ومَن يكتُمْها.. (قصة قصيرة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 187 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28432 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60056 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 827 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-02-2021, 03:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي ومَن يكتُمْها.. (قصة قصيرة)

ومَن يكتُمْها..









(قصة قصيرة)












د. وليد قصاب














يعرف الحقيقة كلها، لا يخفى عليه خيط من خيوطها، واضحة أمامه مثل الشمس في رابعة النهار!



يعرف "عمر" مثلما يعرف نفسه، وقد يرتاب في نفسه ولا يرتاب فيه.



عمرُ أنقى من ضوء الفجر، وأصفى من الماء الزلال، صديقه في الدراسة والعمل منذ أكثر من عشر سنوات، خَبَرَه في مواقف لا حصر لها، ما عرفه إلا نظيفَ اليد واللسان، عَفَّ الجوارحِ والفؤاد.



بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، لفقوا له هذه التهمة الحقيرة؛ لأنه رجل ضعيف، لا حول له ولا طول.



صاروا جميعًا إلبًا عليه؛ لأنه لا سند له، ولا دعمَ، ولا وَساطة، فصار لهم طعمًا سهلاً، لا بواكي له!



وكذا - كما يقول زميلهم عادل - شأن الضعفاء في كل زمان ومكان، يصيرون دائمًا دريئة مَن يريد أن يتعلم الرماية!



حسين - مدير الدائرة - هو المجرم الحقيقي، هو الذي يرتشي ويقبض باستمرار، كأن المؤسسةَ مزرعةُ أبيه، يتصرَّفُ فيها كما يشاء، يَسرِقُ من أموالها في كل يوم.



جميع موظفي المؤسسة يعلمون ذلك علمَ اليقين، ولكن من ذا الذي يجرؤ منهم أن يتكلم؟



يعرفون جميعًا نفوذَ الرجل وأقاربه وأصدقائه الذين في السلطة، يخشون بأسَه، وإن بأسه لشديدٌ!



ولا بد أن تلبس التهمة أحدًا من الضعفاء، وعمر هو الحائط القصير الذي يستطيع أن يركبه كلُّ أحد!



في همسٍ غيرِ مسموع دار بينه وبين عادل أحد زملائه الطيبين في المؤسسة؛ قال له عادل، وهو يتلفت يمنة ويسرة، ويخافت بصوته خشية أن تفتح الجدران آذانها فتسمع شيئًا:

حسين مدعوم، واصل، له ظهر قوي، وراءه الـ ...



وغمز بعينه، فبادله عثمان الهمس قائلاً:

ولكن عمر بريء، أنت تعرف ذلك يقينًا، لماذا يؤخذ بها؟!



قال عادل:

لأنه لا بد أن يحملها أحد.



قال هامسًا يتلفت هو الآخر يمينًا وشمالاً:

لماذا لا يسجلونها ضد مجهول كما يحصل أحيانًا؟



وبالهمس نفسه أجاب عادل:

لأن حسين - مدير الدائرة - يريد إيهام المسؤولين بمهارة من مهاراته!



ولم يكمل، فاستحثه عثمان على الكلام:

ماذا تقصد؟

أقصد أن مدير الدائرة المحترم يريد أن يسجِّل قدرته على اكتشاف الاختلاس في دائرته، وأن عينَه ساهرة تستطيع اكتشاف المتلاعبين، وتقديمَهم إلى العدالة.






كان ضميره يخزه وخزَ الإبرِ وهو يرى بأمِّ عينه الخِناقَ يضيق حول صديقه البريء عمر.



تُخفَى أوراق، وتُختلَقُ مستندات، وتُزوَّر وثائق، وتُغيَّر توقيعات، والجميع يشارك أو يسكت، كلٌّ يتملق المجرم الحقيقي؛ خائفًا من نفوذه، أو طامعًا في نواله.



خرست كلمة الحق على ألسنة الجميع، كل عارف، ولكن الطيبين صامتون، والأشرار مشاركون في الزور!



عثمان يَعرِفُ الحقيقة، وتحت يديه أدلة ومستندات؛ فقد كان - بحكم موقعه في المؤسسة - مُطَّلعًا على كل شيء.



هل يجوز أن يظلَّ ساكتًا عن الحق؟ أيكتم الشهادة؟ وإذا فعل ونجا من عذاب ضميره الذي أصبح سوطًا يجلده ليل نهار، أينجو من عذاب الله؟ ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾ [البقرة: 283].



كان داخله يشتعل كالبركان، ولا بد مما يخمد له هذا البركان، وإلا احترق به.



كان عادل - أقرب المقربين إليه - يحسُّ بما يعتمل في داخله، وكان خائفًا عليه أن يتورط فيفكر في مواجهة الإعصار.



همس له ذات يوم، وقد أُتيحت لهما خلوة لا تراهما فيها عين من العيون المبثوثة في كل مكان، محذِّرًا:

إياك أن تلعب بالنار يا عثمان، أنت رجل ضعيف مثل عمر!



قُوتُك وقُوتُ عيالك في أيديهم، بل حياتك كلها في أيديهم، هؤلاء قوم ظلمة يسحقون كلَّ مَن يقف في وجههم.



قال من قلب محروق:

وعمر يا عادل، هل نَدَعُه حتى يلتفَّ حبلُ المشنقة حول عنقه، أو يُلقَى في غياهب السجن؟!



قال عادل محذِّرًا:

إياك أن ترتكب هذه الحماقة!



قال عثمان محتدًّا:

حماقة؟!

حماقة؛ لأنه لن يستمع إليك أحد، صوت القوي فقط هو المسموع، ستلقى مثلَ مصير عمرَ من غير أن تُنقِذَه!

وهل أكتم الشهادة؟



قال عادل محاولاً امتصاص انفعال عثمان:

شهادتُك ستَجرُّ عليك الهلاك، ستدخلك السجن مع عمر، ولن تنفعَه في شيء، فأبقِ على نفسك، الحيُّ أولى من الميت، تذكر أهلك.. عيالك.



ثم أضاف:

وقد تنفعه وأنت خارج السجن أكثر مما تنفعه وأنت معه في داخله.






لم يستطع عثمان أن ينام في تلك الليلة، غدًا موعد الجلسة التي يستمع فيها إلى الشهود، ثم ينطق بالحكم.



كلهم ضد عمر.



كلهم بخيل بالحق، لا يريد أن يجهر به.



كلهم يهادن القوي، ويتملَّقه، ويخشاه، كلهم نفى أي شبهة عن حسين، جعله - وهو المجرم - كحمامة بيضاء.



أي ظلم هذا؟ لا تزال أسماك القرش تأكل الأسماك الصغيرة!



لماذا يسرق حسين، وينهب أموال الدولة ليل نهار ولا يحرك أحد ساكنًا؟



أما يكفيه ما عنده من عمارات وعقارات ... و... و...؟



ألا يشبع أولاد الكلب هؤلاء؟



إن خزائنهم مثل جهنم، كلما امتلأت قالت: هل من مزيد؟



ولماذا قَمُؤَ الناس، وجبنوا، وعمُوا، حتى صاروا يرون الباطل حقًّا والحق باطلاً؟



يقول له عادل الساكت الأخرس مثلهم في إحدى محاوراتهما:

لأن حاميها حراميها.





لا تفارقُه صورة عمر وهو يُساقُ ذليلاً خائفًا وقد وضعوا القيود في يديه، وسحبوه من وراء مكتبه كما يُسحَبُ الكلب الأجرب.



كان يلتفت إليهم مستنجدًا، وهو يقول:

كلكم تعرفون اللص الحقيقي، ولكنكم تخافون من قول كلمة الحق، لماذا صرتم أجبن من الصراصير؟ أيها الساكتون على الباطل، ألا تخافون بطش المنتقم الجبار؟



أخذته سِنة خفية من نوم، ثم صحا فزعًا.



كان صوت عمر يدوي في أذنيه كصافرة إنذار:

أيها الساكتون على الباطل، ألا تخافون بطش المنتقم الجبار؟



ثم صدح في أذنيه صوت الإمام وهو يقرأ في صلاة الفجر: ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾ [البقرة: 283].



هب من فراشه واقفًا، وعجل يتوضأ ليدرك صلاة الصبح مع الإمام.



عاد من الصلاة، فدخل غرفة أولاده يقبِّلهم، ويدعو لهم واحدًا واحدًا.



همس بينه وبين نفسه وهو يغادر غرفتهم:

لكم وليَ الله!




ثم دخل غرفته، فلبس ثيابه في صمت، وغادر المنزل متوجِّهًا إلى المحكمة.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.51 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.70%)]