** سر جمالك **

[ابوالوليد المسلم]

** سر جمالك **


هدى محمد نبيه



من هي الفتاة الجميلة؟
وما هو سر جمالها؟
مسألة الجمال تحتل مكانة مهمة في عقل وقلب كل فتاة، وخاصة الفتاة في مرحلة المراهقة والشباب فيسألن أمهاتهن هل أنا جميلة؟ ما رأيك في شكلي؟ أنا أجمل أم فلانة من أفراد العائلة أو الأصدقاء؟ تنظر الواحدة منهن بانبهار لفتيات الإعلانات والممثلات على شاشة التليفزيون على أنهن رمز الجمال والأناقة والرشاقة، وأن هذه هي الجميلة حقًا، بكل ما يظهرنه من مفاتن جسدية، ونسين أن هذا الجمال المُشاهد هو جمال مزيف مغشوش، جمال تجاري مصنوع، جمال يعتمد على التعري وقلة الحياء، فليست كل صاحبة وجه جميل تعتبر جميلة، فالجمال لا تحكمه الملامح الخارجية للجسد، فالشكل ما هو إلا إطار, أما الصورة الحقيقية فهي في أعماق ونفس وسلوك صاحبة الإطار.

أخواتي، هل أدلكن على سر من أسرار الجمال؟

إنه الحياء، فالحياء زينة الفتاة المسلمة وسر جمالها، وهو رأسمالها وفيه عزها، وبه تحفظ كرامتها، وشرف أهلها، ولذلك يجب أن تحرص كل فتاة منذ نعومة أظفارها على هذا الخلق الرائع الجميل، وأن تعرض ما يصدر منها سواء كان فعلاً أو كلمة على ميزان الحياءفإن كان موافقا لهذا الخلق فالحمد لله، وإن كان مخالفا فتتركه بلا ندم وتبحث عنالصحيح الموافق للشرع، وكم من فتاة اجتمعت فيها من الصفات الحسنة التي يرغب بها الشاب المقدم علىالزواج الشيء الكثير، ولكنه عندما يعلم أن خلق الحياء ضعيف عندها،يتراجع عن نيته الزواج منها.

وحياء المرأة حياء في كل شيء.. في الملبس، في الحركة والكلام، في المعاملة والسلوك، وهو يجعلها أكثر التزاما بزيها الإسلامي، فلا ترتدي شفافا ولا مجسدا، ولا ما يشبه لباس الرجل، ولاالثياب المعطرة أو المثيرة، وكيف لا تفعل ذلك كله وقد فرضه عليها الشرع، وهي تأثم بعدمفعله، وقد أمر الله به في كتابه {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَات ِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ) النور:31،ويقول سبحانه وتعالى: {يَأَيهَا النَّبي قُل لأَزْوَجِك وَ بَنَاتِك وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِك أَدْنى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}الأحز� �ب:59.

وحياء الفتاة يظهر على أسلوبها في الكلام، يقول تعالى مرشدا لها {ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، وحياء الصالحة ينطق به سلوكها وحركتها ومشيتها. فتعالي معي عزيزتي الفتاة لنقف أمام هذا المشهد القرآني الجميل الذي تجسده لنا الآية الكريمة في سورة القصص {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} القصص:25، وتوضح الآية مشية الفتاة الطاهرة الفاضلة العفيفة النظيفة حين تلقى الرجال 'على استحياء' في غير ما تبذُّل ولا تبرَُج ولا تبجح ولا إغواء، جاءته لتقدم إليه دعوة في أقصر لفظ يحكيه القرآن بقوله: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} القصص:25، لم تقل له: أحب أن أتعرف عليك.. ما اسمك؟ أنا اسمي كذا. فمع الحياء الإبانة والدقة والوضوح، لا التلجلج والتعثر والربكة، وذلك كله من إيحاء الفطرة النظيفة السليمة المستقيمة، فالفتاة القويمة تستحي بفطرتها عند لقاء الرجال والحديث معهم، ولكنها لثقتها بطهارتها واستقامتها لا تضطرب الاضطراب الذي يطمع ويغري ويهيج، إنما تتحدث في وضوح بالقدر المطلوب ولا تزيد.

لكن ما بال فتياتنا في هذا الزمن؟ زمن صار الحياء في نسائنا مهددا بالانقراض، فنجد في مجتمعنا اليوم ظهور العديد من المظاهر السلوكية التي تتنافى مع خلق الحياء والتعاليم الدينية والعادات الاجتماعية الأصيلة، فحسرت عدد من الفتيات الحجاب عن شعورهن، ولبسن الثياب الضيقة والشفافة، وأطلقن بألسنتهن الكلمات والألفاظ التي تخدش الحياء في المجالس والأماكن العامة، واختلطن بالرجال ورفعن أصواتهن وتشبهن بهم، وعاكسن الشباب وسمحن للشباب بمعاكستهن، وعققن آباءهن وأمهاتهن ونبذن قوامة محارمهن عليهن.

ومن الأسباب التي أدت إلى قلة الحياء بين فتياتنا:

1 - الاختلاط وكثرة احتكاك الفتاة بالفتى في المجالات المختلفة كالجامعة والعمل.

2 - التأثير الخارجي من مخالطة من قل حياؤهم و تكررت رؤيتهم، سواء كان ذلك ناتجًا عن السفر إلى الخارج أو عن طريق كثرة متابعة وسائل الإعلام، أو غير ذلك، فإن الأخلاق حسنها وسيئها تكتسب بالمخالطة.

3 - كثرة خروج الفتاة من بيتها أوالصحبة الفاسدة أو الغرق في المعاصي.

4 - ضعف الإيمان والجهل بمعنى الحياء.

أخواتي الحبيبات، اجعلن من نساء السلف قدوة لكن، وانظرن معي إلى تلك الحادثة، فعن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: "ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلتُ: بلى. قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله تعالى لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت: أصبر، فقالت: فإني أتكشف, فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها". متفق عليه .إنها اختارت الجنة, ولكن أرَّقها أنها حين تصرع تتكشف، فسألت الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء ألا تتكشف.. لماذا؟ إنه الحياء.. إنها العفة.. إنها امرأة جميلة بخلق العفة والحياء.
فكيف بفتيات اليوم وأين ذهب حياؤهن؟ وتلك المرأة تخشى أن تتكشف ساقها فقط وهي مريضة، والفتاة الآن قد تكشف غير ذلك وهي بكامل عقلها وصحتها بلا حياء.

إن جمال المرأة ليس في أن لونها أبيض أو أسود, ولكن الجمال الحقيقي في الحياء والعفة، فحياء الفتاة قوة وليس ضعفًا, وهو عنصر جمال عند الفتاة لا يقل أهمية عن لونها وشكلها.

غاليتي، عليك أن تتنبهي لما يحاك ضدك، واعلمي أنهم يريدون إخراجك من هذه القلعة الحصينة العالية وهي قلعة الحياء لتسقطي في أوحالهم التي يعدونها، فتمسكي بحيائك تسعدي في الدارين، كوني فتاة بالحياء متوّجة.. كوني فتاة جوهرة مصونة.. كوني فتاة بالحجاب متسترة.. فكم جلبت الموضة على الفتيات ألف حسرة وحسرة.. وإن أردتِ الحقيقة فلتسألي كل فتاة عائدة تائبة !!