|
|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أبيض مثل الثلج بارد لا يبالي بشيء حوله
أبيض مثل الثلج بارد لا يبالي بشيء حوله حساباته قليلة جدا، يسير على خط مستقيم كأنما فطر على ذلك بعد أيام وأيام بدأ يتعلم شيئا فشيئا، يشرف على تعليمه مجموعة من الأساتذة الدكتور لسان، البروفيسور بصر والأستاذ سمع كان يشعر بسعادة غامرة وهو يرى الجسد الذي كان يحمله يمسك اللوح ويتوجه بخطى خفيفة إلى كتّاب القرية كان الأستاذ سمع يوصل إليه كلمات تدك الجبال كأنها غيث أرض أشرفت على الهلاك كم زاد قدر الأستاذ سمع عند هذا الأبيض الطاهر أصبح يرى فيك ملاكا طاهرا لا يخطئ، أصبح يسميه المحترم أما الدكتور لسان فقد كان مثل الضفة الخضراء الرطبة، كأنه رحيق حلو المذاق يعود بطعم العسل عند نهايته، صافيا بهيا، يرتدي إزار الحكمة ويركب مركب التأني (الله.. الله.. على هذا الدكتور المتواضع، كأنه روح طاهرة معصومة) هكذا كان حديث الأبيض الطاهر مع نفسه في الغالب. أما البروفيسور بصر فقد كان عالما آخر، كان كبساط الريح غدوه ورواحه لا يحدهما الزمان ولا المكان ولا الحال عالم آخر، يطير معه بجناحي التدبر بسرعة تفوق تطال ما لم يطله ضوء الشمس كثيرا ما يجعله يهذي، يحدث نفسه يهيم في خواطر لا يحتملها إن البروفسور بصر نعمة كبيرة على هذا الأبيض إنه إمامه وهاديه ..... تعاون الثلاثة على تلقين الأبيض كتاب الله عز وجل وكل منهم أدلى بدلوه إلى أعمق مسافة يمكن أن يصل إليها ذلك الحبل المتين اللامتناهي وأخيرا، صار الأبيض مشعا بذلك النور الرباني، والوحي القرآني مرت أيام وأيام غرق الأبيض في دوامات، وضل في متاهات وأصابه السقم، فتعب الجسد الذي يحمله، يكاد يخر هدًّا في كل مرة كان الأبيض كطالب في امتحان عاجز عن حل معادلة لا مجموعة الحقيقة ولا في مجموعة التخيل حائر تائه، ينتظر دعوات من هنا أو هناك، تجعله يستمر أو ترده على أعقابه كان محتارا يحاول أن يفسر تصرفات أساتذته المكرمين أساتذته الذين عهد منهم الثبات والتقوى الأستاذ سمع، أسمعه مزامير الشيطان المصحوبة بآهات الوجدان، وكلمات ليس كالكلمات.. التي أسمعها إياه من قبل كلمات تجعله يضطرب كأنما أصابه العدو بسهم ذا دخان أسود الدكتور لسان، صار منتشيا يتخبطه الشيطان من المس، غارق في لعاب نجس ممزوجٍ بدماء الغيبة والنمية، ملطخ بالفحش والبذاءة أما البروفيسور بصر فقد أحضر بساط آخر يحمله إلى أمكنة مظلمة تزاحم ظلمتها أنوار حمراء انعكست على بياض عينه فصار كأنه مزيج من الخمر صار هائما خلف الأجساد خلف الكاسيات من غير ملابس بل إن الثلاثة كوّنوا جمعية أشرار وطرقوا أبواب الجنح والجنايات كان الأبيض ضحية تحريض قاصر على الفسق، ولكن لم ينتبه إليه أحد لأنه صامت غارق في مكبوتاته حيرة ما لها مثيل، وأسئلة كثيرة بدون أجوبة كيف يكون سليما وما بداخله يعارض ما بخارجه كيف يجد الحلقة المفقودة بين أمس أساتذته ويومهم حتى خيوط الاعتذار باتت عاجزة عن خياطة هذا الشرخ الزمني الكبير بات سقيما، وكذلك أصبح ومثل ذلك ظل واستمر إلى أن قرر مقاطعة أساتذته إلى حين، إلى أن قرر أن يبني سورا له باب باطنه رحمة وظاهره عذاب، صبر واصطبر وبحث في داخله، في أعماقه، في صندوق الكنز المودوع في مكان ما من زواياه رغم أن أساتذته غارقون في ما هم فيه من شهوة وشبهة، من نسيان وطغيان استطاع أن يصل إلى قوله عز وجل: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا) زلال، إعصار، وابل صيب أفاق الأبيض وانتزع معاطفه السوداء الواحد تلو الآخر أفاق الدكتور لسان وتلفظ بالآية الكريمة أفاق الأستاذ سمع بعد أن طرقت الآية على بابه وأزالت وقره أفاق البروفيسور بصر وأرسل سيلا نقيا طاهرا يستحم في القمر ليزيل ما تبقى من أدثار |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |