#1
|
||||
|
||||
بين المغنم والمغرم
بين المغنم والمغرم عبدالوهاب حدادي طاب المتَّكأ، واخضرَّت الأرض، واتَّسع الوقت في إجازة الربيع، لكن البعض ضيَّع ورده من ربيع القلوب، أو ضرَب بجدول يومه عُرض الحائط، أيام معدودات أصبح الليلُ فيها نهارًا، وانتقل النوم عن صلاة الفجر إلى صلاة الظهر والعصر في تقصير عجيب، وإن أديت فلأجل إسقاط الواجب فقط، لسان حال البعض - والله المستعان -: أرِحْنا منها يا بلال، وهي التي متى صلَحت صلَح سائرُ العمل؛ لذا اقترن النداءُ لها بالنداء للفلاح، هذا مشهدُ النهار. وعندما تتبدَّد أنواره يبدأ مساءٌ جديد، يزدحم الطريق، يخرُجُ الكثيرُ من منازلِهم، تزدحم الطرقات، من لم يجد ما يشغله، سار إلى مجالس يقتُلُ فيها وقته، تتمنَّى حينها من أحدهم أنْ لو يبيعك وقته، ليس لتستغلَّه فحسب، بل لتُعِينه في التخفيف من حُجَج الله عليه، نُريد دائمًا لأمتنا أن تكون في مصافِّ الأمم المتقدِّمة، ونحن نسيرُ بخطواتنا إلى الخلف، وفي دهاليزَ مُظلِمة! تذكَّرتُ عند ذلك قولَ الأول: (عجَبًا لأمَّة ربُّها نورُ السموات والأرض، ولكنها تعيش في الظلام). حتى وإن جئتَ للمجالس التي تقول: إن أصحابَها ذَوُو فِكر راقٍ، تجد الحديثَ السلبيَّ يأخذ النسبة الأكبر من مجموع حديثِهم، وليت العملَ بمقدار الكلام الإيجابي! أم إننا مُبدِعون في التنظير فحسب؟! تجدُ للأسف مَن ينتقد تصرُّفات بل واقع مَن هم حوله وما يقدِّمونه صغر أم كبر، وما يومًا نظَر في تصرفاته التي تجعَلُ الحليمَ حيرانَ؛ (يُبصِر أحدُكم القذى في عينِ أخيه، وينسى الجِذْعَ في عينِه). ما دامت هذه طريقتَنا، فلن تتقدَّم الأمَّةُ في الحياة الدنيا، وفي الطريقِ إلى الدار الآخرة، وفاق المَغرَمُ كلَّ مَغنَم. أخيرًا: هي دعوةٌ للعودة للمنبع الأول، واستحضار قول الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، وهي همسةٌ في آذان الطَّموحين الذين احترَموا ساعاتِ الليل والنهار، وجادُوا بأوقاتِهم في سبيلِ تحصيل كل فائدة، عليهم بالنَّفع عائدة، همسة بأبياتٍ أعجبتْني: سِيروا فإن لكم خيلاً ومِضمارَا وفجِّروا الصخرَ رَيحانًا وأنوارَا وذكِّرونا بأيامٍ لنا سلَفَتْ فقد نسِينا شُرَحْبِيلاً وعمَّارَا
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |