عشرون وجها على فضل الخليفة أبي بكر من قوله تعالى: إلا تنصروه فقد نصره الله - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 32 - عددالزوار : 714 )           »          الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 57 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 55 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 344 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 734 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13-09-2019, 09:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,552
الدولة : Egypt
افتراضي عشرون وجها على فضل الخليفة أبي بكر من قوله تعالى: إلا تنصروه فقد نصره الله

عشرون وجها على فضل الخليفة أبي بكر من قوله تعالى: إلا تنصروه فقد نصره الله
بكر البعداني




عشرون وجهًا على فضل الخليفة أبي بكر رضي الله عنه










من قوله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 40]







الحمد لله على إفضاله وأشكره على توالي آلائه، وأصلي على أشرف مخلوقاته وخاتم أنبيائه وعلى آله وأصحابه، أما بعد:







فيقول الله عز وجل: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40].







لقد قص الله عز وجل علينا في هذه الآية القرآنية هذه القصة: قصة الغار العظيمة العجيبة البديعة اللطيفة؛ ولذلك قال العلامة الكبير والإمام النحرير ابن كثير رحمه الله في تفسيره (٥/ ١٢٩): "فقصة هذا الغار أشرف وأجل وأعظم وأعجب من قصة أصحاب الكهف".







ولما كانت هذه الآية فيها الكثير والكثير من الفوائد العبر، والدروس والدرر، التي يضيق المقام عن حصرها ونقلها وسردها وعدها، ناهيك عن الإتيان عليها جميعها والإلمام بها كلها في هذه الوريقات، وكان مقصودي منها هو ذكر ما اشتملت عليه من الوجوه في فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولا سيما ما اختص بها؛ إذ إن فضائله كثيرة معلومة، ومتواترة مشهور، لكن الأمر كما قال أهل التحقيق رحمهم الله: إن الأفضلية إنما تثبت بالخصائص لا بالمشتركات.







روى أصبغ وأبو زيد عن ابن القاسم عن مالك رحمهم الله: "﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾: هو أبو بكر الصديق، قال: فرأيت مالكًا يرفع بأبي بكر جدًّا لهذه الآية"؛ أحكام القرآن (٢/ ٥١٢).







وإن في هذه الآية كما قال العلامة ابن العربي المالكي رحمه الله في أحكام القرآن (٢/ ٥١٢): "عدة فضائل مختصة لأبي بكر رضي الله عنه لم تكن لغيره".







وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة النبوية (٧/ ١٢١) عقب سوقه لها: "ومثل هذه الفضيلة لم تحصل لغير أبي بكر قطعًا".







ولما كان الأمر كذلك رأيتُ أن أجمع ما قاله أهل العلم رحمهم الله وسطروه، مما دلت عليه هذه الآية، وأرشدت إليه تصريحًا أو تلميحًا مِن الوجوه على فضيلة الصديق أبي بكر رضي الله عنه التي انفرد واختص بها دون غيره رضي الله عن الصحابة أجمعين، ومن هذه الوجوه:



الوجه الأول: وصف الله عز وجل له بالصحبة؛ قال عز وجل: ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ﴾، فلم يصف الله عز وجل أحدًا بها، ولم يذكر أحدًا بذلك في كتابه، فهو دون سواه مَن أُعطي هذا اللقب من الله عز وجل، "فحقق له تعالى قوله له بكلامه، ووصف الصحبة في كتابه متلوًّا إلى يوم القيامة"؛ أحكام القرآن (٢/ ٥١٢).







قال العلامة ابن حزم رحمه الله في الفِصَل (٤/ ١١٣): "ومن فضائل أبي بكر المشهورة قوله عز وجل: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾، فهذه فضيلة منقولة بنقل الكافة لا خلاف بين أحد في أنه أبو بكر رضي الله عنه".







وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (٧/ ٩): "وفي الآية أيضًا فضل أبي بكر الصديق؛ لأنه انفرد بهذه المنقبة؛ حيث صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تلك السفرة، ووقاه بنفسه كما سيأتي، وشهد الله له فيها بأنه صاحب نبيه".







وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة النبوية (٨/ ٤٦٣): "فالفضيلة كونه هو الذي خرج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الحال، واختص بصحبته، وكان له كمال الصحبة مطلقًا".







وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله أيضًا في الإصابة (٤/ ١٤٨): "فإن المراد بصاحبه: أبو بكر بلا نزاع".







وقال السمعاني في تفسيره (٢/ ٣١١): "قوله: ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ﴾؛ أي: لأبي بكر رضي الله عنه باتفاق أهل العلم".







وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرحه للعقيدة السفارينية (ص: ٥٨٣): "ويدل لذلك أن الله تعالى لم يصف أحدًا من الصحابة بأنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أبا بكر؛ قال الله تعالى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾، وهذه منقبة عظيمة لم ينلها إلا من هو أهلٌ لها، وهو أبو بكر رضي الله عنه؛ قال تعالى: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]، وهو أعلم سبحانه؛ حيث يجعل فضله، فهذا الفضل العظيم الذي لأبي بكر لم ينله أحد من الصحابة رضي الله عنهم".







ولذلك رتَّب أهل العلم رحمهم الله على ذلك كفرَ مَن أنكر صحبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/ ١٦) وهو يعدد شيئًا من هذه الوجوه: "أنه تعالى وصف أبا بكر بكونه صاحبًا للرسول، وذلك يدل على كمال الفضل؛ قال الحسين بن فضيل البجلي: من أنكر أن يكون أبو بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان كافرًا؛ لأن الأمة مجمعة على أن المراد من ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ ﴾: هو أبو بكر، وذلك يدل على أن الله تعالى وصفه بكونه صاحبًا له".







وقال العلامة القرطبي رحمه الله في تفسيره (٨/ ١٤٦): "فحقَّق الله تعالى قوله له بكلامه ووصف الصحبة في كتابه؛ قال بعض العلماء: من أنكر أن يكون عمر وعثمان أو أحد من الصحابة صاحبَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو كذاب مبتدع، ومَن أنكر أن يكون أبو بكر رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو كافر؛ لأنه رد نص القرآن".، وقال الهيتمي رحمه الله في الصواعق المحرقة (١/ ١٩٠): "أجمع المسلمون على أن المراد بالصاحب هنا: أبو بكر، ومِن ثم من أنكر صحبته كفَر إجماعًا".







وقال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره (ص: ٣٣٧): "وفي هذه الآية الكريمة فضيلة أبي بكر الصديق بخصيصة لم تكن لغيره من هذه الأمة، وهي الفوز بهذه المنقبة الجليلة، والصحبة الجميلة، وقد أجمع المسلمون على أنه هو المراد بهذه الآية الكريمة، ولهذا عدُّوا من أنكر صحبة أبي بكر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كافرًا؛ لأنه منكر للقرآن الذي صرح بها"، وقال العيني رحمه الله في عمدة القاري (١٦/ ١٧٣): "وقالوا: مَن أنكر صحبة أبي بكر فقد كفر؛ لإنكاره كلام الله، وليس ذلك لسائر الصحابة".







وقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه رقم (٤٦٤٠) عن أبي الدرداء رضي الله عنه - حديثًا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((هل أنتم تاركون لي صاحبي، هل أنتم تاركون لي صاحبي، إني قلت: يا أيها الناس، إني رسول الله إليكم جميعًا، فقلتم: كذبتَ، وقال أبو بكر: صدقتَ)).







قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فهنا خصَّه باسم الصحبة، كما خصه به القرآن في قوله تعالى: ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾"؛ مجموع الفتاوى (٣٥/ ٦١٦٢).







وقال أيضًا في منهاج السنة النبوية (٨/ ٤٢٣): "فهذا الحديث الصحيح فيه تخصيصه بالصحبة".







الوجه الثاني: اختصاصه رضي الله عنه بالهجرة دون غيره:



قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة النبوية (٧/ ١٢١): "لا ريب أن الفضيلة التي حصلت لأبي بكر في الهجرة لم تحصل لغيره من الصحابة بالكتاب والسنة والإجماع، فتكون هذه الأفضلية ثابتة له دون عمر وعثمان وعلي، وغيرهم من الصحابة، فيكون هو الإمام، فهذا هو الدليل الصدق الذي لا كذب فيه".







ولم نُطل في سرد ما يؤكده؛ لأن شهرته تغني عنه، على أنه تقدم، وسيأتي معنا في أثناء هذه الوجوه ما يدل عليه.







الوجه الثالث: خروج أبو بكر من المعاتبة:



قال ابن عيينة رحمه الله: "عاتب الله عز وجل المسلمين جميعًا في نبيه صلى الله عليه وآله وسلم غير أبي بكر وحدَه، فإنه خرج من المعاتبة وتلا: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾"؛ تاريخ ابن عساكر(٣٠/ ٩٢٩٣)، وبنحوه عن الفريابي رحمه الله كما في الثقات (١/ ٤٩١) للعجلي.







وقال الشعبي رحمه الله: "عاتب الله أهل الأرض جميعًا في هذه الآية غير أبي بكر"؛ زاد المسير (٢/ ٢٦٠).







الوجه الرابع: أنه جعل أبا بكر في مقابلة الصحابة أجمع:



قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله في أحكام القرآن (٢/ ٥١٣٥١٤): "ومنها: أنه جعل أبا بكر في مقابلة الصحابة أجمع، فقال: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾: بصاحبه في الغار، بتأنيسه له، وحمله على عنقه ووفائه له بوقايته له بنفسه، وبمواساته بماله"، إلى أن قال رحمه الله: "وسبقت له بذلك كله الفضيلة على الناس".







الوجه الخامس: إنزال السكينة:



قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله في أحكام القرآن (٢/ ٥١٣): "ومنها قوله: ﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ﴾ [التوبة: 40]: فيه قولان:



أحدهما: على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.



الثاني: على أبي بكر.







قال علماؤنا: وهو الأقوى؛ لأن الصديق خاف على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من القوم، فأنزل الله سكينته؛ ليأمن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فسكن جأشه، وذهب روعه، وحصل له الأمن..."، ونقله القرطبي رحمه الله في تفسيره (٨/ ١٤٨) موافِقًا ومقرًّا.







قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/ ١٦) وهو يعدد شيئًا من هذه الوجوه: "قوله: ﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ﴾، ومن قال الضمير في قوله: عليه عائدًا إلى الرسول، فهذا باطل لوجوه.."، ثم ذكر ثلاثة أوجه رحمه الله.







وقال السمعاني في تفسيره (٢/ ٣١١): "فيه قولان: أحدهما: على النبي، وهو اختيار الزجاج.







والآخر: أنه على أبي بكر، وهو قول الأكثرين؛ لأن السكينة ها هنا ما يسكن به".







قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة النبوية (٨/ ٤٨٩٤٩٠): "الناس قد تنازعوا في عود الضمير في قوله تعالى: ﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ﴾: فمنهم من قال: إنه عائد إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومنهم مَن قال: إنه عائد إلى أبي بكر؛ لأنه أقرب المذكورين، ولأنه كان محتاجًا إلى إنزال السكينة، فأنزل السكينة عليه كما أنزلها على المؤمنين الذين بايعوه تحت الشجرة، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان مستغنيًا عنها في هذه الحال؛ لكمال طُمأنينته بخلاف إنزالها يوم حنين، فإنه كان محتاجًا إليها لانهزام جمهور أصحابه، وإقبال العدو نحوه وسوقه ببغلته إلى العدو..."؛ إلخ كلامه رحمه الله، والذي أنصح بالرجوع إليه في هذه النقطة، فإنه تقرير لا مثيل له، والله أعلم.







وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (٧/ ٢٢٩ إلى الإيمان): "ولم يكن قد نزل يوم حنين قرآن ولا يوم الغار، وإنما أنزل سكينته وطمأنينته من خوف العدو".







قال السيوطي رحمه الله في المحاضرات والمحاورات (ص ٤٤٠): "أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر؛ لأن الرسول عليه السلام، لم تفارقه السكينة قطُّ، قال: ﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ﴾".







وقال العلامة السعدي رحمه الله في تفسيره (ص ٣٣٧): "وفيها فضيلة السكينة، وأنها من تمام نعمة الله على العبد في أوقات الشدائد والمخاوف التي تطيش بها الأفئدة، وأنها تكون على حسب معرفة العبد بربه، وثقته بوعده الصادق، وبحسب إيمانه وشجاعته".







وخالف غير واحد؛ قال العلامة ابن كثير رحمه الله في تفسيره (٤/ ١٥٥سلامة): "ولهذا قال تعالى: ﴿ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ﴾؛ أي: تأييده ونصره عليه؛ أي: على الرسول في أشهر القولين: وقيل: على أبي بكر، وروي عن ابن عباس وغيره، قالوا: لأن الرسول لم تزل معه سكينة، وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال".







وقال العلامة ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (٢/ ٤٧١): "وأصل السكينة هي الطمأنينة والوقار، والسكون الذي ينزله الله في قلب عبده، عند اضطرابه من شدة المخاوف، فلا ينزعج بعد ذلك لما يرد عليه، ويوجب له زيادة الإيمان، وقوة اليقين والثبات، ولهذا أخبر سبحانه عن إنزالها على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى المؤمنين في مواضع القلق والاضطراب كيوم الهجرة؛ إذ هو وصاحبه في الغار والعدو فوق رؤوسهم، لو نظر أحدهم إلى ما تحت قدميه لرآهما".







يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 13-09-2019, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,552
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عشرون وجها على فضل الخليفة أبي بكر من قوله تعالى: إلا تنصروه فقد نصره الله

عشرون وجها على فضل الخليفة أبي بكر من قوله تعالى: إلا تنصروه فقد نصره الله
بكر البعداني


الوجه السادس: المعية:




قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله في أحكام القرآن (٢/ ٥١٢): "ومنها: قوله: ﴿ إن الله معنا ﴾، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبي بكر في الغار: ((يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثها؟!))، وهذه مرتبة عظمى، وفضيلة شماء، لم يكن لبشر أن يخبر عن الله سبحانه أنه ثالث اثنين، أحدهما أبو بكر، كما أنه قال مخبرًا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر ثاني اثنين".







وقال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/ ١٦) وهو يعدد شيئًا من هذه الوجوه: "في دلالة هذه الآية على فضل أبي بكر: قوله: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، ولا شك أن المراد من هذه المعية: المعية بالحفظ والنصرة والحراسة والمعونة، وبالجملة فالرسول عليه الصلاة والسلام شرك بين نفسه وبين أبي بكر في هذه المعية".







وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة النبوية (٨/ ٤٧١): "والقرآن يقول فيه: ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، فأخبر الرسول أن الله معه ومع صاحبه، وهذه المعية تتضمن النصر والتأييد".







الوجه السابع: أن باطنه رضي الله عنه على وَفق ظاهره:



قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/١٦) وهو يعدد شيئًا من هذه الوجوه: "أنه عليه السلام لما ذهب إلى الغار لأجل أنه كان يخاف الكفار من أن يقدموا على قتله، فلولا أنه عليه السلام كان قاطعًا على باطن أبي بكر، بأنه من المؤمنين المحققين الصادقين الصديقين، وإلا لما أصحبه نفسه في ذلك الموضع؛ لأنه لو جوز أن يكون باطنه بخلاف ظاهره، لخافه من أن يدل أعداءه عليه، وأيضًا لخافه من أن يقدم على قتله فلما استخلصه لنفسه في تلك الحالة، دل على أنه عليه السلام كان قاطعًا بأن باطنه على وَفق ظاهره".







وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾، فهذا إخبار بأن الله معهما جميعًا بنصره، ولا يجوز للرسول أن يخبر بنصر الله لرسوله وللمؤمنين، وأن الله معهم، ويجعل ذلك في الباطن منافقًا، فإنه معصوم في خبره عن الله لا يقول عليه إلا الحق، وإن جاز أن يخفى عليه حال بعض الناس، فلا يعلم أنه منافق؛ كما قال: ﴿ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ﴾ [التوبة: 101]، فلا يجوز أن يخبر عنهم بما يدل على إيمانهم"؛ منهاج السنة النبوية (٨/ ٤٢٩).







الوجه الثامن: تخصيص أبي بكر رضي الله عنه بهذا التشريف دلَّ على منصب عال له في الدين:



قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/١٦) وهو يعدد شيئًا من هذه الوجوه: "وهو أن الهجرة كانت بإذن الله تعالى، وكان في خدمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جماعة من المخلصين، وكانوا في النسب إلى شجرة رسول الله أقرب من أبي بكر؛ فلولا أن الله تعالى أمره بأن يستصحب أبا بكر في تلك الواقعة الصعبة الهائلة، وإلا لكان الظاهر ألا يخصَّه بهذه الصحبة، وتخصيص الله إياه بهذا التشريف دلَّ على منصب عال له في الدين".







الوجه التاسع: عدم مفارقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلافًا لغيره:



قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/ ١٦) وهو يعدد شيئًا من هذه الوجوه: "أن كل من سوى أبي بكر فارقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أما هو فما سبق رسول الله كغيره، بل صبر على مؤانسته وملازمته وخدمته عند هذا الخوف الشديد الذي لم يبق معه أحد، وذلك يوجب الفضل العظيم".







الوجه العاشر: وصفه بـ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ ﴾:



قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/ ١٦): "أنه تعالى سماه ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ ﴾، فجعل ثاني محمد عليه السلام حال كونهما في الغار، والعلماء أثبتوا أنه رضي الله عنه كان ثاني محمد في أكثر المناصب الدينية"، ثم عد شيئًا يسيرًا منها، قلت (بكر): جمعت جملة طيبة منها سهل الله عز وجل نشرها.







وقال السيوطي رحمه الله في المحاضرات والمحاورات (ص: ٤٤٠): "فأما قوله: ﴿ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾، فوجه الدلالة على فضل أبي بكر في هذه الآية من ستة مواضع: الأول: أن الله تعالى ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر أبا بكر، فجعله ثانيه في الرتبة، فقال: ﴿ ثاني اثنين ﴾... إلخ، وانظر كلام القاضي أبي بكر بن العربي المالكي رحمه الله، وقد تقدم في الوجه السادس فأغنى عن الإعادة.







الوجه الحادي عشر: ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!



قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/١٦) وهو يعدد شيئًا من الوجوه: "من التمسك بهذه الآية ما جاء في الأخبار أن أبا بكر رضي الله عنه لما حزن، قال عليه الصلاة والسلام: ((ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟))، ولا شك أن هذا منصب عَلِيٌّ ودرجة رفيعة".







عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدَّثه فقال: ((نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه، فقال: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما))؛ أخرجه مسلم رقم: (٢٣٨١).







قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (٧/ ١١): "وفي الحديث منقبة ظاهرة لأبي بكر"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وهذا الحديث مع كونه مما اتفق أهل العلم بالحديث على صحته وتلقيه بالقبول والتصديق، فلم يختلف في ذلك اثنان منهم، فهو مما دل القرآن على معناه يقول: ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾"؛ منهاج السنة النبوية (٨/ ٣٧٢).







الوجه الثاني عشر: الشرف الحاصل من المعية:



قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/١٦) وهو يعدد شيئًا من هذه الوجوه: "في تقرير هذا المطلوب أن قوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾: يدل على كونه ثاني اثنين في الشرف الحاصل من هذه المعية، كما كان ثاني اثنين إذ هما في الغار؛ وذلك منصب في غاية الشرف".







وقال العلامة ابن حزم رحمه الله في الفِصَل (٤/ ١١٣): "فأوجب الله تعالى له فضيلة المشاركة في إخراجه مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أنه خصَّه باسم الصحبة له، وبأنه ثانيه في الغار، وأعظم من ذلك كله أن الله معهما، وهذا ما لا يلحقه فيه أحد".







الوجه الثالث عشر: النهي عن الحزن:



قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/١٦) وهو يعدد شيئًا من هذه الوجوه: "أن قوله: ﴿ لَا تَحْزَنْ ﴾ نهي عن الحزن مطلقًا، والنهي يوجب الدوام والتكرار، وذلك يقتضي ألا يحزن أبو بكر بعد ذلك البتة، قبل الموت وعند الموت وبعد الموت".







وقد كان "كمال محبته ونصره للنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الموجب لحزنه"؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة النبوية (٨/ ٤٦٣).







وقال أيضًا: "وهذا يدل على أن صاحبه كان مشفقًا عليه، محبًّا له، ناصرًا له حيث حزن، وإنما يحزن الإنسان حال الخوف على مَن يحبه، وأما عدوه فلا يحزن إذا انعقد سبب هلاكه"؛ منهاج السنة النبوية (٨/ ٤٢٨).







وليس هذا الحزن نقصًا كما زعمت الإمامية عامَلهم الله بما يستحقون، وانظر لبيان الرد عليهم: أحكام القرآن (٢/ ٥١٥)؛ لابن العربي المالكي، وعنه القرطبي في تفسيره (٨/ ١٤٦١٤٧)، ومنهاج السنة النبوية (٨/ ٤٦٣٤٦٩)، والفصل (٤/ ١١٣١١٤).







فائدة:



قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:



"وأما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله، بل قد نهى عنه في مواضع، وإن تعلق بأمر الدين؛ كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 139] وقوله: ﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل: 127]، وقوله: ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، وقوله: ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ ﴾ [يونس: 65]، وقوله: ﴿ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ﴾ [الحديد: 23].







وأمثال ذلك كثير؛ وذلك لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة، فلا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه لا يأمر الله به، نعم لا يأثم صاحبه إذا لم يقترن بحزنه محرم.."؛ مجموع الفتاوى (١٠/ ١٦)، وانظر: طريق الهجرتين (ص ٢٧٨).







الوجه الرابع عشر: أن أبا بكر هو الذي اشترى الراحلة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:



قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/ ١٦) وهو يعدد شيئًا من هذه الوجوه:



"إطباق الكل على أن أبا بكر هو الذي اشترى الراحلة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى أن عبدالرحمن بن أبي بكر وأسماء بنت أبي بكر هما اللذان كانا يأتيانهما بالطعام".







عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((قلَّ يوم كان يأتي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا يأتي فيه بيت أبي بكر أحد طرفي النهار، فلما أذِن له في الخروج إلى المدينة، لم يرعنا إلا وقد أتانا ظهرًا، فخبر به أبو بكر، فقال: ما جاءنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الساعة إلا لأمر حدث، فلما دخل عليه قال لأبي بكر: أخرج من عندك، قال: يا رسول الله، إنما هما ابنتاي يعني عائشة وأسماء، قال: أشعرتَ أنه قد أذِن لي في الخروج، قال: الصحبة يا رسول الله؟! قال: الصحبة، قال: يا رسول الله، إن عندي ناقتين أعددتهما للخروج، فخذ إحداهما، قال: قد أخذتها بالثمن))؛ أخرجه البخاري رقم (٢١٣٨).







وفي رواية: (٣٩٠٥): ((فإني قد أذن لي في الخروج، فقال أبو بكر: الصحابة بأبي أنت يا رسول الله؟! قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نعم، قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله، إحدى راحلتي هاتين، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بالثمن..)).







في صحيح البخاري رقم (٣٩٠٥): ((وتجهز أبو بكر قبل المدينة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: على رِسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي، فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط، أربعة أشهر...)).







قال العلامة ابن بطال رحمه الله في شرحه لصحيح البخاري (٦/ ٢٦٦): "وفي استعداد أبي بكر بالناقتين دليل على أنه أفهم الناس لأمر الدين؛ لأنه أعدهما قبل أن ينزل الإذن في الخروج من مكة إلى المدينة، كأنه قبل ذلك قد رجا أنه لا بد أن يؤذن له فأعد لذلك".







الوجه الخامس عشر: أنه رضي الله عنه وحدَه مَن دخَل المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:



قال الرازي رحمه الله في تفسيره (٥٠/١٦) وهو يعدد شيئًا من هذه الوجوه: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين دخل المدينة ما كان معه إلا أبو بكر، والأنصار ما رأوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحدًا إلا أبا بكر، وذلك يدل على أنه كان يصطفيه لنفسه من بين أصحابه في السفر والحضر، وإن أصحابنا زادوا عليه وقالوا: لما لم يحضر معه في ذلك السفر أحد إلا أبو بكر، فلو قدرنا أنه توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك السفر، لزم ألا يقوم بأمره إلا أبو بكر، وألا يكون وصيه على أُمَّته إلا أبو بكر، وألا يبلغ ما حدث من الوحي والتنزيل في ذلك الطريق إلى أمته إلا أبو بكر، وكل ذلك يدل على الفضائل العالية والدرجات الرفيعة لأبي بكر".







عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((أقبل نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وهو مردف أبا بكر..))؛ أخرجه البخاري رقم: (٣٩١١).







الوجه السادس عشر: أنه وحده من كان معه صلى الله عليه وآله وسلم حين نصره الله:



قال العلامة السعدي رحمه الله في القواعد الحسان (ص: ١٤٣١٤٤): "ولَمَّا نكص أهل الأرض عن نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتَمالَأ عليه أعداؤه، ومكروا مكرتهم الكبرى للإيقاع به، نصره الله ذلك النصر العجيب؛ فإن نصر المنفرد الذي أحاط به عدوه الشديد - حرده الغضب والغيظ - القوي مكره الذي جمع كل كيده؛ ليوقع به أشد الأخذات وأعظم النكبات، وتخلصه وانفراج الأمر له من أعظم أنواع النصر.







كما ذكر الله هذه الحال التي عاتب بها أهل الأرض، فقال: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40]".







قال المفسرون: "عاتب الله عز وجل جميع الناس بترك نصرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، سوى أبي بكر رضي الله عنه"؛ تفسير السمعاني، ونسبه البغوي (٢/ ٣٤٩) للشعبي.







قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالذي كان معه حين نصره الله: ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾: هو أبو بكر، وكانا اثنين الله ثالثهما، وكذلك لما كان يوم بدر، لما صُنِع له عريش، كان الذي دخل معه في العريش دون سائر الصحابة أبو بكر"؛ منهاج السنة النبوية (٧/ ٢٤).







وقال رحمه الله أيضًا (٨/ ٤٢٨): "ومما يبين من القرآن فضيلة أبي بكر في الغار أن الله تعالى ذكر نصرة لرسوله في هذه الحال التي يخذل فيها عامة الخلق إلا من نصره الله: ﴿ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ ﴾؛ أي: أخرجوه في هذه القلة من العدد لم يصحبه إلا الواحد؛ فإن الواحد أقل ما يوجد، فإذا لم يصحبه إلا واحد، دل على أنه في غاية القلة".







الوجه السابع عشر: كمال موافقته رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومحبته:



قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "كمال موافقته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبته وطمأنينته، وكمال معونته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وموالاته، ففي هذه الحال من كمال إيمانه، وتقواه ما هو الفضيلة"؛ منهاج السنة النبوية (٨/ ٤٦٣).







الوجه الثامن عشر: التنويه بقدمه وسابقته في الإسلام رضي الله عنه:



"إن هذه الآية منوهة بأبي بكر رضي الله عنه، حاكمة بقدمه وسابقته في الإسلام رضي الله عنه"؛ تفسير ابن عطية (٣/ ٣٦).







الوجه التاسع عشر: حبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:



في صحيح البخاري رقم: (٣٩٠٥): ((وتجهز أبو بكر قبل المدينة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: على رِسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي، فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر...)).







الوجه العشرون: أن أبا بكر رضي الله عنه أوثق الناس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:



ذلك أنه من المعلوم قطعًا حتى عند أضعف الناس عقلًا - أنه لا يمكن بحال أن يخفى عليه صلى الله عليه وآله وسلم حال مَن يصحبه في مثل هذا السفر الذي يعاديه فيه الملأ الذين هم بين أظهرهم، ويطلبون قتله، وأولياؤه هناك لا يستطيعون نصره.







ثم كيف يمكن أن يصحب أحدهم ممن يظهر له موالاته دون غيره، وهو مع ذلك عدو له في الباطن، والمصحوب يعتقد أنه وليه، فهذا لا يفعله إلا جاهل، فإذا ما تأمَّلنا هذا ولوازمه الباطلة، علِمنا يقينًا أن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم إنما اختار أوثق الناس.








وفي الختام أشكر الله عز وجل وأحمده الذي أعانني على اختيارها وجمعها، فله الحمد والشكر، كما أسأله عز وجل أن ينفعني بها وناشرها وقارئها، وأن يجعلها في موازين حسناتنا، إنه بكل جميلٍ كفيلٌ، وهو حسبي ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 92.10 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 89.76 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]