حقيقة النمص وحكمه - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أبو بكر الصديق رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 22 )           »          لماذا يصمت العالم عن المجاعة في غزة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أعمال تعدل أجر الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          البلاء في حقك: نعمةٌ أو نقمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          شرح النووي لحديث: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شرح النووي لحديث: ارم فداك أبي وأمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          شرح النووي لحديث: ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أنسيت بأنك في غزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-11-2020, 03:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي حقيقة النمص وحكمه

حقيقة النمص وحكمه
حازم جمعة



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد:

فهذا بحث أقدمه للقرأة محبي فقه السنة عن النمص وحقيقته وحكمه، مستعيناً بالله، راجياً ثوابه.

أخرج البخاري في صحيحه [1]عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: «لَعَنَ عَبْدُ اللَّهِ، الوَاشِمَاتِ وَالمُتَنَمِّصَاتِ، وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» فَقَالَتْ أُمُّ يَعْقُوبَ: مَا هَذَا؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «وَمَا لِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ، وَفِي كِتَابِ اللَّهِ؟» قَالَتْ: وَاللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُهُ، قَالَ: " وَاللَّهِ لَئِنْ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ [الحشر: 7]".



(قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ، قَالَتْ: فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قَالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعْتُهَا[2] ولعل السبب في ذهابها لابن مسعود وسؤالها إياه أنها كانت تحلق جبينها كما يظهر من رواية الشاشي في مسنده[3] من طريق عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْعُرْيَانِ بْنِ الْهَيْثَمِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا نُشَارِكُ الْمَرْأَةَ فِي السُّورَةِ مِنَ الْقُرْآنِ نَتَعَلَّمُهَا، فَانْطَلَقْتُ مَعَ عَجُوزٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فِي بَيْتِهِ، فَرَأَى جَبِينَهَا يَبْرُقُ، فَقَالَ: أَتَحْلِقِينَهُ؟ فَغَضِبَتْ، ثُمَّ قَالَتِ: الَّتِي تَحْلِقُ جَبِينَهَا امْرَأَتُكَ قَالَ: فَادْخُلِي عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَتْ تَفْعَلُهُ فَهِيَ مِنِّي بَرِيئَةٌ، فَانْطَلَقَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ فَقَالَتْ: لَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهَا تَفْعَلُهُ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَلْعَنُ الْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ وَالْمُتَوَشِّمَاتِ اللَّائِي يُغَيِّرْنَ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى» قبيصة بن جابر كما في التهذيب للحافظ ابن حجر قال ابن سعد كان ثقة وله أحاديث وذكره بن حبان في الثقات وقال يعقوب بن شيبة يعد في الطبقة الأولى من فقهاء أهل الكوفة بعد الصحابة وهو أخو معاوية من الرضاعة وقال العجلي كان يعد من الفصحاء وقال بن خراش جليل من نبلاء التابعين أحاديثه عن بن مسعود صحاح. والعريان بن الهيثم مقبول من الثالثة كما قال الحافظ في ترجمته من التقريب أي إن توبع وإلا فهو لين وقال في التهذيب قال بن خراش جليل من التابعين وذكره بن حبان في الثقات له عند النسائي حديث واحد في المتنمصات قلت إسناده حسن وأصل القصة في الصحيح كما مر وإنما زادت رواية الشاشي أن أم يعقوب كانت تحلق جبينها وأن ابن مسعود أنكر عليها وعد الحلق كالنمص لعلة التغيير.



وترجم البيهقي في سننه الكبرى[4] على حديث عبدالله فقال بَابُ مَا لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَيَّنَ بِهِ ثم ذكر تفسير أبي داود والفراء للنمص، قال أبوداود: وَالنَّامِصَةُ الَّتِي تَنْقُشُ الْحَاجِبَ حَتَّى تُرِقَّهُ، وَالْمُتَنَمِّصَةُ الْمَعْمُولُ بِهَا " قَالَ الْفَرَّاءُ: " النَّامِصَةُ الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعْرَ مِنَ الْوَجْهِ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمِنْقَاشِ الْمِنْمَاصِ لِأَنَّهُ يُنْتَفُ بِهِ "[5]



فتفسير الفراء أعم من تفسير أبي داود والنمص زوال الشعر وقد يكون خلقة وقد يكون بفعل الفاعل قال الخليل بن أحمد في العين [6]: النَّمَصُ: رقّةُ الشَّعَر حتّى تَراهُ كالزَّغَبِ. ورجلٌ أَنمَصُ الرَّأس أَنَمْصُ الحاجبَيْنِ، وربَّما كانَ أَنْمَصَ الجَبين. وامرأةٌ نَمصاءُ، وهي تَتَنَمَّصُ: أي تأمر نامِصة فتَنْمِصُ شَعْرَ وَجْهها نَمْصاً، أي تأخُذُه عنها بخَيطٍ فَتَنتفُه. والنَّميصُ والمَنْمُوصُ من النَّبات: ما أَمْكَنَكَ جَذُّه. وما أمكَنَكَ من الشَّعرِ الانتِتاف فهو نَميصٌ.

وما ذهب إليه أبوداود من أن النمص ترقيق الحاجب قوي ففي غريب الحديث لإبراهيم الحربي[7] وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: رَجُلٌ أَنْمَصُ: الَّذِي لَيْسَ لَهُ حَاجِبَانِ وَامْرَأَةٌ نَمْصَاءُ، وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

[البحر الطويل]

وَيَأْكُلْنَ مِنْ قَوٍّ لَعَاعًا وَرِبَّةٍ ♦♦♦ تَجَبَّرَ بَعْدَ الْأَكْلِ فَهْوَ نَمِيصُ



قَوْلُهُ: «لَعَاعًا» نَبْتٌ رَطْبٌ، «وَرِبَّةٍ»: نَبْتٌ «تَجَبَّرَ»: طَالَ وَرَجُلٌ أَمْرَطُ الْحَاجِبَيْنِ، وَامْرَأَةٌ مَرْطَاءُ الْحَاجِبَيْنِ: لَا يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْحَاجِبَيْنِ.

وفي تهذيب اللغة للأزهري[8] "ورجلٌ ثَطَّ الحاجِبَين، وَامْرَأَة ثَطّة الحاجِبين؛ لَا يُستغنَى فِيهِ عَن ذِكر الحاجبين، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَطرَط الحاجِبَين، وَرجل أَمرَط وَامْرَأَة مَرْطاء الحاجبين، لَا يُستغنَى عَن ذِكر الحاجبين.

قَالَ: وَرجل أَنْمَص: وَهُوَ الّذي لَيْسَ لَهُ حاجبان، وَامْرَأَة نَمْصاء، يُستغنَى فِي الأنْمص والنَّمصاء عَن ذِكر الحاجبين.



وفي لسان العرب[9]: وتَنَمَّصت المرأَة: أَخذت شَعْرَ جَبِينِها بِخَيْطٍ لِتَنْتِفَهُ. ونَمَّصَت أَيضاً: شَدَّدَ لِلتَّكْثِيرِ؛ قَالَ الرَّاجِزِ:

يَا لَيْتَها قَدْ لَبِسَتْ وَصْواصا

ونمَّصَتْ حاجِبَها تَنماصا

حَتَّى يَجِيئوا عُصَباً حِراصا



وهو في المرأة تتزين للخطاب بنتف حاجبها ترققه[10]

إذن عندنا ثلاث مفردات امرأة ثطة ومرطاء ونمصاء أما الأوليان ففيهما عموم يشمل شعر الحاجبين وغيره فإذا أردنا التعيين قيدنا بذكر الحاجبين فيقال ثطة الحاجبين ومرطاء الحاجبين وإذا أردنا التعيين بغير قيد ذكر الحاجبين عبرنا بالنمص لأنه يطلق على الحاجبين أصالة ومنه يظهر السر من وراء تعبير النبي صلى الله عليه وسلم بالنمص دون غيره ولابد من التنبيه على أن النمص نتف الشعر الرقيق بآلة كالمنقاش والخيط وبمعاونة النامصة في الغالب وإزالة ما دق من الشعر مما يستغنى عنه وليس بعد إزالته إلا تغيير الخلقة بالتعدي على أصول شعر الحاجب.



وهل النمص من الزينة؟ وهل يجوز بإذن الزوج؟

إذا كان النمص تغييرا لخلق الله على وجه محرم فإنه لا يكون زينة وإذا لعن الله النامصة والمتنمصة فإنه لا يجوز لأحد يؤمن بالله ورسوله ويعتقد صحة هذا الخبر أن يكون له إذن فيما نهى الله عنه وقد ترجم البخاري في صحيحه بَابُ لاَ تُطِيعُ المَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي مَعْصِيَةٍ وذكر حديث عائشة رضي الله عنها " أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ فِي شَعَرِهَا، فَقَالَ: «لاَ، إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ المُوصِلاَتُ»[11] وكذلك ترجم البيهقي في سننه [12] كترجمة البخاري وهو إمام في مذهب الشافعي.



وفي الأوسط لابن المنذر[13] قال - أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَنْبَأَ الشَّافِعِيُّ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ: " أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَةً لِي أَصَابَتْهَا الْحَصْبَةُ فَتَمَزَّقَ شَعْرُهَا أَفَأَصِلُ بِهِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ وَالْمَوْصُولَةُ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ أَجَابَ عَنْ هَذَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الشَّعْرَ طَاهِرٌ بِأَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ لَعْنِ الْوَاصِلَةِ وَالْمَوْصُولَةِ لَمْ يَخُصَّ شَعْرَ مَيِّتٍ دُونَ شَعْرِ حَيٍّ وَلَا شَعْرَ حَيٍّ دُونَ شَعْرِ مَيِّتٍ وَلَا شَعْرَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ دُونَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بَلْ أَجَابَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَوَابًا عَامًّا مُطْلَقًا لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ، فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» فَذَلِكَ عَامٌّ مُطْلَقٌ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الْخَبَرُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تُوصِلَ شَعْرَهَا بِشَعْرِ شَيْءٍ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَا مِمَّا لَا يُؤْكَلُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ إِلَّا بِخَبَرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِنَجَاسَةٍ فِي الشَّعْرِ الْمَوْصُولِ، وَلَكِنَّهُ تَعْبُدٌ تَعَبَّدُ بِهِ النِّسَاءُ، وَذَلِكَ كَلَعْنَةِ النَّامِصَةِ، وَالْمُتَنَمِّصَةِ، وَالْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ، وَالْمُتَفَلِّجَةِ لِلْحُسْنِ.



وذكر الوصل والنمص والوشم ثم قال: قَالَ أَبُو بَكْرٍ[14]: فَاللَّازِمُ لِمَنْ يَقُولُ بِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ، وَكُلُّ امْرَأَةٍ وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِشُعُورِ بَنِي آدَمَ أَوْ شُعُورِ الْبَهَائِمِ، وَهِيَ عَالِمَةٌ بِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَعْصِيَةَ تَلْحَقُهَا إِلَّا أَنْ تَدُلَّ حُجَّةٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ عَلَى إِبَاحَةِ بَعْضِ ذَلِكَ فَيَسْتَثْنِي مِنْ ذَلِكَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَجَّةَ، وَلَا نَعْلَم خَبَرًا يُوجِبَ أَنْ يُسْتَثْنَى بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا جَاءَ بِهِ النَّهْيُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ النُّعْمَانُ يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي بَيْعِ شَعْرِ بَنِي آدَمَ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ يَعْقُوبُ: قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ شَعْرَهَا بِالصُّوفِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.



إذن ما هي الحجة التي أوجبت أن يكون النمص جائزا في بعض الصور عند من أجاز ذلك؟ ولماذا تأولوا النص ولم يجروه على ظاهره كما مر في كلام ابن المنذر؟

1- قال ابن عابدين من الحنفية في رد المحتار[15]: النَّمْصُ: نَتْفُ الشَّعْرِ وَمِنْهُ الْمِنْمَاصُ الْمِنْقَاشُ اهـ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا فَعَلَتْهُ لِتَتَزَيَّنَ لِلْأَجَانِبِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ فِي وَجْهِهَا شَعْرٌ يَنْفِرُ زَوْجُهَا عَنْهَا بِسَبَبِهِ، فَفِي تَحْرِيمِ إزَالَتِهِ بُعْدٌ، لِأَنَّ الزِّينَةَ لِلنِّسَاءِ مَطْلُوبَةٌ لِلتَّحْسِينِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ لِمَا فِي نَتْفِهِ بِالْمِنْمَاصِ مِنْ الْإِيذَاءِ. وَفِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ الْوَجْهِ حَرَامٌ إلَّا إذَا نَبَتَ لِلْمَرْأَةِ لِحْيَةٌ أَوْ شَوَارِبُ فَلَا تَحْرُمُ إزَالَتُهُ بَلْ تُسْتَحَبُّ اهـ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُضْمَرَاتِ: وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ الْحَاجِبَيْنِ وَشَعْرِ وَجْهِهِ مَا لَمْ يُشْبِهْ الْمُخَنَّثَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمُجْتَبَى تَأَمَّلْ.



المناقشة: قد يقول قائل:حمل الحديث على ما لو تزينت به للأجانب معارض بأنها ممنوعة من التزين للأجانب على كل حال ولو بزينة مباحة كالكحل والخضاب فلماذا خص النمص باللعن؟ وما هو ضابط النفور؟ لأنه جوز أن يحمل على ما لا ضرورة في إزالته لأنه إيذاء -وهذا الحمل يقويه معنى النمص لغة لأنه نتف ما دق من الشعر بآلة أما ما طال من الشعر فلا ينمص ولكنه ينتف باليد أو يحلق - فماذا لو رأى الزوج أن تزيل المرأة مالا ضرورة لإزالته ورأى وجوده منفرا؟ وكم عدد النسوة اللاتي قد يبتلين بلحية وشارب حتى نجعل من حالتهن معارضا لنهيه صلى الله عليه وسلم؟



أيكون للنادر حكماً؟ وهل يجعل الاستثناء في قوة الأصل؟ بل يبقى الحكم عاماً ويكون للنادر حكمه فللمرأة أن تصبر على ذلك أخذاً بظاهر النص ولها أن تزيله للضرر الواقع عليها بسبب تعيير الناس لها ومخالفتها لبنات جنسها لكن بغير النتف إن أمكن فإن تعذر ونتفته على معنى عدم تغيير الخلقة لأن المرأة لا لحية لها وإرادة عدم التشبه بالرجال فإن الأمر واسع على ما ذهب إليه العلماء من حل هذا الإشكال ولو اعتبرنا معنى النمص بأنه نتف ما دق من شعر الحاجب خاصة كما جاء في كتب اللغة فإن الإشكال يرتفع لأن إزالة الشارب واللحية على هذا المعنى ليس نمصا والله أعلم.



2- وفي الذخيرة للقرافي تَنْبِيهٌ لَمْ أَرَ لِلْفُقَهَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي تَعْلِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّهُ تَدْلِيسٌ عَلَى الْأَزْوَاجِ لِيَكْثُرَ الصَّدَاقُ وَيُشْكِلُ ذَلِكَ إِذَا كَانُوا عَالِمِينَ بِهِ وَبِالْوَشْمِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَدْلِيسٌ وَمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ تَغْيِيرِ خَلْقِ اللَّهِ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ فَإِنَّ التَّغْيِيرَ لِلْجَمَالِ غَيْرُ مُنْكَرٍ فِي الشَّرْعِ كَالْخِتَانِ وَقَصِّ الظُّفْرِ وَالشَّعْرِ وَصَبْغِ الْحِنَّاءِ وَصَبْغِ الشَّعْرِ وَغير ذَلِك.



المناقشة: ولقائل أن يقول ليس في الأمر إشكال فالتغيير ليس على عمومه من حيث الإباحة أو التحريم ولكن ما ورد فيه نص بالجواز فهو مراد الله من العبد كصبغ الشعر الأبيض بغير السواد مخالفة لأهل الكتاب الذين لا يصبغون وإن ورد النص بالنهي عن التغيير فهذا مراد الله وليس فيه مصلحة شرعية ولا دنيوية والله أعلم بما يصلح عباده وحقيقة الإشكال هي محاولة التوسط بين حاجة بعض النساء وبين النص الوارد بالنهي فرعاية ظاهر النص إحراج لبعض النساء ومراعاة حاجة بعض النساء تقتضي تأويل النص لكن هناك طريق ثالث يعتمد على إعادة النظر في هذه المسألة من حيث الوقوف على حقيقة النمص ما هو ومناقشة ما ورد على النص ولا يهولن أحد بأن الأول ما ترك للآخر شيئا فتلك مصادرة على البحث.



3- وفي الفواكه الدواني: وَالتَّنْمِيصُ هُوَ نَتْفُ شَعْرِ الْحَاجِبِ حَتَّى يَصِيرَ دَقِيقًا حَسَنًا، وَلَكِنْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - جَوَازُ إزَالَةِ الشَّعْرِ مِنْ الْحَاجِبِ وَالْوَجْهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ حَلْقِ جَمِيعِ شَعْرِ الْمَرْأَة مَا عَدَا شَعْرَ رَأْسِهَا، وَعَلَيْهِ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَنْهِيَّةِ عَنْ اسْتِعْمَالِ مَا هُوَ زِينَةٌ لَهَا كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْمَفْقُودِ زَوْجُهَا.



قَالَ خَلِيلٌ: وَتَرَكَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَقَطْ وَإِنْ صَغُرَتْ وَلَوْ كِتَابِيَّةً وَمَفْقُودًا زَوْجُهَا التَّزَيُّنَ، وَلَا مَانِعَ مِنْ تَأْوِيلِ الْمُحْتَمَلِ عِنْدَ وُجُوبِ الْعَارِضِ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ، لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ كُلُّ تَغْيِيرٍ مَنْهِيًّا عَنْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ خِصَالَ الْفِطْرَةِ كَالْخِتَانِ وَقَصِّ الْأَظْفَارِ وَالشَّعْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ خِصَاءِ مُبَاحِ الْأَكْلِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ جَائِزَةٌ.



المناقشة: وهنا حملوا النهي على المرأة المنهية عن استعمال الزينة كالمعتدة وهذا القيد ما ورد في نص يحتج به والمرأة منهية عن الزينة في هذه الحالة ولو بالمباح من الزينة بل ورد أنها لا تتداوى به فعند البخاري[16] من حديث أم سلمة أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا، فَخَشُوا عَلَى عَيْنَيْهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الكُحْلِ، فَقَالَ: «لاَ تَكَحَّلْ، قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ أَحْلاَسِهَا أَوْ شَرِّ بَيْتِهَا، فَإِذَا كَانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعَرَةٍ، فَلاَ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ» فكيف بما ورد فيه اللعن دون قيد منصوص عليه.



وأما قوله وَلَا مَانِعَ مِنْ تَأْوِيلِ الْمُحْتَمَلِ عِنْدَ وُجُوبِ الْعَارِضِ فليس على إطلاقه لأن ذلك متوقف على صلاحية العارض وقوته والتسليم بالاحتمال في النص فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يقول قولا محتملا هو مأمور بالبيان وإنما الاحتمال يقع للناظر في النص بسبب عدم وقوفه على المراد أو قيام المعارض في نفسه لأدلة أو اعتبارات أخرى وقد يميل إلى الجمع بين الأدلة المتعارضة في الظاهر ما أمكن أو الترجيح عند تعذر الجمع أو الحكم بالنسخ إن قام الدليل على ذلك وأما قوله: وَلَا يُقَالُ فِيهِ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ، لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ كُلُّ تَغْيِيرٍ مَنْهِيًّا عَنْهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ خِصَالَ الْفِطْرَةِ كَالْخِتَانِ...فعجيب لأن القائل بأن النمص تغيير هو رسول الله صلى الله عليه وسلم والاعتراض بأنه ليس كل تغيير منهياً عنه صحيح وكذلك ليس كل تغيير مباحاً! وهذا لا يصلح دليلاً كما مر بل هو دليل يستدل به على أن خصال الفطرة ليست تغييرا بل عودة للأصل وامتثال للأمر وأين الختان وقص الأظفار من النمص والوشم وكيف يسوى بين مأمور به ومنهي عنه وبين الفطرة والتعدي عليها؟



ثم إنهم قد استدلوا بما ورد عن عائشة رضي الله عنها من جواز إزَالَةِ الشَّعْرِ مِنْ الْحَاجِبِ وَالْوَجْهِ وهذا لو صح لم يكن معارضا لنهيه صلى الله عليه وسلم فإنما نحن متعبدون بقوله عليه الصلاة والسلام وما نسب إليها من القول بالجواز معارض بما ورد عن عبدالله بن مسعود من النهي،أما حديثها هذا فقد أخرجه عبد الرزاق في مصنفه [17]عَنْ مَعْمَرٍ، وَالثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ امْرَأَةِ ابْنِ أَبِي (الصَّقْرِ[18])، أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَسَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ؟ فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ فِي وَجْهِي شَعَرَاتٌ أَفَأَنْتِفُهُنَّ أَتَزَيَّنُ بِذَلِكَ لِزَوْجِي؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «أَمِيطِي عَنْكِ الْأَذَى، وَتَصَنَّعِي لِزَوْجِكِ كَمَا تَصَنَّعِينَ لِلزِّيَارَةِ، وَإِذَا أَمَرَكِ فَلْتُطِيعِيهِ، وَإِذَا أَقْسَمَ عَلَيْكِ فَأَبِرِّيهِ، وَلَا تَأْذَنِي فِي بَيْتِهِ لِمَنْ يَكْرَهُ» وأخرجه علي بن الجعد في مسنده حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: دَخَلَتِ امْرَأَتِي عَلَى عَائِشَةَ، وَأُمُّ وَلَدٍ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: إِنِّي بِعْتُ مِنْ زَيْدٍ عَبْدًا بِثَمَانِ مِائَةٍ نَسِيئَةً، وَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ بِسِتِّمِائَةٍ نَقْدًا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «أَبْلِغِي زَيْدًا أَنْ قَدْ أَبْطَلْتَ جِهَادَكَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنْ تَتُوبَ، بِئْسَ مَا شَرَيْتَ، وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْتَ». وَسَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنِّي وَجَدْتُ شَاةً، وَقَدْ عَرَّفْتُهَا، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا. فَقَالَتْ لَهَا: «عَرِّفِي، وَاحْلِبِي، وَاعْلِفِي». قَالَ: وَسَأَلَتْهَا امْرَأَتِي عَنِ الْمَرْأَةِ تَحُفُّ جَبِينَهَا فَقَالَتْ: «أَمِيطِي عَنْكِ الْأَذَى مَا اسْتَطَعْتِ».



امرأة أبي السفر هي أم محبة كما ذهب إليه البيهقي في السنن الكبرى [19]وكذا السخاوي في الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية [20]

وأم محبة هي أم ولد زيد بن أرقم كما في تفسير ابن أبي حاتم [21]

لكن جعلهما ابن سعد في الطبقات[22] امرأتين وترجم لهما ترجمتين متعاقبتين فقال: امْرَأَةُ أبي السَّفَرِ.



روت عن عائشة أم المؤمنين. رضى الله عنها.

أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ مُجَالِدٍ عَنْ أَبِي السَّفَرِ عَنِ امْرَأَتِهِ قالت: سألت عائشة.

رضي الله عَنْهَا. عَنِ الْمُشْطَةِ فِي الرَّأْسِ لِلْمَرْأَةِ يَكُونُ فِيهَا الْخَمْرُ. فَنَهَتْنِي أَشَدَّ النَّهْيِ.

أُمُّ مُحِبَّةَ.



سألت ابن عباس وسمعت منه وروى عنها أبو إسحاق السبيعي.

أما امرأة أبي إسحاق السبيعي فقد ترجم لها ابن سعد في الطبقات [23]فقال: الْعَالِيَةُ بِنْتُ أَيْفَعَ

بْنِ شَرَاحِيلَ امرأة أبي إسحاق السبيعي. دخلت على عائشة وسألتها وسمعت منها.



أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ. حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أُمِّهِ الْعَالِيَةِ بِنْتِ أَيْفَعَ بْنِ شَرَاحِيلَ أَنَّهَا حَجَّتْ مَعَ أُمِّ محبة فدخلتا على عائشة. رضي الله عَنْهَا. أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ.

فَسَلَّمَتَا عَلَيْهَا وَسَأَلَتَاهَا وَسَمِعَتَا مِنْهَا. قَالَتْ: وَرَأَيْتُ عَلَى عَائِشَةَ دِرْعًا مُوَرَّدًا وَخِمَارًا جَيْشَانِيًّا. فَلَمَّا أَرَدْنَ الْخُرُوجَ قَالَتْ لَهُنَّ: حَرَامٌ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ أَنْ تُصْغِيَ لِزَوْجِهَا.



قلت: إن لم يكن ثمة تصحيف أو سقط في قولها "حَرَامٌ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ أَنْ تُصْغِيَ لِزَوْجِهَا".

فإنه قد يحمل على سؤال أم محبة لعائشة حول المعاملة التي كانت بينها وبين زيد بن أرقم وعدتها عائشة من الربا المحرم.



وقد أورده الدارقطني في سننه[24] دون ذكر السؤال عن الحف وقال عقبه: أُمُّ مَحَبَّةَ وَالْعَالِيَةُ مَجْهُولَتَانِ لَا يُحْتَجُّ بِهِمَا وكذا أورده البيهقي في سننه الصغير[25] وعلق عليه بقوله: وَفِي ثُبُوتِ الْخَبَرِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ زَيْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْوَعِيدُ الْمَذْكُورُ فِي الْخَبَرِ بِمَا يَرَاهُ جَائِزًا، وَامْرَأَةُ أَبِي إِسْحَاقَ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهَا، وَقَدْ أَشَارَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ وَتَأَوُّلِهِ وما حكاه البيهقي عن الشافعي قد أورده في معرفة السنن والآثار[26]



قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقِيلَ لَهُ: أَيَثْبُتُ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ؟ فَقَالَ: أَبُو إِسْحَاقَ رَوَاهُ عَنِ امْرَأَتِهِ. قِيلَ: فَتُعْرَفُ امْرَأَتُهُ بِشَيْءٍ يَثْبُتُ بِهِ حَدِيثُهَا؟ فَمَا عَلِمْتُهُ قَالَ شَيْئًا، فَقُلْتُ لَهُ:تردّ حَدِيثَ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ مُهَاجِرَةٍ مَعْرُوفَةٍ بِالْفَضْلِ بِأَنْ تَقُولَ حَدِيثَ امْرَأَةٍ، وَتَحْتَجُّ بِحَدِيثِ امْرَأَةٍ لَيْسَتْ عِنْدَكَ مِنْهَا مَعْرِفَةٌ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّ زَوْجَهَا رَوَى عَنْهَا، قال ابن عبد البر في الاستذكار[27] وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ امْرَأَتِهِ قَالَتْ سَمِعْتُ امْرَأَةَ أَبِي السَّفَرِ تَقُولُ قُلْتُ لِعَائِشَةَ بِعْتُ مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَذَكَرَ الْخَبَرَ كُلَّهُ بِمَعْنَاهُ وَهُوَ خَبَرٌ لَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَلَا هُوَ مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَهُمْ وَامْرَأَةُ أَبِي إِسْحَاقَ وَامْرَأَةُ أَبِي السَّفَرِ وَأُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ كُلُّهُنَّ غَيْرُ مَعْرُوفَاتٍ بِحَمْلِ الْعِلْمِ وَفِي مِثْلِ هَؤُلَاءِ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبِي هِشَامٍ أَنَّهُ قَالَ كَانُوا يَكْرَهُونَ الرِّوَايَةَ عَنِ النِّسَاءِ إِلَّا عَنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَدِيثُ مُنْكَرُ اللَّفْظِ لَا أَصْلَ لَهُ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ لَا يُحْبِطُهَا الِاجْتِهَادُ وَإِنَّمَا يُحْبِطُهَا الِارْتِدَادُ وَمُحَالٌ أَنْ تُلْزِمَ عَائِشَةُ زَيْدًا التَّوْبَةَ بِرَأْيِهَا وَيُكَفِّرُهُ اجْتِهَادُهَا فهذا ما لا ينبغي أن يظن بها وَلَا يُقْبَلَ عَلَيْهَا.



وَقَدْ رَوَى أَبُو مُعَاوِيَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ اللَّهِ يَجْعَلَانِ لِلْمُطْلَقَةِ ثَلَاثًا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ وَكَانَ عُمَرُ إِذَا ذَكَرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ يَقُولُ مَا كُنَّا نُخَيِّرُ فِي دِينِنَا شَهَادَةَ امْرَأَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا كَانَ هَذَا فِي امْرَأَةٍ مَعْرُوفَةٍ بِالدِّينِ وَالْفَضْلِ فَكَيْفَ بِامْرَأَةٍ مَجْهُولَةٍ.



قال ابن حزم في المحلى[28] مضعفا للخبر بذكر علته " فَبَيَّنَ سُفْيَانُ الدَّفِينَةَ الَّتِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَأَنَّهَا لَمْ تَسْمَعْهُ امْرَأَةُ أَبِي إِسْحَاقَ مِنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّمَا رَوَتْهُ عَنْ امْرَأَةِ أَبِي السَّفَرِ، وَهِيَ الَّتِي بَاعَتْ مِنْ زَيْدٍ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِزَيْدٍ، وَهِيَ فِي الْجَهَالَةِ أَشَدُّ وَأَقْوَى مِنْ امْرَأَةِ أَبِي إِسْحَاقَ، فَصَارَتْ مَجْهُولَةً عَنْ أَشَدَّ مِنْهَا جَهَالَةً وَنَكِرَةً - فَبَطَلَ جُمْلَةً وَلِلَّهِ - تَعَالَى - الْحَمْدُ. قلت تعليله وجيه قوي، ففي رواية معمر والثوري الراوية عن عائشة هي امرأة أبي السفر، وأخذه عنها امرأة أبي إسحاق، والسائلة عن إزالة الشعر امرأة ثالثة غير امرأتي أبي إسحاق وأبي السفر، والسؤال عن شعرات في الوجه،ودون تحديد بموضع الجبين أو غيره، ويظهر من جواب عائشة أنهن أذى، وفي رواية شعبة عند ابن الجعد أن امرأة أبي إسحاق هي السائلة لعائشة، والسؤال عن حف الجبين،والإجابة واحدة أنه إماطة للأذى، وهذا اضطراب يبعد معه القول بتعدد القصة.



وقد ذهب أبو الفرج ابن الجوزي في التحقيق[29]و ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق[30] إلى الاعتداد بخبر العالية امرأة أبي إسحاق قال أبو الفرج: قالوا: العالية امرأة مجهولة، فلا يقبل خبرها.

قلنا: بل هي امرأة جليلة القدر معروفة، ذكرها محمَّد بن سعد في كتاب " الطبقات "، فقال: العالية بنت أيفع بن شراحيل، امرأة أبي إسحاق السَّبيعيِّ، سمعَتْ من عائشة......وقال ابن عبد الهادي هذا إسنادٌ جيدٌ، وإن كان الشافعيُّ رحمه الله قال: إنَّا لا نثبت مثله على عائشة وكذلك قول الدَّارَقُطْنِيُّ في العالية: مجهولةٌ لا يحتجُّ بها فيه نظرٌ، وقد خالفه غيره، ولولا أنَّ عند أم المؤمنين علمًا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تستريب فيه أنَّ هذا محرمٌ لم تستجز أن تقول مثل هذا الكلام بالاجتهاد، والله أعلم وفي إعلام الموقعين لابن القيم [31]



وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر: ثنا شعبة، عن أبي إسحاق السَّبيعي، عن امرأته "أنها دخلت على عائشة هي وأم ولد زيد بن أرقم وامرأة أخرى فقالت لها أم ولد زيد: إني بعْتُ من زيد غلامًا بثمان مئة نسيئةً، واشتريته بست مئة نقدًا، فقالت: "أبْلغِي زيدًا أنَّه قد أبطل جهاده مع رسول للَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إلا أن يتوب، بئسما شَرَيْتِ، وبئسما اشتريت" رواه الإمام أحمد وعمل به، وَهَذَا حَدِيثٌ فِيهِ شُعْبَةُ، وَإِذَا كَانَ شُعْبَةُ فِي حَدِيثٍ فَاشْدُدْ يَدَيْك بِهِ، فَمَنْ جَعَلَ شُعْبَة بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَقَدْ اسْتَوْثَقَ لِدِينِهِ.



وَأَيْضًا فَهَذِهِ امْرَأَةُ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ الْكِبَارِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِامْرَأَتِهِ وَبِعَدَالَتِهَا، فَلَمْ يَكُنْ لِيَرْوِيَ عَنْهَا سُنَّةً يُحَرِّمُ بِهَا عَلَى الْأُمَّةِ وَهِيَ عِنْدَهُ غَيْرُ ثِقَةٍ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهَا بِكَلِمَةٍ، بَلْ يُحَابِيهَا فِي دِينِ اللَّهِ، هَذَا لَا يُظَنُّ بِمَنْ هُوَ دُونَ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذِهِ امْرَأَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ قَدْ دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَسَمِعَتْ مِنْهَا وَرَوَتْ عَنْهَا، وَلَا يُعْرَفُ أَحَدٌ قَدَحَ فِيهَا بِكَلِمَةٍ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكَذِبَ وَالْفِسْقَ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا فِي التَّابِعِينَ بِحَيْثُ تُرَدُّ بِهِ رِوَايَتُهُمْ. وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ مَعْرُوفَةٌ، وَاسْمُهَا الْعَالِيَةُ، وَهِيَ جَدَّةُ إسْرَائِيلَ، كَمَا رَوَاهُ حَرْبٌ مِنْ حَدِيثِ إسْرَائِيلَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ جَدَّتِهِ الْعَالِيَةِ يَعْنِي جَدَّةَ إسْرَائِيلَ؛ فَإِنَّهُ إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، وَالْعَالِيَةُ امْرَأَةُ أَبِي إِسْحَاقَ وَجَدَّةُ يُونُسَ، وَقَدْ حَمَلَا عَنْهَا هَذِهِ السُّنَّةَ - وَإِسْرَائِيلُ أَعْلَمُ بِجَدَّتِهِ وَأَبُو إِسْحَاقَ أَعْلَمُ بِامْرَأَتِهِ. وَأَيْضًا فَلَمْ يُعْرَفْ أَحَدٌ قَطُّ مِنْ التَّابِعِينَ أَنْكَرَ عَلَى الْعَالِيَةِ هَذَا الْحَدِيثَ وَلَا قَدَحَ فِيهَا مِنْ أَجْلِهِ، وَيَسْتَحِيلُ فِي الْعَادَةِ أَنْ تَرْوِيَ حَدِيثًا بَاطِلًا وَيَشْتَهِرَ فِي الْأُمَّةِ وَلَا يُنْكِرُهُ عَلَيْهَا مُنْكِرٌ وَأَيْضًا فَلَوْ لَمْ يَأْتِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَثَرٌ لَكَانَ مَحْضُ الْقِيَاسِ وَمَصَالِحُ الْعِبَادِ وَحِكْمَةُ الشَّرِيعَةِ تَحْرِيمَهَا أَعْظَمَ مِنْ تَحْرِيمِ الرِّبَا؛ فَإِنَّهَا رِبَا مُسْتَحَلٌّ بِأَدْنَى الْحِيَلِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ قِصَّةً، وَعِنْدَ الْحُفَّاظِ إذَا كَانَ فِيهِ قِصَّةٌ دَلَّهُمْ عَلَى أَنَّهُ مَحْفُوظٌ.



وفي الجوهر النقي على سنن البيهقي لابن التركماني[32] قلت: العالية معروفة روى عنها زوجها وابنها وهما إمامان وذكرهما (لعله أراد ذكرها وحديثها ليعود على العالية (ابن حبان في الثقات من التابعين وذهب إلى حديثهما (يعني قصة زيد بن أرقم في بيع العينة) هذا الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه ومالك وابن حنبل والحسن بن صالح وروى عن الشعبى والحكم وحماد فمنعوا ذلك كذا في الاستذكار وقال في موضع آخر من الجوهر النقي[33] قال ابن أبى شيبة ثنا أبو الأحوص عن أبى إسحق عن العالية قالت كنت جالسة عند عائشة فأتتها أمرأة فقالت وجدت شاة فكيف تأمريني أن أصنع فقالت عرفى واحتلبي واعلفي............وأخرجه عبد الرزاق عن معمر والثوري عن أبى اسحاق بمعناه وهذا سند صحيح على شرط الجماعة خلا العالية وهى ثقة ذكرها ابن حبان في الثقات.



قلت: وقد روي معنى خبرها عن عائشة مرسلا في الأثار لأبي يوسف [34] قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا سَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ عَنِ الْحَفِّ؟ فَقَالَتْ: «أَمِيطِي الْأَذَى عَنْ وَجْهِكِ» والنخعي رأى عائشة وهو صبي كما قاله ابن معين في تاريخه[35] والعجلي في الثقات[36] لكن يغلب على الظن أن هذا المرسل عن العالية أو أبي إسحاق عنها لأن كلا من إبراهيم النخعي وأبي إسحاق كوفيان ومن طبقة واحدة وقد اشتركا في بعض الشيوخ ولأن العالية ليست معروفة بالتحديث عن غير أهل بيتها، فيترجح القول بأنه قد أخذه عن أبي إسحاق وإذا كان الأمر كذلك فإن خبر إبراهيم لا يقوى خبر العالية.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-11-2020, 03:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,940
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حقيقة النمص وحكمه

ويقوي خبر العالية عن عائشة في جواز إزالة شعر الجبين ما أخرجه الطبراني في الدعاء [37] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، ثنا الطِّيبُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ الْعَدَوِيَّةَ، تَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ: " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَشْرِ الْوُجُوهِ، وَعَنِ الْوَشْمِ، وَأَنْ يَجْعَلَ فِي الرَّأْسِ شَيْءٌ، وَلَا بَأْسَ بِالْجَبِينِ، وَنَهَى عَنِ النِّيَاحَةِ وَلَمْ يَلْعَنْهُنَّ، وَنَهَى أَنْ يَبْكِينَ قِيَامًا، وَأَنْ يَنْدُبْنَ، وَنَهَى أَنْ يُقْطَعَ الشَّعْرُ، وَنَهَى عَنْ صَكِّ الْوُجُوهِ وَخَمْشِهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْكِينَ قُعُودًا مَا لَمْ يَقُلْنَ هُجْرًا، وَنَهَى أَنْ تَتْبَعَ النِّسَاءُ الْجَنَائِزَ، وَقَالَ: «لَيْسَ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ» قال الحافظ في التقريب عمرة بنت قيس العدوية عن عائشة روى عنها جعفر ابن كيسان في صحيح ابن خزيمة، وقال ابن سعد في الطبقات عَمْرَةُ بِنْتُ قَيْسٍ الْعَدَوِيَّةُ.



من أهل البصرة. دخلت على عائشة وسألتها وسمعت منها وروت عنها.أما الطيب بن سلمان فقد ذكره ابن حبان في الثقات فقال: الطَّيِّبُ بْنُ سَلْمَانَ يَرْوِي عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اتِّبَاعِ النِّسَاءِ الْجَنَائِزَ وَقَالَ لَيْسَ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ ثَنَا السِّخْتِيَانِيُّ قَالَ ثَنَا شَيبَان بن فروخ قَالَ ثَنَا طَيِّبُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ عَائِشَة.

وروى له الطبراني في الأوسط[38] عن عمرة ووثقه قال لَمْ يَرْوِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ أَرْطَاةَ وَهِيَ الْعَدَوِيَّةُ، بَصْرِيَّةٌ، وَلَيْسَتْ بِعُمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَّا الطَّيِّبُ بْنُ سَلْمَانَ الْمُؤَدِّبُ، وَيُكَنَّى أَبَا حُذَيْفَةَ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ ".



لكن ضعفه الدارقطني في سؤالات البرقاني[39] حيث قال: وقلت له: الطيب بن سلمان عن عمرة، فقال شيخ ضعيف بصري.

أما شيبان بن فروخ فصدوق كما في الجرح والتعديل قال عبد الرحمن سمعت أبا زرعة يقول: شيبان بن فروخ صدوق.

سئل أبي عن شيبان بن فروخ فقال كان يرى القدر واضطر الناس إليه بآخرة.وفي التهذيب وثقه صالح ومسلمة.

وأما أحمد وابنه عبدالله فإمامان رحمة الله على الجميع.



فهذا إسناد لا بأس به وهو إلى الحسن أقرب منه إلى الضعف إذا ضم إلى حديث العالية ومرسل إبراهيم النخعي لكن إن عاد خبر إبراهيم إلى العالية وسلمنا بتعليل ابن حزم لخبر العالية لم تحصل التقوية ويكون إلى الضعف أقرب منه إلى الحسن.

ومعنا هنا ألفاظ يجدر بنا أن نقف عندها ألا وهي الجبين والحف وقولها في وجهي شعرات أفأنتفهن أتزين بذلك لزوجي وقول أمنا رضي الله عنها أميطي عنك الأذى أما الجبين فيفترق عن الجبهة كما في سهم الألحاظ في وهم الألفاظ [40]قال ومن ذلك: الجَبْهَةُ و الجَبينُ لا يكادُ الناسُ يفرقونَ بينهما. والجَبْهَةُ مَسْجِدُ الرجلِ الذي يُصيبهُ نَدَبُ السجودِ، والجبينانِ يكتنفانها، من كلِّ جانبٍ جبينٌ. كذا في أدبِ الكاتبِ. وصاحِبُ القاموس على التفرقةِ بينهما أيضاً. فقد قَطَعَ بأنَّ الجَبّهَةَ موضعُ السجودِ من الوجه أو مستوى ما بينَ الحاجبين إلى الناصية. وأنّ الجبينين حرفانِ مُكْتَنِفا الجَبْهَةِ من جانبيهما فيما بينَ الحاجبين مُصْعِداً إلى قُصاصِ الشَعَر. إلى أنْ نَقَلَ قولاً آخرَ في تفسيرِ الجبينِ فقالَ: أو حُروفُ الجَبْهةِ ما بَيْنَ الصُّدْغَيْنِ مُتّصِلاً بحذاءِ الناصيةِ كُلُّهُ جبينٌ. انتهى. وفي عمدةِ الحفاظِ في تفسيرِ قولِهِ تعالى: " وتَلّهُ للجبينِ " أَنّهُ واحدُ الجبينين، وهما جانِبا الجبهةِ.



وفي تهذيب اللغة[41] وَقَالَ أَبُو زَيْد: فِي الجَبين الحاجبان وهما مَنْبِت شَعَر الحاجبين من الْعظم والجميع الحواجبُ. وفي مختار الصحاح[42]

وَ (الْجَبِينُ) فَوْقَ الصُّدْغِ وَهُمَا جَبِينَانِ عَنْ يَمِينِ الْجَبْهَةِ وَشِمَالِهَا.



وفي لسان العرب[43] والحاجِبانِ: العَظْمانِ اللَّذانِ فوقَ العَيْنَينِ بِلَحْمِهما وشَعَرهِما، صِفةٌ غالِبةٌ، وَالْجَمْعُ حَواجِبُ؛ وَقِيلَ: الحاجِبُ الشعَرُ النابِتُ عَلَى العَظْم، سُمِّي بِذَلِكَ لأَنه يَحْجُب عَنِ الْعَيْنِ شُعاع الشَّمْسِ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُوَ مُذكَّر لَا غيرُ، وَحَكَى: إِنَّهُ لَمُزَجَّجُ الحَواجِبِ، كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جزءٍ مِنْهُ حاجِباً. قَالَ: وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي كُلِّ ذِي حاجِب. قَالَ أَبو زَيْدٍ: فِي الجَبِينِ الحاجِبانِ، وَهُمَا مَنْبِتُ شعَر الحاجِبَين مِنَ العَظْم.



أما الحف ففي تاج العروس[44]: حَفَّتِ الْمَرْأَةُ تَحِفُّ وَجْههَا مِن الشَّعَر، تَحِفُّ، حِفَافاً بِالْكَسْرِ، وحَفًّا: أَزالتْ عَنهُ الشَّعرَ بالمُوسَى، وقَشَرَتْهُ، كاحْتَفَّتْ، ويُقَالُ: هِيَ تَحْتَفُّ: تَأْمُرُ مَن يَحِفُّ شَعْرَ وَجْهِها نَتَفاً بخَيْطَيْنِ، وَهُوَ مِن القَشْرِ، كَمَا سيأْتِي عَن اللَّيْثِ....

قَالَ اللَّيْثُ[45]: واحْتَفَّتِ الْمَرْأَةُ: أَمَرَتْ مَن يَحُفُّ شَعَرَ وَجْهِهَا يُنْقّى بِخَيْطَيْنِ كَذَا فِي العُبَابِ، والصَّوابُ: نَتْفاً بخَيْطَيْنِ، وَهُوَ مِن الحَفِّ، بمعنَى القَشْرِ.



وفي جمهرة اللغة[46] حف الْقَوْم بِالرجلِ وَغَيره حفا إِذا أطافوا بِهِ.

وحففت الشَّيْء حفا إِذا قشرته. وَمِنْه حفت الْمَرْأَة وَجههَا إِذا أخذت عَنهُ الشّعْر.

والحفافة: مَا سقط من الشّعْر المحفوف وَغَيره.

أما القشر ففي العين[47] ولعنت القاشِرةُ والمقشُورةُ، وهي التي تَقشِر عن وجهها ليصفو اللون.

وفي غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام[48]



وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام أَنه لعن القاشرة والمقشورة. قَالَ أَبُو عبيد: نرَاهُ أَرَادَ هَذِه الغُمرة الَّتِي تعالج بهَا النِّسَاء وجوههن حَتَّى ينسحق أَعلَى الْجلد و يَبْدُو مَا تَحْتَهُ من الْبشرَة وَهَذَا شَبيه بِمَا جَاءَ فِي النامصة والمنتمصة والواشمة والموتشمة وَقد فسرناه فِي غير هَذَا الْموضع.

وفي تاج العروس[49] والقاشِرَةُ: المَرْأَةُ تَقْشرُ بالدّواءِ بَشَرَة وَجْههَا ليَصْفُوَ لَوْنُهَا، وتُعَالِجُ وَجْهَهَا أَو وَجْهَ غَيْرِهَا بالغُمْرَة، كالمَقْشُورَة وَهِي الَّتِي يُفْعَل بهَا ذَلِك وَقد لُعِنَتا فِي الحَدِيثِ، ونصّه: لُعِنَتِ القَاشِرَةُ والمَقْشُورَةُ.



أما حديث القاشرة والمقشورة فقد أخرجه أحمد في مسنده [50] حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ نَهَارٍ بِنْتُ دِفَاعٍ، قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي آمِنَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهَا شَهِدَتْ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْعَنُ الْقَاشِرَةَ وَالْمَقْشُورَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُوتَشِمَةَ وَالْوَاصِلَةَ وَالْمُتَّصِلَةَ " والطبراني في الدعاء[51] حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ السَّدُوسِيُّ، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ، ح وَحَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ تَمِيمٍ السَّكُونِيُّ، ثنا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، قَالُوا: حَدَّثَتْنَا أُمُّ نَهَّارٍ بِنْتُ الدَّفَّاعِ، عَنْ عَمَّتِهَا أَمِينَةَ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْعَنُ الْقَاشِرَةَ وَالْمَقْشُورَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَالْمُسْتَوْصِلَةَ ومداره على أم نهار بنت دفاع عن عمتها آمنة بنت عبد الله.



قال ابن معين في تاريخه رواية ابن محرز[52] أم نهار بنت الدفاع ثقة قيسية حدث عنها ابن مهدى وعبد الصمد وأبو سلمة التبوذكى والناس كلهم

وفي التقريب أمية بنت عبد الله عن عائشة في الواشمة روت عنها أم نهار لا تعرف لا يعرف حالها من الثالثة واختلف في ضبطها قيل بالمد ونون وقيل بضم أوله وفتح الميم وتشديد التحتانية وفي تعجيل المنفعة آمِنَة القيسية عَن عَائِشَة رضى الله تَعَالَى عَنْهَا وعنها جَعْفَر بن كيسَان لَا تعرف قلت قد روى أَحْمد من طَرِيق أم نَهَار عَن آمِنَة بنت عبد الله عَن عَائِشَة حَدِيثا آخر فِي لعن الْوَاصِلَة فَيكون لَهَا راويان.



قال الذهبي بعدما أورد هذا الحديث بإسناده في السير في ترجمة ابن أخي ميمي هَذَا حَدِيْثٌ غَرِيبٌ فَرْدٌ. وَالمَقْشُورَةَ الَّتِي تَقْشِرُ وَجْهَهَا بالغمرة.



وهناك متابعتان لآمنة القيسية:

الأولى: غفيلة امرأة هشام بن سلمان المجاشعي عند الطبراني في الدعاء [53]- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْمَعْمَرِيُّ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ سَلْمَانَ الْمُجَاشِعِيُّ، عَنِ امْرَأَتِهِ غُفَيْلَةَ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ فِي نِسْوَةٍ مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ وَكَانَتْ فِيهِنَّ امْرَأَةٌ قَشَرَتْ وَجْهَهَا فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْقَاشِرَةِ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَاشِرَةَ وَالْمَقْشُورَةَ، وَالنَّامِصَةَ وَالْمُتَنَمِّصَةَ، وَالْوَاصِلَةَ وَالْمُوتَصِلَةَ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُوتَشِمَةَ» وغفيلة ما وجدت لها ترجمة وهشام متكلم فيه قال الذهبي في الميزان صدوق ضعفه موسى بن إسماعيل المنقرى وفي تاريخ ابن معين رواية الدوري قال لا بأس به وقال مسلم في الكنى والأسماء عن يزيد الرقاشي منكر الحديث.



والثانية: متابعة عمرة العدوية وحديثها مر قريبا عن عائشة وفيه نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَشْرِ الْوُجُوهِ، وهي متابعة صالحة تقوي الحديث ويحسن بها وقد ورد عن الحسن البصري بسند حسن أنه لعن من قشرت وجهها رواه الطبري في تفسيره من سورة النساء عند قوله ولآمرنهم فليغيرن خلق الله.



قال الطبري حدثنا أحمد بن حازم قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا أبو هلال الراسبي قال: سأل رجل الحسنَ: ما تقول في امرأة قَشَرت وجهها؟ قال: ما لها، لعنها الله! غَيَّرت خلقَ الله!قال الحافظ في التقريب محمد ابن سليم أبو هلال الراسبي بمهملة ثم موحدة البصري قيل كان مكفوفا وهو صدوق فيه لين من السادسة مات في آخر سنة سبع وستين وقيل قبل ذلك خت 4 وأبو نعيم هوالفضل بن دكين ثقة ثبت كما في التقريب وأحمد بن حازم في تاريخ الذهبي أحد الأثبات المجودين.. ذكره ابنُ حِبّان فِي الثّقات، وقَالَ: كَانَ متقنًا.



من هذا العرض يتبين أن الحف وهو إزالة الشعر بالموسى أو بالخيط قشر والقشر منهي عنه وقد روي مرفوعا عن عائشة رضي الله عنها كما روي جواز حف الجبين عنها والأدلة تكاد أن تكون متقاربة في القوة ولا يقوم كل دليل بنفسه بل بمجموع طرقه لكن هنا أمر لابد من استحضاره وهو أن الأدلة سالفة الذكر تدل على أن النمص والقشر وغيره كان في نساء أهل الكوفة والبصرة ويظهر هذا من اهتمام أم يعقوب بمناقشة هذا الأمر مع ابن مسعود رضي الله عنه الذي عاش بالكوفة وتحديث ابن مسعود بحديث النهي عن النمص في هذه البيئة لدليل على أنه رأى تفشي تلك الظاهرة فأراد علاجها مما استفز حفيظة أم يعقوب فجاءت إليه وقد حلقت جبينها فأنكر ابن مسعود عليها كذلك سؤال بعض النسوة من الكوفة والبصرة لعائشة في الحج وغيره يدل على تمكن تلك العادات عند هؤلاء النسوة وأن الكوفة متأثرة بفقه ابن مسعود وتلامذته فلا مجال لوجود رخصة تبيح شيئا من ذلك وقد استقر في وعيهن أن إزالة شعر الوجه منهي عنه لذلك أردن الترخص بسؤال أم المؤمنين فجاءت فتواها في غير الحاجبين على أن يكون أذى يماط وعلى ما سبق لا يكون نتف شعرات يكن أذى في غير الحاجب نمصا وقول السائلة أفأنتفهن يختلف عن لو قالت أفأنمصهن غير أن ابن مسعود نظر لحلق الجبين على أنه تغيير لذلك أنكره.



4- وفي الحاوي للماوردي[54] فَأَمَّا الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا الَّتِي تَصِلُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ بِالْفَاحِشَةِ.



وَالثَّانِي: أَنَّهَا الَّتِي تَصِلُ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ نَجِسٍ فَأَمَّا الَّتِي تَصِلُ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ طَاهِرٍ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ أَمَةً مَبِيعَةً تَقْصِدُ بِهِ غُرُورَ الْمُشْتَرِي أَوْ حُرَّةٌ تَخْطُبُ الْأَزْوَاجَ تَقْصِدُ بِهِ تَدْلِيسَ نَفْسِهَا عَلَيْهِمْ، فَهَذَا حَرَامٌ لِعُمُومِ النَّهْيِ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ ".



وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ ذَاتَ زَوْجٍ تَفْعَلُ ذَلِكَ لِلزِّينَةِ عِنْدَ زَوْجِهَا أَوْ أَمَةً تَفْعَلُ ذَلِكَ لِسَيِّدِهَا، فَهَذَا غَيْرُ حَرَامٍ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَأْمُورَةٌ بِأَخْذِ الزِّينَةِ لِزَوْجِهَا مِنَ الْكُحْلِ وَالْخِضَابِ أَلَا تَرَى إِلَى مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: " لعن السلتاء والمهراء "، فَالسَّلْتَاءُ الَّتِي لَا تَخْتَضِبُ، وَالْمَرْهَاءُ الَّتِي لَا تَكْتَحِلُ يُرِيدُ مَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ كَرَاهَةً لِزَوْجِهَا، فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ زِينَةً لَهُ فَكَذَلِكَ صِلَةُ الشَّعْرِ لِاجْتِمَاعِ ذَلِكَ فِي الزِّينَةِ وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: أَنَّهُ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَامٌّ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَصَحُّ.........



فَأَمَّا النَّامِصَةُ، وَالْمُتَنَمِّصَةُ: فَهِيَ الَّتِي تَأْخُذُ الشَّعْرَ مِنْ حَوْلِ الْحَاجِبَيْنِ وَأَعَالِي الْجَبْهَةِ، وَالنَّهْيُ فِي هَذَا كُلِّهِ عَلَى مَعْنَى النَّهْيِ فِي الْوَاصِلَةِ، وَالْمُسْتَوْصِلَةِ.



المناقشة: الاستثناء هنا على نحو ما ذكره المالكية من حمل النهي على المعتدة وهنا حملوه على من دلست على الخطاب ونحوه وهو منهي عنه لحرمة الغش أما ذات الزوج فمأمورة بالزينة والإجابة هنا بنحو الإجابة هناك،فيقال: المرأة مفطورة على التزين ولو لم تكن ذات زوج بل لو كانت صغير لقوله تعالى ﴿ أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ [الزخرف: 18] فالطفلة التي تتزين بالحلي لمن تتزين؟ وإذا أرادت أن تتزين لا لزوج ولم ترد التدليس على أحد فهل يجوز لها النمص؟ وما الفرق بين التدليس بالمنهي عنه كالنمص والمأذون فيه كتوسيع العين بالكحل وتغيير الشعر الأبيض في الرأس والحاجب بالحناء والصبغ المباح؟ أما حديث لعن السلتاء والمهراء فقد أورده عبد الملك بن حبيب في أدب النساء[55] بغير إسناد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره للمرأة أن تكون مرهاء أو سلتاء أو عطلاء ومثل هذا لا يصلح دليلا ولو صح لأنه أمر بالزينة المباحة!



5- المغني لابن قدامة[56] فَصْلٌ: فَأَمَّا النَّامِصَةُ: فَهِيَ الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعْرَ مِنْ الْوَجْهِ، وَالْمُتَنَمِّصَةُ: الْمَنْتُوفُ شَعْرُهَا بِأَمْرِهَا، فَلَا يَجُوزُ لِلْخَبَرِ. وَإِنْ حَلَقَ الشَّعْرَ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ إنَّمَا وَرَدَ فِي النَّتْفِ. نَصَّ عَلَى هَذَا أَحْمَدُ.



قلت وهذا المذهب أقوى من غيره لكنه جعل علة النهي التغيير بالنتف لذلك أجاز الحلق وهو قشر والقشر منهي عنه كما مر ومعارض بإنكار ابن مسعود على أم يعقوب حلق جبينها واعتباره من التغيير المحرم والخلاصة أن دلالة النمص عند التحقيق تقتضي أن يكون في الحاجب وما عداه ليس نمصا والله أعلم.

ورحم الله عبدا أكمل نقصا أو ستر عيبا أو نصح سرا ولله الحمد على ما أنعم والصلاة والسلام على النبي الأكرم.





[1] البخاري ( كتاب اللباس / باب المتنمصات/ 7 / 166/ 5939).



[2] البخاري (كتاب التفسير/ باب وما آتاكم الرسول فخذوه/ 6/ 147/ 4886).



[3] (2/ 256/ 830-831).



[4] (7/ 509).



[5](7/ 510).



[6]( باب الصاد والنون والميم معهما ص ن م، ن م ص يستعملان فقط/ 7/ 138).



[7] (غريب ما روى الموالي عن النبي صلى الله عليه وسلم / حديث زيد بن حارثة / الحديث الثالث / باب نمص/ 2 / 828).



[8] (باب الطاء والراء / 13/ 200).



[9] (حرف الطاء / فصل الثاء المثلثة / 7/ 267).



[10] يراجع كتاب الألفاظ لابن السكيت (1/ 493).



[11] (7/ 32).



[12] (7/ 480).



[13] (2/ 277).



[14] (2/ 278).



[15] (6/ 373).



[16] (كتاب الطلاق / باب الكحل للحادة / 7/ 60).



[17] (كتاب الصلاة / باب بَابُ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ أَقْرَأَ مِنَ الرِّجَالِ، وَصَلَاةِ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا وِحَاءٌ/ 3/ 146).



[18] هكذا ورد في نسخة الشاملة والصواب امرأة أبي السفر.



[19] (5/ 540).



[20] (1/ 211-212).



[21] (2/ 546).



[22] (8/ 354).



[23] (8/ 354).



[24] (كتاب البيوع / 3/ 477).



[25] (كتاب البيوع / بَابُ الْبَيْعِ بِالْبَرَاءَةِ مِنَ الْعَيْبِ / 2/ 265).



[26] (كتاب البيوع / بَابُ الرَّجُلِ يَبِيعُ الشَيْءَ إِلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ/ 8/ 135).



[27] (كتاب البيوع/ بَابُ مَا جَاءَ فِي بَيْعِ الْعُرْبَانِ/ 6/ 272).



[28]( 7/ 551).



[29] (2/ 184).



[30] ( كتاب البيوع / مسألة (509): إذا باع سلعة بثمنٍ مؤجَّل، لم يجز أن يعود فيشتريها بأنقصَ منه حالاً/ 4/ 69-70).



[31] (3/ 132-133).



[32] (5/ 330-331).



[33] (6/ 187).



[34] (1/ 236).



[35](3/ 485).



[36] (1/ 57).



[37](1/ 591).



[38] (6/ 106).



[39] (1/ 38).



[40] (1/ 36).



[41] (4/ 98).



[42] (1/ 53).



[43] (حرف الباء / فصل الحاء المهملة / 1/ 298-299).



[44] (باب الفاء / فصل الحاء مع الفاء / 23/ 148).



[45] (23/ 153).



[46] (باب حرف الحاء وما بعده / ح ف ف / 1/ 100).



[47] (باب القاف والشين والراء / 5/ 36).



[48] (3/ 123/ قشر).



[49] (فصل القاف مع الراء / قشر/ 13/ 417).



[50] (43/ 226/ 26128).



[51] (1/ 591).



[52] (1/ 106).



[53] (1/ 591).



[54] (2/ 256 - 257).



[55] ( 1/ 207).



[56] (1/ 70).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 130.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 127.88 كيلو بايت... تم توفير 2.36 كيلو بايت...بمعدل (1.81%)]