رفقا أيها المربي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4412 - عددالزوار : 849928 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3942 - عددالزوار : 386134 )           »          الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 49 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > روضة أطفال الشفاء

روضة أطفال الشفاء كل ما يختص ببراءة الأطفال من صور ومسابقات وقصص والعاب ترفيهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-02-2020, 09:59 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رفقا أيها المربي

رفقا أيها المربي (1)



الشيخ: محمد إسماعيل المقدم



يعد المربي حجر الزاوية والمحرك الأساسي في عملية التربية؛ لذا لابد أن يخص بنصائح خاصة مميزة، تعطيه ملكة في التعامل مع من يربيهم، ويدرك بها خطورة المهمة الملقاة على عاتقه، التي سيسأل عنها يوم القيامة، ومما ينصح به المربي: أن العقاب البدني الشديد يجب أن يتجنبه، وإن استخدم فهو للتربية والتوجيه، لا للتشفي وإخراج ما في النفس من حنق على المتربي؛ فالعقاب البدني الأهوج والكلمات المهينة لها أثر نفسي قد لا يزول مدى العمر.

التربية الإسلامية وأهميتها

التربية الإسلامية ربانية المصدر، عالمية الشمول، ثابتة الأصول، مرنة التطبيق، تشمل ميادين الحياة الدنيا وكذلك الحياة الآخرة في توازن واعتدال؛ فهي تُعد الإنسان لعبادة الله -تبارك وتعالى- حق عبادته، وعمارة الأرض وخلافتها، وفق منهج رضيه الله لعباده، واختاره لهم، تلك التربية التي تؤصل العقيدة في النفوس، وترسخ الإيمان في القلوب، وتحبب شرع الله -عز وجل- إلى عباد الله.

المصادر غير الإسلامية

إلا أن الأمة الإسلامية لما بدأت تتطفل على غير المصادر الإسلامية، أو تطلب الخير من غير ما أنزل الله -سبحانه وتعالى-، وابتعدت عما أوحاه الله إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم -، انهمكت في تقليد الغرب؛ فبقدر ما نهلت من هذه المنابع الغربية بقدر ما حصل من الخلل في التربية الإسلامية، والفكر التربوي الإسلامي، وهذا الأمر انعكس بلا شك على العمليات التربوية، ونرى آثاره واضحة في بعض المؤسسات التربوية؛ من حيث العلاقة بين المعلمين والمتعلمين؛ فنرى عدم التوافق وعدم الانسجام، وعدم الاحترام، نرى أن الصغير لا يحترم الكبير، وأن الكبير لا يرفق بالصغير ولا يرحمه؛ فصارت التربية في مجتمعنا ولاسيما في هذا الزمان تسير في اتجاه مخالف لذلك الاتجاه الذي كان عليه سلف الأمة الصالحون.

عديمة الجذور

فالتربية صارت عديمة الجذور، تنزوي بسرعة، وتجتاحها أخف الرياح وأقل الأمطار، مثل البناء المقام على أرضية رخوة، ينهار لأدنى عامل مضاد؛ وذلك لأن المناهج التربوية الغربية في قسم كبير منها غير موصولة بخالق هذا الإنسان الذي قال -سبحانه وتعالى- عنه: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير} (الملك: 14)؛ فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي خلق هذا الإنسان، وهو الذي يعلم ما يصلحه وما يفسده كي يجتنبه؛ فإذا طالعنا الصحف كم نرى من الأخبار المؤذية والسيئة التي تعكس انهيار الجانب التربوي في المجتمع من حوادث مؤسفة، يصل فيها الأمر إلى اعتداء الابن على أبويه، أو قتل الأب لابنه، أو مدرس يضربه التلاميذ... إلخ، ونحو ذلك من الحوادث الأليمة المؤسفة، وما ذاك إلا لبعدنا عن هدي منهجه - صلى الله عليه وسلم- الذي هو خير الهدي، وبسبب بعدنا عن الاستفادة منه في معالجة تجاوزات الطلاب.

مبدأ الرفق في التربية وأثره

مبدأ الثواب والعقاب مبدأ أساسي جداً، ومبدأ في غاية الأهمية، ولا يمكن أن تتم أي تربية بغير الثواب والعقاب، أو بغير الترغيب والترهيب، لكن بعض الناس يسيء فهم بعض النصوص، ولاسيما مثل قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: «واضربوهم عليها لعشر سنين»؛ فيتصرف في تطبيق هذا الحديث؛ فنجد الضرب في عمر صغير في السنوات الثلاث أوالأربع، وعلى أمور في غاية البساطة، إن أهم أمر في الدين بعد التوحيد هو الصلاة؛ فإذا كان لا يضرب على الصلاة حتى سن العاشرة، فما بالك بما دون الصلاة؟! وما بالك بما دون ذلك السن بكثير؟!

حزام الأمان

إننا نشبه موضوع الرفق مع المربي بحزام الأمان في السيارة؛ فسائق السيارة يحزم به نفسه حتى إذا ما اصطدمت السيارة فجأة بشيء أو وقع حادث مفاجئ؛ فإنه لا يخرج منها بدافع القصور الذاتي، وإذا وقفت السيارة بسبب صدمة شديدة؛ فالمفروض أن الجزء الأعلى من السائق ينصدم في الزجاج، كما يحدث في الحوادث المعروفة؛ فأخذ هذا الإجراء الوقائي مطلوب، حتى إذا ما حصل حادث مفاجئ؛ فإن الحزام من طبيعته أنه يحجز الإنسان عن الاندفاع للأمام، وتجد أن هذا الحزام إذا سحبته برفق؛ فإنه يسير معك، أما إذا سحبته بشدة؛ فإنه يعاند ويشاكس ولا يتحرك، وهكذا إذا أردت ثمرة جيدة للتربية، فلا تعدل عن الرفق أبداً، ولا تستبدل به أي وسيلة أخرى، فالرفق هو البداية وهو الأصل؛ فلذلك فإمك تكسب الطفل -في الغالب- تكسبه إذا رفقت به، أما الشدة؛ فإنها تستخرج منه العناد استخراجاً، وتوجد كثيراً من الآثار السلبية فيما بعد.

الآثار السلبية للعقاب البدني

إن القفز من التدرج المعروف في العملية التربوية أو التوجيهية إلى عملية المعاقبة والضرب أو العنف هو اعتراف بالفشل؛ ولذلك يتساءل أحد المتخصصين عن العقاب البدني بقوله: هل هو أبغض الحلال إلى المربين؟ عنوان يحمل معاني جميلة جداً في الحقيقة؛ فالطلاق حلال، ويباح في كثير من الأحوال، لكن هل معنى ذلك أن أي مشكلة يواجهها الزوج مع زوجته يفزع إلى الطلاق؟! فالطلاق حلال، لكن هل يفزع إليه أولا؟ لا،لأن آخر العلاج الكي والبتر، لكن لابد أن يواجه الإنسان المشكلات بطريقة متدرجة، حتى الضرب الذي ورد في القرآن له عملية تدرج وشروط وضوابط.. إلى آخره، فما بال بعض الناس يقصدون مباشرة إلى العنف والشدة مع ما لذلك من آثار جسيمة وخطيرة تنعكس على الأسرة والأبناء؟!

اعتراف بالهزيمة

يقول أحد الباحثين: إن لجوء الوالد أو المدرس إلى العقاب يعد اعترافاً بالهزيمة؛ فلماذا يلجأ إليها فوراً من أول خطوة؟؛ لأنه في الحقيقة ينسى أن العقاب هو عملية تربوية؛ فيحول العملية التربوية إلى عملية انتقام وتشف، وإهدار للقاعدة التي دائماً نكررها: (طفلك ليس أنت)؛ فمعظم الأخطاء التربوية التي تحصل، وكثرة النقد والعنف والشدة التي تنشأ، بسبب أنه يجعل عقله مثل عقل الطفل سواء بسواء، ويوازي خبرته بخبرة الطفل، وفهمه بفهمه، وكأنهما ندان، لو أنه تفكر قليلاً سيجد أنه ليس ندا، هذا المسكين هو طفل صغير وليس شخصاً كبيراً، حتى لا يوجد هناك تكافؤ عضلي أو جسدي، فهل من المروءة والقوة أن تضرب طفلاً أو تلميذاً بهذا العنف لأنك أكبر منه؟!؛ ولذلك تجد الطالب المراهق إذا عومل بهذه المعاملة، وعنده عضلات وهو قوي، ربما يضرب المدرس؛ لأنه يجد لديه إحساساً بالكفاءة، وأن له القدرة على ضربه، أما الطفل المسكين فماذا يعمل؟ وكيف يدافع عن نفسه؟ وهكذا رجل يضرب امرأة، فهل هذه مروءة؟! عندما يضرب إنسان امرأة بغاية العنف وغاية القسوة، كأنه يصارع ملاكماً، هذه دناءة وخفة عقل وقلة مروءة، لماذا تستعرض عضلاتك على امرأة؟ هل هذا هو الضرب الذي ورد ذكره في القرآن؟

التشفي

فالشاهد أن العقاب عند بعضهم يتحول من عملية تربوية إلى عملية تشف، صدره يغلي من خطأ ارتكبه هذا الطفل، أو هذا الصبي؛ فيفزع إلى الضرب وهو في غاية العصبية لأجل الضرب وليس التربية، وهدفه أن يشفي غليله، ويطفئ نار الثورة في قلبه؛ فيظل يضرب إلى أن تهدأ ناره؛ فيطلق هذه الشحنة في جسد هذا الصبي بالضرب والتعذيب وقد يكسر له عظماً، أو يسبب له العمى كبعض الحوادث، أو يكسر له بعض أطرافه كيديه كما حصل في حوادث كثيرة جداً نتيجة إيذاء الأطفال.


اختصار الطريق بالضرب

لماذا نفزع إلى اختصار الطريق بالضرب؟ لأننا نفشل في الأساليب الحقيقية في مواجهة المشكلات، ولا نسلك المسالك التربوية الصحيحة؛ لذلك يقول بعض الباحثين في بحث بعنوان: (الحب أولى من العقاب): إنك تستطيع أن تعالج اعوجاج الطفل بالمحبة والعطف والحنان، ويأتيك بثمار أعظم بكثير جداً مما تتوقعه من العقاب الذي ربما يأتي بأضرار كثيرة يقول: إن لجوء الوالد أو المدرس إلى العقاب يعد اعترافاً بالهزيمة، مؤداه: أنه لم يتمكن من تحقيق أغراضه باستعماله أي وسيلة أخرى، أي: أنه عجز عن توجيهه وجهة حسنة، أو معاونته على تنفيذ ما يتوقع منه بأي طريقة أخرى؛ لذلك فإن استخدام العقاب ما هو إلا مسوغ للفشل، وعدم وجود ما يقوم مقامه لدى المربي، أي: أن جعبة هذا المربي خاوية، وليس عنده علم، ولا خبرة، ولا حكمة، لا بشرع، ولا بآداب شرعية، ولا حتى بآداب تربوية يتفق عليها العقلاء أجمعون؛ ولذلك لجأ إلى آخر وسيلة وهي العنف والشدة؛ لأنه عاجز عن أن يستخدم الوسائل التربوية الأصلية.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13-02-2020, 10:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رفقا أيها المربي



رفقا أيها المربي (2)




الشيخ: محمد إسماعيل المقدم



ما زال الحديث موصولاً عن أهمية الرفق في العملية التربوية، وقد ذكرنا أن المربي يعد حجر الزاوية، والمحرك الأساس في عملية التربية؛ فلابد أن يدرك خطورة المهمة الملقاة على عاتقه، التي سيسأل عنها يوم القيامة. ومما ينصح به المربي، أن العقاب البدني الشديد يجب أن يتجنبه، وإن استخدمه فهو للتربية والتوجيه، لا للتشفي وإخراج ما في النفس من حنق على المتربي؛ فالعقاب البدني الأهوج، والكلمات المهينة، لها أثر نفسي قد لا يزول مدى العمر، واليوم نتكلم عن الآثار النفسية للعقاب البدني.

يوضح بعض المربين أن استخدام العقاب له آثار خطيرة في نفسية الطالب، فيقول: ولا يمكن أن يؤدي معه هذا العقاب إلى نتيجة ما، هذه هي طريقة العقاب التي يسلكها بعض المربين أو المدرسين، وكان فيما مضى -مع الأسف الشديد- يستعملها محفظو القرآن الكريم، ونسمع عن بعض المشايخ أنه كان يضرب بعنف، وبعض المشايخ الكبار عندما يقصون علينا مثل هذه الذكريات يقول: ربنا لطف، وكانت سليمة.

نحن تربينا هكذا

ثم يأتي الأب ويقول: نحن تربينا بهذه الطريقة، وكنا على خير خلق، فهذا خطأ كبير، فقد لطف الله -سبحانه وتعالى- بأن نجى ابنك من عواقب هذا الأمر، أو أنك نجوت منه، وليس معنى أنك تعرضت للأسلوب نفسه من آبائك، أنه أسلوب صحيح، وهذا من أخطر المزالق في الناحية التربوية، أن الإنسان دائماً يقدس ما كان عليه الأبوان، بما أن أبي رباني بهذه الطريقة، لابد أن تكون هذه هي أفضل طريقة على الإطلاق؛ فيكررها مع أبنائه.

ضحايا الضرب الشديد

فالشاهد أن الكثير من المشايخ في تحفيظ القرآن، كان يضرب ضرباً شديداً، ويحكي بعضهم كيف ضربه الشيخ حتى سال الدم على وجهه وثيابه؛ لأن الشيخ ضربه بعصا غليظة على رأسه، ويفخر بوسام شرف موجود في رأسه من أثر هذا الضرب، وهناك أناس من ضحايا هذا الأسلوب التربوي الذين اتجهوا بعد ذلك الاتجاه العلماني، وكتبوا عن هذه الذكريات الأليمة، وأنها كانت السبب في انحرافهم.

وقفة مهمة

وأنا أركز على هذه الوقفة؛ لأني أسمع أن بعض المحفظين ما زال يستعمل الأساليب نفسها مع بعض الأطفال، وأطفال اليوم في حاجة إلى معاملة دقيقة جداً؛ لأنهم يختلفون اختلافاً شديداً عن الأجيال الماضية، يقول بعض الباحثين: ولا يمكن أن يؤدي معه هذا العقاب إلى نتيجة ما، سوى أن يجعله يحقد على المدرسة، ويتمرد على أهله في سبيل الحضور إليها، ويكره الذهاب إلى المدرسة، وهذه نراها في الأطفال الصغار في سن الحضانة، أو بعدها بقليل، لا يريد أن يذهب إلى المدرسة، ويعاند، وفي كل يوم يصنع مشكلة كبيرة من أجل ألا يذهب إليها.

أسباب التمرد

وعندما تبحث في أسباب هذا التمرد، تجد أن مدرساً يسيء معاملته، أو يضربه، أو يهينه، إلى آخره؛ فيكره الذهاب إلى المدرسة، وهذا بلاشك مما يحطم مستقبله، ويؤدي به في النهاية إلى حياة التشرد؛ فهذا خلل في التربية، وبسببه تحرم الأم أعز ما تملك من طاقتها؛ لأن عزتها مرهونة بتربية أبنائها التربية السليمة؛ فركنا العملية التعليمة هما: المربي والمربى، المدرس والتلميذ، الأب والابن، أو الأم والابن؛ فإذا ساءت العلاقة بين الركنين الأساسين في العملية التربوية؛ فإن هذا بلاشك سوف يحدث لها الفتور والتوتر والتمزق، ومن ثم تنتهي العملية التربوية.

انعدام الاحترام

الطلبة الآن في المدارس الثانوية -لما زال الاحترام بين المدرس والطالب- نسمع عنهم أشياء تشيب لها الرؤوس، ويشيب لها الشعر؛ مما يفعله الطلبة مع المدرسين، وأحياناً يكون المدرس هو المسؤول؛ لأنه لم يجعله يحترمه، نتيجة عدد من التصرفات المعروفة. في الأجيال الماضية التلميذ كان إذا رأى المدرس في الشارع يجري حتى لا يجتمع معه في الشارع، أو يهرب، أو يدخل في بيت إلى أن يمر المدرس، الآن نسمع أشياء لا تكاد تُصدَّق؛ فقد وصل التدهور في العلاقة بين هذين الركنين الأساسين في العملية التربوية إلى هذا المستوى.

أسوأ آثار العنف

فمن أسوأ آثار العنف الهروب من المدرسة، أو التغيب عنها، ومن الممكن أن تكون هناك صدمات نفسية للأطفال، أو بسبب حدوث مصادمات مع المدرسين تسبب لهم عقداً في حياتهم.

إذلال الطفل

أيضا: إذلال الطفل وتحسيسه بالذل والهوان والحقارة، وتعريض شخصيته لكثير من الانحراف الخطير، والاضطراب الأليم عاقبته وخيمة؛ فالعقوبة البدنية بالطريقة التي تحصل لا تجدي شيئاً، وتضر بالطالب، وتكون النتيجة بغض الطالب لمعلمه ولو بغير إرادته وشعوره، يمكن ألا يعبر صراحة عن هذا البغض، إلا أنه يظهره في صورة مقاومة التعليم وكراهية المدرسة، ومن ثم تنهدم علاقة الثقة والمحبة التي ينبغي أن تكون بين المعلم وبين طلابه؛ فالعقاب يؤدي إلى فقدان الطالب للشعور بالأمن.

انعدام الشعور بالأمان

أعرف بعض المدرسين كان مميزاً جداً، كان يأتي إلى الطالب وهو يبتسم، وبمنتهى الهدوء، وفجأة يصفعه صفعة شديدة على وجهه إلى أن يسقط على الأرض من هذه الصفعة، ويصبح حينها كل طالب متوتر، يرى أنه سيفاجئ بالعمل نفسه في المرة القادمة؛ لأن هذا السلوك فيه من العدوان ما يذهب الشعور بالأمان؛ فيتكون عند من حضر عدم الأمن وكراهية الآخرين، وينمو فيه شعور بالمقاومة والكذب والمخاوف، إلى غير ذلك من العادات الذميمة؛ فالجو المشحون دائماً بالانفعال والتوتر، له أسوأ الأثر على الشخصية في سنوات الطفولة والمراهقة؛ لأن هذه المرحلة في غاية الحساسية، المرحلة التي يوضع فيها أساس الشخصية من سن الطفولة الباكرة إلى سن الثامنة عشرة تقريباً، وبعدها يصعب جداً أي تعديل إلا إذا شاء الله، لكن هذه هي فترة التكوين، بعض الناس يقول: إن في الخمس السنوات الأولى، تكون النسبة العظمى من تكوين الشخصية ووضع أساسها، والباقي يكون إلى هذا السن الذي أشرنا إليه؛ فإذا حصل خلل في هذه الفترة؛ فسيؤدي إلى الاضطراب النفسي والانفعالي والاجتماعي، ويمكن أن يؤدي إلى معاناة، وليست معاناة على المستوى الفردي، بل يمكن أن يكون هذا الشخص عدواً للمجتمع بعد ذلك، ويبدأ في أذى الآخرين بارتكاب الجرائم مثلا.

علاقة التربية بالعبادة

من أجمل الأشياء في التربية الإسلامية: أن هذه الأمور تدخل في حيز العبادة، أي: أن المنهج التربوي الإسلامي عبادة، وليس مجرد منهج فكري نظري، أو منحنى من المناحي، بل هو عبادة، والإنسان مطالب بأدائها على أكمل وجه، كما سنبين ذلك من القرآن الكريم، ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم .

يقول ابن خلدون -رحمه الله تعالى- في مقدمته : فصل في أن الشدة على المتعلمين مضرة بهم، وذلك أن إرهاق الجسد في التعليم مضر بالتعليم، ولاسيما في أصاغر الولد؛ لأنه من سوء الملكة، ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين سطا به القهر، وضيق عن النفس في انبساطها وذهب بنشاطها، ودعاه إلى الكسل، وحمل على الكذب والخبث، وهو التظاهر بغير ما في ضميره، خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلمه المكر والخديعة لذلك، وصارت له هذه عادة وخلقاً، وفسدت معاني الإنسانية التي له.

الخبرة التربوية

هذه الخبرة التربوية الموجودة في كتابات المؤلفين من المسلمين تعكس تأثرهم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية، وخبرتهم ودرايتهم بالأساليب التربوية الملائمة في التعامل مع المتعلمين، وهذا أبو حامد الغزالي -رحمه الله تعالى- يقول في وظائف المعلم: أن يُزجر المتعلم عن سوء الأخلاق بطريق التعريض ما أمكن، ولا يصرح، وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ.

سنة نبوية

وهذا الخلق التربوي مأخوذ من السنة النبوية الشريفة؛ فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان يواجه أحداً في وجهه بالنقد المباشر، إنما كان يقول: «ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا»؟ دون أن يحرج الذي فعل هذا الشيء؛ فهذه من الأساليب التربوية الرائعة، وهي التعريض؛ لأن التوبيخ المباشر يهتك حجاب الهيبة، ولن تبقى هناك هيبة بين المربي وبين الطالب أو الابن، ومتى هُتك حجاب الهيبة؛ فسيكون الأثر في المرة الأولى فقط، وبعد ذلك يصبح الولد مثلاً يدخن، وانتهى الموضوع بمرور الصدمة الأولى، ثم يتطور الأمر، ويصبح التدخين أمام أبيه، أو نحو ذلك من هذه السلوكيات أمراً عادياً؛ فدائماً ما أمكن الوصول إليه عن طريق التعريض، وعدم التصريح والمواجهة المباشرة، كان أفضل وأعون للابن على عدم العناد.

المراهق

والذي يحتاج إلى هذه الطريقة في التعامل المراهق؛ لأن المراهق لابد من الحساسية الشديدة في التعامل معه، وأقرب طريق هو الإقناع والحوار، مع الحب والحزم والعطف؛ فالإقناع والحوار ضروري، ولا تلغي شخصيته، ولا تعامله دائماً على أنه هو الطفل الذي كان بالأمس، لا، هو الآن في مرحلة يريد أن يحقق ذاته، ويعترف له بالرجولة، ولو كانت فتاة فيعترف بأنها صارت ناضجة ولم تعد طفلة، ومن ثم لابد أن تتغير المعاملة، وتواكب التغيرات التي تحصل فيه؛ لأنه سينمو رغما عنك، وسيظل ينمو نفسياً واجتماعياً وعقلياً شئت أم أبيت.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.25 كيلو بايت... تم توفير 2.39 كيلو بايت...بمعدل (3.24%)]