الخامل والعمة سارة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28440 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60061 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 842 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-01-2021, 11:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي الخامل والعمة سارة

الخامل والعمة سارة

















محمد صادق عبدالعال




فأمَّا الخامل، فهو صديقي الذي لا غِنى لي عنه، برغم أني قد تبرأتُ منه مرَّات ومرات، وما زال الأمرُ يراودني كثيرًا في البعد عنه، وما استطعت لذلك سبيلاً.







وإنه كان كلَّما ذكرتُ أمامَه بعض الحكايات من قصَّة (العمة سارة) أجده شغوفًا ومتمنيًا لو تكون له عمة كالعمة (سارة) بل صرَّح لي ذات مرة:



أنا لا أغبطك وفقط على عمَّةٍ كتلك، ولكني أحسدك عليها، فيومها تبرأتُ منه ولم أصلْه، ولم أبتغ وداده.







والعمَّة (سارة) - التي يحسدني عليها صديقي الخامل غير النبيه - لم أدر عنها شيئًا إلا بعد موت جدِّي بأربعين يومًا؛ ما زلت أذكر يومها، كنا صغارًا في عمر الزهر؛ وصلَت بسيارتها السَّوداء الفارهة أمام دارنا، ولم تكن هي من تقودها؛ بل كان لها سائقٌ ذو هندام، يسرع ويفتح لها الباب متى أرادَت النزول، والكثير من صبيان القرية ممَّن لم تُحَلِّق بهم أحلامُهم لرؤية مثل تلك الوسيلة والتقنية والنعمة قد أقبلوا إليها يزفُّون؛ وكنتُ ممَّن أخذهم الزهوُ والدهشة؛ فلَوْنُ السيارة الفارهةِ الأسود كان جذَّابًا، وكنتُ ممن نظروا لوجوهِهم فيها، فصارَت كمرآةٍ تُظهِر وجوهنا لأول مرة سوداء!







نعم، لأوَّل مرة سوداء غير مظهرة الصفاء الصبياني ونضرة الغلمان!







ويوم أن ذكرتُ عند صديقي الخامل تلك القَالة، ووصفت له هذه الحالة؛ تبسَّم ساخرًا مني: بل أنتم - يا صديقي - وجوه لا تعرف مسالكَ النعمة ولا مفاتح الخيرات!







فنبذتُه فترةً، ثم وجدتُني أبحث عنه بعد حين من انقطاع، فلما تحسَّست مكانَه وجدتني عنده أُكمل له باقي القصَّة، ويومها تعاهدنا على ألاَّ نفترق ولا ترسلنا الطُّرق إلى منعطفات الخلاف.







فوافق وتعهد وسُرَّ يومها سرورًا.







فتربعتُ أحتسي معه فنجان الشاي الساخن في برد أمشير؛ فمما قلتُ له:



والعمة (سارة) يا صديقي، لم أعهدها مرَّة تجلس معنا على حصيرةٍ واحدة نقتسم معها الطعام!



صديقي الخامل: لَم تأكل معكم ولا مرَّة؟!







نعم يا صديقي ولا مرة، وإنه كلما جاء وقت الغداء أو العشاء اتخذَت من أريكةٍ عالية مُتَّكأً لها وآتت كلَّ واحدٍ منَّا مِلعقةً مِن صُنع بلاد العجم، وقالت:



كلوا يا أعزائي، فأراها ترمقنا بعينيها واحدًا تِلو الآخر؛ فتبصر الملهوفَ على الطعام، والقنوعَ بقليله، والزاهد فيه.



قاطعني صديقي الخامل: إيَّاك أن تكون في فريق الزاهدين؟



ولمَ لا أكون منهم؟! فأنا لا أحب من ينظر لي بتركيز وأنا أتناول الطعامَ.



ألم أقل: إنَّك لستَ ممن يعرفون للراحة ولا للنعمة طرقًا أو مسالك؟!







نهرتُه يومها وقطعتُ بسكين الهجر حبالَ الوصال قبل أن تجفَّ وتقوى، وانصرفتُ عنه حينًا من الدهر، لا أكلِّمه ولا أمرُّ عليه، وكنتُ أقول لنفسي - أقنعها بالتبرؤ منه -:



كيف يراني صاحبي هذا؟! أيظنُّ أني حينما أحتسي معه فنجان الشاي أو أقاسمه طعامًا أني ممَّن لا يجدون قوتَ يومهم؛ بل نحن مَن كنَّا وكنا؛ فطعامنا مقسومٌ لغيرنا حبًّا وكرامة، وماؤنا مَشفوهٌ لكلِّ وارد.







وما أن مرَّت الأيام، وتعاقب الجديدان؛ حتى أحسَست بلهفة على لقائه، فلربما أنساني التعاقبُ سذاجةَ حديثه وزلاَّت لسانه؛ فبحثتُ عنه فوجدتني عنده، ولما تصافينا واحتسينا الشاي معًا، بادرَني بخفَّة الظلِّ والحذر بالحديث عن المذكورة والمكناة بالعمةِ (سارة) وأحوالها معنا، فقلت في نفسي:



عليَّ أن أبيِّن له بعضًا من تصرفاتها، فلربَّما التمس العذرَ واستفاق من غيبوبة التواكل والمَسكنة.







كانت العمة (سارة) تلك يا صديقي تغيبُ بالشهور والسنين، ثم تعود إلينا وبنفس السيارة التي اعتدنا على الالتفافِ حولها، والهرولةِ من خلفها، وهي تلفظُ زفيرَ دخانها الأسود وهو يتصاعد؛ يظنُّ الجاهل أنه سواد السُّحب استبشارًا بالمطر، لكن سرعان ما يذهب ظنُّه ظن الظمآن من ظاهرة السراب.







كانت تُخرج من كيسها القديم بعضَ حبَّات من قطع الحلوى، تعطيها إيانا فيأكل إخوتي وبنو عمومتي، وينظرون ليدها بانكسارٍ في انتظار المزيد، بينما كنتُ أردُّها عليها وأتحجَّج بأن: أسناني تؤلمني من علك الحلوى ومضغها؛ فكانت تغضبُ غير مظهرة غضبها؛ فتعمد إلى أذني فتقرصها قرصةً شديدة؛ أصرخ منها وأستغيث بأمي، فتنظر لي نظرة إشفاقٍ تواريها بابتسامة غير صافية يشوبها الحذر؛ لم أفهم مغزاها إلا بعدما كبرتُ، وتفتحَت آفاقُ الفكر عندي، فبتُّ لا أحكمُ على الأشياء من الظواهر، وكان أبي هو الآخر يدَّعى أنه لم يرني وأنا أبكي أو يسمع صراخي وقتها فيَعمد إلى العباءة السوداء التي يلتحفها، فيواري بها وجهَه غير مكترثٍ لبكائي.







وحدث ما يحدث كل مرة ووصفني صديقي الخامل بِكَارِه النعمة وجلاَّب الغمِّ والهمِّ بلا سببٍ، فأُسرع لسكِّين الهجر فأَقطع حبالَ الوصل؛ فحدثَت مفاجأة بعد حين من الدهر جعلتني مجبرًا على القدوم إليه ومصالحته لأقصُص عليه:



لقد جاء لوالدي استدعاءٌ من الجيش، تلبية للتعبئةِ العامة لمحارَبة العدوِّ المحتلِّ هناك، فانصاعَ أبي غير خانعٍ ولا كارِه، وعهِد إلى أمي ربَّة الدَّار أن ترعَى شؤونَنا حتى يعود، فالتحفَت عباءَتها وضربت بخمارها على جيبها، ثم نزلَت لشرِّ البُقع تقضي لنا الحاجيات والضروريات التي لا غِنى لكلِّ دار في القرية عنها.







أخذَت الدهشةُ صديقي، وقال لي: إياك أن تقول: إن العمَّة (سارة) لم تزُرْكم في تلك الفترة، ولم تدرِ بذلك الطائف الذي حَلَّ بكم؟!







لا يا صديقي العزيز، لقد جاءَت من فورها، كأنها كانت على علمٍ بما سيحدث!



قال صديقي الخامل: أنعِم بها وأَكرِم مِن عمَّة، تأتي في الملمَّة!







قلت له: تريث، اسمعني فلقد مللتُ الهجر ومراسيم الوصال معك، فانصاعَ صامتًا ينصتُ:



لقد رأيتُها بوجهٍ غير الذي كانت تأتي به؛ عابس ربما جادّ لدرجة الصرامة، فكان إخوتي - صبيانهم وبناتهم - ينزوي بعضُهم إلى بعض خوفًا منها، ولم يكن في كيسها الحلوى ككلِّ مرَّة غير أنَّ دخانَ سيارتها قد أصبحَ أكثر سودًا عن ذي قبل.








تعجَّب صديقي الخامل:



وما علاقة دخان سيارتها بزيارتكم يا صديقي، أنت من يتحجَّج لتلك السيِّدة الفضلى، حتى يظهرها في ثوب (الديكتاتور) المتسلِّط بنعمِه وخيراته.







برغم حدَّة الكلمة من صديقي لم أتبرَّم، فاشتياقي للقصِّ معه أَفضى للتصافي ومحبة الإسرار إليه، فقلتُ غير معقب:



يوم أن جاءَت وأبي هناك، وأمِّي خارج الدار تقومُ مقام الوالد، عرجَتْ إلى سطح الدار مدَّعية أنها تحب الخروجَ للهواء الطَّلق المنعش، فقلنا: على الرحب.







فكنتُ أراقبها عن بُعدٍ، فوجدتها تحصي دجاجات البيت وكل الطيور بأنواعها حتى الراقدات على بيضٍ يبشِّر بزَغَب القَطَا، كانت ترفع البيضةَ عند أذنها، ترجُّها؛ لتُميِّز الفاسدَ من المرتجى خروجه.







صديقي الخامل: لا أرى في ذلك مِن شيء يستدعي القلقَ أو الضجر!







وإن قلت لك: إنها هبطت من على السطح، ودلفت لحجرة تخزين القمح والأرز تحصيه وتدَّعي أنه يجب أن تَلِج الشمسُ تلك الغرفة؛ حتى لا تقتل الرطوبةُ أصنافَ الغلال!



صديقي الخامل: لا أرى في كلامك أيَّ شيءٍ يبعثُ على القلق أو التحامل على تلك العَطوف الوَدود، أنت من تحتاج إلى مصحَّة نفسيَّة لما ألمَّ بك من وساوس وهلاوس.







كان تصريح صديقي مدعاة إلى انتفاضةٍ منِّي غير مسبوقة؛ فلقد أقسمتُ ألاَّ أصله بعد الساعة، ثم انصرفتُ ودخلتُ الدارَ، وواجهتُ أمِّي بعدما شبَّ عودي واستحالت خضرة الشارب إلى سواد:



أمي، إنَّ العمَّة (سارة) تلك فعلَت كذا وكذا منذ أن رحَل أبي وتغيبتِ أنتِ بالسوق.







عنَّفَتني أمي: يا بني، أنت الوحيد من بين إخوتك ممَّن يعاملون (العمةَ سارة) بطريقة فظَّة غير مستحبَّة ولا مقبولة.







هل تستطيعين يا أمي العزيزة أن تقولي لي ما قرابتها لنا؛ فلقد بحثتُ في شجرة العائلة، فلم أجد لها فرعًا تنحدر منه إلينا، ولا غصنًا تنتهي به لنا؟!



الأمُّ - باضطراب ومراوغة -: هي تنحدر من بعيد لجدِّك الأكبر.



قلت: لا أظنُّ أن تلك القرابة البعيدة المشكوك في صحتها تعطيها الحقَّ في التدخُّل السَّافر في شؤوننا وشؤون إخوتي وبني عمومتي.







سكتَت أمي ولم تعقِّب، بينما انتفض أحدُ إخوتي، وقال لي:



بدلاً من أن تعنِّف أمَّنا، فاعرج إلى غرفة الغلال وانظر فيها، تجد ما يردُّ عليك ضالَّة فكرك، ومنتهى أمرك المشتَّت.



فعرجتُ للحجرة ونظرتُ من حولي، ثم دعتني مقلتي بفضول الاطِّلاع للنظر على أجولة القمح والأرز، أبصرتُ خطوطًا بألوان متنوعة على أجولة كثيرة وعبارات: (عمتكم سارة).







فاستيقنتُ بعدما فهمتُ وعلمت، فما رجعتُ لأمي ولا إخوتي؛ وإنما أسرعت لصديقي الخامل القاطن هناك أعلمه باقي المجريات، فتحسَّستُ عنه فلم أجده، فسألتُ عليه؛ فقالوا:



يا ليت لنا مثلما أصبح لصديقِك، فبارك له نيابة عنا، وذكِّره إذا رأيتَه بِنا؛ فلقَد عثر في سجلِّ العائلة على قريبٍ له مِن هناك غنيٍّ ثري، سينقله من حالٍ إلى حال، قلت في نفسي:



لمثل هذا فَلْينهض الخاملون؛ انحدرتُ من عنده هائمًا على وجهي:



هل عثر على ما تمنَّى؟! هل كان حقًّا يحسدني؟! هل... هل...، هوَت بي أقدامي فسقطتُ جريحًا، فأسرع الناس من حولي يسعفونني؛ فجلستُ مستسلمًا لما يفعلون من شدَّة الألم، وأمسكتُ بزجاجة المطهِّر فإذا المفاجأة على زجاجة المطهر كانت صورتها، فأنستني الدهشةُ حدَّة الألمِ الشديد.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.32 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (2.64%)]