الدنيا لعبة ملعوبة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25-09-2021, 11:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي الدنيا لعبة ملعوبة

الدنيا لعبة ملعوبة



جَلَسَتْ تستمع إلى تفسير المقطع الأخيرِ من سورة المطفِّفين، الذي يُظهر كرامة المؤمنين ورِفعةَ مقامهم يومَ القيامة، في مقابل موقف التشْنيع والتَّقريع على الكافرين المستهترين والمستهزئين، ووصف سوءِ مآلهم، حتَّى إذا خُتِمَ المجلس، انسحبتْ من مكانها واقتربت منِّي، وقالت: "أنا أَحِسُّ أنَّ الدنيا لعبةٌ ملعوبة، وأنَّ كلَّ شيء فيها مكتوب، ما نحنُ في هذه الحياةِ إلَّا أشباح، وهذه الأجساد التي نلبسها وُجِدَت لتميِّزَنا عن بعضِنا البعض فقط"!

إنَّها شُبهةٌ خطيرة تَجِدُ لها طريقًا إلى عقول النَّاس، فتزرعُ فيهم الاعتِقاد بأنَّ الإنسان كائنٌ جامد، فهو مُسَيَّر بلا اختيار، مُجبَر بلا إرادة، محكومٌ بلا مشيئة، منقادٌ بلا تفكير... إلى آخر هذه السلسلةِ من عباراتِ الاستِسْلام السلبيَّة، ومفردات الانْهزاميَّة التكوينية.

إنَّ الإنسانَ بهذا التصوُّر لَيبدُو كالريشةِ في مهبِّ الرِّيح؛ تتحكَّم به الظُّروف فتشلُّ حركته، وتَجتمع عليه الأسباب فتُصادر اختياراته، ويسبِق عليه المكتوب فيقضي على وجوب مقاومته؛ فالطائعُ مجبرٌ على الطاعة، والعاصي مكرهٌ على المعصية، والظالم مُتمِّمُ ظلمِهِ تحقيقًا لعلم الله، والمظلوم يرضى بوضعه مخافة الاعتراض على أمر الله.

وهكذا تمضي الحياة إلى أن يَصِلَ كلُّ مجبورٍ إلى منزلته التي أُعدَّت له مسبقًا.

كيف نردُّ على هذه النظرية، التي تصوِّرُ الإنسان وكأنَّه لعبةٌ مربوطة بحبل القدَر، يشدُّها عند كلِّ مفترق - حيث لا اختيار للمكلَّفِ فيها ولا إرادة - ليوصلها إلى نهاية الرحلة وفق خريطةِ طريق مسبقةِ الإعداد؟!

قرَّاءنا الأعزَّاء:
إنَّ كمال الخلقِ يدلُّ على كمال الخالق، وإنَّ قَدْرَ المنحةِ يُشيرُ إلى عظمة المانح، فمِنْ كمال الخالقِ - جلَّ وعلا - أنْ أوْجَدَ مخلوقاتٍ حرَّة، وملكها إرادةً وقدرةً ومشيئة، ليست بمعزلٍ عن علمه وحكمته وإرادته؛ وإلَّا فأين يظهر كمالُ القدرة في إيجادِ أشباحٍ من الكائِنات مكبَّلة بقيودِ الإكراه، محبوسة في سجن الإجبار؟!

ثمَّ إنَّ عِلْمَ الله بما سيكون في خلقه لا يعني إجبارهم؛ لأنَّ ما عَلِمَ الله وقوعه لا يُفيد أنَّ الله طلبَ وقوعه أو ألْزم به؛ "فالله يعلم ولا يُلْزِم"، وأكثر من ذلك، فلقد أسْقَط الله - تعالى - قانون الثواب والعقاب عن كلِّ مستكرَهٍ على فِعْلِ ما يَحْرُم، أفيُقيم بعد ذلك الحياة بطولِها وعرضها وفقَ هذا القانون، ثمَّ يجازي المجبور على الطَّاعة بالجنَّة، والمجبور على المعصيةِ بالنارِ؟!

تعالى ربُّنا عن ذلك عُلوًّا كبيرًا.

ولنستمع - قرَّاءنا الأكارم - إلى هذا الحوار "الفيصل"، الذي دار بين مشتبهٍ في مسألةِ الإجبار، وبين الإمام العلاَّمة والسيِّد الفهَّامة جعفر الصَّادق - رضي الله عنه - حين طُرح عليْه هذا السؤال: إذا كان اللهُ قد كتب عليْنا، فَلِمَ يحاسبنا؟ فأجابه بكلماتٍ حاسمةٍ قائلًا: "إنَّ الله - تعالى - أراد بنا أشياء وأراد منَّا أشياء، فأخفى الَّذي أراد بنا، وأظهر الَّذي أراد مِنَّا، فاحتجَجنا بما أرادَ بنا، وتركنا ما أراد منَّا".

فما أرادهُ ربُّنا بنا: مصائرنا ومآلاتنا، وقد أخفاها؛ حيث لا يعلمُ إنسانٌ على وجه الأرضِ ما أُريد به ولا ما كُتِبَ في حقِّه، وليس عليه أن ينشغل في محاولةِ كشْفِ ما خفي، ولا أن ينهمِك في معرفةِ الغيب والمكتوب، إنَّما عليه أن يأخذ نفسه بالعزيمة ليطبِّق ما أُمرَ به ويترك ما نُهيَ عنه، وهو سهلٌ يسير؛ لأنَّ الحلال بيِّن والحرام بيِّن، وهو ما قد أظهره الله - تعالى - في كتابِه وفي سنَّة نبيِّه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - ثمَّ ليختَرْ كلُّ واحد طريقَه في هذه الدنيا: ساعيًا في سبل الخير والإصلاح، مقاومًا مظاهر الشرِّ والفساد، باحثًا عن أفضل مقدور، مطمئنًّا إلى المقسوم، موقنًا بعدلِ خالقه وحكمته، مؤمنًا بـ {أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} [النجم: 39، 40]، فإمَّا إلى رَوْح وريحان ثوابِ الإحسان، وإمَّا إلى سخط ونيران جزاء العِصيان.


ويومئذٍ، لا يلومنَّ أحدٌ إلَّا نفسَه، ولا يحتجَّنَّ أحدٌ بلعبةٍ ملعوبة، ولا بحريَّةٍ محجوبة، ولا بإرادةٍ مسلوبة.
__________________________________________
الكاتب: هنادي الشيخ نجيب










__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.12 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (2.89%)]