|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
زوجي والذهان
زوجي والذهان أ. شريفة السديري السؤال السلام عليكم ورحمةُ الله، أرجو منكم الردَّ على رسالتي: أنا متزوِّجة منذ سنوات قريبة، وبعد الزواج بدأتُ ألاحِظ الأعراض التالية على زوجي: عُزلة اجتماعيَّة (ليس له أصدقاء)، قلَّة في الكلام، برود في المشاعر، هلاوس: (أبي طلب مني أن أسقط حملي)، وضلالات (مثلاً أبي يكرهه ويتمنَّى له السوء)، لكن ليستْ كثيرة، وأفكار غريبة، وشكوك بعضَ الأحيان. نوبات من الهيجان والغضَب، ويتلفَّظ بألفاظ غير مسؤولة، وبعد أن يهدأ يعتذِر ويندم. الآن تركتُ منزل الزوجية، وسافرتُ إلى منزل أهلي؛ لأنَّ وضعه ازداد سوءًا، حيثُ أصبحتْ أفعاله خارجةً عن نِطاق التنبؤ، فأخبرتُه أنَّه لا بدَّ أن يَعرِض نفسه على اختصاصي نفْسي فرَفض الفكرة بشدَّة، وقال: إني أصفه بالمجنون، وأيقنتُ مدى استحالة ما طلبتُ. هو يرغب أن أرجِع إليه، خاصَّة أنَّ بيننا أولادًا، فتحمَّستُ لفِكرة أن أشخص حالتَه وأن أحصل على الدواء وأضعه دون عِلمه، ذهبتُ إلى طبيب متخصِّص، طلب مني أن أحضرَه للعيادة مِن باب التحايل، وأنني أنا مَن يشكو مِن كآبة مثلاً، حتى يكون قد رآه، لكن هذا مستحيلٌ؛ لكون كل واحد في بلد. ما مدَى تطبيق فِكرة العلاج دون عِلمه؟ وما هو الدواءُ المناسب؟ كم هي الجرعة؟ (حيث يُمكن أن أشتريَ الدواء دون وصْفة)، هل يمكن أن يحسَّ بفرق بعدَ بَدْء العلاج، ومِن ثَم يشك؟ الجواب أهلاً بكِ عزيزتي. كان اللهُ في عونك وأثابَكِ على صبْرك. ما تمرِّين به أمرٌ صعْب، واتِّخاذ القرار قد يكون صعبًا عليك؛ نظرًا لوجود أولاد ومرَض زوجك الذي يُحيل حياتك جحيمًا. لكن لا تَنظُري للأمر الآن فقط، بل انظري إليه على مدَى السنوات المقبِلة، هل ستكونين قادرةً على الصبر والتحمُّل؟ وهل الحبُّ الذي يجمعك بزوْجك كبير جدًّا، ويجعلك قادرةً على العيش معه بهذا الوضع 20 أو 30 سَنة قادِمة؟ فأحيانًا نتَّخذ قراراتٍ خاطئة؛ لأننا لم نفكر بشكل طويل المدَى. حسنًا عزيزتي، مما ذكرتِه يبدو أنَّ زوجك يُعاني من مرض ذهاني؛ وذلك لوجودِ الضلالات والهلاوس والشكوك، أما تحديدُ المرض وتشخيصه، فهذا أمرٌ يعرفه ويقرِّره الطبيب النفسي، الذي سيراه ويفْحَصه. تأكَّدي يا عزيزتي أنَّ المرَض النفسي ليس عيبًا، أو أمرًا تنتهي به الحياة، بل بالعكَس المريض قادرٌ على التحسُّن والعيش بصورة طبيعيَّة، وكلما كان علاج المرض مبكرًا كانت نِسبة التحسن أكبرَ، ويبدو أنَّ زوجك ما زال في البداية؛ لأنَّه واعٍ بنفسه وتصرُّفاته ويعتذِر ويندم عليها، ويطلب مناوبةَ الليل ليقلِّل مِن الاحتكاك بالآخرين، وما إلى ذلك. عودتك إليه بدون أن يتعالَج لن تحلَّ الأمر؛ لأنَّ الوضع سيزداد سوءًا بدون علاج، وقد يؤثِّر عليك سلبًا، وقد تَزيد ضلالاته وهلاوسه فيفعل أمرًا يضرُّك أو يضرُّ أطفالك، والعلاج بالطريقة التي ذكرتها لن تنفع؛ لأنَّ الطبيب لن يكون قادرًا أن يشخِّص الحالة ويصِف الدواء؛ إنْ لم يرَ المريض ويكشف عليه بنفْسه، ويتأكَّد مِن أعراضه وحالته، ثم يقرِّر الخطة العلاجيَّة والدواء المناسب والجرعة المناسبة، وأؤكد عليك أنَّه كلما كان الذهاب للطبيب أسرعَ كانت فرصة العلاج والشفاء أفضلَ وأكبر - بإذن الله. وبعدَ الذهاب للطبيب فإنَّ المداومة على أخْذ العلاج الدوائي أمرٌ أساسي وفي غاية الأهمية، ومِن هذه الناحية فهناك أمرٌ قد يساعدكم، وهو العلاج بالحقن المضادَّة للذهان كلَّ أسبوعين أو كل شهر، وهي الفترة التي يمتدُّ خلالها مفعول الدواء، فهذا سيُساعدكم على الاستمرار، ويقلِّل من الضغط الناتج عن المتابعة المستمرَّة لأخْذ الدواء يوميًّا، ويختصرها إلى مرة كل شهر أو كل أسبوعين. وتقع على عاتقك مهمَّة مساندة زوجك ودعْمه بشكلٍ كبير، حتى يتحسَّن ويستمرَّ في العلاج، فمثلاً لا تتعاملي معه كطِفل أو كشخص غير مسؤول عن تصرُّفاته بسببِ مرضه، وعندما يبدر منه سلوكٌ مزعج لكِ أو يُضايقك، اختاري جيدًا الوقتَ المناسب والأسلوب الهادئ والكلمات اللطيفة؛ لتخبريه بانزعاجك، وانتبهي ألاَّ تكون الكلماتُ على شكل اتِّهام مباشِر له، بل ليكن الانتقاد للكلمة أو التصرُّف وليس له. حاولي يا عزيزتي، إقناعَ زوجك بالذَّهاب للطبيب، واجعلوا الأمر سريًّا إنْ كان ذلك يريحه ويطمئنه، وإنْ رفض استعيني بشخصٍ حكيم قريب منكما، ويثق فيه وبرأيه وحُكمه؛ ليحاول إقناعه، علَّه يقتنع ويرضى. أخيرًا: عليك أن تكوني واعيةً لنفسك؛ فالحياة مع زوْج مريض نفسيًّا تشكل ضغطًا كبيرًا على الزوجة، قد تؤثِّر على حياتك وأطفالك وعلاقاتك؛ لذا يجب أن يكونَ لديك وقتٌ خاص بكِ تفرِّغين خلاله توترَكِ وضغطك، وتسترخين فيه وحدَك، وتخرُجين من كل الأمور التي تؤرِّقك وتزعجك حتى تعودي إليها بقوَّةٍ أكبرَ وقدرةٍ أكثر على الصبر والتحمُّل، وربما سيكون الأمر أفضلَ إن كان مع صديقة قريبة، أو إنسانة ترتاحين إليها وتحبينها، فأنتِ أيضًا تحتاجين للدعْم والمساندة. أسأل الله لكما الراحةَ والشفاء التام، والحياة الهانئة. وتابعينا بأخبارك لنطمئنَّ عليكِ.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |