موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 16 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 850999 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 386988 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 225 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60077 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 848 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #151  
قديم 27-03-2008, 03:34 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبـع موضوع ..... تركيب الجلد بينة علمية


(1) تتقدم العين في النظم على الأذن تماما كما هي في الواقع:
· "أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا" الأعراف 195.
· "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ" المائدة 45.
(2) تتقدم وظيفة السمع في النظم على وظيفة البصر وفق أصلها المركزي في المخ:
· "أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ" يونس 31.
· "وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ" البقرة 7.
· "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ" البقرة 20.
· "أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ" الزخرف 40.
· "مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ" هود 20.
· "أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ" محمد 23.

(3) توجد منطقة بالمخ تسمى منطقة فيرنيكي Wernicke's area وظيفتها الوعي بالكلام ولذا تسمى منطقة اللغة ******** areah, وتؤدي إصابتها إلى البكم بفقدان القدرة على الكلام السوي لفقدان الوعي باللغة Wernicke's Aphasia, وهي تتوسط مركزي السمع والبصر بالمخ, والبكم في النظم يتوسط الصمم والعمى كوظيفتين مسلوبتين بتعطيلهما:
· "صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ" البقرة 18.
· "صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ" البقرة 171.
· "وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ" الأنعام 39.

(4) تنعكس الهيئة في مشهد انتكاس المعذبين في الآخرة لترسيخ الخزي والمخالفة للخلقة السوية بمشهد حسي بلغ الانتكاس فيه الغاية, والعجيب المذهل أن ينعكس ترتيب الوظائف كذلك نظما حفاظا على أصل الترتيب في الخلقة السوية:
· ”وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا“ السجدة 12.
· "وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وَجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا" الإسراء 97.
(5) تترتب الأجهزة في النظم وفق تطورها الوظيفي في مقام تدرج التكوين (السمع ثم البصر), والمعلوم أن الجنين يستطيع السمع للأصوات كضربات قلب الأم من الشهر الخامس بينما يتأخر اكتمال الجهاز البصري إلى ما بعد الولادة:
· "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا" الإنسان 2.
(6) في النظم الجلد والأحشاء من أهم المناطق إحساسا بالألم تماما كما هو في الواقع, والطبقة الخارجية من الأمعاء هي الأكثر ثراء بالأعصاب الحسية ولذا من العجيب أن يشترط النظم تقطيع الأمعاء ليبلغ الشعور بالألم أقصاه:
· "هَـَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُواْ فِي رَبّهِمْ فَالّذِينَ كَفَرُواْ قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مّن نّارِ يُصَبّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ. يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ. وَلَهُمْ مّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ. كُلّمَآ أَرَادُوَاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمّ أُعِيدُواْ فِيهَا وَذُوقواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ" الحج 19-22.
· "وَقُلِ الْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنّا أَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ ناراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ بِئْسَ الشّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً" الكهف 29.
· "إِنّ الّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنّ اللّهَ كَانَعَزِيزاً حَكِيماً" النساء 56.
· "وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطّعَ أَمْعَآءَهُمْ" محمد 15.
(7) ترتيب أعضاء الحركة في النظم وفق ترتيبها المخبوء في الدماغ (الوجه ويمثله اللسان والفم ثم اليد ثم القدم):
• "يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" النور 24.
• "الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" يس 65.
(8) تتفاضل مناطق الجلد الحسية وتتوالى في النظم وفق ترتيبها المخبوء بالدماغ (الوجه ثم اليد ثم الرأس ثم القدم), والفارق البارز مع المنطقة الحركية هو تميز المنطقة الحسية بالرأس بين اليد والقدم, وبحسب الظاهر قد يجعلها الإنسان مجاورة للوجه وليست بين اليد والقدم ولكنها في النظم مرتبة وفق الترتيب بالدماغ رغم تعلق السياق بحكم في التشريع:
· "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ" المائدة 6.
تتفق المساحة الممنوحة لكل منطقة حسية في المخ مع كثافة أعضاء الحس بالمنطقة الجلدية التي تمثلها, وتمثل كل مناطق الجلد فيما يعرف باسم الإنسان الحسي Sensory Homunculus, وهو يوضح أن أكثر المناطق إحساسا هي منطقة الوجه خاصة اللسان والشفتين ثم اليدين خاصة أطراف الأصابع ثم القدمين.
(9) الاكتفاء بالوجه وتعقبه اليدين وهما أهم منطقتين في الجلد إحساسا واعتبارا في المخ:
· "فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ" المائدة 6.
· "فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ" النساء 43.
(10) الاكتفاء بالوجه وهو من أهم منطقتين في الجلد إحساسا واعتبارا في المخ:
· "تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ النَّارُ" المؤمنون 104.
· "وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ" إبراهيم 50.
· "يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النّارِ عَلَىَ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسّ سَقَرَ" القمر 48.
· "وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ" النمل 90.
· "أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" الزمر 24.
· "يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَالَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ" الأحزاب 66.
· "الّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىَ وُجُوهِهِمْ إِلَىَ جَهَنّمَ أُوْلَـَئِكَ شَرّ مّكَاناً وَأَضَلّ سَبِيلاً" الفرقان 34.
· "وَقُلِ الْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنّا أَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ ناراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ بِئْسَ الشّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً" الكهف 29.
(11) الاكتفاء باليد خاصة الأنامل أو البنان وهي من أهم منطقتين في الجلد إحساسا واعتبارا في المخ:
· "وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ" الفرقان 27.
· "وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوَاْ آمَنّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الْأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ" آل عمران 119.
· "إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ" الأنفال 12.
(12) النظم يحفظ الترتيب في مقام بيان أهم مناطق الجلد إحساسا فيقدم الوجه ومقدمة الجسم ويؤخر المنطقة الخلفية والمعلوم أنها أقل ثراء في الاعصاب الحسية:
· "فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ" محمد 27.
· "وَلَوْ تَرَىَ إِذْ يَتَوَفّى الّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ" الأنفال 50.
· "لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمْ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ" الأنبياء 39
"وَالّذِينَ يَكْنِزُونَ الذّهَبَ وَالْفِضّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ. هَـَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ" التوبة 34و35.
وظاهرة الحفاظ على الرتبة في نظم الكتاب العزيز بما يتفق تماما مع أصل الخلقة تكوينيا وتشريحيا ووظيفيا لا يمكن نسبتها للصدفة خاصة مع التثنية والتكرير والحفاظ عليها بلا استثناء رغم تباين المقامات واختلاف الوظائف والأعضاء, ولا توجد ظاهرة الحفاظ على الرتبة بما يوافق الحقائق الخفية في أي كتاب يُنسب اليوم للوحي غير القرآن الكريم.
(رابعا) العضلة الناصبة للشعرة
Arrector pili Muscle
يتكون الجلد من ثلاث طبقات هي: البشرة epidermisوالأدمة Dermisوالمنطقة التحت جلدية Hypodermis, وتتصل بالشعرة غدة دهنية Sebaceous Gland تفرز مادة دهنية Sebumلترطيبها والحفاظ عليها, وتتصل بها كذلك العضلة الناصبة للشعرة Arrector piliوهي عضلة لا إرادية تتقلص بسبب البرد أو الإثارة كالفزع والرعب والمفاجآت بغتة فيقشعر الجلد فيما يسمى قفوف الجلد.
وعندما تقل درجة الحرارة يصاب الإنسان بالقشعريرة Shiveringوهي ارتجافات لا إرادية للعضلات الإرادية فتتولد حرارة, ومع اشتداد البرودة يتجعد الجلد ويمتلئ بندب صغيرة نتيجة لتقبض تلك العضلات المجهرية التي تنصب الشعر في بعض الأحوال كالخشية والوجل والهلع, ولذلك يماثل حينئذ قشرة البرتقالة ويسمى كذلك بجلد الأوز Goose Bumps.

Shivering and Goose Bumps
قشعريرة الجلد تظهر في شكل ندبات تماثل ندبات قشـرة البرتقالةنتيجة تقلص عضلات مجهرية في الجلد تصاحب حالة القشعريرة.
وفي قول الله جل وعلا: "اللّهُ نَزّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مّتَشَابِهاً مّثَانِيَ تَقْشَعِرّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبّهُمْ ثُمّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىَ ذِكْرِ اللّهِ ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ" الزمر 23؛ القشعريرة حالة من التقبض والتيبس والصلابة, وفي مقابلها ورد (اللين) فدل سياقا على الاسترخاء والمرونة, وقد نسب التعبير القشعريرة للجلد صراحة ووصفه باللين بعد تقبض فأثبت تكوينه العضلي؛ خاصة مع قرنه بالقلب العضلي الذي ينقبض ويلين بالمثل ممثلا به مَلَكَة التفكر تجسيدا للمكانة لا بيانا لمكان العقل لأنها هي التي تعي دلائل الوحي فينال الإنسان الخشية ويخبت لله.
قشعريرة الجلد حقيقة علمية ودلالة نصية:
قال أبو السعود: "(تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)..مسوق لبيانِ آثارِه الظَّاهرةِ في سامعيهِ بعد بيانِ أوصافهِ في نفسِه.. والاقشعرارُ التَّقبضُ, يقال اقشعرَّ الجلدُ إذا تقبَّضَ تقبُّضاً شَديداً.. يُقال اقشعرَّ جلدُه (أي) وقفَ شعرُه إذا عرضَ له خوفٌ شديدٌ من منكرٍ هائلٍ دهمه بغتة, والمرادُ إمَّا بيانُ إفراطِ خشيتِهم بطريقِ التَّمثيلِ والتَّصويرِ أو بيانُ حصولِ تلك الحالةِ وعرُوضِها لهم بطريقِ التَّحقيقِ.. والمعني أنَّهم إذا سمعُوا القُرآنَ وقوارعَ آياتِ وعيده أصابتُهم هيبةٌ وخشيةٌ تقشعرُّ منها جلودُهم وإذا ذُكِّروا رحمةَ الله تعالى تبدَّلتْ خشيتُهم رجاءً ورهبتُهم رغبةً وذلك قولُه تعالى (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله), أي ساكنةً مطمئنَّةً إلى ذكر رحمتِه تعالى.. (ذلك هُدَى الله يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاء)أنْ يهديه بصرفِ مقدورِه إلى الاهتداءِ بتأمُّلِه فيما في تضاعيفِه من شواهدِ الحق ودلائلِ كونِه من عندِ الله تعالى"[13],وقال ابن عجيبة: "(تَقْشَعِرُّ منه جُلودُ الذين يخشون ربهم)أي ترتعد وتنقبض والاقشعرار التقبُّض، يقال اقشعرّ الجلد إذا انقبض ويقال اقشعر جلده ووقف شعره إذا عرض له خوف شديد من مُنكر هائل دهمه بغتة, والمعنى أنهم إذا سمعوا القرآن وقوارعه وزواجره أصابتهم هيبة وخشية تقشعر منه جلودهم وإذا ذكروا رحمة الله تعالى تبدلت خشيتهم رجاءً ورهبتهم رغبةً وذلك قوله تعالى (ثم تَلينُ جُلودُهم وقلوبُهم إِلى ذكرِ الله)أي ساكنة مطمئنة.. بتأمله فيما في تضاعيفه من شواهد الحق ودلائل كونه من عند الله"[14].
وقال الألوسي: "قوله تعالى (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) .. مسوق لبيان آثاره الظاهرة في سامعيه بعد بيان أوصافه في نفسه ولتقرير كونه أحسن الحديث, والإقشعرار التقبض يقال اقشعر الجلد إذا تقبض تقبضاً شديداً.. يقال اقشعر جلده (و)وقف شعره إذا عرض له خوف شديد من أمر هائل دهمه بغتة، والمراد تصوير خوفهم بذكر لوازمه المحسومة.. وقيل هو تصوير للخوف بذكر آثاره وتشبيه حالة بحالة فيكون تمثيلاً.., والأول أحسن لأن تشبيه القصة بالقصة على سبيل الاستعارة ههنا لا يخلو عن تكلف, وأستظهر كون المراد بيان حصول تلك الحالة وعروضها لهم بطريق التحقيق، والمعنى أنهم إذا سمعوا القرآن وقوارع آيات وعيده أصابتهم رهبة وخشية تقشعر منها جلودهم وإذا ذكروا رحمة لله تعالى عند سماع آيات وعده تعالى وألطافه تبدلت خشيتهم رجاء ورهبتهم رغبة, وذلك قوله تعالى (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله)أي ساكنة مطمئنة إلى ذكر رحمته تعالى.. وليس في الآية أكثر من نعت أوليائه باقشعرار الجلود من القرآن ثم سكونهم إلى رحمته عز وجل وليس فيها نعتهم بالصعق والتواجد والصفق كما يفعله بعض الناس.. و(ذلك هُدَى الله) الإشارة إلى الكتاب الذي شرح أحواله (يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاء)أي من يشاء الله تعالى هدايته بأن يوفقه سبحانه للتأمل فيما في تضاعيفه من شواهد الحق ودلائل كونه من عنده عز وجل.. وقيل الإشارة بذلك إلى المذكور من الإقشعرار واللين"[15].
وقال البروسوي: "(تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم)..مسوق لبيان آثاره الظاهرة فى سامعيه بعد بيان اوصافه فى نفسه.. يقال اقشعر جلده اخذته قشعريرة اى رعدة.. وقال بعضهم أصل الاقشعرار تغير.. يحدث فى جلد الانسان عند الوجل والخوف.. (و)الاقشعرار التقبض يقال اقشعر الجلد اذا تقبض تقبضا شديدا.. (و)يقال اقشعر جلده ووقف شعره اذا عرض له خوف شديد من منكر هائل دهمه بغتة, والمراد إما بيان افراط خشيتهم بطريق التمثيل والتصوير او بيان حصول تلك الحالة وعروضها لهم بطريق التحقيق وهو الظاهر؛ إذ هو موجود عند الخشية محسوس يدركه الانسان من نفسه وهو يحصل من التأثر القلبى فلا ينكر, والمعنى أنهم إذا سمعوا القرآن وقوارع آيات وعيده أصابتهم هيبة وخشية تقشعر منها جلودهم.. ثم اذا ذكروا رحمة الله وعموم مغفرته لانت ابدانهم ونفوسهم وزال عنها ما كان بها من الخشية والقشعريرة بان تبدلت خشيتهم رجاء ورهبتهم رغبة.. تسكن وتطمئن إلى ذكر الله لينة غير منقبضة.. استبدلوا بالخشية رجاء فى قلوبهم وبالقشعريرة لينا في جلودهم, فالجملتان إشارة إلى الخوف والرجاء أو القبض والبسط.. و(ذلك) الكتاب.. (هدى الله).. بتأمله فيما في تضاعيفه من الشواهد الخفية ودلائل كونه من عند الله"[16], وقال الرازي: "معنى (تَقْشَعِرُّ جُلُودُهُمْ)تأخذهم قشعريرة وهي تغير يحدث في جلد الإنسان عند الوجل والخوف.. (وكذلك) إذا تأمل في الدلائل.. فهنا يقشعر جلده.. يقال اقشعر جلده من الخوف و(وقف) شعره وذلك مثل في شدة الخوف"[17], وقال ابن الجوزي: "قوله تعالى (تَقْشَعِرُّ منهُ جلودُ الذين يَخْشَوْنَ ربِّهم)أي تأخذُهم قشعريرة وهو تغيُّر يحدُث في جِلْد الإِنسان من الوَجَل"[18], وقال ابن عطية: "وقوله تعالى (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم)عبارة عن (وقوف) شعر الإنسان عندما يداخله خوف.. وقوله (ذلك هدى الله) يحتمل أن يشير إلى القرآن (كله).. ويحتمل أن يشير إلى.. (نبأ) اقشعرار الجلود (خاصة)"[19].
وقال الشوكاني: "(تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)..الاقشعرار التقبض، يقال اقشعرّ جلده إذا تقبض وتجمع من الخوف.. قال الزجاج: إذا ذكرت آيات العذاب اقشعرّت جلود الخائفين لله (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ)إذا ذكرت آيات الرحمة, قال الواحدي: وهذا قول جميع المفسرين"[20], وقال القرطبي: "قال سهل بن عبد الله لا يكون خاشعا حتى تخشع كل شعرة على جسده لقول الله تبارك وتعالى (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم),قلت: هذا هو الخشوع المحمود.. وقد كان السلف يجتهدون في ستر ما يظهر من ذلك"[21], وقال السمين الحلبي: "اقشعرَّ جِلْدُه إذا تقبَّضَ وتَجَمَّعَ من الخوف (ووقف) شعرُه"[22],وقال الثعالبي: "قوله تعالى: (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذين يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)عبارة عَنْ (وقوف) شَعْرِ الإنسانِ عندَما يُدَاخِلُهُ خَوْفٌ.. وهذه علامةُ وقوعِ المعنى المُخْشِعِ (الجالب للخشوع) في قلبِ السامعِ"[23], وفي تفسير الميزان: "قوله (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم)..الاقشعرار تقبض الجلد تقبضا شديدا لخشية عارضة عن استماع أمر هائل أو رؤيته، وليس ذلك إلا لأنهم على تبصر من موقف نفوسهم قبال عظمة ربهم فإذا سمعوا كلامه توجهوا إلى ساحة العظمة و الكبرياء فغشيت قلوبهم الخشية وأخذت جلودهم في الاقشعرار.. وقوله (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء)أي ما يأخذهم من اقشعرار الجلود من القرآن ثم سكون جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله هو هدى الله"[24].
وقال ابن كثير: "قوله: (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)أي هذه صفة الأبرار عند سماع كلام الجبار المهيمن العزيز الغفار لما يفهمون منه من الوعد والوعيد والتخويف والتهديد تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)لما يرجون ويُؤمِّلون من رحمته ولطفه.. إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا بأدب وخشية ورجاء ومحبة وفهم وعلم كما قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا),وقال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا)أي لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها بل مصغين إليها فاهمين بصيرين بمعانيها؛ فلهذا إنما يعملون بها ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم.. يلزمون الأدب عند سماعها كما كان الصحابة رضي الله عنهم عند سماعهم كلام الله من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقشعر جلودهم ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله, لم يكونوا يتصارخُون ولا يتكلّفون ما ليس فيهم"[25], وقال القرطبي: "قوله تعالى (وجلت قلوبهم) أي خافت وحذرت مخالفته فوصفهم بالخوف والوجل عند ذكره، وذلك لقوة يقينهم ومراعاتهم لربهم وكأنهم بين يديه.. هذه حالة العارفين بالله الخائفين من سطوته وعقوبته.. حال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. (و)حال أصحابه في المعرفة بالله تعالى والخوف منه والتعظيم لجلاله..؛ الفهم عن الله والبكاء خوفا من الله.. قال الله تعالى (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين).. فمن كان مستنا فليستن"[26].
تعبير القلوب التي في الصدور بيان تصويري
يجسد ملكة التفكر والتعقل عند الإنســـان:
الدماغ أو المخ هو في الحقيقة موضع الملكات المميزة للإنسان من قدرات فكرية وذهنية وقيم إنسانية وليس عضلة القلب, ولم يصرح الكتاب العزيز أن القلب هو محل العقل, وقد ذهب كثير من علماء الإسلام إلى أن ذكر القلب في القرآن الكريم من باب ضرب المثل بالعقل الذي تميز به الإنسان في المكانة لا بيانا لمكان العقل تعبيرا عن المعنوي بحسي للإيضاح بالتصوير, قال ابن عاشور: "أطلقت القلوب على.. العقل على وجه المجاز.. وإنما آلة العقل هي الدماغ"[27],وقال بمثل هذا التأويل الجمع الغفير, قال الأصفهاني: "قال بعض الحكماء حيثما ذكر الله تعالى القلب فإشارة إلى العقل"[28], وقال أيضاً: "الرأس أشرف الأعضاء الإنسانية.. و(العقل من الإنسان) بمنزلة القلب من البدن"[29], وقال ابن تيمية: "لفظ القلب قد يراد به المضغة الصنوبرية الشكل التي في الجانب الأيسر من البدن.. كما في الصحيحين عن النبي أن (في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد فإن فسدت فسد لها سائر الجسد), وقد يراد بالقلب باطن الإنسان مطلقا, فإن قلب الشيء باطنه كقلب الحنطة واللوزة والجوزة ونحو ذلك.. وعلى هذا فإذا أريد بالقلب هذا فالعقل متعلق بدماغه.. ولهذا قيل إن العقل في الدماغ كما يقوله كثير من الأطباء, ونقل ذلك عن

يتبــــــــــع
  #152  
قديم 27-03-2008, 03:36 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبـع موضوع ..... تركيب الجلد بينة علمية


الإمام أحمد"[30], وفي قوله تعالى (إِنّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىَ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ)؛قال ابن القيم: "لم يرد بالقلب هنا
مضغة اللحم المشتركة بين الحيوانات"[31], وفي قوله تعالى: (وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)؛قال الرازي: "قال مجاهد المراد من القلب هاهنا العقل.. وجعل القلب كناية عن العقل جائز كما قال تعالى: (إِنّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىَ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ)أي لمن كان له عقل"[32],وقال أبو حامد الغزالي: ”وحيث ورد في القرآن والسنة لفظ القلب فالمراد به المعنى الذي يفقه من الإنسان ويعرف حقيقة الأشياء وقد يكنى عنه بالقلب الذي في الصدر“[33],وقال القنوجي: "القلب له معنيان أحدهما اللحم الصنوبري المودع في الجانب الأيسر من الصدور.., والحيوانات كلها متشاركة في هذا النوع من القلب.., وثانيهما لطيفة ربانية نورانية.. وهو المخاطب والمكلف وبه يثاب الإنسان ويعاقب"[34],وتتمايز أحوال الناس في الملكات الفكرية والعاطفية والأمور الاعتقادية بينما لا تتمايز القلوب العضوية مما يعني أنها تمثيل للعقول والأفكار وبيان أن فاقدي الإيمان موتى الفكر في قوله تعالى: "تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ" البقرة 118، والنظائر الحسية والمعنوية عديدة للتعبير عن الملكات المميزة للإنسان وهي ليست مقصورة على لفظ القلوب وحده حتى يظن أنها محل العقل, فقد أشار القرآن الكريم إلى تلك الملكات أو بعضها بلفظ الافئدة وهي في اللغة قد تعني الأحشاء ومثلها الصدور والألباب والنهى, وكذلك الأحلام في قوله تعالى: "أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَـَذَآ" الطور 32،والحجر في قوله تعالى: "هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لّذِى حِجْرٍ" الفجر 5،وفي قوله تعالى (إِنّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىَ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ق 37؛ يشرح عبد القاهر الجرجاني أن لفظ القلب تمثيل للعقل وليس اسما له فيقول: "جعل الذي لا يعي ولا يسمع ولا ينظر ولا يتفكر كأنه قد عُدِمَ القلب من حيث عدم الانتفاع به (أي مات).. كما جُعل الذي لا ينتفع ببصره وسمعه ولا يفكر فيما يؤديان إليه ولا يحصل من رؤية ما يرى وسماع ما يسمع على فائدة بمنزلة من لا سمع له ولا بصر, فأما تفسير من يفسره على أنه بمعنى من كان له عقل.. كأن القلب اسم للعقل.. فمحال باطل لأنه يؤدي إلى إبطال الغرض من الآية وإلى تحريف الكلام عن صورته وإزالة المعنى عن جهته, وذاك أن المراد به الحث على النظر والتقريع على تركه وذم من يخل به ويغفل عنه..، بأن يكون قد جعل من لا يفقه بقلبه ولا ينظر ولا يتفكر كأنه ليس بذي قلب, كما يجعله كأنه جماد وكأنه ميت لا يشعر ولا يحس.., وفسر العمى والصمم والموت في صفة من يوصف بالجهالة على مجرد الجهل, وأجرى جميع ذلك على الظاهر فاعرفه, ومن عادة قوم ممن يتعاطى التفسير بغير علم أن يتوهموا أبدًا في الألفاظ الموضوعة على المجاز والتمثيل أنها على ظواهرها فيفسدوا المعنى بذلك ويبطلوا الغرض ويمنعوا أنفسهم والسامع منهم العلم بموضع البلاغة"[35].
كتاب معجز جامع فريد زاخر ببينات التنزيل:
قال الطبري: "يقول تعالى ذكره (اللَّهُ نزلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا)يعني به القرآن (مُتَشَابِهًا)..يشبه بعضه بعضا لا اختلاف فيه ولا تضادّ.. عن سعيد بن جُبَير.. قال: يشبه بعضه بعضا، ويصدّق بعضه بعضا، ويدلّ بعضه على بعض.. وقوله (مَثَانِيَ).. عن ابن عباس.. قال: كتاب الله مثاني ثنى فيه الأمر مرارا"[36], وقال ابن كثير: "قال الضحاك (مَثَانِيَ) ترديد القول ليفهموا عن ربهم عز وجل.., زاد الحسن: تكون السورة فيها آية وفي السورة الأخرى آية تشبهها.. وليس هذا من المتشابه المذكور في قوله: (مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ)} ذاك معنى آخر"[37],وقال أبو السعود: (أَحْسَنَ الحديث)هو القرآنُ الكريمُ.. ومعنى كونِه مُتشابهاً تشابُه معانيهِ في الصِّحَّةِ والأحكامِ والابتناءِ على الحقِّ والصِّدقِ واستتباع منافعِ الخلقِ في المعادِ والمعاشِ وتناسب ألفاظِه في الفصاحةِ وتجاوبِ نظمِه في الإعجازِ, و(مَّثَانِيَ) .. قيل.. من التَّثنيةِ بمعنى التَّكريرِ والإعادةِ.. باعتبار تفاصيله"[38], وقال السعدي: "يخبر تعالى عن كتابه الذي نزله أنه (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ)على الإطلاق، فأحسن الحديث كلام اللّه وأحسن الكتب المنزلة من كلام اللّه (هو) هذا القرآن، وإذا كان هو الأحسن علم أن ألفاظه أفصح الألفاظ وأوضحها وأن معانيه أجل المعاني لأنه أحسن الحديث في لفظه ومعناه متشابها في الحسن والائتلاف وعدم الاختلاف بوجه من الوجوه حتى إنه كلما تدبره المتدبر وتفكر فيه المتفكر رأى من اتفاقه.. ما يبهر الناظرين ويجزم بأنه لا يصدر إلا من حكيم عليم"[39], وقال الثعالبي: "(متشابها) لا تَنَاقُضَ فيه.. بل يُشْبِهُ بَعْضُهُ بعضاً في رَصْفِ اللَّفْظِ ووَثَاقَةِ البراهينِ وشَرَفِ المعاني"[40],وقال الجاوي: "(اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ)بحسب لفظه لفصاحته وجزالته وبحسب معناه لاشتماله على الغيوب الكثيرة في الماضي والمستقبل ولأن العلوم الموجودة فيه كثيرة جداً، (كِتَاباً مُّتَشَابِهاً)أي يشبه بعضه بعضاً كما قاله ابن عباس فإن كل ما فيه من الآيات يقوي بعضها بعضاً والمقصود منها بأسرها الدعوى إلى الدين وتقرير عظمة الله"[41], وقال الماوردي: "معناه يفسر بعضه بعضاً (كما) قاله ابن عباس"[42], وقال السمعاني: "أي يشبه بعضه بعضا في الصدق وصحة المعنى"[43],وقال البغوي: يشبه بعضه بعضًا في الحسن ويُصَدِّق بعضه بعضًا ليس فيه تناقض ولا اختلاف"[44], وقال الرازي: "الكاتب البليغ إذا كتب كتاباً طويلاً فإنه يكون بعض كلماته فصيحاً ويكون البعض غير فصيح والقرآن يخالف ذلك فإنه فصيح كامل الفصاحة بجميع أجزائه.. (و)كل ما فيه من الآيات والبينات فإنه يقوي بعضها بعضاً ويؤكد بعضها بعضاً.. (و)المقصود منها بأسرها الدعوة إلى الدين وتقرير عظمة الله.. فهذا هو المراد من كونه متشابهاً"[45],وقال ابن عاشور: "اقتضى قوله (تَقْشَعر منه جُلُودُ الذين يخشَونَ ربَّهُم)أن القرآن يشتمل على معان تقشعر منها الجلود وهي المعاني الموسومة بالجَزالة التي تثير في النفوس روعة وجلالة ورهبة تبعث على امتثال السامعين له وعملهم بما يتلقونه من قوارع القرآن وزواجره، وكنّي عن ذلك بحالةٍ تقارِنُ انفعال الخشية والرهبة في النفس لأن الإِنسان إذا ارتاع وخشي اقشعرّ جِلده من أثر الانفعال (والرهبة)، فمعنى (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ)تقشعر من سماعه وفهمه.. يقال اقشعر الجلد إذا تقبض تقبضاً شديداً كالذي يحصل عند شدة برد الجسد ورعدته, (و)يقال اقشعر جلده إذا سمع أو رأى مَا يثير انزعاجه وروَّعَه، فاقشعرار الجلود كناية عن وجل القلوب الذي تلزمه قشعريرة في الجلد غالباً, وقد عدّ (القاضي) عياض في (الشفاء) من وجوه إعجاز القرآن: الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعه والهيبةَ التي تعتريهم عند تلاوته لعلوّ مرتبته على كل كلام من شأنه أن يهابه سامعه، قال تعالى: (لَوْ أَنزَلْنَا هَـَذَا الْقُرْآنَ عَلَىَ جَبَلٍ لّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مّتَصَدّعاً مّنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ يَتَفَكّرُونَ)الحشر 21"[46], وفي تفسير الميزان: "قوله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني)..الحديث هو القول كما في قوله تعالى (فليأتوا بحديث مثله)وقوله (فبأي حديث بعده يؤمنون),فهو أحسن القول لاشتماله على محض الحق.., وقوله (كتابا متشابها) أي يشبه بعض أجزائه بعضا.. وقوله (مثاني).. بتبيين بعضها ببعض وتفسير بعضها لبعض من غير اختلاف فيها بحيث يدفع بعضه بعضا ويناقضه كما قال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)"[47].
بينات الوحي تتألق اليوم بأنوار اليقين:
قبل اكتشاف المجهر في القرن السابع عشر لا يتوقع أن يصف مصدر بشري العضلات المجهرية في الجلد التي تجعله يقشعر من الخشية والوجل ثم يلين بعد تقبض, ولذا في كتاب في القرن السابع الميلادي تشابهت في الإحكام مبانيه وتأكدت بالتثنية معانيه لا تفسير سوى أنه كلام الله العليم وحده بكل حقائق التكوين عندما ينسب القشعريرة للجلد صريحا ويعلن عن لينه بعد تقبض من تقوى الله وخشيته وهيبته وإجلاله أمام روائع نظم كتابه ودلائل تنزيله, وليست الكشوف العلمية إذن سوى مدائح للإله تعلن عن حكمته تعالى في خلقه وبديع صنعه مؤيدةً نزول الكتاب العزيز بعلم الله شاهدةً له بالوحي ومؤكدةً رسالته, يقول العلي القدير: "قُلْ أَيّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيّ هَـَذَا الْقُرْآنُ لاُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَىَ قُل لاّ أَشْهَدُ قُلْ إِنّمَا هُوَ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ وَإِنّنِي بَرِيءٌ مّمّا تُشْرِكُونَ" الأنعام 19.
[1] تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور الشهير بالطاهر بن عاشور والمتوفى سنة 1393 هـ - ج9ص176.
[2] عمدة القاري ج18ص236.
[3] الأمثال في القرآن لابن القيم ج1ص26.
[4] زاد المسير لابن الجوزي ج3ص290.
[5] التسهيل لعلوم التنزيل للكلبى ج2ص54.
[6] الدر المنثور للسيوطي ج3ص610.
[7] تفسير البغوي ج2ص213.
[8] التفسير الكبير للفخر الرازي ج15ص45-48.
[9] تفسير أبي السعود ج3ص292.
[10] تفسير الطبري ج9ص120.
[11] في ظلال القرآن لسيد قطب المتوفى سنة 1386 هـ دار الشروق ج 3ص321.
[12] الإحساس بالألم - الدكتور سالم عبد الله المحمود وفضيلة الشيخ عبد المجيد الزنداني - من منشورات هيئة الإعجاز العلمي بمكة المكرمة.
[13] تفسير أبو السعود إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي المتوفى سنة 951 هـ - (ج 6 / ص 6).
[14] تفسير ابن عجيبة البحر المديد في تفسير القرآن المجيد لأبي العباس أحمد بن عجيبة الحسني النطواني المتوفى سنة 1224 هـ تحقيق عمر أحمد الراوي دار الكتب العلمية 2002م - (ج 5 / ص 312).
[15] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لشهاب الدين محمود ابن عبدالله الحسيني الألوسي المتوفى سنة 1270 هـ - (ج 17 / ص 455).
[16] تفسير روح البيان لإسماعيل حقي البروسوي ابن الشيخ مصطفى الإستانبولي الآيدوسي الحنفي الجلوتي أبو الفداء المتوفى سنة 1137 هـ دار الفكر بيروت 1980م - (ج 12 / ص 267).
[17] تفسير مفاتيح الغيب لأبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازي الملقب بفخر الدين الرازي المتوفى سنة 606 هـ - (ج 13 / ص 256).
[18] زاد المسير لأبي الفرج ابن الجوزي المتوفى سنة 597 هـ - (ج 5 / ص 262).
[19] المحرر الوجيز لابن عطية أبو محمد عبدالحق بن غالب بن عبدالرحمن ابن تمام بن عطية المحاربي المتوفى سنة 541 هـ - (ج 5 / ص 474).
[20] تفسير فتح القدير لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني المتوفى سنة 1250 هـ - (ج 6 / ص 280).
[21] تفسير القرطبي لأبي عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي القرطبي المتوفى سنة 671 هـ - (ج 1 / ص 375).
[22] الدر المصون في علوم الكتاب المكنون لشهاب الدين أبو العباس أحمد بن يوسف المعروف بالسمين الحلبي والمتوفى سنة 756 هـ - (ج 12 / ص 296).
[23] تفسير الثعالبي الجواهر الحسان في تفسير القرآن لأبي زيد عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي المتوفى سنة 876 هـ - (ج 3 / ص 323).
[24] تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي المتوفى سنة 1402 هـ - (ج 15 / ص 155).
[25] تفسير القرآن العظيم لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي المتوفى سنة 774 هـ دار طيبة الطبعة الثانية 1420هـ - 1999 م تحقيق
سامي بن محمد سلامة - (ج 7 / ص 93).
[26] تفسير القرطبي لأبي عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي القرطبي المتوفى سنة 671 هـ - (ج 12 / ص 59).
[27] تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور الشهير بالطاهر بن عاشور والمتوفى سنة 1393 هـ - ج17ص288.
[28] المفردات في غريب القرآن للأصفهاني ج1ص276.
[29] المفردات في غريب القرآن للأصفهاني ج1ص411.
[30] مجموع الفتاوى لابن تيمية ج9ص304.
[31] مفتاح دار السعادة ج1ص195.
[32] تفسير مفاتيح الغيب لأبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازي الملقب بفخر الدين الرازي المتوفى سنة 606 هـ ج1ص503.
[33] الإحياء مع شرحه للزبيدي ج 8ص368.
[34] أبجد العلوم للقنوجي ج2ص377.
[35] دلائل الإعجاز للجرجاني ج1ص234.
[36] تفسير الطبري جامع البيان في تأويل القرآن لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي أبو جعفر الطبري المتوفى سنة 310 هـ تحقيق أحمد محمد شاكر مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1420 هـ - 2000 م - (ج 21 / ص 279).
[37] تفسير القرآن العظيم لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774 هـ دار طيبة للنشر والتوزيع الطبعة الثانية 1420هـ - 1999 م
تحقيق سامي بن محمد سلامة - (ج 7 / ص 93).
[38] تفسير أبو السعود إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي المتوفى سنة 951 هـ - (ج 6 / ص 6).
[39] تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبد الرحمن بن ناصر بن السعدي المتوفى سنة 1376 هـ تحقيق عبد الرحمن بن معلا اللويحق مؤسسة الرسالة 1420هـ -2000 م الطبعة الأولى - (ج 1 / ص 722).
[40] تفسير الثعالبي الجواهر الحسان في تفسير القرآن لأبي زيد عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي المتوفى سنة 876 هـ - (ج 3 / ص 323).
[41] مراح لبيد لكشف معنى قرآن مجيد أو التفسير المنير لمحمد بن عمر نووي الجاوي المتوفى سنة 1316 هـ دار إحياء الكتب العربية - (ج 4 / ص 314).
[42] تفسير الماوردي النكت والعيون لأبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري الشهير بالماوردي المتوفى سنة 450 هـ تحقيق السيد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم دار الكتب العلمية بيروت لبنان - (ج 4 / ص 12).
[43] تفسير السمعاني لأبي المظفر منصور بن محمد السمعاني المتوفى سنة 489 هـ - (ج 4 / ص 446).
[44] تفسير البغوي معالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي المتوفى سنة 516 هـ دار طيبة للنشر والتوزيع 1417هـ - 1997م الطبعة الرابعة تحقيق محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش - (ج 7 / ص 115).
[45] تفسير مفاتيح الغيب لأبي عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازي الملقب بفخر الدين الرازي المتوفى سنة 606 هـ - (ج 13 / ص 256).
[46] تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور الشهير بالطاهر بن عاشور والمتوفى سنة 1393 هـ - (ج 12 / ص 326).
[47] تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي المتوفى سنة 1402 هـ - (ج 15 / ص 155).
  #153  
قديم 27-03-2008, 03:38 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

النمص بين الطب والشرع

خولة درويش
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً)...( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).
أما بعد..
فإنه من المؤسف حقاً أن نجد أخوات لنا قد سرن في ركاب الغرب متشبهات بنسائهم في عاداتهم وتقاليدهم. ومن بين ذلك التقليد الذي فُتن به (النمص) أو (نتف الحواجب).
ومن خلال هذه الأسطر، سنجد حكم الشرع والطب من هذه الظاهرة التي وللأسف قام بها الكثير من أخواتنا هدانا الله وإياهم لكل ما يحبه ويرضاه.
النمص في اللغة:
قال ابن الأثير:
النمص: ترقيق الحواجب وتدقيقها طلباً لتحسينها . والنامصة: التي تصنع ذلك بالمرأة، والمتنمصة: التي تأمر من يفعل ذلك بها. والمنماص: المنقاش.
النمص من ناحية الشرع:
ورد تحريم النمص في الكتاب وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أولاً: الكتاب:
قوله تعالى: ( ولأمرنهم فليغيرن خلق الله).
قال ابن العربي في هذه الآية :
المسألة السادسة:
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والواشرة والموتشرة والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله).
فالواشمة : التي تجرح البدن نقطاً أو خطوطاً فإذا جرى الدم حشته كحلاً، فيأتي خيلاناً وصوراً فيتزين به النساء للرجال، ورجال صقلية وإفريقية يفعلونه ليدل كل واحد منهم على رُجلته في حداثته.
والنامصة: هي ناتفة الشعر تتحسن به.. إلى أن قال: وهذا كله تبديل للخلقة وتغيير للهيئة وهو حرام. وبنحو هذا ، قال الحسن في الآية.
ثانياً: السنة:
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المتغيرات خلق الله).
قال ابن منظور في مادة ( لعن ):
واللعن: الإبعاد والطرد من الخير. وقيل : الطرد والإبعاد من الله.. وكل من لعنه الله فقد أبعده عن رحمته واستحق العذاب فصار هالكاً.
فتاوى عن حكم النمص لكبار العلماء المعاصرين
إنه من المناسب في هذا المقام أن نذكر حكم النمص، لكبار العلماء في هذا العصر:
* سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: ما حكم تخفيف الشعر الزائد من الحاجبين؟
الجواب: لا يجوز أخذ شعر الحاجبين ولا التخفيف منهما لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله النامصة والمتنمصة) وقد بين أهل العلم أن أخذ شعر الحاجبين من النمص. مجلة الدعوة، العدد 975
* سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين : ما حكم إزالة أو تقصير بعض الزوائد من الحاجبين؟
الجواب: إزالة الشعر من الحاجبين إن كان بالنتف فإنه هو النمص وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: النامصة والمتنمصة.. وهو من كبائر الذنوب ، وخص المرأة لأنها هي التي تفعله غالباً للتجمل ، وإلا فلو صنعه الرجال لكان ملعوناً كما تلعن المرأة والعياذ بالله وإن كان بغير نتف كالقص أو بالحلق فإن بعض أهل العلم يرون أنه
كالنتف لأنه تغيير لخلق الله ، فلا فرق بين أن يكون نتفاً أو يكون قصاً أو حلقاً وهذا أحوط بلا ريب ، فعلى المرء أن يتجنب ذلك سواء كان رجلاً أو امرأة.
* سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين : ما حكم نتف الحواجب؟
الجواب: لا يجوز نتف شعر الحواجب ولا ترقيقه وذلك هو النمص، الذي نهى عنه. فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النامصات والمتنمصات المغيرات لخلق الله.
* ويقول فضيلة الشيخ ناصر الدين الألباني في (آداب الزفاف) ما نصه :
ما تفعله بعض النسوة من نتفهن حواجبهن ، حتى تكون كالقوس أو الهلال. يفعلن ذلك تجملاً بزعمهن! وهذا مما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعن فاعله بقوله صلى الله عليه وسلم : لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله.
قال محمود محمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري : المتنمصة والنامصة: التي تزيل شعر حاجبها بالمنقاش حتى ترققه وترفعه وتسويه.
النمص من ناحية الطب
اعلمي- يا أخيه- أن الله جلت قدرته لم يحرم شيئاً إلا لحكمة ومن حكم تحريم النمص: أن في ذلك ضرر على منطقة ما حول العين.
وهاكِ أقوال بعض أهل الطب في ذلك:
وصف أخصائيو عيون حالتين لالتهاب النسيج الخلوي حول العين بسبب نتف الحواجب.
1- امرأة عمرها اثنان وعشرون سنة، لديها احمرار وتورم. وذلك بعد يومين من نتف الحواجب!
2- امرأة كان لديها احمرار وألم حول حاجبها بعد يوم من نتف الحواجب وصبغها من قبل أخصائي تجميل.. وبعد أربعة أيام التهبت منطقة ما حول العين. وأدخلت المريضة المستشفى. وأعطيت المضادات الحيوية وريدياً ، ورغم هذا تشكلت فقاعات وقد خلفت الحالة بعد شفائها عيباً وتشوهاً شديداً بحجم 6سم.
ويقول الدكتور وهبة أحمد حسن(كلية الطب- جامعة الاسكندرية):
إن إزالة شهر الحاجب والوسائل المختلفة ثم استخدام أقلام الحواجب وغيرها من ماكياجات الجلد لها تأثيرها الضار ، فهي مصنوعة من مركبات معادن ثقيلة، مثل: الرصاص والزئبق. تذاب في مركبات دهنية مثل زيت الكاكاو.
وماذا بعد !!
إنها إشارات تحذير وصيحات نذير يطلقها الأطباء: أن أفيقي أيتها النامصة قبل فوات الأوان.. وصدق الله ..( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق). فصلت، الآية: 53
ــــــــــــــــــــــ
المصدر :موقع صيد الفوائد
  #154  
قديم 27-03-2008, 03:39 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون


حوار مع علماء أبحاث إطالة الحياة
بقلم: د. حسنى حمدان
أستاذ الجيولوجيا المساعد-جامعة المنصورة
عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
السيد جاي أولشانسكي S.H.Olshnskyالأستاذ في مدرسة الصحة العامة في جامعة الينوي بشيكاغو»
السيد كارنس أ. ب. (
Carnes, B.A
.) الباحث في المركز القومي لبحوث ومركز بحوث الشيخوخة التابع لجامعة شيكاغو.
السيد بتلر ر. ن. (
R.N.Butler) رئيس المركز الدولي لاطالة الحياة قرأتُ مقالتكم التي عنوانها "لو أن أجسام البشر صممت للبقاء" (If human were built to last
) التي نشرت في مجلة أمريكا للعلوم "العدوان 6/7 - 2000م" وقد لاحظت الآتي:
- أنكم تنظرون إلى
الإنسان على أنه ليس من خلق الله ولكنه تصميم للتطور حيث يبدو في قولكم: "ربما كنا سنبدو مختلفين كثيرا "من الداخل والخارج" لو أن التطور صمم الجسم البشري كي يحقق الاداء السلس. ليس فقط في مرحلة الشباب وانما لمدة قرن أو أكثر".
والعجيب أنكم تصرون على اعتبار الإنسان نتيجة التطور المزعوم. علماً بأن يوم الأربعاء 11 أغسطس عام 1999م يعد يوما حاسماً في تاريخ التعليم في بلدكم. حيث أسقط التربويون نظرية "التطور" (
Evolution). عندما صوت ستة من أعضاء ادارة التعليم بولاية كانساس (Kansas
) لصالح قرار جريء يقضي باسقاط نظرية "التطور" المتعلقة بأصل الانسان. وتبعهم في ذلك ادارات التعليم في ولايات تينيس. ولويزيانا وجورجيا. وواشنطن.
ثانيا: عجبت من فكر علماء مثلكم يخلعون على أفكار فاسدة صفة القانون المدعو بقانون الاصطفاء الطبيعي. علماً بأن هذه الأفكار قد ماتت بالسكتة القلبية غير مأسوف عليها. وقد بدأ ذلك واضحاً من قولكم: "من وجهة نظر المفهوم التطوري فان أجسامنا تحتوي على عيوب. لأن قانون الانتقاء الاصطفاء الطبيعي - وهو القوة التي تصوغ سماتنا المحددة وراثيا - لا يستهدف الكمال أو الحياة الأبدية المليئة بالصحة.
ثالثا: ازددت عجباً من قولكم أن أجسامنا تحتوي علي عيوب. فدهشت كيف وأنتم درستم في كليات الطب تشريح الإنسان.
ولابد أنكم تعلمون أن الجسد البشري. يتميز بأعلى نمط تشريحي بين المخلوقات جميعاً. وليست خريطة الجينوم عنكم ببعيدة. حيث أثبت علماؤكم أن نواة.. الخلية الجسدية تحتوي علي 100 ألف مورث تنتظم الصبغيات. وأريد أن تسمعوا قول الله تبارك وتعالى في القرآن المجيد:
"يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم. الذي خلقك فسواك فعدلك. في أي صورة ما شاء ركبك" "الانفطار: 6: 8"
"
O man! what has Reduced thee from thy Lord most beneficent?- * Him who created thee, fashioned thee in due proportion, and gave thee ajust biash". (sura LXXXII, Infitar, or the cleaving Asunder).
وتسمعوا أيضا إلي قوله تعالي:
"لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" "التين: 4".
"
We haveinnead created man in the best of moulds" (Sura XCV, Tin or the Fig).
للأسف نظرتم إلي عوامل الهدم في جسد الإنسان. فحسبتموه عيوبا. مع أن أقرانكم من جلدتكم حصلوا هذا العام مشاركة عل
ى
جائزة نوبل.
عن أبحاثهم عن "الموت الخلوي المبرمج".
رابعا: عجيب أن ترجعوا الخاصية التي نتمتع بها نحن البشر دون سوانا من مخلوقات الله إلى تطور في جسم ما ادعوتموه أسلافا لكم من ذوات الأربع متمشين مع فكر تطوري زائف لاقيمة له في ميزان العلم.
خامسا: خلصتم إلي أن الشيخوخة ليست أمراً غير طبيعي. نعم إنها أمر طبيعي» فنفي النفي إثبات. واضفتم أن الشيخوخة أمر يمكن تجنبه. وهذا ما لا
نوافقكم عليه. فحتى
ولو طال عمر الإنسان فلسوف تأتي عليه سمات الشيخوخة. ولتسمعوا قول الحق الذي سيتردد إلي آخر الزمان علي الأرض إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها:
"الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة. ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير" "الروم: 54".
"
It is Alah Who createdyou in a state of (helpless) weakness, then gave (you) strength after weatness* Then, after strength, gave (you) weakness and a hary head: He creates as HEwills, and it is He who has all knowledge and power) (Sura XXX, Rum or the RomanEmpire).
واتساقا مع الحضارة المادية التي بعدت عن الله والتي يود أهلها أن يعمروا ألف سنة. وجدتكم تدخلون علي الجسد البشري تعديلات. لعله يهرب من الهرم. فأدخلتم الجسد إلي ورشة النجارة والسباكة. لتعيدوا تشبيك أسلاك العينين. وتكبروا من حجم الأذنين. وتجعلوا الرقبة أكثر انحناء. والجزع منحنياً إلي الأمام. والأطراف قصيرة. والركبة قادرة علي الانحناء للخلف. وتزيدوا الوسائد حول المفصل. وتجعلوا العظام أكثر سماكة. وفي العين بدلتم. واستدعيتم السباك ليجعل الحالب خارج البروستاتة.
ونسيتم. أم تناسيتم رغبة في الخلود. الجينوم. شفرة الحياة التي توجد في نواة الخلية المسيطرة علي جميع ما أردتم تغييره.
ان الحسنة الوحيدة التي ذكرتموها هي قولكم أيها العلماء الثلاثة: "ويمكن باختصار القول انه حتى لو توصلنا بطريقة سحرية إلى تعرف نموذج الحياة المثالية وطبقناه. فاننا سنظل نعاني البكي بمرور الزمن. والآن ادعوكم لسماع صوت الحق حيث يقول الله في كتابه العزيز
"ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون" "يس: 68".
السؤال
الأجل محتوم. ولا يتأخر الأجل إذا جاء ولا يتقدم.
اذكر آيتين من القرآن الكريم تشيران إلى ذلك الأجل من سورتي المؤمنون والأعراف.
والإجابة:
1- المؤمنون: 43
"ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون".
2- الأعراف: 34
"ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون.."

  #155  
قديم 27-03-2008, 03:40 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

عيناك ...وغض البصر





بقلمد.محمد السقا عيد
ماجستير وأخصائى جراحة العيون
عضو الجمعية الرمدية المصرية

يقول تعالى في كتابه الكريم: [ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن] (النور 30-31).
ويقول الله تعالى في كتابه العزيز(ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين وهديناه النجدين )(البلد).
العين هي الدرة الثمينة التي لا تقدر بثمن، وقد سماها الله تعالى الحبيبة والكريمة، كما جاء في حديث رواه البخاري والترمذي وابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل قال: إذا أخذت كريمتي عبدي ـ وفي رواية حبيبتي عبدي ـ فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة".
وخلق العين من أعظم أسرار قدرة الخالق عز وجل، فهي برغم صغرها بالنسبة إلى كل المخلوقات من حولها، فإنها تتسع لرؤية كل هذا الكون الضخم بما فيه من سماوات وأراضين وبحار وكل المخلوقات.
وحاسة البصر تأتي في المرتبة الثانية من الأهمية بعد السمع، فيقول تعالى: [ إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا] (الإنسان 2)
والبصر مرآة الجسم، وآلة التمييز، وهو النافذة التي يطل منها على العالم الخارجي، ويكشف بها عن أسرار الأشكال والأحجام والألوان، وهو وسيلة الإنسان للإبصار والتفكر في خلق السماوات والأرض والكائنات بشكل عام [ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة،إن الله على كل شئ قدير] ( العنكبوت 20)
ولأن العين كما قلنا أغلى ما يمتلكه الإنسان، فإنه من الواجب عليه أن يعتني بها ويصونها ويدرأ بها عن أي سوء قد يصيبها.
ومن أهم الأمور التي تحفظ للعين صحتها وقوتها هو عدم استخدامها في معصية الله وهي النعمة التي أنعم علينا بها سبحانه وتعالى، كإرهاقها بالنظر والتحديق إلى البرامج والأفلام المثيرة في جهاز "التلفاز"، والله تعالى يقول في كتابه الكريم:
[ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ] (الإسراء 36) فلا يجب على المسلم أن يصرف حواسه ويستهلكها فيما لا يرضي الله وفيما لا يفيد، فالتحديق بالبصر فيما يجلب الفتنة والشهوة للنفس الإنسانية شيء يتنافى تماما مع الفطرة السليمة التي فطرنا الله عليها.
وقد روى الطبراني والحاكم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها من مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه".


العين من أعظم نعم الله على الإنسان فيجب علينا أن نستعملها بما يرضي الله تعالى


غض البصر وأثره على صحة الإنسان
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو:هل في غض البصر عن المحرمات أثر على صحة الإنسان ؟؟؟ قد ثبت علميا بالأبحاث والدراسات الطبية أن تكرار النظر بشهوة إلى الجنس الآخر وما يصاحبه من تولد رغبات جامحة لإشباع الغرائز المكبوتة، كل ذلك يفضي بالشخص إلى مشاكل عديدة قد تصل إلى إصابة جهازه التناسلي بأمراض وخيمة مثل احتقان البروستاتا، أو الضعف الجنسي وأحيانا العقم الكلي .
كما أثبتت بعض الدراسات الاجتماعية في المجتمعات الغربية أن عدم غض البصر يورث الاكتئاب والأمراض النفسية، وأن التفسخ الأخلاقي والتحلل الجنسي في تلك المجتمعات إنما هي بعض من نتائج عدم وجود دستور ديني أو قيود أدبية أخلاقية ينظم عمل هذه الحاسة النبيلة ويرشد استخدامها في الحياة بما يتوافق مع صحة الإنسان البدنية والنفسية.
فحاسة النظر أقوى الحواس على الإطلاق من ناحية الاستجابة للإثارة الجنسية، ومعنى أن يستخدمها الإنسان بلا وعي ولا نظام في النظر على كل مثير للشهوة فإن هذا يعني ببساطة أن صاحبها يبددها دون أن يدري، ويتبعها في هذا تبديد توازنه النفسي وبلا طائل يجنيه سوى توهم المتعة بما يرى.
وخير علاج لمرض النظر الشهواني إلى الجنس الآخر هو تذكر الله في كل وقت، وتذكير النفس دائما أنه سبحانه وتعالى يرانا ولا نراه، فأين لنا بمكان يمكن أن نعصيه فيه دون أن يرانا ؟؟؟ أين هو هذا المكان ؟!! ولنتذكر فضل الله وثوابه على من يغض البصر خشية له سبحانه واتباعا لأوامره.فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد والطبراني: " ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه ".
يقول (س . أ) من إحدى المدن الساحلية: " كانت متعتي الوحيدة أيام شبابي في أوقات فراغي وفي الإجازات الصيفية الخروج إلى الطرقات وإلى شاطئ البحر مع بعض أصدقائي والنظر إلى وجوه الجميلات من الفتيات والنساء المتبرجات، فكنت أشعر بمتعة كبيرة في بادئ الأمر، ثم ومع مرور الوقت تحولت هذه الهواية لدي إلى ما يشبه الإدمان حتى أني تأخرت كثيرا في الدراسة، وكانت صور النساء اللاتي تقع عليهن عيناي تنطبع في ذاكرتي ولا تفارقها في نومي واستيقاظي
وأحلامي، وبدأت أحيا في عالم عجيب من اختلاط الواقع بالحلم".
"وفي الجامعة فشلت في إقامة علاقة زمالة واحدة مع أية فتاة كباقي أقراني، وازدادت حالتي النفسية سوءا وبدأت أتردد على الأطباء النفسيين وأعالج بالمهدئات حتى نصحني أحدهم بأن أتزوج بأي شكل"
"وفعلا تزوجت وظن الجميع بي كما ظننت بنفسي أنى سأنتهي تماما من متاعبي، وأفرغ رغباتي المكبوتة بشكل فطري طبيعي، ولكن هيهات، فقد فوجئت ببرود رهيب لدرجة لم أتخيلها أبدا. واسودت الدنيا في عيني وكنت أبكي كالأطفال في كل ليلة "
"مع مرور الأيام عاد الهدوء إلى نفسي مع الانتظام في قراءة القرآن والصلاة، وكان يوم قرأت في سورة النور [ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ] يوما عظيما في حياتي، فقد أيقنت تماما أن هذا الكتاب لا يمكن أن يضعه إلا خالق هذا الكون، لقد أحببت الله كثيرا منذ ذلك اليوم، وازددت حبا لكتابه الكريم، ذلك الكتاب الذي تلمس حروفه وكلماته كل حنايا النفس البشرية فتوجهها إلى النور والطهر والاستقامة، وعدت مع طاعتي لله إلى حالتي الطبيعية.
المرجع:
كتاب موسوعة العلاج بالعبادات والأعشاب- بقلم مجموعة من أهل التخصص
مصدر الصور موقع الموسوعة الحرة
  #156  
قديم 27-03-2008, 03:43 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

خلق الإنسان من تراب


قال تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (الروم:20) .
قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً) (الفرقان:54) .
ففي الآية الأولى إشارة على خلق الإنسان من تراب وفي الثانية من الماء، ثم في آية ثالثة : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) المؤمنون :12 وما الطين سوى مزيج من التراب والماء .و هكذا ففي الآيات السابقة إشارة إلى أن أصل الإنسان ومعدنه الأساسي هو من طينة هذه الأرض ومن معدنها، وبشكل أدق : خلاصةٌ من هذه الأرض ( سلالة من طين ) .. فماذا يقول لنا المخبر عن ذلك ؟

صورة لجنين في رحم أمه فسبحان الله الخالق المصور
يقول التحليل المخبري :
إنه لو أرجعنا الإنسان إلى عناصره الأولية، لوجدناه أشبه بمنجم صغير، يشترك في تركيبه حوالي ( 21) عصراً، تتوزع بشكل رئيسي على :
1ـ أكسجين (O) ـ هيدروجين ( H) على شكل ماء بنسبة 65% ـ 70% من وزن الجسم
2 ـ كربون (C)، وهيدروجين ( H) وأكسجين (O) وتشكل أساس المركبات العضوية من سكريات ودسم ،و بروتينات وفيتامينات، وهرمونات أو خمائر .
3 ـ مواد جافة يمكن تقسيمها إلى:
آ ـ ست مواد هي : الكلور ( CL)، الكبريت (S)، الفسفور (P)، والمنغزيوم (MG) والبوتاسيوم (K)، والصوديوم (Na)، وهي تشكل 60 ـ 80 % من المواد الجافة .
ب . ست مواد بنسبة أقل هي : الحديد (Fe)، والنحاس (Cu) واليود (I) والمنغنزيوم (MN) والكوبالت ( Co)، والتوتياء ( Zn) والمولبيديوم (Mo ) .
جـ ـ ستة عناصر بشكل زهيد هي : الفلور ( F)، والألمنيوم (AL)، والبور (B)، والسيلينيوم ( Se)، الكادميوم ( Cd) والكروم ( Cr) .
أولاً: تتركب أساساً من الماء ،و بنسبة عالية، حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يستمر حياً أكثر من أربعة أيام بدون ماء، رغم ما يمتلكه من إمكانيات التأقلم مع الجفاف ،و ينطبق ذلك على جميع الكائنات الحية فتبارك الله إذ يقول (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (الأنبياء:30)
ثانياً : كل هذه العناصر موجودة في تراب الأرض، ولا يشترط أن تكون كل مكونات التراب داخلة في تركيب جسم الإنسان، فهناك أكثر من مئة عنصر في الأرض بينما لم يكتشف سوى (22) عنصراً في تركيب جسم الإنسان، وقد أشار لذلك القرآن حيث قال : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (المؤمنون:12) وفي ذلك إعجاز علمي بليغ .
المرجع :مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن
  #157  
قديم 27-03-2008, 03:47 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

نشأة الذرية معجزة علمية





د. محمد دودح - الباحث العلمي بالهيئـة
العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
رابطة العالم الإسلامي – مكة المكرمــة
العرض الموجز
في قوله تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ﴾ الطارق 5-10؛ الماء الدافق تعبير وصفي للمني لأنه سائل تركيبه يماثل قطيرات الماء إلا أنه حي تتدفق تكويناته وتتحرك بنشاط ويصدق عليها الوصف بصيغة اسم الفاعل (دافق) لدلالته على الحركة الذاتية, وجميع الأوصاف عدا وصف الماء بالدافق تتعلق بالإنسان لأن بدء خلقه هو محور الحديث والموضوع الرئيس وهو المستدل به علىإمكان الإرجاع حياً, وضمير (له) في قوله تعالى ﴿فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ﴾ لا يستقيم عوده إلى الماء وإنما إلى الإنسان, وضمير (رجعه) في قوله تعالى﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌالأظهر عوده إلى الإنسان والإرجاع هو إعادة الخلق للحساب بقرينة وقت الإرجاع ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ, ولا توجد ضرورة لتشتيت مرجع الضمائر في ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾ و﴿خُلِقَ مِن مّآءٍ﴾ و(رجعه) في ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌو﴿فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ﴾ ولذا الأولى عود ضمير (يخرج) في ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِإلى الإنسان كذلك مثلها, خاصة أن المني لا يخرج بذاته كذلك وإنما من الخصية, والوصف بالإخراج آية مستقلة كبيان متصل بأصل الحديث عن الإنسان, وبيان القدرة المبدعة وسبق التقدير وإمكان الإعادة أظهر في إخراج الذرية من ظهور الأسلاف, والتلازم قائم بين (إخراج) الإنسان للدنيا وليداً و(إرجاعه) حياً بينما لا تلازم بين (إخراج) المني و(إرجاع) الإنسان, وخروج ذرية الإنسان من الظهر مُبَيَّنفي قوله:﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ﴾ الأعراف 172,, وقوله: ﴿أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَلابِكُمْ﴾ النساء 23, ولم يرد في القرآن فعل (الإخراج) متعلقا بالمني بينما ورد كثيرا متعلقا بالإنسان لبيان خروجه للدنيا وليداً وخروجه حياً للحساب, وللوجدان أن يقشعر من تلك الدقة المتناهية التي ميزت بين موضع تكون أعضاء إنتاج الذرية في الظهر وموضع خروجها على طريقهجرتها!.

قطاع عرضي يبين نشأة الغدة التناسلية في المنطقة الظهرية للجنين (الأسبوع 56) وهجرة أصولها الخلوية بين بدايات العمود الفقري والضلوع قبل انفصالها وتميزها.


والحقيقة العلمية هي أن الأصول الخلوية للخصية في الذكر أو المبيض في الأنثى تجتمع في ظهر الأبوين خلال نشأتهما الجنينية ثمتخرج من الظهر من منطقة بين بدايات العمود الفقري وبدايات الضلوع ليهاجر المبيض إلى الحوض بجانب الرحم وتهاجر الخصية إلى كيس الصفن حيث الحرارة أقل وإلا فشلت في إنتاج الحيوانات المنوية وتصبح معرضة للتحول إلى ورم سرطاني إذا لم تُكمل رحلتها, والتعبير ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ يفي بوصف تاريخ نشأة الذرية ويستوعب كافة الأحداث الدالة على سبق التقدير والاقتدار والإتقان والإحكام في الخلق منذ تكوين البدايات في الأصلاب وهجرتها خلف أحشاء البطن ابتداءً من المنطقة بين الصلب والترائب إلى المستقر, وحتى يولد الأبوان ويبلغان ويتزاوجان وتخلق الذرية مما يماثل نطفة ماء في التركيب عديمة البشرية من المني لكنها حية تتدفق ذاتياً لتندمج مع نطفة نظير فتتكون النطفة الأمشاج من الجنسين, ويستمر فعل الإخراجساري المفعول ليحكي قصة جيل آخر لجنين يتخلق ليخرج للدنيا وليداً وينمو فيغفل عن قدرة مبدعه, وكل هذا الإتقان المتجدد في الخلق ليشمل تاريخ كل إنسان قد عبر عنه العليم الحكيم بلفظة واحدة تستوعب دلالاتها كل الأحداث: ﴿يَخْرُجُ﴾, فأي اقتدار وتمكن في الخلق والتعبير!, ومعكلتلك المشاهد المتجددة والتقديرات المبدعة والقدرة المفزعة هل يرد مجرد هاجس على الخاطر: أنبعثُ حقاً ونُحَاسَب!.
وهكذا يتصل العرض وينقلك في ومضة من مشاهد بدايات مقدرة تسبق وجود الإنسان إلى حيث يقف عاجزا معرَُى السريرة ليواجه مصيره وحده بلا أعوان فيتجلى بتلك النقلة الكبيرة الفارق في أحواله, وسرعة النقلة تؤكد التقدير وسبق التهيئة وتجلي قدرة الله تعالى وحكيم تدبيره مؤيدةً ]إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ[,قال الكلبي: "الضمير في إنه لله تعالى وفي رجعه للإنسان",وقال المراغي: ]فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ [أي فلينظر بعقله وليتدبر في مبدأ خلقه ليتضح له قدرة واهبه وأنه.. على إعادته أقدر.. ]خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ[.. حقائق علمية تأخر العلم بها والكشف عن معرفتها وإثباتها ثلاثة عشر قرنا, بيان هذا أن صلب الإنسان هو عموده الفقري (سلسلة ظهره) وترائبه هي عظام صدره.. وإذا رجعنا إلى علم الأجنة وجدنا في منشأ خصية الرجل ومبيض المرأة ما يفسر لنا هذه الآيات التي حيرت الألباب.. فكل من الخصية والمبيض في بدء تكوينهما يجاور الكلى ويقع بين الصلب والترائب أي ما بين منتصف العمود الفقري تقريبا ومقابل أسفل الضلوع.. فإذا كانت الخصية والمبيض في نشأتهما وفي إمدادهما بالدم الشرياني وفي ضبط شئونهما بالأعصاب قد اعتمدتا في ذلك كله على مكان في الجسم يقع بين الصلب والترائب فقد استبان صدق ما نطق به القرآن الكريم وجاء به رب العالمين ولم يكشفه العلم إلا حديثا بعد ثلاثة عشر قرنا من نزول ذلك الكتاب, هذا وكل من الخصية والمبيض بعد كمال نموه يأخذ في الهبوط إلى مكانه المعروف فتهبط الخصية حتى تأخذ مكانها في الصفن ويهبط المبيض حتى يأخذ مكانه في الحوض بجوار بوق الرحم, وقد يحدث في بعض الأحيان ألا تتم عملية الهبوط هذه فتقف الخصية في طريقها ولا تنزل إلى الصفن فتحتاج إلى عملية جراحية.. وإذا هدي الفكر إلى كل هذا في مبدأ خلق الإنسان سهل أن نصدق بما جاء به الشرع وهوالبعثفي اليوم الآخر.. ]إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ [أي إن الذي قدر على خلق الإنسان ابتداء.. قـادر أن يرده حيا بعد أن يموت".
واقتدار الخالق شاخص في كل العرض بينما يتملى الخيال مشاهد أعرضت عن الإنسان فعبرت عنه بالغائب في ومضات تُعَرِّيه من الخيلاء وتفاجئه بأصله ومصيره طاويةً حياته ومماته وكأنه لم يكن, في مقابل مشهد استكباره في تبجحصارخ يعلنه الاحتجاج المستهل بحرف (الفاء) ليفصح بأصل دلالته على التعقيب عن محذوف يكشف ما يجول في طوية نفسه: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُمِمّ خُلِقَ﴾, كأنه صيحة مدوية مؤنبة تقول: ألم تحدثك نفسك؟, وليس للإنسان في تلك المحاكمة إلا حضورا باهتا داخل قفص الاتهام في زاوية من المخيلة بينما تشخص عياناً أدلة التجريم؛ وكأنه تعالى يقول: ﴿أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَىَ﴾ القيامة 40, وهذا المشهد الأصغر لتعري السرائر مثال لمشهد يوم عظيم ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ﴾, فتأمل الاتساق في عرض المشاهد, تصوير عجيب يكشف ما قبل فتح الستار وحتى بعد ضمه تبقى في الخاطر شتى صور العقاب وتأز في المسامع نيران تتشوق لمن يشك لحظة في قدرة الخالق سبحانه!, أسلوب مذهل جامعفريدلا يبلغه اليوم أي كتاب ينسب للوحي؛ قد بلغ الذروة في التصوير وثراء المعني مع الغاية في إيجاز اللفظ, وأماالتفاصيل العلمية التي يستحيل أن يدركها بشر زمن التنزيل فهي بعض دلائل النبوة الخاتمة التي تسطع اليوم أمام النابهين.

العرض التفصيلي

في مشاهدٍ بلغت أسمى درجات الإحكام في البيان يكشف القرآن جملةً من أسرار نشأة الإنسان, ويأخذه في رحلةٍ طويلةٍ تتعدد فيها مشاهدُ ماضيهِ لتبلغ به نشأة أجيال تسبقه يتنقل مُقَدَّرًاً في عالمٍ لا تدركه عين سموه "عالم الذر", وقبل أن يصبح إنساناً ذي فكرٍ لم يوظفه لمعرفة خالقه بل طغى غافلاً عن قدرة الله على البعث والحساب كان كائناً أشبه ما يكون بقطيرة ماء؛ نطفه لا ترىإلا أنها حية تسعى دافقة تتحرك ذاتيا بتوجيه وتجسد مقدار النقلة الهائلة!, وفي تحدٍّ صارخ قبل أن ينشأ علم الأجنة بقرون ويتحقق البشر بيقين يجاهر القرآن ويكشف العلم بمنشأ أعضاء إنتاج الذرية مع نشأة أعضاء البدن قبل أن تتحول عن موضعها وتستقر, يقول العلي القدير: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَالسّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ﴾ الطارق 5-10, نقلات ضخمة في تاريخ نشأة الإنسان حيرت أعلام المفسرين للقرآن الكريمفتألقوا في بيان المغزى وقبل أن تكشف العلوم التجريبية الكيفيات برعوا في تصورها حتى كادوا يصيبوا بضربات المعاول عين النبع, فلما أضاءت الكشوف الساحة تآزرت المعاول وفاض النهر, والمعلوم أن المني يُقذف مدفوقاً في دفعات, لكن السر المبهر بوصفه فاعلاً يوافق تدافع الحوينات المنوية تحت المجهر مفطورةً على التسابق, وأما موضع خروج أعضاء إنتاج الذرية من بين الصلب والترائب لتنفصل وتتميز فقد أيده بيان نشأتها في الظهر أو منشأ العمود الفقري, يقول تعالى: ﴿وَحَلَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَلابِكُمْ﴾ النساء 23, وفي بيان فطرية الإيمان وأصل نشأة الإنسان يقول تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بَلَىَ شَهِدْنَآ﴾ الأعراف 172, وذلك هو ما يقرره اليوم علم الأجنة من أن أعضاء إنتاج الذرية تجتمع أصولها بالفعل في الظهر ثم تخرج وتنفصل وتتميز بين أصول العمود الفقري والضلوع بجوار الكلية, وفي البالغ تظل الأوعية الدموية واللمفاوية والأعصاب ممتدة إلى منطقة الكلية حيث تنشأ الخصية أو المبيض, والسؤال أمام كل تقدير: لأي غرض؟ العالمون يجيبون: الرحم فيالحوض ولا تنتج الخصية إلا في كيس الصفن حيث الحرارة أقل, ولك أن تدهش؛ من أدراهما؛ أهي حنكة الثوب المحبوك بمهارة أم الحائك!, ومع كل تلك المشاهد المتجددة والتقديرات المبدعة والقدرة المفزعة هل يرد مجرد هاجس على الخاطر: أنبعثُ حقاًونُحَاسَب!

تقع بداية الغدة التناسلية مع الكلية في الجنسين


بين بدايات العمود الفقري والضلوع في الجنين



الجوانب العلمية
(1) نبذة تاريخية:
عاش أرسطو Aristotleمعلم الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد (384-322 ق.م.), وقد اكتسب شهرة واسعة نتيجة لتأملاته في كثير من الظواهر الطبيعية قبل اكتشاف المجهر في القرن السابع عشر, وله مساهمات تجريبية في وصف تطور جنين الدجاجة وغيرها بالعين المجردة حتى أن البعض يعتبره واضع الأساس لعلم الأجنة, ومع ذلك فقد جاءت الثورة العلمية الحديثة ابتداء من القرن السابع عشر بمكتشفات نقضت معتقداته, مثل اعتقاده بتخلق الجنين من دم الحيض Menstrual Blood بالاتحاد مع المني, وليس هو أول من وصف تطور جنين الدجاجة من الإغريق فقد سبقه أبو قراط Hippocratesبحوالي قرن عدا كثير من اجتهاداته في الطب حتى أن من يهمل من الغربيين مساهمات الشعوب ويقصر تاريخ العلوم على الإغريق يعتبره أبو الطب, وربما كان جالن Galenالذي عاش بعد أرسطو بقرنينأكثر منه دقة في كثير من أوصاف أجنة الحيوان بالعين المجردة, وفي العصور الوسطى قبل النهضة عاشت أوروبا في كساد علمي لم يتجاوز كثيرا ترديد أفكار القدامى, ولذا يتعجب البروفيسور كيث مور Keith Moore (رئيس قسم التشريح وعلم الأجنة بجامعة تورنتو في كندا) في كتابه "تخلق الجنين البشري"TheDeveloping Human من وفرة وتآزر الحقائق العلمية المتعلقة بخلق الجنين في القرآن, فيقول: "لم تُضف في العصور الوسطى معلومات ذات قيمة في مجال تخلق الجنين, ومع ذلك قد سجل القرآن في القرن السابع وهو الكتاب المقدس عند المسلمين أن الجنين البشري يتخلق من أخلاط تركيبية من الذكر والأنثى, مع بيان تخلق الجنين في أطوار ابتداءً مما يماثل في التركيب قطيرة أو نطفة تنغرس وتنمو في الرحم كالبذرة.. ومع وصف الجنين في أول مرحلة بما يماثل العلقة Leechالتي تعيش على مص دماء الغير ثم مما يماثل كتلة ممضوغة بما فيها من علامات أسنان وانبعاجات وهو ما يتفق تماما مع تطور الأعضاء في تلك المرحلة بالفعل, وإذا أردت مزيدا من الأوصاف العلمية في القرآن في مجال علم الأجنة فإني أحيلك إلى كتابي طبعة 1986.., مع العلم أن أول من درس جنين الدجاجة باستخدام عدسة بسيطة هو هارفي Harveyعام 1651, ودرس كذلك جنين الأيل Deerولصعوبة معاينة المراحل الأولى للحمل استنتج أن الأجنة ليست إلا إفرازات رحمية, وفي عام 1672 اكتشف جراف Graafحويصلات في المبايض ما زالت تسمى باسمه Graafian Folliclesوعاين حجيرات في أرحام الأرانب الحوامل تماثلها فاستنتج أن الأجنة إفرازات من المبايض, ولم تكن تلك التكوينات الدقيقة سوى تجاويف في كتل الخلايا الجنينية الأولية Blastocysts, وفي عام 1675 عاين مالبيجي Malpighiأجنة في بيض دجاج ظنه غير محتاج لعناصر تخصيب من الذكر واعتقد أنه يحتوى على كائن مصغر ينمو ولا يتخلق في أطوار, وباستخدام مجهر أكثر تطوراً عاين هام Hammوليفنهوك Leeuwenhoekالحوين المنوي للإنسان للمرة الأولي في التاريخ عام 1677, ولكنهما لم يدركا دوره الحقيقي في الإنجاب وظنا أيضاً أنه يحتوي على الإنسان مصغراً لينمو في الرحم بلا أطوار تخليق, وفي عام 1759 افترض وولف Wolffتطور الجنين من كتل أولية التكوين ليس لها هيئة الكائن المكتمل, وحوالي العام 1775 انتهى الجدل حول فرضية الخلق المكتمل ابتداءً واستقرت نهائيا حقيقة التخليق في أطوار وأكدت تجارب إسبالانزاني Spallanzaniعلى الكلاب على أهمية الحوينات المنوية في عملية التخليق.. وقبله سادت الفكرة بأن الحوينات المنوية كائنات غريبة متطفلة ولذا سميت بحيوانات المني Semen Animals, وفي عام 1827 بعد حوالي 150 سنة من اكتشاف الحوين المنوي عاين فون بير von Baerالبويضة في حويصلة مبيض إحدى الكلاب, وفي عام 1839 تحقق شليدن Schleidenوشوان Schwannمن تكون الجسم البشري من وحدات بنائية أساسية حية ونواتجها وسميت تلك الوحدات بالخلايا Cellsوأصبح من اليسير لاحقا تفهم حقيقة التخلق في أطوار من خلية مخصبة ناتجة عن الإتحاد بين الحوين المنوي والبويضة.. وفي عام 1878 اكتشف فليمنج Flemmingالفتائل الوراثية داخل الخلايا البدنية, وفي عام 1883 اكتشف بينيدن Benedenاختزال عددها في الخلايا التناسلية, وفي القرن العشرين تمالتحقق نهائيا من احتواء الخلية البشرية الأولى Zygotعلى العدد الكامل من تلك الأخلاط الوراثية من الذكر ومن الأنثى"(1).
(2) أطوار تخليق الجنين Embryo Developmental Periods:
يحدث الإخصاب قرب الطرف الخارجي لقناة الرحم ثم تبدأ البويضة الملقحة في الانقسام لتتحول إلى ما يشبه التوتةMorula, ويظهر بداخلها تجويف ليقسم الخلايا إلى طبقة خارجية وكتلة خلوية داخلية Inner Cell Massينشأ منها الجنين, فتتحول التوتةإلى كيس الأرومة Blastocystالذي ينغرس في جدار الرحم في نهاية الأسبوع الأول, وينتهيالإنغراس بنهاية الأسبوع الثاني وخلاله تتحول الكتلة الداخلية إلى هيئة قرص ثنائي الطبقات, وفي الأسبوع الثالث تكون بهيئة قرص ثلاثي الطبقاتTrilaminar Embryonic Disc, ومع بداية الرابع تتضح الكتل الظهرية Somitesالتي تنشا منها فقرات الظهر ويبدأ القلب في ضخ الدم ويستمر تكوين كل الأعضاء الأولية للجسم لتكتمل مع نهاية الأسبوع الثامن ولذا تسمى بالفترة الجنينية Embryonic Period, ويبدأ التكامل وتعديل الهيئة من بداية التاسع إلى الولادة بعد تسعة أشهر (266 يوماً) وتسمى بالفترة الحملية Fetal Period.
(3) تقدير جنس الجنين Embryo *** Determination:
يبدأ تاريخ الإنسان بالإخصاب Fertilizationباتحاد البويضة Ovumالتي تحتوي على 22 فتيلة وراثية Chromosomeبدنية تحمل المعلومات التوجيهية اللازمة لتنفيذ مشروع الجنين المقبل بالإضافة إلى فتيل وراثي جنسي يحمل شارة الأنوثة بهيئة (X)مع حوين منويSperm يحتوي على 22 فتيلة بدنية بالإضافة إلى فتيلة جنسية تحمل إما شارة الذكورة بهيئة (Y)أو شارة الأنوثة بهيئة (X)كالبويضة, وليس للبويضة أعضاء حركة بينما يحتوي المني المتدفق عند القذفEjaculation على ملايين الحوينات النشطة الحركة لينتخب أحدها ويتحد بالبويضة فتتكون أول خلية بشرية Zygotويكتمل عدد الفتائل الوراثية بهيئة أزواج متماثلة Matched pairsخلائط من الأبوين, وتتسابق الحوينات وتعلو في المجارى التناسلية للأنثى, فإذا سبق الحوين الذي يحتوي على نصف الفتائل البدنية بالإضافة إلى الفتيلة الجنسية ذات شارة الذكورة بهيئة (Y)واتحد مع البويضة ذات النصف المكمل من الفتائل البدنية بالإضافة إلى فتيلة جنسية تحمل شارة الأنوثة (X)كان الجنين ذكراً تحتوي خلاياه على فتيلتين وراثيتين بهيئة (XY)بالإضافة إلى 22 زوجا بدنيا متماثلا, وإذا سبق الحوين ذو الشارة (X) مثل البويضة كان الجنين وراثياً أنثى فتائله الجنسية بهيئة (XX).
وبتكون البرنامج الوراثي تتحدد جميع الصفات البدنية ويتحدد جنس الجنين, وبعدئذ يبدأ انقسام الخلية الأولى ويبدأ التزايد في عدد الخلايا وكتلة الجنين ويبدأ التمايز وفق المشروع الخلقي المسجل بهيئة ترتيبات جزيئية محددة الخطوات, وقبل ذلك خلالمرحلة غور السائل المنوي في المجارى التناسلية للأنثى والانقباضات الرحمية التي تسحبه نحو البويضة لا يمكن التنبؤ بشيء.
(4) تميز جنس الجنين Embryo *** Differentiation:
يتقرر جنس أجنة الثدييات عموماً عند الإخصاب بتوريث فتيلة وراثية من الذكر إما بهيئة (Y)فينتج ذكراً أو بهيئة (X)فتنتج أنثى, ولكن لا تتميز الأعضاء الجنسية الداخلية إلا في الأسبوع السابع ولا تتميز الأعضاء الجنسية الخارجية إلا في الثامن, وفي البداية تتماثل أجنة الجنسين وتوجد أعضاء أولية لتكوين أيٍّ من الأعضاءالجنسيةالداخلية للنوعين بهيئة قناتين في كل جانب من تجويف البطن في مقدمة كتلة الظهر؛ قناة وولف Wolffian ductتتكون منها الأعضاء الجنسية الداخلية في الذكور وتشمل الحويصلات المنوية Seminal Vesiclesوالبربخ Epididymisوالوعاء الناقل Vas Deference, وقناة مولر Mullerian Ductتتكون منها الأعضاء الجنسية الداخلية في الإناث وتشمل الرحم وقناتيه وعنقه والمنطقة أعلى المهبل, ويكون الجنين واحد الهيئة في الجنسين كحالة تشمل كل نفس, ولذا تسمى فترة النفس الواحدة تلك من حياة الجنين بمرحلة عدم التمايز Indifferent stage .

تميز الغدة التناسلية إلى خصية في الذكر ومبيض في الأنثى


مع نشأة الأعضاء التناسلية الداخلية من قناتي وولف ومولر.



وتحتوي كل فتيلة وراثية على عدد هائل من الوحدات الوراثية تسمى جينات Genes, ويحتوي كل منها على توجيهات وراثية نحو صفات محددة كلون الشعر أو طول الجسم, والجين المسئول عن تحديد الذكورة سائد Dominantويقبع على طرف الذراع القصير للفتيلة الجنسية المميزة للذكر (Y),وتسمى بمنطقة تحديد الجنس (SRY)Sex Determining Region of Y Chromosome , ومهمته تحويل الغدة التناسلية في كل جانب إلى خصية تنتج هورمون الذكورة Testosteroneوهورمون مثبط لقناة مولر Anti-Mullerian Hormone (AMH),ويُعتقد حاليا بوجود جينات مساندة في الإنسان على نفس ذراع الفتيلة الجنسية (Y),ومهمة هورمون الذكورة تشكيل الأعضاء التناسلية الذكرية الداخلية, بالإضافة إلى منع تطور الأثداء فتبقى ضامرة في الذكور كشاهد على مرحلة النفس الواحدة, ونتيجة لنشاط إنزيم خاص ينشأ هورمون أكثر فعالية اسمه داي هيدرو تستوستيرون Dihydrotestosterone (DHT)من هورمون الذكورة مهمته تشكيل الأعضاء التناسلية الخارجية في الذكور, وفي الثدييات إذا لم تنشأ الخصية يحدث العكس وتتكون الأعضاء التناسلية الأنثوية تلقائيا Default Pathwayوتضمر قناة وولف, وينتج المبيض هورمون الأنوثة Estrogenومهمته تكميل تطور قناة مولر والخصائص الأنثوية الثانوية كنضوج الثدي عند البلوغ.

مراحل تكون الغدد التناسلية وتميزها



(5) تكون الغدد التناسلية Gonadogenesis:
الخصية Testisهي عضو إنتاج الذرية في الذكر وفي الأنثى المبيض Ovary, ومهمتهما هي إنتاج الهورمونات الجنسية وخلايا الإنجاب Gametesالتي يختزل في كل منها عدد الفتائل الوراثية خلال الانقسام الاختزالي Meiosisإلىالنصف,وينشآن مع الكلية والغدة الجار-كلوية خلال الحياة الجنينية في فترة تكون الأعضاء مما يسمى الحدبة البولية-التناسلية Uro-genital Ridgeوهي بروز في تجويف البطن يمتد من الظهرويتكون من ثلاثة مناطق؛ في الأمامية تنشأ الغدة الجار-كلوية, وفي الخلفية تنشأ الكلية, وفي الوسطى تنشأ الغدة التناسلية Gonadولذا تسمى الحدبة التناسلية Genital Ridge, ويبدأ ظهور الغدة التناسلية في الأسبوع الخامس من عمر الجنين ويبدأ تمايزها إلى خصية أو مبيض وتفرز الهورمونات الجنسية في الأسبوع السابع, وتستمد الأصول الخلوية للغدة التناسلية في كل جانب من مصدريين أساسيين: (أولاً) الخلايا التناسلية الأولية Primordial Germ Cellsوتنشأ في جدار كيس المح Yolk Sacقرب الطرف الخلفي للجنين ثم تهاجر خلال المنطقة الظهرية نحو الحدبة التناسلية وهيالتي تتطور لاحقا إلى خلايا منتجة لخلايا الإنجاب, (ثانياً) بقية العناصر وتستمد من الطبقة الجنينية الوسطى Mesoderm, وتجتمعالأصول الخلوية في الظهر في الحدبة التناسلية لتخرج وتنفصل في كل جانب مع الغدة التناسلية بين موضع بداية تكون العمودالفقري وبداية تكون الضلوع ثم يتميز الجنس وتهاجر الخصية نحو كيس الصفن Scrotumوالمبيض نحو بوق قناة الرحم Fallopian Tube, ولذا تظل الأوعية الدموية واللمفاوية والأعصاب سواء للخصية أو المبيض في الشخص البالغ مرتبطة بالمنشأ في منطقة الكلية.

قطاع عرضي يبين نشأة الغدة التناسلية في المنطقة الظهرية للجنين البشري وهجرة أصولها الخلوية بين العمود الفقري والضلوع قبل انفصالها وتميزها.


ويبدأ هبوط الخصية Testicular Descent في الأسبوع الثاني عشر من الحمل لتبلغ القناة الإربية Inguinal Canalفي منتصف الحمل وفي آخر شهرين تبلغ الخصية كيس الصفن, والعوامل الدافعة لتلك الهجرة المبرمجة Programmed Migrationلم تتضح كاملاً بعد, وتجري حاليا محاولات لتحديد الجينات الموجهة لسير الهجرة في مسار سابق التقديرPredestinated pathway, وأي تعطل لآليات تلك الخطة المدبرة الخطوات لهجرة الخلايا وتكاثرها قد يؤدي إلى العقم, وإذا تعطلت الخصية عن بلوغ كيس الصفنحيث الحرارة أقل لن تستطيع إنتاج خلايا تناسلية ويمكن أن تتحول إلى خلايا سرطانية وينبغي إزالتها جراحيا(2),(3)،(4)

مقارنة تشريحية بين الحـالة الطبيعية والمرضية


حين تفشل الخصية في الوصول إلى كيس الصفن



الدراسة الدلالية
أمام عجيبة بيانية بهرت الأساطين بسمو أغراضها وصدق دلالتها وفصاحة تركيبها وإحكام نظمها وحسن إيقاعها لا يملك من يعاين مشاهدها سوى العجب, وبديهي أن يَحار الفطاحل في دلالاتها العلمية حتى يُعاينوا كيفياتها, ومع ذلك فصَّل القرآن ما أجمل فيَسَّر إدراكها, تأمل قول العلي القدير: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَالسّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ﴾ الطارق 5-10, تركيب عجيب فريد كأنه "سمط اللآليء"؛ مشرق مثل حبات عقد الجواهر النفيس, دعنا إذاً نتأمله عن قرب مستأنسين بجهود أجيال مختلفي المشارب, ونعمل بالقواعد مع الحقائق في تمييز المختلط وتحرير الدلالة, والقاعدة لتحقيق الغاية في الفهم يوجزها لك فقهاء البيان العالمون بأساليب القرآن وتميز تركيبه بكلمة واحدة هي: السياق, فينبغي الانتباه لأن الصورة ليست كظاهر اللفظ, والألفاظ كالأمثال مستمدة من بيئة التنزيل لكنها مميزة الدلالة تخصصها قرائن السياق, وكل التركيب بمفرداته وأساليبه وإيقاعه متآزر متساوق متناسق الوجهة بلا اختلاف؛ في سياق موحد الاتجاه لا يناقض الحقائق, والحقيقة العلمية إذا استوثقت أنها كذلك وبلغت اليقين فهي شهادة الواقع ومفتاح الحل أو الترجيح لأن كلام الخالق لا يعارض فعله.



يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
  #158  
قديم 27-03-2008, 03:53 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع ..... نشأة الذرية معجزة علمية

(أولاً) لماذا خرج القرآن عن المعهود ووصف المني بالماء الدافق بدلا عن المدفوق؟:
وصفَ القرآن الماء المعبر عن المني بالدافق مما يعني أنه حي التكوين فاعل تتسابق مكوناته في نشاط, وجرده من صفة البشرية بجعله مادة أولية يتخلق منها الإنسان, وهذا ما يطابق الحقيقة العلمية لأن الخلية البشرية الأولى التي تحتوي على العدد الكامل من الفتائل الوراثية المستمدة من الأبوين هي "البويضة الملقحة" في المصطلح الطبي الحديث أو "النطفة الأمشاج" في مصطلح القرآن, ولكن تلك الحقيقة العلمية كانت خفية طيلة قرون عديدة بعد نزول القرآن مما جعل المفسرين في حيرة أمام وصف المني ذاته بالفاعل, قال ابن تيمية: "لفظ الماء عند الإطلاق لا يتناول المني وإن كان يسمى ماء مع التقييد كقوله تعالى ﴿خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ﴾"(5), وقال ابن كثير: (خلق من ماء دافق) يعني المني(6), وقال النيسابوري: "يحتمل أن يقال: أريد به ماء الرجل فقط؛ إما بناء على حكم التغليب وإما بناء على مذهب من لا يرى للمرأة ماء (أصلا) ولا سيما دافقا(7), وقال الثعالبي: و﴿دَافِقٍ﴾ قال كثير من المفسرين هو بمعنى مدفوق(8), وقال النسفي: "والدفق صب فيه دفع والدفق في الحقيقة لصاحبه والإسناد إلى الماء مجاز"(9), وقال ابن القيم: "أخبر سبحانه أنه خلقه من ماء دافق, والدفق صب الماء يقال دفقت الماء فهو مدفوق ودافق.. فالمدفوق الذي وقع عليه فعلك.. والدافق قيل إنه فاعل بمعنى مفعول.., وقيل.. أي ذي دفق.., وقيل وهو الصواب انه اسم فاعل"(10), وقال أيضاً: "الدافق على بابه ليس فاعلا بمعنى مفعول كما يظنه بعضهم"(11), وقال الشوكاني: "﴿خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ﴾.. الماء هو المنى, والدفق الصب يقال دفقت الماء أي صببته, يقال ماء دافق أي مدفوق مثل عيشة راضية أي مرضية, قال الفراء والأخفش ماء دافق أي مصبوب في الرحم, قال الفراء وأهل الحجاز يجعلون الفاعل بمعنى المفعول في كثير من كلامهم, كقولهم سر كاتم أي مكتوم وهم ناصب أي منصوب وليل نائم ونحو ذلك, وقال الزجاج من ماء ذي اندفاق(12),وقال القرطبي: ﴿مِن مّآءٍ دَافِقٍ﴾ أي من المني, والدفق صب الماء, دفقت الماء أدفقه دفقا صببته فهو ماء دافق.. ﴿قال﴾ الزجاج من ماء ذي إندفاق.. وهذا مذهب سيبويه فالدافق هو المندفق بشدة قوته(13), وقوله تعالى ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ﴾ القيامة 37؛ أي من قطرة ماء تمنى في الرحم أي تراق فيه ولذلك سميت مِنَى (مبيت الحجيج بمكة) لإراقة الدماء.., والنطفة الماء القليل يقال نطف الماء إذا قطر(14), وقال أبو السعود: "وقوله تعالى ﴿مّآءٍ دَافِقٍ﴾.. ذي دفق وهو صَبٌ فيه دفع وسيلان بسرعة.. (و) قالوا أن النطفة.. مقرها عروق ملتف بعضها بالبعض عند البيضتين"(15), وقال ابن الجوزي: "قال الزجاج ومذهب سيبويه وأصحابه أن معناه النسب إلى الإندفاق, أي صفة تكوينه الإندفاق, والمعنى من ماء ذي اندفاق"(16), وفي تفسير الجلالين: "ذي اندفاق"(17), وقال الألوسي: "الدفق صب فيه دفع وسيلان بسرعة وأريد بالماء الدافق المني, ودافق قيل بمعنى مدفوق على تأويل اسم الفاعل بالمفعول.. وقال الخليل وسيبويه هو على النسب.. أي ذي دفق, وهو صادق على الفاعل والمفعول, وقيل هو اسم فاعل وإسناده إلى الماء مجاز, وأسند إليه ما لصاحبه مبالغة, أو هو استعارة.. كما ذهب إليه السكاكي.. بجعله دافقا لأنه لتتابع قطراته كأنه يدفق أي يدفع بعضه بعضا, وقد فسر ابن عطية الدفق بالدفع فقال الدفق دفع الماء بعضه ببعض يقال تدفق الوادي والسيل إذا جاء يركب بعضه بعضا, ويصح أن يكون الماء دافقا لأن بعضه يدفع بعضاً, فمنه دافق ومنه مدفوق"(18), وقال ابن عاشور: "معنى (دافق) خارج بقوة وسرعة والأشهر أنه يقال على نطف الرجل, وصيغة دافق اسم فاعل.. وهو قول فريق من اللغويين, وقال الجمهور.. دافقا بمعنى اسم المفعول.. وسيبويه جعله من صيغ النسب.. ففسر دافق بذي دفق, والأحسن أن يكون اسم فاعل.., وأطنب العجاج في وصف هذا الماء الدافق لإدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين ليستيقظ الجاهل الكافر ويزداد المؤمن علما ويقينا"(19), ها أنت ترى كم كانت حيرة المفسرين أمام هذا السر الدفين وهو الحركة الذاتية لعناصر حية في المني ومع ذلك بلغوه بترك تعبير القرآن (ماء دافق) على ظاهره حتى كشفت الأيام تأويله.
(ثانياً) ما هو الصلب وما هي الترائب؟:
لفظ ﴿التّرَآئِبِ﴾ اسم صفة لا اسم ذات يدل بأصل اشتقاقه على التماثل والتناظر فيصدق على الأضلاعالتي تكون عظام الصدر, وقد يصرفه السياق إلى بعض هذا الإطلاق كما نقلت معاجم اللغة, والدلالات المعجمية مقيدة بقرائن السياق التي تحددها وتتخير منها الأنسب للمقام, ومن اشتقاق اللفظ (أتراب) أي لِدَّات يعني متماثلات, وقد يجعل السياق التماثل في الحسن والجمال والبهاء وفيض الأنوثة ونضارة الشباب كما في تصوير حال زوجات الجنة في قوله تعالى: ﴿وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطّرْفِ أَتْرَابٌ﴾ ص 52, وقوله تعالى:﴿إِنّآ أَنشَأْنَاهُنّ إِنشَآءً. فَجَعَلْنَاهُنّ أَبْكَاراً. عُرُباً أَتْرَاباً﴾ الواقعة 35-37, وقوله تعالى: ﴿وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً﴾ النبأ 33, قال الجوهري: "والتَرِب بالكسر اللدَّة وجمعه أتراب, والتريبة واحدة الترائب وهي عظام الصدر"(20), ولفظ ﴿الصّلْبِ﴾ بالمثل اسم صفة لا اسم ذات يدل بأصل اشتقاقه على قائم أمتن كتلةً وأمكن يُصلب عليه الشيء ويُشد محمولاً عليه فيصدق على العمود الفقري الذي يحمل بدن الإنسان وعلى المنطقة الظهرية حيث ينشأ, وفي قوله تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾؛ يتعلق السياق ببداية انفصال وتميز عضو إنتاج الذرية وتكونه خلال فترة تكون بقية أعضاء الجسم, والمقابلة بين لفظي (الصلب والترائب) تميز دلالة كل منهما لتتعين منطقة تقع بين موضعي نشأة العمود الفقري والأضلاع حيث تتميز الغدة التناسلية بالفعل وتمتد في الجهة الظهرية بجوار الكلية في كل جانب, وكأن القرآن يصف قطاع عرضي تحت المجهر تتميز فيه مناطق الأعضاء الثلاث بوضوح, ولفظي ﴿الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ تعبيرانوصفيان والتعريف فيهما يبين أن مسمى كل منهما عضو بدني مألوف أحدهما مفرد والآخر جمع, وفعل (الخروج) الذي يدال على موضع الانفصال على طريق الهجرة في غاية الدقة حيث لا يدل بالضرورة على موضع النشأة لأن الغدة التناسلية تنشأفي الكتلة الظهرية أو الصلب قبل أن تنفصل وتتمايز مع تمايز بقية أعضاء الجسم, والعجيب أن القرآن ينسب بداية تكوين الذرية إلىالظهر أو الصلب بالفعل حيث تجتمع الأصول الخلوية لتكون الغدة التناسلية قبل انفصالها وتمايزها, وذلك عند بيان فطرية الإيمان في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ مِنظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْوَأَشْهَدَهُمْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بَلَىَ شَهِدْنَآ﴾ الأعراف 172؛ وهذا التصوير يبين تحقق الإيمان لو استخدم الإنسان أدوات العلم والفكر التي تميز بها عن الحيوان, وعند بيان محرمات الزواج مع التمييز بين الأبناء حقيقةً والأبناء بالتبني في قوله تعالى: ﴿وَحَلَلائِلُ أَبْنَائِكُمُالَّذِينَ مِنْأَصْلَلابِكُمْ﴾ النساء23, وللوجدان أن يقشعر من تلك الدقة المتناهية التي ميزت بين موضع تكون أعضاء إنتاج الذرية في الظهور وموضع خروجها على طريق هجرتها!.
(ثالثاً) هل الوصف بالإخراج والإرجاع يخص الإنسان أم الماء؟:
يتعلق السياق بالإنسان ذكوراً وإناثاً, وإليه يُوَجَّه الحديث بدلالة الاستهلال: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُمِمّ خُلِقَ﴾, وفيه استدلال بالأصل علي غفلة الناكر للبعث, وذلك لمجيء التعبير بالغيبة إعراضاً مما يفيد أن المراد من جنس الإنسان من كَذَّب حديث القرآن وأنكر قدرة الخالق وتشكك في البعث خاصة؛ بدلالة التذييل ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ والظرف الذي يتم فيه إرجاع الإنسان حياً ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ﴾ وهو يوم الحساب, ودل فعل (الخلق) على ضرورة وجود الخالق, واستشهاداً بالنقلة الواسعة على الاقتدار قدمت البينة بالإنسان الشاخص متكامل البناء, وأفادت (مِن) في (مِمَّ) الابتداء وأفادت (ما) إبهام ما عادت إليه بياناً لضآلة الأصل إلى حد الخفاء, والاستدلال بقوله ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ يتوغل أكثر نحو ماضي الإنسان ويدل على مرحلة أسبق ذات ابتداء أدق ولهانفس مزية النقلة الهائلة, وفعل (الإخراج) يفيد الانتقال ويجعل (من) لابتداء انفصال وتميز عضو الإنجاب على طريق الهجرة, ويتعلق السياق إذاً بوصف مرحلة تتكون فيها أعضاء تماثل الصلب والترائب وتختص بالإنجاب وليس مجرد بيان لمصدر الماء, إنها ولا شك بداية أبعد في تاريخ الإنسان تماثل في البعد النقلة الكبيرة من قطرة من سائل كالماء لا بشرية فيه إلى إنسان مفكر, وتلمس في كلام الأعلام – رحمهم الله – أن النقلة الأبعد منذ الابتداء الأول بلوغاً إلى الإنسان لا إلى الماء فحسب أعظم في الاستدلال على البعث لذا قصروا نسبة الابتداء على الإنسان, وتعبير القرطبي: "أول أمره وسنته الأولى"(21), وتعبير ابن الجوزي: "أول حاله"(22), وفي قوله تعالى: ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ﴾؛ الضمير في ﴿إِنّهُ﴾ يعود على فاعل غيرمذكور إعلاماً بأن فعله المتجسد في ذلك الإنسان الشاخص يغني عن الدلالة عليه باسمه أو صفته, تقديره (الله الخالق القادر) بدلالة اسم الفاعل الدال على لزوم الصفة ﴿لَقَادِرٌ﴾ والمؤكد للشاك بأداتين (اللام) و(إن), بالإضافة إلى الفعل المبني للمجهول﴿خُلِقَ﴾ العائد قطعاً إلى ﴿الإِنسَانُ﴾, والمعنى يتعلق إذاً بالخالق والمخلوق أما الماء فمرحلة عابرة, ولذا يقصر السياق عود الضمائر إلى جنس الإنسان في التعابير ﴿مِمّ خُلِقَ﴾ و﴿خُلِقَ﴾ و﴿رَجْعِهِ﴾ و﴿فَمَا لَه﴾ والفعل ﴿يَخْرُجُ﴾ وبذلك يتسع الوصف للذكر والأنثى, وفي كليهما تنشأ بالفعل أعضاء إنتاج الذرية مع الكليتين من بين أصول العمود الفقري والضلوع في الجهتين.
قال ابن عاشور: ضمير ﴿إِنّهُ﴾ عائد إلى الله تعالى وإن لم يسبق ذكر مُعاد ولكن بناء الفعل للمجهول في قوله ﴿خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍيؤذن بأن الخالق معروف لا يحتاج إلى ذكر اسمه وأسند الرجع إلى ضميره.. لأن المقام مقام إيضاح وتصريح بأن الله هو فاعل ذلك, وضمير ﴿رَجْعِهِ﴾ عائد إلى ﴿الإِنسَانُ﴾.. و﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ﴾ متعلق برجعه أي يرجعه يوم القيامة, والسرائر جمع سريرة وهي ما يسره الإنسان ويخفيه من نواياه وعقائده.. ولما كان بلو السرائر مؤذنا بأن الله عليم بما يستره الناس من الجرائم وكان قوله ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ﴾ مشعرا بالمؤاخذة.. فرَّع عليه قوله ﴿فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ﴾, فالضمير عائد على الإنسان والمقصود المشركون من الناس لأنهم المسوق لأجلهم هذا التهديد, أي فما للإنسان المشرك من قوة يدفع بها عن نفسه وما له من ناصر يدافع عنه(23).
ودفعاً لتوهم الخروج من صلب الرجل وترائب المرأة في قوله تعالى ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ كما أدى إليه اجتهاد البعضباعتبار نشأة الجنين من نطفة أمشاج خلائط من الجنسين؛ قال الألوسي: "وظاهر الآية أن أحد طرفين البينية (التوسط) الصلب والآخر الترائب.., فكان الصلب والترائب لشخص واحد فلا تغفل.., قال الحسن وروي عن قتادة أيضا أن المعنى يخرج من بين صلب كل واحد من الرجل والمرأة وترائب كل منهما.., (و) الترائب.. الأشهر أنها عظام الصدر.. (و) المني.. مستقره عروق يلتف بعضها بالبعض عند البيضتين وتسمى أوعية المني.., وقوله سبحانه ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ عبارة مختصرة جامعة.. وقيل ابتداء الخروج منه كما أن انتهاءه بالأحليل.., وزعم بعضهم جواز كون الصلب والترائب للرجل أي يخرج من بين صلب كل رجل وترائبه"(24), ومعنى البينية بين شيئين التوسط, قال الأصفهاني: "(بين) ظرف لا يضاف إلا إلى متعدد لفظاً أو معنىً وهو يفيد الخلالة والتوسط"(25), ودفعاً لتوهم الخروج من الصلب والترائب لا من منطقة بينهما وتوهم عدم اختصاص الماء الدافق بالذكر ؛ قال ابن القيم: "سبحانه قال ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ ولم يقل يخرج من الصلب والترائب, فلا بد أن يكون ماء الرجل خارجا من بين هذين المختلفين, كما قال في اللبن ﴿نّسْقِيكُمْ مّمّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ﴾ النحل 66, وأيضا فإنه سبحانه أخبر أنه خلقه من نطفةفي غير موضع, والنطفة هي ماء الرجل كذلك.., قال الجوهري والنطفة الماء الصافي قل أو كثر والنطفة ماء الرجل والجمع نطف, وأيضا فإن الذي يوصف بالدفق والنضح إنما هو ماء الرجل, ولا يقال نضحت المرأة الماء ولا دفقته, والذي أوجب لأصحاب القولالآخر ذلك أنهم رأوا أهل اللغة قالوا الترائب موضع القلادة من الصدر, قال الزجاج أهل اللغة مجمعون على ذلك وأنشدوا لامرىءالقيس (مهفهفة بيضاء غير مفاضة ترائبها مصقولة كالسجنجل), وهذا لا يدل على اختصاص الترائب بالمرأة بل يطلق على الرجل والمرأة"(26), وإذا شملهما الإخراج فلا بد من عودة ضمير ﴿يَخْرُجُعلى الإنسان لا على الماء الدافق المقصور على الرجل وحده.
وقد شغل موضوع عود الضمائر المحققين فحرروه استناداً للسياق بجعلها عائدة إلى المذكور الأبعد ﴿الإِنسَانُ﴾ لامتناع عودها على الأقرب وهو الماء, ومن شواهد عود الضمير إلى المذكور الأبعد في القرآن قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةًأَوْ لَهْواً انفَضّوَاْ إِلَيْهَا﴾ الجمعة 11, أي إلى التجارة, وقوله تعالى: ﴿آمِنُواْ بِاللّهِوَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمّا جَعَلَكُممّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ الحديد 7, أي جعلكم الله مستخلفين, قال ابن تيمية: "عود الضمير إلى الأقرب أولى إلا إذا كان هناك دليل يقتضي (عوده إلى)البعيد"(27), وقال الزركشي: "وإن كانت القاعدة عود الضمير إلى الأقرب ولكن قد يعود إلى.. غير الأقرب"(28), وقال السيوطي: " الضمير قد يدل عليه السياق فيضمر ثقةً بفهم السامع نحو ﴿كل من عليها فان﴾ الرحمن 26, (و) ﴿ما ترك على ظهرها من دابة﴾ فاطر 45 أي الأرض أو الدنيا,.. وقد يعود على بعض ما تقدم"(29), وفي قوله تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ﴾؛ يتعلق الحديث ببيان الاقتدار على بعث الإنسان الفرد استدلالا بنشأته, فالحديث إذاً كما ترى يتعلق بالإنسان بداية ومصيراً والماء مرحلة عارضة في ثنايا قصة ممتدة الأحداث عبر أجيال, ولذا الأولوية أن تعود إلى الإنسان كل الضمائر بلا تشتيت باعتباره محور الحديث والمذكور الرئيس, قال القرطبي: "قوله تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾ أي ابن آدم.. توصية للإنسان بالنظر في أول أمره وسنته الأولى حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه فيعمل ليوم الإعادة والجزاء"(30).
وفي قوله تعالى ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾؛ قال الطبري: "يقول تعالى ذكره فلينظر الإنسان المكذب بالبعث بعد الممات المنكر قدرة الله على إحيائه بعد مماته, ﴿مِمّ خُلِقَ﴾ يقول من أي شيء خلقه ربه"(31), وقال البغوي: أي فليتفكر من أي شيء خلقه ربه أي فلينظر نظر المتفكر"(32), وقال ابن القيم: "لقد دعا سبحانه الإنسان إلى النظر في مبدأ خلقه.. فقال تعالى ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾, وقال ﴿يَأَيّهَا النّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مّنَ الْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْنَاكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمّ مِن نّطْفَةٍ ثُمّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمّ مِن مّضْغَةٍ مّخَلّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلّقَةٍ لّنُبَيّنَ لَكُمْ وَنُقِرّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى ثُمّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمّ لِتَبْلُغُوَاْ أَشُدّكُمْ وَمِنكُمْ مّن يُتَوَفّىَ وَمِنكُمْ مّن يُرَدّ إِلَىَ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً﴾ الحج 5, وقال ﴿وَفِي الأرْضِ آيَاتٌ لّلْمُوقِنِينَ. وَفِيَ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ﴾ الذاريات 20و21, وهذا في القرآن كثير لمن تدبره وعقله وهو شاهد منك عليك فمن أين للطبيعة.. هذا الخلق والإتقان والإبداع"(33), وقال أيضاً: "نبه سبحانه الإنسان على دليل المعاد بما يشاهده من حال مبدئه على طريقة القرآن في الاستدلال على المعاد بالمبدأ فقال ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾, أي فلينظر نظر الفكر والاستدلال ليعلم أن الذي ابتدأ أول خلقه.. قادر على إعادته"(34).
وقال ابن كثير: "قوله تعالى ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾ تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خلق منه وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد لأن من قدر على البداءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى كما قال تعالى ﴿وَهُوَ الّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ الروم 27(35), وقال أيضاً: "قال تعالى مقررا لوقوع المعاد والعذاب بهم الذين أنكروا كونه واستبعدوا وجوده مستدلا عليهم بالبداءة التي الإعادة أهون منها وهم معترفون بها فقال تعالى ﴿إِنّا خَلَقْنَاهُم مّمّا يَعْلَمُونَ﴾ المعارج 39, أي من المني الضعيف كما قال تعالى ﴿أَلَمْ نَخْلُقكّم مّن مّآءٍ مّهِينٍ﴾ المرسلات 20, وقال ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ. إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾.. وتقدير الكلام ليس الأمر كما يزعمون أن لا معاد ولا حساب ولا بعث ولا نشور بل كل ذلك واقع وكائن لا محالة.., ولهذا قال تعالى ﴿لَخَلْقُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ النّاسِ وَلَـَكِنّ أَكْـثَرَ النّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ غافر 57, وقال تعالى ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّ اللّهَ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنّ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يُحْيِـيَ الْمَوْتَىَ﴾ الأحقاف 33, وقال تعالى.. ﴿أَوَلَـيْسَ الَذِي خَلَقَ السّمَاواتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىَ وَهُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ. إِنّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ يس 81و82, وقال.. ﴿فَلاَأُقْسِمُ بِرَبّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنّا لَقَادِرُونَ. عَلَىَ أَن نّبَدّلَ خَيْراً مّنْهُمْ﴾ المعارج 40و41, أي يوم القيامة نعيدهم"(36).

يتبـــــــــــــــع
  #159  
قديم 27-03-2008, 03:55 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع .....نشأة الذرية معجزة علمية

وقال الشوكاني: "قوله ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾.. يوجب على الإنسان أن يتفكر في مبتدأ خلقه ليعلم قدره الله على ما هو دون ذلك من البعث, قال مقاتل يعني المكذب بالبعث, ﴿مِمّ خُلِقَ﴾ من أي شيء خلقه الله, والمعنى فلينظر نظر التفكر والاستدلال حتى يعرف أن الذي ابتدأه من نطفة قادر على إعادته"(37), وقال الثعالبي: "قوله تعالى ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾ توقيف لمنكري البعث على أصل الخلقة الدال على أن البعث جائز ممكن ثم بادر اللفظ إلى الجواب اقتضاباً وإسراعاً إلى إقامة الحجة فقال ﴿خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾"(38), فكما ترى يتعلق الحديث بالإنسان, والخلق من ماء والإخراج من بين الصلب والترائب بدايتان؛ آيتان منفصلتان, حجتان, وحملهما على سعة النقلة بياناً لقدرة الله تعالى أولى لأن المقام يتضمن وجوب الامتنان لسعة الفضل والإنعام, ولم يوصف المني في القرآن كثمرة يتجلى بها الاقتدار بل وُصف بالقلة والمهانة, وعود الضمير في (يخرج) على الماء سيجعل الوصف تشريحياً في البالغ وسيناقض الواقع لأن المني يخرج فعلياً من الخصية وليس من بين العمود الفقري والضلوع, والتعبير بالخروج لا يجمعه مع خبر الخلق من ماء اتصال في آية واحدة ليتعلق به وإنما ورد مستقلاً عنه متصلاً بأصل الحديث عن الإنسان, وحينئذ يتسع بيان سبق التقدير ليشمل سلسلة الأجيال, وبهذا تكون النقلة أكبر والمفارقة أعظم وبيان سبق التقدير أتم والدلالة على قدرة الله أظهر.
وفي قوله تعالى ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَىَالسّرَآئِرُ. فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِر﴾؛ قال الطبري: "يقول تعالى ذكره إن هذا الذي خلقكم أيها الناس من هذا الماء الدافق فجعلكم بشرا سويا.. ﴿عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾, واختلف أهل التأويل في الهاء التي في قوله ﴿عَلَىَ رَجْعِهِ﴾ على ما هي عائدة؟, فقال بعضهم هي عائدة على الماء, وقالوا معنى الكلام إن الله على رد النطفة في الموضع التي خرجت منه لقادر.., عن عكرمة.. قال إنه على رده في صلبه لقادر.., (و) عن عكرمة.. قال للصلب.., (و) عن مجاهد.. قال على أن يرد الماء في الإحليل..,(وفي رواية) قال على رد النطفة في الإحليل.., (وفي رواية أخرى) قال في الإحليل.., وقال آخرون بل معنى ذلك إنه على رد الإنسان ماء كما كان قبل أن يخلقه منه.., (عن) الضحاك يقول.. إن شئت رددته كما خلقته من ماء, وقال آخرون بل معنى ذلك إنه على حبس ذلك الماء لقادر.., قال ابن زيد.. على رجع ذلك الماء لقادر حتى لا يخرج كما قدر على أن يخلق منه ما خلق قادر على أن يرجعه, وقال آخرون بل معنى ذلك أنه قادر على رجع الإنسان من حال الكبر إلى حال الصغر.. عن الضحاك.. يقول إن شئت رددته من الكبر إلى الشباب ومن الشباب إلى الصبا ومن الصبا إلى النطفة, وعلى هذا التأويل تكون الهاء في قوله ﴿عَلَىَ رَجْعِهِ﴾ من ذكر الإنسان, وقال آخرون ممن زعم أن الهاء للإنسان معنى ذلك أنه على إحيائهبعد مماته لقادر.., عن قتادة..(قال) إن الله تعالى ذكره على بعثه وإعادته قادر, وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال معنى ذلك إن الله على رد الإنسان المخلوق من ماء دافق من بعد مماته حيا كهيئته قبل مماته لقادر, وإنما قلت هذا أولى الأقوال في ذلك بالصواب لقوله ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ﴾ فكان في إتباعه قوله ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ نبأ من أنباء القيامة دلالة على أن السابق قبلها أيضا منه.., يقول تعالى ذكره إنه على إحيائه بعد مماته لقادر يوم تبلى السرائر, فاليوم من صفة الرجع لأن المعنى إنه على رجعه يوم تبلى السرائر لقادر, وعني بقوله ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ﴾ يوم تختبر سرائر العباد فيظهر منها يومئذ ما كان في الدنيا مستخفياً"(39).
وقال ابن كثير: "وقوله تعالى ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ فيه قولان؛ أحدهما: على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك, قاله مجاهد وعكرمة وغيرهما, والقول الثاني: إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق أي إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لقادر, لأن من قدر على البداءة قدر على الإعادة, وقد ذكر الله عز وجل هذا الدليل في القرآن في غير ما موضع, وهذا القول قال به الضحاك واختاره ابن جرير, ولهذا قال تعالى ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ﴾, أي يوم القيامة تبلى فيه السرائر, أي تظهر وتبدو ويبقى السر علانية والمكنون مشهورا.., وقوله تعالى ﴿فَمَا لَهُ﴾ أي الإنسان يوم القيامة ﴿مِنقُوّةٍ﴾ أي في نفسه ﴿وَلاَ نَاصِر﴾ أي من خارج منه أي لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب الله ولا يستطيع له أحد ذلك(40).
وقال أبو السعود: "﴿إِنّهُ﴾:الضمير للخالق تعالى فإن قوله ﴿خُلِق﴾ يدل عليه, أي أن ذلك الذي خلقه ابتداء مما ذكر على رجعه, أي على إعادته بعد موته, لقادر.. ﴿فَمَا لَهُ﴾ أي للإنسان ﴿مِن قُوّةٍ﴾ في نفسه يمتنع بها ﴿وَلاَ نَاصِر﴾ ينتصر به"(41), وقال الشوكاني: "الضمير في ﴿إِنّهُ﴾ يرجع إلى الله سبحانه لدلالة قوله ﴿خُلِق﴾ عليه, فإن الذي خلقه هو الله سبحانه والضمير في ﴿رَجْعِهِ﴾ عائد إلى الإنسان, والمعنى أن الله سبحانه على رجع الإنسان أي إعادته بالبعث بعد الموت لقادر, هكذا قال جماعة من المفسرين, وقال مجاهد على أن يرد الماء في الإحليل, وقال عكرمة والضحاك على أن يرد الماء في الصلب, وقال مقاتل ابن حيان يقول إن شئت رددته من الكبر إلى الشباب ومن الشباب إلى الصبا ومن الصبا إلى النطفة, وقال ابن زيد إنه على حبس ذلك الماء حتى لا يخرج لقادر, والأول أظهر ورجحه ابن جرير والثعلبي والقرطبي.., ﴿فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِر﴾ أي فما للإنسان من قوة في نفسه يمتنع بها عن عذاب الله ولا ناصر ينصره مما نزل به"(42), وقال البغوي: "قال قتادة إن الله تعالى على بعث الإنسان وإعادته بعد الموت قادر, وهذا أولى الأقاويل لقوله ﴿يَوْمَ تُبْلَىَالسّرَآئِرُ﴾ وذلك يوم القيامة.., فما له من قوة ولا ناصر أي ما لهذا الإنسان المنكر للبعث من قوة يمتنع بها من عذاب الله ولا ناصر ينصره من الله"(43), والحاصل كما ترى بجلاء هو إجماع المحققين على إعادة الضمائر إلى الإنسان وإن كان هو المذكور الأبعد ذكراً من الماء, وليس عود الضمير إذاً في الفعل (يخرج) إلى الماء بأولى من عوده للإنسان مثلها, ولا توجد قرينه لتشتيت مرجع الضمائر, قال السيوطي: "الأصل توافق الضمائر في المرجعحذرا من التشتيت ولهذا لما جوز بعضهم في ﴿أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمّ﴾ طه 39 أن الضمير في الثاني للتابوت وفي الأول لموسى عابه الزمخشري وجعله تنافرا مخرجا للقرآن عن إعجازه, فقال: والضمائر كلها راجعة إلى موسى ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة لما يؤدي إليه من تنافر النظم الذي هو أم إعجاز القرآن ومراعاته أهم ما يجب على المفسر, وقال في﴿لّتُؤْمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزّرُوهُ وَتُوَقّرُوهُ وَتُسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ الفتح 9: الضمائر لله تعالى والمراد بتعزيره تعزير دينه ورسوله ومن فرق الضمائر فقد أبعد"(44).
وقال ابن القيم: "وقوله ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ الصحيح أن الضمير يرجع على الإنسان, أي أن الله على رده إليه لقادر يوم القيامة وهو اليوم الذي تبلى فيه السرائر, ومن قال أن الضمير يرجع على الماء؛ أي إن الله على رجعه في الإحليل أو في الصدر أو حبسه عن الخروج لقادر فقد أبعد, وإن كان الله سبحانه قادرا على ذلك, ولكن السياق يأباه, وطريقة القرآن وهي الاستدلال بالمبدأ والنشأة الأولى على المعاد والرجوع إليه, وأيضا فإنه قيده بالظرف وهو ﴿يَوْمَ تُبْلَىَالسّرَآئِرُ﴾, والمقصود أنه سبحانه دعا الإنسان أن ينظر في مبدأ خلقه ورزقه فإن ذلك يدله دلالة ظاهرة على معاده ورجوعه إلى ربه, وقال تعالى ﴿فَلْيَنظُرِالإِنسَانُ إِلَىَ طَعَامِهِ. أَنّا صَبَبْنَا الْمَآءَ صَبّاً. ثُمّ شَقَقْنَا الأرْضَ شَقّاً. فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً. وَعِنَباً وَقَضْباً. وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً. وَحَدَآئِقَ غُلْباً. وَفَاكِهَةً وَأَبّاً﴾ عبس 24-31, فجعل سبحانه نظره في إخراج طعامه من الأرض دليلا على إخراجه هو منها بعد موته, استدلالا بالنظير على النظير, ومن ذلك قوله سبحانه ردا على الذين قالوا "أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا": ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّ اللّهَ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ قَادِرٌ عَلَىَ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾ الإسراء 99, أي مثل هؤلاء المكذبين, والمراد به النشأة الثانية وهي الخلق الجديد, وهي المثل المذكور في غير موضع, وهم هم بأعيانهم فلا تنافي في شيء من ذلك بل هو الحق الذي دل عليه العقل والسمع ومن لم يفهم ذلك حق فهمه تخبط عليه أمر المعاد وبقي منه في أمر مريج, والمقصود أنه دلهم سبحانه بخلق السموات والأرض على الإعادة والبعث وأكد هذا القياس بضرب من الأولى وهو أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس فالقادر على خلق ما هو أكبر وأعظم منكم أقدر على خلقكم, وليس أول الخلق بأهون عليه من إعادته, فليس مع المكذبين بالقيامة إلا مجرد تكذيب الله ورسوله وتعجيز قدرته ونسبة علمه إلى القصور والقدح في حكمته, ولهذا يخبر الله سبحانه عمن أنكر ذلك بأنه كافر بربه جاحد له لم يقر برب العالمين فاطر السموات والأرض, كما قال تعالى ﴿وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنّا تُرَاباً أَإِنّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـَئِكَ الّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ﴾ الرعد 5, وقال المؤمن للكافر الذي قال ﴿وَمَآ أَظُنّ السّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رّدِدتّ إِلَىَ رَبّي لأجِدَنّ خَيْراً مّنْهَا مُنْقَلَباً﴾ الكهف 36, فقال له ﴿أَكَفَرْتَ بِالّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمّ مِن نّطْفَةٍ ثُمّ سَوّاكَ رَجُلاً﴾ الكهف 37, فمنكر المعاد كافر برب العالمين وإن زعم أنه مقر به, ومنه قوله تعالى ﴿قُلْ سِيرُواْ فِي الأرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمّ اللّهُ يُنشِىءُ النّشْأَةَ الاَخِرَةَ﴾ العنكبوت 20, يقول تعالى انظروا كيف بدأت الخلق فاعتبروا الإعادة بالابتداء, ومنه قوله تعالى ﴿يُخْرِجُ الْحَيّ مِنَ الْمَيّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَيّ وَيُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾ الروم 19, وقوله تعالى ﴿فَانظُرْ إِلَىَ آثَارِ رَحْمَةِ اللّهِ كَيْفَ يُحْيِيِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنّ ذَلِكَ لَمُحْييِ الْمَوْتَىَ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ الروم 50, وقوله ﴿وَنَزّلْنَا مِنَ السّمَآءِ مَآءً مّبَارَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنّاتٍ وَحَبّ الْحَصِيدِ. وَالنّخْلَ بَاسِقَاتٍ لّهَا طَلْعٌ نّضِيدٌ. رّزْقاً لّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مّيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ﴾ ق 9-11, وقال تعالى ﴿يَوْمَ نَطْوِي السّمَآءَ كَطَيّ السّجِلّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوّلَ خَلْقٍ نّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنّا كُنّا فَاعِلِينَ﴾ الأنبياء 104, والسجل الورق المكتوب فيه, والكتاب نفس المكتوب, واللام بمنزلة على, أي نطوي السماء كطي الدرج على ما فيه من السطور المكتوبة, ثم استدل على النظير بالنظير فقال ﴿كَمَا بَدَأْنَآ أَوّلَ خَلْقٍ نّعِيدُهُ﴾"(45).

وقال ابن القيمأيضاً: "ذكر الأمر المستدل عليه و(هو) المعاد بقوله ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ أي على رجعه (يعني الإنسان) إليه يوم القيامة كما هو قادر على خلقه.. هذا هو الصحيح في معنى الآية, وفيها قولان ضعيفان أحدهما قول مجاهد على رد الماء في الإحليل لقادر, والثاني قول عكرمة والضحاك على رد الماء في الصلب, وفيه قول ثالث قال مقاتل إن شئت رددته (يعني الإنسان) من الكبر إلى الشباب ومن الشباب إلى الصبا إلى النطفة, والقول الصواب هو الأول لوجوه: (أحدهما) أنه هو المعهود من طريقة القرآن من الاستدلال بالمبدأ على المعاد, (الثاني) أن ذلك أدل على المطلوب من القدرة على رد الماء في الإحليل, (الثالث) أنه لم يأت لهذا المعنى في القرآن نظير في موضع واحد ولا أنكره أحد حتى يقيم سبحانه الدليل عليه, (الرابع) أنه قيد الفعل بالظرف وهو قوله ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ﴾ وهو يوم القيامة أي أن الله قادر على رجعه إليه حيا في ذلك اليوم, (الخامس) أن الضمير في ﴿رَجْعِهِ﴾ هو الضمير في قوله ﴿فَمَا لَهُ مِن قُوّةٍ وَلاَ نَاصِر﴾ وهذا للإنسان قطعا لا للماء, (السادس) أنه لا ذكر للاحليل حتى يتعين كون المرجع إليه, فلو قال قائل على رجعه إلى الفرج الذي صب فيه لم يكن فرق بينه وبين هذا القول ولم يكن أولى منه, (السابع) أن رد الماء إلى الأحليل أو الصلب بعد خروجه منه غير معروف ولا هو أمر معتاد جرت به القدرة وإن كان مقدورا للرب تعالى, ولكن هو لم يجره ولم تجر به العادة ولا هو مما تكلم الناس فيه نفيا أو إثباتا, ومثل هذا لا يقرره الرب ولا يستدل عليه وينبه على منكريه, وهو سبحانه إنما يستدل على أمر واقع ولا بد إما قد وقع ووجد أو سيقع,.. (الثامن) أنه سبحانه دعا الإنسان إلى النظر فيما خُلق منه ليرده عن تكذيبه بما أخبر به وهو لم يخبره بقدرة خالقه على رد الماء في إحليله بعد مفارقته له حتى يدعوه إلى النظر فيما خلق منه ليستقبح منه صحة إمكان رد الماء, (التاسع) أنه لا ارتباط بين النظر في مبدأ خلقه ورد الماء في الإحليل بعد خروجه ولا تلازم بينهما حتى يجعل أحدهما دليلا على إمكان الآخر بخلاف الارتباط الذي بين المبدأ والمعاد والخلق الأول والخلق الثاني والنشأة الأولى والنشأة الثانية فإنه ارتباط من وجوه عديدة ويلزم من إمكان أحدهما إمكان الآخر ومن وقوعه صحة وقوع الآخر فحسن الاستدلال بأحدهما على الآخر, (العاشر) أنه سبحانه.. نبه بقوله ﴿إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ على بعثه لجزائه على العمل الذي حفظ وأحصى عليه فذكر شأن مبدأعمله ونهايته فمبدؤه محفوظ عليه ونهايته الجزاء عليه ونبه على هذا بقوله ﴿يَوْمَ تُبْلَىَ السّرَآئِرُ﴾ أي تختبر.. والسرائر جمع سريرة"(46).
وبغض النظر عن الاجتهادات الواسعة لتفهم الكيفيات قبل أن يكشفها العلم لا صارف عن عود ضمير ﴿يخرج﴾ إلى الأصل وهو﴿الإنسان﴾ وإن شاركه (الماء) في الاحتمال, قال ابن عطية: "والضمير في يخرج يحتمل أن يكون للإنسان ويحتمل أن يكون للماء"(47), وقال القرطبي: "من جعل المني يخرج من بين صلب الرجل وترائبه فالضمير في يخرج للماء ومن جعله من بين صلب الرجل وترائب المرأة فالضمير للإنسان"(48), ولك أن تستفظع القول بخروج المني من بين صلب الرجل وترائبه وأنت تعلم بتكونه في الخصيةإلا إذا اعتبرت تكون أصل الأصل عند النشأة, ولكن لا تتوهم أنهم يعتقدون بخروج مني الرجل من ترائب المرأة, لأنهم يعلمون كما لو كانوا أبناءعصر العلم مثلي ومثلك باحتياجه لنظير أنثوي ليتخلق الجنين, فجعلوا للمرأة دوراً وقدموا فروضاً لأصل المني النظير مجتهدين في استمداد المعرفة من القرآن في غياب حقائق العلم, يقول العلي القدير: ﴿إِنّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾ الإنسان 2, قال الشوكاني: "وأمشاج صفة لنطفة وهي جمع مشج أو مشيج وهي الأخلاط والمراد نطفة الرجل ونطفة المرأة واختلاطهما"(49), وقال ابن القيم: "الجنين يخلق من ماء الرجل وماء المرأة خلافا لمن يزعم من الطبائعيين أنه إنما يخلق من ماء الرجل وحده"(50),ويقول عز وجل: ﴿يَأَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ﴾ الحجرات 13, قال القرطبي: "بَيَّنَ الله تعالى في هذه الآية أنه خلق الخلق من الذكروالأنثى.. وقد ذهب قوم من الأوائل إلى أن الجنين إنما يكون من ماء الرجل وحده ويتربى في رحم الأم ويستمد من الدم الذي يكون فيه.. والصحيح أن الخلق إنما يكون من ماء الرجل والمرأة لهذه الآية فإنها نص لا يحتمل التأويل"(51)والاقتصارإذاً على جنس الذكر بقرينة الماء الدافق يفسره اعتبار المعلوم وسبق المني للنطفة الأمشاج التي يبدأ منها الخلق, ولكن ها أنت ترى أنهم يعرفون بتكون الجنين من الأبوين ويدخلونهما في تفسير الإخراج مما يجعل الأولوية في عود ضمير (يخرج) إلى الإنسان فيصدق الوصف على الجنسين, وبإغفال دلالة السياق على أن ﴿الإِنسَانُ﴾ محور الحديث والموضوع الرئيس؛ يستقيم عود الضمير في ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ إلى الماء, وباعتبار الأصلهو علمياً معنى صحيح لخروج الخصية من ذلك الموضع, ومن الأعلام من احتمله وإن قصر ذلك الاجتهاد الوصف على الذكر واستبعد الأنثى معارضاً دلالة لفظ ﴿الإِنسَانُ﴾ على الجنس بنوعيه من الذكر والأنثى.
  #160  
قديم 27-03-2008, 04:10 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبع موضوع .....نشأة الذرية معجزة علمية

(رابعاً) ما معنى الخروج من بين الصلب والترائب؟:
يكشف القرآن أن بدء خلق الإنسان مما يماثل نطفة من ماء, ويستدل بتلك النقلة الهائلة على الاقتدار, قال تعالى: ﴿خَلَقَ الإِنْسَانَمِن نّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مّبِينٌ﴾ النحل4, وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنّا خَلَقْنَاهُ مِن نّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مّبِينٌٌ﴾ يس77, وقال تعالى: ﴿قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ. مِنْ أَيّ شَيءٍ خَلَقَهُ. مِن نّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدّرَهُ. ثُمّ السّبِيلَ يَسّرَهُ﴾ عبس17-20, وقال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ. ثُمّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوّىَ. فَجَعَلَ مِنْهُ الزّوْجَيْنِ الذّكَرَ وَالاُنثَىَ. أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَىَ أَن يُحْيِـيَ الْمَوْتَىَ﴾ القيامة36-40, ولو تأملت الحقائق التي كشفها العلم فستدهش من ذلك اليقين الصارم على خلق الإنسان من مكون للمني يماثل أقل وحدة تركيب من الماء؛ نطفة, لأنه يستحيل أن يدرك هذا بشر قبل اكتشاف المجهر بعشرة قرون واكتشاف تلقيح البويضة بحوين منوى واحد منتخب من نخبة من ملايين الحوينات, والتعبير الوصفي "نطفة" يكاد ينطق بالمصطلح الحديث "خلية" وهي أقل وحدة تركيب, وبالمثل يقول العلي القدير: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَمِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُمِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ.إِنّهُ عَلَىَ رَجْعِهِلَقَادِرٌ﴾, وتلك النقلة الأبعد الممتدة في مرأى العين إلى العدم حيث لم يبلغ الإنسان حتى أن يكون مجرد ماءً هي دليل القرآن على بالغ الاقتدار, يقول العلي القدير: ﴿وَيَقُولُ الإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً. أَوَلاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَانُ أَنّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً﴾ مريم66و67, وهو مثل قوله تعالى: ﴿هَلْ أَتَىَ عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مّنَ الدّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مّذْكُوراً. إِنّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ﴾ الإنسان1و2,فقبل أن يصبح إنساناً كان كنطفة من ماء منها كان بَدء خلقه, وقبلها في جيل أسبق لم يكن شيئاً بينما الماء في مرأى العين شيء, ولا يليق مع تلك النقلة الهائلة مما يماثل نطفة ماء إلى إنسان والتي استوعبت قصة خلق إنسان من الجنسين إلا أن يكون ما يسبقها نقلة مماثلة تنقله إلى ما قبل خلقه لتستوعب قصة خلق جيل يسبقه من الجنسين, وحينذاك لم يكن له في مرأى العين وجود يذكر إلا تقديره كذرية لاحقة, وبهذا الامتداد يحكي فعل (يخرج) قصة خلق جيل وجيل يسبقه من جيل أسبق فتتجلى غاية الاقتدار, والعدول إلى المضارع يجعلالمشهد نموذجاًً للبدء والإعادة يشمل كل الأجيال من الجنسين, ولكن مع التوهم بعود ضمير (يخرج) إلى الماء يضعف أداء الغرض, أنت إذاً أمام وصفٍ لتاريخ ضارب في القدم مر فيه الإنسان بمرحلتين أشبه ما يكونا بالولادة, انتهت الأولى به وكذلك الثانية, قال المناوي: "إن للإنسان ولادتين أحدهما الخروج من الصلب والترائب إلى مستودع الأرحام وهو في الرحم في قرار مكين إلى قدر معلوم, وله في سلوكه إلى الكمال منازل وأطوارا من نطفة وعلقة ومضغة وغيرها حتى يخرج من مضيق الرحم إلى فضاء العالم" (52), وقال ابن الجوزي: "قوله تعالى ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمّ صَوّرْنَاكُمْ﴾ الأعراف 11 فيه.. أقوال أحدها.. خلقناكم.. (من بين) أصلاب.. وترائب.., ثم صورناكم عند اجتماع النطف في الأرحام, قاله ابن السائب.., قال ابن قتيبة.. معناه خلقنا أصلكم.. كهيئة الذر" (53).
والعجيب في القرآن أنه لا يتركك نهباً للتصورات أمام الحقيقة الخفية التي يدخرها للعالِمين ويعلنها بتلطف لا يلفت عن الغرض, فترى "مثانية النبأ" التي قد تبلغ حد الإسهاب تحجبك عن الزلل خاصةً إذا كنت من الحقيقة في يقين, وتعبير ﴿ماء دافق﴾ يعني أنه دافق حقيقةً لا مجازاً يعني ذو حركة ذاتية زيادةً على أنه مدفوق كما هو معلوم, ولذا ينطوي التعبير على وصف المني بالحياة, وتتضافر الأوصاف في القرآن على قصر الماء بالذكر وحده تشبيهاً للسائل المنوي المعلوم لدى المخاطبين بالماء, لقوله تعالى: ﴿إِنّا خَلَقْنَاهُم مّمّا يَعْلَمُونَ﴾ المعارج39, وقوله: ﴿أَلَمْ نَخْلُقكّم مّن مّآءٍ مّهِينٍ﴾ المرسلات20, وقوله: ﴿وَاللّهُ خَلَقَ كُلّ دَآبّةٍ مّن مّآءٍ﴾ النور45,وقوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مّا تُمْنُونَ. أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ الواقعة 58و59, وقوله: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مّن مّنِيّ يُمْنَىَ﴾ القيامة36و37, وإذا صدق وصف البشرية على "النطفة الأمشاج" التي تمثل بَدء خلق الإنسان فلا يصدق على "الماء الدافق" الذي يمثل مرحلة أسبق, ولذا يدل حصر ابتداء فعل الخلق بالنطفة على المرحلة قبيل خلق الإنسان وأما الوصف أمشاج فيلزم بضرورة وجود النطفة النظير, وقوله تعالى ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ يبين موضع خروج عضو انتاج الذرية قبل هجرته لمستقره في الجنسين, والخروج من بينهما يجعل الظهور أو الأصلاب موضع نشأة الذرية واجتماع أصولها الخلوية, وهو ما صرح به قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَممِن ظُهُورِهِمْذُرّيّتَهُمْوَأَشْهَدَهُمْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بَلَىَ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هَـَذَا غَافِلِينَ﴾ الأعراف172, وهذا يدفع وهم عود ضمير (يخرج) إلى الماء وينسبه للإنسان, والمفسرون يجعلون أخذ الذرية لأفراد جنس الإنسان بمعنى إخراجهم للدنيا مفطورين على الإيمان, قال القرطبي: "قوله تعالى ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِيَ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ﴾.. (وفي قراءة ذرياتهم)؛ قال قوم معنى الآية أن الله تعالىأخرج من ظهور بني آدم بعضهم من بعض قالوا, ومعنى ﴿وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىَ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ﴾, دلهم بخلقه على توحيده, لأن كل بالغ يعلمضرورة أن له ربا واحدا, ﴿أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ﴾ أي قال, فقام ذلك مقام الإشهاد عليهم والإقرار منهم (أي فطرهم على الإيمان والطاعة), كما قال تعالى في السماوات والأرض: ﴿قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ﴾ فصلت 11" (54), وقال الألوسي: "﴿أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ﴾قيل هو ما نصب لهم من الحجج العقلية والسمعية الآمرة بعبادة الله تعالى الزاجرة عن عبادة غيره عز وجل فكأنه استعارة لإقامة البراهين" (55), وقال ابن الجوزي:"وجماعة أهل العلم.. من أنه استنطق الذر وركب فيهم عقولا وأفهاما عرفوا بها ما عرض عليهم, وقد ذكر بعضهم أن معنى أخذ الذرية إخراجهمإلى الدنيا بعد كونهم نطفا ومعنى إشهادهم على أنفسهم اضطرارهم إلى العلم بأنه خالقهم بما أظهر لهم من الآيات والبراهين ولما عرفوا ذلك ودعاهم كل ما يرون ويشاهدون إلى التصديق كانوا بمنزلة الشاهدين والمشهدين على أنفسهم بصحته, كما قال ﴿شَاهِدِينَ عَلَىَ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾ التوبة 17, يريدهم بمنزلة الشاهدين وإن لم يقولوا نحن كفرة, كما يقول الرجل قد شهدت جوارحي بصدقك أي قد عرفته, ومن هذا الباب قوله ﴿شَهِدَ اللّهُ﴾ آل عمران 18, أي بين وأعلم " (56), وقال الواحدي: "أخرجالله تعالى ذريه آدم بعضهم من ظهور بعض على نحو ما يتوالد الأبناء من الأباء (57), وقال البغوي: "فلا تقوم الساعة حتى تولد كل ذريتهم" (58), وفيالتبيان في تفسير غريبالقرآن: "الذرية أولاد وأولاد الأولاد, قال بعض النحويين ذرية تقديرها فعلية من الذر" (59), قال القرطبي: ذكر بعض أهل اللغة أن الذر أن يضرب الرجل بيده على الأرض فما علق بها من التراب فهو الذر, وكذا قال إبن عباس إذا وضعت يدك على الأرض ورفعتها فكل واحد مما لزق به من التراب ذرة (60), وقال: "قوله تعالى ﴿إِنّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَذَرّةٍ﴾ النساء 40, أي لا يبخسهم ولا ينقصهم من ثواب عملهم وزن ذرة بل يجازيهم بها ويثيبهم عليها, والمراد من الكلام أن الله تعالى لا يظلم قليلا ولا كثيرا, كما قال تعالى ﴿إِنّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النّاسَ شَيْئاً﴾ يونس 44, والذرة النملة الحمراء عن ابن عباس وغيره وهي أصغر النمل, وعنه أيضا رأس النملة, وقال يزيد بن هارون زعموا أن الذرة ليس لها وزن.., قلت والقرآن والسنة يدلان على أن للذرة وزنا.., وقيل الذرة الخردلة, كما قال تعالى ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌشَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبّةٍ مّنْ خَرْدَلٍأَتَيْنَا بِهَاوَكَفَىَ بِنَا حَاسِبِينَ﴾ الأنبياء 47, وقيل غير هذا, وهي في الجملة عبارة عن أقل الأشياء وأصغرها" (61), وقال ابن الجوزي: "قولهتعالى ﴿وَآيَةٌ لّهُمْ أَنّا حَمَلْنَا ذُرّيّتَهُمْفِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. وَخَلَقْنَا لَهُمْ مّن مّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾ يس 41و42, قال المفسرون أراد في سفينة نوح فنسب الذرية (وفي قراءة ذرياتهم) إلى المخاطبين لأنهم من جنسهم, كأنه قال ذرية الناس, وقال الفراء أي ذرية من هو منهم فجعلها ذرية لهم وقد سبقتهم, وقال غيره هو حمل الأنبياء في أصلاب الآباء حين ركبوا السفينة (62), وفي قوله تعالى: ﴿وَحَلَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَلابِكُمْ﴾ النساء 23؛ قال ابن كثير: "أي وحرمت عليكم زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم، يحترز بذلك عن الأدعياء الذين كانوا يتبنونهم في الجاهلية" (63), وقال الأصفهاني: "تَنْبيهٌ أنّ الوَلدَ جُزْءٌ مِنَ الأب" (64), قال تعالى: ﴿ذُرّيّةًبَعْضُهَا مِن بَعْضٍ﴾ آل عمران34, وقال تعالى: ﴿بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ﴾ آل عمران195, قال ابن الجوزي: "أخرج بعضهم من ظهور بعض" (65), وفي تفسير الجلالين: "نسلا بعد نسل" (66), والاستدلال إذاً على بعث الإنسان بأصل خلقه وامتداد تقديره إلى جيل أسبق من الجنسين حين خلقه في القرآن كثير, قال القرطبي: "الإنسان اسم للجنس" (67), وقال أيضاًمساوياً في الدلالة بين تعبيرين: "قال تعالى ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ وقال ﴿وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنْفُسِكُمْأَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَزْوَاجِكُمبَنِينَ وَحَفَدَةً﴾ النحل 72" (68), وتعبير ﴿مّنْ أَزْوَاجِكُم﴾ يدل على عناصر وراثية تنشأ منها الذرية وتمتد لتشمل الأحفاد يصدق على كلٍّ من الجنسين؛ الذكر والأنثى, وقال الثعالبي: "قوله تعالى ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ. خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ. يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ﴾ توقيفلمنكري البعث على أصل الخلقة.. قال الحسن وغيره معناه من بين صلب كل واحد من الرجل والمرأة وترائبه" (69), وقال الألوسي: "روي عن قتادة أيضا أن المعنى يخرج من بين صلب كل واحد من الرجل والمرأة وترائبكل منهما" (70), فالقرآن إذن يحدد موضع اجتماع أصول تكوين عضو إنتاج الذرية من الجنسين بالظهور أو الأصلاب ويكشف موضع انفصاله وتميزه على طريق هجرته.
وقد يعبر القرآن عن المني ضمناً كما في قوله تعالى: ﴿قُتِلَ الإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ. مِنْ أَيّ شَيءٍخَلَقَهُ﴾ عبس17و18, وقوله: ﴿إِنّا خَلَقْنَاهُممّمّا يَعْلَمُونَ﴾ المعارج 39, وقوله: ﴿فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ﴾, أو يصرح به بلفظ (مني) كما في قوله: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مّا تُمْنُونَ. أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الْخَالِقُونَ﴾ الواقعة 58و59, أو يصف تكوينه الفاعل حتى يصبح مشيجاً تشبيهاً بالقطيرة الضئيلة من الماء بلفظ (نطفة) كما في قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُأَن يُتْرَكَ سُدًى. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةًمّن مّنِيّ يُمْنَىَ. ثُمّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَفَسَوّىَالقيامة36-38, وقوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُأَنّا خَلَقْنَاهُمِن نّطْفَةٍفَإِذَا هُوَ خَصِيمٌمّبِينٌ﴾ يس 77, وقوله: ﴿خَلَقَ الإِنْسَانَمِن نّطْفَةٍفَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مّبِينٌ﴾ النحل4, وقوله: ﴿إِنّا خَلَقْنَاالإِنسَانَمِن نّطْفَةٍ أَمْشَاجًٍ﴾ الإنسان2, أو يصفه تشبيها بلفظ (ماء), كما في قوله: ﴿أَلَمْ نَخْلُقكّممّن مّآءٍمّهِينٍ. فَجَعَلْنَاهُفِي قَرَارٍ مّكِينٍ﴾ المرسلات20و21, ومثله قوله تعالى:﴿وَاللّهُ خَلَقَكُلّ دَآبّةٍمّن مّآءٍ﴾ النور45,وكما ترى يعبر القرآن بلا استثناء عن ابتداء خلق الفرد من السائل المنوي لحين تكون النطفة الأمشاج بفعل (الخلق) وما بعده بفعل (الجعل), وبالمثل يصف ابتداء الحياة من الطين بفعل (الخلق) ويعبر عما بعده كذلك بفعل (الجعل), كما في قوله تعالى: ﴿الّذِيَ أَحْسَنَ كُلّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَالإِنْسَانِمِن طِينٍ. ثُمّ جَعَلَنَسْلَهُمِن سُلاَلَةٍ مّن مّآءٍ مّهِينٍ﴾ السجدة7و8,وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَمِن سُلاَلَةٍ مّن طِينٍ. ثُمّ جَعَلْنَاهُنُطْفَةًفِي قَرَارٍ مّكِينٍ﴾ المؤمنون12و13, وهكذا لم يرد في القرآنفعل (الإخراج) متعلقاً بالسائل المنوي, وإنما ورد التعبير عن مرحلة المني في تاريخ نشأة الإنسان إما بفعل (الخلق) أو فعل (الجعل),بينمافاض التعبير بفعل (الإخراج) متعلقاً بالإنسان للدلالة على معانٍ منها الإنبات تمثيلاً بالنبات والانتقال والإحياء والبعث والولادة.


يتبـــــــــــــــع
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 78 ( الأعضاء 0 والزوار 78)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 291.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 285.62 كيلو بايت... تم توفير 5.87 كيلو بايت...بمعدل (2.01%)]