نزع الحجاب موجة في بيوت المسلمين!

[ابوالوليد المسلم]

نزع الحجاب موجة في بيوت المسلمين!

• سبب تراجع الفتيات عن اللباس الشرعي هو تبدّل القيم والانقلاب على المبدأ وثوابت الدين الذي يأمرنا بوجوب الانضباط باللباس الشرعي والخضوع له دون جدال
• يلزمنا نحن أصحاب الحق والبصيرة أن نقف وقفات تخطيطية تنظيمية في مواجهة الاغتراب المنشود لشبابنا وبناتنا ولا نتوانى في العمل على كل الاتجاهات لتوعيتهم وإنضاجهم وتنبيههم

اجتاحت موجة واضحة عارمة لبيوت المسلمين وأسرهم وفتياتهم هنا وهناك بنزع الحجاب بعد لبسه، والتمرد عليه بعد التزامه، وهؤلاء الفتيات اللاتي نزعنه لم يكن المظهر الجديد لهنّ الحشمة والاعتدال بعد خلع الحجاب، وإنما ردّة الفعل بعد نزعه حادة جامحة، وكأنّ الواحدة منهن كانت مجبرة على ارتدائه، وذلك ليس صحيحا، حتى لو صرّحت الفتاة بذلك، وإنما الذي حصل مع أغلب من تراجعن عن اللباس الشرعي هو تبدّل القيم وتغير التوجه، والانقلاب على المبدأ وثوابت الدين الذي يأمرنا بوجوب الانضباط باللباس الشرعي بالخضوع له ودون جدال، بل إنّ بعضهن تنقلب على دين الله وتصرّح عيانا بأنْه لا يوجد نص قرآني صريح بوجوبه، والأخرى تدّعي أنها خلعته من منطلق الحرية الشخصية، وكل واحدة تسوغ لنفسها أسباب خلعها للباس الشرعي.

أعزائي القراء، مثلما تمر المجتمعات بحقبة الصحوة الدينية والانضباط الشرعي، فإنها من الملاحظ أيضا أنها تمرّ عليها موجات عالمية تؤثر على بعض شباب الأمة الإسلامية -فلسنا بمعزل عن العالم- فتجعلهم يؤمنون ببعض شبهات يصورونها لهم على أنها حقائق وما عداها هو زيف، فيصبح هؤلاء المتّبعون لزيف الحقائق موالين لأفكار تضاد ثوابت الدين وأحكامه، وهنا يأتي التلبيس والتشويش من الشيطان الرجيم ومن الإنس ممن سبقنهنّ بخلع الحجاب، فينتكس المعتقد فيما كانت الفتاة تؤمن به، وتنقلب في اعتقادها رأسا على عقب، وتبدأ في وضع المسوغات لنفيها، وتجهّز الردود فيما لو واجهها أحد من الناس بأنّ لها حريتها الشخصية، وأنها لم تضر أحدا، وأنها كانت طفلة لا تفهم شيئا حينما ارتدت الحجاب على الرأس، وأنها لا زالت تعبد الله وتكرر بعض العبارات التي تحاول بها الدفاع عن موقفها مثل «لست أنت من يحاسبني»، «بيني وبين ربي ومحد عليه منّي»، وغيرها من الأعذار حتى يرتاح ضميرها وتغلق الباب على كل من يحاول أن يُخطّئها وأن ينصحها.

رغبة ملحة في نزع الحجاب

عزيزي القارئ، عزيزتي القارئة، أنا لا أُذيع سرّا إن أنا أوضحت واقعا يحدث في مكتبي الخاص للاستشارات؛ إذ تلجأ كثيرات من الأمهات وهنّ في حيرة من رغبة بناتهن الملحة في نزع الحجاب، وأخريات من الفتيات تلبسه أمام أسرتها ثم هي عند أبواب الكلية يراها من يعرفها تخلعه بكل جرأة، حتى إذا ما واجهها والداها صرخت بأعلى صوتها (أي نعم انتوا أجبرتوني عليه وأنا ما أبي أظل لابسته) فتكون فَرِحة في جرأتها على والديها بدلا من أن تخجل وتعتذر وتتوب إلى الله، وتطلب الهداية والإرشاد من أهلها.

تأثير الفكر الدخيل المشبوه

ذلك مصاب أليم، تكتشف الأسرة بعدها أنّ قبل خلع الحجاب ابنتهم كانت مغرمة بالروايات وبالفكر الدخيل المشبوه، من نبذ الانضباط بالدين والدعوة للحرية الشخصية، وكل واحد حر بما يقول ويفعل، وجاء ذلك التأثير إما من مواقع التواصل والتطبيقات السيئة الفكر أو من خلال المنهج الخفيّ الذي تعيشه طالبة المدرسة في مراهقتها مع زميلاتها صاحبات الفكر المغترب المنسلخ عن الدين، وقد مارسن التأثير عليها منذ مرحلتها الثانوية.

الفكر التغريبي

أعزائي القراء، ذلك الفكر التغريبي يدبّ شيئا فشيئا في مجتمعنا، وصارت العدوى تسري بين كثير من الفتيات، وعندها ندرك بأنّ نزع الحجاب ما هو إلا محصلة نهائية في آخر محطة من محطات التغريب والانسلاخ عن الدين أوالخضوع لأحكامه، وهنا نتساءل بجدية عالية عن الدور المنوط بنا والواجب المرتقب القيام به لدرء محاولات علمنة المجتمع الذي نحن نعيش فيه، وتلك العلمنة وذلك التغريب يسري ناعما، وأدواته تنقد الدين بغطاء المنطق والفلسفة واحترام الحريات، ونبذ كل ما من شأنه يخالف العقل.

هكذا يطرحون معتقدهم

هكذا يطرحون معتقدهم ولا يسمّون له اسما، ولا يضعون له عنوانا ولا بداية ولا حدا ولا نهاية، هؤلاء أصحاب الفكر الضال، يتودّدون للشباب كثيرا وكثيرا جدا في المحافل التي يجتمعون فيها، ويقدمون لهم الخدمات، والسعي لهم في تسهيل كثير من المهمات من أجل كسب قلوبهم، ولتخريب عقولهم واستمالتها لشبهاتهم رويدا رويدا.

مواجهة الاغتراب المنشود

لذا يلزمنا نحن أصحاب الحق والبصيرة أن نقف وقفات تخطيطية تنظيمية في مواجهة الاغتراب المنشود لشبابنا وبناتنا، ولا نتوانى في العمل على كل الاتجاهات لتوعيتهم وإنضاجهم وتنبيههم لمن يحوم حولهم لتخريب الاستقامة الفكرية التي هم عليها، ومثلما ننظم دورات شرعية في العقيدة والتفسير والحديث وفروع الشريعة المهمة الأخرى، يجدر بنا أن نخطط وننظم لدورات شرعية في كيفية رد الشبهات وكيفية المناظرة العلمية والحوار الفكري الشرعي وآلياته حتى ينطلق شبابنا الدعوي وهو محصّن في الوسائل والردود والقدرة على إفحام الخصم الذي يدسّ الشبهات في عقول الشبان.

الأولوية لحماية الشباب

كما يلزمنا أن نهتم أيضا بل نُعطي الأولوية لحماية الشباب من موجة الإلحاد والتمرد على الدين، ولا يُعجزنا أن تنتظم العملية بتفريغ شباب متمكّن من مهارات الحوار الفكري العقدي، ومتمكن في قدراته من المناظرات العلمية، وليس شرطا أن تكون علنية، المهم والأهم أن ننقذ ما يمكن إنقاذه من الشابات والشباب من موجة الإلحاد التي عمّت كثيرا من البيوت.

لابد من العمل وبذل جهد منظم

أعزائي القراء، لابد من بذل جهد منظم، بتفريغ دعاة يصلون للشباب الضال في أماكن وجودهم، لا أن ننتظرهم يأتون إلينا ويلتحقون في مراكزنا، من زاوية أخرى تلك الروايات المشبوهة الساقطة فكرا وأخلاقا التي انتشرت في الآونة الأخيرة، فكلّ من هبّ ودبّ صار مؤلفا يدّعي البراعة في قلمه، بينما هي روايته خالية حتى من معايير الأدب العربي، فلا هي روايات أدبية ولا هي معبرة عن القيم الأخلاقية، وصارت الطباعة سهلة وفي متناول اليد والأغلفة البراقة في تصاميمها للشبيبة الصغار تدغدغ مشاعرهم وتلعب في عقائدهم، إلا ما رحم ربي من روايات محترمة جديرة بالقراءة؛ ذلك عامل من عوامل الضياع العقدي والتمرد على الدين والأخلاق حتى بات نزع الحجاب نسمع به هنا وهناك؛ بسبب تأثرهم بأشباه المثقفين من مدّعي الإسلام، وهم ضُلاّل للفتيات تحت مظلة حقوقنا نحن النساء، فلا تكاد تجد فتاة نزعت الحجاب إلا وهي إما ملتحقة بفكر منحرف، وإما مؤمنة بقضايا شبهات صاغها من يدعو للانسلاخ من الاستقامة الفكرية العقدية الصحيحة تحت مظلة أنّ الإسلام كفل للنساء حقوقهن فلماذا تحرموننا منها؟! وكأن اللباس الشرعي يمنع المرأة من نوال حقوقها! حقا إنه دسّ السموم بالعسل وليس سُمّا واحدا ولا نوعا واحدا، وصارت الألسنة تعتمد الجدال السفسطائي ويتقصّدون خلط الأوراق ببعضها، غايتهم الضبابية وتلبيس الصواب بالخطأ وهم يخلطون الحق بالباطل، ومن كان فارغ الفكر وخالي المعتقد يصدّقهم ويلتبس عليه كل أمر.

اعداد: هيام الجاسم