|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
المدينة (قصة)
المدينة (قصة) محمد صادق عبدالعال سلطانه الذي يأتيه كلَّ ليلة، فيتباريان العراك أيهما يغلب الآخر؟ فتكون له الغَلبة - قد تأخر اليوم، فتمنى قدومه رافعًا الراية البيضاء غير متجانف لقتال أو نزال؛ وذلك لما رأى من صخب المدينة وأخلاط الناس وأصوات القوادم والمطارق، ولما أحسَّ سلطانه لهفتَه على حضوره واستسلامه، لم يبارزه بسيف القطع بينه وبين ما كان فيه؛ وإنما أتحفَه بزيارة للمدينة الجديدة، فتهيَّب دخولها وهو يَنتعل نعليه فاستخفَّ قدميه بدونهما، ذلك مما أحس من هيبة الصمت هناك، ومما راعَه أن تلك المدينة لا تسمع فيها إلا همسًا وبعض ترانيم الزائرين، فضلاً عن مبانيها المتساوية بالطول والعرض، وربما الارتفاع، فحدودهم معلومة ومداخلهم مرسومة لا يَجور أحد على أحد، ليس لها حاكم سوى هدأة الليل وسلطان الصمت، بدا ذلك من ثيابهم القديمة والجديدة مِن لون واحد. دعاهُ الفضول ليسأل رفيق الرحلة بلهفة: من أين جيء بهؤلاء السكان ذوي الطِّباع الهادئة والنفوس القانعة؟! رفيق الرحلة: من حيث جئت وبنفس الصرعة التي يَصرعك بها سلطانك لكنها كانت عليهم قاضية ومُفضيَة للمُكوث هنا. حدا به الفضول ليكون أكثر تطفُّلاً فقال: أريد أن أتكلَّم معهم أو أن يسمعوني! قال: إنَّهم لا يتكلمون، ولو تكلَّموا ما سمعناهم، ولو سمعناهم ما علمت لكلامِهم كنهًا! قال: ولمَه؟! فبأيِّ لغة هم يتكلمون؟! لم يُجبه رفيق الرحلة فتمتم راضيًا: لا يهم - يكفيني هذا الصمت من راحة. قال رفيق الدرب: حسبك - ليس كل صمت راحة! فألحَّ سائلاً: ما اسم المدينة؟ قيل: الصمت. قال غير قانع: ذاك سَمتها، فما اسمها؟! لم يجبه رفيق الرحلة وانسلَّ بين البنايات المتساويات طولا ًوعرضًا وارتفاعًا حتى اختفى في القاع، هَمَّ صاحب الرحلة أن يرفع رأسه ليقرأ لافتةً عريضة باسم المدينة، فهوت على أم رأسه صخرة الواقع فعاد من حيث جاء!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |