حكم استعمال الحيلة في استجواب المتهم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         لمحات في عقيدة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          عقيدة الشيعة فيك لم تتغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          شرح حديث: تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          كيف تعود عزة المسلمين إليهم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أدومه وإن قل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الفساد والإفساد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          اسألوا الصوفية صفوت الشوادفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          معاملة المدنيين في أثناء القتال في الشريعة الإسلامية والشريعة اليهودية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ألفاظ قرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 43 )           »          شرح النووي لحديث عمر: وافقت ربي في ثلاث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-03-2019, 04:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,461
الدولة : Egypt
افتراضي حكم استعمال الحيلة في استجواب المتهم

حكم استعمال الحيلة في استجواب المتهم
أ.د. حسن عبد الغني أبوغدة


تمهيد :
يمثل إحقاق الحق مقصدا مهما من المقاصد التي جاء الإسـلام لتحقيقها ورعايتها ، وهو ركن مكين في مسـار التحقيق والادعاء في النظام القضائي الإسلامي ، وله مزيد ارتباط بالحريات الخاصة ؛ لأن ممارسة الحريات محوطة بسياج الحقوق .
ومما له علاقة بحماية الحقوق ورعاية الحريات موضوع استعمال الحيلة والإيهام مع المتهم أثناء استجوابه للكشف عن الحقيقة .
مشروعية توقيف المتهم :
اتجهت الشرائع والأنظمة منذ القديم إلى مشروعية توقيف المتهم والتحفظ عليه حال وجود قرينة جدية في موضوع اتهامه ، وذلك لاستكشاف الحقيقة ، وفي القرآن الكريم قصة صاحبَيْ النبي يوسف عليه السلام ، اللذَيْن احتُجِزا بتهمة دَسِّ السُّم في طعام ملك مصـر ومحاولة قتله ، كمـا يذكر كثير من المفسـرين في قوله تعالى :{ ودخل معه السجن فتيان} . سورة يوسف / 36 .
وقد أيد الإسلام موضوع توقيف المتهم واعتبره أصلا من أصول السياسة الشرعية ومَعْلَما من معالم الحكمة ، لرعاية الحقوق وصيانة الأرواح والأعراض والأموال ، وفي مشروعية توقيف المتهم للتحقيق معه وللكشف عن مبهمات أحواله نزل قوله تعالى في بعض المتهمين :{تحبسونهما من بعد الصلاة} . سورة المائدة / 106 .
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس بتهمة بدم ( أي : في جريمة قتل ) ثم خلى عن المحبوس . رواه أبو داوود والترمذي والنسائي وهو حسن السند .
مشروعية استجواب المتهم :
من الأمور العادية المتوقعة أن يمتنع المتهم من الإدلاء بأية أقوال أو اعترافات ضد نفسه ، وهذا يتفق مع الطبيعة البشرية التي تجعل الإنسان يمسك لساته عن أن يُقِرَّ على نفسه أو يعترف على ذاته ليدين نفسه بلسانه . بل إن المتهم في حالة إدلائه بالاعتراف يجعله في الغالب مقتضبا شحيحا ، يحتاج إلى مزيد من التفصيل والبيان والشرح والتوضيح ...
ومن هنا قامت الشريعة الإسلامية بالموازنة الدقيقة بين رعاية حقوق المتهم وحقوق الآخرين من أفراد المجتمع ، فهي لا تقبل إطلاقا محاسبة المتهم ومعاقبته دون إتاحة الفرصة له ليدافع عن نفسه ويبرئ ساحته ، ويعبِّر عن موقفه بحرية ورضا ، ويدلي بأقواله عن طواعية واختيار من غير إكراه . وفي الوقت نفسه منحت الشريعة جهاتِ التحقيق المختصة الحقَّ في استجواب المتهم واستيضاح موقفه لجمع الأدلة الأولية للوصول إلى الجاني الحقيقي .
هذا ، ومما يمكن الاستدلال به عموما على مشروعية التحقيق والاستجواب لإبراز الحق وإظهاره ، ولسماع أقوال المدعى عليه أو المنسوب إليه الفعل ما يلي :
1ـ قول الله تعالى : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ) سورة المائدة / 116 . ففي هذه الآية يستجوب الله تعالى عيسى عليه السلام فيما ادُّعِي عليه ونُسِب إليه ، وذلك بهدف تقرير الحقيقة التي عبث بها النصارى فزعموا أنه وأمه إلهان معبودان مع الله تعالى .
ثم كان أن دَفَع عيسـى عليه السلام عن نفسه تلك الفرية المنسوبة إليه في قوله : { سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ْ ما قلتُ لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ...} . سورة المائدة / 116 .
2ـ الحديث الذي أخرجه البخاري وأصحاب السيَِر: في قصة حاطب ابن أبي بلتعة الصحابي الذي كتب إلى جماعته في قريش يعلمهم بتحرك جيش المسلمين لفتح مكة ، ويحذرهم من أن يصيبهم منـه بأس ، وينصحهم بالخـروج منها . وحينما أُمسِك بكتابه ـ قبل وصوله إلى قريش ـ وأُتي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحقق معه ، ترك له فرصة للدفاع عن نفسه ، وكان مما قاله : يا رسول الله ، لا تعْجَل عليَّ ، والله ما فعلت هذا كفرا ولا ارتدادا عن ديني ، ولكن أردت أن اصطنع معروفا أحمي به قرابتي ... فقبل منه النبي صلى الله عليه وسلم اعتذاره وعفا عنه .
وهكذا وُجِّه الاتهام إلى حاطب بعد قيام الدليل على فعلته والإمساك بالكتاب ، لكنه مُنِح الفرصة الكاملة لتقديم دفاعاته والتعبير عن حقيقة الموقف المشتبه فيه ، ثم ما لبث أن توضح الأمر وتبين أنه أخطأ في تأَوُّلِه واجتهاده ولم يُرد إفشاء السر ، وشفع له في ذلك سبقه إلى الإسلام وبلاؤه وتضحياته في سبيل الله .
التحايل في استجواب المتهم :
إذا كان توقيف المتهم وتوجيه التهمة إليه واستجوابه ومحاورته والاستماع إليه من الأمور المشروعة ، فما هو موقف الإسلام من استخدام وسائل التحايل والمداورة والتنزُّل معه ليُقرَّ على نفسه ويعترف بما جنت يداه ؟ .
للعلماء اتجاهان في هذا الصدد :
الاتجاه الأول : يمنع استعمال الحيلة والمداورة مع المتهم ليقر على نفسه ويعترف بالحقيقة ، وإلى هذا ذهب الإمام مالك رحمه الله . فقد نقل عنه ابن فرحون وغيره أنه سئل : أيُكَرَه للحاكم أن يأخذ الناس بالتهمة فيخلو ببعضهم فيقول : لك الأمان وأخبرني ، فيخبره ؟. فقال : إي والله ، إني لأكـره ذلك ، وأن يقول له ويغويه ، وهو وجه من وجوه الخديعة .
ولعل الدليل الذي اعتُمِد عليه في هذا الصدد الحديث النبوي :"المسلم أخو المسلم ، لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله ..." . رواه الترمذي وقال : حديث حسن
الاتجاه الثاني : يجوز التحايل على المتهم حال استجوابه للوصول إلى الحقيقة ومعرفة الواقع ، وإلى هذا ذهب آخرون من الفقهاء ، واعتبروه من القضاء بالفِراسـة ، ولا يعدو كونه إيهاما للمتهم ، وهو بعيد عن الإكراه أو الضرب ، وهو من الحيل الجائزة المشروعة ، كما ذكر ابن حزم والماوردي وابن القيم وغيرهم .
واستدل أصحاب هذا الاتجاه القائلون بالجواز بما يلي :
1ـ حديث البخاري : أن يهوديا رَضَّ رأس جارية ( فتاة ) بين حجرين ، فقيل لها وهي في النزْع : من فعل بك هذا ؟. أفلان أو فلان ؟. حتى سُمِّي لها اليهودي فأومأت برأسها ، فأُتِي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل به حتى أقر بما فعل ، فاقتص منه .
وجه الاستدلال : أن المتهم كان ينكر التهمة ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ظل يحاوره ويتحدث معه ويداوره حتى اعترف على نفسه بما فعل بالفتاة .
2ـ حديث النسائي : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما امرأتان معهما ابناهما ، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما ، فقالت هذه لصاحبتها : إنما ذهب بابنك ، وقالت الأخرى : إنما ذهب بابنك . فتحاكما إلى النبي داوود عليه السلام فقضى للكبرى ، فخرجتا إلى سليمان بن داوود عليهما السلام فأخبرتاه ، فقال : ائتوني بالسكين أشقُّه بينهما ، فقالت الصغرى : لا تفعل يرحمك الله ، هو ابنها ، فقضى به للصغرى " .
وجه الاستدلال : سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن طريقة استجواب النبي سليمان وتصرفه ، بل إقراره للحيلة التي لجأ إليها ليعرف الأم الحقيقية ، وهي التي أبت أن يقطع ابنها نصفين ، بينما سكتت الأم الأخرى الدَّعِيَّة ولم تتحرك عاطفتها خوف ذبح الطفل لأنه ليس ابنها .
هذا ، وقد ذكر العلماء : أن حكم النبي داوود عليه السلام مبني على أصل قضائي مقرر منذ القديم وهو : ثبوت الملكية لصاحب الحيازة وواضع اليد على الشيء المختلف فيه ، إلا إذا عارضته البينة . ولما كانت المرأة الكبرى هـي صاحبة اليد هنا وليس للصغرى بينة ولا شـهود في القضية ، حُكِم للكبرى ولم يُحكَم للصغرى . أما النبي سليمان عليه السلام فقد اعتمد على أصل قضائي آخر مبني على القرينة الراجحة والفراسة الواضحة والفطرة الناطقة .
الاختيار والترجيح :
من خلال التأمل في القولين السابقين واستحضار حرص الشريعة الإسلامية على تحقيق العدل في المجتمع ، وملاحقة الجناة والوصول إليهم والحد من نشاطاتهم الإجرامية أو التقليل منها ، تتجه النفس إلى اختيار وترجيح القول الثاني في مشروعية التحايل على المتهم والتنزُّل معه ومداورته للوصول إلى الحقيقة ، ويؤيد هذا العديد من الأحاديث الأخرى والآثار والوقائع المروية عن بعض الصحابة والتابعين وغيرهم من الفقهاء والقضاة .
ومما روي في هذا الصدد ما يلي :
1ـ حديث أبي داوود : أن بعض الصحابة أمسكوا على ماء بدر غلامين لقريش يستقيان ، فأتوا بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألهما عن عدد الجيش ، فقالا : لا ندري ، هم كثير . فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم : كم ينحرون كل يوم ؟. قالا : يوما تسعة ، ويوما عشرة . فقال لأصحابه : القوم فيما بين التسعمائة إلى الألف .
وهكذا اسـتطاع النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرف ما خفي عليه بطريقة غير مباشرة ، فيها وجه من المداورة والمغايرة . والقصة معروفة ومفصلة في كتب السيرة النبوية .
2ـ ذكر ابن القيم وابن فرحون وغيرهما : أنه أُتِي إلى علي رضي الله عنه بأناس اتهموا في قتل رجل في سفر وسلب ماله ، وهم ينكرون هذا ويزعمون أنه مات وأنهم دفنوه ولم يكن معه مال . فأمر عليٌّ أن يُعزَل بعضهم عن بعض ، ثم دعا أحدَهم على مسمع من أصحابه ليحقق معه ، وخلا به وقال له : أخبرني عما وقع للرجل الذي مات ، وأين مات ومن غسله وكفنه ... ؟ . وأطال الحديث معه ، ثم كبَّر عليٌّ رافعا صوته وكبَّر الحاضرون معه ، فظن المتهمون الآخرون أن صاحبهم قد أقر عليهم . ثم أخرج هذا المتهم وعزله ، ودعا متهما آخر فسأله كما سأل الأول وأطال الحديث معه فاعترف ، ثم كبَّر عليٌّ رافعا صوته وكبر الحاضرون . ثم أُتِي بالبقية على هذا النحو ، ثم أعاد إليه المتهم الأول فاعترف بما اعترف أصحابه من أنهم قتلوا الرجل وأخذوا ماله ...
وهكذا استطاع علي رضي الله عنه أن يستعمل الحيلة والإيهام مع هؤلاء المتهمين حال استجوابهم ، حتى اسـتطاع الوصول إلى الحقيقة من خلال ما أوقع في رُوع كل منهم دون إكراه ، أن رفاقه قد أقروا عليه .
ضوابط ومعايير التحايل في استجواب المتهم :
لا ينبغي أن يفهم مما تقدم : أن الإسلام يبيح الوقوع في المحرمات واستخدام الكذب والخديعة وكافة الأساليب أيا كانت في استجواب المتهم ، بل إن هناك معايير وضوابط لا بد من مراعاتها في هذا المجال ، ومن ذلك ما يلي :
1ـ استبعاد التحايل في اسـتجواب المتهم بجرائم الحدود المتعلقة بحقوق تعالى ، وذلك لأن حقوقه سبحانه مبنية على التسامح ، أما الحدود المتعلقة بحقوق الأشخاص والمبنية على التشاحح فيمكن استعمال التحايل فيها للحصول على إقرار المتهم ، لا من أجل إقامة الحد عليه ، بل من أجل أخذ التعويض المالي للشخص المتضرر كما في جريمة السرقة ونحوها ، والأصل في هذا الحديث الصحيح الذي في سنن البيهقي والترمذي وغيرهما : "ادرؤوا الحدود بالشبهات" إضافة إلى ما هو مقرر في الشريعة من قبول رجوع المقر عن إقراره في غير الحقوق المالية التي أقر بها للناس . مع العلم أنه يستثنى من هذا الضابط جرائم القصاص والتعازير من ضرب وشتم وتزوير واختلاس ونحو ذلك مما ليس فيه عقوبة حدَِّيَة ، حيث يؤخذ به المقر .
2ـ استبعاد التحايل المشتمل على صريح الكذب والافتراء والخديعة ، ونحو ذلك مما لا يمت إلى التوريـة والمعاريض المباحـة ، ويدل على هذا عموم حديث : "إن في معاريض الكلام مندوحة عن الكذب" . رواه البخاري في الأدب المفرد والبيهقي والطبراني . والمعاريض : الكلام الذي له وجهان أو معنيان ، فيتبادر إلى ذهن السامع غير الذي يريده القائل .
وفضلا عن هذا ، فإن التحايل أصلا ليس كله مذموما ولا كله حراما ، فقد عرَّفه أهل اللغة بأنه : اتباع المسلك الحاذق في تصريف الأمور وبلوغ المأرب ، وقد يكون هذا حراما ، وقد يكون حلالا ، وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع غلامَيْ قريش ، وفعله علي رضي الله عنه مع المتهمين كما سبق بيانه ، وعلى نحو هذا يحمل قوله تعالى : { كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله ... } سورة يوسف / 76 . وذلك حين أخفى الصُواع الذي يُكال به في رحل أخيه ، والقصة معروفة في مواضعها من كتب التفسير
3ـ استعمال التحايل في استجواب أصحاب السوابق ونحوهم ممن يغلب على الظن عدم تورعهم عن أمثال هذه التهم ، بل ربما تشير الدلائل والقرائن إلى وجود علاقة ما لهم في موضوع الدعوى . أما غيرهم من ذوي المكانة والهيئة والسمعة الحسنة والسلوك النزيه فيستبعدون من هذا الأسلوب في الاستجواب ، والأصل في ذلك عمـوم حديث مسـلم وأبي داوود وغيرهما عن عائشـة رضي الله عنها قالت : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم"
الخاتمـة :
وهكذا يتضح مدى توسط الإسلام واعتداله وواقعيته في تشريعه ما يتصل بتوقيف المتهم واستجوابه ، وأنه لا حرج في استعمال الإيهام والتورية والحيلة والمداورة أثناء استجواب المظنون فيهم وأصحاب السوابق في غير جرائم الحدود، إذا لم يختلط هذا بصريح الكذب والافتراء ؛ لأن ذلك من المتطلبات الواقعية التي يُحتاج إليها في التعامل مع بعض الشرائح ذات السلوك المشبوه والسمعة المتردية .
هذا ، ولئن نصت بعض الأنظمة الوضعية في تشريعاتها الإجرائية على منع صور التحايل والمداورة والإيهام مطلقا حال استجواب المتهم ، فإن ذلك لا يجد له سبيلا إلى التطبيق والتنفيذ حتى مع من يغلب على الظن براءتهم ، ولا نزال نرى ونسمع اليوم في العديد من الدول بقضايا تُنْتَزَع فيها الاعترافات من الأبرياء ومن أقربائهم ظلما وعدوانا ، بالتخويف والتعذيب والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية .
بل قد حدث ويحدث في العديد من الدول ذات الصيت الذائع في حماية حقوق الإنسان !! احتجازُها للأبرياء سنين عديدة بعيدين عن أوطانهم وأهليهم في ظروف سيئة للغاية ، دون توجيه التهم إليهم ، ولا تورُّعٍ عن ممارسة الخداع والكذب معهم ومع غيرهم أمام سمع العالم وبصره !!. فضلا عما قد يسبق ذلك من تنصت على المحادثات الهاتفية وتسلل إلى الاتصالات الالكترونية ونحوها وتسجيلها ، واستراق للسمع بغير حق ...


*أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية بجامعة الملك سعود.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.72 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.84 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (3.15%)]