۞ المسابقة الرمضانية ( الحلقة الاولى )۞ - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 850961 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 386958 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60074 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 847 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 27-09-2007, 10:28 PM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي ۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة الخامسة عشر)۞



يونس عليه السلام

نبذة:
أرسله الله إلى قوم نينوى فدعاهم إلى عبادة الله وحده ولكنهم أبوا واستكبروا فتركهم وتوعدهم بالعذاب بعد ثلاث ليال فخشوا على أنفسهم فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب ، أما يونس فخرج في سفينة وكانوا على وشك الغرق فاقترعوا لكي يحددوا من سيلقى من الرجال فوقع ثلاثا على يونس فرمى نفسه في البحر فالتقمه الحوت وأوحى الله إليه أن لا يأكله فدعا يونس ربه أن يخرجه من الظلمات فاستجاب الله له وبعثه إلى مائة ألف أويزيدون

سيرته
كان يونس بن متى نبيا كريما أرسله الله إلى قومه فراح يعظهم وينصحهم ويرشدهم إلى الخير ويذكرهم بيوم القيامة ويخوفهم من النار ويحببهم إلىالجنة ويأمرهم بالمعروف ويدعوهم إلى عبادة الله وحده وظل ذو النون -يونس عليه السلام- ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد
وجاء يوم عليه فأحس باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا يؤمنون، وخرج غاضبا وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيامولا يذكر القرآن أين كان قوم يونس ولكن المفهوم أنهم كانوا في بقعة قريبة من البحر وقال أهل التفسير: بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل (نينوى) من أرض الموصل فقاده الغضب إلى شاطىء البحر حيث ركب سفينة مشحونة ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم فلما خرج من قريته وتأكد أهل القرية من نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون وقد آمنوا أجمعين فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم

أمر السفينة
أما السفينة التي ركبها يونس، فقد هاج بها البحر، وارتفع من حولهاالموج وكان هذا علامة عند القوم بأن من بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكب خطيئة وأنه لا بد أن يلقى في الماء لتنجو السفينة من الغرق فاقترعوا على من يلقونه من السفينة . فخرج سهم يونس -وكان معروفاً عندهم بالصلاح- فأعادوا القرعة، فخرج سهمه ثانية، فأعادواها ثالثة، ولكن سهمه خرج بشكل أكيد فألقوه في البحر -أوألقى هو نفسه فالتقمه الحوت لأنه تخلى عن المهمة التي أرسله الله بها, وترك قومه مغاضباً قبل أن يأذن الله له وأوحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحما ولا يكسر لهعظما واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس في بطن الحوت، فمنهم من قال أن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند العشاء ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة أيام، ومنهم من قال سبعة

يونس في بطن الحوت
عندما أحس بالضيق في بطن الحوت ، في الظلمات -ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل- سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين وقال: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) فسمع الله دعاءه واستجاب لهفلفظه الحوت (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطىء وأنبت الله عليه شجرة القرع قال بعض العلماء في إنبات القرع عليه حِكَم جمة منها أن ورقه في غاية النعومة وكثير وظليل ولايقربه ذباب ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره نياً ومطبوخاً وبقشره وببزره أيضاًوكان هذا من تدبير الله ولطفه وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم مغاضباً

‏فضل يونس عليه السلام
لقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام، منها قول النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم: "‏لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من ‏‏يونس بن متى" وقوله عليه الصلاة والسلام: "من قال أناخير من ‏‏ يونس بن متى ‏ ‏فقد كذب".

ذنب يونس عليه السلام
نريد الآن أن ننظر فيما يسميه العلماء ذنب يونس هل ارتكب يونس ذنبا بالمعنى الحقيقي للذنب؟ وهل يذنب الأنبياء الجواب أن الأنبياء معصومون غيرأن هذه العصمة لا تعني أنهم لا يرتكبون أشياء هي عند الله أمور تستوجب العتابالمسألة نسبية إذن
يقول العارفون بالله: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين وهذاصحيح فلننظر إلى فرار يونس من قريته الجاحدة المعاندة. لو صدر هذا التصرف من أي إنسان صالح غير يونس.. لكان ذلك منه حسنة يثاب عليها فهو قد فر بدينه من قوم مجرمين.
ولكن يونس نبي أرسله الله إليهم.. والمفروض أن يبلغ عن الله ولايعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر نتائج الدعوة.. ليس عليه إلا البلاغ.
خروجه من القرية إذن.. في ميزان الأنبياء.. أمر يستوجب تعليم الله تعالى له وعقابه.
إن الله يلقن يونس درسا في الدعوة إليه، ليدعو النبي إلى الله فقط هذه حدود مهمته وليس عليه أن يتجاوزها ببصره أو قلبه ثم يحزن لأن قومه لايؤمنون.
ولقد خرج يونس بغير إذن فانظر ماذا وقع لقومه لقد آمنوا به بعد خروجه.. ولو أنه مكث فيهم لأدرك ذلك وعرفه واطمأن قلبه وذهب غضبه.. غير أنه كان متسرعا.. وليس تسرعه هذا سوى فيض في رغبته أن يؤمن الناس، وإنما اندفع إلى الخروج كراهية لهم لعدم إيمانهم.. فعاقبه الله وعلمه أن على النبي أن يدعو لله فحسب. والله يهدي من يشاء.


السؤال الخامس عشر

يقول العارفون : إن حسنات الأبرار سيئات المقربين

فكيف ينطبق هذا القول على سيدنا يونس عليه السلام؟


__________________
أسأل الله ان يرزقني رقة كرقة قلبك

  #22  
قديم 28-09-2007, 03:18 PM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي ۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة السادسه عشر)۞



شعيب عليه السلام

نبذة
أرسل شعيب إلى قوم مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه بأن ينزل عليهم كسفا من السماء فجاءت الصيحة وقضت عليهم جميعا

سيرته
دعوة شعيب عليه السلام
لقد برز في قصة شعيب أن الدين ليس قضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس أرسل الله تعالى شعيبا إلى أهل مدين فقال شعيب (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَالَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه) نفس الدعوة التي يدعوها كل نبي.. لا تختلف مننبي إلى آخر.. لا تتبدل ولا تتردد. هي أساس العقيدة.. وبغير هذه الأساس يستحيل أنينهض بناء.
بعد تبيين هذا الأساس.. بدأ شعيب في توضيح الأمور الاخرى التي جاءت بها دعوته (وَلاَتَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ) بعد قضية التوحيد مباشرة.. ينتقل النبي إلى قضية المعاملات اليومية.. قضية الأمانة والعدالة.. كان أهل مدين ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم وهي رذيلة تمس نظافة القلب واليد كما تمس كمال المروءة والشرف وكان أهل مدين يعتبرون بخس الناس أشياءهمنوعا من أنواع المهارة في البيع والشراء ودهاء في الأخذ والعطاء ثم جاء نبيهم وأفهمهم أن هذه دناءة وسرقة وأنه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيطانظر إلى تدخل الإسلام الذي بعث به شعيب في حياة الناس، إلى الحد الذي يرقب فيه عملية البيع والشراء قال: (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَتَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) لم يزل شعيب ماضيا في دعوته ها هو ذا يكرر نصحه لهم بصورة إيجابية إنه يوصيهم أن يوفوا المكيال والميزان بالقسطبالعدل والحق
لنتدبر معا في التعبير القرآني القائل: (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَأَشْيَاءهُمْ) كلمة الشيء تطلق على الأشياء المادية والمعنوية.. أي أنها ليست مقصورة على البيع والشراء فقط ، بل تدخل فيها الأعمال، أو التصرفات الشخصية. ويعني النص تحريم الظلم، سواء كان ظلما في وزن الفاكهة أو الخضراوات، أو ظلما في تقييم مجهود الناس وأعمالهم ذلك أن ظلم الناس يشيع في جو الحياة مشاعر من الألم واليأس واللا مبالاة، وتكون النتيجة أن ينهزم الناس من الداخل، وتنهار علاقات العمل، وتلحقها القيم ويشيع الاضطراب في الحياة ولذلك يستكمل النص تحذيره من الإفساد في الأرض (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) العثو هو تعمد الإفساد والقصد إليه فلا تفسدوا في الأرض متعمدين قاصدين (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ) ما عند الله خير لكم.. (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
بعدها يخلي بينهم وبين الله الذي دعاهم إليه.. ينحي نفسه ويفهمهم أنه لا يملك لهم شيئا ليس موكلا عليهم ولا حفيظا عليهم ولا حارسا لهم إنما هورسول يبلغهم رسالات ربه ويشعر شعيب قومه بأنالأمر جد وخطير وثقيل إذ بين لهم عاقبة إفسادهم وتركهم أمام العاقبة وحدهم

رد قوم شعيب
كان هو الذي يتكلم.. وكان قومه يستمعون.. توقف هو عن الكلام وتحدث قومه (قَالُواْ يَا شُعَيْب ُأَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَفِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ)
بهذا التهكم الخفيف والسخرية المندهشة واستهوال الأمر لقد تجرأت صلاة شعيب وجنت وأمرته أن يأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم ولقد كان آباؤهم يعبدون الأشجار والنباتات.. وصلاة شعيب تأمرهم أن يعبدوا الله وحده أي جرأة من شعيب ؟ أو فلنقل أي جرأة من صلاة شعيب..؟ بهذا المنطق الساخر الهازئ وجه قوم شعيب خطابهم إلى نبيهم.. ثم عادوا يتساءلون بدهشة ساخرة: (أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيأَمْوَالِنَا مَا نَشَاء) تخيل يا شعيب أن صلاتك تتدخل في إرادتنا، وطريقةتصرفنا في أموالنا.. ما هي علاقة الإيمان والصلاة بالمعاملات المادية؟


بهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة في الذكاء.. طرحوا أمامه قضية الإيمان، وأنكروا أن تكون لها علاقة بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم هذه المحاولة للتفريق بين الحياة الاقتصادية والدين، وقد بعث به كل الأنبياء، وإن اختلفت أسماؤه.. هذه المحاولة قديمة من عمر قوم شعيب لقد أنكروا أن يتدخل الدين في حياتهم اليومية، وسلوكهم واقتصادهم وطريقة إنفاقهم لأموالهم بحرية إن حرية إنفاق المال أو إهلاكه أو التصرف فيه شيء لا علاقة له بالدين هذه حرية الإنسان الشخصية وهذا ماله الخاص، ما الذي أقحم الدين على هذا وذاك؟.. هذا هو فهم قوم شعيب وهو لا يختلف كثيرا أو قليلا عن فهم عديد من الأقوام في زماننا الذي نعيش فيه ما للإسلام وسلوك الإنسان الشخصي وحياتهم الاقتصادية وأسلوب الإنتاج وطرق التوزيع وتصرف الناس في أموالهم كما يشاءون..؟ ما للإسلام وحياتنا اليومية..؟


ثم يعودون إلى السخرية منه والاستهزاء بدعوته (إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) أي لو كنت حليما رشيدا لما قلت ما تقول.

أدرك شعيب أن قومه يسخرون منه لاستبعادهم تدخل الدين في الحياة اليومية.. ولذلك تلطف معهم تلطف صاحب الدعوة الواثق من الحق الذي معه، وتجاوز سخريتهم لا يباليها، ولا يتوقف عندها، ولا يناقشها.. تجاوز السخرية إلى الجد.. أفهمهم أنه على بينة من ربه إنه نبي يعلم وهو لا يريد أن يخالفهم إلى ما ينهاهم عنه، إنه لا ينهاهم عن شيء ليحقق لنفسه نفعا منه، إنه لا ينصحهم بالأمانة ليخلوا له السوق فيستفيد من التلاعب.. إنه لا يفعل شيئا من ذلك.. إنما هو نبي.. وها هو ذا يلخص لهم كل دعوات الأنبياء هذا التلخيص المعجز: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ) هذه هي دعوات الأنبياء في مضمونها الحقيقي وعمقها البعيد.. إنهم مصلحون أساسا، مصلحون للعقول، والقلوب، والحياة العامة، والحياة الخاصة.
بعد أن بين شعيب عليه السلام لقومه أساس دعوته، وما يجب عليهم الالتزام به، ورأى منهم الاستكبار، حاول إيقاض مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من الأمم، وكيف دمرهم الله بأمر منه. فذكرهم قوم نوح وقوم هود ، وقوم صالح وقوم لوطوأراهم أن سبيل النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين فالمولى غفور رحيم.


تحدي وتهديد القوم لشعيب


لكن قوم شعيب أعرضوا عنه قائلين (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّاتَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا) إنه ضعيف بمقياسهم ضعيف لأن الفقراء والمساكين هم فقط اتبعوه أما علية القوم فاستكبروا وأصروا على طغيانهم إنه مقياس بشري خاطئ فالقوة بيد الله، والله مع أنبياءه ويستمر الكفرة في تهديهم قائلين (وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَاأَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ) لولا أهلك وقومك لضربا بالحجارة
نرى أنه عندما أقام شعيب -عليهالسلام- الحجة على قومه، غيروا أسلوبهم فتحولوا من السخرية إلى التهديد وأظهروا حقيقة كرههم لهلكن شعيب تلطف معهم.. تجاوز عن إساءتهم إليه وسألهم سؤالا كان هدفه إيقاظ عقولهم: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ) يالسذاجة هؤلاء إنهم يسيئون تقدير حقيقة القوى التي تتحكم في الوجود.. إن الله هووحده العزيز.. والمفروض أن يدركوا ذلك.. المفروض ألا يقيم الإنسان وزنا في الوجود لغير الله.. ولا يخشى في الوجود غير الله.. ولا يعمل حسابا في الوجود لقوة غير الله .. إن الله هو القاهر فوق عباده.
ويبدو أن قوم شعيب ضاقوا ذرعا بشعيب فاجتمع رؤساء قومه ودخلوا مرحلة جديدة من التهديد هددوه أولا بالقتل وها هم أولاء يهددونه بالطرد من قريتهم خيروه بين التشريد والعودة إلى ديانتهم وملتهم التي تعبد الأشجار والجمادات وأفهمهم شعيب أن مسألة عودته في ملتهم مسألة لا يمكن حتى التفكير بها فكيف بهم يسألونه تنفيذها لقد نجاه الله من ملتهم، فكيف يعود إليها؟ أنه هو الذي يدعوهم إلى ملة التوحيد فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر؟ أنه يدعوهم برفق ولين وحب.. وهم يهددونه بالقوة.


واستمر الصراع بين قوم شعيب ونبيهم.. حمل الدعوة ضده الرؤساء والكبراء والحكام.. وبدا واضحا أن لا أمل فيهم.. لقد أعرضوا عن الله.. أداروا ظهورهم لله فنفض شعيب يديه منهم لقد هجروا الله وكذبوا نبيه واتهموه بأنه مسحوروكاذب فليعمل كل واحد ولينتظروا جميعا أمر الله


هلاك قوم شعيب

وانتقل الصراع إلى تحد من لون جديد راحوا يطالبونه بأن يسقط عليهم كسفا من السماء إن كان من الصادقين راحوا يسألونه عن عذاب الله أين هو ؟وكيف هو ؟ ولماذا تأخر ؟ سخروا منه وانتظر شعيب أمر الله.
أوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية.. وخرج شعيب.. وجاء أمره تعالى
وَلَمَّاجَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ(94)كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ(95) (هود)


هي صيحة واحدة.. صوت جاءهم من غمامة أظلتهم.. ولعلهم فرحوا بما تصوروا أنها تحمله من المطر ثم فوجئوا أنهم أمام عذاب عظيم ليوم عظيم انتهى الأمر أدركتهم صيحة جبارة جعلت كل واحد فيهم يجثم على وجهه في مكانه الذي كان فيه صعقت الصيحة كل مخلوق حي.. لم يستطع أن يتحرك أو يجري أو يختبئ أو ينقذ نفسه.. جثم في مكانه مصروعا بصيحة.





السؤال السادس عشر



لقد واجه اصحاب الايكة نبيهم تاره بالسخريه وتاره اخرى بالتهديد وتاره اخرى بتحديه ان يسقط عليهم كسفا من السماء



فبماذا عذبهم الله تعالى وبماذا سمي ذلك اليوم؟

__________________
أسأل الله ان يرزقني رقة كرقة قلبك

  #23  
قديم 29-09-2007, 08:57 AM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي ۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة السابعه عشر)۞


موسى عليه السلام
نبذة
أرسله الله تعالى إلى فرعون وقومه ، وأيده بمعجزتين ، إحداهما هي العصا التي تلقف الثعابين ، أما الأخرى فكانت يده التي يدخلها في جيبه فتخرج بيضاء من غير سوء، دعا موسى إلى وحدانية الله فحاربه فرعون وجمع له السحرة ليكيدوا له ولكنه هزمهم بإذن الله تعالى ، ثم أمره الله أن يخرج من مصر مع من اتبعه ، فطارده فرعون بجيش عظيم وظن أتباعه أنهم مدركون أمره الله أن يضرب البحر بعصاه لتكون نجاته وليكون هلاك فرعون الذي جعله الله عبرة للآخرين
أرسل موسى وهارون عليهما السلام لأشد الشعوب كرها للحق وابتعادا عنه لذلك كانت حياتهما مليئة بالأحداث والمواقف

ولكي نستطيع عرض هذه القصة بالشكل الصحيح تم تقسيمها إلى أربع حلقات كل حلقة تتناول مرحلة من مراحل حياة هذين النبيين الكريمين



الحلقة السابعه عشر
الجزء الاول

تتناول نشأة موسى عليه السلام وخروجه من مصر إلى مدين هاربا من فرعون وجنوده ولقاءه بربه في الوادي المقدس


سيرته

أثناء حياة يوسف عليه السلام بمصر تحولت مصر إلى التوحيد توحيد الله سبحانه وهي الرسالة التي كان يحملها جميع الرسل إلى أقواهم لكن بعد وفاته عاد أهل مصر إلى ضلالهم وشركهم أما أبناء يعقوب أو أبناء إسرائيل فقد اختلطوا بالمجتمع المصري فضلّ منهم من ضل وبقي على التوحيد من بقي وتكاثر أبناء إسرائيل وتزايد عددهم واشتغلوا في العديد من الحرف
ثم حكم مصر ملك جبار كان المصريون يعبدونه ورأى هذا الملك بني إسرائيل يتكاثرون ويزيدون ويملكون وسمعهم يتحدثون عن نبوءة تقول أن واحدا من أبناء إسرائيل سيسقط فرعون مصر عن عرشه فأصدرالفرعون أمره ألا يلد أحد من بني إسرائيل أي أن يقتل أي وليد ذكر وبدأ تطبيق النظام ثم قال مستشارون فرعون له إن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم والصغار يذبحون وهذا سينتهي إلى إفناء بني إسرائيل فستضعف مصر لقلة الأيدي العاملة بها والأفضل أن تنظم العملية بأن يذبحون الذكور في عام ويتركونهم في العام الذي يليه
ووجد الفرعون أن هذا الحل أسلم وحملت أم موسى بهارون في العام الذي لايقتل فيه الغلمان فولدته علانية آمنة فلما جاء العام الذي يقتل فيه الغلمان ولد موسى حمل ميلاده خوفا عظيما لأمه خافت عليه من القتل راحت ترضعه في السر ثم جاءت عليها ليلة مباركة أوحى الله إليها فيها للأم بصنع صندوق صغير لموسى ثم إرضاعه ووضعه في الصندوق وإلقاءه في النهر

كان قلب الأم وهو أرحم القلوب في الدنيا يمتلئ بالألم وهي ترمي ابنها في النيل لكنها كانت تعلم أن الله أرحم بموسى منها والله هو ربه ورب النيل لم يكد الصندوق يلمس مياه النيل حتى أصدر الخالق أمره إلى الأمواج أن تكون هادئة حانية وهي تحمل هذا الرضيع الذي سيكون نبيا فيما بعد وحمل للنيل بامر الله موسى بهدوء ورفق حتى سلمه إلى قصر فرعون وهناك أسلمه الموج للشاطئ


رفض موسى للمراضع

وفي ذلك الصباح خرجت زوجة فرعون تتمشى في حديقة القصر وكانت زوجة فرعون تختلف كثيرا عنه فقد كان هو كافرا وكانت هي مؤمنة كان هو قاسيا وكانت هي رحيمة كان جبارا وكانت رقيقة وطيبة وأيضا كانت حزينة فلم تكن تلد وكانت تتمنى أن يكون عندها ولد وعندما ذهبت الجواري ليملأن الجرار من النهر، وجدن الصندوق فحملنه كما هو إلى زوجة فرعون فأمرتهن أن يفتحنه ففتحنه فرأت موسى بداخله فأحست بحبه في قلبها فلقد ألقى الله في قلبها محبته فحملته من الصندوق فاستيقظ موسى وبدأ يبكي كان جائعا
فجاءت زوجة فرعون إليه وهي تحمل بين يديها طفلا رضيعا فسأل من أين جاء هذا الرضيع ؟ فحدثوه بأمر الصندوق فقال بقلب لا يعرف الرحمة لابدأنه أحد أطفال بني إسرائيل أليس المفروض أن يقتل أطفال هذه السنة؟
فذكّرت آسيا -امرأة فرعون- زوجها بعدم قدرتهم على الانجاب وطلبت منه أن يسمح لها بتربيته فسمح لها بذلك عاد موسى للبكاء من الجوع فأمرت بإحضار المراضع فحضرت مرضعة من القصر وأخذت موسى لترضعه فرفض أن يرضع منها فحضرت مرضعة ثانية وثالثة وعاشرة وموسى يبكي ولا يريد أن يرضع فاحتارت زوجة فرعون ولم تكن تعرف ماذا تفعل لم تكن زوجة فرعون هي وحدها الحزينة الباكية بسبب رفض موسى لجميع المراضع فلقد كانت أم موسى هي الأخرى حزينة باكية وكادت تذهب إلى قصر فرعون لتبلغهم نبأ ابنها وليكن ما يكون لولا أن الله تعالى ربط على قلبها وملأ بالسلام نفسها فهدأت واستكانت وتركت أمر ابنها لله كل ما في الأمر أنها قالت لأخته اذهبي بهدوء إلى المدينة وحاولي أن تعرفي ماذا حدث لموسى وذهبت أخت موسى بهدوء ورفق إلى جوار قصر فرعون فإذا بها تسمع القصة الكاملة رأت موسى من بعيد وسمعت بكاءه ورأتهم حائرين لا يعرفون كيف يرضعونه سمعت أنه يرفض كل المراضع وقالت أخت موسى لحرس فرعون هل أدلكم على أهل بيت يرضعونه ويكفلونه ويهتمون بأمره ويخدمونه؟

ففرحت زوجة فرعون كثيرالهذا الأمر، وطلبت منها أن تحضر المرضعة وعادت أخت موسى وأحضرت أمه وأرضعته أمه فرضع وتهللت زوجة فرعون وقالت "خذيه حتى تنتهي فترة رضاعته وأعيديه إلينا بعدها وسنعطيك أجرا عظيما على تربيتك له وهكذا رد الله تعالى موسى لأمه كي تقر عينها ويهدأ قلبها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق وأن كلماته سبحانه تنفذ رغم أي شيء ورغم كل شيء


نشأة موسى في بيت فرعون

أتمت أم موسى رضاعته وأسلمته لبيت فرعون كان موضع حب الجميع كان لا يراه أحد إلا أحبه وها هو ذا في أعظم قصور الدنيا يتربى بحفظ الله وعنايته بدأت تربية موسى في بيت فرعون وكان هذا البيت يضم أعظم المربين والمدرسي نفي ذلك الوقت كانت مصر أيامها أعظم دولة في الأرض وهكذا شاءت حكمة الله تعالى أن يتربى موسى أعظم تربية وأن يتعهده أعظم المدرسين
كبر موسى وفي احد الايام كان يمشي في المدينه فوجد رجلا من اتباع فرعون وهو يقتتل مع رجل من بني إسرائيل ، واستغاث به الرجل الضعيف فتدخل موسى وأزاح بيده الرجل الظالم فقتله كان موسى قويا جدا ، ولم يكن يقصد قتل الظالم ، إنما أراد إزاحته فقط ، لكن ضربته هذه قتلته ففوجئ موسى به وقد مات وقال لنفسه


(هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ)ودعا موسى ربه(قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) وغفرالله تعالى له ولكن فوجئ موسى أثناء سيره بنفس الرجل الذي أنقذه بالأمس وهو يناديه ويستصرخه اليوم كان الرجل مشتبكا في عراك مع أحد المصريين وأدرك موسى بأن هذا الإسرائيلي مشاغب أدرك أنه من هواة المشاجرات وصرخ موسى في الإسرائيلي يعنفه قائلا (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ)قال موسى كلمته واندفع نحوهما يريد البطش بالمصري واعتقد الإسرائيلي أن موسى سيبطش به هو دفعه الخوف من موسى إلى استرحامه صارخا وذكّره بالمصري الذي قتله بالأمس فتوقف موسى سكت عنه الغضب وتذكر ما فعله بالأمس وكيف استغفر وتاب ووعد ألا يكون نصيرا للمجرمين استدار موسى عائدا ومضى وهو يستغفر ربه وأدرك المصري الذي كان يتشاجر مع الإسرائيلي أن موسى هو قاتل المصري الذي عثروا على جثته أمس ولم يكن أحد من المصررين يعلم من القاتل فنشر هذا المصري الخبر في أرجاء المدينة وانكشف سر موسى وظهر أمره وجاء رجل مصري مؤمن من أقصى المدينة مسرعا ونصح موسى بالخروج من مصر لأن المصريين ينوون قلته
خرج موسى من مصر على الفور خائفا يتلفت ويتسمع ويترقب
خرج موسى من مصر على عجل لم يأخذ طعاما للطريق ولم يعد للسفر عدته لم يكن معه دابة تحمله على ظهرها وتوصله ولم يكن في قافلة إنما خرج بمجرد أن جاءه الرجل المؤمن وحذره من فرعون ونصحه أن يخرج اختار طريقا غير مطروق وسلكه دخل في الصحراء مباشرة واتجه إلى حيث قدرت له العناية الإلهية أن يتجه لم يكن موسى يسير قاصدا مكانا معينا هذه أول مرة يخرج فيها ويعبر الصحراء وحده
يتبـــــــــــع


  #24  
قديم 29-09-2007, 09:23 AM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

موسى في مدين



ظل يسير بنفسية المطارد حتى وصل إلى مدين جلس يرتاح عند بئر عظيمة يسقي الناس منها دوابهم وكان خائفا طوال الوقت أني رسل فرعون من وراءه من يقبض عليه
لميكد موسى يصل إلى مدين حتى ألقى بنفسه تحت شجرة واستراح نال منه الجوع والتعب وسقطت نعله بعد أن ذابت من مشقة السير على الرمال والصخور والتراب لاحظ موسى جماعة من الرعاة يسقون غنمهم ووجد امرأتين تكفان غنمهما أن يختلطا بغنم القوم أحس موسى بما يشبه الإلهام أن الفتاتين في حاجة إلى المساعدة تقدم منهما وسأل هل يستطيع أن يساعدهما في شيء

قالت إحداهما: نحن ننتظر أن ينتهي الرعاة من سقي غنمهم لنسقي سأل موسى: ولماذا لا تسقيان؟
قالت الأخرى: لا نستطيع أن نزاحم الرجال

اندهش موسى لأنهما ترعيان الغنم المفروض أن يرعى الرجال الأغنام هذه مهمة شاقة ومتعبة وتحتاج إلى اليقظة سأل موسى: لماذا ترعيان الغنم؟

فقالت واحدة منهما: أبونا شيخ كبير لا تساعده صحته على الخروج كل يوم للرعي
فقال موسى: سأسقي لكما


سارموسى نحو الماء وسقى لهم الغنم مع بقية الرعاة وعاد يجلس تحت ظل الشجرة وتذكر لحظتها الله وناداه في قلبه: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)
عادت الفتاتان إلى أبيهما الشيخ
سأل الأب:عدتما اليوم سريعا على غير العادة؟!
قالت إحداهما: تقابلنا مع رجل كريم سقى لنا الغنم فقال الأب لابنته: اذهبي إليه وقولي له
(إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ) ليعطيك (أَجْرَ مَاسَقَيْتَ لَنَا)


ولما وصل موسى إلى الشيخ قدم له الشيخ الطعام وسأله: من أين قدم وإلى أين سيذهب؟ حدثه موسى عن قصته قال الشيخ
(لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)
هذه البلاد لا تتبع مصر ولن يصلوا إليك هنا اطمأن موسى ونهض لينصرف
قالت ابنة الشيخ لأبيها همسا: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ)
عاد الشيخ لموسى وقال له: أريد يا موسى أن أزوجك إحدى ابنتي على أن تعمل في رعي الغنم عندي ثماني سنوات ، فإن أتممت عشر سنوات فمن كرمك لا أريد أن أتعبك قال موسى: هذا اتفاق بيني وبينك والله شاهد على اتفاقنا سواء قضيت السنوات الثمانية أوالعشر سنوات فأنا حر بعدها في الذهاب وهكذا عاش موسى يخدم الشيخ عشر سنوات كاملة

موسى ورعي الغنم
وكان عمل موسى ينحصر في الخروج مع الفجر كل يوم لرعي الأغنام والسقاية لها
ولنقف هنا وقفة تدبرإن قدرة الإلهية نقلت خطى موسى -عليه السلام- خطوة بخطوة منذ أن كان رضيعا في المهد حتى هذه اللحظة ألقت به في اليم ليلتقطه آل فرعون وألقت عليه محبة زوجة فرعون لينشأ في كنف عدوّه ودخلت به المدينة على حين غفلة من أهلها ليقتل نفسا وأرسلت إليه بالرجل المؤمن من آل فرعون ليحذره وينصحه بالخروج من مصر وصاحبته في الطريق الصحراوي من مصر إلى مدين وهو وحيد مطارد من غير زاد ولا استعداد وجمعته بالشيخ الكبير ليأجره هذه السنوات العشر ثم ليعود بعدها فيتلقى التكليف

هذاخط طويل من الرعاية والتوجيه قبل النداء والتكليف تجربة الرعاية والحب والتدليل تجربة الاندفاع تحت ضغط الغيظ الحبيس وتجربة الندم والاستغفار وتجربة الخوف والمطاردة وتجربة الغربة والوحدة والجوع وتجربة الخدمة ورعي الغنم بعد حياة القصوروما يتخلل هذه التجارب الضخمة من تجارب صغيرة ومشاعر وخواطر وإدراك ومعرفة إلى جانب ما آتاه الله حين بلغ أشده من العلم والحكمة فلما استكملت نفس موسى -عليه السلام- تجاربها وأكملت مرانها بهذه التجربة الأخيرة في دار الغربة قادت القدرة الإلهية خطاه مرة أخرى عائدة به إلى مهبط رأسه ومقر أهله وقومه ومجال عمله وهكذا نرى كيف صُنِعَ موسى على عين الله وكيف تم إعداده لتلقي التكليف

عودة موسى لمصر
ترى أي خاطر راود موسى فعاد به إلى مصر بعد انقضاء الأجل وقد خرج منها خائفا يترقب؟ وأنساه الخطر الذي ينتظره بها وقد قتل فيها نفسا؟ وهناك فرعون الذي كان يتآمر مع الملأ من قومه ليقتلوه؟

إنها قدرة الله التي تنقل خطاهكلها خرج موسى مع أهله وسار وتاه أثناء سيره ووقف موسى حائرا يرتعش من البرد وسط أهله ثم رفع رأسه فشاهد ناراعظيمة تشتعل عن بعد امتلأ قلبه بالفرح فجأة قال لأهله: أني رأيت نارا هناك أمرهم أن يجلسوا مكانهم حتى يذهب إلى النار لعله يأتيهم منها بخبر أو يجد أحدا يسأله عن الطريق فيهتدي إليه أو يحضر إليهم بعض أخشابها المشتعلة لتدفئتهم وتحرك موسى نحو النار سار موسى مسرعا ليدفئ نفسه يده اليمنى تمسك عصاه جسده مبلل من المطر ظل يسير حتى وصل إلى واد يسمونه طوى لاحظ شيئا غريبا في هذا الوادي لم يكن هناك برد ولا رياح ثمة صمت عظيم ساكن واقترب موسى من النار لم يكد يقترب منها حتى نودي: (أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
نظر موسى في النار فوجد شجرة خضراء كلما زاد تأجج النار زادت خضرة الشجرة والمفروض أن تتحول الشجرة إلى اللون الأسود وهي تحترق لكن النار تزيد واللون الأخضر يزيد كانت الشجرة في جبل غربي عن يمينه وكان الوادي الذي يقف فيه هو وادي طوى
ثم ارتجت الأرض بالخشوع والرهبة والله عز وجل ينادي: يَامُوسَى
فأجاب موسى: نعم
قال الله عز وجل: إِنِّي أَنَارَبُّكَ
ازداد ارتعاش موسى وقال: نعم يا رب
قال الله عز وجل: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى
انحنى موسى راكعا وجسده كله ينتفض وخلع نعليه
عادالحق سبحانه وتعالى يقول: وَأَنَااخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) (طه)

زاد انتفاض جسد موسى وهو يتلقى الوحي الإلهي ويستمع إلى ربه وهو يخاطبه
قال الرحمن الرحيم: وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى
ازدادت دهشة موسى إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يخاطبه والله يعرف أكثر منه أنه يمسك عصاه لماذا يسأله الله إذن إذا كان يعرف أكثر منه؟! لا شكأن هناك حكمة عليا لذلك

أجاب موسى: قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى
قال الله عز وجل: أَلْقِهَا يَا مُوسَى


رمى موسى العصا من يده وقد زادت دهشته وفوجئ بأن العصا تتحول فجأة إلى ثعبان عظيم الحجم هائل الجسم وراح الثعبان يتحرك بسرعة ولم يستطع موسى أن يقاوم خوفه أحس أن بدنه يتزلزل من الخوف فاستدار موسى فزعا وبدأ يجري لم يكد يجري خطوتين حتى ناداه الله: يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَايَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ
عاد موسى يستدير ويقف لم تزل العصا تتحرك لم تزل الحية تتحرك
قالالله سبحانه وتعالى لموسى: خُذْهَا وَلَاتَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى
مد موسى يده للحية وهو يرتعش لم يكد يلمسها حتى تحولت في يده إلى عصا عاد الأمر الإلهي يصدر له: اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ
وضع موسى يده في جيبه وأخرجها فإذا هي تتلألأ كالقمر زاد انفعال موسى بما يحدث وضع يده على قلبه كما أمره الله فذهب خوفه تماما
اطمأن موسى وسكت وأصدر الله إليه أمرا بعد هاتين المعجزتين -معجزة العصا ومعجزة اليد- أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى الله برفق ولين ويأمره أن يخرج بني إسرائيل من مصر ثم قفل موسى راجعا لأهله بعد اصطفاء الله واختياره رسولا إلى فرعون انحدر موسى بأهله قاصدا مصر

لقدأمره الله تعالى أن يذهب إلى فرعون أن يدعوه بلين ورفق إلى الله أوحى الله لموسى أن فرعون لن يؤمن ليدعه موسى وشأنه وليركزعلى إطلاق سراح بني إسرائيل والكف عن تعذيبهم فهل يفرط الفرعون في بني اسرائيل وبناء الدولة الأساسي ببساطة ويسر؟ ذهبت الأفكار وجاءت فاختصرت مشقة الطريق ورفع الستار عن مشهد المواجهة

السؤال السابع عشر
إن الرسالة تكليف ضخم شاق ، يحتاج صاحبه إلى زاد ضخم من التجارب والإدراك والمعرفة ،إلى جانب وحي الله وتوجيهه

لقد عاش موسى عدد من التجارب و خط طويل من الرعاية والتوجيه قبل النداء والتكليف عددها؟

__________________
أسأل الله ان يرزقني رقة كرقة قلبك

  #25  
قديم 30-09-2007, 09:06 AM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي ۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة الثامنه عشر)۞



موسى عليه السلام
الجزء الثاني

تتناول عوده موسى عليه السلام لمصر داعيا إلى الله وحده والصراع بين موسى وفرعون في مصر وغرق فرعون وجنوده


مواجهة فرعون
واجه موسى فرعون بلين ورفق كما أمره الله وحدثه عن الله عن رحمته وجنته عن وجوب توحيده وعبادته ألمح إليه أنه يملك مصر ويستطيع لو أراد أن يملك الجنة وكل ما عليه هو أن يتقي الله استمع فرعون إلى حديث موسى ضجرا شبه هازئ وقد تصوره مجنونا تجرأ على مقامه السامي ثم سأل فرعون موسى ماذا يريد؟ فأجاب موسى أنه يريد أن يرسل معه بني إسرائيل
ثم استلفت موسى نظر فرعون إلى آيات الله في الكون ودار به مع حركة الرياح والمطر والنبات وأوصله مرة ثانية إلى الأرض وهناك افهمه أن الله خلق الإنسان من الأرض وسيعيده إليها بالموت ويخرجه منها بالبعث إن هناك بعثا إذن وسيقف كل إنسان يوم القيامة أمام الله تعالى لا استثناء لأحد سيقف كل عباد الله وخلقه أمامه يوم القيامة بما في ذلك الفرعون بهذا جاء مبشرا ومنذرا

لم يعجب فرعون هذا النذير وتصاعد الحوار بينه وبين موسى وهاج فرعون وثار وأنهى الحوار بالتهديد الصريح

إلا أن موسى -عليه السلام- لم يفقد رباطة جأشه كيف يفقدها وهو رسول الله والله معه ومع أخيه؟ وبدأ الإقناع بأسلوب جديد وهو إظهار المعجزة
ألقى موسى عصاه في ردهة القصر العظيمة لم تكد العصا تلمس الأرض حتى تحولت إلى ثعبان هائل يتحرك بسرعة ثم أدخل يده في جيبه وأخرجها فإذا هي بيضاء كالقمر

تحدي السحرة
وتبدأ الجولة الثانية بين الحق والباطل حيث شاور فرعون الملأ فأشاروا أن يرد على سحر موسى بسحر مثله فيجمع السحرة لتحدي موسى وأخاه
حدد الميقات وهو يوم الزينة وبدأت حركة إعداد الجماهير وتحميسهم فدعوهم للتجمع وعدم التخلف عن الموعد ليراقبوا فوز السحرة وغلبتهم على موسى الإسرائيلي وفي ساحة المواجهة حضر موسى وأخاه هارون عليهما السلام وحضر السحرة وفي أيديهم كل ما أتقنوه من ألعاب وحيل وكلهم ثقة بفوزهم في هذا التحدي لذا بدءوا بتخيير موسى (إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى) وتتجلى ثقة موسى -عليه السلام- في الجانب الآخر واستهانته بالتحدي (بَلْ أَلْقُوا) فرمى السحرة عصيهم وحبالهم (وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ)
فإذا المكان يمتلئ بالثعابين فجأة (سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) وحسبنا أن يقرر القرآن الكريم أنه سحر عظيم (وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ) لندرك أي سحر كان وحسبنا أن نعلم أنهم (سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ) وأثاروا الرهبة في قلوبهم (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ) فنظرموسى عليه السلام إلى حبال السحرة وعصيهم وشعر بالخوف
في هذه اللحظة يذكّره ربّه بأن معه القوة الكبرى فهو الأعلى ومعه الحق (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ) وستهزمهم اطمأن موسى ورفع عصاه وألقاها لم تكد عصا موسى تلامس الأرض حتى وقعت المعجزة الكبرى وضخامة المعجزة حولت مشاعر ووجدان السحرة الذين جاءوا للمباراة وهم أحرص الناس على الفوز لنيل الأجر الذي بلغت براعتهم لحد أن يشعر موسى بالخوف من عملهم تحولت مشاعرهم بحيث لم يسعفهم الكلام للتعبير (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى)

إنه فعل الحق في الضمائر ونور الحق في المشاعر ولمسة الحق في القلوب المهيأة لتلقي الحق والنور واليقين ومن هنا تحول السحرة من التحدي السافر إلى التسليم المطلق الذي يجدون برهانه في أنفسهم عن يقين
هزت هذه المفاجأة العرش من تحته مفاجأة استسلام السحرة -وهم من كهنة المعابد- لرب العالمين رب موسى وهارون بعد أن تم جمعهم لإبطال دعوة موسى وهارون لرب العالمين! ولأن العرش والسلطان أهم شيء في حيات الطواغيت ، فهم مستعدون لارتكاب أي جريمة في سبيل المحافظة عليهما

تسائل فرعون مستغربا (آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ ) ويتوعد (لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) لكن النفس البشرية حين تستيقن الحقيقة تختار الخلود الدائم على الحياة الفانية (قَالُواْ إِنَّاإِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ) إنه الإيمان الذي لا يتزعزع ولا يخضع
فيقف الطغيان عاجزا أما هذا الوعي وهذا الاطمئنان عاجزا عن رد هؤلاء المؤمنين لطريق الباطل من جديد فينفذ تهديده ويصلبهم على جذوع النخل


التآمر على موسى ومن آمنمعه
ينقلنا القرآن الكريم إلى مشهد آخر من مشاهد المواجهة بين الحق والباطل حيث يحكي لنا قصة تشاور فرعون مع الملأ في قتل موسى (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) أما موسى عليه السلام فالتجأ إلى الركن الركين ولاذ بحامي اللائذين ومجير المستجيرين (وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ)

ابتلاء الله أهل مصر
أما حال مصر في تلك الفترة فلقد مضى فرعون في قتل الرجال واستحيا النساء وظل موسى وقومه يحتملون العذاب ويرجون فرج الله ويصبرون على الابتلاء وظل فرعون في ظلاله وتحدّيه فتدخلت قوة الله سبحانه وتعالى وشاءالله تعالى أن يشدد على آل فرعون ابتلاء لهم وتخويف ولكي يصرفهم عن الكيد لموسى ومن آمن معه وإثباتا لنبوة موسى وصدقه في الوقت نفسه وهكذا سلط على المصريين أعوام الجدب
وأخذتهم العزة بالإثم فاعتقدوا أن سحر موسى هو المسئول عما أصابهم من قحط

فشدد الله عليهم لعلهم يرجعون إلى الله ويطلقون بني إسرائيل ويرسلونهم معه فأرسل عليهم الطوفان والجراد والقمل -وهو السوس- والضفادع والدم ولا يذكر القرآن إن كانت جملة واحدة، أم واحدة تلو الأخرى
المهم هو طلب آل فرعون من موسى أن يدعو لهم ربه لينقذهم من هذا البلاء ويعدونه في كل مرة أن يرسلوا بني إسرائيل إذا أنجاهم ورفع عنهم هذا البلاء
فكان موسى -عليه السلام- يدعو الله بأن يكشف عنهم العذاب وما أن ينكشف البلاء حتى ينقضون عهدهم ويعودون إلى ما كانوا فيه

خروج بني إسرائيل من مصر
بدا واضحا أن فرعون لن يؤمن لموسى ولن يكف عن تعذيبه لبني إسرائيل ولن يكف عن استخفافه بقومه فانتهى الأمر وأوحي إلى موسى أن يخرج من مصر مع بني إسرائيل وأن يكون رحيلهم ليلا بعد تدبير وتنظيم لأمرالرحيل وأمره أن يقوم قومه إلى ساحل البحر وهو في الغالب عند التقاء خليج السويس بمطقة البحيرات
وبلغت الأخبار فرعون أن موسى قد صحب قومه وخرج فأرسل لحشد جيش عظيم ليدرك موسى وقومه
وقف موسى أمام البحر وبدا جيش الفرعون يقترب وظهرت أعلامه وامتلأ قوم موسى بالرعب كان الموقف حرجا وخطيرا إن البحر أمامهم والعدو ورائهم وليس معهم سفن أو أدوات لعبور البحر كما ليست أمامهم فرصة واحدة للقتال إنهم مجموعة من النساء والأطفال والرجال غير المسلحين سيذبحهم فرعون عن آخرهم صرخت بعض الأصوات من قوم موسى: سيدركنا فرعون قال موسى (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ).

لم يكن يدري موسى كيف ستكون النجاة لكن قلبه كان ممتلئا بالثقة بربه واليقين بعونه والتأكد من النجاة فالله هو اللي يوجهه ويرعاه وفي اللحظة الأخيرة يجيء الوحي من الله (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ) فضربه فوقعت المعجزة (فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) وتحققه المستحيل في منطق الناس لكن الله إن أراد شيئا قال له كن فيكون ووصل فرعون إلى البحر شاهد هذه المعجزة شاهد في البحر طريقا يابسا يشقه نصفين فأمر جيشه بالتقدم وحين انتهى موسى من عبور البحر وأوحى الله إلى موسى أن يترك البحر على حاله (وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ) وكان الله تعالى قد شاء إغراق الفرعونفما أن صار فرعون وجنوده في منتصف البحر حتى أصدر الله أمره فانطبقت الأمواج على فرعون وجيشه وغرق فرعون وجيشه غرق العناد ونجا الإيمان بالله
ولما عاين فرعون الغرق ولم يعد يملك النجاة (قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) سقطت عنه كل الأقنعة الزائفة وتضائل فلم يكتفي بأن يعلن إيمانه بل والاستسلام أيضا انتهى وقت التوبة المحدد لك وهلكت سينجو جسدك وحده لن تأكله الأسماك ولين يحمله التيار بعيدا عن الناس بل سينجو جسدك لتكون آية لمن خلفك

أسدل الستار على طغيان الفرعون ولفظت الأمواج جثته إلى الشاطئ بعد ذلك نزل الستار تماما عن المصريين لقد خرجوا يتبعون خطا موسى وقومه ويقفون أثرهم فكان خروجهم هذا هو الأخير وكان إخراجا لهم من كل ما هم فيه من جنات وعيون وكنوز فلم يعودوا بعدها لهذا النعيم لا يحدثنا القرآن الكريم عما فعله من بقى من المصررين في مصر بعد سقوط نظام الفرعون وغرقه مع جيشه لا يحدثنا عن ردود فعلهم بعدأن دمر الله ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يشيدون يسكت السياق القرآني عنهم ويستبعدهم تماما من التاريخ والأحداث



السؤال الثامن عشر
شدد الله على ال فرعون لعلهم يرجعون إلى الله ، ويطلقون بني إسرائيل ويرسلونهم مع موسى وهارون وسلط عليهم الوان من العذاب وفي كل مره يعدون موسى ان كشف الله ما بهم من بلاء يرسلون معه بني اسرائيل ثم يتقضون عهدهم

ماهي تلك الالوان ولاانواع من البلاء التي سلطها الله عليهم؟
__________________
أسأل الله ان يرزقني رقة كرقة قلبك

  #26  
قديم 02-10-2007, 12:14 AM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي ۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة التاسعه عشر)۞



موسى عليه السلام


الجزء الثالث

تتناول حياة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل بعد غرق فرعون، والأحداث العظيمة التي حدثت أثناء ضياعهم في صحراء سيناء
نفسية بني إسرائيل الذليلة
لقد مات فرعون مصر غرق أمام عيون المصريين وبني إسرائيل ورغم موته فقد ظل أثره باقيا في نفوس المصريين وبني إسرائيل من الصعب على سنوات القهر الطويلة والذل المكثف أن تمر على نفوس الناس مر الكرام لقد عوّد فرعون بني إسرائيل الذل لغير الله هزم أرواحهم وأفسد فطرتهم فعذبوا موسى عذابا شديدا بالعناد والجهل

كانت معجزة شق البحر لم تزل طرية في أذهانهم حين مروا على قوم يعبدون الأصنام وبدلا من أن يظهروا استيائهم لهذا الظلم للعقل ويحمدوا الله أن هداهم للإيمان بدلا من ذلك التفتوا إلى موسى وطلبوا منه أن يجعل لهم إلها يعبدونه مثل هؤلاء وعاودهم الحنين لأيام الشرك القديمة التي عاشوها في ظل فرعون0

موعد موسى لملاقاة ربه
انتهت المرحلة الأولى من مهمة موسى عليه السلام وهي تخليص بني إسرائيل من حياة الذل والتعذيب على يد فرعون وجنده والسير بهم إلى الديار المقدسة لكن القوم لم يكونوا على استعداد للمهمة الكبرى مهمة الخلافة في الأرض بدين الله وكان الاختبار الأول أكبر دليل على ذلك فما أن رأوا قوما يعبدون صنما حتى اهتزت عقيدة التوحيد في نفوسهم فكان لا بد من رسالة مفصلة لتربية هذه الأمة وإعدادها لما هم مقبلون عليه من أجل هذه الرسالة كانت مواعدة الله لعبده موسى ليلقاه وكانت هذه المواعدة إعداد لنفس موسى ليتهيأ للموقف الهائل العظيم فاستخلف في قومه أخاه هارون عليه السلام
كانت فترة الإعداد ثلاثين ليلة أضيف إليها عشر فبلغت عدتها أربعين ليله يذكر ابن كثير في تفسيره عن أمر هذه الليالي: "فذكر تعالى أنه واعد موسى ثلاثين ليلة؛ قال المفسرون: فصامها موسى -عليه السلام- وطواها، فلما تم الميقات استاك بلحاء شجرة، فأمره الله تعالى أن يكمل العشرة أربعين".
كان موسى بصومه يقترب من ربه أكثر وكان موسى بتكليم الله له يزداد حبا في ربه أكثر فطلب موسى أن يرى أحيانا كثيرة يدفع الحب البشري الناس إلى طلب المستحيل فما بالك بالحب الإلهي وهو أصل الحب؟
وجاءه رد الحق عز وجل: قَالَ لَن تَرَانِي
ولو أن الله تبارك وتعالى قالها ولم يزد عليها شيئا لكان هذا عدلا منه سبحانه غير أن الموقف هنا موقف حب إلهي من جانب موسى موقف اندفاع يبرره الحب ولهذا أدركت رحمة الله تعالى موسى أفهمه أنه لن يراه لأن أحدا من الخلق لا يصمد لنور الله أمره أن ينظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف يراه
قال تعالى (وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا)
فدكّ الجبل وسقط موسى مغشيا عليه غائبا عن وعيه فلما أفاق قال سبحانك تنزهت وتعاليت عن أن ترى بالأبصار وتدرك
ثم تتداركه رحمة ربه من جديد فيتلقى موسى -عليه السلام- البشرى بشرى الاصطفاء مع التوجيه له بالرسالة إلى قومه بعد الخلاص قال تعالى (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ)

عبادة العجل
انتهى ميقات موسى مع ربه تعالى وعاد غضبان أسفا إلى قومه فلقد أخبره الله أن قموه قد ضلّوا من بعده وأن رجلا من بني إسرائيل يدعى السّامري هو من أضلّهم انحدر موسى من قمة الجبل وهو يحمل ألواح التوراة قلبه يغلي بالغضب والأسف نستطيع أن نتخيل انفعال موسى وثورته وهو يحث خطاه نحو قومه
لم يكد موسى يغادر قومه إلى ميقات ربه حتى وقعت فتنة السامري وتفصيل هذه الفتنة أن بني إسرائيل حين خرجوا من مصر صحبوا معهم كثيرا من حلي المصريين وذهبهم حيث كانت نساء بني إسرائيل قد استعرنه للتزين به وعندما أمروا بالخروج حملوه معهم ثم قذفوها لأنها حرام فأخذها السامري وصنع منها تمثالا لعجل وكان السامري فيما يبدو نحاتا محترفا أو صائغا سابقا
و قد أخذ قبضة من تراب سار عليه جبريل -عليه السلام- حين نزل إلى الأرض في معجزة شق البحر أي أن السامري أبصر بما لم يبصروا به فقبض قبضة من أثر الرسول -جبريل عليه السلام- فوضعها مع الذهب وهو يصنع منه العجل وكان جبريل لا يسير على شيء إلا دبت فيه الحياة فلما أضاف السامري التراب إلى الذهب ثم صنع منه العجل خار العجل كالعجول الحقيقية وهذه هي القصة التي قالها السامري لموسى عليه السلام بعد ذلك خرج السامري على بني إسرائيل بما صنعه قال السامري: لقد نسي موسى ذهب للقاء ربه هناك بينما ربه هنا

وعبد بنو إسرائيل هذا العجل لعل دهشة القارئ تثور لهذه الفتنة كيف يمكن الاستخفاف بعقول القوم لهذه الدرجة؟! لقد وقعت لهم معجزات هائلة فكيف ينقلبون إلى عبادة الأصنام في لحظة؟
تزول هذه الدهشة لو نظرنا في نفسية القوم الذين عبدواالعجل لقد تربوا في مصر أيام كانت مصر تعبد الأصنام وتقدس فيما تقدس العجل أبيس وتربوا على الذل والعبودية فتغيرت نفوسهم والتوت إن كلمات الله لم تعدهم إلى الحق كما أن المعجزات الحسية لم تقنعهم بصدق الكلمات ظلوا داخل أعماقهم من عبدة الأوثان ولهذا السبب انقلبوا إلى عبادة العجل
وفوجئ هارون عليه الصلاة والسلام بأن بني إسرائيل يعبدون عجلا من الذهب انقسموا إلى قسمين الأقلية المؤمنة أدركت أن هذا هراء والأغلبية الكافرة طاوعت حنينها لعبادة الأوثان ووقف هارون وسط قومه وراح يعظهم ورفض عبدة العجل موعظتة وأصموا آذانهم ورفضوا كلماته واستضعفوه وكادوا يقتلونه وأنهوا مناقشة الموضوع بتأجيله حتى عودة موسى وخشي

انحدر موسى عائدا لقومه فسمع صياح القوم وجلبتهم وهم يرقصون حول العجل توقف القوم حين ظهر موسى وساد صمت صرخ موسى يقول (بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ)

اتجه موسى نحو هارون وألقى ألواح التوراة من يده وأمسك هارون من شعر رأسه وشعر لحيته وشده نحوه وهو يرتعش قال موسى
يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) (طه)
أفهم هارون أخاه موسى برفق ولين أن القوم استضعفوه وكادوا يقتلونه حين قاومهم وخشي أن يلجأ إلى القوة ويحطم لهم صنمهم فتثور فتنة بين القوم فآثر تأجيل الموضوع إلى أن يحضر موسى ورجا منه أن يترك رأسه ولحيته حتى لا يشمت به الأعداء ويستخف به القوم زيادة على استخفافهم به أدرك موسى أن هارون تصرف أفضل تصرف ممكن في هذه الظروف ترك رأسه ولحيته واستغفر الله له ولأخيه التفت موسى لقومه وتساءل بصوت لم يزل يضطرب غضبا: (يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي)
تحدث موسى إلى السامري وغضبه لم يهدأ بعد: قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ
ليس المهم أن يكون السامري قد رأى جبريل عليه السلام فقبض قبضة من أثره ليس المهم أن يكون خوار العجل بسبب هذا التراب الذي سار عليه فرس جبريل أو يكون الخوار بسبب ثقب اصطنعه السامري ليخور العجل المهم في الأمر كله جريمة السامري وفتنته للقوم واستغلاله إعجاب القوم الدفين في عبادة الأوثان حكم موسى على السامري بالوحدة في الدنيا يقول بعض المفسرين إن موسى دعا على السامري بأن لا يمس أحدا، معاقبة له على مسه ما لم يكن ينبغي له مسه ويوم القيامة له عقوبة اخرى، يبهمها السياق لتجيء ظلالها في النفس أخطر وأرعب.
نهض موسى بعد فراغه من السامري إلى العجل الذهب وألقاه في النار لم يكتف بصهره أمام عيون القوم المبهوتين وإنما نسفه في البحر نسفا
بعد أن نسف موسى الصنم وفرغ من الجاني الأصلي التفت إلى قومه وحكم في القضية كلها فأفهمهم أنهم ظلموا أنفسهم وترك لعبدة العجل مجالا واحدا للتوبة وكان هذا المجال أن يقتل المطيع من بني إسرائي من عصى
كانت العقوبة التي قررها موسى على عبدة العجل مهولة ثم رحم الله تعالى وتاب إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم

تابـــــــع


  #27  
قديم 02-10-2007, 12:34 AM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي يتبـــــع


رفع الجبل فوق رؤوس بني إسرائيل

عاد موسى إلى هدوئه واستأنف جهاده في الله وقرأ ألواح التوراة على قومه أمرهم في البداية أن يأخذوا بأحكامها بقوة وعزم ومن المدهش أن قومه ساوموه على الحق قالوا: انشر علينا الألواح فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها فقال موسى: بل اقبلوها بما فيها فراجعوا مرارا فأمر الله تعالى ملائكته فرفعت الجبل على رءوسهم حتى صار كأنه غمامة فوقهم وقيل لهم: إن لم تقبلوها بما فيها سقط ذلك الجبل عليكم فقبلوا بذلك وأمروا بالسجود فسجدوا وضعوا خدودهم على الأرض وراحوا ينظرون إلى الجبل فوقهم هلعا ورعبا
وهكذا أثبت قوم موسى أنهم لا يسلمون وجوههم لله إلا إذا لويت أعناقهم بمعجزة حسية باهرة تلقي الرعب في القلوب وتنثني الأقدام نحو سجود قاهر يدفع الخوف إليه دفعا
أمر موسى بني إسرائيل أن يستغفروا الله ويتوبوا إليه اختار منهم سبعين رجلا الخيّر فالخيّر وقال انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم خرج موسى بهؤلاء السبعين المختارين لميقات حدده له الله تعالى دنا موسى من الجبل وكلم الله تعالى موسى وسمع السبعون موسى وهو يكلم ربه
ولعل معجزة كهذه المعجزة تكون الأخير وتكون كافية لحمل الإيمان إلى القلوب مدى الحياة غير أن السبعين المختارين لم يكتفوا بما استمعوا إليه من المعجزة إنما طلبوا رؤية الله تعالى كوفئ الطلب المتعنت بعقوبة صاعقة أخذتهم رجفة مدمرة صعقت أرواحهم وأجسادهم على الفور فماتوا
أدرك موسى ما أحدثه السبعون المختارون فملأه الأسى وقام يدعو ربه ويناشده أن يعفو عنهم ويرحمهم يحكي المولى عز وجل دعاء موسى عليه السلام بالتوبة على قومه في سورة الأعراف

وَاخْتَارَمُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَاوَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِين (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّاهُدْنَـا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّلَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157) (الأعراف)
هذه كانت كلمات موسى لربه وهو يدعوه ويترضاه ورضي الله تعالى عنه وغفر لقومه فأحياهم بعد موتهم واستمع المختارون في هذه اللحظات الباهرة من تاريخ الحياة إلى النبوءة بمجيء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
سنلاحظ طريقة الربط بين الحاضر والماضي في الآية إن الله تعالى يتجاوز زمن مخاطبة الرسول في الآيات إلى زمنين سابقين هما نزول التوراة ونزول الإنجيل ليقرر أنه (تعالى) بشّر بمحمد في هذين الكتابين الكريمين نعتقد أن إيراد هذه البشرى جاء يوم صحب موسى من قومه سبعين رجلا هم شيوخ بني إسرائيل وأفضل منفيهم لميقات ربه في هذا اليوم الخطير بمعجزاته الكبرى تم إيراد البشرى بآخرأنبياء الله عز وجل

السير باتجاه بيت المقدس
سار موسى بقومه في اتجاه البيت المقدس أمر موسى قومه بدخولها وقتال من فيها والاستيلاء عليها وها قد جاء امتحانهم الأخير بعد كل ما وقع لهم من المعجزات والآيات والخوارق جاء دورهم ليحاربوا بوصفهم مؤمنين قوما من عبدة الأصنام
رفض قوم موسى دخول الأراضي المقدسة وحدثهم موسى عن نعمة الله عليهم كيف جعل فيهم أنبياء وجعلهم ملوكا يرثون ملك فرعون وآتاهم مَّا لَمْيُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ
وكان رد قومه عليه أنهم يخافون من القتال قالوا: إن فيها قوماجبارين ولن يدخلوا الأرض المقدسة حتى يخرج منها هؤلاء
وانضم لموسى وهارون اثنان من القوم تقول كتب القدماء إنهم خرجوا في ستمائة ألف لم يجد موسى من بينهم غير رجلين على استعداد للقتال وراح هذان الرجلان يحاولان إقناع القوم بدخول الأرض والقتال قالا: إن مجرد دخولهم من الباب سيجعل لهم النصر ولكن بني إسرائيل جميعا كانوا يتدثرون بالجبن ويرتعشون في أعماقهم

مرة أخرى تعاودهم طبيعتهم التي عاودتهم قبل ذلك حين رأوا قوماي عكفون على أصنامهم فسدت فطرتهم وانهزموا من الداخل واعتادوا الذل فلم يعد في استطاعتهم أن يحاربواوقال قوم موسى له كلمتهم الشهيرة(فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)هكذا بصراحة وبلا التواء
أدرك موسى أن قومه ما عادوا يصلحون لشيء مات الفرعون ولكن آثاره في النفوس باقية يحتاج شفاؤها لفترة طويلة عاد موسى إلى ربه يحدثه أنه لا يملك إلانفسه وأخاه دعا موسى على قومه أن يفرق الله بينه وبينهم
وأصدر الله تعالى حكمه على هذا الجيل الذي فسدت فطرته من بني إسرائيل كان الحكم هو التيه أربعين عاما حتى يموت هذا الجيل أو يصل إلى الشيخوخة ويولد بدلا منه جيل آخر جيل لم يهزمه أحد من الداخل ويستطيع ساعتها أن يقاتل وأنينتصر

فترة التيه
مكث بنو إسرائيل في التيه أربعين سنة حتى فني جيل بأكمله فنى الجيل الخائر المهزوم من الداخل وولد في ضياع الشتات وقسوة التيه جيل جديد جيل لم يتربى وسط مناخ وثني ولم يشل روحه انعدام الحرية جيل لم ينهزم من الداخل جيل لم يعد يستطيع الأبناء فيه أن يفهموا لماذا يطوف الآباء هكذا بغير هدف في تيه لا يبدوله أول ولا تستبين له نهاية إلا خشية من لقاء العدو جيل صار مستعدا لدفع ثمن آدميته وكرامته من دمائه أخيرا ولد هذا الجيل وسط تيه الأربعين عاما
ولقد قدر لموسى زيادة في معاناته ورفعا لدرجته عند الله تعالى قدر له ألا تكتحل عيناه بمرأى هذا الجيل فقد مات موسى عليه الصلاة والسلام قبل أن يدخل بنو إسرائيل الأرض التي كتب الله عليهم دخولها ودفن عند كثيب أحمر حدث عنه آخر أنبياء الله في الأرض حين أسرى به قال محمد صلى الله عليه وسلم: لما أسري بي مررت بموسى وهو قائم يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر
مات موسى عليه الصلاة والسلام في التيه وتولى يوشع بن نون أمر بني إسرائيل


السؤال التاسع عشر

صحب موسى من قومه سبعين رجلا هم شيوخ بني إسرائيل وأفضل من فيهم لميقات ربه في هذا اليوم الخطير بمعجزاته الكبرى من سماعهم لصوت الله تعالى وقولهم لن نؤمن لك حتى نرى الله جهره والرجفه التي صعقت أرواحهم وأجسادهم على الفور فماتوا ثم احياهم الله تعالى
في هذا اليوم سمعوا ببشرى كريمة تتعلق بأمة محمد فما هي؟


__________________
أسأل الله ان يرزقني رقة كرقة قلبك

  #28  
قديم 02-10-2007, 05:44 PM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي ۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة العشرون)۞






موسى والعبد الصالح

لم يحدد لنا القران الكريم المكان الذي وقعت فيه الحوادث ولا يحدد لنا التاريخ كما أنه لم يصرح بالأسماء ولم يبين ماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ولي؟
اختلف المفسرون في تحديد المكان فقيل إنه بحر فارس والرو وقيل بل بحر الأردن أو القلزم وقيل عند طنجة وقيل في أفريقيا وقيل هو بحر الأندلس ولا يقوم الدليل على صحة مكان من هذه الأمكنة ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى وإنما أبهم السياق القرآني المكان كما أبهم تحديد الزمان كما ضبب أسماء الأشخاص لحكمة عليا

إن القصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا القائم على الأسباب وليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي إنما نحن أمام علم من طبيعة غامضة أشد الغموض علم القدر الأعلى وذلك علم أسدلت عليه الأستار الكثيفة مكان اللقاء مجهول كما رأينا وزمان اللقاء غير معروف هو الآخر لا نعرف متى تم لقاء موسى بهذا العبد
وهكذا تمضي القصة بغير أن تحدد لك سطورها مكان وقوع الأحداث ولا زمانه يخفي السياق القرآني أيضا اسم أهم أبطالها يشير إليه الحق تبارك وتعالى بقوله (عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) هو عبد أخفى السياق القرآني اسمه هذا العبد هو الذي يبحث عنه موسى ليتعلم
لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى عليه السلام بأمور كثيرة ورغم هذا يتحول في القصة إلى طالب علم متواضع يحتمل أستاذه ليتعلم ومن يكون معلمه غير هذا العبد الذي يتجاوز السياق القرآني اسمه وإن حدثتنا السنة المطهرة أنه هو الخضر عليه السلام كما حدثتنا أن الفتى هو يوشع بن نون ويسير موسى مع العبد الذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها
ومع منزلة موسى العظيمة إلا أن الخضر يرفض صحبة موسى يفهمه أنه لن يستطيع معه صبرا ثم يوافق على صحبته بشرط ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه الخضر عنه
والخضر هو الصمت المبهم ذاته إنه لا يتحدث وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة إن هناك تصرفات يأتيها الخضر وترتفع أمام عيني موسى حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته ورغم علم موسى ومرتبته فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنه علما
والسبب وراء هذا كله حيث ان قام موسى خطيبا في بني إسرائيل يدعوهم إلى الله ويحدثهم عن الحق ويبدو أن حديثه جاء جامعا مانعا رائعا بعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعين من بني إسرائيل هل على وجه الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله؟
قال موسى مندفعا: لا
وساق الله تعالى عتابه لموسى حين لم يرد العلم إليه فبعث إليه جبريل يسأله يا موسى ما يدريك أين يضع الله علمه؟
أدرك موسى أنه تسرع وعاد جبريل عليه السلام يقول له: إن لله عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك
تاقت نفس موسى الكريمة إلى زيادة العلم وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم. سأل كيف السبيل إليه فأمر أن يرحل وأن يحمل معه حوتا في مكتل أي سمكة في سلة. وفي هذا المكان الذي ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر سيجد العبد العالم انطلق موسى طالب العلم ومعه فتاه وقد حمل الفتى حوتا في سلة انطلقا بحثا عن العبد الصالح العالم وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياة للسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر
ويظهر عزم موسى عليه السلام على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقابا وأحقابا قيل أن الحقب عام وقيل ثمانون عاما على أية حال فهو تعبير عن التصميم لا عن المدة على وجه التحديد
وصل الاثنان إلى صخرة جوار البحر رقد موسى واستسلم للنعاس وبقي الفتى ساهرا وألقت الرياح إحدى الأمواج على الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ فدبت فيه الحياة وقفز إلى البحر (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا) وكان تسرب الحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل الحكيم الذي جاء موسى يتعلم منه
نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوتوسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهماثم تذكر موسى غداءه وحل عليه التعب(قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا)ولمع في ذهن الفتى ما وقع تذكر كيف تسرب الحوت إلى البحر هناك وأخبر موسى بما وقع واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له ما وقع رغم غرابة ما وقع فقد اتخذ الحوت (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا) كان أمرا عجيبا ما رآه الفتى لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى على الرمال
سعد موسى من مروق الحوت إلى البحر و(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ)
هذا ما كنا نريده إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم ويرتد موسى وفتاه يقصان أثرهما عائدين انظر إلى بداية القصة وكيف تجيء غامضة أشد الغموض مبهمة أعظم الإبهام
أخيرا وصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر وهناك وجدا رجلا

يقول البخاري إن موسى وفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه

تابــــــع
  #29  
قديم 02-10-2007, 05:59 PM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

فسلم عليه موسى فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام ؟ من أنت ؟

قال موسى: أنا موسى
قال الخضر: موسى بني إسرائيل عليك السلام يا نبي إسرائيلقال موسى: وما أدراك بي ؟
قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي ماذا تريد يا موسى ؟
قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقير (هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)
قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك وأن الوحي يأتيك ؟ يا موسى (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)
نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب ورد الخضر الحاسم الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر يقول المفسرون إن الخضر قال لموسى: إن علمي أنت تجهله ولن تطيق عليه صبرا، لأن الظواهر التي ستحكم بها على علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا وربما رأيت في تصرفاتي ما لا تفهم له سببا أو تدري له علة وإذن لن تصبر على علمي يا موسى
احتمل موسى كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا
تأمل كيف يتواضع كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا
قال الخضر لموسى عليهما السلام إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه فوافق موسى على الشرط وانطلقا
انطلق موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر مرت سفينة فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر إكراما للخضر وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها وركابها فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها، لم يكد أصحابها يبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق السفينة اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا
فاستنكر موسى فعلة الخضر لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر أكرمونا وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه كما حركته غيرته على الحق فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليه(قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا)
وهنا يلفت العبد الرباني نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه لأنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا)
سارا معا فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس فوجئ موسى بأن العبد الرباني يقتل غلاما ويثور موسى سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر عليه (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا) ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه (قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا)
ومضى موسى مع الخضر فدخلا قرية بخيلة لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية ولا يعرف لماذا يبيتان فيها نفذ ما معهما من الطعام فاستطعما أهل القرية فأبوا أن يضيفوهما وجاء عليهما المساء وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار وبنائه من جديد ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه، إن القرية بخيلة لا يستحق من فيها هذا العمل المجاني (قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا).. انتهى الأمر بهذه العبارة قال عبد الله لموسى (هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ)
لقد حذر العبد الرباني موسى من مغبة السؤال وجاء دور التفسير الآن
إن كل تصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره كان ينفذ إرادة عليا وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها الخافية وكانت التصرفات تشي بالقسوة الظاهرة بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنيا جوهر الرحمة وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر وهكذا يتناقض ظاهر الأمر وباطنه ولا يعلم موسى رغم علمه الهائل غير قطرة من علم العبد الرباني ولا يعلم العبد الرباني من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر من ماء البحر
كشف العبد الرباني لموسى شيئين في الوقت نفسه كشف له أن علمه أي علم موسى محدود كما كشف له أن كثيرا من المصائب التي تقع على الأرض تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى
إن أصحاب السفينة سيعتبرون خرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة نعمة لن تكشف النقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب ويصادر الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثم يفلت هذه السفينة التالفة المعيبة وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو فلا يموتون جوعا
أيضا سيعتبر والد الطفل المقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما الصغير البريء غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما ولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول
وهكذا تختفي النعمة في ثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتج نبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه، ثم يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرف ومغزاه ورحمة الله الكلية التي تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة
أما الجدار الذي أتعب نفسه بإقامته من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته
ثم ينفض الرجل يده من الأمر فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف وهو أمر الله لا أمره فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه
واختفى هذا العبد الصالح لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول إلا أن موسى تعلم من صحبته درسين مهمين
تعلم ألا يغتر بعلمه في الشريعة فهناك علم الحقيقة
وتعلم ألا يتجهم قلبه لمصائب البشر فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ والإيناس وراء أقنعة الحزن والآلام والموت
هذه هي الدروس التي تعلمها موسى كليم الله عز وجل ورسوله من هذا العبد المدثر بالخفاء



السؤال العشرون
لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى عليه السلام بأمور كثيرة فهو كليم الله عز وجل، وأحد اولي العزم من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي الذي أنزلت عليه التوراة دون واسطة ، وإنما كلمه الله تكليما
فما الموقف الذي دفع هذا النبي العظيم الى هذه الرحله الشاقه للبحث عن الرجل الصالح؟


__________________
أسأل الله ان يرزقني رقة كرقة قلبك

  #30  
قديم 03-10-2007, 11:05 PM
الصورة الرمزية منيع البوح
منيع البوح منيع البوح غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: العاصمة المقدسة
الجنس :
المشاركات: 3,676
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي ۞المسابقة الرمضانيه ( الحلقة الحادية والعشرون)۞



يوشع بن نون عليه السلام


نبذة
ورد أنه الفتى الذي صاحب موسى للقاء الخضر وهو النبي الذي أخرج الله على يديه بني إسرائي من صحراء سيناء وحاربوا أهل فلسطين وانتصروا عليهم



سيرته
لم يخرج أحد من التيه ممن كان مع موسى سوى اثنين هما الرجلان اللذان أشارا على ملأ بني إسرائيل بدخول قرية الجبارين ويقول المفسرون: إن أحدهما يوشع بن نون وهذا هو فتى موسى في قصته مع الخضر صار الآن نبيا من أنبياء بني إسرائيل وقائدا لجيش يتجه نحو الأرض التي أمرهم الله بدخولها
خرج يوشع بن نون ببني إسرائيل من التيه بعد أربعين سنة وقصد بهم الأرض المقدسة كانت هذه الأربعين سنة كما يقول العلماء كفيلة بأن يموت فيها جميع من خرج مع موسى عليه السلام من مصر ويبقى جيل جديد تربى على أيادي موسى وهارون ويوشع بن نون جيل يقيم الصلا ويؤتي الزكاة ويؤمن بالله ورسله قطع بهم نهر الأردن إلى أريحا وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا فحاصرها ستة أشهر
وروي في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ‏(غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد ملك ‏ ‏بضع ‏ ‏امرأة وهو يريد أن ‏ ‏يبني ‏ ‏بها ولما ‏ ‏يبن ‏ ‏ولا آخر قد بنى بنيانا ولما يرفع سقفها ولا آخر قد اشترى غنما أو ‏ ‏خلفات ‏ ‏وهو منتظر ولادها قال فغزا ‏ ‏فأدنى ‏ ‏للقرية ‏ ‏حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه قال فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن ‏ ‏تطعمه ‏ ‏فقال فيكم ‏ ‏غلول ‏ ‏فليبايعني من كل قبيلة رجل فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم ‏ ‏الغلول ‏ ‏فلتبايعني قبيلتك فبايعته قال فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة فقال فيكم ‏ ‏الغلول ‏ ‏أنتم ‏ ‏غللتم ‏ ‏قال فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب قال فوضعوه في المال وهو ‏ ‏بالصعيد ‏ ‏فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا)
ويرى العلماء أن هذا النبي هو يوشع بن نون فقد كان اليهود لا يعملون ولا يحاربون يوم السبت وعندما خشي أن يذهب النصر إذا توقف اليهود عن القتال فدعى الله أن يحبس الشمس واخْتـُلِفَ في حبس الشمس المذكور هنا فقيل: ردت على أدراجها وقيل: وقفت ولم ترد وقيل: أبطئ بحركتها وكل ذلك من معجزات النبوة
صدر الأمر الإلهي لبني إسرائيل أن يدخلوا المدينة سجدا أي راكعين مطأطئي رءوسهم شاكرين لله عز وجل ما من به عليهم من الفتح أمروا أن يقولوا حال دخولهم: (حِطَّةٌ) بمعنى حط عنا خطايانا التي سلفت وجنبنا الذي تقدم من آبائنا
إلا أن بني إسرائيل خالفت ما أمرت به قولا وفعلا فدخلوا الباب متعالين متكبرين وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم فأصابهم عذاب من الله بما ظلموا كانت جريمة الآباء هي الذل وأصبحت جريمة الأبناء الكبرياء والافتراء
ولم تكن هذه الجريمة هي أول جرائم بني إسرائيل ولا آخر جرائمهم فقد عذبوا رسلهم كثيرا بعد موسى وتحولت التوراة بين أيديهم إلى قراطيس يبدون بعضها ويخفون كثيرا حسبما تقتضي الأحوال وتدفع المصلحة المباشرة وكان هذا الجحود هو المسؤول عما أصاب بني إسرائيل من عقوبات
عاد بنو إسرائيل إلى ظلمهم لأنفسهم اعتقدوا أنهم شعب الله المختار وتصوروا انطلاقا من هذا الاعتقاد أن من حقهم ارتكاب أي شيء وكل شيء وعظمت فيهم الأخطاء وتكاثرت الخطايا وامتدت الجرائم بعد كتابهم إلى أنبيائهم فقتلوا من قتلوا من الأنبياء
وسلط الله عليهم بعد رحمة الأنبياء قسوة الملوك الجبارين
وكان معهم تابوت الميثاق وهو تابوت يضم بقية مما ترك موسى وهارون ويقال إن هذا التابوت كان يضم ما بقي من ألواح التوراة التي أنزلت على موسى ونجت من يد الزمان وكان لهذا التابوت بركة تمتد إلى حياتهم وحروبهم فكان وجود التابوت بينهم في الحرب يمدهم بالسكينة والثبات ويدفعهم إلى النصر فلما ظلموا أنفسهم ورفعت التوراة من قلوبهم لم يعد هناك معنى لبقاء نسختها معهم وهكذا ضاع منهم تابوت العهد وضاع في حرب من حروبهم التي هزموا فيها
وساءت أحوال بني إسرائيل بسبب ذنوبهم وتعنتهم وظلمهم لأنفسهم ومرت سنوات وسنوات واشتدت الحاجة إلى ظهور نبي ينتشلهم من الوهدة السحيقة التي أوصلتهم إليها فواجع الآثام وكبائر الخطايا0



السؤال الحادي والعشرون
خرج يوشع بن نون ببني إسرائيل من التيه بعد أربعين سنة وقصد بهم الأرض المقدسة وتحقق على يديه النصر ولكنهم عصو امر ربهم فسلط عليهم بعد رحمة الأنبياء قسوة الملوك الجبارين يظلمونهم ويسفكون دمائهم وسلط الله أعدائهم عليهم ومكن لهم من رقابهم وأموالهم

وكان مع بني اسرائيل في معاركهم تابوت العهد او الميثاق فما الذي يميز هذا التابوت؟
__________________
أسأل الله ان يرزقني رقة كرقة قلبك

موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 0 والزوار 9)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 201.82 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 195.81 كيلو بايت... تم توفير 6.01 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]