فصل لتعليم الإلحاد - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3943 - عددالزوار : 386387 )           »          عرش الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أسلحة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16174 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3121 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 101 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-02-2020, 03:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي فصل لتعليم الإلحاد

فصل لتعليم الإلحاد


هشام البوزيدي





أحس أبو الإلحاد بالحنق الشديد على زملائه إذ هجروه وتركوه في العراء الإلكتروني عرضة لشبهات المسلمين. مضوا وخلفوه في الفضاء الرقمي المكشوف بلا سلاح، حرموه صحبتهم فخبا دخان الإلحاد من عقله رويدا رويدا، إنه وحيد شريد أعزل، تتنازعه الأخطار الفكرية في فضاء معولم، لقد أصبح يخشي على نفسه الفتنة.

استلقى على فراشه، شعر بضيق في صدره، حدق في السقف طويلا، أغلق عينيه لينام فأبت جفونه أن تنطبق، لقد انضم النوم إلى قافلة الذين هجروه فإن أرقه يوشك أن يصير مزمنا، ويبدو أن جسمه طور مناعة ضد الحبوب المهدئة.

أطفأ السراج وشرد بعيدا، بدا كأنه يسترد شريط أيامه، أحس أنه عاد طفلا، تذكر الصبا وعاودته ذكريات أيام المدرسة، غاص في ذلك الزمان البعيد، حاول أن يستعيد ذكرياته في ضوء إلحاده، تذكر المقاعد الخشبية، والسبورات السوداء، وسترات المدرسين البيضاء، تذكر آثار الحبر الأزرق على أنامله وتذكر أقلام الرصاص، أحس برائحة تلك السنوات الوديعة، تخيلها سنوات بيضاء، بلون الطباشير، تذكر الفصول المتعاقبة والمواد المختلفة.


تذكر مادة الجغرافيا حتى خيل إليه أنه يسبح في أنهار الصين ويتسلق جبال الهيملايا ويتجول في غابات الأمازون، تصور أنه ينظر إلى قطعان الغنم في الأرجنتين ويتسلى بمشاهدة أسراب البطريق في القطب الشمالي، تخيل ذلك كله وتمنى لو يعود كما كان بريئا سعيدا، يركض في دروب الحياة بعقل طفل ويقفز في خفة كنغر أسترالي.

تنهد كأنه يتحسر على صفاء تلك الأيام الخالية وتساءل: "أين يقع إلحاده من هذا كله؟" ماذا لو قيل له:
"صف لنا الموقع الجغرافي لإلحادك يا أبا الإلحاد؟" فتح عينيه وهمهم:
"لا بد أن هذا المذهب العقلاني المتنور يقع في واد سحيق بين المجازفة والتهور، أو في أخدود غائر بين الشكوك والظنون، وربما أفضى بمنتحله -إن أخفق في بلوغ بر الأمان- إلى ما يشبه ما ظنه القدماء حافة العالم. إن الإلحاد جزيرة مغرية فاتنة تسبح فوق مستنقع من الظنون والهواجس والشكوك، إنها مكان فظيع يحده اليأس شمالا والقنوط جنوبا والحيرة شرقا والاضطراب غربا. لاشك عندي في دقة هذه الإحداثيات، فزعماء الإلحاد وقسسه يحطون رحالهم إما في مستشفيات المجانين أو يركبون مراكب اليأس فيقضون منتحرين، لكنهم في كل الأحوال لا يبرحون الجزيرة الملعونة. يبدو أن الملحد يطلّق الأمل في ذات الساعة التي ينسلخ فيها عن مطلق الإيمان."

تذكر كيف كتب (إسماعيل أدهم) : "لماذا أنا ملحد؟" نشر إعلانه الجريء في الأربعينات من القرن الماضي يتبجح (بيقينه الإلحادي)، ويفاخر بطمأنينة نفسه وسكينتها، وينادي: "إني وجدت السعادة الروحية التي يدعيها المؤمنون لأنفسهم، إنها هنا، في مذهب الإلحاد." امتعض أبو الإلحاد من هذا النفاق البين: "ياله من مخاتل كذاب، فلم انتحر إذن ولما يجاوز الثلاثين؟" إنه يعلم هذا كله الآن ويخشى أن يبوح بشيء منه لأحد، إنه يصارح نفسه لأنه يفكر بعقل طفل، إنها لحظات صفاء نادرة يستسرل فيها أبو الإلحاد مع شكوكه، إن نفسه تكاد تصرخ بما لا تكاد تهمس به عادة، إنه يدفع إلى ذلك دفعا، فقد هجره الأقران، وقلاه الخلان، ونبذوه كالحذاء البالي، وأوصدوا في وجهه أبواب منتديات (الجرب والجذام)، فماذا يصنع إن لم يطلق لافكاره العنان؟

لا شك أنهم يريدونه أن يجن أو ينتحر. يجب أن يجتاز هذه المحنة بسلام، إنه يحب الحياة، فكيف ينتحر؟ إن الحرب الأهلية تكاد تندلع في رأسه من فرط الحيرة والاضطراب، ويكاد يحس بالأعاصير الإستوائية المدمرة تعصف بين مخه مخيخه. يجب عليه أن يجد لنفسه حلا. لقد أصبح بالفعل على حافة الإفلاس الفكري، ودخل فيما يشبه الركود الكبير، هل هو مقبل على الجنون؟ غطى وجهه بالوسادة كأنه يهرب من هذا الهاجس المرعب، إن زلزالا عنيفا بدأ يهز أرجاء نفسه بقوة لا يكفي لقياسها سلم ريشتر. استمسك بسريره واجتهد أن يحافظ على البقية الباقية من يقينه الإلحادي وأفكاره التنويرية.

تذكر مادة التاريخ، تذكر الإنسان القديم، إنسان الكهوف الذي روض الوحوش، تذكر الحضارات البائدة، والممالك العظيمة، والمدن العامرة، تذكر بابل وسومر، تذكر الحثيين والفراعنة، تذكر الإسكندر وجينكيز خان، وتساءل: "لماذا لم يخل زمان من دين؟ ولماذا لم تخل مدينة من معبد؟ لماذا لا ينفك مجتمع بشري عن إيمان؟ من أين جاءت كل هذه الأديان؟ أحس بجحافل جيش الشك تزحف على رأسه؟ وأحس بهواجس الظنون تراود عقله، وخشي إن استسلم أن يستولي الإيمان على زمام نفسه، فتقلب في فراشه يدافع شكوكه، ويتخيل فصولا أخرى لعلها تزكي كفره وترسخ إلحاده.

تذكر مادة الأحياء وندم أنه لم يدرس التطور في صباه، فهو على كثرة ما سمع وقرأ عن التطور، ما يزال يشعر أنه لغز كبير محير؟ تخيل زملائه الافتراضيين في صورة فايروسات إلكترونية متطورة تحمل الأفكار الإلحادية وتترقب الفرصة المواتية لإخراجها من حيز القوة إلى حيز الفعل، ومن العالم الافتراضي إلى العالم الأرضي. تذكر كيف يتسترون في مكر بإلحادهم ولا يبوحون به إلا في منتديات (الجرب والجذام) التي ينزلقون إليها ليلا مثل فئران المختبر البيضاء، تخيلهم في صورة مرض المناعة المكتسبة، يبثون الشكوك في النفوس المطمئنة حتى تغدو متحيرة متذبذبة، مالهم وللعوام، فليتركوا للبسطاء أحلامهم الوردية وقناعاتهم الموروثة، فليكن إيمانهم وهما، أليس خيرا من حاله وهو مشرف على الجنون؟

تخيل منتديات الزملاء كأنها مزرعة حيوانات مثل مزرعة جورج أورويل، تقودها الخنازير والكلاب، وهذا ليس قدحا في الكلاب والخنازير أبدا، إذ لا يفصل هذه الخنانيص الذكية وتلك الجراء الوفية، عن الزملاء الذين يرتدون الثياب، إلا بضعة كروموزومات وبضع درجات في سلم التطور. لقد نسفت الداروينية أوهام الكرامة البشرية الأصيلة ووضعت حدا لاستعلاء فرد واحد من الأسرة الحيوانية على أقرانه، "ما دام الجميع يرجع إلى سلف مشترك، ففيم الفخر بالأحساب والتعالي بالأنساب؟"

تصور كثيرا من الملاحدة الافتراضيين يتلونون تلون الحرباء وينقنقون نقيق الضفادع ويبثون أفكارهم التنورية في مكر ودهاء ولا يكاد يسمع لهم إلا فحيح، تخيل شعر القرود يتساقط وظهورها تستقيم وذيولها تندثر شيئا فشيئا لتلتحق بركب الإنسانية، تخيل الزرافة تمد رقبتها في طموح، فهي لا تقنع بالثمار الدانية، بل تشرئب إلى العلياء حتى صار عنقها بهذا الطول العجيب. يحيا التطور.

تخيل مدرس الكيمياء في سترته البيضاء يقول: "يستخرج (زيت التنوير) بعد عملية شاقة ومعقدة، من مسام المجتمعات الخرافية، ومن خلايا الثقافات الرجعية، ويستخلص بوسائل علمية دقيقة وبآليات منهجية حديثة، ويتم تقطيره من مستنقع الشك ومن حمأة الحيرة، ويحمى عليه في أتون التحرر ويرش بمحلول الإنفتاح ويحفظ في جو العقلانية حتى يتخمر ويصير كالقار الخالص، حينها يسقى به المتنورون شربة هنيئة لا يظمؤون بعدها إلى الإيمان أبدا.

تذكر فصل العربية، والمعلقات والمقامات، وتذكر الشواهد القرآنية، امتعض من المدرس الذي كان يرى أن الإسلام مبتدأ وخبر، وأنه فاعل مرفوع لا حد لرفعته وعلامة رفعه ضمه لأجناس أهل الأرض تحت رايته، فلا يختص به جنس دون آخر، ولا أرض دون أخرى. استغرب من اجتياح هذا الدين للشمال المتنور، عجبا كيف يكون منهج من (الماضي) فاعلا في (المضارع)، بل كيف يريد أصحابه أن يملكوا (المستقبل)؟ وكيف لهم أن يخاطبونا بصيغة (الأمر)؟، لا شك أن هذا الإسلام دين (الجمع)، يصر أن يجمع كل شيء تحت ظلهالمفردة) و(الجملة) و (الضمير) الظاهر والمقدر والمستتر. إن الخصوم يتصورون أن يجتاحوا أعاصير عصور ما بعد الحداثة، وعواصفها الهوجاء التي تسلط عليهم بسلام، لكن هيهات، نحن في زمان ما بعد الحداثة. إن هؤلاء القوم لا يرون حقائق دينهم إلا مصدرة (بحروف التحقيق)، ولا يراها (المتنورون) إلا في جوار (حروف الشك والمقاربة). إن حزب التنوير يحب السلام والتسامح و الإسلام أقام بنيانه على (الفتح). تأمل في فكرته قليلا وتساءل: لكن أي فتح هذا الذي بلغ المشرق والمغرب، لا بد لي أن أقر أنه فتح للعقول التي لم تتسلح بمنهج الشك التنويري، نعم، قد فتح الخصوم العقول، وأخفقنا في ذلك".

لكن أين موقع الإلحاد من العربية؟ لا شك أنه ما زال (مجرورا) منذ وجد، يعيش في (الضمير المستتر)، كأنه (فعل مبني للمجهول)، وأحسن أحواله أن يكون (مفعولا به). وربما أتاح له الزمان فلتات فيتسلم منصب (نائب الفاعل) على حين غرة من (الفاعل) الحقيقي. الإلحاد لا يحيا –للأسف- إلا مصدرا (بحروف النفي)، إذا كان الإلحاد استفهاما، فإنه (استفهام استنكاري) لا ريب في ذلك، إنه فكر لا يرجى له (مستقبل) إلا في أحضان (لعل) و(عسى). الإلحاد (جملة اعتراضية) و(خبر محذوف). يبدو أن هذا المذهب المظلوم قد ابتلي بكل (حروف العلة). الإلحاد في ديار الإسلام كلمة لا محل لها من الإعراب. الإلحاد دين المفرد أوالمثنى على أحسن تقدير، تنتحله شرذمة هنا وأخرى هناك، تجمع (جمع قلة)، و تضاف إليها كل الأوصاف المقصورة والأفعال الناقصة. إن العربية بيئة لغوية معادية للإلحاد، لهذا يسعى كثير من الزملاء إلى كسر كبرياء هذه اللغة المؤمنة بالحط من قدرها وبتقديم اللغات الأجنبية و اللهجات العامية عليها، فلا عجب أن صارت الأمازيغية عندهم آخر صيحة، لكنه سمع من مصادر موثوقة أنه لا ينصح أبدا بالجهر بالأفكار الإلحادية في بيئة أمازيغية أصيلة، فإن الأمازيغ مسلمون شديدو التأثر بالموروث الديني، وربما تنقلت إليهم جينات (بن آجروم) عبر القرون. تخيل أبو الإلحاد ذلك كله وتساءل في قرارة نفسه: "هل سيأتي يوم ينعم فيه الإلحاد العربي بالازدهار في أحضان لغات لا تعامله بمنطق الفتح والكسر والضم والجر؟ هل يمكن للعربية أن تكف عن النظر إلى هذا الفكر المتنور بمنظار (التنكير) وبصيغة (التمييز)؟ حينها بدا كأن هذه الليلة ستكون مستثناة من عناء السهاد، فبدأ يتخيل (حروف العطف) تداعب أجفانه فاستسلم لنوم عميق .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.73 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (3.28%)]