عمل المسلمة الإصلاحي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدور الحضاري للوقف الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          آفاق التنمية والتطوير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 3883 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 6959 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 6427 )           »          الأخ الكبير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          فوائد متنوعة منتقاة من بعض الكتب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 197 )           »          الحفاظ على النفس والصحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          شرح النووي لحديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          نظرية التأخر الحضاري في البلاد المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الاستعلائية في الشخصية اليهودية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-03-2019, 10:58 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,915
الدولة : Egypt
افتراضي عمل المسلمة الإصلاحي

عمل المسلمة الإصلاحي

د. شيخة المفرج



إنّ الدعوة إلى الله من أهم المهمات وأوجب الواجبات، بها يستقيم أمر الفرد ويصلح حال المجتمع، وقد كان للمرأة المسلمة دور مبكر في الدعوة إلى الله ونشر هذا الدين، فهي أم الرجال وصانعة الأبطال ومربية الأجيال، لها من كنانة الخير سهام، وفي سبيل الدعوة موطن ومقام، بجهدها يشرق أمل الأمة ويلوح فجره القريب.
اعلمي أنك شريكة الرجل في حمل هم هذه الدعوة تعلماً وتعليماً، حيث إنّ الله لمّا خاطب البشر وكلّفهم بعبادته وطاعته ونشر الدعوة إلى دينه خاطبهم رجالاً ونساءً، ولم يخص جنساً دون جنس بهذا التكليف العام إلاّ ما ورد فيه الاستثناء صريحاً. ومن ذلك نفهم المساواة في أصل التكليف بين الرجال والنساء، قال تعالى: (ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون)[آل عمران/104]، ومن المعلوم أن كل أمة تتكون من الرجال والنساء فالخطاب للجميع، وقد بيّن القرآن الكريم قدرة النساء المؤمنات على الدعوة إلى الإيمان بالله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما في قوله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إنّ اللع عزيز حكي)( التوبة/71).
ولم يقتصر القرآن الكريم على البيان النظري لقدرة المرأة على الدعوة، بل إنّه ضرب مثلاً عملياً لجهود المرأة الدعوية، قال تعالى: (وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين * ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين)(التحري م/10،11).
أما السنّة فقد أثبتت أثر المرأة في الدعوة إلى أي عقيدة في أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه أو يمجسانه"
وكما في حديث المسؤولية المروي في صحيح البخاري من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: "..والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم".
وإذا ما انتقلنا إلى السنّة العملية في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نجد أنّ تاريخ الإسلام حافل بجهود المرأة الدعوية ومشاركتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواء كان ذلك بين الأبناء والبنات، أو بين النساء الأخريات في المجتمع الإسلامي، وتاريخ أمهات المؤمنين وعدد كبير من الصحابيات رضي الله عنهن خير شاهد على ما قدمته المرأة المسلمة من جهود دعوية في مختلف المجالات، ولعلنا نعرض لأمثلة ذلك عند استعراض المجالات الإصلاحية.
اعلمي أنّ الإسلام قد وضع ضمانات خُلُقية للمرأة تتمثّل في وجوب حشمتها وعفافها وحجابها عن الرجال الأجانب، كما حرّم الاختلاط بين الجنسين، ممّا يدعو إلى ضرورة وجود داعيات في الوسط النسائي، لأنّ الرجل لا يستطيع الدخول في مجتمع النساء ليرى الأخطاء التي تُرتكب، فعلى هذا فإنّ المرأة مسؤولة أمام الله عزّ وجل عن ذلك. قال تعالى: على لسان عيسى عليه السلام:}وجعلني مباركاً أينماً كنت{(مريم/31). فكوني كذلك مباركة أينما كنت تجعلين من الدعوة إلى الله لكِ شعاراً ودثاراً في كل مكان وفي أي مجال يفتح أمامك ويتيسّر لك الإصلاح فيه مستشعرة ما أثنى الله به في كتابه على من قام بذلك في قوله تعالى: }ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين{(فصلت/33). وقوله صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الوزر مثل من تبعه لا ينقص من أوزارهم شيئاً" (رواه مسلم).
أيتها الأخت المباركة: لا أخالك إلا راغبة فيما وعد الله به ورسوله تسألين عن المجالات التي من خلالها تستطيعين السير في ركاب الداعيات الصالحات المصلحات بإذّن الله، فأذكرك بها ـ وهي سهلة ميسرة ـ ماثلة بين يديك ليل نهار، ولكنك قد غفلت عنها أو ربّما عن بعضها، فشمري عن ساعد الجِد والإخلاص، فإننا لا نقنع منك بأن تكوني امرأة صالحة فحسب، بل إن الأمل ليحدونا أن تكوني صالحة مصلحة أينما حللت، فأنت نجم مضيء يستنير به من ضلّ الطريق، وظل وارف يتفيئه من تلظى بحرارة المعصية وحرقة الذنوب، وليس ذلك عنك ببعيد ـ أختي المسلمة ـ وقد نهلت من مشكاة النبوة ورزقت سلامة الفطرة.
واعلمي أن أول مجال يحتاج لإصلاحك هو محضن الأسرة، إنّه المنزل: فالمنزل أخيتي ميدان عظيم للدعوة وقد حمّل الله هذا الميدان مسؤولية عظيمة تجاه أفراده يتحملها الأبوان كل وفق قدراته، قال تعالى: }يا أيُّها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يُؤمرون{ (التحريم/6).
وقال عليه الصلاة والسلام: "ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم.." الحديث (رواه البخاري).
ومن هنا يُعلم دور المرأة ومسؤوليتها في أهل بيتها، إذ هي تتحمّل الجانب الأكبر لأنّها هي الحامل والمرضع والحاضن للطفل حتى سن التمييز تلازمه ملازمة دائمة، وهذه المدة تمثل الأهمية الكبرى للمنزل في الإعداد للدعوة إلى الله بالعلم الشرعي والعمل بهذا العلم في مجالي العقيدة والشريعة والصبر على العقبات التي يمكن أن تعترض هذا الطريق.
ويبدأ التفاعل الاجتماعي بين الأم ووليدها منذ الدقائق الأولى للولادة ببناء الأساس العقدي عند الطفل بإسماعه كلمة التوحيد، وتعود الأم لسانها على ذكر الله أمامه وترد يده على مسامعه، واختيار الإسم الحسن له لأنّ كلا له من اسمه نصيب، وغالباً ما يتساءل الأبناء إذا فهموا ووعوا عن سبب اختيار هذا الإسم لهم، وقد ثبت في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم.." الحديث.
واحرصي إذا بدأ وليدك ينطق أن تلقنيه كلمة التوحيد، وهذا ما حرصت عليه أم سُليم بنت ملحان رضي الله عنها، فقد روى عنها حفيدها إسحاق بن عبدالله أنّها آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فجاء أبوأنس مالك بن النضر ـ زوجها ـ وكان غائباً فقال: أصبوت؟ فقالت: ما صبوت، ولكني آمنت، وجعلت تلقن أنساً، قل: لا إله إلا الله، قل: أشهد أن محمداً رسول الله ففعل.. الحديث، (أخرجه ابن سعد).
واحرصي أُخيتي على غرس محبة الله ورسوله في نفوس أبنائك لأنّ المحبة إذا وجدت كان من لازمها الاتباع، فقد قال تعالى: }قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم{(آل عمران:31).
وهذا الأمر سيسهّل عليكِ كثيراً من القضايا التربوية المستقبلية، ذلك أنّ الولد إذا غرست في نفسه محبة الله ورسوله سَهُل عليه فعل المأمورات وترك المنهيات، لأنّ المعصية لا تجتمع مع المحبة ـ قال الشافعي ـ رحمه الله تعالى:
تعصي الإله وأنت تُظهر حبّه
هذا محال في القـياس بديع
لو كان حـبك صادقاً لأطعته
إنّ المحب لمن يحب مطيع
ويتبع ذلك تعليم النشء القرآن، وقد بيّن ابن خلدون في مقدمته قيمة ذلك بقوله:"تعليم الولدان القرآن شعار الدين أَخَذَ به أهل الملة ودرجوا عليه في جميع أمصارهم لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان والعقائد، وصار القرآن أصل التعليم الذي يبني عليه ما يحصل من الملكات، وسبب ذلك أنّ التعليم في الصغر أشدّ رسوخاً وهو أصل لما بعده، لأنّ السابق الأول للقلوب كالأساس وأساليبه يكون حال من يبني عليه" أ.هـ.
هذا الأمر يسير على من يسّره الله عليه، فإن استطعت تعليم أبنائك القرآن في البيت فهذا جيد، وإن لم يتم فحلق التحفيظ في المساجد ودور التحفيظ النسائية قد كفتك مؤونة التعليم ولم يبق لكِ سوى المراجعة، فسارعي أخيتي لجعل أبناءك من أهل القرآن وخاصته تكسبي في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا تكسبي صلاحهم بإذن الله، وفي الآخرة ينالك التتويج لحفظ أبنائك القرآن.
ثم احرصي على أمر أبناءك وبناتك بالصلاة عند بلوغهم سن السابعة وعلميهم أهمية الصلاة وموقعها من أركان الإسلام ودربيهم على أدائها الصحيح، وعلميهم ما يتعلق بها من أحكام كالطهارة وغيرها وشجعيهم على ذلك بالكلمة والمكافأة سواء كانت معنوية أو مادية، وعودي ذكورهم على أدائها مع الجماعة، وإذا بلغوا سن العاشرة فاضربيهم على تركها ضرباً غير مبرح تنفيذاً لأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "مُروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرِّقوا بينهم في المضاجع" (صحيح الجامع).
وفي هذا الأسلوب التربوي النبوي علاج لما تعاني منه بعض الأمهات من تمرد الأبناء وعصيانهم عند أمرهم بالصلاة عند البلوغ أو بعده لأنّهم لم يتعودوا على ذلك في صغرهم، فتنبهي يا أخية لذلك.. ونبهي من حولك.
كما ينبغي أن تحرصي على تعويدهم على الصيام قبل البلوغ حتى لا يصعب عليهم إذا كانوا في مرحلة التكليف، فلقد نقلت لنا السنّة كيف أنّ الصحابة كانوا يشغلون أولادهم باللعب من العهن ـ أي الصوف ـ حتى لا يطلبوا الطعام إلى أن تغرب الشمس.
ولا تغلفي أخيتي جانب الأدعية والأذكار، فاجعلي لأبنائك منها نصيباً، ولا أشك في أنّ كل أم حريصة على حماية أبنائها من الشرور، فاعملي أنّ هذه الأوراد هي حصن لهم بإذن الله، وتقوي في نفوسهم الارتباط بخالقهم والاعتصام به والتوكل عليه، وينشأ ناشئهم ولسانه رطباً بذكر الله، قد ارتبط ذكر الله عنده بكلّ حركاته وسكناته، فللمأكل والمشرب أذكار وللنوم أذكار، ولدخول الخلاء والخروج منه أذكار، وللبس أذكار، فهو ذاكر الله قائماً وقاعداً وعلى جنب، محقق لقوله تعالى: "الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم" (آل عمران/191).
أُخيتي: اعلمي أن كل سائر يحتاج إلى دليل، وكل طفل محتاج إلى قدوة عليا ينظر إليها فإعجاب فيقتبس منها صالح الأخلاق، فاجعلي لقصص السيرة النبوية، وسير الصحابة والتابعين رجالاً ونساءً، نصيباً من وقتك مع أبنائك يُجمع فيه بين التربية والتسلية، وتعظم أمامهم القدوة وتعلو هممهم، ونجنبهم بذلك البحث عن قدوات من سقط القوم أو حشو أذهانهم بالقصص الخرافية التي لا تزيدهم إلا هماً ورعباً.
ونمِّي قدراتهم العقلية بإحضار الكتب النافعة لهم المناسبة لسنِّهم، وكذلك الأشرطة الجيدة لتسدّ النقص الحادث أثناء انشغالك عنهم ببعض الأمور الأخرى.
ولا تفوتي أوقات الاستجمام والرحلات، إذ يمكن استغلاله في تنمية ملكة التفكير عندهم والتأمل في مخلوقات الله وبديع صنعه، كي يكون الإيمان بالله قائماً على حجّة وبرهان.
فكم من أخت أحسنت استغلال أوقات السفر في تعليم آية أو تفسيرها أو حثّ على مكرمة أو تنفير من رذيلة، ذلك أنّ النفوس تكون حينئذٍ منشرحة مستعدة لاستقبال ما يوجه إليها.
ويمكنك أخيتي من خلال إطلاعك على علاقات أبنائك مع أقاربهم أن تُشعريهم بالمواقف الصحيحة والخاطئة وتجعليهم قادرين على النقد، وبالتالي تَمَثُل كل مليح من الأخلاق والابتعاد عن كل قبيح منها، ويراعى في ذلك جانب التفريق بين ما يصلح للذكور والإناث من الأخلاقيات، فيوجه كل جنس إلى ما يصلح دينه ودنياه، ممّا يجعلهم قادرين على التفاعل الإيجابي مع مجتمعاتهم، والاستعداد لتحمل المسؤوليات التي ستلقى عليهم فيما بعد.
واعلمي أنّ هناك جانباً له تأثير قوي في الهدم والبناء في أخلاقيات الأبناء، ألا وهو الأصدقاء، فاحرصي على تربيتهم على حسن اختيار الأصدقاء بذكر الصفات المطلوبة في الصـديق المثالي، وقد بيّن صلّى الله عليه وسلم أثر الأصـدقاء بقوله : "الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" (حسنه الألباني رحمه الله)، وقال عليه الصلاة والسلام: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكيل، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرقك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة".
وذكريهم بفضل مصاحبة الصالحين وسوء معاشرة أهل المعاصي متمثلة قول الشافعي:
أحب الصالحين ولست منهم
لعلي أن أنال بهم شفاعـة
وأكرهُ من تجارته المعاصي
ولو كنا سواء في البضاعة
وحاولي ربطهم بالدعاة وأهل الخير، وراقبي عن بُعد صداقاتهم وحاولي تثبيت الصالح منها واستبدال الطالح بالصالح.
ولا يفوتني في هذا المقام أن أبيِّن لك أنّ هؤلاء الأبناء أمانة وضعها الله بين يديك فاحرصي على بناء أجسامهم بناءً صحيحاً بالتغذية السليمة بما أحلّ الله من الطيبات وإبعادهم عن الخبائث وتعويدهم الحركة والنشاط وخدمة أنفسهم وأهليهم، ذكرهم وأنثاهم كل بحسب طبيعته وما جُبل عليه، وليعلموا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان في مهنة أهله.
والعقول تحتاج إلى بناء كالأجسام، فعوِّديهم القراءة الموجهة في الكتب النافعة والمجلات الشريفة وجنِّبيهم المجلات الهدّامة والبرامج المدمرة التي تعرض في القنوات الفضائية.
واجعلي منك ومن زوجك قدوة لأبنائك في كل شيء، واعلمي أنّكما المثل الأعلى لهم، فالبنات يقتدين بك في حياتهن المستقبلية من حيث خدمة الزوج وكسب رضاه وحضانة الرضيع والاهتمام بفراشه وطعامه والصبر عليه والاحتساب في ذلك والقيام بالأعمال المنزلية، ولمساتك أخيتي المسلمة تظهر على منزلك من حيث الاقتصاد وعدم الإسراف وتجنب ما فيه صور ذات الأرواح أو المجسمات أو ما يشير على عبادة غير الله؛ كالصلبان سواء كان ذلك في أثاثك أو ألعاب أطفالك أو لباسهم.
ولا تنسي أخيتي المحبيبة من استرعاك الله فيهم من خدم سواء كانوا رجالاً أو نساءً فعلميهم الإسلام إن لم يكونوا مسلمين، وفقهيهم في دينهم إن كانوا مسلمين، واحتسبي أن يكونوا بعد رجوعهم إلى بلادهم دعاة للإسلام فتنالي بذلك الأجر العظيم المضاعف، واربطيهم بأقرب مركز لتعليم الجاليات ليستفيدوا ويفيدوا وأنت مأجورة.
وقبل أن أنتقل عن مجال المنزل الإصلاحي، أود أن أذكرك أخيتي بميزات هذا المجال، فالمنزل روضة خصبة يغرس فيها غراس الدعوة إلى الله، لما يوجد فيه من مقومات تؤهله لذلك، منها اجتماع أفراده غالب ساعات اليوم مع وجود التوافق النفسي والاجتماعي بهم، وأن التوجيه لأفراده يمكن أن يكون تدريجياً بحيث يسهل تقبله وثباته في الذهن، إذ أنّ العقاب داخل المنزل يكون بعيداً عن أنظار الناس، وهذا أحرى بالقبول كما قال الشافعي:

تعمدني بنصحك بانفـرادي
وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصـح بين الناس نوع
من التوبيخ لا أرضى استماعه
ولعلي لا أثقل كاهلك بأعباء الدعوة إذا قلت لك أنّه يمكنك الدعوة إلى الله في منزلك وذلك عن طريق سماع الأشرطة النافعة وقراءة الكتب المفيدة، وبعد ذلك الكتابة في المجلات والصحف في حدود معرفتك، فهذا يمكن أن يعود عليك بالخير العميم ولا يتطلّب منك إلا اليسير.
ما ذكرته سالفاً في المجال الإصلاحي في المنزل لا يختص بالأم فقط، بل هو يشمل جميع أفراد المنزل، فالمرأة سواء كانت أماً أو زوجة أو أختاً أو بنتاً فلها دور تقوم به أياً كان موقعها، لكن الأمر يحتاج إلى همة وعزيمة، ومن لطيف ما يذكر في هذا المقام؛ ما قاله الشيخ الداعية إبراهيم الدويش ـ حفظه الله ـ في معرض إجابته عندما سئل عن دور المرأة في حياته فقال: "المرأة في حياتي هي حياتي، فأنّى اتجهتُ فهي معي، أم رضعت منها الصلاح والاستقامة مع كل دفقة حليب، في النهار مربية وموجهة وفي الليل قدوة في مصلاها، وكم اكتحلت عيناي بها قائمة في آخر الليل تركع وتسجد، تسأل الله لنا الصلاح والتوفيق، أسأل الله أن يرزقني برها وخدمتها، وأخت حنون خدوم، تناصح وتضافر وتعاون على البر والتقوى، وزوجة صالحة صابرة، أنسى التعب والهم بتشجيعها ووقوفها بجانبي، وبنت أرى فيها المستقبل وبشائر الخير وأقرأ في عينها الحماس، هذه هي المرأة التي أعيش معها، فالحمد لله على فضله وأشكره على المزيد" أ.هـ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.81 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]