موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 96 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 784 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 131 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 30 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 94 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #951  
قديم 10-11-2013, 05:37 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الأدلة العلمية على خلق الكون من العدم

بقلم هارون يحيى
منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر، عمل مئات العلماء ليل نهار للكشف عن أسرار الذرة ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذه الدراسات، التي كشفت عن شكل الذرة، وحركتها، وتكوينها، وخواصها الأخرى، قد حطمت الأسس الرئيسة للفيزياء الكلاسيكية التي افترضت أن المادة كيان ليست له أية بداية أو نهاية، ووضعت أسس الفيزياء الحديثة، وأدت أيضاً إلى ظهور العديد من الأسئلةوفي النهاية، اتفق العديد من الباحثين الفيزيائيين على إجابات لتلك الأسئلة، على أن هناك نظاماً مثالياً، وتوازناً تاماً، وتصميماً واعياً في الذرة، كما هو الحال في كل شيء آخر في الكونوقد ظهرت هذه الحقيقة في القرآن الكريم الذي أنزله الله سبحانه وتعالى قبل أربعة عشر قرناً وكما هو واضح من آيات القرآن، يعمل الكون بأكمله بنظام مثالي لأن الأرض، والسماء، وكل شيء بينهما من خلق الله الذي يملك قوة وحكمة لا حدود لهماولا يوجد بالتأكيد ما يدعو إلى العجب في أن كل شيء خلقه الله يتسم بتميز رائع ويسير بنظام لا عيب فيه وفي الواقع، فإن ما يدعو إلى الدهشة حقا هو استمرار الإنسان في عدم إحساسه بالمعجزات العديدة التي يقابلها ويراها ويسمعها ويعرفها - بما في ذلك جسمه - ولامبالاته ''بالسبب'' الكامن وراء التركيب المعجز لهذه الموجوداتوبمجرد أن يكتشف الإنسان هذا، سوف يتكشف حكمة الله، ومعرفته، وخلقه قال الله تعالى:(اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم)[سورة البقرة: 255].
نشأ الكون من العدم نتيجة لانفجار عظيم. وقد ظهر نظام الكون المتقن الحالي بسبب تناثر جميع الجسيمات والقوى التي تكونت بتوافق ونظام هائلين منذ اللحظة الأولى لهذا الانفجار الكبير
مغامرة تكوين الذرة
يعمل الكون، الذي تتخطى أبعاده
الشاسعة حدود الإدراك الإنساني، دون توقف، ويستند إلى توازنات حساسة في إطار نظام عظيم، وقد ظل على هذه الحال منذ اللحظة الأولى لتكوينه ولطالما كان الناس بمختلف أعمارهم، وما زالوا، يهتمون بأسئلة مثل: كيف نشأ هذا الكون الهائل؟ وإلى أين يتجه؟ وكيف تعمل القوانين التي تحافظ على النظام والتوازن بداخله؟
لقد أجرى العلماء بحوثا لا حصر لها حول هذه الموضوعات وتوصلوا إلى براهين ونظريات متباينة وبالنسبة إلى العلماء الذين تدبروا النظام والتصميم الموجودين في الكون باستخدام عقولهم وضمائرهم، فإنهم لم يجدوا صعوبة على الإطلاق في تفسير هذا الكمال ذلك أن الله، القوي، المهيمن على الكون كله، خلق هذا التصميم الكامل وهذا أمر واضح وجلي لكل من كان قادرا على التفكر والتدبر ويعلن الله هذه الحقيقة البينة في آيات القرآن الكريم(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ)[ آل عمران: ·190].
ومع ذلك، يواجه أولئك العلماء الذين يتجاهلون أدلة الخلق صعوبة كبيرة في الإجابة على هذه الأسئلة التي لا تنتهي وهم لا يترددون في اللجوء إلى الغوغائية، والنظريات الكاذبة التي لا تستند إلى أي أساس علمي، بل وحتى إلى الخداع، إذا وضعوا في موقف حرج، لكي يدافعوا عن نظريات مناقضة تماماً للواقع ومع ذلك فإن جميع التطورات التي حدثت في دنيا العلوم مؤخراً، حتى بداية القرن الحادي والعشرين، تقودنا إلى حقيقة واحدة هي: لقد تم خلق الكون من العدم بمشيئة الله، الذي يمتلك القدرة السامية والحكمة المطلقة.
خلق الكون
مضت قرون والناس يبحثون عن إجابة للسؤال التالي: ''كيف نشأ الكون؟''· فقد قُدمت على مدار التاريخ آلاف النماذج لنشأة الكون ووُضعت آلاف النظريات· ومع ذلك، يتبين من استعراض هذه النظريات أنها جميعًا تقوم في جوهرها على أحد نموذجين مختلفين· يدور النموذج الأول حول فكرة الكون اللامحدود الذي لا بداية له، وهو ما لم يعد له أي أساس علمي في حين يدور النموذج الثاني حول فكرة نشأة الكون من العدم، وهو ما يعترف به المجتمع العلمي حاليا بوصفه ''النموذج المعياري "،لقد دافع النموذج الأول، الذي ثبت عدم قدرته على الصمود، عن الافتراض القائل بأن الكون قد وجد منذ وقت غير محدد وسيظل موجوداً على حالته الراهنة إلى ما لا نهاية· ولقد تكونت فكرة الكون اللامحدود هذه في اليونان القديمة، ووصلت إلى العالم الغربي نتيجة للفلسفة المادية التي انتعشت في عصر النهضة ذلك أن جوهر عصر النهضة يكمن في إعادة البحث في أعمال المفكرين اليونانيين القدماء ومن ثم، نُفض الغبار عن رفوف التاريخ وأُخذت منها الفلسفة المادية وفكرة الكون اللامحدود - التي تدافع عنها هذه الفلسفة - بسبب اهتمامات فلسفية وأيديولوجية، وقدمت للناس وكأنها حقائق علميةوقد اعتنق هذه الفكرة بحماس فلاسفة ماديون من أمثال كارل ماركس وفردريك إنجلز، لأنها أعدت أساسا متينا ظاهريا لأيديولوجياتهم المادية، الأمر الذي لعب دورا مهما في تقديم هذا النموذج إلى القرن العشرين.
ووفقا لنموذج ''الكون اللامحدود'' الذي حظي بقبول كبير خلال النصف الأول من القرن العشرين، فإنه ليس للكون بداية ولا نهاية، كما أن الكون لم ينشأ من العدم، ولن يفنى أبداً ووفقا لهذه النظرية، التي شكلت أيضا أساس الفلسفة المادية، يتسم الكون بتركيب سكوني ولكن فيما بعد، كشفت نتائج البحوث العلمية أن هذه النظرية خاطئة وغير علمية على الإطلاق فالكون لم يوجد بدون بداية؛ بل كانت له بداية كما أنه نشأ من العدمولطالما كانت فكرة الكون اللامحدود، أي الذي ليس له بداية، نقطة بداية للزندقة والأيديولوجيات التي ترتكب خطأ إنكار وجود الله جل جلاله ذلك أن أصحاب هذه الأيديولوجيات يعتقدون أنه إذا لم يكن للكون بداية، فلن يكون له خالق أيضاً ولكن سرعان ماكشف العلم بأدلة دامغة أن حجج الماديين هذه باطلة وأن الكون قد بدأ بانفجار يعرف بالانفجار العظيمBig Bangوكان لنشأة الكون من العدم معنى واحد فقط: ''الخلق''، أي أن الله القوي خلق الكون كلهلقد كان الفلكي البريطاني الشهير، سير فريد هويلSir Fred Hoyle من بين أولئك الذين أزعجتهم هذه الحقيقة فقد قبل هويل تمدد الكون في نظرية ''الحالة المستقرة'' التي قدمها، ولكنه رأى أن الكون لامحدود في مداه وليست له بداية ولا نهاية ووفقا لهذا النموذج، كلما تمدد الكون، نشأت المادة تلقائياً وبالكميات المطلوبة وتجدر الإشارة إلى أن هذه النظرية، التي قامت على فرضيات غير علمية على الإطلاق، وتطورت بسبب الاهتمام بشيء واحد فقط هو دعم فكرة ''الكون اللامحدود الذي ليس له بداية أو نهاية''، ناقضت بشكل مباشر نظرية الانفجار العظيم، التي ثبت علمياً من خلال عدد كبير من الملاحظات أنها أقرب إلى الواقع· وظل هويل وآخرون يقاومون هذه الفكرة ولكن جميع التطورات العلمية كانت تعمل ضدهم تمدد الكون وحقيقة الانفجار العظيم لقد تحققت خطوات كبيرة في مجال علم الفلك خلال القرن العشرين أولا، اكتشف الفيزيائي الروسي ألكسندر فريدمانAlexandre Friedmann في سنة 1922 أن الكون لا يتسم بتركيب سكوني وانطلاقا من نظرية النسبية التي قدمها اينشتاين ، بينت حسابات فريدمان أنه حتى النبضة الصغيرة يمكن أن تؤدي إلى تمدد الكون أو انكماشه وكان جورج لومترGeorges Lemaître، أحد أشهر الفلكيين البلجيكيين، أول من أدرك أهمية هذه الحسابات التي أوصلته إلى الاستنتاج بأن الكون له بداية وأنه في حالة تمدد مستمر منذ بدء نشأته وقد أثار لومتر موضوعا آخر في غاية الأهمية؛ إذ يرى أن من المفترض أن يوجد فائض إشعاعي متبق من الانفجار العظيم وأن هذا الفائض من الممكن تعقب أثره وكان لومتر واثقا أن تفسيراته صحيحة على الرغم من أنها لم تلق في البداية دعما كبيرا من الأوساط العلمية وفي غضون ذلك، بدأت تتجمع المزيد من الأدلة على أن الكون يتمدد وفي ذلك الوقت، استطاع الفلكي الأمريكي إدوين هابلEdwin Hubble،من خلال رصده لعدد من النجوم بواسطة تلسكوبه الضخم، أن يكتشف أن النجوم تصدر انزياحا أحمر يعتمد على بعدها عن الأرض وبهذا الاكتشاف، الذي توصل إليه

إدون هابل

أظهر تحليل الضوء القادم من نجمي الكوكبة الجنوبية ألفا Alpha Centaurusعلى مدى فترة من الزمن وجود سلسلة من التغيرات في طيفيهما. وقد كشفت الطريقة التي تتغير بها الإزاحتان الحمراء والزرقاء عن صورة لنجمين يكمِّلان مدارات حول بعضهما البعض مرة كل 80 سنة.
هابل في مرصد ماونت ويلسونMount Wilson Observatoryبكاليفورنيا، تحدى جميع العلماء الذين وضعوا نظرية الحالة المستقرة ودافعوا عنها، وهز الأسس الرئيسية لنموذج الكون الذي كان سائدا حتى ذلك الوقتواعتمدت اكتشافات هابل على القاعدة الفيزيائية التي تقضي بأن أطياف الأشعة الضوئية المتجهة نحو نقطة الرصد تميل نحو اللون البنفسجي في حين أن أطياف الأشعة الضوئية المتجهة بعيداً عن نقطة الرصد تميل نحو اللون الأحمر وقد بين ذلك أن الأجرام السماوية التي رصدت من مرصد ماونت ويلسون بكاليفورنيا كانت متجهة بعيداً عن الأرض وكشفت المزيد من عمليات الرصد أن النجوم والمجرات لا تتسابق لتبتعد عنا فحسب، بل تتسابق لتبتعد عن بعضها البعض أيضاً وقد أثبتت حركة الأجرام السماوية هذه مرة أخرى أن الكون يتمدد وفي كتاب كَوْن ستيفن هوكنجStephen Hawking's Universe،يروي ديفيد فيلكينDavid Filkin قصة شائقة عن هذه التطورات: ''في غضون عامين، سمع لومتر أخباراً كان نادراً ما يجرؤ على أن يأمل في سماعها لقد اكتشف هابل أن انزياح الضوء المنبعث من المجرات كان انزياحاً أحمر، ووفقا لظاهرة دوبلر، كان هذا لا بد أن يعني أن الكون في حالة تمدد والآن أصبحت المسألة مسألة وقت فقد كان أينشتاين على أية حال مهتمًّا بعمل هابل وقرر أن يزوره في مرصد ماونت ويلسون فرتب لومتر لإلقاء محاضرة في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في الوقت نفسه، واستطاع أن يضع أينشتاين وهابل في موقف حرج فقد ناقش بعناية نظرية ''الذرة الأولية'' التي وضعها، وخطوة خطوة، اقترح أن الكون كله قد نشأ ''في يوم لم يكن له أمس'' واستعرض بكل دقة جميع الحسابات الرياضية وعندما انتهى من الكلام لم يستطع أن يصدق أذنيه، فقد وقف أينشتاين وأعلن أن ما سمعه لتَوِّه كان حسب تعبيره: ''أجمل التفسيرات التي استمعتُ إليها وأكثرها إقناعاً وأقرَّ أن تعيين ''الثابت الكوني'' كان ''أفدح خطأ'' ارتكبه في حياته''[1]
ألبرت أينشتاين خلال زيارة لمرصد ويلسون، حيث أجرى إدوين هابل عمليات الرصد الخاصة به.
إن الحقيقة التي جعلت اينشتاين، وهو أحد أهم العلماء في التاريخ، يثب واقفاً هي حقيقة أن الكون له بداية وقد أدت عمليات الرصد التالية لتمدد الكون إلى إفساح المجال لبراهين جديدة وبدءاً من هذه النقطة، توصل العلماء إلى نموذج يجعل الكون أصغر عند العودة بالزمن إلى الوراء، وينتهي بالانكماش والالتقاء عند نقطة واحدة، حسبما يرى لومتر ويتمثل الاستنتاج الذي يمكن التوصل إليه من خلال هذا النموذج في أنه عند نقطة زمنية معينة، سُحقت جميع المواد الموجودة في الكون مع بعضها البعض في كتلة نقطية واحدة ''منعدمة الحجم'' بسبب قوة جاذبيتها الهائلة وقد نشأ كوننا نتيجة انفجار هذه الكتلة النقطية عديمة الحجم وأصبح هذا الانفجار يعرف باسم ''الانفجار العظيم "ويشير الانفجار العظيم إلى أمر آخر وهو أن القول بأن شيئاً عديم الحجم يعادل القول بأنه ''عدم'' ومن ثم، فقد نشأ الكون كله من هذا''العدم'' وعلاوة على ذلك، توجد بداية لهذا الكون، خلافاً لرأي الفلسفة المادية، التي ترى أن ''الكون موجود منذ الأزل "
الانفجار العظيم بالأدلة بمجرد أن أثبت العلماء حقيقة أن الكون قد بدأ في التكون بعد انفجار عظيم، أعطى ذلك دفعة أخرى لبحوث الفيزيائيين الفلكيين ووفقاً لجورج جاموGeorge Gamow،إذا كان الكون قد تكون نتيجة انفجار عنيف ومفاجئ، فإنه يُفترض أن توجد كمية محددة من الإشعاع المتبقي من هذا الانفجار ويجب أن تكون هذه الكمية متناثرة في جميع أرجاء الكونوفي السنوات التالية لهذه الفرضية، توالت نتائج البحوث العلمية، وأكدت جميعها حدوث الانفجار العظيم وفي سنة ،1965 اكتشف باحثان وهما أرنو بنزِياسArno Penzias وروبرت ويلسونRobert Wilsonبالمصادفة شكلا من أشكال الإشعاع لم تتم ملاحظته حتى ذلك الحين ويعرف هذا الإشعاع باسم ''إشعاع الخلفية الكونية''cosmological background radiation''، ولم يكن يشبه أي شيء آت من أي مكان آخر في الكون لأنه كان متماثلا بشكل غير عادي كما أنه لم يكن مركزاً في مكان واحد ولم يعرف له مصدر محدد، وبدلاً من ذلك، كان موزعاً بالتساوي في كل مكان وسرعان ما أدرك العلماء أن هذا الإشعاع هو من بقايا الانفجار العظيم، الذي كان لا يزال يتردد صداه منذ اللحظات الأولى لهذا الانفجار العظيم لقد كان جامو محقا تماماً، لأن تردد الإشعاع كان مساوياً تقريبا للقيمة التي توقعها العلماء وقد حصل بنزِياس وويلسون على جائزة نوبل عن اكتشافهمالقد استغرق جورج سموتGeorge Smootوفريقه التابع لوكالة ناسا ثماني دقائق فقط لتأكيد مستويات الإشعاع التي وصفها بنزِياس وويلسون، وذلك بفضل القمر الاصطناعي الفضائي كوبيCOBEفقد حققت أجهزة الإحساس الموجودة على متن القمر الاصطناعي نصراً جديداً لنظرية الانفجار العظيم لأنها أثبتت وجود الشكل الحار الكثيف الذي تبقى من اللحظات الأولى للانفجار العظيم، كما سجَّل كوبي بقايا تثبت حدوث الانفجار العظيم، مما اضطر الأوساط العلمية إلى الاعتراف بصحة حدوثهوكانت هناك أدلة أخرى تتعلق بالكميات النسبية للهيدروجين والهليوم الموجودة في الكون إذ كشفت الحسابات أن نسبة غازي الهيدروجين والهليوم في الكون تتوافق مع الحسابات النظرية لما يفترض أن يتبقى بعد الانفجار العظيموقد أدى اكتشاف أدلة تحتم الاعتراف بنظرية الانفجار العظيم إلى حصول هذه النظرية على موافقة كاملة من الأوساط العلمية ففي مقال نشر في عدد أكتوبر/ تشرين أول 1994 من مجلة ''العلوم الأمريكية'' Scientific American،أشارت المجلة إلى أن ''نموذج الانفجار العظيم كان النموذج الوحيد المعترف به في القرن العشرين " وتوالت الاعترافات الواحد تلو الآخر من أسماء دافعت عن فكرة ''الكون اللامحدود'' لسنوات فقد قام دينيس سكياماDennis Sciama ،المدافع عن نظرية الحالة المستقرة إلى جانب فريد هويل لسنوات، بوصف المأزق الذي وقعا فيه بعد اكتشاف الأدلة المؤيدة لنظرية الانفجار العظيم لقد ذكر أنه وقف بجانب هويل في بادئ الأمر، ولكن نتيجة لتراكم الأدلة، فقد كان عليه أن يعترف بأن اللعبة قد انتهت، وبأنه يجب التخلي عن نظرية الحالة المستقرة[2]الله خلق الكون من العدم نتيجة للأدلة الوفيرة التي اكتشفها العلماء، ألقيت فرضية ''الكون
اللامحدود'' في ركام نفايات تاريخ الأفكار العلمية ومع ذلك، فقد توالى طرح المزيد من الأسئلة المهمة مثل: ما الذي كان موجوداً قبل الانفجار العظيم؟ وما القوة التي استطاعت أن تحدث الانفجار العظيم الذي أدى إلى ظهور كون لم يكن موجودا من قبل؟توجد إجابة واحدة للسؤال الخاص بما الذي كان موجودا قبل الانفجار العظيم: الله، القادر القوي، الذي خلق الأرض والسماء بنظام عظيم لقد اضطر العديد من العلماء، سواء كانوا مؤمنين بالله أم غير مؤمنين به، إلى الاعتراف بهذه الحقيقة وعلى الرغم من أنهم قد يرفضون الاعتراف بهذه الحقيقة على المنابر العلمية، فإن اعترافاتهم الموجودة بين السطور تفضح أمرهم فقد قال الفيلسوف الملحد المعروف أنطوني فلو:Anthony Flewمن المعروف أن الاعتراف يفيد الروح، لذا سوف أبدأ بالاعتراف بأن الملحد العنيد يجب أن يربكه الإجماع الكوني المعاصر إذ يبدو أن علماء الكونيات يقدمون إثباتات علمية على ما رأى القديس توماس أنه لا يمكن إثباته فلسفياً؛ أي، أن للكون بداية وطالما أمكن التفكير في الكون بشكل مريح بوصفه ليس فقط بدون نهاية ولكنه بدون بداية أيضاً، يظل من السهل المجادلة بأن وجوده غير المنطقي، وسماته الأساسية الغالبة أيا كانت، لا بد من قبولها بوصفها التفسير النهائي لوجوده وعلى الرغم من أنني أؤمن بأن ذلك لا يزال صحيحاً، فإنه ليس من السهل بالتأكيد ولا من المريح الاستمرار على هذا الموقف في مواجهة قصة الانفجار العظيم'' [3] كما اعترف بعض العلماء من أمثال الفيزيائي المادي البريطاني إتش بي ليبسونH. P. Lipson بأنهم مضطرون لقبول نظرية الانفجار العظيم سواء رغبوا في ذلك أم لم يرغبوا: إذا لم تنشأ المادة الحية نتيجة تفاعل الذرات، والقوى الطبيعية والإشعاع، فكيف نشأت؟ أناأعتقد، مع ذلك، أننا ينبغي أن نعترف بأن التفسير الوحيد المقبول هو الخلق أنا أعلم أن هذا أمر بغيض بالنسبة إلى الفيزيائيين، كما هي الحال بالتأكيد بالنسبة إليّ، ولكننا ينبغي ألا نرفض ما نكرهه إذا أيدته الأدلة التجريبية'' [4].
وفي الختام، يشير العلم إلى حقيقة واحدة سواء شاء الماديون أم أبوا لقد أوجد المادة والزمن خالق قادر، خلق السماء والأرض وكل ما بينهما؛ وهذا الخالق هو: الله القوي: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) الطلاق: ·12
الإشارات القرآنية
بالإضافة إلى دوره في تفسير الكون، يحمل نموذج الانفجار العظيم مضمونا آخر مهما فحسبما أشار أنطوني فلو فيما اقتُبس عنه أعلاه، لقد جزم العلم بشيءلم تدعمه حتى الآن سوى المصادر الدينية وتتمثل الحقيقة التي تدافع عنها المصادر الدينية في واقع الخلق من العدم وقد ورد ذلك في الكتب المقدسة التي كانت بمثابة المرشد للبشرية على مدى آلاف السنين وفي جميع الكتب المقدسة مثل العهد القديم والعهد الجديد والقرآن الكريم، ورد أن الكون وكل شيء فيه قد خلقه الله من العدموفي الكتاب الوحيد الموحَى من الله، الذي نجا تماماً من التحريف، أي القرآن الكريم، ورد ذكر خلق الكون من العدم وكيفية حدوث ذلك، الأمر الذي يشير إلى نظريات القرن العشرين على الرغم من أن القرآن قد نزل قبل أربعة عشر قرناً في البداية، كشف القرآن الكريم عن ''خلق'' هذا الكون من ''العدم'' على النحو التالي
قال الله تعالى(بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض ) [الأنعام: 101].
وقد كشف القرآن عن نقطة أخرى مهمة قبل أربعة عشر قرنا من الاكتشاف الحديث للانفجار العظيم والنتائج العلميةالمتصلة به وهي أنه عندما خلق الكون، كان يشغل حجماً ضئيلاً جداً:(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)[ الأنبياء: 30].
ويظهر في هذه الآية اختيار مهم جدا للكلمات ذلك أن كلمة رَتْق تعني في المعاجم العربية ''مختلط بعضه ببعض أو ممزوج''، وقد استخدمت للإشارة إلى مادتين مختلفتين تكوّنان كلا متكاملا وفي اللغة العربية، يفهم من الفعل فَتَقَ أن شيئا ما قد نشأ نظراً لحدوث فصل أو تدمير في بنية الرتق ويعتبر تبرعم حبة النبات أحد الأشياء التي ينطبق عليها هذا الفعلوالآن، دعونا نلق نظرة أخرى على الآية في ظل ما عرفناه توًّا سنجد في الآية أن السماء والأرض كانتا في البداية في حالة رتق، ثم تم فتقهما من خلال خروج إحداهما من الأخرى ومن المثير للاهتمام أن علماء الكونيات يتحدثون عن ''بيضة كونية''cosmic egg''كانت تتألف من جميع المواد الموجودة في الكون قبل الانفجار العظيم وفي عبارة أخرى، كانت جميع السماوات والأرض داخل هذه البيضة في حالة الرتق وقد انفجرت هذه البيضة الكونية بعنف وتسببت في فتق المواد الموجودة داخلها وشكلت في خضم هذا الانفجار بنية الكون بأكملهوهناك مسألة أخرى في القرآن الكريم يمكن تفسيرها على أنها تشير إلى تمدد الكون، الذي تم اكتشافه في أواخر العشرينيات فقد ظهر في القرآن اكتشاف>هابل<للانزياح الأحمر الذي يحدث في طيف ضوء النجوم على النحو التالي: (وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ وإنَّا لَمُوسِعُونَ )[الذاريات: 47].
وباختصار، فإن نتائج البحوث العلمية الحديثة تشير، على نحو متزايد إلى الحقيقة الجلية في القرآن الكريم، ولا تدعم عقيدة الماديين فقد يدعي الماديون أن كل هذا حدث ''مصادفة'' ولكن الحقيقة الواضحة هي أن الكون قد نشأ نتيجة عملية خلق تمت بإرادة الله سبحانه وتعالى ومن ثم، توجد المعرفة الحقيقية الوحيدة حول أصل الكون في كلمة الله التي كشف لنا عنها

يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــع
  #952  
قديم 10-11-2013, 05:39 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبــــــــــع الموضوع السابق


الأدلة العلمية على خلق الكون من العدم




خلق المادة لحظة بلحظة:

لقد بينت نظرية الانفجار العظيم مرة أخرى أن الله جل جلاله خلق الكون من العدم ويتضمن هذا الانفجار العظيم العديد من المراحل والتفاصيل الدقيقة، التي تحث المرء على التأمل فيها، وهذه الأمور لا يمكن تفسيرها من خلال المصادفة، إذ ينبغي أن تكون مقادير درجات الحرارة في كل لحظة من لحظات الانفجار وعدد الجسيمات الذرية والقوى ذات الصلة، وشداتها في منتهى الدقة· ذلك أنه لو كان حتى واحد فقط من هذه المقادير غير محدد، لما كان لهذا الكون الذي نعيش فيه اليوم أن يتكوَّن ولم يكن هناك مفر من هذه النهاية لو انحرف أي من المقادير المذكورة أعلاه بأية قيمة تقترب رياضيا من ''الصفر وباختصار، لقد نشأ الكون ووحدات بنائه، أي الذرات، كنتيجة مباشرة للانفجار العظيم بعد انعدام وجودها قبل ذلك، وذلك بفضل التوازنات التي خلقها الله وقد أجرى العلماء الكثير من البحوث لفهم التسلسل الزمني للأحداث التي وقعت أثناء هذه العملية وترتيب قواعد الفيزياء المؤثرة في كل مرحلة وتتمثل الحقائق التي يعترف بها جميع علماء الوقت الحاضر الذين بحثوا في هذا الموضوع فيما يلي: اللحظة ''صفر'': هذه ''اللحظة'' التي لم يكن فيها وجود للمادة والزمن، والتي حدث فيها الانفجار، يقبلها العلماء في الفيزياء على اعتبار أنن (الزمن) = صفر ويعني ذلك أنه لم يكن هناك وجود لأي شيء عند الزمن ن = صفر ولكي نتمكن من وصف المرحلة السابقة لنشوء هذه ''اللحظة'' التي بدأ فيها الخلق، ينبغي أن نعرف قواعد الفيزياء التي كانت موجودة آنذاك، لأن قوانين الفيزياء الحالية لا تفسر اللحظات الأولى من الانفجار وتبدأ الأحداث التي قد تستطيع الفيزياء توضيحها بعد مرور 10 -43 من الثانية، التي تعتبر أصغر وحدة زمنية وتمثل هذه الوحدة إطاراً زمنياً لا يستطيع العقل البشري إدراكه· ولكن ماذا حدث في هذه الفترة الزمنية القصيرة التي لا نستطيع حتى إدراكها؟ لم يتمكن الفيزيائيون حتى الآن من وضع نظرية تفسر بتفصيل كامل جميع الأحداث التي وقعت في تلك اللحظة، ذلك أن العلماء لا يمتلكون البيانات اللازمة لإجراء الحسابات إذ يصل نطاق قواعد الرياضيات والفيزياء إلى طريق مسدود عند هذا الحد لأن ما حدث قبل اللحظات الأولى لهذا الانفجار وما حدث في تلك اللحظات، يعتمد في كل تفاصيله على توازنات دقيقة جداً، وله واقع يتخطى حدود العقل البشري والفيزياء لقد أدى هذا الخلق، الذي بدأ قبل ظهور الزمن، لحظة بلحظة إلى تكوين العالم المادي وقوانين الفيزياء والآن، دعونا نلق نظرة على الحوادث التي وقعت بدقة متناهية خلال فترة زمنية قصيرة للغاية أثناء هذا الانفجار· كما ذكرنا سابقا، يمكن حساب كل شيء فيزيائيا بدءا من 10 -43 من الثانية وما يليها، ولا يمكن تعريف الطاقة والزمن إلا بعد هذه اللحظة· فعند هذه اللحظة من الخلق، كانـت درجة الحـرارة 10 32 (100,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000) كلفن· والآن، فلنعقد مقارنة، يتم التعبير عن درجة حرارة الشمس بملايين (10 8) الدرجات في حين يتم التعبير عن درجة حرارة بعض النجوم التي يفوق حجمها حجم الشمس بكثير ببلايين (10 11 ) الدرجات وبما أن أعلى درجة حرارة يمكن قياسها في الوقت الحاضر تنحصر في بلايين الدرجات، يتضح لنا مدى ارتفاع درجة الحـرارة عند 10 -43 من الثانية وعندما نخطو خطوة أبعد من الفترة البالغة 10 -43 من الثانية، نصل إلى اللحظة التي يكون فيها الزمن عند 10 -37 من الثانية وتجدر الإشارة هنا إلى أن الفترة الزمنية بين هاتين المدتين ليست ثانية أو ثانيتين، لأننا نتحدث عن فترة زمنية قصيرة في حدود واحد على كوادريليون مضروبا في كوادريليون من الثانية وما زالت درجة الحرارة عالية بشكل غير عادي حيث بلغت 10 29 (100,000,000,000,000,000,000,000,000,000) كلفن ولم تتكون أية ذرات بعد في هذه المرحلة[6].
بعد اللحظة "صفر" عندما لم تكن هناك أية مادة أو زمن وعندما حدث الانفجار، نشأ الكون ووحدات بنائه، الذرات، من العدم في إطار مخطط عظيم.
خطوة أخرى وسنجد أنفسنا عند 10 -2 من الثانية· تمثل هذه الفترة الزمنية جزءاً من مائة جزء من الثانية وبحلول هذا الوقت، تكون درجة الحرارة قد وصلت إلى 100 بليون درجة وعند هذه المرحلة، يبدأ ''الكون البدائي''early universe'' في التكوّن، ولكن جسيمات مثل البروتون والنيوترون التي تشكل نواة الذرة لم تظهر بعد ولا يوجد سوى الإلكترون وجسيمه المضاد، البوزيترون positron مضاد الإلكترون anti electron، لأن درجة حرارة الكون وسرعته عند تلك اللحظة لا تسمح إلا بتكون هذه الجسيمات وفي أقل من ثانية بعد حدوث الانفجار من العدم، تكونت الإلكترونات والبوزيترونات منذ هذه اللحظة فصاعداً، يحظى توقيت تكون كل جسيم دون ذري sub-atomic particle بأهمية بالغة ذلك أن كل جسيم يجب أن يظهر في لحظة معينة حتى يتسنى ترسيخ قواعد الفيزياء الحالية ومن المهم جدا أن نحدد أي الجسيمات تكونت أولا، لأنه حتى أدنى انحراف عن التسلسل أو التوقيت كان من شأنه أن يجعل من المستحيل للكون أن يأخذ شكله الحالي والآن، دعونا نتوقف ونفكّر قليلاً تقدم نظرية الانفجار العظيم أدلة على وجود الله لأنها تبين أن كل المواد المؤلفة للكون نتجت من العدم وقد فعلت النظرية أكثر من ذلك وأظهرت أن وحدات البناء - أي الذرات - نشأت أيضاً من العدم بعد أقل من ثانية واحدة على حدوث الانفجار العظيم وسنجد أن التوازن والنظام الهائلين في هذه الجسيمات جديران بالملاحظة، لأن الكون يدين بحالته الراهنة إلى هذا التوازن الذي سيتم وصفه بمزيد من التفصيل في الصفحات القادمة إن هذا التوازن مرة أخرى هو الذي يسمح لنا بأن نحيا حياة هادئة وباختصار، لقد تكون النظام المثالي والقوانين الثابتة، أي قوانين الفيزياء، بعد انفجار يتوقع عادة أن ينشأ عنه اضطراب وفوضى عارمة ويثبت هذا أن كل لحظة بعد خلق الكون، بما في ذلك الانفجار العظيم، تم تصميمها بشكل مثالي والآن، دعونا نستأنف تأمل التطورات من حيث توقفنا الخطوة التالية هي اللحظة التي يكون قد انقضى عندها (10 -1 ) ثانية من الوقت في هذه اللحظة، تكون درجة الحرارة قد وصلت إلى (30) بليون درجة، ولم تنقضِ ولو ثانية واحدة من اللحظة ن = صفر حتى هذه المرحلة وبحلول تلك اللحظة، تكون النيوترونات والبروتونات، التي هي جسيمات الذرة الأخرى، قد بدأت في الظهور لقد خلقت النيوترونات والبروتونات، التي سنحلل تركيبها المثالي في الأقسام التالية، من العدم خلال فترة زمنية تقل حتى عن الثانية الواحدة دعونا نصل إلى أول ثانية بعد الانفجار إن الكثافة الضخمة في هذا الوقت تشكل مرة أخرى رقما هائلاً فوفقا للحسابات، يصل مقدار كثافة الكتلة الموجودة في تلك المرحلة إلى 3,8 بليون كيلوجرام لكل لتر وقد يكون من السهل، حسابياً، التعبير عن هذا الرقم، المشار إليه ببلايين الكيلوجرامات، وكتابته على الورق ولكن من المستحيل إدراك هذا الرقم بالضبط ولإعطاء مثال بسيط جدا يعبر عن ضخامة هذا الرقم، يمكننا القول بأنه ''إذا كان لجبل إفرست في الهمالايا هذه الكثافة نفسها، سيكون باستطاعته أن يبتلع عالمنا في لحظة بقوة الجاذبية المتوفرة لديه''[7]تتمثل أكثر السمات تمييزاً للحظات التالية في أنه بحلول ذلك الوقت، تكون درجة الحرارة قد وصلت إلى مستوى أقل بدرجة كبيرة وفي تلك المرحلة، يكون عمر الكون تقريبا 14 ثانية، ودرجة حرارته 3 بلايين درجة، ويستمر في التمدد بسرعة رهيبة وهذه هي المرحلة التي بدأ فيها تكوين النوى الذرية المستقرة، مثل نوى الهيدروجين والهليوم عندئذ كانت الظروف مواتية لكي يوجد بروتون واحد مع نيوترون واحد، لأول مرة لقد بدأ هذان الجسيمان، اللذان تقع كثافتهما عند الخط الفاصل بين الوجود واللاوجود، يقاومان - بسبب قوة الجاذبية - معدل التمدد الهائل ومن الواضح أننا أمام عملية واعية وموجهة بشكل فائق فقد أدى انفجار ضخم إلى ظهور توازن هائل ونظام دقيق وقد بدأ تجمع البروتونات والنيوترونات معا لتكوين الذرة، وحدة بناء المادة ومن المستحيل بالتأكيد أن تمتلك هذه الجسيمات القوة والوعي الضروريين لتكوين التوازنات الدقيقة اللازمة لتكوين المادة وأثناء الفترة التالية لتكوين الذرة، انخفضت درجة حرارة الكون إلى بليون درجة وتعادل درجة الحرارة هذه ستين ضعفاً درجة الحرارة الموجودة في قلب شمسنا ولم يمر سوى 3 دقائق وثانيتين منذ اللحظة الأولى حتى هذه اللحظة وبحلول ذلك الوقت، أصبحت جسيمات دون ذرية مثل الفوتونphoton، والبروتون، ومضاد البروتونanti proton، والنيوترينوneutrino، ومضاد النيوترينو anti neutrino متوافرة بكثرة وتجدر الإشارة هنا إلى أن كميات جميع الجسيمات الموجودة في هذه المرحلة وتفاعلاتها مع بعضها البعض تقوم بدور حاسم جداً، لدرجة أن أقل تغيير في كمية أي جسيم سيدمر مستوى الطاقة الذي تحدده هذه الجسيمات ويمنع تحول الطاقة
إلى مادة ولنأخذ الإلكترونات والبوزيترونات على سبيل المثال: عندما تتجمع الإلكترونات والبوزيترونات معاً، تنتج طاقة لذا، تحظى أعداد كلا الجسيمين بأهمية بالغة ولنقل إن 10 وحدات من الإلكترونات اجتمعت مع 8 وحدات من البوزيترونات في هذه الحالة، تتفاعل 8 وحدات من وحدات الإلكترونات العشر مع 8 وحدات من البوزيترونات وتنتج طاقة· ونتيجة لذلك، تتحرر وحدتان من الإلكترونات وبما أن الإلكترون هو أحد الجسيمات المكونة للذرة التي تعتبر وحدة بناء الكون، يجب أن يكون الإلكترون متوافرا بالكميات اللازمة في هذه المرحلة كي ينشأ الكون وفي المثال السابق، إذا كان عدد البوزيترونات أكثر من عدد الإلكترونات، ستتبقى البوزيترونات بدلا من الإلكترونات نتيجة للطاقة المحررة ولم يكن الكون المادي ليتكون مطلقا وإذا كانت أعداد البوزيترونات والإلكترونات متساوية، فلن ينتج شيء غير الطاقة ولن يتبقى شيء لتكوين الكون المادي ومع ذلك، فإن هذه الزيادة في عدد الإلكترونات تم ترتيبها بطريقة تضاهي عدد البروتونات في الكون عند الزمن التالي لهذه اللحظة وسنجد في الذرة، التي ستتكون لاحقا، أن أعداد الإلكترونات والبروتونات متساوية لقد تحددت أعداد الجسيمات الناتجة عن الانفجار العظيم من خلال حسابات دقيقة، أدت في النهاية إلى تكوين الكون المادي ويعلق الأستاذ ستيفين وينبيرج Steven Weinberg على الدور الحاسم الذي يقوم به التفاعل بين هذه الجسيمات:(لو كان الكون في الدقائق الأولى القليلة مؤلفاً حقاً من أعداد متساوية تماما من الجسيمات والجسيمات المضادة، لكانت كل هذه الأعداد قد دُمرت نتيجة لانخفاض درجة الحرارة إلى أقل من1,000مليون درجة، ولما تبقَّى شيء غير الإشعاع ويوجد دليل مقنع جداً ضد إمكانية حدوث ذلك؛ فنحن موجودون هنا! ولا بد أنه كانت هناك زيادة في عدد الإلكترونات عن البوزيترونات، وفي عدد البروتونات عن مضادات البروتونات، وفي عدد النيوترونات عن مضادات النيوترونات، لكي يتبقى شيء بعد تدمير الجسيمات والجسيمات المضادة يستطيع أن يقدم مادة الكون الحالي) [8].
لقد مرت 34 دقيقة و40 ثانية في المجمل منذ البداية:
إن عمر كوننا الآن نصف ساعة لقد انخفضت درجة الحرارة من بلايين الدرجات إلى 300 مليون درجة وما زالت الإلكترونات والبوزيترونات تنتج الطاقة من خلال التصادم ببعضها البعض وبحلول هذا الوقت، كان قد حدث توازن في كميات جسيمات تكوين الكون بالقدر الذي يسمح بتكون الكون المادي وبمجرد تباطؤ معدل الانفجار، تبدأ هذه الجسيمات، التي تكاد تكون منعدمة الكتلة، في التفاعل مع بعضها البعض وتتكون أول ذرة هيدروجين عند استقرار إلكترون واحد في مدار البروتون ويقودنا هذا التكوين إلى القوى الأساسية التي سنقابلها عادة في الكون ويستحيل بالتأكيد أن تكون هذه الجسيمات، التي تنتج عن تصميم يفوق الإدراك البشري بكثير وتتسم بتركيبات مميزة تقوم على توازنات غاية في الدقة، قد تجمعت مع بعضها البعض عن طريق المصادفة، وعملت على تحقيق الهدف نفسه ونتيجة لهذا الكمال، توصل العديد من العلماء الذين يعملون في هذا الموضوع إلى استنتاج مهم جدا وهو: أن هذه العملية هي عملية ''خلق''، تتم تحت إشراف منقطع النظير في كل لحظة ومن المفترض أن يتكون كل جسيم ينشأ بعد الانفجار في وقت محدد، ودرجة حرارة محددة، وسرعة محددة ويبدو أن هذا النظام، الذي يعمل تقريبا مثل الساعة ذات الزنبرك المعبأ، قد تمت برمجته بموالفة دقيقة قبل أن يبدأ عمله ويعني هذا أن الانفجار العظيم والكون المثالي الذي نشأ نتيجة لهذا الانفجار قد تم تصميمه قبل بدء الانفجار ثم بدأ بعد ذلك تنفيذه إن الإرادة التي ترتب الكون وتصممه وتتحكم فيه هي بالتأكيد إرادة الله سبحانه وتعالى، خالق كل شيء ويمكن ملاحظة هذا التصميم ليس فقط في الذرة، ولكن في كل شيء في الكون، مهما كبر حجمه أو صغر وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الجسيمات، التي اندفعت في البداية بعيدا عن بعضها البعض بسرعة الضوء، لم تتسبب في تكوين ذرات الهيدروجين فحسب، بل تسببت أيضاً في نشوء جميع النظم الهائلة التي يشتمل عليها الكون اليوم، هذا بالإضافة إلى الذرات والجزيئات والكواكب والشموس والنظم الشمسية والمجرات والكوازارات (نقط إشعاع خارج المجرات)، إلخ، وفقا لخطة رائعة وبنظام وتوازن متقنين وفي حين يعد من المستحيل أن تتجمع الجسيمات المطلوبة لتكوين الذرة مع بعضها البعض وأن تضع لنفسها التوازنات الدقيقة بالمصادفة، فإن ما يعد أبعدَ كثيرا عن العقل والمنطق الادعاء بأن الكواكب والمجرات، وباختصار جميع النظم التي توفر العوامل المساعدة لتسيير الكون تتكون بالمصادفة، وتضع التوازنات اللازمة بنفسها ذلك أن الإرادة التي تضع هذا التصميم الفريد هي إرادة الله، خالق الكون كله لقد تكونت ذرات أخرى بعد ذرة الهيدروجين، التي تعتبر معجزة في حد ذاتها وفي هذه المرحلة، تطرأ على الذهن أسئلة متنوعة مثل:
''كيف تكونت الذرات الأخرى؟
ولماذا لم تقم كل البروتونات والنيوترونات بتكوين ذرة الهيدروجين فقط؟
وكيف قررت الجسيمات ماهية الذرات التي سوف تكونها وبأية كميات؟''
تقودنا الإجابة على هذه الأسئلة مرة أخرى إلى الاستنتاج نفسه؛ هناك قوة وتحكم وتصميم ضخم في تكوين ذرة الهيدروجين وكل الذرات الأخرى التي تلتها ويتخطى هذا القدر من التحكم والتصميم طاقة العقل البشري ويشير إلى الحقيقة الواضحة التي تتمثل في أن الكون مخلوق وتجدر الإشارة هنا إلى أن قوانين الفيزياء التي وضعت نتيجة للانفجار العظيم لم تتغير على الإطلاق خلال السبع عشرة بليون سنة تقريبا التي مرت على نشوء الكون وعلاوة على ذلك، فإن هذه القوانين مبنية على حسابات دقيقة للغاية حتى إن أدنى انحراف مليمتري عن قيمها الحالية يمكن أن يتسبب في نتائج تفسد التركيب والنظام العامين في الكون بأكمله وتثير كلمات الفيزيائي الشهير (ستيفان هوكنج)Stephen Hawking حول هذه النقطة قدرا كبيرا من الاهتمام إذ يرى (هوكنج) في تفسيره لهذه الظواهر " أنها تستند إلى حسابات أدق كثيرا مما يمكن أن نتخيللو كان معدل التمدد بعد ثانية واحدة من الانفجار العظيم أصغر حتى ولو بمقدار جزء واحد من مائة ألف مليون مليون جزء، لانهار الكون قبل أن يصل إلى حجمه الحالي''[9].
يسود الكون بأكمله تصميم فائق ونظام متقن تحكمه هذه القوى الأساسية. ومالك هذا النظام هو، بلا شك، الله سبحانه وتعالى، الذي خلق كل شيء من العدم بدون أية عيوب. ولا بد أن نذكر هنا إلى أن إسحاق نيوتن (1642-1727)، وهو أبو الفيزياء الحديثة والميكانيكا الفلكية، الذي يشار إليه بوصفه "أحد أعظم العلماء في التاريخ على الإطلاق" قد لفت الانتباه إلى هذه الحقيقة:
" لا يمكن أن ينشأ هذا النظام فائق الجمال المؤلف من الشمس، والكواكب، والمذنبات إلا نتيجة لتخطيط وسلطان كيان حكيم ومقتدر. ويسيطر هذا الكيان بسلطانه على كل شيء، ليس بوصفه روح العالم، ولكن بوصفه رب كل شيء. ويُطلق على هذا الكيان عادة الله الرب، حاكم الكون".
ويتضح من الانفجار العظيم، المبني على مثل هذه الحسابات الدقيقة، أن الزمان والمكان والمادة لم ينشأوا تلقائيا، بل خلقهم الله سبحانه وتعالى ومن المستحيل تماماً أن تقع الأحداث المذكورة سابقا وأن تؤدي إلى تكوين الذرة، وحدة بناء الكون، نتيجة للمصادفة البحتة ولا يوجد ما يدعو للدهشة في أن العديد من العلماء الذين يبحثون في هذا الموضوع قد اعترفوا بوجود قوة جبارة لا حدود لها قامت بخلق الكون ويفسر عالم الفيزياء الفلكية المعروف (هيو روسHugh Ross (كيف أن خالق الكون يفوق كل الأبعاد:إن الزمن، بطبيعة الحال، هو ذلك البعد الذي تحدث فيه ظاهرة السبب والنتيجة وبدون الزمن، لن يكون هناك سبب ولا نتيجة وإذا توافقت بداية الزمن مع بداية الكون، وفقا لنظرية الزمان والمكان، ينبغي أن يكون السبب في ظهور الكون كياناً يعمل في بعد زمني مستقل تماماً عن البعد الزمني للكون وسابق لوجوده ··· ويخبرنا هذا أن الخالق يعلو فوق الوجود المادي، ويعمل وراء حدود الأبعاد الكونية ويخبرنا أيضا أن الله ليس الكون نفسه، وأن الله لا يحتويه الكون''[10].
ويتمثل أهم جانب من جوانب الانفجار العظيم في أنه يعطي البشرية فرصة أفضل لفهم قوة الله ويعتبر نشوء الكون من العدم بكل المادة التي يحويها أحد أعظم العلامات الدالة على قدرة الله كما يعتبر التوازن الدقيق في الطاقة عند لحظة الانفجار علامة كبيرة جدا توجهنا نحو التفكير في علم الله الذي لا حدود له.
المصدر: موقع هارون يحيى http://www.harunyahya.com
1. David Filkin, Stephen Hawking's Universe:The Cosmos Explained, Basic Books, October 1998, pp. 85-86
2. Stephen Hawking's A Brief History of Time A Reader's Companion (Edited by Stephen Hawking; prepared by Gene Stone),
New York, Bantam Books, 1982, p. 62-63
3. Henry Margenau, Roy Abraham Vargesse, Cosmos, Bios, Theos, La
Salla IL: Open Court Publishing, 1992, p. 241
4. H. P. Lipson, "A Physicist Looks at Evolution", Physics Bulletin, vol. 138, 1980, p. 138
Taskin Tuna, Uzayin Sirlari (The Secrets of Space), Bogaziçi Yayinlari, p.185
6. Colin A. Ronan, The Universe Explained, The Earth-Dwellers's Guide to the Mysteries of Space, Henry Holt and Company, pp. 178-179
7. Taskin Tuna, Uzayin Sirlari (The Secrets of Space), Bogaziçi Yayinlari, p.186
8.Steven Weinberg, The First Three Minutes, A Modern View of the Origin of the Universe, Basic Books, June 1993, p. 87
9.Stephen W. Hawking, A Brief History of Time, Bantam Books, April 1988, p. 121
10. Hugh Ross, The Creator and the Cosmos, How Greatest Scientific Discoveries of the Century Reveal God,
Colorado: NavPress, RevisedEdition, 1995, p. 76
  #953  
قديم 11-11-2013, 06:56 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

والسماء ذات الرجع في ضوء علوم الفضاء

الأستاذ الدكتور مسلم شلتوت
أستاذ بحوث الشمس والفضاء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفزيقية بحلوان
يطلق اسم (سماء) على كل ما علا وارتفع فوق رؤوسنا، وعلى ذلك يكون سقف الأرض الذي يرتفع بآلاف الكيلومترات فوق سطح الأرض(عبر الفضاء الكوني) بمثابة سماء لأهل الأرض.هذا السقف ـ أيضاً ـ هو الغلاف الجوي الذي تمسكه الأرض وتحتفظ به وتحول دون تسربه في أرجاء الفضاء الكوني، وذلك بقبضة جاذبيتها الكبيرة، بينما يندفع الهواء إلى أعلى لكي ينطلق إلى الفضاء الكوني، لأن من خصائص الغازات الانتشار إلى الفضاء الذي تتعرض له.
وتتساوى قوة اندفاع الهواء إلى أعلى مع قوة جذب الأرض إلى أسفل، فيظل الغلاف الجوي مرفوعاً إلى ما شاء الله.
وصدق الله العظيم إذ يقول( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها)(الرعد/2).
أما (القبة الزرقاء): فهي ناجمة عن تفتت أشعة الشمس الزرقاء بوفرة وغزارة في طبقات الهواء الكثيفة نسبياً قرب سطح الأرض إلى ارتفاع نحو 200 كيلو متراً.
قررت المنظمة الدولية للأرصاد الجوية wmo، في عام 1962، وصف الغلاف الجوي، البالغ سمكه 35ألف كيلومتر، وذلك عن طريق تقسيمه إلى الطبقات التالية:
1.طبقة التروبوسفير()Troposphere: هي الطبقة الملاصقة لسطح الأرض، ويبلغ متوسط ارتفاعها حوالي 11كيلومتر فوق سطح البحر، وتسمى (بالطبقة المناخية)، لأنها الطبقة المؤثرة في تغيرات المناخ، وفيها تحدث كافة الظواهر الجوية(كالأمطار والسحاب والرياح والضباب والعواصف الرعدية والترابية والاضطراب في الطقس والمناخ). وتحتوي هذه الطبقة أيضاً على معظم بخار الماء الموجود في الغلاف الجوي. وأما كتلة الهواء الموجودة في هذه الطبقة فإنها تعادل 80% من كتلة الغلاف الجوي بأكمله. وتقل درجة حرارة الهواء وكثافة وضغطه والجزائيات الثقيلة كلما ارتفعنا إلى الأعلى في هذه الطبقة.
2.طبقة الاستراتوسفير()Stratospher:يتراوح ارتفاعها ما بين 11كيلومتر و50كيلومتر، فوق سطح البحر. وتتميز هذه الطبقة بالاستقرار التام في جوها، حيث ينعدم بخار الماء فيها، وتخلو من الظواهر الجوية.
وتحتوي هذه الطبقة على طبقة (غاز الأوزون)، وهو جزئ مكون من ثلاث ذرات أكسجين، وله القدرة على امتصاص 99% من الأشعة فوق البنفسجية المهلكة الصادرة من الشمس. ويتراوح ارتفاع غاز الأوزون داخل طبقة الستراتوسفير بين 20 و 30 كيلومتر فوق سطح البحر. وتشكل طبقة الستراتوسفير حزاماً واقياً يجنب الإنسان والحيوان والنبات مضار الأشعة فوق البنفسجية من النوع C.B، لأن الإنسان إذا تعرض للنوع C بالذات فإنه يصاب بسرطان الجلد (عند ذوي البشرة الشقراء)، بالإضافة إلى الإصابة بعتامة عدسة العين، وتقليل المناعة للإنسان، مما يجعله عرضة للأمراض المعدية. وغاز الأوزون غاز سام لذلك يستخدم في عمليات التعقيم بدلاً من الكلور. ولا يستطيع الإنسان أن يتنفسه لأنه يؤدي إلى تدمير الرئتين تماماً.
أما جزئ الأوكسجين فيحتوي على ذرتي أكسجين، وهو الغاز اللازم لتنفس الإنسان، ولكن ليس له أي قدرة على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية المهلكة الصادرة من الشمس، من النوع BوCوتزداد الحرارة بالارتفاع داخل طبقة الاستراتوسفير، نتيجة لامتصاص الأوزون للأشعة فوق البنفسجية للشمس.
3.طبقة الميزوسفير()Mesophere:
هي الطبقة التي تعلو الاستراتوسفير، ويتراوح ارتفاعها بين 50 ـ 85 كيلومتر، فوق سطح البحر. وتتميز بتناقص مستمر في درجات الحرارة مع الارتفاع فوق سطح البحر، حتى تصبح درجة الحرارة في أعلى هذه الطبقة منخفضة جداً(حوالي 90 درجة مئوية تحت الصفر)، وهي أقل طبقات الغلاف الجوي في درجة حرارتها.
4.طبقة الأيونوسفير()Ionosphere:
تمتد هذه الطبقة من ارتفاع 85 كيلومتر إلى 700 كيلومتر تقريبا فوق سطح البحر، وتحتوي على كميات كبيرة من الأوكسجين والنيتروجين المتأين والإلكترونات الحرة(بعد تأين جزيئات الأكسجين والنيتروجين المتعادلة بفعل الأشعة السينيةX-ray)، وهي مقسمة إلى ثلاث طبقات داخلية D.E.Fولكل منها خصائصه المميزة، ويتغير سمكها بتغير الليل والنهار وبتغير الفصول والنشاط في الشمس (البقع والانفجاريات الشمسية).
الشكل التالي يبين طبقة الأيونوسفير يظهر في الشكل أهمية هذه الطبقة لعكس موجات الرادار
5.طبقات الثرموسفير:()Thermosphere:بعد غزو الفضاء، أوضحت أرصاد الصواريخ والأقمار الصناعية أن درجة حرارة الطبقة الممتدة من ارتفاع 80 كيلومتر وحتى 200 كيلومتر، فوق سطح البحر،تتراوح ما بين 180كلفن، 1800كلفن، وسبب هذه الزيارة في درجة الحرارة هو امتصاص المكونات الجوية في هذه الطبقة للأشعة فوق البنفسجية ذات الطاقة العالية (والمسماة XUVأو EUV) وقد تنفذ الجسيمات عالية الطاقة في المجال المغناطيسي للأرض، وتتفاعل مع المناطق العليا من الغلاف الجوي مولدة حرارة إضافية.
صورة توضيحية لتوضع طبقة الثرموسفير
6.طبقة الإكسوسفير:()Exosphere:يتراوح ارتفاعها بين 700 كيلومتر، 35000كيلومتر فوق سطح البحر، وهي قليلة الكثافة، لذلك فإن الجزيئات في هذه الطبقة تكون لها حرية في الحركة تسمح بهروبها من الغلاف الجوي للأرض (إذا كانت سرعتها الحرارية أكبر من السرعة الحرجة اللازمة للتغلب على جاذبية الأرض). ومن الطبيعي أن تتركز جزيئات الغازات الخفيفة (مثل الهيدروجين والهليوم) في طبقات الجو العليا، وبسرعات عالية.
صورة توضيحية لتوضع طبقة الإكسوسفير
7.الماجنتوسفير()Magnetospher: يمتد المجال المغناطيسي للأرض ويشكل غلافاً حولها إلى مسافة 50000كيلومتر. وقد اكتشفه عالم الفضاء الأمريكي (فان ألن) بعد غذوا الفضاء في عام 1965 . ويقوم هذا الغلاف المغناطيسي إما بصد الجسيمات المشحونة القادمة من الفضاء الخارجي، وإما باصطيادها واقتيادها ناحية قطبي الأرض المغناطيسي. وقد أطلق على هذه الأحزمة الإشعاعية اسم (أحزمة فان ألن)، كما بينت سفينتي الفضاء الأمريكية (Explorer) الأول والثانية، في عام 1958، وجود نوعين من الأحزمة الإشعاعية على هيئة حلقتين تتطابقان مع المستوى الاستوائي المغناطيسي للأرض. ويقع الحزام الإشعاعي الداخلي على مسافة ألفين كيلومتر فوق سطح البحر. لذلك فلابد أن يكون رواد الفضاء في مناطق بعيدة عن هذا الحزام. واعتبر الارتفاع الأقل من 400كيلومتر فوق سطح البحر بداية الأمان في عمليات ارتياد الفضاء. وقد ساعدت سفن الفضاء والأقمار الصناعية على التوصل إلى فهم أعمق لهذه الطبقة الهامة.
صورة توضيحية لتوضع طبقة الماجنتوسفير
الشمس بعد غزو الفضاء:
لم يكن هناك وسيلة لدراسة الشمس ـ حتى بداية الحرب العالمية الثانية ـ إلا بالمناظير البصرية. وأثناء الحرب اكتشف أحد مهندسي الرادار (بالدفاع الجوي البريطاني) وجود تشويش راداري ضعيف مصدره الشمس. وكان هذا بداية لعام (الفلك الراديوي)ن الذي أمكن بواسطته الحصول على معلومات خلال النصف الثاني للقرن العشرين الميلادي عن الشمس والأجرام السماوية البعيدة (بما فيها المجرات الخارجية والكوزرات والنجوم النابضة) أكثر بكثير من المعلومات التي حصل الإنسان منذ الخليقة (عن طريق رصد هذه الأجرام السماوية بالعين المجردة أو التلسكوبات البصري).
وكانت أشعة الراديو بأطوالها الموجية المختلفة (ابتداء من المليمترية حتى الكيلومترية) هي النافذة الثانية التي نطل منها على الكون.
ومع غزو الإنسان للفضاء، في نهاية الخمسينات من القرن العشرين الميلادي، كان هناك احتمالات نظرية لوجود أشعة قصيرة الموجة ذات طاقة عالية تصدر من الشمس (كأشعة إكس وأشعة فوق البنفسجية ذات طول موجي أقصر من ثلاثة آلاف أنجستروم). وأثبتت التجارب الأولى البنفسجية ذات الطاقة العالية، وكذلك أشعة إكس المنبعثة من الشمس، إلا أن الله شاء أن يحمينا من هذه الأشعة عن طريق امتصاص أشعة إكس في طبقة الأيونوسفير (على ارتفاع حوالي مائة كيلو متر فوق سطح البحر) حيث تحول هذه الأشعة ذرات الغازات المتعادلة إلى أيونات وإليكترونات حرة سالبة .
أما الأشعة فوق البنفسجية من النوع BوCفإنها تمتص في طبقة الأيونوسفير على ارتفاع يتراوح ما بين ثلاثين إلى خمسين كيلومتر، وهي أشعة مهلكة، ومن هنا تأتي خطورة (ثقب الأوزون) في أقطاب الأرض، وخطورة احتمال زحفه على خطوط العرض المنخفضة.
كما أثبتت التجارب الأولية أن هناك هروب للبروتونات والنيترونات والإلكترونات ونويات الذرات الخفيفة من الغلاف الجوي الشمسي إلى الفضاء الخارجي، وهو ما يسمى (وسط ما بين الكواكب).وتعرف هذه الظاهرة (بالرياح الشمسية) ويمثل الماجنتوسفير ـ على ارتفاع يقدر بآلاف الكيلومترات فوق سطح البحر ـ الدرع الواقي للأرض ومظاهر الحياة الموجودة عليها من أضرار هذه الرياح والعواصف المهلكة، والمسماة (الرياح الشمسية Solar winds)، كما ذكرنا.
ومع نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن العشرين الميلادي بدأ الرصد المنتظم لأشعة إكس الصادر من الشمس، بواسطة الأقمار الصناعية لوكالة الفضاء الأمريكية (Nasa) والذي أضاف الكثير من المعارف والمعلومات عن الغلاف الجوي الشمسي والإنفجارات الشمسية والأجرام الشمسية الأخرى التي تصدر عنها أشعة إكس. وسميت مجموعة الأقمار الصناعية التي أطلقت لهذا الغرض باسم GOES، وقامت هذه الأقمار أيضاً بقياس سرعة وطاقة ومكونات وكثافة الرياح الشمسية.
وفي أوائل السبعينات من القرن العشرين الميلادي تم تسجيل أول أشعة جاما صادرة من الشمس، والأجرام السماوية المسمى (Comptonكمبتون)، وهو المستقر على ارتفاع يقدر بحوالي أربعمائة كيلومتر فوق سطح البحر، وقد أثبت أن الكون يموج بظواهر طاقية غير عادية(High Energetic Phenomena).
كما أرسلت أقمار صناعية لتسجيل الأشعة فوق البنفسجية ذات الطاقة العالية من الشمس بواسطة وكالة الفضاء الأمريكية NASAوهي :
NOAA-9,NIMBUS-7,SOLSTICE.
وكان هناك سؤلاً محير وهو : هل الشمس نجم مستقر أم متغير في لمعانه؟ لذلك كان لابد من قياس ما يسمى ب
ثابت الإشعاع الشمسي Solar Constant نم(1)وحيث كانت هناك أخطاء كبيرة في قياس هذا الثابت عند سطح الأرض، لذلك قامت وكالة الفضاء الأمريكية ووكالة الفضاء السوفيتية بإطلاق قمر لكل منها مع نهاية السبعينات لقياس ثابت الإشعاع الشمسي، الذي ثبت أنه متغير وله علاقة بدورات نشاط الشمس. وهذه الأقمار هي : ERBS,NOAA-9 and 10,UARS.
كما أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية مجموعة من الأقمار (IMP) لقياس بلازما الشمس والمجال المغنطيسي لوسط مابين الكواكب.
وبقي هناك شيء أخير وهو الأشعة تحت الحمراء البعيدة الصادرة من الشمس والتي لا يمكن أن تصل إلى سطح الأرض نتيجة لامتصاصها بواسطة ثاني أكسد الكربون وبخار الماء في الغلاف الجوي للأرض. ما هو صورة الشمس، في هذه المنطقة الطيفية المفقودة على الأرض.. لذلك في التسعينيات تعاونت وكالة الفضاء الأوربية ESAمع وكالة الفضاء الأمريكية NASAفي السبعينيات من أجل تصنيع القمر الصناعي الكبير (SOHO) لدراسة الشمس بالأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية. وكذلك أطلقت وكالة الفضاء اليابانية قمرها الصناعي (YOHKOH) لدراسة الشمس بأشعة جاما وأخذ صورة يومية للشمس في أشعة إكس (Soft –Xrays) .
لقد أضافت دراسة الشمس بالأقمار الصناعية الكثير جداً لعلم (فيزياء الشمس) بصفة خاصة، و(للفيزياء الفلكية) بصفة عامة، وأزالت الكثير من الغموض الذي كان علماء الفضاء يواجهونه أثناء رصدهم أو تفسيرهم لبعض الظواهر الفيزيائية في الكون، ومعظمها ظواهر ذات طاقة عالية جداً.
وأصبح حجم لمعلومات التي وصل إليها علماء الفضاء عن الشمس والكون خلال الأربعين عاماً الأخيرة (بفضل الأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي) يفوق حجم المعلومات التي تواصلوا إليها منذ الخليقة، سواء باستعمال التلسكوبات البصرية أو الردياوية، وأصبح هذا العلم الفضائي الجديد هو (Space Solar Physics)في حالة الشمس، أو هو (Space Astrophysics)في حالة بقية الكون.
الانفجاريات الشمسية ومضارها:
للشمس دورة نشاط يبلغ مقدارها في المتوسط أحد عشر عاماً، وأحد مظاهر هذا الشاط هو الكلف الشمسي، أو ما يسمى (بالبقع الشمسية)، وهي مناطق باردة، بالقياس إلى ما حولها من سطح الشمس في طبقة الفوتوسفير[2].
وعندما يزداد ضغط هذه الغازات عن الممانعة المغناطيسية لهذه البقع يحدث انفجار رهيب في الغلاف الجوي للشمس (تتراوح طاقته ما بين 10 28 إرج إلى 10 32 إرج، وهي تعادل أضعاف الطاقة المنطلقة من القنابل النووية في الأرض إذا انفجرت جميعاً مرة واحدة). وتبلغ مساحة هذا الانفجار على قرص الشمس أكثر من مليون كيلو متر مربع .. أي ما يزيد عن مساحة مصر.. وينتج من هذا الانفجار أشعة إكس والأشعة فوق البنفسجية، ذات الطاقة العالية، وأشعة مرئية، وأشعة تحت الحمراء، وأشعة ميكروويف وراديو، تصل إلى الأرض بعد ثمانية دقائق، بجانب أنه في حالة الانفجاريات الشمسية العنيفة يحدث خروج سحابة(من الشمس) من الدقائق المشحونة (ومعظمها بروتونات موجبة الشحنة ذات سرعات وطاقة عالية تصل في بعض الأحيان إلى مليار إلكترون فولت). تصل إلى الأرض بعد ساعات قليلة من حدوث الانفجار في الشمس. أما نوى العناصر الخفيفة (كالهليوم والليثيوم) فإنها تندفع إلى الفضاء الخارجي المحيط بالشمس، وتأخذ طريقها نحو الأرض خلال يومين أو ثلاثة، بسرعة قد تصل إلى ألف كيلومتر/ثانية.
وينتج عن أشعة إكس الصادرة عن الإنفجارات الشمسية(والتي تصل إلى الأرض بعد ثمانية دقائق فقط) زيادة تأين مفاجئ في طبقة الأيونوسفير بطبقات الجو العليا (والتي يتراوح ارتفاعها ما بين 85 حتى 700كم)، تؤدي إلى حدوث اضطرابات في البث الإذاعي والتلفزيوني والاتصالات اللاسلكية، لأن طبقة الأيونوسفير في الطبقة السئولة عن انعكاس موجات الراديو للبث الإذاعي والتلفيزيوني والاتصال اللاسلكي . أما الأشعة فوق البنفسجية ذات الطاقة العالية (القادمة من الشمس) فيتم امتصاص جزء منها في طبقة الأيونوسفير ويمص الباقي في طبقة الأوزونوسفير، حيث تؤدي هذه الأشعة ذات الطاقة العالية إلى تكسير الأوزون وتقليل كثافته في طبقات الجو العليا (الستراتوسفير) لفترة مؤقتة ـ لا تتجاوز ساعات أو بضعة أيام.
ومن نعم الله علينا أن خلق لنا طبقة الأيونوسفير وطبقة الأوزنوسفير في جو الأرض، ولو انعدمت هاتان الطبقتان لهلكت كل الكائنات الحية في بضع دقائق، فأشعة إكس والأشعة فوق البنفسجية العالية الطاقة كلها قاتلة، كالإشعاع الناتج عن الانفجارات النووية على الأرض!!
يبقى الآن تأثير السحابة المكونة من الدقائق المشحونة، فهذه السحابة مهلكة وقاتلة أيضاً، ولكن الله يمنعها من الوصول إلينا، لأنه سبحانه خلق لنا طبقة الماجنتوسفير الموجودة على بعضة آلاف من الكيلومترات حول الأرض، وتعمل هذه الطبقة كدرع مغناطيسي يصد هذه السحابة ويوجهها بعيداً عن الأرض، ولا تتمكن أي من هذه الدقائق المشحونة من الوصول إلى سطح الأرض، اللهم إلا في مناطق أقطاب الأرض، حيث يستطيع بعضها الإفلات إلى ارتفاعات قليلة فوق الأقطاب، محدثة تهيج ولمعان لمكونات الغلاف الجوي (من أكسوجين ونيتروجين وخلافه )، وتظل السماء مضاءة لعدة أيام، وتعرف هذه الظاهرة بظاهرة الأورورا أو (الوهج القطبي )، أو (الفجر القطبي).



يتبــــــــــــــــــــــــــــــع






  #954  
قديم 11-11-2013, 06:58 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبـــــع الموضوع السابق

والسماء ذات الرجع في ضوء علوم الفضاء


الأورورا أو الوهج القطبي:
لاحظ الإنسان منذ ألوف السنين وجود ضوء في السماء أثناء الليل في المنطقة القطبية للأرض، ويعتبر ظهور هذا الضوء من أقدم ظواهر الطبيعة الأرضية التي لاحظها الإنسان. ولقد ظهر العديد من التفسيرات لهذه الظاهرة، وكان بعضها خيالي، فمن قائل إنها تفريغ كهربائي، ومن قائل إنها انعكاس لضوء الشمس على الجليد، ومن قائل إنها بلورات الثلج في الغلاف الجوي للقطب .. ومع التقدم العلمي، وفي أوائل الخمسينات من القرن العشرين، ثبت أن مصدر ضوء الوهج القطبي هو تهيج غازات الغلاف الجوي بواسطة جسيمات عالية الطاقة، وعند انطلاق الصواريخ في عام 1958داخل الأورورا ، وجد أن معظم الجسميات عبارة عن إلكترونات عالية الطاقة.
وتحدث الأورورا في منطقة في منطقة ضيقة مركزها عند خط عرض 67ْ مغناطسية، والأورورا اللامعة تظهر للعين البشرية خضراء أو حمراء، وتظهر هذه الألوان نتيجة للانبعاث من الأوكسجين الذري عند 5577، 6300أنجستروم، على التوالي .وخط الطيف ذو الطول الموجي 3914أنجستروم لجزئ النيتروجين فردي التأين، يكون موجوداً في منطقة البنفسجي، والتأثير الكلي يكون عادة أصفراً أشبهاً بالأورورا ذات الشدة المتوسطة.
وتفسير خطوط طيف الأورورا ليس مشكلة سهلة، حيث أن هذه الخطوط (بالخطوط المجرّية)، وهذا ليس معناه أن الانتقال من المستوى الطاقي الأقل للإلكترونات المقيدة لا يحدث، ولكن معناه أن الانتقال يحدث، ولكنه لا يتبع قوانين الاختيار يحدث، ولكنه لا يتبع قوانين الاختيار العادية التي تحكم عملية الانتقال، وظهور هذه الخطوط يعدّ أمراً بعيد الاحتمال نسبياً.
وفي عام 1950تم اكتشاف وجود الخط (هـ ـ ألفا) في طيف الأورورا، وفي عام 1951م وجد أن هناك إزاحة دوبلر لهذا الخط. وقد وجد أن الأورروا مرتبطة بالنشاط الشمسي، حيث أن هناك ارتباط قوي بين حدوثها وحدوث الانفجارات على الشمس. كما وجد أن هناك إشعاع راديوي وسيني صادر من الأورورا، وأمكن رصد الأول بأجهزة الرادار واستقبال الراديو، وأمكن رصد الثاني بالبلونات على ارتفاعات عالية في الأورورا. وكذلك ينتج عن الأورورا حدوث أضطربات في المجال المغناطيسي عند الأقطاب، ويكن رصد ذلك بواسطة أجهزة الماجنتوميتر الموجودة على سطح الأرض.
تحدث كل هذه الظواهر للأورورا كلها نتيجة لإلكترونات عالية الطاقة يتم إيقافها بواسطة الغاز في الغلاف الجوي للأرض، وعند حدوث عملية الإيقاف فإن إلكترون وأيونا ينتجان لتبدد هذه الطاقة والتي يجب أن تكون أعلى من 35إلكترون فولت، فإذا أخذنا معامل إعادة الاتحاد في الاعتبار (وقدره 10 7 عند الارتفاع) تصبح مقدارها 5×10 6 في السنتيمتر المكعب، خلال الأورورا، وهذا هو السبب في حدوث انعكاس موجات الراديو ذات التردد الأقل من 20 ميجاهرتز عند حدوث الأورورا في منطقة الأقطاب.
أما الأشعة السينية ـ التي أمكن رصدها بالبلونات على ارتفاعات عالية داخل الأورورا ـ فلها طاقة عالية قدرها 30 كيلو إلكترون فولت.وتنتج من العملية الحرارية الناتجة عن إيقاف الجسيمات . وعند حدوث الأورورا فإن التأين يزداد في المنطقة الوسطى للأيونوسفير، مما ينتج عنه زيادة في التواصل، وبالتالي إلى التيارات الكهربائية في هذه المنطقة، ونتيجة للتأثيرات المغناطيسية لهذه التيارات، فإن أجهزة الماجنتوميتر على سطح الأرض تظهر سلسلة من التذبذبات.
العواصف المغناطيسية الأرضية ومضارها على الأقمار الصناعية:
هذا الصدام ما بين هذه السحابة والماجنتوسفير يؤدي إلى حدوث ما يسمى (بالعواصف المغناطيسية الأرضية)، حيث تضطرب المركبة الأفقية والمركبة الرأسية للمجال المغناطيسي للأرض، وتؤدي هذه إلى حدوث اضطرابات كثيرة، ومنها اضطراب أجهزة الملاحة الجوية للطائرات العابرة لأقطاب الأرض، وأجهزة الملاحة الفضائية للصواريخ، ومكوكات الفضاء، إذا حدث إطلاقها من القواعد الأرضية أثناء حدوث مثل هذه العواصف المغناطيسية الأرضية.
كما تؤدي هذه العواصف إلى إعاقة العمل بالشبكات الكهربية في المناطق القريبة من أقطاب الأرض، لما تسببه هذه العواصف من تغيرات شديدة في التيارات الكهربية خلال طبقات الأيونوسفير في العليا (على ارتفاع فوق المائية كيلومتر فوق سطح البحر)، إذ تتسبب هذه التيارات في توليد تيارات حثية داخل الشبكة الكهربائية تعوق عملها، .
وقد تؤدي هذه التيارات الحثية الشديدة في الشبكات الكهربائية إلى إتلاف معدات كهربية بالشبكة تقدر أثمانها بالعديد من ملايين الدولارات، وهناك محاولات لإيجاد حلول تكنولوجية لهذه المشكلة.
سحابة الجسيمات الشمسية ومضارها على الأقمار الصناعية :
إن أخطر ما تؤدي إليه سحابة الدقائق المشحونة القادمة من الشمس بعد حدوث الانفجاريات الشمسية العنيفة(التي تسمى الانفجارات البروتونية، لأن معظم الدقائق المشحونة هي عبارة عن بروتونات موجبة الشحنة) فهو تأثيرها على الأقمار الصناعية الموجودة في المدار الخارجي في الفضاء[3].
وللانفجارات الشمسية ـ كما ذكرنا في بداية البحث ـ دورة كل أحد عشر عاماً، تقريباً، وكان آخر قمة للنشاط الشمسي هو ما حدث في عام 1989، وكان آخر هدوء للنشاط هو ما حدث في عام 1996. ولقد بدأ نشاط الشمس يزداد مرة ثانية، فكثرت البقع الشمسية والانفجارات مع بداية الدورة الجديدة في عام 1997م، وهي مستمرة في التصاعد الآن حتى تبلغ أوجها في عام 2001 و2002 حيث ستزداد ضراوة وعنف الانفجارات .. أي أن بداية القرن الحالي سوف تكون بداية ساخنة كونياً، ولكن هذا لن يعطل سير الحياة، فالانفجارات الشمسية ظاهرة طبيعية تحدث منذ مليارات السنين.
وللتغلب على هذه المشكلة، فإن مهندسي الأقمار الصناعية للبث الإذاعي والتلفزيوني والاتصالات قد أخذوا على عاتقهم إيجاد حلول تكنولوجية لهذه الأعطال التي تحدث نتيجة للانفجاريات الشمسية وما يتبعها من بيئة فضائية مملوءة بالدقائق المشحونة.
وأخذ العلماء على عاقتهم، كذلك، زيادة البحوث والدراسات للتعرف على المزيد من المعلومات حول هذه البيئة الفضائية، لإمكانية التنبؤ بحدوث هذه الانفجارات الشمسية العنيفة قبل حدوثها وانتشار الآثار الضارة لها، وذلك عن طريق تحليل الانفجارات الشمسية وأحداثها السابقة وتكوين قاعدة بيانات منها المستقبل.
وهناك مشكلة أخرى هي فقد السيطرة على هذه الأقمار الصناعية من المحطات الأرضية، نتيجة لانقطاع الاتصال بينهما بفترات زمنية تطول إلى ساعات، بجانب أن الإلكترونات الصادرة من الانفجار الشمسي تكون ذات طاقة عالية تمكنها من الوصول إلى هذه الأقمار الصناعية، ويؤدي هذا إلى إحداث شحن كهربي ثنائي الأقطاب شديد، يؤدي بدوره إلى تقصير العمر الافتراضي للمكونات الإلكترونية الداخلية للقمر الصناعي (من أشعة الشمس عالية الطاقة ـ كأشعة إكس والفوق البنفسجية )، وبجانب أن الدقائق المشحونة هي التي تحدد عمر أدائه السليم والكفاءة المطلوبة له في الفضاء الخارجي.
وهناك مخاطر أخرى لأشعة إكس والأشعة الفوق بنفسجية (الصادرة من الانفجارات الشمسية) على الأقمار الصناعية ذات الارتفاع المنخفض فوق سطح الأرض ـ والذي لا يتعدى عدة مئات من الكيلومترات فتؤدي هذه الأشعة إلى حدوث تغيير في كثافة حرارة طبقات الجو العليا في الأرض، وبالتالي يحدث تأثير على مدارات وأعمار هذه الأقمار الصناعية ذات الارتفاع المنخفض فوق سطح الأرض، مما يؤدي بها في النهاية إلى خروجها عن مداراتها الأساسية وسقوطها على الأرض (بفعل الجاذبية الأرضية)، كما حدث للعمل الفضائي (سكاي لاب) في عام 1989 . كما أن مكوكات الفضاء تتأثر بأي تغيير مفاجئ قد يحدث في كثافة وحرارة طبقات الجو العليا، حيث يؤثر هذا على قوة الإعاقة للغلاف الجوي، المعروفة باسم (Atmospheric drag) والتي تحسب عليها مدارات ومسارات هذه المكونات، وأي تغيير مفاجئ لما تم حسابه قد يؤدي إلى وقع كارثة للمكوك ورواده.
أما تأثير الانفجارات الشمسية على أنظمة الملاحة، فتأتي من أن هذه الأنظمة تعمل بنبضات ذات ترددات منخفضة جداً، ولابد أن يكون ارتفاع قاع طبقة الأيونوسفير معلوما بدقة بالغة، لأنها الطبقة التي تنعكس عليها النبضات الصادرة والمستقبلة من هذه الأنظمة. إن التغير المفاجئ في ارتفاع هذه الطبقة( أثناء حدوث الانفجارات الشمسية وما يتبعها من عواصف مغناطيسية أرضية) قد يؤدي إلى وقوع خطأ ـ يقدر ببضع كيلومترات ـ في تحديد الأماكن.
كما أن النظام الملاحي (المسمى GPS) يعمل بنظام موجات راديو ترتحل من الأقمار الصناعية إلى مستقبلات على سطح الأرض، أو على طائرات، أو مركبة على أقمار صناعية أخرى، وهذه النبضات تستخدم لتحديد المواقع بدقة بالغة. وعند حدوث تغير مفاجئ في الأيونوسفير التي تحيد وتبطئ فيه هذه الموجات نتيجة للانفجارات الشمسية. فإن ذلك يؤدي إلى وقوع أخطاء في تحديد المواقع والتطبيقات المستقبلية لنظام GPS، مما يستلزم التنبؤ بطقس الفضاء حتى يمكن تلافي مثل هذه الأخطاء والمعرفة الدقيقة لخصائص الأيونوسفير، والتنبؤ بتغيراته سوف تساعد في تصميم وتشغيل هذا النظام في المستقبل.
والاتصالات بجميع تردداتها تتأثر بطقس الفضاء، والاتصالات التي تتم بموجات الراديو ذات التردد العالي هي الأكثر عرضة لهذا الطقس. لأنها تعتمد على الانعكاس على طبقة الأيونوسفير لحمل النبضات إلى مسافات طويلة.
وعند حدوث انفجارات شمسية، فإن الأيونوسفير يضطرب بصفة عامة، وفي منطقة أقطاب الأرض بصفة خاصة، لدرجة أن النبضة يمكن أن تمتص بالكامل وتصبح الاتصالات بالموجات عالية التردد منعدمة تماماً في أقطاب الأرض.
والتنبؤ بهذه الإنفجارات يعطي فرصة أفضل لمسئولي الاتصالات في إيجاد وسيلة بديلة للاتصال. كما أن انقطاع الاتصالات بشكل خطراً كبيراً على عمليات البحث الإنقاذ والعمليات العسكرية. كما أن سفن الفضاء والمركبات الفضائية تتأثر هي الأخرى بالدقائق المشحونة الناتجة من الانفجارات الشمسية وما يصحبها من عواصف مغناطيسية أرضية، تؤثر على المعدات بداخلها، وكذلك تؤثر على رواد الفضاء بفعل تلك الجرعات الزائدة.
بيان بالحوادث التي تم رصدها نتيجة لتأثير الانفجارات الشمسية والعواصف المغناطيسية الأرضية:
1.24 مارس 1940:
حدوث عاصفة مغناطيسية شديدة أدت إلى تعطيل 80% من تليفونات المسافات الطويلة بشمال الولايات المتحدة، كذلك تعطيل الخدمات الكهربابية لبعض الوقت بولايات الشمال وكندا.
2.9_10 فبراير 1958:
حدوث عاصفة مغناطيسية أدت إلى تعطيل كابلات التلغراف والاتصال التليفوني بمنطقة شمال الأطلنطي، ما بين كندا وشمال الولايات المتحدة في الغرب واسكتلندا في شرق المحيط.
3.4أغسطس 1972:
حدوث عاصفة مغناطيسية أدت إلى تعطيل كابل الاتصالات وإتلاف محول كهربي في شبكة كهرباء بشمال الولايات المتحدة.
4.26 نوفمبر 1982:
انقطع الاتصال بالقمر الصناعي GOES_4الأمريكي (والذي كان يقوم برصد السحب بالأشعة المرئية وتحت الحمراء) لمدة 45 دقيقة، بعد حدوث انفجار عنيف من النوع البروتوني.
5.13_14 مارس 1989:
أدت عاصفة مغناطيسية قاسية إلى فقدان عشرين ألف ميجاوات كهرباء في الشبكة الكهربية بولاية كويبك بكندا وانقطاع الكهرباء عن ملايين السكان.
وحدث اضطرابات في الاتصالات، وتداخلات عند الترددات العالية. كما تأثر قمر صناعي ياباني بهذه العاصفة، وسقط قمر صناعي أمريكي لوكالة الفضاء NASAلمسافة ثلاثة أميال عن مداره نتيجة عن مداره نتيجة لزيادة قوة الإعاقة للغلاف الجوي فجأة.
6.29 أبريل 1991:
حدوث عاصفة مغناطيسية أدت إلى تعطيل محول كهربي لعدة ساعات في المشروع النووي ميانا بالكي.
7.20 ـ 21 يناير 1994:
تعطل قمران صناعيان كنديان للاتصالات وحدوث اضطراب في الاتصال التليفوني والبث الإذاعي والتلفزيوني لعدة ساعات، نتيجة لوجود عدد كبير من الإلكترونات الحرة حول القمرين بعد حدوث انفجار شمسي عنيف.
إمكانية استغلال الانفجارات الشمسية والعواصف المغناطيسية في الحروب الإلكترونية:
إن مشكلة تأثير الانفجارات الشمسية وما يتبعها من عواصف مغناطيسية أرضية وتأثيرها على الاتصالات اللاسلكية الأرضية، وعلى البث الإذاعي والتلفزيوني والاتصالات عبر الأقمار الصناعية، وعلى الاتصالات ما بين المحطات الأرضية والصواريخ العابرة للقارات والمنطلقة للفضاء، وعلى الاتصال ما بين المحطات الأرضية ومكوكات الفضاء والأقمار الصناعية وسفن الفضاء المسافرة لاستكشاف الشمس والكواكب .. لهي مشكلة في غاية الخطورة من الناحية العسكرية والمدنية، فقد يمتد تأثير هذه الانفجارات لعدة ساعات، يمكن خلالها أن يتغير سير الأمور والأحداث بطريق درامية. لذلك كان الاهتمام البالغ بدراسة ظاهرة الانفجارات الشمسية وما يتبعها من عواصف مغناطيسية أرضية، ليس من الناحية الأكاديمية فقط، ولكن أيضاً من الناحية العسكرية والاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي.
ولذلك أنشئت معامل لدراسة هذه المشكلة منذ النصف الثاني من الخمسينات في القرن العشرين (تتبع سلاح الطيران الأمريكي American Air Force)، وكان الهدف الأول منها هو إمكانية التنبؤ بحدوث هذه الانفجارات الشمسية قبل وقتها، حيث إن هذه الظاهرة الطبيعية تعتبر حتى الآن من أعقد المعضلات العلمية في مجال (فيزياء الشمس)، بصفة خاصة، والكون بصفة عامة. والهدف الثاني هو إيجاد حلول تكنولوجية للتغلب عليها، بل إن اللجنة الدولية لبحوث الفضاء COSPAR(والتي تهدف إلى بحوث في الفضاء على مستوى العالم لخدمة الأغراض السلمية للجنس البشري)، كانت قد شكلت عام 1958، وكان أول نشاط لها هو دراسة تأثير الانفجارات الشمسية على الأرض أثناء قمة النشاط الشمسي الغير عادي عام 1957 (المسمى عالمياً بالسنة الدويلة الجوفيزقية IGY).
كما انتشرت معامل دراسة الشمس وتأثيرها على الأرض، وبالذات تأثير الانفجارات الشمسية على الاتحاد السوفيتي (سابقاً) وأوربا واليابان، بعد انتشارها في الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي الستينيات أكتشف كل من الأمريكان والسوفيت أن الانفجارات النووية التي تحدث فوق سطح الأرض تؤدي إلى حدوث تأين عالي في طبقات الجو (فوق منطقة الانفجار)، يصحبه تأثير مشابه لتأثير الانفجارات الشمسية على الاتصالات اللاسلكية، وتعطيل الأجهزة الإلكترونية والكهربية نتيجة للتيارات الكهربائية الحثية الناتجة من هذا التأين المفاجئ في الغلاف الجوي.
إلا أن التأين الناتج من الانفجار النووي الأرضي محدود للغاية ويحدث فوق منطقة الانفجار فقط، لأن الطاقة المنطلقة من القنبلة النووية لا تقاس بكمية الطاقة الهائلة بكمية الطاقة الهائلة المنطلقة من الانفجار الشمسي.
كان هذا مدخلاً لنوع جديد من تكنولوجيا الحرب النووية، فلقد فكر كل من الطرفين (الأمريكي والسوفيتي) في عمل تفجير نووي في طبقات الجو العليا فوق البلد المعادي لا يكون لها خسائر بشرية ومدنية كثيرة، لكنها تشل الاتصالات والرادارات وتوجيه الصواريخ والآلة العسكرية بأكملها للبلد المعادي لبضع دقائق وقد تصل لساعة، سيكون خلالها قد تم تدمير كل دفاع البلد المعادي خلال فترة الشلل التي أحدثها تأثير القنبلة النووية في تأين طبقات الجو العليا المفاجئ فوق البلد المعادي. ولقد استمرت أبحاث (البنتاجون) في هذا المضمار لفترة طويلة حتى بداية أبحاث وتكنولوجيا حرب النجوم في منتصف الثمانينات، حيث اتجه التفكير إلى أحداث هذا التأين في طبقات الجو العليا فوق البلد المعادي، ليس عن طريق أحداث انفجار نووي ولكن عن طريق تأين الغلاف الجوي فوق البلد المعادي بأشعة الليزر تُسلط عليه من محطات فضائية تقوم بتحويل أشعة الشمس(الطاقة الشمسية) إلى أشعة ليزر ذات طاقة فضائية تقوم بتحويل أشعة الشمس (الطاقة الشمسية) إلى أشعة ليزر ذات طاقة عالية جداً، حتى يمكن شل جميع أجهزته العسكرية والمدنية لبضع دقائق أو ساعات.
الانفجارات الشمسية وتأثيرها على رواد الفضاء وركاب الطائرات:
إن خطر تأثير مباشر للانفجارات الشمسية هو قذف البروتونات من الشمس بطاقة وسرعات عالية، وهي ذات تأثير على رجال ومعدات الفضاء، أثناء سفرهم في الفضاء، كما حدث في رحلة (أبوللو) نتيجة للانفجار الشمسي الذي حدث في أغسطس 1972م. وأخطر ما في هذا الإشعاع هو تأثيره الصحي الضار الذي يصل لحد الإهلاك.
ويدور مكوك الفضاء أثناء رحلته الفضائية داخل طبقة الماجنتوسفير، ولذلك فهو لا يتعرض لهذه البروتونات لأنها موجودة في منطقة القطبين فقط، إلا أن دورانه لفترات طويلة سوف يعرض الرواد لجرعات كبيرة من هذه الإشعاعات الضارة، وأخطر شيء لتأثير البروتونات هو تأثيرها على ركاب الطائرات الموجودة على ارتفاعات عالية أثناء عبورها لمنطقة الأقطاب بالأرض. أما الطائرات ذات السرعات الأقل من سرعة الصوت فإنها تطير عادة على ارتفاع قدره ثلاثين ألف قدم، في المتوسط، لذلك، فإن تأثير البروتونات لا يذكر. وأما الطائرات التي تطير بسرعات فوق سرعة الصوت، فيلزم لها ارتفاع للطيران قدرة ستون ألف قدم فوق سطح البحر، لذلك فإن الركاب قد يتأثرون بالبروتونات عند حدوث انفجارات كبيرة في الشمس، وعلى سبيل المثال، ففي أغسطس 1972 كانت جرعة الأشعة على ارتفاع 65 ألف قدم تعادل 400 وحدة، وهي جرعة كبيرة من الإشعاع، لذلك فإن حدوث هذه الانفجارات لابد أن تعديل لجدول الطيران، وذلك لكي يمكن التنبؤ بحدوث هذه الانفجارات.
الغلاف الجوي للأرض من نعم الله :
من نعم الله علينا أن خلق لنا غلافاً جوياً للأرض، وإضافة لمهامه المتعددة، فهناك أهمية كبيرة له في حماية المخلوقات على الأرض من تلك الأجسام التائهة في الفضاء (والتي هي، غالباً حطام لأحد الكواكب المجموعة الشمسية كان قد تحطم منذ زمن سحيق) وتتراوح كتلتها ما بين الجرامات إلى ملايين الأطنان. هذه الأجسام على مسافة قريبة منها نسبياً. ولولا وجود الغلاف الجوي للأرض لحدث ارتطام لهذه الأجسام بسطح الأرض في كل دقيقة، بل وفي كل ثانية مسببة حفرات (يتراوح قطرها من سنتيمترات إلى كيلومترات) مع تحول الطاقة الميكانيكية لهذه الأجسام إلى طاقة حرارية هائلة بعد الارتطام[4].
والغلاف الجوي للأرض يمنع وصول هذه الأجسام الفضائية الضالة إلى سطح الأرض، وذلك نتيجة لسرعاتها العالية عند دخولها في الغلاف الجوي للأرض، فينتج من احتكاكها بجزيئات الهواء تولّد حرارة عالية تؤدي إلى احتراق هذه الأجسام وفنائها وتلاشيها قبل وصولها إلى سطح الأرض، وتسمى في هذه الحالة (الشهب)، إلا أن نسبة ضئيلة جداً تستطيع الوصول إلى سطح الأرض والارتطام به، وتسمى (النيازك)، كما حدث في الحفرة الكبيرة في صحراء الأريزونا، والحفر المسماة (حفر الوبر) بالربع الخالي في المتحف الطبيعي بلندن. كما أن المتحف الجيولوجي بكورنيش النيل (بالمعادي ـ القاهرة) يحوي بعض النيازك الصغيرة التي تم العثور عليها في الصحراء المصرية.
كما أن الغلاف الجوي للأرض ليس نعمة من الله لحماية المخلوقات من خطر الأجسام الفضائية والأقمار الصناعية فقط، ولكن أيضاً لحمايته من حطام الصواريخ والمركبات الفضائية والأقمار الصناعية التي انتهت مهمتها أو فشلت في الابتعاد عن الأرض بقدر كافي ـ حيث تجذب الأرض هذا كله لتنطلق بسرعات عالية داخل الغلاف الجوي، لتحترق بالكامل أو معظمها داخل الغلاف الجوي وقبل وصولها لسطح الأرض وإحداث كوارث. وصدق الله العظيم في قوله الكريم: (ألم ترى أن الله سخر لكم ما في الأرض، والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم)[الحج: 65].
وإضافة إلى ذلك، تعتبر طبقة الأوزون (بالغلاف الجوي العلوي للأرض) من نعم الله الكبيرة على الإنسان وسائر المخلوقات بالأرض، فبدون وجود هذه الطبقة تتسلل إلينا أشعة الشمس فوق البنفسجية من النوع : (C)، وهي أشعة ذات طاقة عالية ويمكنها أن تهلك الحياة على الأرض بالكامل في أيام معدودة. نتيجة للإستخدام المكثف الإنسان لمادة (الفريون) (CFCكلوروفلوروكاربون) في أجهزة التبريد والتكييف، ثم تصاعد هذا الغاز لطبقات الجو العليا، كان السبب الأساسي وراء تحطم الأوزون وتحوله إلى أكسجين خلال القرن العشرين، وذلك لأن غاز الأوزون له قدرة عالية على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية من النوع (C) بينما الأكسجين ليس له هذه الخاصية.
ونتج عن ذلك ما يسمى (بثقب الأوزون) فوق القارة المتجمدة الجنوبية، وأمكن رصده من محطات أرضية، وكذلك أمكن تصويره عن طريق الأقمار الصناعية (ومنها القمر الصناعي نيمبوس V، التابع لوكالة الفضاء الأمريكية " ناسا" ورغم أن الأوزون لم ينعدم تماماً في منطقة الثقب، فتركيزه أصبح أقل من الطبيعي، إلا أن نتائجه كانت خطيرة على سكان جنوب أستراليا ونيوزيلندا، ومنها إصابة الناس هناك بسرطان الجلد، وعتمة عدسة العين، وتقليل المناعة الطبيعية للجسم، وإعاقة عملية التمثيل الضوئي (البناء الضوئي) للنباتات، وهي مصدر الأكسجين اللازم للحياة.
ولا ننكر أن هناك أسباب طبيعية أخرى، كالغازات الخارجة من البراكين والأشعة القادمة من الكون، تؤدي إلى تحطيم الأوزون بطبقات الجو العليا للأرض، إلا أن تدخل الإنسان في ميزان الطبيعة و استخدامه المكثف لمادة (الفريون) ويبقى هو السبب الرئيسي لحدوث هذا الثقب. لذلك فإن هناك قرارات وتوصيات وضعت في مؤتمرات دولية من أجل الحد من استخدام هذه المادة وإيجاد مادة بديلة ليس لها تأثير سلبي على البيئة العالمية. ومن معجزات الله في خلقه (والتي أثبتها العلم الحديثه) أن طبقة الأوزون هذه لم تكن موجودة منذ مليارات السنين في الغلاف الجوي البدائي للأرض، وكانت أشعة الشمس من النوع (C) وقتذاك يمكنها الوصول إلى سطح الأرض وإلى أعماق المحيطات، وكانت هي السبب الأول في إشعال الحياة على سطح الأرض بأمر الله، حيث أن هذه الأشعة ذات الطاقة العالية تساعد في تحويل المواد الغير عضوية إلى مواد عضوية ,إلى أحماض أمينية، وهي الخطورة الأولى نحو قيام الحياة. ثم أراد الله أن يحمي الحياة بعد ذلك من هذه الأشعة القاتلة فخلق طبقة الأوزون في مرحلة تالية. وكان هذا سبباً من الأسباب التي دعت بعض علماء الكيمياء الحيوية الفضائية في الغرب للعودة مرة أخرى إلى الإيمان بالله، وأن الحياة لا يمكن أن تكون قد نشأت في الأرض والكون بالمصادفة، بل إنها من خلق وتدبير إله قادر، قوي، عظيم، حكيم، سبحانه القائل في كتابه الكريم: (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين)[الأنبياء/16].(والسماء ذات الرجع)[الطارق:11].
فسر بعض العلماء هذه الآية على أنه قسم من الله بالسماء ذات المطر الذي يعود ويتكرر، وأنها إشارة علمية في القرآن الكريم عن دورة الماء في الطبيعة، إلا أن هذه الآية الكريمة(المكونة من ثلاث كلمات فقط) تحوي في مضمونها الكثير من الحقائق العلمية التي تم اكتشافها خلال القرن العشرين، على ضوء علوم وتكنولوجيا الفضاء، فالطبقة الأولى للغلاف الجوي للأرض (التربوسفير) يصعد بداخلها بخار الماء، نتيجة بتخير مياه البحار، والمحيطات بأشعة الشمس، فيكوّن في النهاية السحب السميكة التي ترتحل من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض بفعل الرياح. هذه السحب تقوم بإعكاس (ترجيع) أشعة الشمس الساقطة عليها إلى الفضاء الخارجي مرة ثانية (بمقدار قد يصل إلى 80أو 90بالمائة)، بجانب امتصاصها لجزء من هذه الأشعة وتشتيته. ولولا هذا الإنعكاس لأشعة الشمس بالسحب لارتفعت درجة حرارة سطح الأرض (والتربوسفير) بحث لا تسمح بقيام أو استمرار الحياة على الأرض. ويبلغ متوسط الأشعة المعكوسة للفضاء الخارجي (نتيجة السحب وسطح الأرض والمياه بالبحار والمحيطات على مدار السنة) بمقدار 50%، من مجموع الأشعة الشمس الساقطة على الأرض.
وفي أوائل القرن العشرين، ومع اكتشاف أشعة الراديو والبث الإذاعية والاتصالات اللاسلكية، أتضح أن أشعة الراديو تنعكس على طبقات الجو العليا (على ارتفاع يتراوح ما بين 90إلى 120كيلومتر) على طبقة سميت (الأيونوسفير) لأنها طبقة تحوي أيونات موجبة وإلكترونات حرة سالبة’ واتضح بعد ذلك أن سبب هذا التأين هو أشعة إكس الصادرة من الشمس بحيث تقوم هذه الأشعة بتأيين الذرات المتعادلة إلى أيونات وإلكترونات حرة(نتيجة لطاقتها العالية) في عملية تسمى (التأين الفوتوني) Photoinonization.
وهذه من نعم الله الكبرى علينا إذ لولا وجود هذه الطبقة لهلكت كل المخلوقات بالأرض (بسبب أشعة إكس الصادرة من الشمس)، بجانب الاستفادة منها الآن في إعكاس (ترجيع) أشعة الراديو، وفي أغراض البث الإذاعية والاتصال اللاسلكي عبر المسافات الطويلة.
وقد تم اكتشاف أشعة إكس الصادرة من الشمس بعد غزو الفضاء، وذلك بقياس هذه الأشعة في بداية السبعينات من القرن العشرين الميلادي بسلسلة الأقمار الصناعية الأمريكية GOESوقد أتضح أن كل حزمة من أشعة إكس تختص بتأيين جزء معين من طبقة الأيونوسفير، لذلك فهذه الطبقة تقسم إلى ثلاث طبيقات بالحروف D,E,&Fوكل طبقة لها خاصية معينة في عكس أشعة الراديو عند أطوال موجبة معينة. وعند حدوث انفجارات شمسية يحدث اضطرابات مفاجئ في طبقة الأيونوسفير يؤثر على الأتصالات اللاسلكية والبث الإذاعي.
ألا تستحق (والسماء ذات الرجع) بأن تكون جزءً من قسم الله بعد ما تضمنته من هذه النعم والفوائد والحقائق العلمية ورحمة الله بالإنسان والمخلوقات الحية؟؟. وهكذا يقرر القرآن في نص صريح وآية بليغة واضحة (والسماء ذات الرجع) عدة حقائق علمية مدهشة، لم يكشف عنها إلا خلال القرن العشرين، في ظل علوم وتكنولوجيا الفضاء، ليؤكد لنا منذ أربعة عشر قرناً حقيقة علمية كونية هامة.
وهناك صورة أخرى للسماء ذات الرجع للفضاء الخارجي، هي ما يسمى (بالماجنتوسفير) فالشمس هي أقرب نجم للأرض، وهي كرة هائلة من الغاز، يفوق حجمها وكتلتها حجم وكتلة الأرض مئات المرات، وكثافتها حوالي ربع كثافة الأرض، ويتكون الغلاف الجوي للشمس من ثلاث طبقات رئيسية [5].
وفي الأحوال العادية عند رصد الشمس أثناء الشروق أو الغروب بالعين المجردة أو التلسكوبات، فإننا نرى فقط طبقة الفوتوسفير، إما الطبقتين ـ الكرموسفير والإكليل ـ فلا يمكن رؤيتهما إلا أثناء الكسوف الكلي للشمس، حيث تبدو طبقة الكروموسفير كحلقة حمراء تحيط بقرص الشمس المظلم نتيجة لاحتجابه وراء قرص القمر، ويبدوا الإكليل كهالة بيضاء لؤلؤية، قد تكون صغيرة إذا كان الكسوف في سنوات هدوء النشاط الشمسي وتبدوا كبيرة في سنوات النشاط الشمسي العالي.
وطبقة الإكليل، رغم بعدها عن سطح الشمس، إلا أن درجة حرارتها تزيد عن المليون درجة، بينما درجة حرارة سطح الشمس لا تتجاوز ستة آلاف درجة كلفن، وهذا الارتفاع الشاذ في درجة الحرارة هو نتيجة لتكسر الموجات الصوتية المنبعثة للغليان عند سطح الشمس على طبقة الإكليل وتحول الطاقة الحركية للموجات الصوتية إلى طاقة حرارية، وهذه الحرارة العالية للإكليل تجعل المواد المكونة للإكليل في حالة بلازما، ويتحول الهيدروجين والهليوم (وهما المكونان الأساسيان) إلى أيونات موجبة وبروتونات وإلكترونات ذات سرعات حرارية عالية، مما يمكنها من الهرب من الإكليل إلى الفضاء الخارجي، بالرغم من جاذبية الشمس العالية جداً.
تسبح هذه الدقائق المشحونة الهاربة من إكليل الشمس في الفضاء الخارجي لمسافات طويلة حتى تتجاوز أبعد كواكب المجموعة الشمسية (بلوتو)، ثم إلى فضاء ما خارج المجموعة الشمسية، وتسمى(بالرياح الشمسية) .
وتتوقف سرعة هذه الرياح ومكوناتها وكثافتها على حالة الشمس، فهي في حالة هدوء النشاط الشمسي تكون سرعتها 300ـ 600كيلو متر /ثانية، وكثافة تتراوح ما بين 1إلى 10جسيم /سم3، وفي حالة هدوء النشاط الشمسي، ونتيجة لحدوث الإنفجارات الشمسية في الغلاف الجوي للشمس، فإن سرعة هذه الرياح تزداد إلى ألف كيلومتر/ثانية، كما تتضاعف كثافتها وتتغير نسب مكوناتها...!!
هذه الرياح الشمسية (بدقائقها المشحونة) تشبه أشعة ألفا وبيتا من الانفجارات الذرية والنووية على سطح الأرض.. أي أنها أشعة مهلكة لكل صور الحياة على الأرض.. ولولا رعاية الله ورحمته لهذا المخلوق الضعيف الذي خلقه (وهو الإنسان) لكان الجنس البشري وما يحيط به من بيئة حية في خبر كان .. تتجلى عظمة الله ورحمته في خلقه درعاً مغناطيسياً حول الأرض لا يمكن لهذه الدقائق المشحونة أن تخترقه بل تدور حوله إلى أن تذهب بعيداً عن الأرض.. هذا الدرع هو طبقة (المجنتوسفير) أو ما يسمى (بحزام فان ألن)، الذي تم اكتشافه بعد غزو الفضاء في الستينات من القرن العشرين الميلادي، وهو امتداد لخطوط القوة المغناطيسية الخارجية من الأرض لآلاف الكيلومترات في الفضاء الخارجي المحيط بها، ولا يمكن رؤيتها. وصدق الله العظيم إذا يقول (الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها) [الرعد:1].

[1] هو كمية الطاقة الساقطة على وحدة المساحة في وحدة الزمن خارج الغلاف الجوي للأرض لأشعة الشمس المتعادلة على وحدة المساحة.

[2] توصل العلماء إلى أن درجة حرارة سطح الشمس تبلغ ستة آلاف درجة مئوية تقريباً، بينما البقع تصل درجة حرارتها (في بعض الأحيان) إلى أربعة آلاف درجة مئوية، وسبب وجود هذه المناطق الباردة هو وجود مجال مغناطيسي قوي لها ( يصل في بعض الأحيان إلى ألفين جاوس) يؤدي إلى احتباس الغازات الهاربة من سطح الشمس إلى الغلاف الجوي الشمسي، ومنها إلى الفضاء الخارجي عند هذه البقعة.

[3] وهي الأقمار التي تستخدم للبث الإذاعي والتلفزيوني، كالقمر الصناعي (عرب سات) و(نيل سات).وكذلك أقمار الاتصالات والاستشعار عن بعد ومراقبة طقس الأرض (كالمتيوسات)، حيث تؤدي هذه الدقائق المشحونة إلى تعطيل المكونات الإلكترونية للقمر الصناعي والهوائيات لفترة تتراوح بين عدة دقائق وبضع ساعات، مما يؤدي إلى تعطيل البث الإذاعي والتلفزيوني والاتصالات عبر هذه الأقمار الصناعية.

[4] كما هو الحال على سطح القمر، حيث لا يوجد له غلاف غازي، وسوف تكون هذه إحدى المشاكل الكبيرة عند استعمار القمر، كما يحلم البشر.

[5] هي الطبقة المرئية (الفوتوسفير)، والطبقة الملونة (الكرموسفير)، والإلكليل (الكرونا).

  #955  
قديم 11-11-2013, 07:03 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

حياة النجوم بين العلم والقرآن الكريم

د /محمد صالح النواوي
الأستاذ المتفرغ بكلية العلوم جامعة القاهرة
رئيس مجلس إدارة جمعية الإعجاز العلمي في القرآن
للنجوم قصة حياة تماماً كالبشر، وتولد وتكبر تدريجياً لتصل إلى مرحلة الشباب والفتوة، ثم تصير إلى الشيخوخة، ثم يصيبها الموت!! نعم تموت النجوم كما يموت الإنسان. ولقد فهم الإنسان حديثاً السيناريو العام لقصة حياة النجوم وطريقة تطورها، من مرحلة عمرية إلى أخرى.
وفي هذه المحاضرة سوف أمرُّ (بغير تفصيل) على المراحل المختلفة من حياة النجوم لنستطيع في ضوئها الوقوف على بعض الآيات القرآن التي تحمل معاني عظيمة وتحتوي جوانب من الإعجاز العلمي. وسنلاحظ من خلال تتبعنا لهذه الآيات القرآنية أنها تحمل إشارات لبعض (أو قل أهم) تلك المراحل، وقد يظن البعض أنها آيات تحمل ذات المعنى أو تشير إلى نفس الظاهرة، وهذا ليس بصحيح، بل الحقيقة أن كل واحدة من تلك الآيات تشير إلى مرحلة بعينها من مراحل تطور النجوم.
إن فهم تلك الآيات ذات الإشارات إلى آيات من خلق الله في النجوم، والوصول إلى أدراك ما في هذه الآيات من إعجاز علمي، يملأ النفوس المؤمنة باليقين الذي تطمئن به.. فلنحاول أن نتحرك مع تيار الإعجاز العلمي علناً نصيب، فيوفقنا الله للوقوف على بعض ما في القرآن الكريم من ذخائر نفيسة وإشارات واضحة لاكتشافات فلكية حديثة، فإن أصبنا فمن فضل الله علينا، وإن أخطائنا فمن أنفسنا.
الأرحام التي تولد داخلها النجوم:
تولد النجوم داخل سحب جبارة من الغاز والغبار الذي ينتشر في أنحاء كثيرة من مجرتنا، بل وفي جميع المجرات الأخرى. تعرف تلك السحب التي تنتشر بين النجوم بالسحب البيننجمية. ويعتبر بعضها رحماً صالحة تولد فيها نجوم، وتعتبر أخرى رحماً غير ولود، إذ ليست كل السحب قادرة على تكوين النجوم.
وقد عرف العلماء تلك الشروط الواجب توافرها في السحب الولود، فتنتشر تلك السحب على أذرع مجرتنا حيث تتوفر الظروف المساعدة من تلك السحب لتتكون داخلها نجوم جديدة. ولقد رصد الفلكيون كثيراً من تلك السحب المنتشرة هنا وهناك في مجرتنا (درب التبانة) وفي غيرها من المجرات المحيطة بنا.
ومن يطلع على صور تلك السحب سيرى مناظر تتسم بالروعة والجمال، منها سحب لامعة وأخرى داكنة، كما أنه يجد تنوعاً في الألوان والأشكال. وقد تتفاعل أشعة النجوم مع مادة السحب فتصنع ألوناً خلابة مؤكدة قدرة الخالق العظيم على تزيين السماء بالعديد من تلك السحب، كما زينها بالنجوم والكواكب وغيرها من الأجرام التي تذخر بها قبة السماء فوقنا وهذا مصداقاً لقوله سبحانه وتعالى : (أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج)، فلقد زين الله السماء بما أودع فيها من الأجرام ذات النسق الرائع والألوان الجميلة والأشكال البديعة التي تبهرنا مع كل أرصاد جديدة تثبتها لنا المراصد العالمية، سواء تلك الموجودة على الأرض أو تلك المنتشرة في الفضاء الخارجي.
تتكون السحب بشكل أساسي من الهيدروجين وقليل من الهليوم، ثم كميات نادرة من الأوكسجين والنيتروجين والكبريت وغيرها من تلك العناصر التي نعرفها في عالمنا وحياتنا، وتتفاعل تلك العناصر مع بعضها البعض داخل السحب لتكون خليطاً من الذرات والجزيئات النادرة التي قد يكون بعضها غريباً عن حياتنا. وفي حقيقة الأمر فإن السحب البيننجمية توفر لنا معملاً كيميائياً يختلف كلية عما نألفه في معاملنا الكيميائية الأرضية. فالكيمياء في معاملنا يغلب عليها تلك التفاعلات التي يدخل فيها الأوكسجين أو النتروجين، كعوامل أساسية، وهذا بالطبع ناتج عن كون الأوكسجين والنيتروجين هما العنصران الأساسيان، وهذا بالطبع ناتج عن كون الأوكسجين والنتروجين هما العنصران الأساسيان في غلافنا الجوي.
أما في السحب البيننجمية فإن الهيدروجين فهو العنصر الأساسي، وبالتالي فإن أغلب التفاعلات الأساسية ستكون من الهيدروجين .
كما توجد سلسلة من التفاعلات الكربونية والتي قد ينتج عنها تكون حبيبات من الغبار المنتشر في تلك السحب تلعب دوراً مهما في تطورها.
لقد أدرك العلماء أن الكيمياء التي نعرفها في معاملنا الأرضية تختلف كثيراً عن تلك الكيمياء التي تتحكم في السحب المنتشرة بين النجوم، فإذا تصورنا أن السحب هي معامل كونية تنتشر في جنبات الكون لأدركنا أن الكيمياء التي نعرفها على كوكبنا هي حالة فريدة مما هو منتشر في الكون من حولنا.
قد يكون حجم السحابة الواحدة أكبر من مجموعتنا الشمسية، أكبر بآلاف أو حتى بملايين المرات، وقد تحتوي السحابة بين طياتها على الآلاف من النجوم، أو حتى الآلاف من حشود النجوم، مما يؤكد أن السحب غالباً ما تكون كبيرة في حجمها. وقد تكون كتلة السحابة، مما يؤكد أن السحب غالباً ما تكون كبيرة في حجمها . وقد تكون كتلة السحابة الواحدة تزيد عن مائة ألف كتلة الشمس، ولو تصورنا مدى صغر كثافة المادة داخل تلك السحب لتخلينا كم يكون حجمها.
قد يقل عدد الذرات داخل السنتيمتر المكعب الواحد إلى عشر ذرات، وهو رقم صغير جداً إذا ما قارناه بعدد الذرات المنتشر في غلافنا الجوي(الذي يصل لحوالي 10 19 في السنتيمتر المكعب).
وقد تقل درجة الحرارة بشكل كبير داخل تلك السحب لتصل إلى 10 درجات مطلقة، أي أقل بكثير من درجة الحرارة على سطح الأرض(التي يصل في المتوسط إلى 300 درجة مطلقة).
وهذا عامل آخر يعلب دور مهماً في كيمياء تلك السحب حيث يوفر ظروفاً حرارية مختلفة تماماً عما نعرفه في معاملنا الأرضية، وهي ما يعرف حالياً (بكيمياء الحرارة المنخفضة).
وقد تقوى تفاعلات لتصبح ذات أهمية بينما تقل أهمية تفاعلات أخرى، مما يساعد ‘لى ظهور الكثير من التفاعلات الكيميائية التي لا نتوقعها بمعلوماتنا الكيميائية من خلال خبرتنا الأرضية. وهذا ما حدى بالكثير من خبراء الكيمياء الفلكية أن يعيدوا حساباتهم كي يستطيعوا التعامل مع تلك الظروف الغريبة التي تنتشر هناك في تلك السحب المنتشرة بين النجوم.
جنين النجوم:
تتكون النجوم داخل تلك السحب الكثيفة التي تكون في منأى عن النجوم فتستطيع أن تحتفظ بدرجات حرارة منخفضة، مما يساعد على انكماش مادة السحابة نحو مركز في داخلها.
وقد تنقسم السحابة الأم إلى سحب صغيرة ليتكون بداخل كل منها نجم جديد، ومن هنا تصبح السحابة الأم رحماً لعشرات النجوم الجديدة. ولقد لاحظ الفلكيون أن النجوم الجديدة تتكون بالعشرات في بطن واحدة، فأرحام السحب غنية بإنتاجها من النجوم.. ومع انكماش مادة السحابة نحو مركزها تزداد الكثافة حتى تقترب مما نعرفه (بالكثافة الشمسية)، وفي تلك المرحلة المتأخرة تستطيع الكتلة المركزية أن تحبس الحرارة داخلها مما يساعد على ارتفاع الحرارة بشكل كبير لتبدأ التفاعلات النووية.
وهنا نقول: إن قلب النجم الجديد بدأ ينبض بالحياة، ويكون الجنين قد أصبح نجماً جديداً، طفلاً يزهوا بضيائه ونشاطه ليعلن عن بدء الحياة لكائن جديد قال له رب العزة كن فكان.
ويسمى الفلكيون النجم الوليد باسم (ت الثور)، وهي تسمية غريبة لا علاقة لها بطبيعة تلك المرحلة الأولية من حياة النجوم.
رصد الفلكيون نجوماً من تلك المرحلة الأولية (من حياة النجوم) وحددوا صفاتها منذ زمن ليس ببعيد، ولكنهم وقتذاك لم يعرفوا كنه وطبيعة هذه النجوم.
وكان أول نجم يرصد بتلك الصفات هو نجم (ت) الموجود في مجموعة الثور.
ومن هنا فإن كل نجم رصد بنفس الخصائص كانوا يلقبونه بفصيلة نجم النجوم.
وعموماً فإن النجوم الوليدة تتميز بلمعان شديد يميل إلى الزرقة، كما أن النجم يكون متغيراً في تلك المرحلة، كحال الطفل الوليد في عالم البشر، إذ يكثر البكاء والصراخ في أوقات متلاحقة إلى أن يعوده أبواه على حاله من الاستقرار والهدوء.
تطور النجوم في مشوار حياتها:
يهدأ النجم الوليد بعد مرور فترة ما، ليصبح نجماً مستقراً في أحواله وفي صفاته، ثم يتقدم تدرجياً في العمر ليصبح شاباً فتياً.
ومن الجدير بالذكر أن شمسنا عبارة عن نجم في مرحلة الشباب، نلاحظ عليها استقرار في خصائصها، فلا تخرج علينا يوماً بضياء شديد ثم تبدو كنجم خافت في يوم آخر، ومن فضل الله علينا أن شمسنا نجم مستقر يرسل لنا معدل ثابت (تقريباً) من الأشعة، بحيث توفر لنا أسباب الحياة والدفء اللازمين لبهجة حياتنا.
ومرحلة الشباب هي أطول المراحل في عالم النجوم، وهذا يعني أن شمسنا ستظل بقدرة الله تعالى على تلك الحال من الاستقرار والثبات إلى فترة طويلة من عمرها.
ويقدر العلماء عمر الشمس الآن بحوالي 450 مليون سنة، وأنها مستمرة على حالها لفترة 5000 مليون سنة أخرى، وبعدها ستنفتح لتصبح نجماً عملاقاً، يبتلع الكواكب القريبة منه، واحداً بعد الآخر، ومن المعروف أن كوكبنا الأرضي أحد تلك الكواكب ستبتلعها الشمس حسب التقديرات النظرية.
ولنتخيل معا ما سيحدث لكوكبنا وعالمنا مع اقتراب الشمس من الأرض حتى تبتلعها، إن درجة الحرارة سترتفع تدريجياً، فيهرب الغلاف الجوي تدريجياً، وهنا لابد وأن تموت جميع الكائنات التي تعيش على الأرض.
وتدريجياً تتبخر مياه البحار والمحيطات لتتحول الأرض إلى كوكب جاف، ثم تدخل الأرض تدريجياً تتبخر مياه البحار والمحيطات لتتحول الأرض إلى كوكب جاف، ثم تدخل الأرض تدريجياً في غياهب باطن الشمس ذي الحرارة الرهيبة، فتذوب مادة الأرض بفعل الحرارة الرهيبة لباطن الشمس، فيصبح كوكبنا جزء من أحشاء الشمس. وقبل أن تبتلع الشمس كوكبنا الأرضي قد تبتلع القمر قبلها، وقد يكون ذلك تفسيراً لقوله تعالى: (وجمع الشمس والقمر).
وهذه القصة النظرية لنهاية كوكبنا تختلف كثيراً عن الأحداث الجسام التي يخبرنا بها المولى عز وجل في القرآن الكريم عن يوم القيامة، ففيه تحدث أهوال عظيمة كثيرة، يضيق المقام هنا عن الوقوف عندها. ولكن هذه النهاية (التي عرفها الإنسان من خلال دراسته لحياة النجوم) تؤكد حقيقة مهمة وضحها رب العزة في كتابه الكريم بقوله تعالى : (كل نفس ذائقة الموت)، فالموت قدر من الله يصيب كل الخلائق، حتى الكواكب والنجوم، فإنها تلقى حتفها وتذوق مرارة الموت في لحظة ما من حياتها، حسبما يقدر الخالق تبارك وتعالى.
ولو أدعى شخص أن النهاية التي ستحدث لكوكبنا هي من علامات يوم القيامة، لقلنا له أننا بذلك نستطيع أن نحدد بالحسابات الفلكية موعد يوم القيامة، وهو أمر خبأه الله عن البشر، فكيف يكون الموقف؟ في تلك النهاية لكوكبنا لا يحدث أي شخص للنجوم من حولنا، بل إن جيران شمسنا لا يشعرون كثيراً بانتفاخها، ولكنهم يرونها كنجم عملاق بعد أن كان صغيراً.
أما في أحداث يوم القيامة فإن عقد الجاذبية سينفرط، فتحدث فوضى عارمة في السماء، من انشقاق إلى أنكدار النجوم، وغير ذلك مما لا يعلم مداه إلا الله.
تتمدد النجوم وتنتفخ لتصبح عمالقة حمراء فنرى لها بريقاً عالياً أكثر مما نراه للنجوم التي في مرحلة شبابها.
والكثير من النجوم التي تراها لامعه في قبة السماء هي في الحقيقة عمالقة حمراء، أو حتى عمالقة ذات بريق عالي جداً، أما أغلب النجوم المجاورة لشمسنا فهي نجوم خافتة قد يصعب رؤية الكثير منها بالعين المجردة. ومن أمثلة النجوم الساطعة في السماء ( والتي عرفها أجدادنا): النجم سهيل، وهو ثاني ألمع نجوم السماء، وكذلك:السماك:الرامح، والعيوق، ومنكب الجوزاء، وقد أصبح عملاقاً أحمراً كبيراً يزيد في حجمه عن 1700 مليون كرة شمسية، كما أنه نجم متغير.
ومن النجوم الساطعة أيضاً: نجم بيتا قنطورس، الذي يزيد من لمعانه عن 10 آلاف لمعان شمس، ونجم قلب الأسد ورفيقه، وهما نجمان كبيران وقد أصبح عملاقان فائقان، ونجم قلب العقرب عملاق أحمر براق، وهو متغير أيضاً، ولمعانه الحالي يبلغ 2700 لمعان شمسي، ونجم رأس التوأم المؤخر، والذنب، في مجموعة الدجاجة، وهو عملاق أحمر يبلغ لمعانه 63 ألف لمعان شمسي، ونجم رجل الجبار الذي يزيد في لمعانه عن ربع مليون كرة شمسية. وهذا بالطبع قليل من كثير من تلك النجوم التي تركت مرحلة الشباب وبدأت تظهر عليها أعراض الشيخوخة.
ولقد أشتهر " سهيل " كثيراً في مخيلة الكثيرين من أسلافنا حتى كتبوا عنه شعراً كثيراً، ومن ذلك ما قاله أبو العلا المعري:
وسهيل كوجنة الحب في اللون وقلب المحب في الخفقان
مستبداً، إنه الفارس المعلم يبدو معرض الفرسان
يسرع اللمح في احمرار كما تسرع في اللمح مقلة الغضبان
ضرجته دما سيوف الأعادي فبكت رحمة له الشعريان
من الأمثلة الشهيرة لنجوم مازالت في مرحلة الشباب(غير الشمس): الشعرى اليمانية، ورجل قنطورس، والنسر الواقع، وبيتا الصليب الجنوبي، ونجم آخر النهار، والنسر الطائر، وهو أكبر من شمسنا، والسماك الأعظم، والشعرى الشامية، وهي في طريقها للتحول إلى عملاق أحمر.
وبعد أن تتمدد الشمس ويصبح حجمها كبيراً، فإنها لن تستطيع أن تستمر طويلاً في الإمساك بتلابيب أطرافها، فتهرب الطبقات الخارجية منها تدريجياً (في شكل حلقات غازية تخرج متتابعة في منظر مهيب) ، وفي تلك الحالة ستطاول تلك الحلقات جميع الكواكب الخارجية حتى (بلوتو)، بل وجميع أطراف المنظومة الشمسية.
تعرف تلك المرحلة من حياة النجوم بمرحلة (السدم الكوكبية)، حيث تلفظ النجوم طبقاتها الخارجية من حياة النجوم بمرحلة (السدم الكوكبية)، حيث تلفظ النجوم طبقاتها الخارجية في شكل حلقات مستديرة تشبه في منظرها الخارجي الكواكب في استدارة شكلها.
ونجم (القيثارة) هو أحد أشهر تلك الأمثلة التي يعرفها الفلكيون من يبين آلاف النجوم التي رصدناها، وهي تلفظ طبقاتها الخارجية.
ستفقد الشمس في تلك المرحلة ما يزيد عن ثلث كتلتها لتصبح بعد ذلك لب عاري صغير حرارته شديدة، ويتوقف نبض التفاعلات النووية في الباطن لتبرد الشمس تدريجياً ويتصاغر حجمها كثيراً وتدخل إلى مقابر النجوم فيما يعرف بمرحلة (الأقزام البيضاء). وفي تلك المرحلة تكون كثافة المادة عالية بدرجة رهيبة، حيث يزن السنتيمتر المكعب من مادة القزم الأبيض حوالي طن واحد من مادة الأرض، كما أن حجم الشمس في تلك المرحلة سيتصاغر ليصبح في حجم الأرض تقريباً.
تحدث الخالق عز وجل عن تلك المرحلة الدقيقة من حياة شمسنا في الآية الأولى من سورة التكوير بقوله تعالى : (إذا الشمس كورت)، قال أبىّ بن كعب: أي ذهب ضوءها، وعن ابن عباس : أظلمت، وعن مجاهد: اضمحلت وذهبت، ذهب ضوءها فلا ضوء لها.
وقال الطبري: التكوير في كلام العرب جمع بعض الشيء إلى بعض، أي جمع بعضها إلى بعض.
وهذا الكلام الأخير يمكن أن يفسر ما نحن بصدده بشكل أكثر انسجاماً، ويبين تلك المرحلة الدقيقة من حياة الشمس، حيث تتكور على بعضها وتنكمش نحو داخلها، فيتصاعد حجمها إلى حد كبير.
وفي الآية الثامنة من سورة المرسلات يذكر المولى عز وجل تصاغر النجوم ووصولها لتلك المرحلة من نهاية حياتها وتصاغر حجمها، بقوله تعالى: (فإذا النجوم طمست). وفي الظلال تلك الآية قال السلف من المفسرين(كابن كثير): طمست أي ذهب ضوءها، وقال الطبري:أي ذهب ضياؤها فلم يكن لها نور ولا ضوء .
وهذا الكلام هو حقيقة ما نفهمه من خلال تلك الأحداث الجسيمة التي تحدث للنجوم بعد أن تلفظ طبقاتها الخارجية، فيصبح النجم بعد ذلك عبارة عن لب عاري لا تغطيه طبقات خارجية، ويكون هذا اللب منكمشاً على نفسه بدرجة كبيرة، كما أن نبض قلب النجم في تلك لحالة يكون متوقفاً أو على وشك التوقف، لتنطفئ شمعة هذا النجم، فيخفت ضوءه وتقل أشعته تدريجياً ليصبح (قزماً أسوداً) بعد أن كان (قزماً أبيضاً).
تخبت الحرارة تدريجياً نتيجة توقف التفاعلات النووية، والتي تمثل نبض قلب النجم، وبالتالي يفقد النجم مصدر حرارته وطاقته فيذبل ويضعف ويخفت ضوءه ليدخل بعد ذلك في (مقابر النجوم).
إنها مرحلة حاسمة في قصة الحياة في عالم النجوم، ومن هنا نشعر بعظمة تلك القسم الواردة في (سورة المرسلات)، فهو قسم بتلك المرحلة الأخيرة من حياة النجوم، وهو قسم يعد بحق قسم بأمر عظيم ويمثل حدثاً مهماً في ركن من أركان ذلك الكون الهائل.
وهناك العديد من الأمثلة لنجوم أصبحت أقزاماً بيضاء، منها رفيقاً الشعرى اليمانية والشامية. ولقد تمكن التليسكوب الفضائي (شاندرا) من تصوير الشعرى اليمانية ورفيقه بالأشعة السينية، فكانت المفاجأة المتوقعة أن ظهر رفيق الشعرى ألمع من الشعرى ذاته، فرفيق الشعرى قزم أبيض يبث كمية من الأشعة السينية أكبر مما يبثه نجم الشعرى، والمعروف أنه ألمع في الضوء المرئي، وبالتالي فهو أشهر من رفيقه.
ولأن (شاندرا) يرصد في نطاق الأشعة السينية فقط، فقد أظهرت صورته لزوجى الشعرى لمعان الرفيق عن الشعرى، فكانت مفاجأة سارة ومتوقعة من خلال معلوماتنا النظرية عن التفاصيل الدقيقة لخصائص وصفات النجوم في مراحلها المختلفة.



يتبـــــــــــــــــــــــــــــع






  #956  
قديم 11-11-2013, 07:04 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو



يتبـــــع الموضوع السابق

حياة النجوم بين العلم والقرآن الكريم



(والنجم إذا هوى)
نلاحظ مما ذكرنا فيما سبق من طريقة تطور النجم(كما سيظهر فيما يلي من حلقات تطور النجوم) أن الميكانيكية الأساسية التي تلعب دوراً مهما في تطور النجم من مرحلة إلى أخرى هي عملية انكماشه نحو مركزه، فالنجم يبدأ حياته من انكماش سحابة نحو مركزها، وبعد استقراره فترة طويلة من حياته ينتفخ ليصبح عملاقاً أحمراً، ولكنه يعاني من انكماش يستمر في لبه ينقله من مرحلة لأخرى في التفاعلات النووية.
ثم إنه بعد ذلك يعاني من انكماش رهيب قبل موته يؤدي إلى طمسه وتكويره على بعضه. وقبل أن ينفجر النجم الكبير (كسوبرنوفا هائلة)، فإنه يكون قد مر بانكماش رهيب لمادته نحو مركزه.
وهكذا فإن تهاوي مادة النجم وانكماشه نحو مركزه تعد بحق ميكانيكية أساسية يتحرك بها النجم من مرحلة إلى أخرى، ومن هنا أجد نفسي أقف أمام تلك الآية العظيمة من سورة النجم، يقسم ربنا جل وعلا فيها : (والنجم إذا هوى)، فهذا قسم بآية عظيمة تصور حدثاً مهما في حياة النجوم. وهي إشارة ميكانيكية أساسية تتكرر مرات ومرات في حياة النجوم. وهي بذلك دليل آخر على ما يحتويه القرآن الكريم من جوانب الإعجاز العلمي التي سبق بها كل ما وقع في أيدي البشرية من علم بحوالي أربعة عشر قرناً.
ولو وقفنا عند لفظة " هوى" نجدها تدل على هوى جسم، فلو هوى حجر من أعلى فإنه يظل في هوى حتى يسقط على سطح الأرض ـ لأنها مركز جاذبيته.
ولو تصورنا أن حجراً يهوي في غلاف المريخ فإنه سيسقط في لحظة ما على سطح المريخ، لأن الأجسام تهوي نحو مركز جاذبيتها.
ولكن، أين تهوي النجوم؟ هل هناك مركز جاذبية يمكن أن تهوي النجوم نجوه ؟ قد يتبادر إلى الذهن أن النجم يهوي إلى مركز المجرة، حيث أن النجوم تدور حوله.
ولكن هل رصدنا نجماً يهوي نحو مركز المجرة؟ تتحرك النجوم حول مركز المجرة، بحيث يحدث توازن بين قوى الجذب نحو مركز المجرة مع طاقة حركة تلك النجوم في مداراتها المعقدة حول مركز المجرة.
ولو تصورنا أن نجماً ما يقع في مكان بعيد من أطراف المجرة، فقد تسمح له ظروفه بالهروب من المجرة، ولكنه بلا شك سيهاجر إلى نظام آخر كي يعيش داخله (كمجرة مجاورة أو حشد نجمي)، وهوي النجوم في ظل هذه الحركة المدارية أمر بعيد المنال، وقد يكون من الممكن أن نقول : هناك احتمال لتصادم النجوم، ومن هنا نجد أنفسنا أمام معنى واحد يعرفه علماء الفلك بوضوح في هذه الأيام لهوي النجوم من خلال تطور النجوم هو كما ذكرنا أنفاً.
(النجم الثاقب):
النجوم الأكبر من الشمس (لكتلة تزيد عن 12 كتلة شمسية) ذات شأن آخر، حيث يتطور النجم بسرعة أكبر، وسينفجر في نهاية حياته محدثاً انفجاراً مهولاً يعرف (بالسوبرنوفاً)، وبقايا النجم بعد ذلك تكون ما يعرف (بالنجم النيوتروني)، وهو نجم نابض يتمتع بسرعات، لا أقول عالية، بل جبارة، في الدوران حول نفسه، حتى أنك لو تخليت رجلاً يقف فوق هذا النجم فإنه سيرى قفاه من شدة سرعة دورانه .
صورة للسوبرنوفا لأحد النجوم المنفجرة
تمتلك تلك النجوم خصائص عجيبة، بل ويصعب تخيلها على الكثيرين منا حتى أننا لو لم نجد ما يؤكد ما توفر لدينا من معلومات عن تلك النجوم لقلنا عنها أنها ضرب من الخيال العلمي. ولكن الأرصاد الفلكية والحسابات النظرية تؤكد حقيقة تلك النجوم وخصائصها الفريدة.
وقد تزيد كتلة النجم في بداية حياته عن 30ـ 40 كتلة شمسية، ومثل هذا النجم سينتهي (كثقب أسود)، حيث تنتصر قوى الجاذبية على جميع القوى الأخرى التي يمكن أن تتحكم في النجم، وحينها سيستمر انكماش النجم إلى حدود لا تعرف لها نهاية، فهل سيتصاغر النجم إلى ما لا نهاية!!
الثقب الأسود نجم يتمتع بجاذبية رهيبة حتى أنها تمنع الأشعة من أن تخرج من سطح النجم.
وهذا يعني أنه لن تصلنا أشعة من الثقوب السوداء، فتصبح كالثقب في ثوب السماء.
وهي (ثاقبة) بجاذبيتها الشديدة، فتجذب المادة من حولها لتبتلعها في باطنها.
ولو عدنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أن هذا النجم الثاقب كأن (طارقاً) للسماء من حوله بأحزمة من أشعته تخرج من عند قطبيه، يضرب بها صفحة السماء من حوله، بل وبها ويعرف النجم النيوتروني كنجم نابض.
ويخرج النجم النابض ما يقرب من 1000 نبضة في الثانية الواحدة، مما يوضح قوة طرقه للسماء من حوله بتلك النبضات الشديدة في سرعتها وقوتها.
ولنقف الآن أمام قوله تعالى في سورة الطارق( والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب).
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآيات : يقسم تبارك وتعالى بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة، ولهذا قال تعالى : (والسماء والطارق) ثم قال : (وما أدارك ما الطارق)، ثم فسره بقوله (النجم الثاقب).
قال قتادة وغيره : إنما سمي النجم طارقاً لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار، ويؤيد ذلك ما جاء في الحديث الصحيح : نهى أن يطرق الرجل أهله طروقاً، أي يأتيهم فجأة بالليل.
وفي الحديث الآخر المشتمل على الدعاء: إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن. وقوله تعالى (الثاقب)، قال عكرمة : هو مضئ ومحرق للشيطان. وهذا الكلام ينطبق على كل النجوم في السماء، وهو كلام قاله أصحابه في ظل ما توفرت لديهم من معلومات عن النجوم، وهو صحيح أيضاً إذ يتسع المعنى له.
وبعد أن فهمنا قصة حياة النجوم وما يحدث فيها من آيات معجزات، فإن الأحوال التي تشاهدها للنجم النيوتروني النابض يمكن أن نفسر من خلالها تلك الآيات الثلاث الأولى من سورة الطارق، فالنجم النابض يتمتع بعملية الطرق للسماء من حوله بأحزمة الأشعة التي تخرج منه من عند قطبيه (بقوة وبسرعات رهيبة) مما يجعلها وسيلة للطرق، وبالتالي تصلح تسميته في هذه الحالة (الطارق)، كما أن هذا النجم يتمتع بجاذبية عالية تمكنه من جذب المادة القريبة منه وكأنه يثقب السماء من حوله.
وتتوفر تلك الخاصية في أحسن أحوالها في هذا النجم الذي يتحول من نجم نيوتروني إلى ثقب أسود، حيث تصل قوة الجاذبية لأعلى مدى لها، وتتحقق في النجم حينذاك قمة كونه (النجم الثاقب).
وعلى هذا نقول: إن النجم الذي يقسم به رب العزة من الآيات الثلاث الأولى من سورة الطارق، والتي تصفه بأنه طارق وبأنه ثاقب، يمكن (بحسب ما توفر لدينا من معلومات حديثة) أن يكون هو ذلك النجم النيوتروني النابض والذي يمتلك كتلة كبيرة بحيث يمكن أن ينكمش على نفسه ليصبح ثقباً أسوداً في نهاية مشوار حياته.
والفارق الزمني بين النجم في مرحلة النجم النيوتروني وإلى أن يتحول على ثقب أسود لا يستغرق سوى فترة زمنية قصيرة قد لا نتصورها بعقولنا.
نعم، يتحول النجم النيتروني لثقب أسود في أقل من الثانية الواحدة!
فقد ترى نجماً نابضاً وفجأة تراه وكأنه قد انطفأ، وحقيقة أمره أنه يمكن أن يكون قد تحول إلى ثقب أسود. وليس كل نجم نيتروني نابض يتحول إلى ثقب أسود، فالأمر متعلق بكتلة النجم وهو في مرحلة النجم النابض، فلو كانت هذه الكتلة كبيرة بدرجة يمكنها أن تتغلب بقوة جاذبيتها على القوى التي بين النيوترونات، فإن النجم سيتحول في لحظة خاطفة إلى ثقب أسود.
وهذه النوعية من النجوم( التي تصل إلى مرحلة النجم النيوتروني) نادرة بين النجوم، فأغلب النجوم(التي تشبه شمسنا في كتلتها أو حتى تلك التي تكبرها قليلاً) ستنتهي حياتها كأقزام بيضاء.
أما تلك النجوم التي تزيد كتلتها في بداية حياتها عن 12كتلة شمسية، فهي التي يمكن أن تنتهي حياتها كنجوم نيوترونية نابضة، وهذه نادرة في السماء، لعظم كتلتها وندرة الظروف التي يمكن أن تساعد على تكون تلك النجوم الكبيرة جداً.
وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة للنجوم النابضة، فإن عدد النجوم التي تتحول إلى نجوم نابضة(ثم إلى ثقوب سوداء) سيكون أقل بكثير، لأن كتلتها ستكون أكبر بكثير من تلك التي تنتهي في حياتها كنجوم نيوترونية نابضة.
وفي ظل تلك الملابسات السالف ذكرها، يتضح أن الثقوب السوداء تمثل آية كونية فريدة تستحق أن يقسم بها رب العزة في كتابه لندرك بها، ومن خلال ما تتصف به من صفات خارقة، قدرة المولى عز وجل على أن يبث في كونه من الآيات المعجزة ما تخشع أمامه الجوارح وتسلم بقدرة المولى عز وجل، ولا تمتلك إلا أن تذعن له وبالتكبير والتنزيه. وهناك إشارة أخرى لطيفة، هي قولنا عن ذلك النجم " الثقب الأسود "، وكان من الممكن أن نقول مثلاً : التجويف الأسود، أو الخلاء الأسود، ولكنها إرادة المولى سبحانه أن نستخدم نفس لفظة القرآن في التعبير عن ذلك النجم بأنه ثاقب دون أن ندري!!
مصانع النجوم تنتج الحديد والذهب:
يشع النجم نتيجة للتفاعلات النووية التي تحدث في لبه، وتحدث هذه التفاعلات بين أنوية الهيدروجين (لأنه العنصر الأكثر شيوعاً وهو الأقل في الشروط اللازم توافرها من أجل بدء التفاعلات النووية).
والتفاعلات النووية في جميع النجوم تتم بين بروتونات الهيدروجين، فيما يعرف بسلسلة (بروتون ـ بروتون) التي ينتج عنها تكوين الهليوم باتحاد أنوية الهيدروجين .
ومن المعروف أن كل أربع ذرات هيدروجين تكون ذرة هليوم جديدة، ويبقى فارق ضئيل بين كتلة أربع ذرات الهيدروجين وذرة الهليوم الناتجة، فيتحول إلى طاقة، ومجموع تلك الطاقات هي ما يبثه النجم من طاقة. ويمكن بتلك الطريقة حساب مخزون الطاقة النووية التي يمكن أن ينتجها أي نجم (وهي بالنسبة للشمس طاقة هائلة ولديها مخزون من الطاقة النووية يكفي كي تعيش الشمس حوالي عشرة بليون سنة).
وبهذه الطريقة يتم تحديد أعمار النجوم. وطريقة تكوين الطاقة داخل النجوم الأصغر من الشمس، أو تلك التي تكبر عنها قليلاً تتم بنفس الميكانيكية التي تتم بها داخل الشمس.
أما في النجوم الكبيرة، فإن التفاعلات النووية بسلسلة (بروتون ـ بروتون) بالإضافة إلى سلسلة أخرى تعرف بسلسلة (كربون ـ نيتروجين ـ أكسجين) بالإضافة إلى سلسلة أخرى تعرف بسلسلة (كربون ـ نيتروجين ـ أكسيجين)، وهي سلسلة تنتج كميات كبيرة من الطاقة بمعدل عالي يساعد تلك النجوم الساخنة على أن تشع كميات عالية من الأشعة أكثر من النجوم الصغيرة أو حتى النجوم المتوسطة .
ومع تقدم النجوم في العمر يتكون لب كبير من الهليوم وحوله طبقة صغيرة، يتحول فيها الهيدروجين إلى هليوم.
أما الهليوم المتكون في اللب فإنه لا يدخل في تفاعلات نووية، لأن الحرارة فيه تكون أقل من أن تساعد على عمل تفاعلات نووية بين ذرات الهليوم .
وبانخفاض حرارة النجم تكون الفرصة متاحة للجاذبية أن تعمل على انكماش اللب.
ومع انكماش اللب ترتفع حرارة النجم تدريجياً، وتظل عملية الانكماش مستمرة حتى تضيق المسافات فيما بين الذرات، ثم تتزاحم الإلكترونات حتى تصبح في حالة فيزيائية تعرف بحالة التحلل، وعندها ترفض الإلكترونات التقارب من بعضها البعض، وبالتالي فإن عملية الانكماش تؤدي إلى ارتفاع سريع للحرارة، تبدأ معه ظهور شرارة الهليوم فتبدأ التفاعلات النووية فيما بين أنوية الهليوم فيتكون الكربون.... ويمر النجم بنفس الخطوات لينتج العاصر الأثقل.
تحول النجم من مرحلة للتفاعلات النووية إلى مرحلة تنتج عنصراً أثقل يحتم على النجم أن يعاني من حدوث انكماش رهيب في باطنه، حتى ترتفع الحرارة لتبدأ المرحلة الجديدة من التفاعلات النووية. ولا تحتاج النجوم الكبيرة للانكماش كثيراً لكي ترفع درجة حرارتها، لتبدأ المرحلة الجديدة من التفاعلات النووية.
أما النجوم الصغيرة والمتوسطة فإنها (مثل شمسنا) لابد وأن تنكمش في باطنها كي تستجمع قواها لتنتقل بتفاعلاتها النووية إلى حالة تنتج فيها عنصراً جديداً أثقل من سابقه. ويتم من خلال سلسلة التفاعلات النووية إنتاج جميع ما نعرفه من عناصر، حتى الحديد والذهب وغيرها من عناصر ألفناها وعرفناها في حياتنا.
إن النجوم هي مصانع بثها الله عز وجل في جنبات الكون لكي تنتج جميع ما نراه من عناصر، ولقد بدأ الكون بالهيدروجين، ومن خلال التفاعلات النووية داخل النجوم تكونت جميع العناصر الأخرى.. وعندما يفجر النجم طبقاته الخارجية يبث في الوسط المحيط به كثيراً مما أنتجه من عناصر، وهكذا، فإن الذهب في مصانعنا والأوكسجين في غلافنا الجوي، وغيرها من عناصر، أنتجتها نجوم ولفظتها قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة .
لنتخيل معاً السحابة التي كونت الشمس والمجموعة الشمسية، وهي السحابة التي انفجرت بالقرب منها نجوم كبيرة وغذتها بما أنتجته أفرانها النووية من عناصر ثقيلة، فأصبحت تلك السحابة مهيأة لكي تتكون الشمس في مركزها وتتشكل الكواكب من قرص المادة المحيط بالمركز.
ومن هنا فإن الحديد الذي نستخرجه من قشرة الأرض، أو من جوفها، هو من إنتاج نجوم أخرى بثته قبل موته في الوسط المحيط بها، وكان لسحابة مجموعتنا الشمسية النصيب المناسب لتمهيدها حتى يكون أحد كواكبها مستعداً لاستقبال الحياة.
ومن هنا فإننا إذا تأملنا قول الله تعالى : (في الآية 25 من سورة الحديد): (وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) لرأينا ابن كثير يقول : أي وجعلنا الحديد رادعاً لمن أبى الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه، لقد ركز السلف على قوله سبحانه: (فيه بأس شديد ومنافع للناس)، أما نحن سنقف عند لفظ " أنزلنا " وبداية فإن لفظة (أنزلنا) قد تأتي بمعناها المباشر، الإنزال، كما في قوله تعالى (في الآية 32 من سورة إبراهيم ) وأنزلنا من السماء ماء فأخرجنا به من الثمرات رزقاً لكم ) .
وقد تأتي بمعنى (خلق) كما في قوله تعالى في الآية 6 من سورة الزمر (وأنزلنا لكم من الأنعام ثمانية أزواج).ولكن مما رأيناه في طريقة تكوين الحديد، فإن نجوماً كبيرة أنفجرت فغزت سحابة منظومتنا الشمسية بما أنتجته من حديد مع العناصر الأخرى، كالأكسجين والكربون وغيرها.
ومن هنا، فإن الأرجح أن لفظة (أنزلنا) ينبغي أن تؤخذ على ظاهر معناها، أي أن الله عز وجل قد أنزل الحديد إلى السحابة التي تكونت فيها منظومتنا الشمسية، بما فيها كوكب الأرض. وبذلك يكون الإعجاز العلمي في الآية القرآنية في أنها تشير إلى إخبار من الله، أو إلى إشارة ربانية إلى أنه سبحانه قد يسر وجود نجوم كبيرة ساخنة كونت الحديد وغيره من العناصر الثقيلة، وأنها قد بثت ما أنتجته في السحابة التي نشأت منها الأرض وبقية أعضاء مجموعتنا الشمسية، وهذه الإشارة القرآنية لم نعرف كنهها إلا في عصرنا الحديث.
إن باطن الأرض غني بالحديد وقد يتبادر إلى بعض الأذهان أن الحديد قد تكون في باطن الأرض بفعل الحرارة الموجودة هناك، وهذا خطأن وذلك لأن الحديد الموجود في باطن الأرض قد أنزلق نحو باطن الأرض خلال نشأتها، حيث كانت الأرض منصهرة، فتحركت العناصر الثقيلة (من حديد ونيكل) إلى مركز الأرض بفعل الجاذبية، وأننا لن نستطيع أن نستخرج هذا الحديد إلا بعد أن تلفظ الأرض بعض من تلك الخيرات الموجودة في باطنها خلال أنشطتها الجيولوجية، وهذه رحمة من الله على عباده ونعمة من نعم النشاط الجيولوجي للأرض عليهم.
أما عن تكوين تلك العناصر، فقد نستطيع أن نكون الهليوم من الهيدروجين، والكربون من الهليوم، والأكسجين من الكربون، والحديد من السليكون، وهكذا ولكن يحتاج إلى ظروف حرارية جبارة لا تتوفر في باطن الأرض..!!
إن شمسنا برغم ما تمتلكه من طاقة جبارة في لبها لا تستطيع أن تكون إلا قدراً يسيراً من تلك العناصر. وتحديداً، فإن شمسنا لن تتمكن في كل مشوار حياتها أن تنتج عناصر سوى الهليوم والكربون والأوكسجين، أما العناصر الأثقل فإنها لا تتكون إلا في النجوم الأكبر من شمسنا.
وقد حاول بعض العلماء القدامى أن يخدعوا حكامهم فأوهموهم أنه يستطيعون تحويل الحديد إلى ذهب، وبالطبع فإنهم لم يفعلوا ولكن يستطيع أي إنسان أن يفعل ذلك، ولكن النجوم فقط هي التي تستطيع ذلك بما أودع الله فيها من قدرات جبارة.
وقد يتبادر إلى الذهن سؤال آخر هو : إذا كان الحديد عبارة عن واحد من تلك العناصر التي بثتها النجوم في سحابة المنظومة الشمسية، فلماذا الإشارة هنا فقط إلى الحديد؟ هل للحديد ميزة خاصة تجعل الإشارة إليه ذات مغزى؟

والإجابة هي : إن للحديد يمثل مرحلة مهمة في التفاعلات النووية التي تتم داخل النجوم الكبيرة، فتفاعلات الهيدروجين النووية تنتج هليوم، كما تخرج طاقة من الشمس.
وإذا دخلت الشمس في مرحلة جديدة لكي يتكون الكربون من الهليوم، فإن درجة حرارتها سترتفع أكثر، فيصبح مقدار ما تبثه من الطاقة أعلى بكثير من ذلك الذي تبثه الآن.
وهكذا مع تقدم النجوم مرحلة إلى أخرى من حيث التفاعلات النووية، فإن درجة الحرارة ترتفع، ومقدار ما تبثه من طاقة يزداد.
أما في نجم ما من تلك النجوم الجبارة فإن التفاعل النووي الذي ينتج الحديد يحتاج قدر هائل من الطاقة، يزيد عما ينتج من طاقة بعد التفاعل، ومن هنا فإن هذا التفاعل يؤدي إلى برودة النجم نتيجة تكوين الحديد. وينتج النجم في تلك المرحلة كميات هائلة من الحديد، وبالتالي تحدث برودة سريعة، وبالتالي ينكمش انكماشاً شديداً في فترة زمنية وجيزة(تقدر بحوالي 10 آلاف ثانية، أي أقل من ثلاث ساعات )!!
نعم في ثلاث ساعات، فقط، تنكمش مادة النجم نحو مركزه لتتكسر الذرات وتلتحم الإلكترونات مع البروتونات وتتحول إلى نيوترونات فيصبح أغلب مادة لب النجم عبارة عن منطقة من النيوترونات فقط، وعندئذ تكون الذرات قد اختفت في هذا الجزء نهائياً، وتحولت كل المادة إلى نيوترونات، ومن ثم يعرف النجم في تلك المرحلة(بالنجم النيوتروني) وتتقارب النيوترونات حتى تصل إلى مراحله تصبح فيها القوى الموجودة بين النيوترونات وبعضها أقوى من قوة الجاذبية، فيتوقف الانكماش في اللب بشكل سريع، فتحدث صدمة عكسية جبارة تؤدي إلى حدوث انفجار (السوبر نوفا) ، وهو من أكبر الانفجارات النجمية التي عرفتها البشرية في عصرنا الحديث.
المهم إنه في هذه القصة السالفة يمثل الحديد عود الثقاب الذي يشعل النجم حتى يتحول إلى (السوبرنوفا).
ومن هنا نشعر، وفي ظل ما توفر لدينا من معلومات عن تلك الآيات الكونية (من سوبرنوفا ونجوم نيوترونية نابضة) أن الحديد له منزلة خاصة تستحق أن يشار تحديداً، لما له من دور خطير، في تطور النجوم وفي حدوث الأنفجارات النجمية في آخر حياة تلك النجوم الكبيرة.
أ . د /محمد صالح النواوي
  #957  
قديم 11-11-2013, 07:06 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الزمن بين العلم والقرآن

د / منصور محمد حسب النبي رحمه الله
أستاذ الفيزياء بكلية البنات جامعة عين شمس والرئيس
الأسبق لمجلس إدارة جمعية الإعجاز العلمي في القاهرة
الحياة محدودة بالأبعاد الثلاثة المعروفة (الطول والعرض والارتفاع)، ونحن دائماً نقيس الأمور بعقولنا وحواسنا التي نشأت منذ مولدنا في عالم تحدّه هذه الأبعاد الثلاثة، ولن نستطيع أن ندرك البعد (الرابع) الزمني إلا إذا انتقلنا إلى عالم آخر ذي أبعاد أكثر، وفي هذه الحالة ـ فقط ـ نستطيع أن نطلع على الماضي والحاضر والمستقبل.
ولتوضيح ذلك، فإننا نتحرك أثناء النوم بعقولنا ومشاعرنا في أبعاد أخرى غير التي نعرفها في اليقظة، فمن الناس من يرى في نومه أحداثاً قد تتحقق بعد ساعات وأيام أو شهوراً ..
فأين كنا أثناء النوم ؟
وفي أي بعد كان عقلنا الباطن يتجول؟ .
من المؤكد أننا لم نكن أثناء النوم موتى، ومع ذلك كنا غائبين بوعينا غير شاعرين بأجسامنا، وبذلك كنا ميتين بالنسبة لهذا العالم، ولكننا أحياء أثناء النوم لنتجول بأحلامنا في عالم غير محدد بالأبعاد الثلاثة، بل ربما كنا نمر بتجربة أبعاد أربعة، أو أكثر، فنرى بعض أحداث الماضي ماثلة أمامنا بالرغم من أنها قد أنقضت، أو قد نرى أحداثاً لم تحدث بعد وإذا بها تحدث في المستقبل، وكأنما مشاعرنا تنطلق بدون حدود أثناء النوم في الزمان والمكان دون أن ندري ...!!!
وربما ينطلق هذا الشعور أثناء اليقظة، فيرى بعض الناس أحداثاً قبيل وقوعها، فهل معنى هذا أنهم يعيشون في بعد رابع للحظة من الزمن. وليس البعد الرابع الزمني نهاية مطاف الأبعاد.. بل هناك بعد خامس وبعد سادس وبعد سابع ... الخ ..
وهذه الأبعاد الجديدة لا نستطيع أن نتخيلها إلا إذا فهمت نملة (مثلاً ) نظرية النسبية لأينشتين التي يستعصي فهمها على البشر أنفسهم ..!
والموت هو الطريق الوحيد الذي سيحررنا من عالم الماديات (المحكوم بالأبعاد الثلاثة ) إلى عالم الروحانيات، حيث نستطيع أن نخلق في الكون، ونطلع على كل أبعاده، فنرى ما لا عين رأت، ونسمع ما لا أذن سمعت، ونشعر بما لا يخطر على قلب بشر، مصداقاً لقوله تعالى : (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) [سورة ق]..
حقاً إن الروح قبس من نور الله لا تعترف بحواجز الزمان والمكان.
ونحن في حياتنا في الدنيا نعتبر الكون المحسوس بداية الزمان. والآن نسأل : هل هناك زمان قبل هذا الزمان وهل هناك زمان بعده؟ يقول ابن رشد: إن ظواهر بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة تؤكد وجود زمان قبل خلق هذا الكون المحسوس، كما يدل عليه قول الله تعالى : (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء)[سورة هود :7].
وظاهر الآية هنا يقتضي وجوداً ـ قبل هذا الوجود الفيزيائي، ويقتضي زماناً قبل هذا الزمان! وكذلك ما أخرجه البخاري في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السماوات والأرض).
وهناك آيات قرآنية أخرى ـ تكررت كثيراً ـ تتحدث عن هذا الزمن الغيبي الذي سبق خلق السماوات والأرض، كما في قول الله تعالى ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون ) [يونس: 3].
وهذه الآية تفيد ضمناً أن خلق العرش متقدم على خلق السماوات والأرض في الزمن، كما يتضح أيضاً من الآية السابقة في سورة هود. وهناك إبهام في جميع الآيات بالنسبة لمدة زمن خلق العرش والماء !!
وإذا استعرضنا آيات القرآن الكريم، فإننا سوف نستنتج أمثلة للزمن فيما يلي :
أولاً : الزمن العرش :وهو الزمن الذي يواكب وجود العرش والماء.
ثانياً : زمن خلق السماوات والأرض:وهو الزمن أو المدة التي واكبت خلق الكون المحسوس، والمعبر عنه في القرآن الكريم بستة أيام .
ثالثاً : زمن العروج :وهو الزمن الدال على السرعة العظمى التي يعرج فيها الأمر إلى ا لله، أو تعرج الملائكة فيها إلى الله عز وجل، كما يتضح من الآيتين التاليتين : (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون)[السجدة]، (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) [المعارج] .
رابعاً : زمن الآخرة:
وهو المدة التي تستغرقها مواقف الآخرة، مثل الحشر والميزان والمرور على الصراط والحساب.. وغير ذلك، أو المدة التي يقضيها الإنسان في الجنة أو النار، والتي نطلق عليها (مدة الخلود). وقد نسأل: ما هو مقدار زمن الخلود؟ هل هو زمن دائم لا ينقطع ؟ أم له مدة محددة من علم الله ؟ وهل إذا قلنا بأنه زمن دائم، فهل يكون حينئذ مشارك لله تعالى في أبديته؟
يقول تعالى في آيات كثيرة من القرآن عن زمن الخلود( .. خالدين فيها أبداً (22)) [التوبة]. (.. خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) [هود].
وقد يتعرض بعض الناس على الخلود مستدلين بقول الله تعالى : (كل شيء هالك إلا وجهه.. ) [القصص، وقوله : (وأحصى كل شيء عدداً) [الجن].
وبرى بعض المفسرين أن خلود الجنة والنار خلود حادث بإيجاد الله له وأن مدته متجددة دوماً، ومحاطة بعلم الله عز وجل ومشروط بدوام السماوات والأرض وبإرادة الله عز وجل، ومعنى هذا أن خلود الآخرة غير مشارك الله تعالى في صفة قدمه وبقائه، والله أعلم .. وعموماً، فإن هذه الأزمنة الأربعة للعرش والكون والعروج والآخرة جميعاًَ مخلوقة لله عز وجل، وعلمها عنده سبحانه، وما نحن إلا مجتهدون من أجل الوصول للحقيقة.
الزمن النفسي والزمن الافتراضي:
أ‌)الزمن النفسي:
يجمع الفلاسفة والشعراء على أن الزمن يمر سريعاً في أيام السعادة وبطيئاً في أيام الشقاء، ولقد مررنا جميعاً بهذا الشعور، وكأنما الزمن يسرع أو يكاد يتوقف، وكلما اقتربنا من شلالات الموت حيث تتساقط مياه نهر الحياة، فإننا نشعر بأن الزمن يمر سريعاً، وأن تياراته تجرفنا بعنف، وكأنما الزمن شيء مندفع يسري ولا يتوقف أبداً.
والإحساس النفسي بالزمن يختلف عن الزمن الفيزيائي المرتبط بالمكان ويعتبر الفيلسوف (هنري برجسون) الزمن النفسي وكأنه الزمن الحقيقي والديمومة الواقعية، وهو الزمن الذي تستشعره النفس البشرية حينما تسبح بخيالها لتشاهد إحساساتها وذكرياتها ولذاتها وآلامها ورغباتها، وهو زمان تتجدد لحظاته مدى الحياة، ولا صلة له بالمكان، لأنه معبر عن الحياة الشعورية.
ولقد بلغ (برجسون) في الاهتمام بالزمن الشعوري، أو الزمن السيكولوجي، وأهمل تماماً الزمن الواقعي الفيزيائي المرتبط بالمكان. ولكن (ألكسندر) يقرر أن المكان والزمان الشعوريين جزء من المكان والزمان الفيزيائيين، ويرى (ابن سينا) أن الزمان يتوقف على النفس! ورغم اختلاف وجهات النظر نستطيع أن نعرف الزمن النفسي بأنه (الزمن الذي يعاينه كل إنسان شعورياً، ويختلف تقديره من شخص إلى آخر، على حسب حالته النفسية) وهذا الزمن ليس معزولاً عن العلاقة الخارجية، وتعبير عن مدى استجابة الفرد لها وتأثره بها.
ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الزمن النفسي ضمن إشارته إلى حالات نفسية وفردية أو جماعية من الفرح والسرور أو الهم والحزن، أو الخوف أو الفزع. وكلها حالات لا يقاس فيها الزمن العادي إذا أن الزمن الوجداني هذا قد يقصر ويتقلص حتى كأنه برهة’ كما في لحظات الأنس والسرور، وقد يطول حتى كأنه دهر، كما في لحظات الخوف والانتظار، ونجد إشارة إلى هذا في قول الله تعالى (تعبيراً عن السعادة بيوم فتح مكة ): (إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفوجاً * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً )[ القصص ].
وقوله تعالى ( لوصف ساعات الهزيمة) .
(.. وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر.. )[ الأحزاب].
حقاً إن لحظات الحزن تمر وكأنها دهر كامل، بعكس لحظات السعادة التي تمر كلمح بالبصر!!
ب‌)الزمن الافتراضي:
هو الزمن الذي يفترضه الذهن وليس له وجود خارجي أو واقع محسوس.
ولقد أشار القرآن الكريم بإمكانية حدوث مثل هذا الزمن الافتراضي بقدرة الله المطلقة، إذ يقول سبحانه :(قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون * قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون * ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون )[القصص].
تشير هذه الآيات إلى أن الله قادر على إيقاف دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس، وفي هذه الحالة سيعيش بعض الناس في نهار سرمدي، فينعدم الإحساس بمرور الزمن، لعدم تعاقب الليل والنهار في هذه الحالة، وبهذا فإن النهار السرمدي والليل السرمدي يمثلان زمناً افتراضياً قد يحدث بقدرة الله تعالى إذا توقفت الأرض عن الحركة. كما توضح هذه الآيات نعمة الله في حركة الكون وتعاقب الليل والنهار من جهة، كما أنها تبين طلاقة القدرة الإلهية من جهة أخرى، فهو سبحانه يستطيع أن يحول الحياة إلى ليل أو إلى نهار سرمدي بالأمر الإلهي (كن فيكون).
الأمر الإلهي المشمول بالنفاذ الفوري:
نعلم أن كلمة (الآن) في الزمن الفيزيائي ليست تعبيراً للحظة وهمية للفصل بين الماضي والمستقبل، وإنما هي لحظة لها وجود حقيقي ينسب إليها كل أعمالها الحاضرة في هذه الدنيا، أما كلمة (الآن) في الأمر الإلهي (أمر الكينونة) فقد جاءت آيات قرآنية عديدة تشير إليه، كما في قوله تعالى: ( بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون )[ البقرة]. (ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) [مريم]. (والله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير) [ النحل].
وبالنظر إلى هذه الآيات الأربع: نجد أن الثلاث الأولى منها تتحدث عن تلك اللحظة الزمنية التي يفترضها الذهن واقعة بين الأمر والكينونة، أما الآية الرابعة فإنها تتحدث عن لحظة النهاية الزمنية التي يأبى العقل إلا أن يفترض وجودها بين الأمر والفناء، ولقد اختلف العلماء حول المدة الزمنية المنحصرة بين الأمر والكينونة، أو بين الأمر والفناء، هل هي موجودة أم غير موجودة، وأعتقد أن الأمر الإلهي في الكينونة أو الفناء هي آن افتراضية لا وجود لها إلا في الذهن البشري، لأن الله تعالى لا يأمر شيئاً إلا وهو موجود، ولا يكون الشيء موجود إلا وهو مأمور بالوجود، وبهذا فإن قضاء الأمر الإلهي لا يقدر بزمن أي لا يوجد وقت بين الأمر والكينونة، أو بين الأمر والفناء.
وقد أشارت آية النحل إلى هذا المعنى حينما ذكرت أن لحظة الآن التي هي بين الأمر والفناء تمتد بين أصغر جزء، المعبر عن بلمح البصر، وبين جزء أصغر منه لا يمكن قياسه فيزيائياً، إذ أنه مجرد افتراضه ذهني فقط ليس له حقيقة موضوعية، وهو المعبر عنه بقول الله سبحانه (أو هو أقرب).
ولقد استعمل القرآن كلمة (الحين) كثيراً بدلاً من كلمة (الآن) ليدل على أصغر وحدة زمنية، ولننظر إلى قول الله تعالى( إذا بلغت الروح الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون* ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون )[الواقعة].
والحديث هنا عن اللحظة الزمانية الحاسمة التي تبقى للروح إن نقطعها بعد أن وصلت إلى آخر الحافة بين العالم المحسوس (الحلقوم) وأول عتبة من عالم الغيب المكنون.
وهذه هي بالضبط اللحظة التي لا أبعاد لها ولا يمكن أن يكون لها تقدير في معايير العالم المحسوس، وذلك لأن سرعة الروح غير معروفة، ولأن الحد الفاصل بين عالم الحس وعالم الغيب غير معروف. ولهذا صورت الآية حيرة الجالسين بجوار المحتضر وهم لا يدرون ماذا يفعلون، ولا يملكون من الأمر شيئاً.. وبهذا يكون (الحين) أو (الآن)، أي أمر الكينونة وأمر الفناء عند الله جزءاً زمنياً ليس له وجود في الزمن الفيزيائي، وإنما وجوده ذهني فقط وحقيقة علمه عند الله تعالى .
الله محيط بالمكان والزمان
عرفنا أن للكون بداية من عدم، ونهاية إلى عدم، وهذا في حد ذاته إثبات لوجود الله وقدراته اللانهائية.
يقول أديموند ويتيكر: (ليس هناك ما يدعو إلى أن نفترض وجود مادة وطاقة قبل الانفجار العظيم)، وإلا فما الذي يميز تلك اللحظة عن غيرها ؟ والأبسط أن نفترض الخلق من العدم بمعنى إبداع الإرادة الإلهية للخلق من العدم، علماً بأن هذه الصورة لا تكتمل إلا بوجود الإله ) .. لأن شيئاً ما لابد أن يكون موجوداً على الدوام؟ هذا الشيء غير مادي (لأن المادة لها بداية) .. ولابد للمادة أن تكون من خلق عقل أزلي الوجود.. هذا الكائن، وهذا العقل الأزلي، هو الله ...
إن اكتشاف بداية الكون وتوقع نهاية له سوف يؤدي حتماً إلى الإيمان بوجود الله، والعلم اليقيني يؤكد وجود الله على هؤلاء الكفار الدهريين الذين اعتقدوا الكون مستقراً بلا بداية ولا نهاية، أي الكون المستقر الأزلي الدائم Steady state universe.
نحن نعلم أنه لو كان الكون أزلياً ـ كما اعتقد البعض قديماً ـ لما بقيت في الكون حياة ولما بقي إشعاع ذري أو إشعاع خلفية الكونية، ولفقدت النجوم كل طاقتها، منذ زمن بعيد. ويرد القرآن على أمثال هؤلاء الملحدين الدهريين، أصحاب مذهب الكون الأزلي بقول الله تعالى : (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) [ الجاثية].
وهناك فرضية أخرى طرحها بعض العلماء تجنباً لافتراض حتمية بداية الكون ونهايته ـ تدعى (نظرية الكون المتذبذب أزلياً )، أي : انفجار ـ تمدد ـ انكماش ـ انسحاق، ثم انفجار جديد لتتكرر الدورة ) فلا بداية ولا نهاية، بل دورات أزلية من التمدد والانكماش.
وهذه النظرية عليها تحفظات كثيرة، كما يقول الفيزيائي بلودمان: إن عالمنا لا يمكن له أن يتكرر في المستقبل، ونحن ندرك الآن أن أي كون مغلق، كعالمنا، لا يمكن أن يمر إلا بدورة واحدة من دورات التمدد والانكماش وذلك بسبب ضخامة الأنتروبيا (القصور الحراري) المتولدة في كوننا، الذي هو أبعد ما يكون عن التذبذب.
وسواء كان الكون مغلقاً أو مفتوحاً، مرتداً أم متمدداً على وتيرة واحدة، فإن التحولات غير المعكوسة في أطوار الكون تدل على أن لهذا الكون بداية ووسطاً ونهاية محددة. كذلك فإن نظرية (الكون المتذبذب) لا تنسجم مع (النسبة العامة )، ومن هنا يخلق (جون ويلر) إلى أن عملية انكماش كبيرة وهائلة وواحدة من شأنها أن تنهي الكون إلى الأبد بانهيار واحد!! وبذلك ندرك أنه عندما يحدث انهيار بالجاذبية في المستقبل فسنكون قد وصلنا إلى نهاية الزمن، وما من أحد قط استطاع أن يجد في معادلات النسبية العامة أدنى حجة تؤيد القول بعملية تمدد أخرى جديدة، أو بوجود كون متذبذب، أي دورات أزلية، أو شيء آخر سوى النهاية، ولا شيء غير النهاية .. وسبحان الله فالعلم الصحيح قبس من أنور القرآن.
ويقول الله تعالى عن الانكماش الكوني المتوقع في المستقبل : (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين ) [الأنبياء].
أي : انتظروا يوماً ينطوي فيه الكون بسماواته وأرضه تماماً كما يطوي الكاتب الصحف والكتب ليعود الكون بالانسحاق العظيم إلى حيث بدأ .. هذا الانسحاق واضح أيضاً في قول الله تعالى(وحّملت الأرض والجبال فدكتا دكةّ واحدة )[ الحاقة].
وقوله سبحانه وتعالى:(ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً )[ طه].
ويكرر القرآن الكريم التأكيد على هول هذه اللحظة، التي يسميها العلماء " الانسحاق العظيم" (Big Crushويسميها الله : الساعة والحاقة والصاخة والطامة الكبرى والقارعة وكلما تقرع الأذن وتهز القلوب والوجدان من هول يوم يتبدل فيه الكون.. كما في قوله تعالى : (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار)[إبراهيم ].
والله قادر على إعادة خلق الكون، كما قوله تعالى: (.. إنه يبدأ الخلق ثم يعيده .) [يونس].
ويتساءل العلماء: هل سنلاحظ إزاحة زرقاء في طيف المجرات بمجرد بدء الانكماش في المستقبل ؟ .. والجواب : نعم. فهذه الإزاحة علامة فيزيائية من علامات القيامة. ويتساءلون أيضاً، هل تستحيل الحياة في طور الانكماش مستقبلاً لأن الظروف لن تكون ملائمة لوجود كائنات حية، حيث تكون كل النجوم ميتة وقد انتهى وقودها وتحولت إلى أجرام متكورة كالثقوب السوداء؟
وهل (على سبيل الخيال العلمي ) سيموت الناس قبل أن يولدوا في زمن معكوس عند الانكماش؟ .
وهل ستعود الكواكب المكسورة لتجمع نفسها المضاد، أي كلما ازداد الكون انكماشاً؟
وغير ذلك من أسئلة مثيرة (1).
والجواب المنطقي والعلمي، في رأي ـ أن هذا الانقلاب الزمني لن يحدث في طور الانكماش لأنه لا تماثل بينه وبين التمدد ، لأن طور الانكماش ستسيطر عليه الثقوب السوداء التي ستطحن وتسحق كل شيء سحقاً. وسوف تستحيل الحياة في هذا الطور، لأن الكون سيكون ـ كما يقول ستيفن هوكنج ـ في حالة اضطراب كامل.
وأعتقد، بل وأؤكد، أنا شخصياً ـ كفيزيائي مسلم ـ أن طور الانكماش سيكون مصحوباً بأحداث كونية هائلة، كما ورد بالقرآن الكريم، كتكور الشمس وابتلاع كواكبها في باطنها، وبالتالي اختفاء الكواكب وانتثارها وتسجير البحار واشتعالها وزوال الجبال، كما في قول الله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ {1} وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ {2} وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ {3} وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ {4} وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ {5} وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ {6} وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ {7} وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ {8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ {9} وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ{10} وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ {11}[سورة التكوير]. وقال الله تعالى:(إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ {1} وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ {2} وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ {3} [ الانفطار].وقال الله تعالى( إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ {1} وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ {2} وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ{3} وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ {4} وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ)[ الإنشقاق].
وقال الله تعالى:(يوم يكون الناس كالفراش المبثوث* وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) [القارعة ].
حقاً إن مرحلة الانكماش قيامة صغرى قبل الانسحاق العظيم ، ولن تبقى حياة على وجه الأرض، بل سيقول الإنسان يومئذ أين المفر، كما ورد في قول الله تعالى : (فإذا بر البصر * وخسف القمر * وجمع الشمس والقمر * يقول الإنسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ المستقر ) [ القيامة ].
ولن يحدث استقرار للحياة في يوم تمور السماء فيه موراً، وترجف الأرض والجبال
وتخرج الأرض كل الاثقال إخراجاً، في زلزال عملاق لا يمكن تصوره، كما أشار الله إلى هذا وذلك بقوله تعالى : (إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها ). (وإذا الأرض مدت * وألقت ما فيها وتخلت ) [ الانشقاق].
حقاً، إنها تغيرات كونية هائلة ستبرز عند انكماش الكون مؤدياً إلى نهاية الزمان والمكان، وينفرط بذلك العقد وينتشر الهول والفزع، وعلينا أن نؤمن بالآخرة لأنها ضرورة حتمية وفيزيائية لهذا الكون، بل وضرورة نفسية راسخة في الضمير البشري، طمعاً في الثواب والحياة الخالدة في العالم الآخر.
وقد تسألني : لماذا الدنيا دار الفناء والآخرة دار خلود؟ وإليك الجواب: إن البداية والنهاية في الدنيا قائمة لأجل محدود مسمى عند الله، يعلمه سبحانه، والنهاية حتمية علمياً وقرآنياً، لأن هذا الوجود محدود بالمكان والزمان، ولقد علمنا كيف أن الانحلال الإشعاعي الذري والقانون الثاني للديناميكا الحرارية، وغير ذلك من ظواهر، تؤكد كلها أن للكون نهاية.. أما وجود زمن آخر يسميه البعض( زمن العرش) قبل بدء " الانفجار العظيم" من جهة، وزمن آخر موصوف بالدوام في الآخرة من جهة ثانية، فهذا موضوع آخر، لأنهما زمانان خالدان لا تسري عليهما قوانين الفيزياء.. وليس أمامنا سوى القرآن الكريم نرجع إليه لبيان الغيب الزمني ... المعروف بالخلود، سواء قبل البداية أو بعد النهاية.
يصف الله تعالى العرش بلا بداية ولا نهاية محيطاً بالمكان والزمان، بمثل قوله تعالى : (... وسع كرسيه السماوات والأرض .. ) [ البقرة].
بل ويصف النبي صلى الله عليه وسلم كرسي العرش في الحديث الصحيح، مبيناً نسبة حجم الكون إلى حجم العرش كالصفر إلى (ما لا نهاية ) بقوله: (ما السماوات السبع وما فيهن، والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن، في الكرسي، إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة).
وقول الرسول الكريم عما قبل بداية الكون:( كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء)، وقول الله سبحانه( وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء )[ هود] .
فالآية والحديث هنا لا يعطيان زمناً لوجود العرش على الماء قبل خلق الكون، لأن الفعل (كان) هذا يأتي بمعنى الكينونة مؤكداً الأزلية والدوام، وليس معنى الفعل الماضي، بل كان ومازال وسيظل، أي وهو دائماً كذلك، كما في وصف الله تعالى الفعل لنفسه في قوله سبحانه: ( وكان الله بكل شيء محيطاً) (وكان الله بكل شيء عليماً) أي وهو عز وجل دائماً كذلك.. فإذا قال سبحانه (وكان عرشه على الماء) فإن العرش دائماً على الماء قبل وأثناء وبعد الكون، وهذا معناه والله أعلم ـ دوام السيطرة المطلقة على خلق الحياة من الماء. وقد يكون المقصود ـ والله أعلم ـ أن كثافة الكون وصلت إلى كثافة الماء في الدقائق الثلاث الأولى بأنوية مستقرة من الأيدروجين والهليوم بنسبة ظلت ثابتة!
وعلى كل حال .. فالعرش ـ في رأيي ـ ليس الكون، وليس كرسياً مجسداً ـ كما يتخيل البعض ـ محدوداً بالمكان والزمان، بل مفهوم معنوي يمثل مطلق القدرة والسيطرة والتحكم الإلهي في مقدرات هذا الكون، كما في قوله تعالى : (ثم استوى على العرش)، (وسع كرسيه السماوات والأرض)، بل إن كل شيء يتم خلقه في الأرض بعد نهاية هذا الكون سوف يقع أيضاً في رحاب عرشه، كما في قوله تعالى في وصف يوم القيامة (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الزمر].فالعرش موجود قبل هذا الكون وبعده، ولا يصح إخضاع العرش لزمن معين، لأن الله محيط بالمكان والزمان.
ولقد أخضع الله سبحانه وتعالى مخلوقاته للزمن، ولكنه سبحانه تنزه عن جريان الأزمنة عليه، فكل شيء بالنسبة لعلمه قد حدث، فهو عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.. والدليل على ذلك أنه سبحانه يصف أحداث المستقبل (كيوم القيامة) بالفعل الماضي، لأنها جميعاً في علمه، كما في قوله سبحانه : (أتى أمر الله فلا تستعجلوه )[ النحل]، أي لا تستعجل يا ابن آدم ما قد حدث في علم الله.
فالأمر بالنسبة إلى الله معلوم ومحدد بمكان وزمان، أما بالنسبة لك فهو مجهول لأنه مستقبل.. بينما الله متعال فوق الزمان والمكان، ورغم هذا التعالي إلا أنه بلطفه وعنايته موجود دائماً مع المخلوقات جميعاً على اختلاف وتفاوت أنظمتهم الزمنية. والله أعلم بهم جميعاً، يستجيب لهم، ولا يشغله شأن عن شأنه، ولذلك يجيب سبحانه الكل في نفس الوقت، كما يظهر في قوله تعالى : ( يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن ) [ الرحمن].
فسبحان من لا يشغله آن عن آن، ولا شأن عن شأن، وسبحانه القاهر على الزمن، فهو القابض للزمن بسلطان ولا يتقيد بنظام حركي أو مكاني، وهو المسيطر على المكان والزمان، وهو الحي القيوم: (اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ.)[سورة البقرة].
حقاً إن الخالق يختلف في صفاته عن المخلوق، فالله عالم الغيب والشهادة، وهو سبحانه خالد سرمدي، ومحيط بالمكان والزمان، وهو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية، والظاهر والباطن.. ولا يصح أبداً أن نخضعه وعرشه للمكان أو الزمان.
إن الماضي والحاضر والمستقبل أزمنة تنشأ كحلقات متصلة لهذا الكون الذي نعيش فيه، أي أزمنة تنشأ في تصورنا مع الحركة والانتقال الذي يملأ حياتنا نحن أهل الفناء.. أي أزمنة تنشأ مع الجريان والسباحة في أفلاك هذا الكون.. ولا تجوز في حق الخالق حركة أو ميلاد أو وفاة، فهو سبحانه الحي القيوم مطلق الكمال لا تأخذه سنة ولا نوم، وكل شيء هالك إلا وجهه، وهو حي لا يموت، ولا بقاء على الدوام إلا لمن له الدوام، وطبقاً لهذا المفهوم الإسلامي، فلن يوجد أي شيء يشارك الله تعالى في أبديته.
وقد يتساءل البعض :هل زمن الآخرة، الذي سيبدأ بحلول يوم القيامة، أبدي ودائم، وبهذا يشارك الناس ـ في الآخرة ـ الله في أبديته ؟ والجواب هو : إن زمن الآخرة غيبي لا نعرف مداه ولا وسيلة لقياسه بعد أن تبدلت الأرض والسماوات وأن خلود الجنة أو النار غير مشارك لله في أبديته، لأن خلود الآخرة مرهون بإدارة الله ومشيئته، وحادث بإحداث الله، وأن مدته متجددة ومحاطة بعلمه سبحانه، كما هو واضح في قوله تعالى : ( .. خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) [ هود].
فهل أعددت أخي الكريم نفسك لهذا الخلود المتجدد غير المنقطع في جنات الله ورضوانه؟.
وفيما يلي أقدم هذه المفاهيم الإيمانية لحكمة الزمن وقيمته في الإسلام.
يؤكد القرآن الكريم التسبيح والذكر واغتنام الزمن وعدم تضييع العمر والتحذير من الغفلة، لأن العمر برهة والموت يأتي فجأة، وهناك فرق كبير بين من يموت والقلوب عليه حزينة والأعين عليه باكية والألسنة معطرة عليه بالثناء الطيب، وبين من يموت ولا يحزن لفراقه قلب ولا يترحم عليه لسان ولا تبكي عليه عين.. ولقد جعل الله الليل والنهار يتعاقبان على حياة الناس لحكمة، كما في قوله تعالى: ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً ) [ الفرقان]، وقوله سبحانه : (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور ) [الملك ] .. هذه هي الحكمة من عمرنا لفترة زمنية محددة، ما مضي منها لا يعود ولا يعوض وهيهات هيهات فقد مضى العمر ولا رجعة فيه، كما يقول الحسن البصري، رحمه الله: ( ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي : يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى علك شهيد، فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة ) .
ويحذر الله من عذاب الآخرة ويحببنا في نعيمها بهدف توجيهنا لاستثمار أعمارنا لما فيه خير الإنسان والبشرية.
وللأسف فإن أكثر الناس عن هذا غافلون بينما يصف الله أهل التقوى : (آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ) [ الذاريات].
ويقول الله سبحانه ( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السماوات والأرض وعشياً وحين تظهرون) [ الروم].
إن المسبحين والمستغفرين يستطيعون ـ إذا تطهرت نفوسهم ـ أن يرتفعوا إلى منزلة أعلى فيعيشون في تسرمد روحي مع الواحد القهار، وذلك بالخروج تماماً من هموم الدنيا ورغباتها وأبعادها وترك العالم الدنيوي المادي إلى عالم الروح لينعم المسبح والمستغفر برائحة الجنة رغم أنه مازال حياً على الأرض... وعلينا، أيضاً أن نفكر من الآن في حساب الآخرة.
ولنتذكر هنا حديث الرسول صلى الله عليه عليه وسلم قبل أن نفاجأ بيوم تنتهي فيه المعذرة ولا تنفع فيه تذكرة : (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عمره فيم أفناه وشبابه فيم أبلاه، وماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه، وعلمه ماذا عمل به) رواه الطبري عن معاذ بن جبل بإسناد صحيح.
وقوله صلى الله عليه وسلم : (اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك).
ولنتذكر قول الله تعالى في القَسم بالزمن (العصر): (والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصلوا بالصبر) [سورة العصر]، فعلينا أن ندعوا كما دعا الخليفة أبو بكر رضي الله عنه : (اللهم لا تدعنا في غمرة، ولا تأخذنا على غرة، ولا تجعلنا من الغافلين). ولنتذكر أيضاً دعاء الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( اللهم أرزقنا البركة في الأوقات وإصلاح الساعات).
وعن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال ( الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، ونفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر).



يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــع






  #958  
قديم 11-11-2013, 07:09 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

يتبـــــع الموضوع السابق

الزمن بين العلم والقرآن


تطور الكون وعمره
ترتيب خلق السماوات والأرض:
يؤكد القرآن الكريم أن السماوات والأرض كانتا ملتحمتين في رتق واحد، وتم فصلهما في عملية فتق أو انفجار، ويتفق هذا مع حقيقة (الانفجار العظيم) التي أثبتها العلم كما ذكرنا سابقاً، مصداقاً لقوله تعالى( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما) [ الأنبياء].
ومن معطيات العلم الحديث أن الكون بدأ منذ حوالي (13) مليار سنة بانفجار عظيم (Big Bang)، وكان الكون كله متجانساً مكوناً من خليط ساخن من الجسيمات والجسيمات المضادة، كالإلكترونات والبوزيترونات حتى تكونت نوى الإيدروجين والهليوم بعد ثلاث دقائق من الانفجار الذي أدى إلى استمرار الاندفاع للمادة وتمدد الكون.
وكان الظلام حالكاً وشاملاً في البداية، وكانت الفوتونات(جسيمات الضوء) تتصادم بشدة مع الجسيمات النووية لتصل إلى أتزان حراري في درجة حرارة تقدر ببلايين الدرجات، وإشعاع غير مرئي، حينما كانت الطاقة هي المكون الأعظم لفترة امتدت إلى عدة مئات من آلاف السنين، وكانت المادة خلال هذه الفترة لا تلعب دوراً هاماً لأنها كانت المكون وانلقب الوضع، وأصبحت المادة هي المكون الأعظم للكون، أي أصبحت السماء دخاناً متجانساً مستمراً في التمدد والبرودة حتى وصلت درجة الحرارة إلى الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة من النويات والإلكترونات الحرة بعد حوالي (700) ألف سنة من بدء الانفجار العظيم، وأصبح الكون بذلك شفافاً للإشعاعات وليس معتماً، وظل هذا الدخان سائداً ومحتوياً على ذرات عناصر الأرض والسماء معاً دون تفرقة، أي رتقاً واحداً كطبخ كوني تم تحضير كل المواد الخام للكون فيه، وصدق الله العظيم بقوله سبحانه ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم) [ البقرة].
ويقول المفسرون إن لفظ(خلق) في هذه الآية بمعنى (قدر)، وليس بمعنى (أوجد)، أي أن كوكب الأرض لم يكن قد تم تشكيله بعد، ولكن ذراته كانت جاهزة في الدخان الكوني الذي كان سائداً في هذه الفترة الأولى من الخلق بعد الانفجار العظيم، دون تميز بين السماوات والأرض لأنهما كانتا في رتق واحد وسماء واحدة تشمل الكون كله، كما ذكرنا في الوصف العلمي.
وبعد تجهيز الذرات الخام لمواد السماوات والأرض معاً في الدخان الكوني المذكور استوى الله سبحانه إلى السماء الدخانية، أي قصد إليها دون غيرها لتسويتها لتصبح دون تفاوت أو فطور، تسوية غاية في التناسب والدقة والإحكام.
والآية هنا لا تفيد ـ كما ذكرنا ـ خلق كوكب الأرض أولاً قبل السماء، لأن هذا النص القرآني يؤكد أن الله سبحانه وتعالى خلق للناس جميع ما في الأرض أولاً، ثم استوى إلى السماء وقد كانت عندئذ دخاناً محتوياً على ذرات الأرضين جميعاً، مع ملاحظة لفظ (جميعاً) في الآية السابقة ولفظ (الدخان) في الآية التالية.
والأرض في الآية (11) من سورة فصلت معرفة ب (ال)، للعهد والجنس معاً، أي لأرضنا والأرضين الأخرى، أي قصد الله تعالى إلى السماء دون غيرها وهي في حالة دخانية وتعلقت إرادته تعالى تعلقاً فعلياً بإيجاد السماوات والأرض فلم يمتنعا عليه، وأوجدهما سبحانه كما أراد سبع سماوات (ومعهن سبع أرضين، طبقاً لسورة الطارق ـ الآية 12) في يومين تشكل خلالها من هذا الدخان النجوم والكواكب، بما فيها الأرضين والأقمار في هذه السماوات، كما في قوله تعالى مشيراً إلى تعدد الشموس والأقمار: ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً * وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً) [نوح].
وبهذا نستنتج أنه في هذه المرحلة الدخانية قد تم تشكيل السماوات بجميع أجرامها ونيرانها من نجوم (شموس) وكواكب وأرضين وأقمار، على هيئة سدم، وبذلك فإن الأرض لم يتم تصلب قشرتها أو دحوها إلا بعد انتهاء هذه المرحلة، وبدء مرحلة جديدة وأخيرة تدعى (تدبير الأرض) أو كما أسميها (العمر الجيولوجي للأرض)، والتي يشير إليها القرآن الكريم في سورة النازعات بعد تمام خلق السماوات وأجرامها بقول الله تعالى ( أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها* رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها * أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها * متاعاً لكم ولأنعامكم ) [ النازعات].
وفي هذا النص يتضح لنا الترتيب الصحيح، أي أن السماء تم تشكيلها (أولاً) قبل التشكيل الجيولوجي لكوكب الأرض، كما يتضح من قوله تعالى: ( والأرض بعد ذلك دحاها).
وفيما يلي التفسير العلمي والديني لهذه الآيات (النازعات /27ـ 33) على ضوء ما وصل إليه العلم نظرية الانفجار العظيم. يتجه المعنى العام لهذه الآيات بعتاب الكافرين منكري البعث بسؤال هام: هل أنتم يا كفار مكة أعظم خلقاً من السماء التي بناها الله؟ مبيناً بذلك أن خلق السماء أعظم، كما في قوله سبحانه : (أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم )[سورة يس]، وقوله عز من قائل : (لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون )[غافر].
والمعنى ( في سورة النازعات: 27) : أخلقكم بعد الموت أشد أم خلق السماء ؟ ثم قوله تعالى( أم السماء بناها) يحتوي على لفظ البناء الذي سبق شرحه علمياً بقوة الجذب العام، وأما قوله تعالى: (رفع سمكها) أي جعل قامتها عظيمة الارتفاع، فهذه إشارة إلى المسافات الفلكية للسماوات التي تقدر بالبلايين من السنين الضوئية نتيجة تمدد الكون بعد الانفجار العظيم، والدليل على ذلك رصد آثار الدخان الكوني( حديثاً بالقمر الصناعي كوب عام 1993) وذلك بالتصوير الإشعاعي لدخان يبعد عنا 10 بلايين سنة ضوئية

صورة لآثار الدخان الكوني
وغير ذلك من رصد بلايين السنين الضوئية، وتستطرد الآيات بقوله تعالى: ( وأغطش ليلها وأخرج ضحاها)، أي جعلها حالكة السواد وأخرج ضيائها من وسط هذا الظلام الحالك، ولقد فات المفسرين مغزى الضمير في (ليلها)، الذي يعود على السماء، واعتبروه ليل الأرض، ولو التزموا النص ودلالته لاهتدوا إلى حقيقة علمية تدعى (ظلام الفضاء الكوني) التي لم يتحقق منها الإنسان إلا بعد صعوده في الفضاء واكتشافه حلكة سماء الفضاء رغم انبعاث الضوء من الشمس والنجوم، وإنما ذلك لانعدام الغلاف الجوي (الذي يقوم ببعثرة، أو تشتيت، الضوء، وإظهاره نوراً في المنطقة القريبة من سطح الأرض).
كما أن الكون كله كان حالك السواد قبل ميلاد النجوم وسط دخان السماء، وهنا ندرك روعة وصف ظلام السماء باللفظ القرآني المعبر : (أغطش) .
وبعد أن أتم الله بناء السماء رفع سمكها وأخرج ضحاها وسط الظلام الدامس، ثم أمر الله سبحانه بدحو الأرض، كما في التعبير القرآني: (والأرض بعد ذلك دحاها)، والدحو معناه قذف الشيء من مقره، بالإضافة إلى معاني لغوية أخرى منها: المد والبسط، بمعنى قذف الشيء من مقره وإعطائها شكل الدحية (البيضة ) بعد أن برد سطحها وتجمد، بما يفيد بداية التشكيل الجيولوجي للأرض.
والجدير بالذكر أن قوله تعالى : ( والسماء وما بناها* والأرض وما طحاها) [ الشمس]، يعطي معنى الطحو، أي : القذف من المقر، أي : فصل الأرض عن السماء، في عملية فتق جديدة بعد الإنفجار العظيم، وبهذا، فإن الطحو هو أحد معاني الدحو.
ونعود إلى سورة النازعات، حيث تستطرد الآيات في وصف تدبير الأرض بقوله تعالى : (أخرج منها ماءها)، وفي هذا إعجاز علمي لم يكتشف إلا حديثاً عندما تأكد العلماء من أن جميع ماء الأرض خرج من باطنها وليس من السماء (2)،وأما قول الله تعالى : (والجبال أرساها) فيفيد إرساء الجبال في ثورات جيولوجية متعاقبة كان آخرها إرساء جبال الألب والهيمالايا منذ 40 مليون سنة، وكل هذا يوفر متاعاً للإنسان وللأنعام المسخر له ..
المهم هنا أن التشكيل الجيولوجي لكوكب الأرض حدث بعد تمام بناء السماء وأجرامها من مجرات ونجوم، وهذا يعطينا مفتاحاً لفهم تطور نشأة الكون وتفسير للأيام الستة للخلق وحساب عمر الكون، بعد أن أدركنا الترتيب الذي نورده الآن نم الإشارات القرآنية السابقة الذكر.

أ‌)بدأ الكون بانفجار عظيم يدعى (بيج بنج ثم طبخ جميع الذرات بما فيها ذرات الأرضيين والسماوات كلها في الدخان الكوني الذي كان منتشراً لفترة طويلة مظلمة قبل بزوغ النجوم. وهذه هي مرحلة إعداد المواد الخام كمرحلة أولى.
ب‌)بدأ تشكيل السموات والأرضين السبع كأجرام سماوية من الدخان والظلام الدامس على هيئة نجوم وكواكب وأقمار في مرحلة سديمية جديدة بدأ فيها توليد الطاقة في الأفران النووية للنجوم وخروج الضوء منها وسط ظلام الفضاء الكوني بحيث أصبحت هذه المصابيح زينة للسماء في هذه المرحلة الثانية.
ت‌)بدأ تصلب (دحو) القشرة الأرضية بعد طحوها، أي بعد قذفها كسديم مستقل من مقرها الدخاني في السماء، كمرحلة ثالثة وأخيرة، بدت فيها الأرض في حالة منصهرة لينة كالعجين، ساعد على تشكيلها على هيئتها الكروية القريبة من شكل الدحية (البيضة)، وبمجرد بدء تجمد تجمد، أي تصلب قشرتها، بدأ بذلك العمر الجيولوجي لكوكب الأرض، كما نقيسه الآن بحوالي 45000 مليون سنة ( باستخدام ظاهرة الانحلال الإشعاعي لليورانيوم الموجود في صخور الأرض)، وهذا العمر الجيولوجي الذي يعبر عنه الله عز وجل دائماً بمد الأرض وإرساء الجبال في ثلاث ثورات جيولوجية متعاقبة بدأت بعد تمام بناء السماء وتزينها في وصف مرحلي واضح، على الترتيب، في قوله تعالى:
(وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ {16}وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ {17} إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ {18} وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ {19} وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ {20} وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ {21} وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ)[الحجر].
1) وقوله سبحانه : (أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَاوَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ {6} وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَوَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ {7} تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍمُّنِيبٍ )[سورة ق].
2)وقوله عز وجل( اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ {2} وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[الرعد].
المهم هنا أن التغيرات الجيولوجية، مثل مد الأرض وإلقاء الرواسي وإخراج الماء والمرعى، حدثت كلها بعد تمام بناء السماء وتسخير الشمس والقمر والنجوم، فإن كوكب الأرض تم مده، أي تشكيله، بعد تمام بناء السموات السبع، ورغم هذا التأكيد القرآني المتكرر لهذا الترتيب العلمي والمنطقي، فقد وردت الأرض أحياناً قبل السماء في آيات قرآنية قليلة، كما في قوله تعالى : ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم أستوى إلى السماء فسواهن سع سماوات وهو بكل شيء عليم )[ البقرة].
ولقد فسر الإمام الرازي (وغيره) لفظ (خلق) هنا بمعنى التقدير دون الإيجاد، وأنا من ناحيتي أقبل هذا الرأي، الذي يعني أن الله سبحانه وتعالى خلق أولاً جميع ما في الأرض من الذرات التي أراد تسخيرها للإنسان فيما بعد، وكانت هذه الذرات رتقاً واحداً مع ذرات السماء التي كانت دخاناً كونياً هائلاً في هذه المرحلة، ثم قصد الله سبحانه وتعالى إلى السماء دون غيرها، فسواها سبع سماوات وسبع أراضين، أي لكل سماء أرضها كما في سمائنا الدنيا وأرضها التي استخلفنا الله فيها، وهو سبحانه بكل شيء عليم، وكانت السماوات السبع بعضها فوق بعض (طباقاً) كما في آيات أخر، والمقصود بالتسوية تكوين السماوات تكويناً محكماً متناسباً دون تفاوت أو فطور، مع ملاحظة أن لفظ (ثم) هنا يفيد الترتيب بعد المرحلة الدخانية التي أحتوت جميع ذرات الأرض والسماء.
وبهذا، فمن الواضح قرآنيا أن كوكب الأرض لم يتم تصلب قشرته بإيجاده على هيئته المستقلة إلا بعد أن تم بناء السماوات وتسويتها، وهذا أمر بالغ الأهمية علمياً لتفسير آيات أخر [مثل فصلت : 9ـ12] التي فصلت الأيام الستة للخلق بثلاث مراحل متساوية زمنية، استغرق كل منها يومين كاملين من أيام الخلق ليصبح المجموع ستة أيام.
يتبــــــــــــــــع

  #959  
قديم 11-11-2013, 07:12 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو


يتبـــــع الموضوع السابق

الزمن بين العلم والقرآن



دأيام الخلق الستة:
يقول الله عز وجل ( الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام) [السجدة]، وقوله عز وجل ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة ) [الأعراف].
تنص هذه الآيات على أن الله أتم خلقه، أي أنهى تقدير وإيجاد هذا الكون (السماوات والأرض وما بينهما) في زمن قدره ستة أيام التي اتفق جمهور المفسرين على أنها ستة أزمنة متساوية لا يعلم حقيقة مقدارها إلا الله سبحانه وتعالى، وخاصة أن هذه الأيام لم توصف بقوله تعالى : ( مما تعدون) كما في آيات أخر، ولهذا اعتبرها أبو السعود ست نوبات، أي ست وقائع وحوادث كونية، في ستة أزمنة لا يعلمها سواه سبحانه.
ولسوف أثبت ـ فيما يلي ـ صحة هذا الرأي علمياً وقرآنياً:
أيام الخلق الستة ليست كأيام الأسبوع، كما تخيلها بعض المفسرين، من يوم السبت إلى الجمعة، وذلك بعد أن تسربت إليهم بعض الإسرائيليات التي جاء معظمها ـ للأسف ـ مسنداً ظلماً وافتراء إلى بعض الصحابة والتابعين، بل جاء بعضها مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما في الحديث الذي تعجبت أنا شخصياً عند سماعه، لأنه مشابه للرواية الكهنوتية لخلق الكون، بالرغم من أنه ورد في (رياض الصالحين)، ورواه مسلم عن أبي قال : (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الإثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبعث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من النهار فيما بين العصر إلى الليل).
وبالنظر إلى هذا الحديث يتضح وصف الأيام الستة بأيام الأسبوع، كما في العهدين (القديم والجديد)، بينما لم يذكر القرآن مطلقاً أن هذه الأيام مما نعد نحن البشر.
أو أنها من أيام الأسبوع بمعنى اليوم على كوكب الأرض. هذا من جهة، كما أن الحديث النبوي هنا يقتصر على خلق الأرض دون ذكر السماوات من جهة أخرى، علاوة على وضوح خلق النور يوم الأربعاء إذ كيف ينمو النبات في غياب الضوء، بالإضافة إلى تخصيص يوم لخلق المكروه، حتى تصل أيام الخلق سبعة.
وهذا الحديث يتعارض مع النص القرآني، فهل من المعقول أننا نأخذ بأقوال المفسرين المملوء بالإسرائيليات، علماً بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينطق عن الهوى، فلا يجوز إذن أن ننسب إليه صلى الله عليه وسلم أية خرافة وردت بكتابات البشر في (الإنجيل والتوراة) بنفس الأسلوب. فلقد قام اليهود بوضع تصورهم لإظهار خلق الكون وتوزيعها على أيام الأسبوع قبل أن يكون لهذه الأيام وجود، وزعموا أيضاً أن الخالق سبحانه وتعالى استراح في اليوم السابع، كما يلي في الترتيب، طبقاً لروايات كتبهم (كما في العهدين القديم والحديث):
الأحد : خلق الله النور والليل والنهار. الاثنين : خلق الله السماء والماء.
الثلاثاء : خلق الله الأرض والنبات . الأربعاء: خلق الله الشمس والقمر والنجوم والكواكب. الخميس : خلق الله الأسماك وطيور البحر والطيور المجنحة. الجمعة : خلق الله الماشية والزواحف والوحوش، وأخيراً الإنسان .
السبت أنهى الله عملية الخلق بالخلود إلى الراحة بعد التعب.
ولقد رد الله عز وجل في القرآن الكريم على هذه الأكذوبة (التي تقول أن يوم السبت استراح فيه الله ) ليبين لأهل الكتاب أنه سبحانه مطلق الكمال لا تأخذ سنة ولا نوم ولا يمسه لغوب، أي تعب أو إجهاد، كما في قوله تعالى : ( ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ) [ق].
كما أن وصف خلق الكون بأيام الأسبوع هنا في رواية التوراة (مشابه للحديث المنسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ) ويحتوي أيضاً على أخطاء علمية لخصها الدكتور موريس بوكاي في كتابه المشهور ، كما يلي : أ ـ ظهور النور في اليوم الأول بينما لم تخلق الشمس إلا في اليوم الرابع.
ب ـ ظهور النباتات في اليوم الثالث قبل خلق الشمس في اليوم الرابع.
ج ـ خلق الشمس والقمر في اليوم الرابع بعد خلق الأرض في اليوم الثالث.
د ـ ظهور الزواحف في اليوم السادس بعد ظهور الطيور في اليوم الخامس.
والمهم هنا هو التأكيد على خطأ هذه الروايات التي تصف أيام الخلق الستة بنفس المفهوم الزمني لأيام الأرض، بإشراقتين متتاليتين، أو زمن دورة الأرض حول نفسها، مما يتعارض مع ما كشفه العلم الحديث عن عمر الكون ومراحله التي تقدر ببلايين السنين، كما سنعرف فيما بعد.

وكلمة (اليوم) تأتي في القرآن الكريم بمعاني مختلفة ، كما يلي :
أ ) يوم أرضي كأيام الأسبوع، أي مما نعد نحن البشر بزمن دورة الأرض حول نفسها (24ساعة)، وفي هذه الحالة يأتي اليوم موصوفاً بقوله تعالى : ( مما تعدون ) كما في آيتي السجدة (5) والحج (47) :
(يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون)[ السجدة]، ( وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون )[ الحجر]. وهاتان الآيتان تشيران إلى سرعة الضوء.
ب ) يوم أرضي إذا سمى بأحد أيام الأسبوع، كما في قوله تعالى : (... إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة .. ) [سورة الجمعة].
ج) اليوم بمعنى النهار فقط، كما في قوله تعالى : ( سخرها عليهم سبع ليالي وثمانية أيام حسوماً فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية) [ الحاقة].
د) اليوم بمعنى طور أو مرحلة زمنية أو عصر من عصور الخلق، كما في أيام الخلق الستة في الآيات القرآنية التي ذكرناها، والتي هي موضوعنا الحالي .
والآن وبعد أن كفر الغرب بدينه، نظراً لتعارضه مع العلم، وخاصة في وصف الأيام الستة للخلق لا يجوز أن ننسب إلى المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم الحديث المذكور حول عملية الخلق في سبعة أيام من أيام الأسبوع بأسلوب غير علمي وغير منطقي، ويجب أن نعيد النظر في صحة هذا الحديث الذي رواه مسلم، أي نوليه عناية كبيرة من حيث دراسته رواية ودراية.. ولنحتكم إلى القرآن الكريم في بيان وتفصيل هذه الأيام الستة، كما وردت في سورة فصلت، وهذا التفصيل سوف يساعدنا في حساب عمر الكون، كما سنوضح فيما يلي.
حساب عمر الكون قرآنياً
يقول الله تعالى : ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ {9} وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ {10} ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِالْعَلِيمِ)[فصلت].
تضع هذه الآيات تفصيلاً للأيام الستة للخق، وهو تفصيل يتيح لنا حساب عمر الكون، من لحظة بداية الانفجار العظيم حتى وصول الإنسان، كما سنوضح فيما بعد. ولقد قسمت الآيات في سورة فصلت (9ـ 12) مراحل خلق الكون إلى ثلاث مراحل، هي ـ على الترتيب ـ من سياق الآيات: يومان لخلق الأرض، وأربعة أيام لتدبيرها جيولوجياً، ويومان آخران لتسوية وقضاء السموات. فيصبح المجموع ثمانية أيام، ولكن هذا المجموع يتعارض مع ما نعلم من النصوص القرآنية الأخرى، التي تؤكد خلق الكون وتدبيره في ستة أيام فقط ؟ وهذا تعارض ظاهري وليس حقيقياً، ولقد أعتبره بعض المستشرقين خطأ ـ لا سمح الله ـ في القرآن.
وللرد على هذا الافتراء، فإن الأيام الأربعة المذكورة (فصلت : 10) بعد يومي خلق الأرض (فصلت : 9) تشمل هذين اليومين المذكورين في البداية، لأن الحديث عن الأرض لم يتوقف في الآيتين .
ولقد أجمع المفسرون على أن لفظ (خلق) في الآية الأولى : (فصلت : 9) بمعنى التقدير (دون الإيجاد) الذي استغرق يومين، بينما استغرق تشكيل الأرض جيولوجياً يومين آخرين، ليصبح مجموع خلق وتدبير كوكب الأرض أربعة أيام متساوية، كما في الآية الثانية (فصلت : 10).
وبهذا يمكننا تفسير المراحل الثلاثة المتساوية الواردة في سورة فصلت، كما يلي (3):
أ . يومان لخلق جميع عناصر الأرض في الدخان الكوني،كما في (فصلت: 9) وأيضاً بالمعنى الوارد في (البقرة : 29).
ب . يومان لتسوية السماوات السبع وأجرامها(المجرات) من هذا الدخان كما في (فصلت : 11) والتي تبدأ بلفظ (ثم) الذي يفيد الترتيب بعد المرحلة السابقة.
ج . يومان أخيران لتشكيل الأرض جيولوجياً ابتداء من تصلب قشرتها(بعد قذفها من مقرها في السماء) وإلقاء رواسيها من فوقها وإخراج الماء والمرعى، كأساس البركة فيها، وتقدير الأقوات للسائلين، وحتى وصول الإنسان كخليفة الله في الأرض. مع ملاحظة أن هذين اليومين الأخيرين مع اليومين الأولين يغطيان الأيام الأربعة المذكورة (فصلت :10) التي شملت طبخ الذرات في الدخان، ثم التشكيل الجيولوجي لكوكب الأرض ونشأة الحياة عليها حتى وصول الإنسان.
وبذلك يصبح المجموع ستة أيام(للمراحل الثلاثة المتساوية)، وليس ثمانية أيام، كما يعتقد بعضا الذين لم يستوعبوا معنى هذه الآيات (فصلت: 9ـ 12).
إذ لا تعارض في القرآن مطلقاً، ولكن القرآن يفسر بعضه بعضاً.
كما أن هذا التقسيم سوف يتيح لنا حساب عمر الكون إذا ما عرفنا قيمة اليومين الممثلين للعمر الجيولوجي للأرض كما أعتقد، لأن هذا العمر الجيولوجي يمثل طبقاً للنص القرآني (والتقسيم السابق للمراحل الثلاث) ثلث عمر الكون، أي ثلث الستة أيام الرمزية لخلق السماوات والأرض في جميع الآيات القرآنية التي تعالج هذه القضية.
ولقد اتفق المفسرون جميعاً على فهم قوله تعالى: ( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين) [فصلت].
يعني أربعة أيام شاملة ليومي الخلق (للسديم الدخاني الشامل لكل ذرات السماوات والأرض) ومتممة لهما، وبهذا يصبح التدبير الجيولوجي للأرض معادلاً ليومين فقط كان ترتيبهما بعد تمام بناء السماء كما ذكرنا في البند السابق.
وبهذا فإن المرحلة الثالثة بدأت بتصلب قشرة الأرض، بدليل قوله تعالى: ( من فوقها) ـ كما أتصور ـ إشارة لبدء العمر الجيولوجي للأرض حتى وصول الإنسان، بدليل قوله تعالى " سواء للسائلين "، وهذه المرحلة تعادل يومين فقط من الأيام الستة المشار إليها قرآنياً كعمر الكون، أي تعادل ثلث عمر الكون.
ومن وجهة نظري، فإنني أرى ـ والله أعلم بالحقيقة ـ أن العمر الجيولوجي للأرضن هو المقدر علمياً وعملياً بزمن مقداره 4500 مليون سنة، يعادل ثلث عمر الكون قرآنياً.
وهكذا فإننا نستنتج من آيات سورة فصلت أن :
عمر الكون = 4500× 3 = 13500 مليون سنة
= 13.5 مليار سنة
ويعد هذا تفسيراً علمياً جديداً للتفصيل الوارد في الآيات القرآنية (فصلت : 9_12) والتي تعطي بذلك عمراً للكون مقداره 13.5مليار سنة.
وهذه القيمة يتردد ذكرها كثيراً في الأوساط العلمية، بدليل أن نموذج أينشتين ودي سيتر يعطي للكون عمراً قدره 13.3 مليار سنة، كما أن معظم الدلائل العلمية تشير الآن إلى أن عمر الكون يتراوح بين 12 إلى 15 مليار سنة، كأرقام معروفة الآن لدى علماء الفيزياء الكونية.
كما أن سورة فصلت تؤكد لنا أن بناء السماء وتشكيلها بسبع سماوات (بما فيها من أجرام) وقع في الثلث الثاني من عمر الكون. وبهذا فإن عمر السماوات أقل من عمر الكون، وهذا ما تشير إليه التوقعات العلمية حالياً. ونحن في انتظار التقدير العلمي النهائي لعمر الكون وعمر المجرات (السماوات)، وصدق الحق تبارك وتعالى إذ يقول : (لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون )[ الأنعام].
وبالرجوع إلى آيات سورة فصلت (9_12) لتفسيرها، فإننا نلاحظ أنها بدأت بهمزة للاستفهام الإنكاري في : " أئنكم "، و (إن ) و(اللام) في " لتكفرون " للتوكيد في خطاب الموجه هنا، بصفة عامة للكفار في كل عصر.
وأما لفظ (خلق) كما ذكرنا هنا ـ طبقاً لأقوال المفسرين ـ بمعنى التقدير دون إيجاد كوكب الأرض، واليوم هنا بمعنى مرحلة زمنية وليس يومنا العادي، بدليل عدم وصفه بالعبارة القرآنية(مما تعدون) الواردة في آيات أخرى.
والمعنى أن الله عز وجل خلق مكونات الأرض في يومين (4).
وقوله تعالى : ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان )، أي تعلقت إرادته تعالى تعلقاً فعلياً بخلق السماء وحدها، أي قصدها دون غيرها وهي في حالتنا الدخانية الأولى.
وقوله تعالى : (فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرها قالتا أتينا طائعين)، المقصود به أنه سبحانه أراد تكوين السماوات والأرضين في هذه المرحلة فخضعت ذراتها وجسيماتها لهذه الإرادة الإلهية.
وللطوع والكراهية هنا ـ كما أعتقد ـ معنى علمياً ودقيقاً لأن السماوات والأرضين في هذه المرحلة فخضعت ذراتها وجسيماتها لهذه الإرادة الإلهية وللطوع والكراهية هنا ـ كما أعتقد ـ معنى علمياً ودقيقاً لأن السماوات والأرضين قامت على طاعة خلق كل منها للآخر بالقوانين والنواميس الكونية التي وضعها الله في الأمر الإلهي الخاص بالجاذبية العامة التي أدت إلى ارتباط كل منها بالآخر والاستجابة المتبادلة والتوافق التام بينهما، كأعضاء الجسم الواحد، كما في قوله تعالى : ( قالتا أتينا طائعين).
وأما (الكراهية) بين الأجرام السماوية فتعني علمياً عكس (الطاعة) في الخلق، أي لا تستجيب السماوات للأرض ويستقل كل منهما عن الآخر ولا يكون بينهما ملاءمة أو توافق، فتفسد الأمور الكونية، ويضطرب النظام السماوي وتصطدم الأجرام بعضها بالبعض بسبب عدم التنسيق بينها، وهذا لم يحدث طبعاً بدليل قوله تعالى في وصف السماوات والأرض: ( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) [ الأنبياء].
وهكذا، فإن مفهوم المطاوعة من وجهة نظري، وهو التناسق والانسجام والترابط والجاذبية التي تؤدي حالياً إلى دوران الصغير حول الكبير في طواف كوني هائل شامل، وجريان كل الأجرام في مسارات منحنية محددة (دون تصادم) تعبيراً عن السجود لله سبحانه، وتسخير من المولى عز وجل لهذه الأجرام لتتحقق بذلك مصالح الحياة للناس على الأرض. ويؤيد معنى المطاوعة هذا قوله تعالى : ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض..) [السجدة]، وقوله : ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً)[الطلاق].
وهذا الآية تدل على أن الله خلق سبع أرضين بنفس عدد السموات، وبهذا فإن لكل أرض ماء تعلوها، وبينهما دائماً ملاءمة ومطاوعة وأمر كوني إلهي، ممثل في الجاذبية(الجاذبية العامة) التي تنشر أمواجها بسرعة الضوء ولا يعوقها عائق لتربط بين مكونات هذا الكون.
والمهم هنا هو أن مرحلة بناء السماوات قد استغرقت يومين كاملين من الأيام الستة، كما في قول الله سبحانه: (فقضاهن سبع سماوات في يومين )، والرقم سبعة هنا يعني العدد المعروف لنا، وقد يأتي أيضاً بمعنى الكثرة دون تحديد، وقضاء الشيء هو إتمامه والفراغ منه، أي تمام بناء السموات وجميع الأجرام(مجرات ونجوم وكواكب وأرضين وأقمار).
في يومين كاملين، أي في الثلث الثاني من عمر الكون ـ كما أوضحنا سابقاً.
وقوله تعالى : (وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاًَ ذلك تقدير العزيز العليم)، بمعنى أنه أتم تشكيل السموات وأجرامها ودبر كل أمورها بما في ذلك تزيين السماء الدنيا بالمصابيح، أي العالم الذي نشاهده بالعين المجردة والقريب إلينا، فنراه مرصعاً بالنجوم(المصابيح) ومحفوظاً من أن يقع علينا أو يقع ما فيه علينا، كما يتضح في قوله تعالى : ( وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون )[ الأنبياء].
وأما قوله تعالى : (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين) فهو يبين أنه سبحانه بعد أن خلق المواد الخام للأرض في يومين، في المرحلة الأولى، في بداية الآيات (فصلت: 9) فإن تعالى خلق الكواكب والأرضين والأقمار والنجوم في يومين في المرحلة الثانية، ثم أتم التدبير الجيولوجي لكوكب الأرض في يومين آخرين في المرحلة الثالثة، ليصبح مجموع مرحلتي خلق الأرض وتدبيرها أربعة أيام ـ كما أوضحنا من قبل ـ عند اعتبار يومي التدبير ممثلين للعمر الجيولوجي للأرض الذي نقيسه علمياً بفترة زمنية قدرها 4500 مليون سنة والتي تعادل بدورها طبقاً لنص الآية ثلث عمر الكون كما ذكرنا من قبل. وفي بداية هذه المرحلة يقول الله تعالى : (جعل فيها رواسي من فوقها)، أي جعل من فوق الأرض، أي من سطحها العلوي، رواسي، أي أجساماً جامدة ثابتة فيها (كالجبال أو القشرة الأرضية الصلبة)، وبذلك جمد الله سطح الأرض العلوي بعد أن كانت في المرحلة الثانية كتلة من اللهب متقد بعد فتقها، أي انفصالها عن الشمس.
وهذا الاستنباط التفسيري ضروري لقوله سبحانه (من فوقها )، وإلا لصارت عبارة (من فوقها ) لغواً ـ يتنزه كلام الله عنه .
ويؤيد هذا التفسير قوله تعالى : (بارك فيها )، إذ لا بركة بلا ماء ولا أنهار، وهكذا يتضح لنا أنه ليس في القرآن لفظ إلا لمغزى، أو كما قال فخر الرازي: ما من حرف ولا حركة في القرآن إلا وفيه فائدة.
وأرى أن تعبير (من فوقها) يدل على ما يلي :
أ ) الأرض أصبحت صلبة في قشرتها لتتحمل وجود الرواسي فوقها.

ت‌)الجبال الأولى سقطت على هيئة نيازك من السماء (من فوق الأرض) والتي نزل معها الحديد، كما في قوله سبحانه( .. وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس) [الحديد].
ث‌)خلق الله النوع الناري من الجبال بانقباض القشرة في بداية التدبير الجيولوجي.
ج‌)خلق الله النوع الثاني الرسوبي من الجبال على شواطئ البحار مما يتبع خلق الأنهار وإحداث التغيرات التي تمكنها من حمل ما ترسب على هذه الشواطئ البحرية، ولهذا أضاف الله عبارة (وبارك فيها) . وهذا في نظري يدل على أخراج الماء والمرعى من هذه الأرض المباركة. وأما قوله سبحانه ( وقدر فيها أقواتها) فإنه يشير إلى جعل مصادر الرزق متنوعة في سطح الأرض توزيعاً حكيماً عادلاً لتوفير الأقوات التي يحتاج إليها سكان هذه الأرض.
ح‌)ولقد تم هذا التدبير الجيولوجي في زمن قدره (4500) مليون سنة، هي مدى عمر كوكب الأرض، وقبل هبوط الإنسان إلى الأرض وظهور ذرية آدم من السائلين عن عمر الأرض وبداية الخلق، والذين يأمرهم الله بالسير في الأرض للتعرف على إجابة هذا السؤال الضخم.
بقلم الدكتور منصور محمد حسب النبي رحمه الله تعالى
الهوامش:
(1)راجع كتاب (الإشارات القرآنية للسرعة العظمى والنسبية ) للمؤلف وكذلك كتاب (الزمان بين العلم والقرآن) أيضاُ للمؤلف دار الآفاق العلمية 1995 القاهرة.
(2)راجع كتابنا (القرآن الكريم والعلم الحديث )، ص 97 الهيئة المصرية العامة للكتاب 1991 باللغتين العربية والإنكليزية.
(3)بترتيب يتمشى مع العلم ومع القرآن، باعتبار أن التشكيل الجيولوجي للأرض مرحلة تالية لبناء السماء، بما فيها المجرات التي تكونت أصلاً بعد مرحلة الدخان الكوني، كما سبق أن أوضحنا.
(4)ضمن جسيمات الدخان الكوني المعتم الذي كان في السماء شاملاً لكل عناصر الكون.
  #960  
قديم 11-11-2013, 07:15 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي رد: موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشو

الضوء والنور بين المعارف الفيزيائية والقرآنية

بقلم الأستاذ الدكتور كارم غنيم
رئيس جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة
أكتشف العلماء حديثاً أن الضوء عبارة عن إشعاع كهرومغناطيسي مرئي في الأطوال الموجية من 4000إلى 8000أنجستروم [ الأنجستروم عبارة عن وحدة قياس طولها 10-10متر] . ويطلق على الموجات الكهرومغناطيسية الأطول (تحت الأحمر Infra red) والأقصر [فوق البنفسجي Ultra violet] ـ مجازاً ـ ضوء، وإن كانت هاتان المنطقتان غير مرئيتين للعين البشرية المجردة (أي غير المستعينة بآلات البصرية ) .
ويشيع المنبع [المصدر] الضوئي في الأحوال العادية ضوءاً متعدد الموجات، كل موجة بجانب الأخرى، لينتج ما يسمى [ الإشعاع Radiation] وتبلغ سرعة انتشار الضوء ثلاثمائة ألف كيلومتر/ثانية (3×108متر /ثانية)، وهو حين يمر بمادة ما تقل سرعته عنها في الفراغ.
وتحدث ذبذبات الضوء عادة في جميع الاتجاهات العمودية على اتجاه انتشار الضوء، أما إذا حدثت الذبذبات في اتجاه واحد فقط (عمودياً على اتجاه الانتشار) وصف الضوء بأنه [ مستقطب Polarized] .
وإذا سقط الضوء على مادة ما فإن جزءاً منه يرتد [ ينعكس ـ Reflect]، وجزءاً آخر يختفي [ يمتص Absorbed] .
ونتيجة لاختلاف سرعة الضوء عند مروره خلال وسطين مختلفين يحدث انكسار (Reflection) عند الحد الفاصل بينهما. وهناك أيضاً ظواهر تحدث للضوء، مثل : التشتت والانحناء والتداخل وغيرها، وهي مشروحة في الكتب المتخصصة التي تدرس للطلاب في المعاهد التعليمية.
وعند سقوط الضوء على مادة ما، فإنه لا يمدها بالطاقة فقط، وإنما يمدها أيضاً بـ " دفع " وبالتالي فهناك ضغط يقع على المادة نتيجة سقوط الضوء عليها، ويسمى " ضغط الإشعاع " أو " ضغط الضوء" ، وأما حاملات الطاقة والدفع في موجات الضوء فهي [ الفوتونات الضوئية Photons].
ومن الضوء نمط يسمى " الضوء البروجي "، وهو عبارة عن ظاهرة ضوئية خافتة في سماء الليل، وتمتد بطول دائرة البروج، وألمع أجزاء الضوء البروجي الخارجي هما ضوء الصباح الرئيسي، وضوء المساء الرئيسي، ويمتد كل منها حتى مسافة 90درجة من الشمس، وبالتالي فإننا نراهما لوقت طويل قبل شروق الشمس وبعد غروبها.
وضوء السماءوتطلق (الموسوعة الفلكية لفظة " السماء " على الغلاف الجوي للأرض ) هو لمعانها الجوي الأرضي .. وهناك ما يسمى " الضوء القطبي "، وهو ظاهرة ضوئية تحدث في حيز حلقي في معظم الأحيان من المنطقتين القطبيتين للغلاف الأرضي، وتعرف بكل من: ضوء الشمال، وضوء الجنوب.
وتعتبر الشمس وغيرها من النجوم مصادر طبيعية لانبعاث الضوء ذاتياً، حيث يحدث الإحساس بالرؤية للأجسام " في ذاتها " مثل: الأقمار والكواكب عندما يسقط عليها هذا الضوء، ثم يرتد أو يتشتت وتستقبله عين الإنسان (أو الحيوان) أو أي جهاز بصري للتصوير أو الرصد.
ورد الضياء بصيغة الفعل في عدة مواضيع بالقرآن العظيم، نذكر منها قول الله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ {17} صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ )[سورة البقرة].
تأتي هذه الآية الفيزيائية في معرض كشف معايب المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يرد التعرف على جوانب الموضوع بالتفصيل عليه الرجوع إلى النص ابتداءً من الآية الثامنة وإلى الآية العشرين من سورة البقرة، وهي الآية التي يقول الله تبارك وتعالى فيها: (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[سورة البقرة].
ولقد أفاض الفخر الرازي (في التفسير الكبير) في شرح العديد من المسائل المتعلقة بالآية [17]، وفيما يلي تجتزئ بعض ما عرضه لإجلاء جوانب في هذه الآية، والتي نود أن نبرز ما يوفق الله سبحانه في إبرازه من جوانب علمية بها .. يطرح الفخر في إحدى مسائله ثلاثة أسئلة هي:
[1] ما وجه التمثيل بمن أعطى نوراً ثم سُلب ذلك النور منه، مع أن المنافق ليس له نور.
[2] إن من استوقد ناراً فأضاءت قليلاً، فقد انتفع بها وبنورها ثم حرم، فأما المنافقون، فلا انتفاع لهم البتة بالإيمان، فما وجه التمثيل؟
[3] إن مستوقد النار قد اكتسب لنفسه النور، والله تعالى ذهب بنوره وتركه في الظلمات، والمنافق لم يكتسب لنفسه النور، والله تعالى ذهب بنوره وتركه في الظلمات، والمنافق لم يتكسب خيراً وما حصل له من الخيبة والحيرة فقد أتى بهما من قبل نفسه، فما وجه التشبيه؟
وكان من أجوبة الفخر الرازي عرض قول للسدي، وهو :إن أناساً دخلوا الإسلام عند وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم إنهم نافقوا بعد ذلك، والتشبيه ها هنا في نهاية (غاية) الصحة، لأنهم بإيمانهم أولاً اكتسبوا نوراً، ثم بنفاقهم ثانياً أبطلوا ذلك النور ووقعوا في حيرة عظيمة، فإنه لا حيرة أعظم من حيرة الدين.. وإن لم يصح ما قاله السدي، بل كانوا منافقين من أول أمرهم، فها هنا تأويل آخر ذكره الحسن ـ رحمه الله ـ وهو أنهم لما أظهروا الإسلام فقد ظفروا بحقن دمائهم، وسلامة أموالهم عن الغنيمة، وأولادهم عن السبي .. وعد ذلك نوراً من أنوار الإيمان ولما كان ذلك ـ بالإضافة إلى العذاب الدائم ـ قليلاً، قدرت شبههم بمستوقد النار الذي انتفع بضوئها قليلاً !!
وصلاً بما بدأناه من مسائل الفخر الرازي في ( التفسير الكبير) حول الضياء والنور والنفاق والمنافقين وأوجه تشبيه وضرب المثل، فهو يقول في إحدى المسائل : فأما تشبيه الإيمان بالنور، والكفر بالظلمة، فهو في كتاب الله تعالى كثير، والوجه فيه أن النور قد بلغ النهاية في كونه هادياً إلى المحجة، وإلى طريق المنفعة، وإزالة الحيرة، وهذا حال الإيمان في باب الدين، فشبه ما هو النهاية في إزالة الحيرة، ووجدان المنفعة، في باب الدين بما هو الغاية في باب الدنيا، وكذلك القول في تشبيه الكفر بالظلمة، لأن الضال عن الطريق المحتاج إلى سلوكه، لا يرد عليه من أسباب الحرمان والتحير أعظم من الظلمة، ولا شيء كذلك في باب الدين أعظم من الكفر، فشبه الله تعالى أحدهما بالآخر.
ويواصل صاحب (التفسير الكبير) طرح الأسئلة وعرض الأجوبة ومنها : هلا قيل : ذهب الله بضوئهم، لقوله تعالى : (فلما أضاءت) ؟ وأجاب بقوله : ذكر النور أبلغ لأن الضوء فيه دلالة على الزيادة، فلو قيل (ذهب الله بضوئهم) لأوهم ذهاب الكمال، وبقاء ما يسمى نوراً، والغرض إزالة النور عنهم بالكلية، ألا ترى كيف ذكر عقيبه (وتركهم في ظلمات لا يبصرون)، والظلمة عبارة عن عدم النور، وكيف جمعها ؟ وكيف نكرها؟ وكيف اتبعها ما يدل على أنها ظلمة خالصة ؟ وهو قوله : (لا يبصرون ) .
وبنحو هذا قال النيسابوري ( في غرائب القرآن) وإنما لم يقل (ذهب الله بضوئهم) على سياق (فلما أضاءت )، لأن ذكر النور أبلغ في الغرض، وإزالة عنهم رأساً وطمسه أصلاً، فإن الضوء شدة النور وزيادته، وذهاب الأصل يوجب زوال الزيادة عليه دون العكس.. وفي جمع الظلمة وتنكيرها وإتباعها ما يدل على أنها ظلمة لا يتراءى فيها شبحان، وفي قوله (لا يبصرون ) دلالة على أن الظلمة بلغت مبلغاً يبهت معها الواصفون .
وبتطبيق ما اكتشفه العلم حديثاً نجد أنه لما أضاءت النار ما حول المنافقين من الأجسام المعتمة، سقط الضوء فوقها، وانعكس عنها، فكشفها للناظرين، ثم ذهب الله بالضوء الساقط المنعكس عن هذه الأجسام، وهو الذي كان يسقط على أبصارهم، ولذلك نسبه إليهم بقوله جل جلاله وعلا (بنورهم) أما ما ينبعث من النار فـ " ضياء"، وأما بعد سقوطه على الأجسام المعتمة وانعكاسه عنها فـ " نور " ، ففي هذه الآية القرآنية جعل الله النور ضداً أو مقابلاً لظلمة الأجسام غير المضيئة بذاتها، لأنه هو السبب المباشر في إزالة الضوء الذاتي (قبل سقوطه على هذه الأجسام وانعكاسه عنها) فليس هو السبب المباشر لإزالة ظلمتها، فقد وجد هذا الضوء في الغرفة، لكنه لا يسقط على أجسام، فلا ينعكس عن شيء، وبالتالي لا تنير الغرفة فالوحي الإلهي هو الضوء الذي يبدد ظلمات النفوس البشرية، كما أن الضوء الحسي يقع على دقائق الغلاف الجوي (للأرض) فينير النهار، حتى وإن لم تسقط أشعة الشمس على الأجسام والأشياء أمامنا.
إضافة إلى ورود " الضياء " في القرآن الكريم بصيغة الفعل، وهو ما ذكرناه سابقاً، فلقد ورد أيضاً بصيغة المصدر في عدة مواضع منها قول الله تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)[سورة يونس:5].
كما أوضح الله سبحانه صفات ضياء الشمس في آية قرآنية أخرى فقال جل وعلا (وجعل الشمس سراجاً ) وكذلك في الآية 13 من سورة النبأ ( وجعلنا سراجاً وهاجاً )، أي أن الشمس (وهي من النجوم ) سراج مضيء متقد بلهب.
إن القرآن العظيم يصف الأشياء حسب طبائعها وصفاً علمياً دقيقاً، يؤكد لأصحاب العقول السليمة، والنفوس الصحيحة، في كل زمان وفي كل مكان، أنه كتاب صادر من لدن حكيم عليم خبير، خالق مدبر، وهي أوصاف وحقائق ومعان علمية صحيحة لم تظهر إلا بعد مرور قرون عديدة من تاريخ نزول القرآن. وقد أوضح من الآيات التي ذكرناها أن الله سبحانه ساق الضياء (فعلاً ومصدراً ) للتعبير عن الضوء المنبعث من الأجسام والأجرام مثل الشمس، لكنه أورد النور(وتقابله الظلمة) للتعبير عن الضوء المنعكس عن الأجسام المعتمة، مثل القمر ..
(جعل القمر فيهن نوراً ) كما أن الله سبحانه قال في سورة القصص: (
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ)[سورة القصص ]، وهو إشارة إلى ضوء الشمس بالنهار، ولقد سمى الله تعالى رسالته التي أنزلها على كليمه موسى عليه السلام وهي التوراة ضياء، حين قال : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) [سورة البقرة: 87].
وذلك أن هذه الرسالة تبين سبيل الحق من سبل الباطل، وتوضح الخير من الشر، مثلما يكشف الضوء طريق السلامة من طريق الندامة، وهو في هذه الآية ضياء معنوي على شاكلة الضياء الحسي.
والضياء أو " الضوء " هاهنا يصدر من مصدره مباشرة، وذلك لأن الله كلم موسى تكليماً بدون واسطة (ملك الوحي)، كما يحدث عادة مع غيره من الرسل، وبالتالي فالتوراة ضياء مباشر، وليست نوراً، أي ليست ضوءاً منعكساً على ملك الوحي واستقبله موسى . وأما قول الله تعالى : (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَوَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)[سورة المائدة:44] .
فيوضح خصائص التوراة بعد قيام موسى بتبليغها للناس، أما قبل التبليغ فهي ضياء مباشر للناس.
يقول أهل اللغة : الضياء أخص من النور وكان العرب قديماً لا يفرقون بين الضياء والنور فكلاهما عندهم بمعنى الضوء المنتشر من النيرات (أي الأجسام المنيرة ) .
ولكن المقابلة بين الآيات القرآنية التي وردت بها النجوم بالآيات التي وردت بها الكواكب توضح بجلاء أن الضياء من خواص النجوم، والنور من خواص الكواكب والأقمار، ولقد أشار القرآن إلى هذا الفرق في مواضع عديدة.
وحين وصف الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم لم يصفه بالضياء أو(الضوء والإضاءة)، بل وصفه بالنور أو (الإنارة)، فقال في محكم التنزيل : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا {45} وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا )[سورة :الأحزاب].
فهو صلى الله عليه وسلم سراج لكنه لا يضيء بذاته، بل ينزل عليه الوحي(كسقوط الضوء الحسي) فينعكس على ملك الوحي جبريل عليه السلام .. وهكذا يتأكد بهذا الوصف العلمي الدقيق أن القرآن لم يصدر عن رسول الله، وإنما صدر عن الله ذاته، ثم نزل ووقع على قلب الرسول فانعكس ليثير الدنيا للعالمين .
يرد " النور " في القرآن العظيم مفرداً دائماً، أما " الظلام " فيأتي في القرآن العظيم دائماً بصيغة الجمع، وفي هذا حكمة بالغة. وأما الأمثلة التي توضح هذا فعديدة، نذكر منها قول الله تعالى : (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[سورة البقرة: 257].
(الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ )[سورة إبراهيم: 1].
(هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )[سورة الحديد:9].
(قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا {10} رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)[سورة الطلاق: 10،11].
إضافة إلى الآيات 16ـ 17 البقرة 19ـ 22 فاطر 15/المائدة 174/ الأنبياء، 4/النور، 32/التوبة، /الزمر.
وقد تكون الحكمة من إفراد " النور " وجمع " الظلمات " هي أن النور مستمد من نور الله، الذي هو صفة من صفاته سبحانه وتعالى، فاقتضت الحكمة أن يفرده كما تفرد سبحانه بجميع صفاته.
والنور في حقيقته شفاف، وبالتالي فمن يحصل على القليل منه، يهديه إلى الكثير، أما الظلام فداءٌ ووباءٌ، وقليلة يولد كثيرة، والظلمات عديدة، ظلام الجهل، ظلام الضلال، ظلام الكفر، ظلام التيه، ظلام الحيرة، ظلام العناد، ظلام المكابرة .. الخ..
ولكن النور واحد المصدر، ويكفي قليله لإنارة الطريق لمن شرح الله صدره للإيمان.
لا يمكن أن يخلو حديث عن الضوء والنور من آية قرآنية أسماها بعض العلماء (آية المشكاة)، وفيها يقول الله تعالى : (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )[النور: 35].
إن هذه آية شهيرة تحدث فيها بعض العلماء، قديماً وحديثاً، بما يكفي لتأليف كتب، ولكننا أبينا أن نغفل هذه الآية الكريمة، أو نحرم القارئ من جرعة ـ ولو قليلة من نتائج دراسات العلماء لها، وخصوصاً وأننا لازلنا في رحاب " الضوء والنور" .
شرح صاحب (غرائب القرآن) فقال : قرنت " نور " عند البعض ـ بتشديد الواو " نور " فيكون المعنى : (منور السموات والأرض)، ولكن ما المراد بالنور ؟

الأكثرون على أنه الهداية والحق، كما قال في آخر الآية : (يهدي الله لنوره من يشاء )، يشبه بالنور في ظهوره وبيانه، وإضافة إلى السموات والأرض للدلالة على سعة إشرقه وفشو إضاءته حتى تضئ له السماوات والأرض.
وقيل : نور (بتشديد الواو) السماوات بالملائكة وبالأجرام النيرة، والأرض بها وبالأنبياء والعلماء.
وقيل : هو تدبيره إياهما بحكمة كاملة، كما يوصف الرئيس المدبر بأنه نور البلد، إذا كان يدبر أمورهم تدبيراً حسناً، فهو لهم كالنور الذي يهتدي به في المضايق والمزالق، وهذا القول اختيار الأصم والزجاج.
ويقول حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في رسالته (مشكاة الأنوار) : إن الله تعالى نور في الحقيقة، بل لا نور إلا هو.
وبيانه أن للإنسان (بصراً) يدرك به النور المحسوس الواقع من الأجرام النيرة على ظواهر الأجسام الكثيفة، و(بصيرة) هي القوة العاقلة، ولاشك أن البصيرة أقوى من البصر .. وبعد أن عدد الغزالي أسباب قوة البصيرة وضعف البصر، قال : المشكاة والزجاجة والمصباح والشجرة والزيت عبارة عن المراتب الخمس والمصباح والشجرة والزيت عبارة عن المراتب الخمس الإنسانية، فأولهما : القوة الحسية التي هي أصل الروح الحيواني، وتوجد للصبي، بل لكل حيوان، وأوفق مثال لها من عالم الأجسام : المشكاة .. وثانيهما : القوة الخيالية التي تحفظ ما تورده الحواس (مخزوناً عندها) لتعرضه على القوة العقلية التي فوقها عند الحاجة إليه،وأنت لا تجد شيئاً في عالم الأجسام يشبه الخيال سوى الزجاجة، فإنها بحيث لا يحجب نور المصباح... وثالثهما: القوة العقلية القوية، أي " القادرة " على إدراك الماهيات الكلية والمعارف اليقينية، ولا يخفى وجه تمثيله بالمصباح، كما مر في تسمية النبي سراجاً. ورابعهاً : القوة الفكرية القوية، أي " القادرة " على التقسيمات والاستنتاجات، فمثالها مثل الشجرة المثمرة.. وخامساً: القوة القدسية النبوية التي يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسه نار، نور على نور . وقال الشيخ الرئيس ابن سينا بما يشبه كلام حجة الإسلام الغزالي في هذا الشأن .
وإذا كان لفظ (النور) قد ورد في خمسين آية تقريباً ـ بالقرآن العظيم، فإنه في معظم هذه المواضيع يشير إلى النور المعنوي، وإن كان يشير في بعض المواضيع إلى النور الحسي أو النور الحسي والمعنوي. وفي آية سورة النور يمثل الله سبحانه نوره بالضوء المنبعث من زجاجة داخلها مصدر إضاءة هو مصباح، أما الزجاجة فهي جسم غير مضيء بذاته، لكنه يحيط بمصدر اللهب والضوء وهو المصباح، لكنه أوضح أن هذه الزجاجة ترى متلألئة كالكوكب الدري، وذلك بعد أن يسقط الضوء عليها ويرتد (ينعكس) عنها، وتعبر الآية عن هذا بـ " نور على نور" أي : أ،ه ليس بنور واحد، بل بأنوار بعضها فوق بعض، وهو اللمعان والتلألؤ الذي وصف الله به السطح الداخلي لهذه الزجاجة، وهو ما يرى أيضاً في الأحجار الكريمة الشفافة الرائقة ذات الكثافة العالية، كالماس، التي بسقوط شعاع الضوء علي إحداها، يتكرر انعكاسه مرات عديدة متوالية في داخلها فيتراكم في نقط عديدة بعضه فوق البعض، فيرى الشخص المنظر الإجمالي وكأنه لمعان ناشئ من مصادر ضوئية عديدة. وهكذا كان سطح الزجاجة شديد اللمعان من كثرة مرات انعكاس الضوء بداخلها، في نقاط عديدة، قبل انبعاثه إلى خارجها، وبالتالي تبدو الزجاجة وكأنها كوكب دري من فرط نورها.
ونرى من المناسب أن نأتي في هذا الموضوع بآية قرآنية أخرى يقول فيها الله سبحانه وتعالى :(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ {6} وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ)[سورة الصافات:6،7].
ولما كانت الزينة صفة غير لازمة للأجسام والأجرام، ومحلها أسطح هذه الأجسام لا بواطنها، فإن هذه الآية تدل على دلالة أكيدة على ظلمة الكواكب والأقمار في حد ذاتها، وأن ما نراه من نورها إنما هو ضوء سقط على أسطحها من نجوم أو أجرام مضيئة بذواتها، وهكذا تكون النيرات أقسام، منها ما ضياؤه ذاتياً، كالنجوم، ومنها ما ضياؤه مكتسباً، بارتداد ضوء النجوم الساقط على سطحه، وهو ما لم يكن معروفاً للإنسان في كافة بقاع العالم، ليس وقت تنزل القرآن فقط، بل إلى عهد قريب.. فسبحان من هذا كلامه، سبحان منزل القرآن العظيم ليكون خاتماً لكتبه إلى البشر أجمين .
وختاماً، فالإشراق المذكور في قول الله تعالى : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[سورة الزمر:68].
له معنيان أحدهما ظاهري " مباشر" وهو التلألؤ واللمعان، والآخر مجازي، وهو البركة، ومن أخذوا بالمعنى المجازي ـ وهو الشائع قديماً ـ لم يعلموا بأن الأرض كوكب ينير بإنعكاس الأشعة الساقطة على سطحه، ولهم عذرهم، لأن هذه الحقيقة العلمية لم يتوصل الإنسان إليها إلا بعدما استطاع الخروج من أطر الأرض جميعاً وتمكن من السباحة في الفضاء الخارجي، فرأى رواد الفضاء الأرض منيرة، كما نرى نحن سكان الأرض القمر منيراً، كما أن الله سبحانه نسب النور إلى ذاته العلية بلفظة " ربها " لنعلم نحن البشر أنه هو المتولي والراعي لجميع المخلوقات، القيوم على شئون الكائنات، حيها وجامدها، ما نعلم منها وما لم نعلم . .
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 79 ( الأعضاء 0 والزوار 79)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 306.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 301.01 كيلو بايت... تم توفير 5.85 كيلو بايت...بمعدل (1.91%)]