|
|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
التأمل بين التفكر والتدبر
التأمل بين التفكر والتدبر عبد الله جحيش ما زالت رحلتنا – أحبتي – مستمرة تخب عباب العلم عبر مركب التأمل يحدونا الأمل لبلوغ جزيرة الإيمان – جزيرة السعادة الأبدية والنعيم الخالد – بعد أن كنت وإياكم في ضيافة عالم جليل وشيخ رباني سقانا من رحيق علمه الغزير شربة لا تنسى، لا زالت كلماته ترن في أذني وأحسب أنها قد أثرت فيكم بالغ التأثير. حدثنا بأجمل عبارة وأصدق كلمة وأفاض علينا من بحر جوده ونفيس ذخائره أحلى الدرر ومليح العبر . أعظم طبيب للقلوب في زمانه، فجزاك الله أمامنا وعالمنا – ابن القيم – عنا وعن أمتنا التي لا زالت تستضيء بنور علمك الزخار أحقاباً تلو أحقاب وأجيالاً بعد أجيال. لعل بعضكم قد تستثيره بعض التساؤلات فيقول : قد عرفنا معنى التأمل وعرفنا العلامة ابن القيم – رحمه الله – على جوانب مختلفة من التدبر في كتاب الله – عز وجل – لكن ما الفرق بين التأمل والتفكر والتدبر الذين ذكرهما الله في كتابه ؟ هل هي كلمات مترادفة أم أن لكل كلمة معنا يخصها وغاية تتفرد بها . وللإجابة على هذا التساؤل الدقيق يجد بي أن أعلمكم أننا سنجنح إلى محيط لغتنا الحبيبة أولاً لنتعرف على الفروق بين هذه الألفاظ قبل أن ندرك معانيها . فأما التأمل فهو في أصل اللغة من مادة ( أ م ل ) التي تدل على التثبت والانتظار. وأما التفكر فمأخوذ من مادة (ف ك ر) التي تدل على تردد القلب في الشيء وأما التدبر فمأخوذ من مادة ( د ب ر ) التي يقصد بها النظر في عواقب الأمور . ومن الناحية الاصطلاحية نجد أن التفكر هو: جولان الفكرة وهي القوة المطرقة للعلم كما قال الراغب.[1] ولا يمكن أن يحصل هذا إلا بما يكون له صورة في القلب. قلت: ما يقصده الراغب هنا أن التفكر لا يكون إلا عن صورة متخلية قبل ذلك في القلب يدور حولها التفكر . ولذا روي ( تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله).[2] وقريباً من هذا عرفه الجرجاني فقال :تصرف القلب في معاني الأشياء لدرك المطلوب.[3] فلا يشترط في التفكر إدامة النظر، ولا أن يتجاوز الحاضر إلى ما يؤول إليه الشيء مستقبلاً، أما التأمل فقد روعي فيه إدامة النظر والتثبت إذ جاء في تعريفه: تدقيق النظر في الكائنات بغرض الاتعاظ والتذكر أي: أنه قد روعي إدامة الفكر واستمراريته؛ ومن ثم لا تكون النظر الواحدة تأملاً. وإذا انتقلنا إلى التدبر نجد أن معناه: النظر في عواقب الأمور وما تصير إليه الأشياء. أي أنه يتجاوز الحاضر إلى المستقبل لأن التدبر يعني التفكر في دبر الأمور ومن ثم عرفه الجرجاني بأنه عبارة عن النظر في عواقب الأمور . وكل من التدبر والتفكر من عمل القلب وحده إلا أن التفكر تصرف القلب بالنظر في الدليل والتدبر تصرفه بالنظر في العواقب وكلاهما لا يشترط فيه الديمومة والاستمرار بخلاف التأمل. وهناك فرق جوهري آخر بين التأمل وكل من التفكر والتدبر وهو أن التأمل قد يحدث بالبصر وحده أو بالبصر يعقبه التفكر أما التفكر والتدبر فالبصيرة وحدها إذ هما من أعمال القلب. والخلاصة أن التأمل قد يكون بالبصر مع استمرار وتأن يؤدي إلى استخلاص العبرة وأن التفكر جولان الفكر في الأمر الذي تكون له صورة عقلية عن طريق الدليل أما التدبر فهو يعني العقلي إلى عواقب الأمور . وهذه الثلاثة معاني وإن كانت متقاربة إلا أنها ليست واحدة وإذا ذكر بعض أهل العلم أنها مترادفة فإنما يقصد فقط الترادف الجزئي . لقد أطنبنا في بيان الفروق بين هذه الثلاثة المعاني لأن إدراك الفروق بين المتشابهات يعطي تصوراً أكثر دقة وقد قيل : إدراك الشيء فرع عن تصوره . ولعلكم أدركتم أن موضوعنا اليوم كان دقيقاً بعض الشيء وبهذا القدر نكتفي في رحلة اليوم وفي المرحلة القادمة سنكون بإذن الله تعالى في رحلة ماتعة رحبة الأفاق لنتأمل معاً آيات التأمل في القرآن الكريم لذا سأترككم لتستعدوا للرحلة القادمة . [1] المفردات للراغب (374). [2] رواه الطبراني في " الأوسط " ( 6456 ) و اللالكائي في " السنة " ( 1 / 119 / 1 - 2 ) و البيهقي في الشعب ( 1 / 75 ) وحسنه الألباني بمجموع طرقه في السلسلة (4/395 رقم 1788). [3] التعريفات (66).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |