معالم من تربية أم سليم رضي الله عنها - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-08-2019, 05:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي معالم من تربية أم سليم رضي الله عنها

معالم من تربية أم سليم رضي الله عنها




د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم






إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.





أيها المؤمنون!


الأم محضن التربية الأول الأصيل، وأساسه الذي يقوم عليه البناء، منها نشأ الوليد وتغذى، وبتوجيهها كان يسير ويتربى؛ فكانت ألصق الناس به في مدارج الصبا، وأكلفهم به في مراحل الحياة. وبات من غالب الأمر ورجائه صلاحُ حال الولد بحسن تربية أمه.




منْ لي بتربية النساءِ فإنَّها

في الشرق علَّةُ ذلك الإخفاق




الأم مدرسةٌ إذا أعددتها

أعددت شعباً طيّب الأعراقِ




الأم روضٌ تعهّدهُ الحيا

بالريّ أورقَ إيّما إيراق




الأمُّ أستاذُ الأساتذةِ الألى

شغلت مآثرهم مدى الآفاق









هذا، وإن من أولئك الأمهات اللائي تميزن بمنهج في التربية فريد؛ أثمر وُلْداً أعز الله بهم الدين، وحفظ بهم الملة؛ فكان منهم أوعية العلم، وكماة الوغى، وتُرْجٌ يتلون كتاب الله - الرميصاءَ: أمَّ سليم بنت ملحان الأنصارية - رضي الله عنها -؛ أمَّ أنس بن مالك والبراء؛ زوجَ أبي طلحة الأنصاري - رضي الله عنهم -. كانت من عقلاء النساء، وفضلياتهن. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بها أنِساً رحيماً، يتعاهدها بالزيارة، ويقيل في بيتها، ويمازح صبيانها، ويطعم طعامها، ويصلي النافلة بأهل بيتها. شهد لها بالجنة إذ يقول: " رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ؛ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَة " رواه البخاري.





أيها المسلمون!


لأم سليم - رضي الله عنها - مسلك حسن في تربية الولد وتقويمه؛ يقوم على مراعاة السنة في عموم الأحوال؛ دون قصر على حال الرخاء، بل كان نهجاً مطرداً حتى في حال الكرب والشدة، ومبتدَأً مذ الولادة، يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: مَاتَ ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ، مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقَالَتْ لِأَهْلِهَا: لَا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ، قَالَ: فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً، فَأَكَلَ وَشَرِبَ، فَقَالَ: ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلِكَ، فَوَقَعَ بِهَا، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهَا، قَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمًا أَعَارُوا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ؟ قَالَ: لَا، قَالَتْ: فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ، قَالَ: فَغَضِبَ، وَقَالَ: تَرَكْتِنِي حَتَّى تَلَطَّخْتُ، ثُمَّ أَخْبَرْتِنِي بِابْنِي! فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي غَابِرِ لَيْلَتِكُمَا» قَالَ: فَحَمَلَتْ، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ وَهِيَ مَعَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَتَى الْمَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ لَا يَطْرُقُهَا طُرُوقًا (أي: لا يدخلها في الليل )، فَدَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ فَاحْتُبِسَ عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: يَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ، يَا رَبِّ إِنَّهُ يُعْجِبُنِي أَنْ أَخْرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ، وَأَدْخُلَ مَعَهُ إِذَا دَخَلَ، وَقَدِ احْتَبَسْتُ بِمَا تَرَى، قَالَ: تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، مَا أَجِدُ الَّذِي كُنْتُ أَجِدُ، انْطَلِقْ، فَانْطَلَقْنَا، قَالَ وَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ حِينَ قَدِمَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ لِي أُمِّي: يَا أَنَسُ، لَا يُرْضِعُهُ أَحَدٌ حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا أَصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَصَادَفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ (آلة يوسم بها الحيوان )، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: «لَعَلَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، فَوَضَعَ الْمِيسَمَ، قَالَ: وَجِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِهِ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعَجْوَةٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ، فَلَاكَهَا فِي فِيهِ حَتَّى ذَابَتْ، ثُمَّ قَذَفَهَا في فِي الصَّبِيِّ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «انْظُرُوا إِلَى حُبِّ الْأَنْصَارِ التَّمْرَ» قَالَ: فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ. رواه مسلم، وجاء في رواية البخاري: " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلاَدٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ (أي: حفظوه، وأخذوا العلم) ".





والحرص على الولد من سمات منهج تربية أم سليم؛ فكانت فارغة لتربيتهم؛ لم تُسْلِمها إلى أحد غيرها. لما خطبها أبو طلحة كانت تقول: لا أتزوج حتى يبلغ أنس، ويجلس في المجالس، فيقول: جزى اللَّه أمي عنّي خيراً؛ لقد أحسنت ولايتي. وكانت ذات حرص على استغلال أوائل السنيّ ذات البُصْم الغالب في بقيّ العمر، قال إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ: أَنَّهَا آمَنَتْ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو أَنَسٍ وَكَانَ غَائِباً، فَقَالَ: أَصَبَوْتِ؟! فَقَالَتْ: مَا صَبَوْتُ، وَلَكِنِّي آمَنْتُ. وَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَساً: قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قُلْ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلَ اللهِ، فَفَعَلَ، فَيَقُوْلُ لَهَا أَبُوْهُ: لاَ تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي، فَتَقُوْلُ: إِنِّي لاَ أُفْسِدُهُ. ولحرصها كانت تهتبل فرص تحصيل الخير لبنيها التي جعلتهم من خاصة شأنها ومهمّه، قال أنس: دَخَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَالَ: «أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ؛ فَإِنِّي صَائِمٌ »، ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ المَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً، قَالَ: «مَا هِيَ؟»، قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي بِهِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ»، فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالًا، وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ: أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلْبِي مَقْدَمَ حَجَّاجٍ البَصْرَةَ بِضْعٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ رواه البخاري. وقال أنس: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَدْخُلُ بَيْتَ أُمِّ سُلَيْمٍ فَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا، وَلَيْسَتْ فِيهِ، قَالَ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهَا، فَأُتِيَتْ فَقِيلَ لَهَا: هَذَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- نَامَ فِي بَيْتِكِ، عَلَى فِرَاشِكِ، قَالَ: فَجَاءَتْ وَقَدْ عَرِقَ، وَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهُ عَلَى قِطْعَةِ أَدِيمٍ، عَلَى الْفِرَاشِ، فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَهَا (صندوق صغير تجعل المرأة فيه ما يعز من متاعها) فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذَلِكَ الْعَرَقَ فَتَعْصِرُهُ فِي قَوَارِيرِهَا، فَفَزِعَ (استيقظ) النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: «مَا تَصْنَعِينَ، يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟ » فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا، قَالَ: «أَصَبْتِ» رواه مسلم. وحرْصُها كان يدفعها لمتابعة ولدها متابعة الموجه لا المحقق، قال أنس: " أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِحَاجَةٍ، قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ، قَالَتْ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحَدًا " رواه البخاري. وندرك بهذا الحوار التربوي الراقي متانة العلاقة بين الأم وابنها وحسنَها، الذي كان قوامها الصراحة والثقة المنضبطة وتعزيز السلوك الإيجابي واحترام الخصوصية والالتزام بنظام الضبط في المنزل.






أيها الإخوة في الله!


أم سليم ذات مشروع تربوي طموح ذي رؤية واضحة، تخطط له، وتسعى لدرك ذروة السنام فيه. وحين علمت ضرورة تعدد قنوات التوجيه، وعظم أثر الخلطة والصحبة والقدوة في حياة الصغير؛ سعت بربط ابنها أنس ملازماً مَنْ أمَر اللهُ الأمةَ بالاقتداء به إذ يقول: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾، يقول أنس: " أَخَذَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ بِيَدِي مَقْدَمَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ، فَأَتَتْ بِي رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا ابْنِي وَهُوَ غُلَامٌ كَاتِبٌ يخدمك، قَالَ: فَخَدَمْتُهُ تِسْعَ سِنِينَ،فَمَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ قَطُّ صَنَعْتُهُ: أَسَأْتَ، أَو: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ " رواه أحمد؛ فما بالكم بأثر مخالطة يومية لسيد البشر زهاء عشر سنين؟!





الخطبة الثانية


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.





وبعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله





أيها المؤمنون!


ومن معالم تربية أم سليم - رضي الله عنها - دوام التشجيع على الفعل الحسن والحث عليه، يقول أنس: " قَدِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ، وَمَاتَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ، وَكُنَّ أُمَّهَاتِي يَحْثُثْنَنِي عَلَى خِدْمَتِهِ "رواه مسلم. ومن معالمها التربوية التعويد على المسؤولية الذي يبني الشخصية والعصامية وينبذ التدليل والبطالة المفسدة للأخلاق؛ فقد كانت تعهد لابنها أنس مسؤولية خدمة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإيصال الطعام إليه، ودعوته وأصحابه للحضور في منزلهم، والمشاركة في رعاية إخوته. روى البخاري أن أنساً - رضي الله عنه - قال: " قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدِي وَلاَثَتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ، فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي المَسْجِدِ، وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «آرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «بِطَعَامٍ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَنْ مَعَهُ: «قُومُوا»، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ؟! فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبُو طَلْحَةَ مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، مَا عِنْدَكِ» فَأَتَتْ بِذَلِكَ الخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: «ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ» فَأَكَلَ القَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا ".





وبعد، هذا غيض من فيض تربية أم سليم؛ فأين المؤتسون؟


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.42 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]