهَا إلى رَجلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَيَمْلَئوهَا عَدْلًا كَمَا مَلَئُوهَا ظُلْمًا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْج، فَإِنَّهُ الْمَهْدِيُّ"؛ أخرجه ابن ماجه (رقم 4082)، والبزار في مسنده (رقم 1556-1557)، والعقيلي في (الضعفاء) ترجمة يزيد بن أبي زياد (4/ 1494)، وغيرهم من طريق ‏يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ‏، ‏عَنْ ‏ ‏إِبْرَاهِيمَ‏، ‏عَنْ ‏عَلْقَمَةَ، ‏عَنْ ‏عَبْدِاللَّهِ ‏قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم...


وآفة هذا الإسناد في يزيد بن أبي زياد، قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب (7717): ضعيف كبر فتغير وصار يتلقن وكان شيعيًّا.


قال الحافظ الذهبي في السير (6/ 132) بعد أن أورد طريق يزيد السابق: قال أحمد بن حنبل: حديثه في الرايات ليس بشيء، قلت (أي: الذهبي): معذور والله أبو أسامة، وأنا قائل كذلك، فإن من قبله ومن بعده أئمة أثبات، فالآفة منه عمدًا أو خطأ، ثم قال الإمام الذهبي بعد ذكره قول أبي أسامة أحد رواة الحديث: حديث يزيد عن إبراهيم في الرايات لو حلف عندي خمسين يمينًا قسامة ما صدقته، وقال الإمام ابن القيم في المنار المنيف (ص150): وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو سيئ الحفظ، اختلط في آخر عمره، وكان يُقَلِّدُ الفُلُوس (يُـزيّـفُ النقود)، وقال الألباني السلفي في ضعيف ابن ماجه (886): ضعيف.


لكن لم ينفرد به يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم، فقد رواه الحاكم في «المستدرك» (4/ 511) من طريق حَنان بن سُدير، عن عمرو بن قيس الملائي، عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس وعبيدة السلماني، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: «أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلينا مستبشرًا يعرف السرور في وجهه... حتى ترتفع رايات سود من المشرق، فيسألون الحق فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه ثم يسألونه فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون، فمن أدركه منكم أو من أعقابكم فليأت إمام أهل بيتي ولو حبوًا على الثلج فإنها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، فيملك الأرض فيملأها قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا».


ولم يتكلم عليه الحاكم وتعقَّبه الذهبي فقال: "قلت: هذا موضوع".


وقال الدارقطني في «الغرائب والأفراد» [كما في الأطراف: 4/ 94]: "تفرد به حنان بن سدير بن حكيم عن عمرو بن قيس عن الحكم بن عتبة عن إبراهيم النخعي عن عبيدة السلماني عن ابن مسعود".


قلت: تفرد به حنان بن سدير وهو شيعي! لا يُقبل حديثه، وهو موضوع كما قال الذهبي.


قال أبو أحمد العسكري في «تصحيفات المحدثين» (2/ 477): "حنان بن سدير بن حكيم بن صهيب الكندي، وسدير يعرف بالصيرفي، من رؤساء الشيعة بالكوفة، روى عن جعفر بن محمد، وروى حنان عن أبيه، وعن عمرو بن قيس، وعن أمي الصيرفي، ومحمد بن طلحة بن مصرف، روى عنه العلاء بن عمرو الحنفي، ومحمد بن ثواب الهباري".


وقد رواه البزار في «مسنده» (4/ 310) قال: حدثنا الفضل بن سهل، قال: حدثنا عبدالله بن داهر الرازي، قال: حدثنا أبي، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله: أن النبي ذكر فتية من بني هاشم فاغرورقتا عيناه، وذكر الرايات السُّود، فقال: فمَن أدركها فليأتها ولو حَبْوًا على الثلج.


قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الحكم إلا ابن أبي ليلى، ولا نعلم يُروى إلا من حديث داهر بن يحيى عن ابن أبي ليلى، وداهر هذا رجل من أهل الرأي صالح الحديث، وإنما يعرف من حديث يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم".


قلت: عبدالله بن داهر شديد الضعف، قال عنه الذهبي في الميزان (4295): قال أحمد ويحيى: ليس بشيء. وقال أحمد: وما يكتب حديثه إنسان فيه خير، وقال العقيلي: رافضي خبيث.


وداهر بن يحيى الرازي، قال عنه الذهبي في الميزان (2587) رافضي بغيض، لا يتابع على بلاياه.


ثم ذكر له حديثًا، وقال: فهذا باطل، ولم أرَ أحدًا ذكر داهرًا حتى ولا ابن أبي حاتم بلديه.


قلت: يرى البزار أن الحديث حديث يزيد بن أبي زياد والطرق الأخرى لا تَصِحُّ.


وقد سُئِل الدارقطني رحمه الله في «العِلل» (5/ 184) عن حديث عبيدة عن عبدالله: «مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم فتية من بني هاشم»؛ الحديث.


فقال: "يرويه عمرو بن قيس الملائي عن الحكم، واختلف عنه: فرواه حنان بن سدير - من شيوخ الشيعة - عن عمرو بن قيس عن الحكم عن عبيدة عن عبدالله، قال ذلك عباد بن يعقوب ومحمد بن ثواب الهباري عنه، وخالفهما محمد بن أحمد القطواني، فرواه عن حنان عن عمرو بن قيس عن الحكم عن إبراهيم عن عبيدة عن عبدالله، وخالفه داهر بن يحيى الرازي، فرواه عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبدالله، ورواه يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله، وكذلك قال عمارة بن القعقاع عن إبراهيم عن علقمة، وهو أصَحُّها، والله أعلم".


قلت: يُرجح الدارقطني رواية يزيد بن أبي زياد لمتابعة عمارة بن القعقاع له عن إبراهيم، وهذا الترجيح لا يعني بالضرورة صحة الحديث عنده، وهو إنما يرجح بين الطرق فقط.


والغريب كيف جعل الدارقطني هذه متابعة لعمارة مع اختلاف لفظه! فإن رواية عمارة ليس فيها ذكر الرايات السُّود!ورواية عمارة أخرجها الإمام الدولابي في «الكنى والأسماء» (2/ 716).


وعلى كلِّ حال فإنَّ حديث يزيد بن زياد في الرايات السُّود قد تفرَّد به هو بهذا اللفظ، ولم يتابعه عليه أحد! وقد رواه عنه جَمْعٌ من الثقات: محمد بن فضيل وعبدالله بن إدريس وجرير وغيرهم عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة.


قال ابن عدي بعد أن ذكر هذا الحديث في منكرات يزيد: "وهذا الحديث لا أعلم يرويه بهذا الإسناد عن إبراهيم غير يزيد بن أبي زياد".


قلت: يعني أن الحديث حديث يزيد والروايات التي رُويت في متابعته لا تصِحُّ كما بينت آنفًا.


2 - حديث ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الرايات السُّود قد جاءت من خراسان فأتوها، فإن فيها خليفة الله المهدي".


وله ألفاظ أخرى مطولة، والحديث بهذا الإسناد ضعَّفَه علماء كُثُر؛ كأحمد بن حنبل وابن القيموالذهبي وغيرهم.


أخرجه الإمام أحمد (5/ 277) من طريق شريك بن عبدالله، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي قلابة، عن ثوبان به، وهذا إسناد منقطع؛ حيث إن أبا قلابة لم يسمع من ثوبان شيئًا، كما قال العجلي في ثقاته برقم (888).


وقد ذكره ابن الجوزي من هذا الوجه في (العلل المتناهية رقم 1445)، وأعلَّه بابن جدعان.


وأخرجه ابن ماجه رقم (4084)، والبزار في مسنده (المخطوط -النسخة الكتانية- 223)، أخرجه الحاكم في (المستدرك 4/ 463-464)، من طُرُق صحيحة عن عبدالرزاق الصنعاني، عن الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، بنحوه مطولًا مرفوعًا.


لكن للحديث وجه آخر موقوف أخرجه الحاكم (4/ 502)، وعنه البيهقي في (الدلائل 6/ 516)، من طريق عبدالوهاب بن عطاء، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان موقوفًا عليه غير مرفوع إلى النبي.


قلت: فمع هذا الاضطراب في إسناده، مع نكارة متنه، وعدم قيام إسناد من أسانيده لا نستطيع أن نطمئنَّ إلى قبول هذا الحديث، خاصة مع عبارات لبعض أئمة النقد، تدل على تضعيف الحديث من جميع وجوهه؛ بل قد وقفت على إعلالٍ خاصٍّ واستنكار خاص لهذا الحديث على خالد الحذاء (مع ثقته) فقد جاء في العلل للإمام أحمد برواية ابنه عبدالله رقم (2443): "حدثني أبي، قال: قيل لابن عُليَّة في هذا الحديث: كان خالد يرويه، فلم يلتفت إليه، ضعف ابن عليَّه أمره، يعني: حديث خالد عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرايات" وانظر الضعفاء للعقيلي -ترجمة خالد بن مهران الحذاء - (2/ 351 رقم 403) والمنتخب من علل الخلال لابن قدامة (رقم 170).


وإسماعيل نفسه هو راوي الحديث عن خالد! والثابت أن خالدًا قد اختلط في آخر عمره وضعف حفظه بعدما رجع من الشام.


3- حديث أبى هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يَخْرُج مِنْ خُرَاسَانَ رَايَاتٌ سُودٌ لَا يَرُدُّهَا شَيْءٌ حَتَّى تُنْصَبَ بِإِيلِيَاءَ"، والحديث بهذا اللفظ والإسناد ضعيف جدًّا ولا يصح، بسبب ضعف وتفرُّد رشدين بن سعد به؛ ولذلك لم يقبله العلماء.


أخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (1/ 213)، وأحمد في "المسند" (14/ 383)، والترمذي في "السنن" (2269)، وغيرهم من طريق رِشدين بن سعد، عن يونس، عن ابن شهاب الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه......


قلت: ورشدين هذا سبب ضعف الحديث ونكارته، فقد ضعَّفَه أحمد بن حنبل، وقال يحيى بن معين: لا يكتب حديثه، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وفيه غفلة، ويحدث بالمناكير عن الثقات، ضعيف الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال أبو داود: ضعيف الحديث، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه ما أقل فيها ما يتابعه أحد عليه، وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وقال ابن حبان: غلبت المناكير في أخباره؛ انظر "تهذيب التهذيب" (3/ 278).


وقال الترمذي: "غريب"؛ انتهى. وهي عبارة تعني ضعف الحديث عنده.


وهناك متابعة لرشدين في «فوائد الحنائي» برقم (58): من طريق سعيد بن أبي مريم، قال: حدثنا عَبْدُاللَّهِ بنُ سُوَيْدٍ وَرِشْدِينُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَخْرُج رَايَاتٌ سُودٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ فَلا يَرُدَّهَا شَيْءٌ حَتَّى تُنْصَبَ بِإِيلِيَاءَ».


قال الحافظ عبدالعزيز النخشبي مخرِّج الفوائد عقب هذا الحديث: "هذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بنِ سُوَيْدٍ وَأَبِي الْحَجاج رِشْدِينَ بنِ سَعْدٍ الْمَهْرِيِّ الْمِصْرِيِّ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ يُونُسَ بنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بنِ مِسْلِمِ بنِ عُبَيْدِاللَّهِ بنِ عَبْدِاللَّهِ بنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَبِيصَةَ بنِ ذُؤَيْبٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ هذَا الْوَجهِ، وَرِشْدِينُ بنُ سَعْدٍ الْمِصْرِيُّ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، وَعَبْدُاللَّهِ بنُ سُوَيْدٍ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ".


قلت: عبدالله بن سويد بن حيان المصري صدوق، ولم يخرِّج له أصحاب الكتب الستة، وله حديث واحد في كتاب جزء القراءة للبخاري، ولا يُعرف أنه روى عن يونس بن يزيد! فيُحتمل أنه أخذه من رِشدين وأسقطه أو أخطأ بعضهم بزيادته في الإسناد، فالحديث يُعرف برشدين، وزيادة عبدالله في الإسناد غريب جدًّا! ولهذا لا نجد مثل هذه الروايات إلا في كتب الفوائد التي تضم غرائب الروايات.


نقل ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (5/ 219) في ترجمة (عبدالله بن سويد) عن ابن يونس قال: "روى عنه سعيد بن عفير، قرأت على بلاطة قبره وكتب في مستهل جمادى الأولى سنة اثنتين ومائة".


وقال في «التقريب» (ص307): "مات سنة اثنتين ومائة"!


قلت: وهذا غير ممكن؛ لأن سعيد بن أبي مريم (144- 224هـ) قد روى عنه ولا يمكن أن يكون روى عنه بعد وفاته!


وقال البيهقي: "يروى قريب من هذا اللفظ عن كعب الأحبار، ولعله أشبه" ثم أسند رواية كعب الأحبار موقوفة عليه، ولا يستبعد أن يكون أصل هذا الحديث من الإسرائيليات، وقد أخبر الرسول حذيفة رضي الله عنه بالفتن التي ستحصل إلى يوم القيامة، فلم يخبر حذيفة الناس بذلك، فدَلَّ على أن هذامما لم يتكفَّل الله بنقله لنا، وأنه ليس من العلم الذي يأثم حامله بكتمانه، ولهذا تساهل الرواة في أحاديث الفتن والأمور المستقبلية حتى إن غالب أهل الحديث لم يُولُوها أهميةً بنفس المقدار الذي أعطوه للأحاديث الفقهية والعقائدية، ولا يصح أن يُشتغل بمعناها، ولا بتنزيلها على واقعنا الحالي.


ويتبقى حديث يُسقِطه بعض الباحثين المعاصرين على الواقع وفيه وصف يشبه حال أعضاء تنظيم داعش وأمثالهم، ولكنه حديث ضعيف جدًّا مسلسل بالضعفاء، وهو عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ فَالْزَمُوا الْأَرْضَ فَلَا تُحَرِّكُوا أَيْدِيَكُمْ، وَلَا أَرْجلَكُمْ، ثُمَّ يَظْهَرُ قَوْمٌ ضُعَفَاءُ لَا يُؤْبَهُ لَهُمْ، قُلُوبُهُمْ كَزُبَرِ الْحَدِيدِ، هُمْ أَصْحَابُ الدَّوْلَةِ، لَا يَفُونَ بِعَهْدٍ وَلَا مِيثَاقٍ، يَدْعُونَ إلى الْحَقِّ وَلَيْسُوا مِنْ أَهْلِهِ، أَسْمَاؤُهُمُ الْكُنَى، وَنِسْبَتُهُمُ الْقُرَى، وَشُعُورُهُمْ مُرْخَاةٌ كَشُعُورِ النِّسَاءِ، حَتَّى يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْحَقَّ مَنْ يَشَاءُ".


أخرجه نعيم بن حماد في " كتاب الفتن" (573) من طريق الْوَلِيد، وَرِشْدِين، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، عَنْ أَبِي رُومَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ فَالْزَمُوا...." وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فيه علل:
أولًا: أبو رومان مجهول، لم نجد له ترجمة إلا قول ابن منده في "الكنى" (ص 328):
"أَبُو رُومَان: حدث عَن عَليِّ بن أبي طَالب فِي الْفِتَن. روى حَدِيثه: عبدالله بن لَهِيعَة، عَن أبي قبيل عَن أبي رُومَان"؛ انتهى.


ثانيًا: ابن لهيعة، وفيه كلام وتفصيل وهناك من رضي حديثه، انظر: "التهذيب " (5/ 327-331)، و" ميزان الاعتدال" (2/ 475-484).


ثالثًا: نعيم بن حماد - صاحب الكتاب - قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (10 / 609): "لا يجوز لأحد أن يحتج به، وقد صنف كتاب "الفتن"، فأتى فيه بعجائب ومناكير"؛ انتهى.


رابعًا: الوليد بن مسلم كان يدلس شر أنواع التدليس، وهو تدليس التسوية.


قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "طبقات المدلسين" (ص 51): "موصوف بالتدليس الشديد".


وقد تابعه رشدين بن سعد، وهو ضعيف، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك، وقال الجوزجاني: عنده مناكير كثيرة؛ "ميزان الاعتدال" (2/ 49).


ويحتمل أن يكون الوليد أخذه عنه، فلا تصلح متابعته له.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.38 كيلو بايت... تم توفير 1.69 كيلو بايت...بمعدل (2.56%)]