خواطر الكلمة الطيبة - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : أبـو آيـــه - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858790 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393174 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215588 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 01-11-2023, 12:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة

– أمتنا أمة واحدة


  • لزوال السماوات والأرض أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم فالمسلم له مكانه عظيمة عند الله عزوجل لا يستهان بها
  • أمتنا أمَّة واحدة وما يحدث فيها شيء واحد والدم المسلم أينما يكون تراه عزيزًا عند الله عزوجل أولا ثم عند أهل الإيمان الحق
روى كل من الإمام بن ماجه، والترمذي، والبيهقي في سننهم جميعا -رحمة الله تعالى عليهم- بمجموع هذه الأحاديث يصحح شيخنا الألباني هذه الروايات التي جاءت عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- وعن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد دخل الكعبة فرحب بها قال: «مرحبا بهذا البيت! ثم طاف النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى البيت فقال: ما أطيبك وما أطيب ريحك وما أعظمك وما أعظم ريحك! والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم حرمة منك ماله ودمه».
تأملوا هذا الحديث ففيه بيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - أولا لحرمة هذا البيت، وهو بيت الله -عز وجل- الكعبة، وهو قبلة المسلمين، وهو أول بيت وضع للناس {للذي ببكة}، وهو الذي فوقه البيت المعمور، وهو الذي جعل الله -عز وجل- له حرمه، ومع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتيه الوحي من الله -عز وجل- يا محمد، قل لأمتك: إن هذا البيت طيب، وأن هذا البيت له حرمة، لكن المؤمن عند الله -عز وجل- له حرمة في ماله ودمه أعظم من حرمة بيته، وهذا في الحقيقة يدل على عظمة الإيمان، فما يحمله العبد في قلبه من إيمان عند الله عظيم.
بيان النبي - صلى الله عليه وسلم - لعظم هذا الأمر
لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء في مواطن كثيرة ومن أعظمها في يوم عرفة؛ حيث خطب خطبة بليغة - صلى الله عليه وسلم - وبين فيها أمورا كثيرة، وقال فيها: «إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» وهذا البلد الذي أشار إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - هو بيت الله الحرام وفيه الكعبة الذي هو أعظم بيوت الله -سبحانه وتعالى- في الأرض، وهذا أيضا فيه بيان لعظمة دم المؤمن عند الله -عز وجل-، وكما جاء في الأثر المشهور، «لزوال السماوات والأرض أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم» فالمسلم له مكانه عظيمة عند الله -عز وجل- لا يستهين بها أحد، لكن استهان بها الكفار، وجعلوا دم المسلم أرخص الدماء؛ فلا يستهن مسلم سواء بأقواله أم بأفعاله بدماء المسلمين.
استنفار الجميع لأجل فلسطين
وهناك مشهد يبين هذا، لماذا الناس (كل الأمة) اليوم قد قامت وحُق لها أن تقوم؟ وانزعجت وحُق لها أن تنزعج؟ واستنفرت وحُق لها أن تستنفر؟ فيما يحدث من مذبحة ومن إبادة لإخواننا المسلمين في غزة وفي فلسطين، نعم يجب أن يتمعر الوجه، وأن ينقبض القلب، وأن ترتعد النفس، وأن يشعر الإنسان بضيق، لما أصاب إخواننا في الله -عز وجل-؛ لأن المؤمنين إخوة كما قال الله -عز وجل-، وكما قال نبينا: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
المسلمون تتكافأ دماؤهم
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمونَ تتكافأُ دماؤهُم، ويسعى بذمَّتِهم أدناهُم، ويردُّ عليهم أقصاهُم، وهم يدٌ على من سواهم»، اليوم نجعل المساجد كلها تدعو لإخواننا في فلسطين نعم -وحُق لهم ذلك-، وإننا نجمع التبرعات وبطريقة كبيرة -وحُق لهم ذلك-، وإننا نجتمع من أجلها أمما وبلدانا ومنظمات، نعم -قد حُق لهم ذلك-، وهذا ما يجب أن نفعله مع جميع المسلمين الذين يتعرضون لمآس في شتى بقاع الأرض، ولقد مر علينا مشاهد لمسلمين يؤخذون وهم أحياء، وقد أججت لهم النار ويُلقى الرجال والنساء والأطفال فيها!
انتقائية المشاعر
المطلوب منا أن نبكي لهؤلاء جميعًا ولا يكون لدينا انتقائية في المشاعر، فدم المسلم في أي مكان غال، كما ضاقت صدورنا هنا، لابد وأن تضيق أيضًا على كل مسلم، فالله -سبحانه وتعالى- ما استثنى دما دون دم؛ فلزوال السماوات والأرض أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم واحد رجل أو امرأة، كبير أو صغير، فقير أو غني، أبيض أو أسود، عربي أو أعجمي ليس هناك فرق أبدًا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. اليوم ترى المظاهرات تخرج هنا وهناك، وتعقد الاجتماعات، والمهرجانات خطابية، -نعم إخواننا المسلمين في فلسطين يستحقون ذلك-، لكن أيضًا الذين يعانون في أفريقيا يستحقون، والذين يعانون في الهند يستحقون، والذين يعانون في بورما يستحقون، والذين يحرقون ويُبادون في الصين يستحقون، والذين يُدفنون وهم أحياء يستحقون، لابد أن يتوحد عندنا هذا الشعور، شعور الأمة الواحدة، والدم الواحد.
الأمّة واحدة
أمتنا أمَّة واحدة، وما يحدث فيها شيء واحد، والدم المسلم أينما يكون تراه عزيزًا عند الله -عزوجل- أولا ثم عند أهل الإيمان الحق، فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يحيي الإيمان في قلوبنا وأن يجدده، وإن كان هناك خلل في هذا الشعور، فإنما هو نتيجة لخلل في الإيمان، وخلل في الولاء والبراء.
تغطيات مجلة الفرقان
أما الحق، فوالله مثل ما نرى عند إخواننا -ولا نزكي على الله أحدا- في الفرقان مثلا تغطي كل القضايا والمجازر التي تصيب المسلمين في كل أنحاء العالم، وهذه الجمعية المباركة جمعية إحياء التراث الإسلامي التي تدفع -بفضل الله عزوجل- لإغاثة إنسانية ولكرامة إنسانية وقبل ذلك هي إيمانية لإخواننا المستضعفين والمحتاجين في شرق الأرض وغربها، هذا هو سبيل الحق وميزانه الذي يجب أن نتكلم به، ثم يأتيك سفيه يسفه أعمالنا وأقوالنا ولايراها شيئًا! نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرفع عن هذه الأمة ما وقع فيها بتقديره -جل وعلا- وبرحمةٍ منه.

اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 14-12-2023, 12:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة

– ولكنكم قوم تستعجلون


  • لابد من دراسة العهد المكي حتى نأخذ منه العبر والعظات مما حصل للصحابة رضوان الله عليهم وكيف كانت الشدة التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم وقت الحصار في شعب أبي طالب
  • موعود الله تعالى بنصر المؤمنين لن يتخلف ولكننا نحتاج إلى يقين وإلى صبر وإلى ثبات على هذا الدين وهذا المنهج
حديثنا اليوم عن مشهد من مشاهد صمود المسلمين في العهد المكي، فهذا الصحابي الجليل خباب بن الأرت - رضي الله عنه - هذا الرجل الذي عايش واقعًا مريرًا كما عاشه النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة -رضي الله عنهم- الذين كانوا مستضعفين وقتها في مكة المكرمة، يأتي للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - متوسدا ببرده في ظل الكعبة، فعن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال: «شَكَوْنا إلى رَسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا؟ ألا تَدْعُو لَنا؟ فقالَ: قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ».
النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف الواقع الذين يتكلمون فيه، وهو - صلى الله عليه وسلم - جزء من هذا الواقع، بل هو - صلى الله عليه وسلم - يعيش شيئا أعظم مما يعيشه الصحب الكرام -رضوان الله عليهم- من الابتلاء، فالله -سبحانه وتعالى- جعل سنة كونية في الخلق وهي سنة الابتلاء، والأمر الثاني في هذا الابتلاء أن أشد الناس ابتلاءً هم الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل؛ لذا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر منهم في هذا الابتلاء.
الابتلاء ليس خاصا بهذه الأمة
والأمر الثالث أن الابتلاء ليس خاص بهذه الأمة؛ لذا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا فعل؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة بعد ما انتهوا من كلامهم: «قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ».
مشهد مؤلم
انظر الى هذا المشهد معي: عدو يأخذ مسلما لأنه مؤمن، ويأتي له بمنشار بعدما يحفر له في الأرض؛ بحيث لا يظهر سوى رأسه فينشر نصفين، تخيل هذا العذاب وهذا الألم مع كل لحظه من لحظات هذا الانسان قبل أن يموت! ينشر نصفين ما بين لحم ودم وعظم وعصب وما يرده ذلك عن دين الله!. نعم هو مع هذا المشهد المؤلم والصعب كان ثابتا على الدين، وما تسخط على دين الله -عزوجل- وما تسخط على الشرع، وما تسخط على النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان في عهده أبدا، وإنما ثبت على أمر الله -عزوجل-؛ لأنه يعلم أن هذا ابتلاء من الله -عزوجل.
واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ
ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ»، وهذا قسم وإذا أقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو صادق أكيد، «لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ» أي سيسود هذا الأمر، وتكون العزة للإسلام والمسلمين، ويكون الملك لهذا الدين، ويكون السؤدد لهذا الدين وهذه الشريعة.
معالجة النبي - صلى الله عليه وسلم - للأمر
ثم أكمل النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلَّا اللَّهَ، والذِّئْبَ علَى غَنَمِهِ» يعني من شدة الأمان، هل ترون يا أحباب كيف عالج النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الشكوى وكيف تعامل معها؟ النبي - صلى الله عليه وسلم - بدأ حديثه وأخذهم الى الزمن البعيد ليسمعهم ما لاقاه أهل الإيمان من ابتلاء وسنة الله الكونية مع المؤمنين من قبلهم؛ لذا نحن نحتاج إلى مثل هذه الرسالة الآن؛ فما يمر به أهل غزة وفلسطين أمر شديد، ولهم في ذلك سلف، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أسوتنا - صلى الله عليه وسلم - فلننظر ماذا صار معه - صلى الله عليه وسلم ؟
أهمية دراسة العهد المكي
ينبغي للمسلمين أن يدرسوا ماذا حصل للصحابة -رضوان الله عليهم؟ وكيف كان يسمع أهل مكة بالليل صياح الأطفال وعويل النساء، وكيف كانت الشدة الذي واجهها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت الحصار، وما عندهم شيء، فكان يخرج منهم مثل البعر من الإمساك الشديد؛ فقد كانوا يأكلون أوراق الشجر، قال - صلى الله عليه وسلم -: «ولقد أتت عليَّ ثلاثونَ من بينِ يومٍ وليلةٍ، وما لي ولبلالٍ طعامٌ يأْكلُهُ ذو كبدٍ إلاَّ شيءٌ يواريهِ إبطُ بلالٍ» يعني من الأكل شيء يسير، شهر كامل ما يأكل شيئا - صلى الله عليه وسلم - مع الصحابة -رضوان الله عليهم- عايش معهم هذا البلاء.
الأمر يحتاج الى صبر
لذا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قد نقل الصحابة إلى هذا الجيل القديم من الأنبياء والمرسلين ليروا ماذا كان يصير معهم، لماذا؟ حتى يبين لهم ولنا أن الأمر يحتاج إلى صبر، وإلى الاقتداء بالمؤمنين السابقين الذين ما صدهم هذا الابتلاء الصعب عن دين الله، كما أنه - صلى الله عليه وسلم - في النهاية بشر ببشارة وهي أن النصر قادم. أما النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعد الهجرة مكن الله -عزوجل- له، والخلفاء من بعده توسعوا، والخلفاء من بعدهم توسعوا، حتى بلغت رقعة الأمة الاسلامية ما بلغت.
موعود من الله
وكل ما جاءت الفتن القريبة أو المشابهة لذلك العهد، فاعلموا أن هناك بشارة قادمة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -» واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ» وهذا موعود من الله، والله لا يخلف الميعاد؛ لذا فإننا نحتاج إلى يقين وإلى صبر وإلى ثبات، نحتاج إلى أن نثبت على هذا الدين وهذا المنهج، ونحسن الظن بالله -عزوجل-، وأن نعمل بالأسباب الشرعية والكونية التي توصلنا إلى تحقيق الأهداف.
النصر لهذه الأمة
وعد الله النصر لهذه الأمة، وأن اليهود سيزولون، وأنهم سيهزمون شر هزيمة، حتى أن الله -عزوجل- يسخر الحجر والشجر لنصرة المسلمين، عن أبي هريرة - رضي لله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ، فيقتلُهم المسلمون، حتى يختبئ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ والشجرِ، فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ: يا مسلمُ يا عبداللهِ، هذا يهوديٌّ خلفي، فتعالَ فاقْتلْه، إلا الغَرْقَدَ، فإنه من شجرِ اليهودِ».

اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 02-02-2024, 07:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – صفات عباد الرحمن


  • الله -عزوجل- من أسمائه الوهاب والمعطي والرزاق والكريم والجواد وهذا كله فيه معنى العطاء فالله عزوجل عطاؤه عظيم ورزقه كبير وهباته جليلة
  • قرة العين أن ترى أبناءك في صلاح وفي طاعة ومن أهل الاستقامة ملتزمين بأوامر الله يطبقونها على أنفسهم في أقوالهم وأفعالهم
إخواني الكرام دعونا نبحر اليوم -بإذن الله تعالى- في جزء من دعاء رائق، هذا الدعاء قد جعله الله -سبحانه وتعالى- من ضمن صفات عباد الرحمن، فقد بين الله -عزوجل- لنا صفاتهم القولية والفعلية، ومنها ماذا يطلبون من الله -عزوجل؟ فقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}.
«وَالَّذِينَ يَقُولُونَ» أي عباد الرحمن، «رَبَّنَا» وهذا فيه أدب وهو أنك إذا أردت أن تدعو الله -عزوجل- لا تبدأ بذكر طلبك مباشرة، وإنما تبدأ بذكر أسماء الله -تعالى- وصفاته والثناء عليه -سبحانه وتعالى-، كما كانت صفة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم -، ثم بعد ذلك تصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم -، والآية ما ذكرت الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم - ولكن نجمع معها ما جاء في السنة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم - بين أن الدعاء المستجاب هو الذي يبدأ بالثناء على الله -عزوجل- والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم .
«رَبَّنَا هَبْ لَنَا»
«رَبَّنَا هَبْ لَنَا»، إن الله -عزوجل- من أسمائه الوهاب، ومن أسمائه المعطي، والرزاق، والكريم، والجواد، وهذا كله فيه معنى العطاء والله -عزوجل- عطاؤه عظيم ورزقه كبير وهباته جليلة لا يستطيع أحد من الناس أن يجمع عطايا رب العالمين سواء على الفرد أم على الخلق بأكملهم، {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌا}، ستتعب ويفنى عمرك وأنت ما جمعت ما أعطاك الله -عزوجل.
شعور التقصير
ولذلك فإن هذا المعنى لو استقر في قلبك سيولد بداخلك هذا الشعور من أنك فعلا عبد مقصر لن تستطيع أن توفي حق الله -عزوجل-، فلن تستطيع ان توفي رب العالمين حقه في العبادة وغيرها من أوجه شكر تلك المنح والهبات التي أعطاك الله -عزوجل- إياها؛ لذلك فإن الله -عزوجل- علمنا جوامع الكلم في الدعاء والشكر ليثقل بها موازيننا أمام تلك النعم والهبات التي أعطانا الله -عزوجل- إياها، قال -تعالى-: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.
الدعاء للزوجة
هنا في دعائهم «رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا» دعاء واضح لزوجتك، نعم زوجتك أخي الحبيب، تلك المرأة التي اخترتها من بين نساء العالمين لأن تكون زوجه لك وأما لأولادك، وأمانا لبيتك، ومن تأمنها على أسرارك وعلى حياتك؛ فهي تستحق منك الدعاء، وأتعجب من بعض الناس الذين يمكن أن ينسوا زوجاتهم في الدعاء إلا في المناسبات أو مواسم العبادة مثل شهر رمضان أو الحج والعمرة، علما بأن من صفات عباد الرحمن أنهم يدعون مثل تلك الدعوات بإلحاح، والله -عزوجل- ما ذكر تلك القضية ودعاءهم بها إلا إشارة لمكانتها في نفوسهم، ولمدى تكرارهم لطلبها وإلحاحهم في ذلك على الله -عزوجل- أن الله -عزوجل- يهدي زوجتك ويصلحها ويتمم لها أمرها ويرزقها الإحسان والإيمان، وقتها تكون أنت في أمان وفي راحة، نعم انت.
أكثر الناس شقاءً
لذلك انظر إلى أكثر الناس شقاءً، تراه في أي باب؟ إن أكثر الناس يعاني في شقاء زوجته، يرى زوجته على غير هداية، وعلى غير استقامة، على غير تقوى، وعنده ضياع في حياته، ضاع عياله وبيته وحلاله وماله وهو نفسه قد ضاع، وقد يكون إنسانا مستقيما ينحرف عن الاستقامة بسبب زوجته، ولعلي وقفت مع أحد الإخوة عندما كان يتزوج، ثم رأيته بعد فترة انقطع فيها عن الشباب وعن وجوده معهم فلما سألته عن السبب أخبرني بأنه قد فارق زوجته وعند السؤال عن السبب؟ قال هذه المرأة -سبحان الله- كانت تتحبب لي من جهة، ولكن كانت تضعف إيماني من جهة أخرى، فبدأت آخذ من لحيتي وأطول ثيابي وبدأت أذهب إلى أماكن ما كنت أذهب إليها، فقد كنت في وسط الشباب المتدين منذ كنت صغيرًا وأبدا في حياتي ما دخلت سينما ولكنها أدخلتني السينما والمسارح، وبدأت أفعل أشياء عظيمة ما كنت أظن أني أفعلها يوما من الأيام.
قضية مهمة في حياة المؤمن
لذلك الله -تعالى- علمنا أنه -سبحانه- حين ذكر هذه القضية كم لها من الأهمية في حياة عباد الرحمن! فمن صفات عباد الرحمن أن أحدهم يدعو دوما «يا رب هب لي زوجة تكون لي قرة عين»، هذه نتيجتها أن قرة العين هذه ستجعلك تعيش في حياتك حياة سعيدة، حياة هانئة؛ لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أربعٌ من السعادة» وذكر منها: «المرأةُ الصالحة»، ما اكتفى - صلى الله عليه وسلم - فقط بالمرأة، وإنما المرأة الصالحة المؤمنة التي إذا رأيتها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك، في نفسك ومالك واولادك.
«وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ»
«وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ» أي: اجعل لي يا رب أيضا ذرية قرة عين لي، سئل الحسن البصري: «قرة العين هذه في الآخرة؟» قال: لا في الدنيا.
ما قرة العين؟
الامام بن جرير الطبري جمع كل أقوال السلف في تفسيره فقال: «قرة العين للمؤمن أن يرى صلاح أبنائه»، أن ترى أبناءك في صلاح وفي طاعة موحدين، أهل استقامة، ملتزمين بأوامر الله، يطبقونها على أنفسهم، في أقوالهم وأفعالهم، هذه هي قرة العين. وسميت قرية العين؛ لأنها مصدر سرور ينبعث في القلب ويبدأ يظهر على العين، وقرة العين ليست فقط للإنسان المبصر لكن حتى الكفيف له من قرة العين نصيب؛ لأن القضية قضية القلب سرور في القلب يظهر على عينك، فيمتلئ قلبه فرحًا وسرورًا وبهجة بالأشياء التي امتدحها الله -عزوجل- فكأنه أصبح يرى هذا الشيء وهو لا يراه ويتصوره، أبناؤه وزوجه كونهم على طاعة واستقامة، ما شاء الله يذهبون معه للصلاة ويصومون معه ويحجون معه فيفرح قلبه وتصير وكأنها صارت قرة عين له». فلذلك هو حكم الغالب والغلبة للقلب والعين إنما هي أداة، فما في قلبك يظهر على عيونك، إذا كنت سعيدا يظهر على عينك، وإن كنت حزينا يظهر على عينك، حتى قال شيخ الاسلام ابن تيمية: «والعين تعرف من عين محدثها إن كان من حزبها أو من أعاديها» طبعا هذا يحتاج إلى فراسة إيمانية.
لكل شيء سبب
الشاهد أن دعائك {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} هو أن تراهم على طاعة، ولكن هل تريد ذلك دون أسباب منك؟ الله -عزوجل- جعل لكل شيء سببًا، فعلى قدر بذلك من الأسباب على قدر ما يأتيك من النتائج من عند الله، وإذا جاءت النتائج على غير ما تريد فاعلم ان هذا الأمر بيد الله وحده؛ لأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. ترجو أن تصبح زوجتك امرأة تقية طائعة صالحة، ولكن يحدث ما هو غير ذلك؛ فاعلم أن هذا بقدر الله، وكذلك أولادك ترجو لهم الصلاح والتقوى ولم يحدث ذلك، فاعلم أن هذا بيد الله، وفي كل الأحوال أنت لابد من أن تبذل السبب في ذلك ما بين دعاء وما بين أسباب أخرى مادية التي من شأنها أن تصل بزوجتك وأولادك إلى هذا الصلاح والتوفيق من الله -عزوجل- والهداية منه وحده -سبحانه.

اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 13-02-2024, 06:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – سبع خطوات في السير إلى الله -عز وجل


  • لا يوجد محبط للأعمال أعظم من الشرك بالله عزوجل عياذا بالله أو الردة أو الرياء أو السمعة فكلها محبطات للأعمال الصالحة
  • هناك سبع محطات يجب أن تتوقف عندها وأنت تريد التقرب إلى الله عزوجل سواء كان تقربك إلى الله عزوجل في الأمور المأمور بها أم في الأمور المنهي عنها
هناك سبع محطات يجب أن تتوقف عندها وأنت تريد أن تتقرب إلى الله -عزوجل-، سواء كان تقربك إلى الله -عزوجل- في الأمور المأمور بها أو في الأمور المنهي عنها، إما بإتيانك المأمور به أو بابتعادك عن المنهي عنه، وهذه المحطات قد أشار إليها شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب -رحمة الله تعالى عليه في كتبه ومصنفاته:
المحطة الأولى: لا تعمل إلا بعلم
أما عن المحطة الأولى: (لا تعمل أي عمل سواء بفعل الأوامر أو بترك النواهي إلا بعد علم) أي بعد أن تتعلم، وتلك هي المحطة الأولى، لابد وأن تهتم بالعلم، ومن يتجاوز تلك المحطة فإنه سيتجاوز أشياء كثيرة، وسيقع في أخطاء كثيرة لا حصر لها، قال الله -سبحانه- وتعالى- للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ}، قدم الله -عزوجل- العلم على العمل، ولذلك قال الإمام البخاري في هذا الأمر: (باب العلم قبل القول والعمل)، وكذلك أول مانزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم - قال له: { اقرأ }، ثم يأتي العمل فيما بعد، فإذا تلك هي المحطة الأولى، (محطة العلم)؛ فلا تأتِ شيئا ولا تنتهِ عن شيء إلا بعلم.
المحطة الثانية: محطة المحبة
المحطة الثانية التي سنقف عندها: (محطة المحبة) فما المحبة؟ لابد وأن تعرف يقينًا أنه ما أمر الله -عزوجل- بشيءٍ إلا أحبه، ولا نهى الله -عزوجل- عن شيء إلا كرهه، فأما المأمور فهو محبوب لذاته؛ لأن الله -عزوجل- يحبه، وأما المنهي عنه فهو مكروه عند الله -عزوجل-؛ فيصير عندك شعور أنك تحب هذا الأمر الذي أمر الله -عزوجل- به، وتكره المنهي الذي نهى الله -عزوجل- عنه؛ لأن الله -عزوجل- ما أمر بهذا إلا لخير، ولا نهى عن الشر إلا لخير؛ فيكون في قلبك حب لهذا المأمور وحب لتركك هذا المنهي عنه؛ لأن الله -عزوجل- هو الذي أمر بهذا، وهو -سبحانه- الذي نهى عن ذاك؛ ولذلك قالوا السنن الشرعية كلها محبوبة عند الله -عزوجل-، أما السنن الكونية ففيها ما هو محبوب عند الله -عزوجل- وفيها ما هو مكروه عند الله -عزوجل-، فالله -سبحانه- قدر -كونا- الكفر، وقدر الله -عزوجل كونا- الظلم، وقدر الله -عزوجل كونا- القتل، والله -عزوجل- لا يحب ذلك كله بل ونهى عنه، إذا في الأمور الشرعية والأحكام الشرعية بين أن الأوامر والنواهي كلها محبوبات لله -عزوجل- (الأمر والنهي) ولذلك فالله -عزوجل- ما أمر إلا بالخير، وما نهى إلا عن شر.
المحطة الثالثة: العزيمة
المحطة الثالثة: (أن يصير عندك عزيمة على الفعل والترك)؛ فبعد العلم يتولد لديك شيء في الداخل، فقد تعلمت الآن أن هذا الشيء أحبه الله وأمر به، وأن هذا الشيء الله -عزوجل- لا يحبه وقد نهى عنه؛ فصار في نفسي حب لأمر الله -عزوجل-، سواء بالفعل أم بالترك؛ فتأتي العزيمة وهي النية؛ لذلك من عزم على فعل أمر أو ترك نهي، فهو مأجور عند الله -سبحانه وتعالى-، فعزيمتك على الفعل إنما هي نية، «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى».
المحطة الرابعة: العمل بالعلم
المحطة الرابعة: (العمل بهذا العلم)، والعمل هو الأمر المطلوب، وهو ثمرة العلم، كما قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب، تلك هي ثمرة هذه الزرعة والنبتة الطيبة التي زرعتها وتعبت عليها.
المحطة الخامسة:العمل وفق ضابط محدد
المحطة الخامسة: (أن تعمل بتلك الأحكام الشرعية من أوامر ونواه وفق ضابطٍ محدد) وهو كما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - قولا وعملًا، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}، «صلوا كما رأيتموني أصلي»، «خذوا عني مناسككم»، «من توضأ كما أُمر وصلى كما أُمر غُفر له ذنبه» هكذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ( كما أُمر ) فلابد من اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - قولا وعملًا وتركًا.
المحطة السادسة: حماية الأعمال من المحبطات
المحطة السادسة: (أن تحمي أعمالك من المحبطات)؛ فتحمي عملك من أي شيء قد يحبطه، ولا يوجد محبط للأعمال أعظم من الشرك بالله -عزوجل- عياذا بالله! أو الردة أو الرياء أو السمعة؛ فكلها محبطات للأعمال الصالحة؛ فإنك إذا تعبت في العمل، فحاول أن تجعل سياجا يحوط ذلك العمل ويحرسه ويحافظ عليه، سياجا من الإخلاص لله -عزوجل- واتباع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فكما حفظنا العمل سابقًا بالاتباع، لابد وأن نحيطه ونحرسه أيضا بالإخلاص كي يرفعه الله -عزوجل- ويقبله، ولئلا تُحبط الأعمال عياذا بالله! فإن الله -عزوجل- لايقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا صوابًا (خالصًا لوجه الله -عزوجل- وصوابا على طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم ).
المحطة السابعة: حب متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم
المحطة السابعة: وهي آخر محطة: يا معاذ، والله إني لأحبك) قال: وأنا أحبك يا رسول الله، قال - صلى الله عليه وسلم -: «فلا تدع أن تقول دبر كل صلاة: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»، وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر من هذا الدعاء «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»، اثبت على هذا الأمر كما أخبرت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا عمل عملا أثبته»، أي ثبت عليه، سواء كان من الواجبات في الفعل أم من المستحبات، وبالطبع أو كان في ترك المحرمات أو المكروهات ابتغاء وجه الله -عزوجل. تلك كانت سبع محطات تذكرها ولا تنسها، واعمل بما فيها في نواحي حياتك كلها.

اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 13-02-2024, 09:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – حقيقة الأنس بالله تعالى

- أول ما يذهب الوحشة من القلب هو الإيمان فالإيمان يُشعر القلب بنور ما فيه ظلمة وبأنس ما فيه وحشة وبفرح ما فيه حزن وبألفة ما فيه نفرة - لا يستوحش مع الله من عمر قلبه بحبه وأنس بذكره ومناجاته في سره وشغل به عن غيره
إخواني الكرام، هناك حالة تمر على الإنسان تسمى حالة الوحشة، وهي حالة من الخوف، وأيضًا حالة من الألم، وهذه الحالة من الاستيحاش تأتي -غالبا- للإنسان عندما يكون منفردا أو في مكان مظلم أو في مكان منفرد؛ فيشعر بشيء من الوحشة، يسمونه انقباضا في القلب، والله -سبحانه وتعالى- هو أرحم بعباده من أنفسهم ومن آبائهم وأمهاتهم؛ لذلك شرع الله -عزوجل- لهم ما يرفع هذه الحالة من الاستيحاش وجعل ما أوحى الله -عزوجل- به للنبي - صلى الله عليه وسلم - من كتاب عزيز وسنة مطهرة ما يكون سببا للأنس في القلب.
والاستيحاش، حال تصيب الإنسان، وهي مزيج من حال مادية ومعنوية، أما الحال المادية فكالمثل الذي سقناه آنفا، عندما يكون في مكان مظلم أو منفرد لوحده، أو في مكان هادئ هدوءا شديدا، فإنه يستوحش، وربما تكون في بيتك أحيانا ما شاء الله على مرافقه وسعته، ولكن عندما تكون بمفردك فيه في حال السكون، قد تشعر بتلك الوحشة؛ لأن الإنسان يحب الأنس؛ لذلك الله -عزوجل- من رحمته خلق من آدم -عليه السلام- حواء، وجعله يأنس بها، وعندما أنزل الله -سبحانه وتعالى- آدم وحواء من الجنة إلى الأرض -بسبب أكلهما من الشجرة التي نهى الله عزوجل عنها- جعل حواء في مكان، وآدم في مكان؛ فأصبح آدم يبحث عن حواء حتى وجدها، قيل وجدها والتقى معها في عرفة، فلذلك سميت عرفة، ومن المعاني التي قيلت في عرفة: إنه المكان الذي تقابل فيه آدم وحواء في الأرض فسميت عرفة.
الحالة المعنوية للاستيحاش
توجد حال أخرى من الاستيحاش، وهي الحال المعنوية؛ فقد يكون هناك أناس كثيرون، في مكان كله أضواء، لكن تشعر في الحقيقة بانقباض! لماذا؟ لكون هؤلاء الناس مثلا ليسوا على دينك، كأن تمر في إحدى البلدان غير المسلمة، على مجمع مثلا كله خمور ومسكرات وحفلات، وأنت رجل مسلم ومؤمن ومستقيم، فتجد هذا المكان يزعجك؛ فتشعر بوحشة في هذا المكان، أو أنك تمشي في مكان فتجد تجمعا ما؛ فتخاف من كونهم عصابة مثلا قد يعتدون عليك، يسرقونك أو يقتلونك، هذا أيضًا فيه نوع من الوحشة.
أُنْس الإنسان المسلم
الشاهد أن ربي -سبحانه وتعالى- أراد أن يجعل الإنسان المسلم يأنس ولا تدخل في قلبه الوحشة؛ بسبب عظيم، قال -تعالى-: {الذين آمنوا} فأول شيء يذهب الوحشة هو الإيمان، الإيمان يجعل القلب يشعر بنور ما فيه ظلمة، وبأنس ما فيه وحشة، وبفرح ما فيه أحزان، وبألفة ما فيه نفرة، قال -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ}.
ذكر الله عزوجل
السبب الثاني مع الإيمان هو ذكر الله -عزوجل-؛ فكلما تكثر من ذكر الله -عزوجل- يزداد القلب فرحًا وأنسًا بالله -عزوجل-؛ لذلك الله -عزوجل- جعل ذكره في أشياء كثيرة، كذكر اللسان بالتسبيح والتهليل والتحميد وقراءة القرآن، ومن ذكر الله الصلاة وهي أعظم أنواع الذكر، صلاتك لله -عزوجل- هي ذكر، وكذلك من ذكر الله -عزوجل- التفكر في خلق السماوات والأرض، أن تتفكر في خلق الله -جل وعلا-؛ لقوله -تعالى في أهل الايمان-: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}، يمتلئ القلب حينها بذكر الله وبالأنس بالله -عزوجل.
الوحدة والعزلة المشروعة
لذا فالإنسان قد يحتاج الى ما يسمى بالوحدة والعزلة، ولكن ليست على مفهوم بعض الفرق الضالة، التي دمرت الناس ببدعها، وأدخلت على دينهم ما ليس فيه، وأول حالات العزلة والوحدة المشروعة تكون في صلاتك، حينها تكون في عزلة مع ربك -عزوجل-، كما قال -[ عن العبد إذا قام يصلي، فإنه يقف تجاه ربه، ليعبده بما شرع، يقول: {الحمد لله رب العالمين}؛ فيقول الله -جل وعلا-: حمدني عبدي، {الرحمن الرحيم} مجدني عبدي، {مالك يوم الدين} أثنى علي عبدي، فهذا كله ثناء من العبد على خالقه الذي تفضل بالرد على عبده الضعيف. وأحب شيء إلى الله -عزوجل- هو قراءة القرآن؛ فأنت تناجي به الله -عزوجل-، الناس حولك لكنك لست معهم، وإنما تقرأ كلام ربك، وتأنس به، وكذلك تتكرر هذه العزلة الطيبة في صلاتك للسنن والنوافل منفردا، وأعظمها إذا جن الليل فقمت من فراشك كي تناجي ربك، زوجتك نائمة واولادك في فراشهم فتختلي بنفسك في غرفة من الغرف وتصلي وتناجي ربك وتسبح وتذكر الله -عزوجل-، وتلك خلوة طيبة.
لا يستوحش مع الله من عمر قلبه بحبه
هناك كلمة جميلة ذكرها الإمام البغوي في كتابه (العزلة)، دعوني اقرأ لكم هذا النص وبه أنهي كلامي، قال الإمام الخطابي: « إنما لا يستوحش مع الله من عمر قلبه بحبه (هذا بالإيمان)، وأنس بذكره (ذكر الله -عزوجل- باللسان أو بالصلاة)، وأنس مناجاته في سره (في أوقات السر والخلوة)، وشغل به عن غيره (يعني تركت أمورا من أجل ذكر الله -عزوجل- وطاعته) فهو مستأنسٌ بالوحدة مغتبطٌ بالخلوة»؛ لذلك لا تعجبوا من كلمة شيخ الإسلام ابن تيمية عندما قال: «ماذا يفعل أعدائي بي؟ فجنتي في صدري أينما ذهبت فهي معي، إن سجنوني فسجني خلوة، وإن طردوني فطردي سياحة؛ فهي معي أينما أكون». وإذا كنت تشعر بوحشة مع صلاتك وخلوتك بالله -عزوجل- فلتعلم أن هناك خللا ! ابحث عنه؛ فأنت وحدك الذي تعرفه، قال -تعالى-: {بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ}.
حلاوة الأنس بالله
إن حلاوة الأنس بالله لا تحصل إلا بالاشتغال بذكره، ودوام عبادته، والبعد عن القواطع والشواغل التي تُقسِّي القلب، وتحول بينه وبين التفكر في آلاء الله، والتذكر لنعمائه؛ وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن للإيمان حلاوةً وطعمًا؛ كما في قوله: «ثلاث من كُنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذف في النار»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ذاق طعم الإيمان من رضِيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - رسولًا ونبيا).

اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 19-02-2024, 07:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة

– حقيقة الإحسان


  • ما فهمه السلف من الإحسان أن جزاءه يكتب عند الله تعالى سواء كان هذا الإحسان على البر أو الفاجر
  • ربط رسول صلى الله عليه وسلم الإحسان بعبادة الله لِما لهذه من مكانة عظيمة في دين الله بحيث تعد أسمى غاية خُلِق الإنسان من أجلها
إخواني الكرام، بعض الناس يظنون أن الإحسان يقتصر على أهل البر والإحسان، يعني إذا رأيت إنسانا مستقيما وملتزما هذا الذي أقدم له الخدمات والمساعدة وأقدم له ما يحتاج إليها، وإذا كان على غير حالة الاستقامة فليس له نصيب عندي من البر والإحسان، فهل هذه النظرة صحيحة؟ وهي تقييم الناس قبل الإحسان إليهم.
وإذا كنا نريد أن نفرق، فنقول هل التفريق يكون بناءً على أن الله -عزوجل- ما يعطيني الأجر إذا أنا أحسنت إلى غير أهل البر؟ إذا كان هذا الإنسان أمامي رجلا عاصيا أو عنده ذنوب ظاهرة أو باطنة أنا أعرفها، هل إذا أحسنت إليه هل الله -عزوجل- يكتب لي الأجر أم لا؟
الإحسان إلى أهل البر والفجور
هذه المسألة دعونا نذهب فيها إلى من هم أعلم فيها بديننا وبشرعنا من معرفة أدلة الكتاب والسنة وفهمها وهم السلف الصالح، ابتداءً من جيل الصحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم- ثم بعد ذلك جيل التابعين ثم تابعي التابعين والذي قد أخبرنا عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه «خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»، محمد بن علي بن الحنفية وهو ابن سيدنا علي - رضي الله عنه - دعونا نرى كيف قال في فهم هذه الآية من كلام ربنا -سبحانه وتعالى- في سورة الرحمن: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يقول -رحمة الله تعالى عليه-: «وهذه مسجلة لكل بر وفاجر» يعني: إذا أحسنت وقدمت البر إلى أهل البر فهي مسجلة لك عند الله -عزوجل-، وإذا قدمت هذا البر والإحسان لأهل الفجور فهي مسجلة لك عند الله -عزوجل- أيضًا بسبب عطائك وبسبب برك وإحسانك، وعلى ذلك بوب الإمام البخاري في كتابه صحيح الأدب المفرد باب (الإحسان إلى أهل البر والفجور أو إلى البر والفاجر) فكذلك سمى هذا الباب على ما فهم من هذا النص الكريم.
ماذا أستفيد؟
وعلى هذا إخواني الكرام، ماذا أستفيد إذا قدمت إحساني إلى أهل البر؟ هل لأنه يستحق البر؟ وبناء عليه نصنف الناس، هذا من أولياء الله -عزوجل- ومن أهل الخير، وهذا من أهل التقوى، وهذا من أهل الاستقامة فهذا أولى بالبر من غيره، لكن إذا رأيت واحدا من المسلمين من أهل الفجور والعصيان هل هذا خرج من الولاية؟ هل هذا خرج من الإسلام؟ هل هذا خرج من الإيمان؟ الجواب لا، قال -عزوجل-: {ثمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} (فاطر: 32)، فمعناها القريب لك أن الإنسان إذا كان عنده شيئا من الفجور والعصيان والنقصان فليس معنى ذلك أن هذا الأمر يمنعك من أن تحسن إليه! فلا تبره ولا تعطيه ولا تساعده ولا تمشي في حاجته ولا تعينه، فهذا مفهوم خطأ؛ بدليل ما فهمه السلف من أن الإحسان يكتب لك عند الرحمن؛ بسبب إحسانك سواء كان لبر أو لفاجر.
حديث يؤكد هذا الفهم
دعونا نذهب إلى حديث يؤكد هذا الفهم، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال رجل لأَتَصَدَّقَنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ على سارق! فقال: اللهم لك الحمد لأَتَصَدَّقَنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية؛ فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ الليلة على زانية! فقال: اللهم لك الحمد على زانية! لأَتَصَدَّقَنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ على غني؟ فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني! فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يَسْتَعِفَّ عن سرقته، وأما الزانية فلعلها تَسْتَعِفُّ عن زناها، وأما الغني فلعله أن يَعْتَبِرَ فيُنْفِقَ مما أعطاه الله». وأنت كذلك إذا أقدمت على أفعال البر والإحسان فلتعلم إذا كان في أهل البر فاعلم أنك قدمت الإحسان بحق لمن يستحقه، وإذا كان لا يستحق فلتجعل في نيتك لعله أن يستقيم، لعله أن يهتدي، لعله أن يستعفف، لعله ولعله أن يتدين ولعله أن يترك واقعا إلى واقع أفضل، واعلم أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيفما شاء، واسأل الله الثبات لنفسك ثم اسأله الثبات لغيرك.
الإحسان في الإسلام
فسّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.» أي أن تستحضر مراقبة الله لك في أثناء عبادتك له؛ فتؤديها على أحسن وجه، وكأن الله -تعالى- سيحاسبك في العاجل عليها. إن الإنسان إن لم يكن يرى الله، فإن الله -تعالى- معه أينما كان، لقد دلّ القرآنُ الكريم على هذه الحقيقة في مواضِعَ مختلفة كقوله -تعالى-: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}، وقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}. لقد ربط رسول - صلى الله عليه وسلم - الإحسان بعبادة الله لِما لهذه من مكانة عظيمة في دين الله؛ بحيث تعد أسمى غاية خُلِق الإنسان من أجلها، قال -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}. وبما أن العبادة هي بهذه الأهمية فإنّ إعطاءها حقها اللازم من الإحسان والإجادة يُعد شرطا أساسيا لقبولها وتحصيل الأجر الأوفر عليها. يقول الله -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى}، ويقول أيضاً: {وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، إنّ الله -تعالى- اشترط للقيام بواجب عبادته أن يكون العبد ذا هِمّة عالية وأداء حسن. ولا تكون العبادة عبادة صحيحة حتى يتقلب صاحبها بين حب الله والخوف منه، بين رجاء رحمته وخشية عذابه؛ فالرجاء الذي لا يرافقه خشية قد يقود إلى طول الأمل والتجرؤ على الله بالمعصية. أما الخشية التي لا يرافقها رجاء فإنها قد تؤدي إلى القنوط واليأس اللذين يسقطان في الكفر؛ قال -تعالى-: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}.

اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 06-03-2024, 02:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة

– لماذا لا ندعو إلى الله عز وجل؟


  • الدعوة إلى الله شأنها عظيم وهي من أهم الفروض والواجبات على المسلمين عموما وعلى العلماء خصوصا وهي منهج الرسل عليهم الصلاة والسلام
  • الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى من أجل الأفعال وأعظم الأعمال التي يؤديها المسلم في دنياه ويحتسبها لأخراه
إخواني الكرام، سؤال قد عرضته على نفسي، وأعرضه عليكم الآن، والجواب عنه في نفس كل منا: لماذا لا ندعو إلى الله؟ لماذا اليوم كثير من أبناء الأمة قد تقاعسوا عن هذه المهمة العظيمة التي تعد من الفرائض التي فرضها الله -عز وجل- على النبي -صلى الله عليه وسلم - وأتباعه؟
وحتى أجيب عن هذا السؤال، إذا لابد وأن نعرف أسباب العزوف عن هذه الفريضة:
(1) الجهل بحكم الدعوة إلى الله -تعالى
السبب الأول يرجع إلى الجهل بالحكم والأمر؛ حيث إنني لا أتصور إنسانا مسلما يعرف بأن الله --عز وجل-- فرض عليه شيئا ويتركه، وقد قال الله -عز وجل- للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ}، وهذا أمر والأمر يفيد الوجوب، وقال الله -عز وجل-: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل 125)، هذه كلها أوامر، وقال الله -عز وجل-: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (يوسف: 108).
أمر واجب
إذًا أمر الدعوة إلى الله -عز وجل- أمر واجب، على كل أحد من أتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فابتداءً هو واجبٌ عليه، وواجبٌ على أتباعه، ولكن هذا الواجب نظر له العلماء نظره أخرى: هل هو واجب على الأعيان؟ أم هو من فروض الكفايات؟ يعني إذا قام به بعضهم واكتفت الأمة بهم، سقط الإثم عن الكل، وأظن أن جمهور أهل العلم على هذا القول، وإن كانت ظواهر النصوص تدل على أنه واجب على كل أحد بعينه، ولكن يكون واجبا عليك بالعين في أحوال معينة، عندما تكون أنت الموجود فقط في هذا المكان، أنت الشاهد على هذه الواقعة، أنت من رأى أو سمع هذا الحدث، إذًا هو واجبٌ عليك الآن، أما من حيث العموم، فإذا قامت جماعة به من أمة الإسلام، وتحدث بها الكفاية، يسقط عنك الإثم.
هل هناك اكتفاء في الدعاة؟
ولكن السؤال الآن هل الساحة اليوم اكتفت بمن دخلها من الدعاة إلى الله ومن طلبة العلم ومن المفتين ومن القضاة؟ الجواب لا، فالساحة كبيرة والوقائع كثيرة، والجهات أكثر وأعداء الإسلام قد شمروا عن ساعد الجد لمحاربة الدين وأهله من كل جانب، فأيًّا من هذا الجهات قد تحققت فيها الكفاية؟ أخبروني وقولوا تلك الجهة قد تحققت فيها الكفاية وما نبغي فيها أحدا؟ لذا فلابد وأن تشمر ساعد الجد، وأن تحسب نفسك أحد الجنود الذين يدخلون ميدان الدعوة حتى ترفع الإثم عن نفسك.
(2) الجهل بفضل الدعوة إلى الله
السبب الثاني من أسباب العزوف عن الدعوة إلى الله -تعالى- هو الجهل بفضل هذه الدعوة وثوابها، فبعض الناس لا يشارك في الدعوة، قد يكون عنده العلم ولكن ليس عنده ما يشجعه ويحفزه كقول الله -سبحانه وتعالى-: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} (التوبة: 111)، والنفس ترغب وترهب والله -عز وجل- خلقها وهي هكذا، فما الأشياء التي تجعل الإنسان يندفع نحو تلك القضية الشريفة؟
أنت مأمور بالتبليغ
خذ الأمر الأول الذي تجد فيه تعلقا بالتبليغ فقط، بمجرد أن تبلغ الدين أنت مأجور، والنجاح يبدأ بالتبليغ، بعض الناس ينظر إلى الجهة الأخرى ناحية الأثر، الأثر ليس عليك قال -تعالى-: {ليس عليك هداهم}، يقولها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، {لست عليهم بمسيطر} يقولها للنبي -صلى الله عليه وسلم -، {إن عليك إلا البلاغ}، فقط هذا الذي عليك يا محمد -صلى الله عليه وسلم - الأشياء الأخرى ليست بيدك؛ لأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء، نحن وسائل للتبليغ فقط ووسيلة تأثير أما النتيجة فليست علينا. لذلك اجعل كل همك وكل مهاراتك وكل قدراتك وكل فنونك فيما يخص قضية التبليغ والدعوة إلى الله -عز وجل-، ادفع من مالك، أدخل دورات، صاحب النشطاء والفاعلين، واعرف كيف تكون مبدعا؟ وكيف تشارك في الدعوة إلى الله؟ وكيف تنشر دين الله -عز وجل؟ اتعب على هذا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نضَّرَ اللَّهُ امرَءًا سمعَ مقالتي فأداها كما سمعها، فربَّ مبلَّغٍ أوعى لَهُ من سامِعٍ».
أجرك بالتبليغ
لم يتكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التأثير والنتائج، وما قال لابد وأن تكون سببا في دخول أحدهم الإسلام، أو لأن يستقيم أحد من الناس، أو يهتدي لكي يكتب الله لك الأجر، فأجرك الآن كتب بالتبليغ؛ لذا فكثير من الناس عندما يُسأل لماذا لم يدخل ميدان الدعوة؟ يقول: أنا إنسان غير مؤثر، أنا ما عندي الإمكانيات الموجودة عند فلان الذي كسب قلوب الناس وكان سببا في إسلام بعض الناس واستقامة آخرين، أنا ما عندي هذه القدرة. من أخبرك أنَّ هداية الناس بيديك، ما نحن إلا أسباب لهداية بعض الناس، وهل نحن أفضل من نبي من أنبياء الله يأتي يوم القيامة وليس معه أحد؟ هل هذا النبي -صلوات ربي وسلامه عليه- سقط في الاختبار؟ هل فشل في دعوته؟ لا، أبدًا، وإنما هذا النبي أدى ما عليه وما كلف به من رب العزة، وهو تبليغ الناس دين الله -عز وجل-؛ فالله -عز وجل- رفع عنه الإثم، بل أُجر، وكان له مقام عظيم عند الله -عز وجل- كنبي مرسل، وأصبحت الحجه قائمة على الناس.
إقامة الحجة على الناس
لذلك عليك أن تبلغ دين الله -عز وجل- لتقيم الحجة على الناس، حتى إذا جاؤوا يوم القيامة وليس لهم حجه، فيقول أحدهم: يا رب، ما أدري عن الرسالة، وما أدري عن الدين، وما أدري عن القرآن، وما أدري عن السنة، ما أدري عن فهم السلف، ما أدري، ما أدري، فيقال له: قد جاءك فلان ونصحك، وجاءك فلان ودعاك، وفلان بلغك، ولكن أنت ما أخذت بهذا البلاغ ولا انتصحت، ولا تذكرت، فأصبح من أهل العقوبة الذين يستحقون عقوبة الله -عز وجل- عدلًا.
هذا مقامك في الدعوة إلى الله -عز وجل
إذًا أنت مقامك في الدعوة إلى الله -عز وجل- أنك تقوم بإيصال العدل الذي سيكون لله يوم القيامة وحجة الله في أن جعلك مبلِّغا عن الله -عز وجل-؛ لأن كثيرا من الناس قد جهل هذا الموضوع، وما شارك في الدعوة يحسب أنه لابد من أن يتأثر به الناس، أبدًا ولكن الأمر الثاني في الفضل هو إذا تأثر بك الناس فأنت أولًا قد حصلت فضل البلاغ وإيصال عدل الله وإقامة حجته، ثم إذا تأثر بك الناس بإرادة الله -تعالى- وفضله فهناك فضلٌ عظيم أيضًا.
أجر الداعي إلى الله -عز وجل
ويأتي الأمر الثاني في فضل وأجر الداعي إلى الله -عز وجل- إذا تأثر بك الناس، وجعلك الله -عز وجل- سببًا في هدايتهم واستقامتهم، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فواللهِ لَأنْ يهديَ اللهُ بكَ رجُلًا واحدًا خيرٌ لكَ مِن أنْ يكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ»، وحُمُر النعم هي أغلى ما وُجِدَ في هذه الأرض من إبل وأنواعها، أي ما في الأرض كلها من حُمُر النعم أنت تملكها، بأي شيء؟ ذلك إن هدى الله -عز وجل- على يديك رجلًا واحدًا، وإذا ما هدى الله -عز وجل- على يديك أحدا، فإن لك من الأجر ما لا يعلمه أحد إلا الله، فقد تركه مجهولًا لعظمه والفضل بيد الله -عز وجل- وحده، ولعظم أجر الصابرين على الحق وهذا الذي تقوم به من البلاغ دون أن ترى أثر ذلك في هداية الآخرين أو تأثرهم هو صبر، وقد قال الله -عز وجل في الصبر وأهله-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر: 10).
من أعظم الأعمال
خلاصة القول هو أن الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- من أجل الأفعال، وأعظم الأعمال التي يؤديها المسلم في دنياه، ويحتسبها لأخراه، ويضعها في ميزان حسناته؛ لذلك يجب أن يجعلها الإنسان من الهموم التي تقعده وتقيمه، ويفكر فيها ليل نهار، فالدعاة إلى الله يقومون بمهمة بالغة الشأن، عظيمة الأهمية.

اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 20-03-2024, 09:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة

– مشاعر المؤمنين بقدوم رمضان


  • إذا كان شعورك الداخلي بأنك عبدٌ لله عز وجل فاعلم أنك على خير عظيم وأنك من عباد الله المقربين
  • في كل يوم من أيام شهر رمضان ينادي المنادي يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر فعندما تتذكر كل هذا يمتلئ قلبك بالرجاء
أسأل الله -عز وجل- أن يجعل شهر رمضان مباركا عليكم وعلى أهليكم وعلى أحبابكم وعلى أمتكم وعلى أوطانكم، والله -سبحانه وتعالى- نسأله أن يمن علينا بالخيرات، وأن يعم ذلك على عباد الله -عز وجل- في مشارق الأرض ومغاربها، بفضل الله -عز وجل- وكرمه ومنته، وحقيقة كلمتي أريد أن أدخل بها إلى أعماق مشاعر المؤمن يوم سمع بأن رمضان قد أقبل، وأن الهلال قد رؤي وثبت دخول الشهر بحمد الله -عز وجل-، ما الأشياء التي خالجت قلبه ونفسه وعقله يوم دخل هذا الشهر؟
الشعور بالعبودية لله -سبحانه وتعالى
إن أول تلك المشاعر هو الشعور بالعبودية لله -سبحانه وتعالى- وهذه نعمة عظيمة، أن تشعر بأنك عبد لله -عز وجل- {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}، وقال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وقال -تعالى-: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وأنت تجيب «سمعا وطاعة.. سمعا وطاعة يارب»؛ لشعورك الداخلي بأنك عبد لله -عز وجل-، فإذا كان هذا الشعور هو الذي هز كيانك، وارتفعت مقاييسه عندك، فاعلم أنك على خير عظيم، وأنك من عباد الله المقربين، وأنك من أولياء الله الصالحين، نحسبك والله -عز وجل- حسيبك، لماذا؟ لأنه ما دفعك للامتثال إلا شعورك بالعبودية لله -عز وجل-، وهذا دليل على الإيمان وعلى التوحيد لله -عز وجل.
الشعور بالرجاء
هناك أيضا في داخل أعماق هذا المسلم وهذا المؤمن شعور بالرجاء، عنده علم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ ونادى منادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ»، لا تظن أن هذا العتق في آخر رمضان، لا وإنما في كل ليلة، وهذا فضل الله -عز وجل. ففي كل يوم من أيام شهر رمضان ينادي المنادي: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، فعندما تتذكر كل هذا يمتلئ قلبك بالرجاء، ومع كل عبادة ترجو نيل فضلها وأجرها عندما تصوم تدعو الله يا رب أكون ممن قلت فيهم ولهم : «مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ»، عندما تسمع هذه الأحاديث يمتلئ قلبك بالرجاء، هذا الشعور العجيب الذي يدفعك لأن تُقبل وتُقبل وتعمل وتجتهد، فلا تدع لحظة إلا وتغتنمها؛ رجاء الفوز بالمثوبة والأجر والفضل من رب العالمين، وأبشر -بإذن الله- ستكون ممن ينالهم هذا الحديث: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ» يوم يجازيه رب العالمين عن صيامه الذي لا عدل له ولا مثل له كما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم .
الشعور بالخوف
ثم أيضا يمتلئ القلب بمشاعر الخوف، فيدخل رمضان وأنت خائف، فعلام الخوف؟ خائف أن الله قد لا يتقبل مني، هل الله -عز وجل- يظلمك حاشاه، ولكن أنت تخاف من أن تظلم نفسك، بأن تكون النية غير خالصه لله -عز وجل-، أو أن يكون العمل ليس فيه متابعة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أن العمل يدخله شيء من الفخر والكبر والخيلاء، أو يدخله شيء من السمعة والرياء، أو يدخله شيء من الشوائب، أو أنني أعمل بعض الأعمال أو أقول بعض الأقوال التي تخل وتهدم هذا البنيان العظيم في شهر رمضان كما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ»؛ لذا إخواني هذا الخوف يجعلك تحرص على أن تبني حول نفسك سياج أمان، وخطوط دفاع لتدافع عن صيامك، وتدافع عن حسناتك، وترد الشيطان الصغير اليوم؛ فمردة الجن محبوسة، ولترد شياطين الأنس، ولترد مريدي الفتنة بك؛ فتسوي خطوط أمان لخوفك على عبادتك وحرصك على سلامتها من أي شائبة.
شعور بالحب
من المشاعر أيضًا التي تنتاب المسلم في بداية هذا الشهر هو: شعور بالحب، فما دفعك لهذا التقرب إلا حبك لله -عز وجل-؛ فأنت الآن تبشر نفسك بأنك صائم اليوم وأنوي صيام شهر رمضان ذلك دليل محبتي لله -عز وجل-، {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ماذا يفعلون؟ إنهم يأتمرون بأمره وينتهون عن نهيه -سبحانه وتعالى- وهو الذي يحبهم -سبحانه وتعالى-؛ فالحب جزء من الإيمان الذي هو شعور بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح والأركان، إذا كيف تعبر عن حبك لله -عز وجل؟ الجواب: بامتثالك، فاليوم ترى صيامك هو دليل على حبك، وهذا في الحقيقة نعمة من نعم الله -سبحانه وتعالى.
شعور الافتقار إلى الله -تعالى
كذلك تشعر وأنت تدخل في هذه العبادة بافتقارك إلى الله، فتشعر باحتياجك لله -عز وجل-، فالعبد ذليل يحتاج إلى رحمة سيده، وكلما زاد فقرك بين يدي الله -عز وجل-، ازددت رفعةً وشأنا، قال - صلى الله عليه وسلم - «وما تَواضَعَ أحَدٌ للَّهِ إلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» فأعظم من تتواضع له هو الله -سبحانه وتعالى. وأعظم من تخضع له هو الله -سبحانه وتعالى-؛ فالله -سبحانه وتعالى- سيرفعك بإيمانك {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} يرفعهم الله -عز وجل.
اجتماع تلك المشاعر في القلب
إخواني كل تلك المشاعر إذا اجتمعت في قلب عبد تشعره باللذة والقرب من الرحمن، وتعينه على الصبر على الجوع والعطش وعلى طول النهار، وعلى برده وحره، وعلى قيام ليله، وأنت فرحٌ سعيد والابتسامة تعلو قسمات وجهك لاستحضارك معنى تلك المنزلة من عبودية عنوانها المحبة، وتسير بالخوف والرجاء على درب الافتقار.
استحضار معنى الصيام
ثم تستحضر معنى الصيام وفضله يوم القيامة، وَمما قِيلَ: إن أعمال ابن آدم قد يجري فيها القصاص بينه وبين المظلومين، فالمظلومون يقتصون منه يوم القيامة بأخذ شيء من أعماله وحسناته، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟»، قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا؛ فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ؛ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».
إلا أجر الصيام
والمقصود إلا أجر الصيام فإنه لا يؤخذ للغرماء يوم القيامة منه شيء، وإنما يدخِره اللهُ -عز وجل- للعامل يجزيه به، ويدل على هذا قوله في إحدى روايات الحديث: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَالصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، أي: إن أعمال بني آدم يجري فيها القصاص ويأخذها الغرماء يوم القيامة إذا كان ظلمهم إلا الصيام، فإن الله يحفظه ولا يتسلط عليه الغرماء، ويكون لصاحبه عند الله -عز وجل. قال شيخنا ابن عثيمين -رحمه الله-: «إذا كان يوم القيامة وكان على الإنسان مظالم للعباد فإنه يؤخذ للعباد من حسنات العبد، إلا الصيام فإنه لا يؤخذ منه شيء؛ لأنه لله -عز وجل- وليس للإنسان، وهذا معنى جيد أن الصيام يتوفر أجره لصاحبه، ولا يؤخذ منه لمظالم الخلق شيئا». وقال - صلى الله عليه وسلم - إن الله -عز وجل- يقول: «كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعَفُ لَهُ الحسنةُ بعشرِ أمثالِها إلى سَبعِمائةِ ضِعفٍ قالَ اللَّهُ سبحانَهُ إلَّا الصَّومَ فإنَّهُ لي وأَنا أجزي بِهِ».

اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 24-04-2024, 03:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – افرح ولا تفرح


  • على الإنسان أن يفرح أن مد الله عز وجل في عمره فأدرك شهر رمضان بأكمله وهو من الشهور العظيمة التي اختارها الله عز وجل وجعلها محلا لعبادة عظيمة
  • على الإنسان أن يحذر من خدع الشيطان فيدخل عليه فرح الغرور والعجب ويقول: أنا صليت أنا قمت أنا تصدقت أنا قرأت القرآن فهذه من محبطات الأعمال
في هذه الأيام من شهر شوال، التي تأتي بعد موسم شهر رمضان المبارك يمر على أهل الايمان يوم العيد الذي يفرح به أهل الإيمان بعد مسيرة طيبة مباركة من العمل الصالح، وأقول كما قال الصحابة -رضوان الله عليهم- إذا قابل بعضهم بعضا في مثل تلك الأوقات: تقبل الله منا ومنكم، أو مثلما نقول نحن: تقبل الله طاعتكم وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يعيد علينا وعليكم تلك الأيام المباركة أعواما عديدة وأزمنةً مديدة، وكل عام وأنتم بخير وأمنٍ وأمان وسلم وإسلامٍ وإيمان، وعنوان كلمتي هذه (افرح ولا تفرح)، قد يقول قائل كيف تريدنا أن نفرح ولا نفرح في الوقت نفسه؟!
افرح حمدا وشكرا لله -عز وجل- أن مد عمرك فأدركت شهر رمضان بأكمله، وهذا الشهر هو من الشهور العظيمة التي اختارها الله -عز وجل-، وجعله محلا لعبادة عظيمة وركن عظيم من أركان الإسلام وهو الصيام {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: 185).
افرح بإسلامك
افرح أنك أدركت هذا الشهر وأنت مسلم؛ فإن بعض الناس لم يدخل في الاسلام إلا في منتصف رمضان أو بعد ذلك أو قبله، فهناك آخرون مر عليهم هذا الشهر، إما كافرا وإما عاصيًا من أهل الإسلام؛ فاحمد الله على العافية ونعمة الهداية.
افرح بنعمة العافية
بل احمد الله -عز وجل- ان أتم الله عليك نعمة الصحة والعافية، وأتممت صيامة، افرح بأن الله -عز وجل- يسر لك فيه العبادات، مابين صيام وقيام وقراءة قرآن، وأعمال بر وإحسان افرح بذلك، يقول الله -عز وجل- {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}.
افرح بطاعتك
من يفرح فليفرح بهذا الأمر بالطاعة أكثر من أي فرح آخر {هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} من أموال، ومناصب، وشهادات، ومن متاع الدنيا؛ فالطاعة وأجرها ليس في الدنيا فقط وإنما ما في شيء يستمر معك أثره في الدنيا ولا في الآخرة إلا الأعمال الصالحة، أما غير ذلك فهو متروك في الدنيا فقط، تستفيد منها، أما بمجرد انتقالك لأول منازل الآخرة وهو القبر انتهى كل شيء، ولن يبقى معك وقتها إلا العمل الصالح.
افرح بتوفيق الله لك
افرح بتوفيق الله لك بأن أعانك على إتمام هذا البنيان العظيم من العمل الصالح، وهناك من عباد الله -عز وجل- من انقطع عملهم في أثناء الشهر، إما لمرض مزمن يصعب معه الصيام، وإما بالوفاة، وهم كثر رحمة الله على الجميع، وهناك أيضا من دفناهم بعد صلاة العيد مباشرةً رحمة الله عليهم، الشاهد أن هناك دواعي لفرحة جليلة بأن الله -عز وجل- جعلك تعيش أياما عظيمة، ووفقك فيها لأعمال كبيرة، فلتفرح بأن كنت من هؤلاء الذين اصطفاهم الله للعمل الصالح. افرح بأن دخلت في يوم العيد وهو يوم الجائزة؛ ولذلك كان السلف إذا فعلوا شيئا من الطاعات شعروا بسرور وفرح عظيم، وما أجمل تلك الحادثة التي ليس فيها مجرد عمل صالح وإنما خُتم له بالعمل الصالح حين قال الله -عز وجل-: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}، جاء الرمح من ظهره وخرج من صدره وهو يراه، فيقول وهو يضع يده على مكان هذا الرمح ويقول: فزت ورب الكعبة، فزت ورب الكعبة، فاز بماذا؟ بأن اتخذني الله شهيدا، أنا ذهبت أعلم الناس القرآن وقتلت دون ذلك، وكذلك أنت قدمت من جهاد نفسك وجهاد وقتك ومالك بأن تصوم وتصلي وتقرأ القرآن وتعمل عملا صالحا فلتقل في نفسك فزت بإذن الله ورب الكعبة، ولترج أن تكون عند الله من الفائزين.
إياك وفرح الغرور!
لذلك إخواني الكرام، هذا الفرح مهم جدا، أن تشعر نفسك بهذا الفرح وأن تفرح بفضل الله عليك، ولكن لا يدخل عليك الشيطان بالفرح الثاني عافانا الله وإياكم وهو فرح الغرور «أنا صليت، أنا قدمت، أنا عملت، أنا سويت» فلا تركن على أعمالك ثم بعد ذلك تتوقف عن العمل الصالح، وتظن بأنك قد وصلت إلى الجنة، ولكن يبقى بينك وبينها أن تموت فلايكن هذا شعورك. لماذا؟ لأن أهل الايمان وصفهم الله -عز وجل- بالذكاء؛ لأنهم لا يركنون إلى خدعة الشيطان، فيركنون إلى أعمالهم قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}، تسأل أم المؤمنين عائشة -رضوان الله عليها-: من هم يارسول الله؟ أهم الزناة والسراق، من يشربون الخمر؟ فيقول - صلى الله عليه وسلم -: أولئك الذين يصلون ويصومون ويتصدقون ويخافون ألا يُتقبل منهم! ماذا يريد الشيطان منك؟ خرج من رمضان وقد صام وصلى وقام الليل وقرأ القرآن وختمه وزكى وتصدق، وأتى من أعمال البر الخير الكثير، الله أكبر عملت شيئا عظيما، ماذا يريد منه الشيطان؟ يريده أن يغتر بهذا العمل حتى تركن إليه وتترك هذا العمل، لا! فالمؤمن يفطن لذلك -بفضل الله- ويحدث نفسه أنه لعل الله لم يتقبل مني فدعني أزيد في الأعمال الصالحة وأداوم عليها، لعل الله أن يقبلني -سبحانه وتعالى-، هذا ديدنه يعمل العمل من الطاعات ويخاف ألا يتقبل منه فيستمر رجاء القبول مع علمه بأن الله -تعالى- لايضيع عمل المحسنين، وأن الله بالعباد رؤوف رحيم {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} فالله لايضيع إيمانك ولا أعمالك الصالحة.
دعوة عبدالله بن مسعود
ولذلك يدعونا الأمر إلى أن ندعو بدعوة عبدالله بن مسعود، عندما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسجد ليلا ومعه أبوبكر وعمر بن الخطاب -رضوان الله عليهما- فدخلوا المسجد فإذا عبدالله بن مسعود يصلي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أراد أن يقرأ القرآن غضا فليقرأه من ابن أم عبد- يعني عبدالله بن مسعود- ثم إذا سمعه وصل إلى دعاءه وسمعه يثني على الله -عز وجل- ويصلي على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - قال «سل تعطه، سل تعطه، سل تعطه «وعبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - لايدري عن هذا الحوار، فلما انتهى من صلاته جاءه أبوبكر - رضي الله عنه - بعد ذلك قال له: أبشر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال كذا وكذا فبماذا كنت تدعو؟ قال كنت أدعو وأقول: «اللهم اني أسألك إيمانًا لا يرتد (ثبات وإقدام)، قال: ونعيمًا لا ينفد (جنه عرضها السموات والأرض ونعيم الدنيا بالهداية)، قال: ومرافقة محمد - صلى الله عليه وسلم - في جنة الخلد، وقد بشره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقبول (سل تعطه) معناها: أن الله -عز وجل- أعطاه فثبته على الإيمان الذي لايرتد، وبشر بنعيم عند الله لا ينفد، وبمرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنة الخلد وهو معهم -رضي الله عنهم جميعا. وجاءه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كذلك يريد أن يبشره فقال له قد سبقك أبو بكر - رضي الله عنه - فقال: ماسابقت أبا بكرٍ بشيء الا وسبقني، فعليك بهذا الدعاء الذي بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -، ليكن -بإذن الله- بشرى لك وثباتا على دينك حتى تلقى الله -عز وجل.

اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 156.23 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 150.85 كيلو بايت... تم توفير 5.38 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]