التفسير الميسر - الصفحة 47 - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215359 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61199 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29181 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #461  
قديم 22-02-2020, 04:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (458)
-التفسير الميسر
سورة فاطر
(من الاية رقم 31 الى الاية 38)

عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة فاطر )


(وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31)
والذي أنزلناه إليك -أيها الرسول- من القرآن هو الحق المصدِّق للكتب التي أنزلها الله على رسله قبلك. إن الله لخبير بشؤون عباده، بصير بأعمالهم، وسيجازيهم عليها.
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)
ثم أعطينا -بعد هلاك الأمم- القرآن مَن اخترناهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم: فمنهم ظالم لنفسه بفعل بعض المعاصي, ومنهم مقتصد, وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات, ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله, أي مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة, فَرْضِها ونفلها, ذلك الإعطاء للكتاب واصطفاء هذه الأمة هو الفضل الكبير.
(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)
جنات إقامة دائمة للذين أورثهم الله كتابه يُحلَّون فيها الأساور من الذهب واللؤلؤ, ولباسهم المعتاد في الجنة حرير أي: ثياب رقيقة. وقالوا حين دخلوا الجنة: الحمد لله الذي أذهب عنا كل حَزَن, إن ربنا لغفور; حيث غفر لنا الزلات, شكور; حيث قبل منا الحسنات وضاعفها. وهو الذي أنزلَنا دار الجنة من فضله, لا يمسنا فيها تعب ولا إعياء.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36)
والذين كفروا بالله ورسوله لهم نار جهنم الموقدة, لا يُقْضى عليهم بالموت, فيموتوا ويستريحوا, ولا يُخَفَّف عنهم مِن عذابها, ومثل ذلك الجزاء يجزي الله كلَّ متمادٍ في الكفر مُصِرٍّ عليه.
(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)
وهؤلاء الكفار يَصْرُخون من شدة العذاب في نار جهنم مستغيثين: ربنا أخرجنا من نار جهنم, وردَّنا إلى الدنيا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمله في حياتنا الدنيا, فنؤمن بدل الكفر, فيقول لهم: أولم نُمْهلكم في الحياة قَدْرًا وافيًا من العُمُر, يتعظ فيه من اتعظ, وجاءكم النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم تتذكروا ولم تتعظوا؟ فذوقوا عذاب جهنم, فليس للكافرين من ناصر ينصرهم من عذاب الله.
(إِنَّ اللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (38)
إن الله مطَّلع على كل غائب في السماوات والأرض, وإنه عليم بخفايا الصدور, فاتقوه أن يطَّلع عليكم, وأنتم تُضْمِرون الشك أو الشرك في وحدانيته, أو في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أن تَعْصوه بما دون ذلك.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #462  
قديم 22-02-2020, 04:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (459)
-التفسير الميسر
سورة فاطر
(من الاية رقم 39 الى الاية 44)

عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة فاطر )

(هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَارًا (39)
الله هو الذي جعلكم -أيها الناس- يَخْلُف بعضكم بعضًا في الأرض, فمن جحد وحدانية الله منكم فعلى نفسه ضرره وكفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا بغضًا وغضبًا, ولا يزيدهم كفرهم بالله إلا ضلالا وهلاكًا.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلا غُرُورًا (40)
قل -أيها الرسول- للمشركين: أخبروني أيَّ شيء خَلَق شركاؤكم من الأرض, أم أن لشركائكم الذين تعبدونهم من دون الله شركًا مع الله في خلق السماوات, أم أعطيناهم كتابًا فهم على حجة منه؟ بل ما يَعِدُ الكافرون بعضهم بعضًا إلا غرورًا وخداعًا.
(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (41)
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا عن مكانهما, ولئن زالت السماوات والأرض عن مكانهما ما يمسكهما من أحد من بعده. إن الله كان حليمًا في تأخير العقوبة عن الكافرين والعصاة, غفورًا لمن تاب من ذنبه ورجع إليه.
(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلا نُفُورًا (42)
وأقسم كفار قريش بالله أشد الأَيْمان: لئن جاءهم رسول من عند الله يخوِّفهم عقاب الله ليكونُنَّ أكثر استقامة واتباعًا للحق من اليهود والنصارى وغيرهم, فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم ذلك إلا بُعْدًا عن الحق ونفورًا منه.
(اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلا (43)
ليس إقسامهم لقَصْد حسن وطلبًا للحق, وإنما هو استكبار في الأرض على الخلق, يريدون به المكر السيِّئ والخداع والباطل, ولا يحيق المكر السيِّئ إلا بأهله, فهل ينتظر المستكبرون الماكرون إلا العذاب الذي نزل بأمثالهم الذين سبقوهم, فلن تجد لطريقة الله تبديلا ولا تحويلا فلا يستطيع أحد أن يُبَدِّل, ولا أن يُحَوِّل العذاب عن نفسه أو غيره.
(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)
أولم يَسِرْ كفار "مكة" في الأرض, فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كعاد وثمود وأمثالهم, وما حلَّ بهم من الدمار, وبديارهم من الخراب, حين كذبوا الرسل, وكان أولئك الكفرة أشد قوة وبطشًا من كفار "مكة"؟ وما كان الله تعالى ليعجزه ويفوته من شيء في السماوات ولا في الأرض, إنه كان عليمًا بأفعالهم, قديرًا على إهلاكهم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #463  
قديم 22-02-2020, 04:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (460)
-التفسير الميسر
سورة فاطر
(من الاية رقم 45 الى الاية -)

عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة فاطر )


(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)

ولو يعاقب الله الناس بما عملوا من الذنوب والمعاصي ما ترك على ظهر الأرض من دابة تَدِبُّ عليها, ولكن يُمْهلهم ويؤخر عقابهم إلى وقت معلوم عنده, فإذا جاء وقت عقابهم فإن الله كان بعباده بصيرًا, لا يخفى عليه أحد منهم, ولا يعزب عنه علم شيء من أمورهم, وسيجازيهم بما عملوا من خير أو شر.
(سورة يس )

(يس (1)
( يس ) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
(وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4)
يقسم الله تعالى بالقرآن المحكم بما فيه من الأحكام والحكم والحجج, إنك -أيها الرسول- لمن المرسلين بوحي الله إلى عباده, على طريق مستقيم معتدل, وهو الإسلام.
(تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)
هذا القرآن تنزيل العزيز في انتقامه من أهل الكفر والمعاصي, الرحيم بمن تاب من عباده وعمل صالحًا.
(لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (6)
أنزلناه عليك -أيها الرسول- لتحذر به قومًا لم يُنْذَرْ آباؤهم من قبلك, وهم العرب, فهؤلاء القوم ساهون عن الإيمان والاستقامة على العمل الصالح. وكل أمة ينقطع عنها الإنذار تقع في الغفلة, وفي هذا دليل على وجوب الدعوة والتذكير على العلماء بالله وشرعه; لإيقاظ المسلمين من غفلتهم.
(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (7)
لقد وجب العذاب على أكثر هؤلاء الكافرين, بعد أن عُرِض عليهم الحق فرفضوه, فهم لا يصدقون بالله ولا برسوله, ولا يعملون بشرعه.
(إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالا فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8)
إنا جعلنا هؤلاء الكفار الذين عُرض عليهم الحق فردُّوه, وأصرُّوا على الكفر وعدم الإيمان, كمن جُعِل في أعناقهم أغلال, فجمعت أيديهم مع أعناقهم تحت أذقانهم, فاضطروا إلى رفع رؤوسهم إلى السماء, فهم مغلولون عن كل خير, لا يبصرون الحق ولا يهتدون إليه.
(وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (9)
وجعلنا من أمام الكافرين سدًّا ومن ورائهم سدًّا, فهم بمنزلة من سُدَّ طريقه من بين يديه ومن خلفه, فأعمينا أبصارهم; بسبب كفرهم واستكبارهم, فهم لا يبصرون رشدًا, ولا يهتدون. وكل من قابل دعوة الإسلام بالإعراض والعناد, فهو حقيق بهذا العقاب.
(وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (10)
يستوي عند هؤلاء الكفار المعاندين تحذيرك لهم -أيها الرسول- وعدم تحذيرك, فهم لا يصدِّقون ولا يعملون.
(إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11)
إنما ينفع تحذيرك مَن آمن بالقرآن, واتبع ما فيه من أحكام الله, وخاف الرحمن, حيث لا يراه أحد إلا الله, فبشِّره بمغفرة من الله لذنوبه, وثواب منه في الآخرة على أعماله الصالحة, وهو دخوله الجنة.
(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)
إنا نحن نحيي الأموات جميعًا ببعثهم يوم القيامة, ونكتب ما عملوا من الخير والشر, وآثارهم التي كانوا سببًا فيها في حياتهم وبعد مماتهم من خير, كالولد الصالح, والعلم النافع, والصدقة الجارية, ومن شر, كالشرك والعصيان, وكلَّ شيء أحصيناه في كتاب واضح هو أمُّ الكتب, وإليه مرجعها, وهو اللوح المحفوظ. فعلى العاقل محاسبة نفسه; ليكون قدوة في الخير في حياته وبعد مماته.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #464  
قديم 26-02-2020, 01:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (461)
-التفسير الميسر
سورة يس
(من الاية رقم 13 الى الاية 27)

عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة يس )


(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14)

واضرب -أيها الرسول- لمشركي قومك الرادِّين لدعوتك مثلا يعتبرون به, وهو قصة أهل القرية, حين ذهب إليهم المرسلون, إذ أرسلنا إليهم رسولين لدعوتهم إلى الإيمان بالله وترك عبادة غيره, فكذَّب أهل القرية الرسولين, فعزَّزناهما وقويناهما برسول ثالث, فقال الثلاثة لأهل القرية: إنا إليكم -أيها القوم- مرسلون.
(قَالُوا مَا أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا تَكْذِبُونَ (15)
قال أهل القرية للمرسلين: ما أنتم إلا أناس مثلنا، وما أنزل الرحمن شيئًا من الوحي, وما أنتم -أيها الرسل- إلا تكذبون.
(قَالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (16) وَمَا عَلَيْنَا إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (17)
قال المرسلون مؤكدين: ربُّنا الذي أرسلنا يعلم إنا إليكم لمرسلون, وما علينا إلا تبليغ الرسالة بوضوح, ولا نملك هدايتكم, فالهداية بيد الله وحده.
(قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18)
قال أهل القرية: إنا تَشَاءَمْنا بكم, لئن لم تكُفُّوا عن دعوتكم لنا لنقتلنكم رميًا بالحجارة, وليصيبنكم منَّا عذاب أليم موجع.
(قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19)
قال المرسلون: شؤمكم وأعمالكم من الشرك والشر معكم ومردودة عليكم, أإن وُعظتم بما فيه خيركم تشاءمتم وتوعدتمونا بالرجم والتعذيب؟ بل أنتم قوم عادتكم الإسراف في العصيان والتكذيب.
(وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21)
وجاء من مكان بعيد في المدينة رجل مسرع ( وذلك حين علم أن أهل القرية هَمُّوا بقتل الرسل أو تعذيبهم), قال: يا قوم اتبعوا المرسلين إليكم من الله, اتبعوا الذين لا يطلبون منكم أموالا على إبلاغ الرسالة, وهم مهتدون فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده. وفي هذا بيان فضل مَن سعى إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22)
وأيُّ شيء يمنعني مِن أن أعبد الله الذي خلقني, وإليه تصيرون جميعًا؟
(أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25)
أأعبد من دون الله آلهة أخرى لا تملك من الأمر شيئًا, إن يردني الرحمن بسوء فهذه الآلهة لا تملك دفع ذلك ولا منعه, ولا تستطيع إنقاذي مما أنا فيه؟ إني إن فعلت ذلك لفي خطأ واضح ظاهر. إني آمنت بربكم فاستمعوا إلى ما قُلْته لكم, وأطيعوني بالإيمان. فلما قال ذلك وثب إليه قومه وقتلوه, فأدخله الله الجنة.
(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26)
قيل له بعد قتله: ادخل الجنة, إكرامًا له.
(بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27)
قال وهو في النعيم والكرامة: يا ليت قومي يعلمون بغفران ربي لي وإكرامه إياي; بسبب إيماني بالله وصبري على طاعته, واتباع رسله حتى قُتِلت, فيؤمنوا بالله فيدخلوا الجنة مثلي.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #465  
قديم 26-02-2020, 01:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (462)
-التفسير الميسر
سورة يس
(من الاية رقم 28 الى الاية 40)

عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة يس )


(وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28)

وما احتاج الأمر إلى إنزال جند من السماء لعذابهم بعد قتلهم الرجل الناصح لهم وتكذيبهم رسلهم, فهم أضعف من ذلك وأهون, وما كنا منزلين الملائكة على الأمم إذا أهلكناهم, بل نبعث عليهم عذابًا يدمرهم.

(إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)
ما كان هلاكهم إلا بصيحة واحدة, فإذا هم ميتون لم تَبْقَ منهم باقية.
(يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)
يا حسرة العباد وندامتهم يوم القيامة إذا عاينوا العذاب, ما يأتيهم من رسول من الله تعالى إلا كانوا به يستهزئون ويسخرون.
(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (31)
ألم ير هؤلاء المستهزئون ويعتبروا بمن قبلهم من القرون التي أهلكناها أنهم لا يرجعون إلى هذه الدينا؟
(وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)
وما كل هذه القرون التي أهلكناها وغيرهم, إلا محضرون جميعًا عندنا يوم القيامة للحساب والجزاء.
(وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)
ودلالة لهؤلاء المشركين على قدرة الله على البعث والنشور: هذه الأرض الميتة التي لا نبات فيها, أحييناها بإنزال الماء, وأخرجنا منها أنواع النبات مما يأكل الناس والأنعام, ومن أحيا الأرض بالنبات أحيا الخلق بعد الممات.
(وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34)
وجعلنا في هذه الأرض بساتين من نخيل وأعناب, وفجَّرنا فيها من عيون المياه ما يسقيها.
(لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (35)
كل ذلك; ليأكل العباد من ثمره, وما ذلك إلا من رحمة الله بهم لا بسعيهم ولا بكدِّهم, ولا بحولهم وبقوتهم, أفلا يشكرون الله على ما أنعم به عليهم من هذه النعم التي لا تعدُّ ولا تحصى؟
(سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (36)
تنزَّه الله العظيم الذي خلق الأصناف جميعها من أنواع نبات الأرض, ومن أنفسهم ذكورًا وإناثًا, ومما لا يعلمون من مخلوقات الله الأخرى. قد انفرد سبحانه بالخلق, فلا ينبغي أن يُشْرَك به غيره.
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37)
وعلامة لهم دالة على توحيد الله وكمال قدرته: هذا الليل ننزع منه النهار, فإذا الناس مظلمون.
(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38)
وآية لهم الشمس تجري لمستقر لها, قدَّره الله لها لا تتعداه ولا تقصر عنه, ذلك تقدير العزيز الذي لا يغالَب, العليم الذي لا يغيب عن علمه شيء.
(وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39)
والقمرَ آية في خلقه, قدَّرناه منازل كل ليلة, يبدأ هلالا ضئيلا حتى يكمل قمرًا مستديرًا, ثم يرجع ضئيلا مثل عِذْق النخلة المتقوس في الرقة والانحناء والصفرة؛ لقدمه ويُبْسه.
(لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)

لكل من الشمس والقمر والليل والنهار وقت قدَّره الله له لا يتعدَّاه, فلا يمكن للشمس أن تلحق القمر فتمحو نوره, أو تغير مجراه, ولا يمكن للَّيل أن يسبق النهار, فيدخل عليه قبل انقضاء وقته, وكل من الشمس والقمر والكواكب في فلك يَجْرون.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #466  
قديم 26-02-2020, 01:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (463)
-التفسير الميسر
سورة يس
(من الاية رقم 41 الى الاية 54)
عبد الله بن عبد المحسن التركي
(سورة يس )


(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41)
ودليل لهم وبرهان على أن الله وحده المستحق للعبادة, المنعم بالنعم, أنَّا حملنا مَن نجا مِن ولد آدم في سفينة نوح المملوءة بأجناس المخلوقات; لاستمرار الحياة بعد الطوفان.
(وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)
وخلقنا لهؤلاء المشركين وغيرهم مثل سفينة نوح من السفن وغيرها من المراكب التي يركبونها وتبلِّغهم أوطانهم.
(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (43)
وإن نشأ نغرقهم, فلا يجدون مغيثًا لهم مِن غرقهم, ولا هم يخلصون من الغرق.
(إِلا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (44)
إلا أن نرحمهم فننجيهم ونمتعهم إلى أجل؛ لعلهم يرجعون ويستدركون ما فرَّطوا فيه.
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)
وإذا قيل للمشركين: احذروا أمر الآخرة وأهوالها وأحوال الدنيا وعقابها; رجاء رحمة الله لكم, أعرضوا, ولم يجيبوا إلى ذلك.
(وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46)
وما تجيء هؤلاء المشركين من علامة واضحة من عند ربهم؛ لتهديهم للحق, وتبيِّن لهم صدق الرسول, إلا أعرضوا عنها, ولم ينتفعوا بها.
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (47)
وإذا قيل للكافرين: أنفقوا من الرزق الذي مَنَّ به الله عليكم, قالوا للمؤمنين مُحْتجِّين: أنطعم من لو شاء الله أطعمه؟ ما أنتم -أيها المؤمنون- إلا في بُعْدٍ واضح عن الحق, إذ تأمروننا بذلك.
(وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48)
ويقول هؤلاء الكفار على وجه التكذيب والاستعجال: متى يكون البعث إن كنتم صادقين فيما تقولونه عنه؟
(مَا يَنْظُرُونَ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)
ما ينتظر هؤلاء المشركون الذين يستعجلون بوعيد الله إياهم إلا نفخة الفَزَع عند قيام الساعة, تأخذهم فجأة, وهم يختصمون في شؤون حياتهم.
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ (50)
فلا يستطيع هؤلاء المشركون عند النفخ في "القرن" أن يوصوا أحدًا بشيء, ولا يستطيعون الرجوع إلى أهلهم, بل يموتون في أسواقهم ومواضعهم.
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51)
ونُفِخ في "القرن" النفخةُ الثانية, فتُرَدُّ أرواحهم إلى أجسادهم, فإذا هم من قبورهم يخرجون إلى ربهم سراعًا.
(قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)
قال المكذبون بالبعث نادمين: يا هلاكنا مَن أخرجنا مِن قبورنا؟ فيجابون ويقال لهم: هذا ما وعد به الرحمن, وأخبر عنه المرسلون الصادقون.
(إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)
ما كان البعث من القبور إلا نتيجة نفخة واحدة في "القرن", فإذا جميع الخلق لدينا ماثلون للحساب والجزاء.
(فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54)
في ذلك اليوم يتم الحساب بالعدل, فلا تُظْلم نفس شيئًا بنقص حسناتها أو زيادة سيئاتها, ولا تُجْزون إلا بما كنتم تعملونه في الدنيا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #467  
قديم 26-02-2020, 01:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (464)
-التفسير الميسر
سورة يس
(من الاية رقم 55 الى الاية 70)
عبد الله بن عبد المحسن التركي
(سورة يس )


(إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55)

إن أهل الجنة في ذلك اليوم مشغولون عن غيرهم بأنواع النعيم التي يتفكهون بها.
(هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56)
هم وأزواجهم متنعمون بالجلوس على الأسرَّة المزيَّنة, تحت الظلال الوارفة.
(لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (57)
لهم في الجنة أنواع الفواكه اللذيذة, ولهم كل ما يطلبون من أنواع النعيم.
(سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)
ولهم نعيم آخر أكبر حين يكلمهم ربهم, الرحيم بهم بالسلام عليهم. وعند ذلك تحصل لهم السلامة التامة من جميع الوجوه.
(وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)
ويقال للكفار في ذلك اليوم: تميَّزوا عن المؤمنين, وانفصلوا عنهم.
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)
ويقول الله لهم توبيخًا وتذكيرًا: ألم أوصكم على ألسنة رسلي أن لا تعبدوا الشيطان ولا تطيعوه؟ إنه لكم عدو ظاهر العداوة.
(وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)
وأمرتكم بعبادتي وحدي, فعبادتي وطاعتي ومعصية الشيطان هي الدين القويم الموصل لمرضاتي وجنَّاتي.
(وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)
ولقد أضلَّ الشيطان عن الحق منكم خلقًا كثيرًا, أفما كان لكم عقل -أيها المشركون- ينهاكم عن اتباعه؟
(هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63)
هذه جهنم التي كنتم توعدون بها في الدنيا على كفركم بالله وتكذيبكم رسله.
(اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64)
ادخلوها اليوم وقاسوا حرَّها; بسبب كفركم.
(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)
اليوم نطبع على أفواه المشركين فلا ينطقون, وتُكلِّمنا أيديهم بما بطشت به, وتشهد أرجلهم بما سعت إليه في الدنيا، وكسبت من الآثام.
(وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66)
ولو نشاء لطمسنا على أعينهم بأن نُذْهب أبصارهم, كما ختمنا على أفواههم, فبادَروا إلى الصراط ليجوزوه, فكيف يتحقق لهم ذلك وقد طُمِست أبصارهم؟
(وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (67)
ولو شئنا لَغَيَّرنا خلقهم وأقعدناهم في أماكنهم, فلا يستطيعون أن يَمْضوا أمامهم, ولا يرجعوا وراءهم.
(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (68)
ومن نُطِلْ عمره حتى يهرم نُعِدْه إلى الحالة التي ابتدأ منها حالة ضعف العقل وضعف الجسد, أفلا يعقلون أنَّ مَن فعل مثل هذا بهم قادر على بعثهم؟
(وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ (70)
وما علَّمنا رسولنا محمدًا الشعر, وما ينبغي له أن يكون شاعرًا, ما هذا الذي جاء به إلا ذكر يتذكر به أولو الألباب, وقرآن بيِّن الدلالة على الحق والباطل، واضحة أحكامه وحِكَمه ومواعظه; لينذر مَن كان حيَّ القلب مستنير البصيرة, ويحق العذاب على الكافرين بالله; لأنهم قامت عليهم بالقرآن حجة الله البالغة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #468  
قديم 26-02-2020, 01:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (465)
-التفسير الميسر
سورة يس
(من الاية رقم 71 الى الاية 83)
عبد الله بن عبد المحسن التركي
(سورة يس )

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71)

أولم ير الخلق أنا خلقنا لأجلهم أنعامًا ذللناها لهم, فهم مالكون أمرها؟
(وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72)
وسخَّرناها لهم, فمنها ما يركبون في الأسفار, ويحملون عليها الأثقال, ومنها ما يأكلون.
(وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (73)
ولهم فيها منافع أخرى ينتفعون بها, كالانتفاع بأصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ولباسًا, وغير ذلك, ويشربون ألبانها, أفلا يشكرون الله الذي أنعم عليهم بهذه النعم, ويخلصون له العبادة؟
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (74)
واتخذ المشركون من دون الله آلهة يعبدونها; طمعًا في نصرها لهم وإنقاذهم من عذاب الله.
(لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ (75)
لا تستطيع تلك الآلهة نصر عابديها ولا أنفسهم ينصرون, والمشركون وآلهتهم جميعًا محضرون في العذاب, متبرئ بعضهم من بعض.
(فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76)
فلا يَحْزُنك -أيها الرسول- كفرهم بالله وتكذيبهم لك واستهزاؤهم بك; إنا نعلم ما يخفون, وما يظهرون, وسنجازيهم على ذلك.
(أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77)
أولم ير الإنسان المنكر للبعث ابتداء خلقه فيستدل به على معاده, أنا خلقناه من نطفة مرَّت بأطوار حتى كَبِر, فإذا هو كثير الخصام واضح الجدال؟
(وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78)
وضرب لنا المنكر للبعث مثلا لا ينبغي ضربه, وهو قياس قدرة الخالق بقدرة المخلوق, ونسي ابتداء خلقه, قال: مَن يحيي العظام البالية المتفتتة؟
(قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)
قل له: يحييها الذي خلقها أول مرة, وهو بجميع خلقه عليم, لا يخفى عليه شيء.
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80)
الذي أخرج لكم من الشجر الأخضر الرطب نارًا محرقة, فإذا أنتم من الشجر توقدون النار, فهو القادر على إخراج الضد من الضد. وفي ذلك دليل على وحدانية الله وكمال قدرته, ومن ذلك إخراج الموتى من قبورهم أحياء.
(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ (81)
أوليس الذي خلق السموات والأرض وما فيهما بقادر على أن يخلق مثلهم, فيعيدهم كما بدأهم؟ بلى, إنه قادر على ذلك, وهو الخلاق لجميع المخلوقات, العليم بكل ما خلق ويَخْلُقُ, لا يخفى عليه شيء.
(إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)
إنما أمره سبحانه وتعالى إذا أراد شيئًا أن يقول له: "كن" فيكون, ومن ذلك الإماتة والإحياء, والبعث والنشور.
(فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)
فتنزه الله تعالى وتقدس عن العجز والشرك, فهو المالك لكل شيء, المتصرف في شؤون خلقه بلا منازع أو ممانع, وقد ظهرت دلائل قدرته, وتمام نعمته, وإليه تُرجعون للحساب والجزاء.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #469  
قديم 26-02-2020, 01:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (466)
-التفسير الميسر
سورة الصافات
(من الاية رقم 1 الى الاية 24)
عبد الله بن عبد المحسن التركي
(سورة الصافات )


(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4)
أقسم الله تعالى بالملائكة تصف في عبادتها صفوفًا متراصة, وبالملائكة تزجر السحاب وتسوقه بأمر الله, وبالملائكة تتلو ذكر الله وكلامه تعالى. إن معبودكم -أيها الناس- لواحد لا شريك له, فأخلصوا له العبادة والطاعة. ويقسم الله بما شاء مِن خلقه, أما المخلوق فلا يجوز له القسم إلا بالله, فالحلف بغير الله شرك.
(رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5)
هو خالق السموات والأرض وما بينهما, ومدبِّر الشمس في مطالعها ومغاربها.
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6)
إنَّا زينَّا السماء الدنيا بزينة هي النجوم.
(وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7)
وحفظنا السماء بالنجوم مِن كل شيطان متمرِّد عاتٍ رجيم.
(لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9)
لا تستطيع الشياطين أن تصل إلى الملأ الأعلى, وهي السموات ومَن فيها مِن الملائكة, فتستمع إليهم إذا تكلموا بما يوحيه الله تعالى مِن شرعه وقدره, ويُرْجَمون بالشهب من كل جهة; طردًا لهم عن الاستماع, ولهم في الدار الآخرة عذاب دائم موجع.
(إِلا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10)
إلا مَنِ اختطف من الشياطين الخطفة, وهي الكلمة يسمعها من السماء بسرعة, فيلقيها إلى الذي تحته, ويلقيها الآخر إلى الذي تحته, فربما أدركه الشهاب المضيء قبل أن يلقيها, وربما ألقاها بقَدَر الله تعالى قبل أن يأتيه الشهاب, فيحرقه فيذهب بها الآخر إلى الكهنة, فيكذبون معها مائة كذبة.
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (11)
فاسأل -أيها الرسول- منكري البعث أَهُم أشد خلقًا أم من خلقنا من هذه المخلوقات؟ إنا خلقنا أباهم آدم من طين لزج, يلتصق بعضه ببعض.
(بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12)
بل عجبتَ -أيها الرسول- من تكذيبهم وإنكارهم البعث, وأعجب من إنكارهم وأبلغ أنهم يستهزئون بك, ويسخرون من قولك.
(وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (13)
وإذا ذكِّروا بما نسوه أو غَفَلوا عنه لا ينتفعون بهذا الذكر ولا يتدبَّرون.
(وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14)
وإذا رأوا معجزة دالَّة على نبوَّتك يسخرون منها ويعجبون.
(وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (15) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ (17)
وقالوا: ما هذا الذي جئت به إلا سحر ظاهر بيِّن. أإذا متنا وصِرْنا ترابًا وعظامًا بالية أإنا لمبعوثون من قبورنا أحياء, أو يُبعث آباؤنا الذين مضوا من قبلنا؟
(قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (18)
قل لهم -أيها الرسول-: نعم سوف تُبعثون, وأنتم أذلاء صاغرون.
(فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (19)
فإنما هي نفخة واحدة, فإذا هم قائمون من قبورهم ينظرون أهوال يوم القيامة.
(وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20)
وقالوا: يا هلاكنا هذا يوم الحساب والجزاء.
(هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21)
فيقال لهم: هذا يوم القضاء بين الخلق بالعدل الذي كنتم تكذبون به في الدنيا وتنكرونه.
(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)
ويقال للملائكة: اجمَعُوا الذين كفروا بالله ونظراءهم وآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله, فسوقوهم سوقًا عنيفًا إلى جهنم.
(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24)
واحبسوهم قبل أن يصلوا إلى جهنم؛ إنهم مسؤولون عن أعمالهم وأقوالهم التي صدرت عنهم في الدنيا, مساءلة إنكار عليهم وتبكيت لهم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #470  
قديم 26-02-2020, 01:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (467)
-التفسير الميسر
سورة الصافات
(من الاية رقم 25 الى الاية 51)
عبد الله بن عبد المحسن التركي
(سورة الصافات )


(مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ (25)

ويقال لهم توبيخًا: ما لكم لا ينصر بعضكم بعضًا؟

(بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26)
بل هم اليوم منقادون لأمر الله, لا يخالفونه ولا يحيدون عنه, غير منتصرين لأنفسهم.
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27)
وأقبل بعض الكفار على بعض يتلاومون ويتخاصمون.
(قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28)
قال الأتباع للمتبوعين: إنكم كنتم تأتوننا من قِبَل الدين والحق, فتهوِّنون علينا أمر الشريعة, وتُنَفِّروننا عنها, وتزينون لنا الضلال.
(قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29)
قال المتبوعون للتابعين: ما الأمر كما تزعمون, بل كانت قلوبكم منكرة للإيمان, قابلة للكفر والعصيان.
(وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (30)
وما كان لنا عليكم من حجة أو قوَّة, فنصدكم بها عن الإيمان, بل كنتم -أيها المشركون- قومًا طاغين متجاوزين للحق.
(فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31)
فلزِمَنا جميعًا وعيد ربنا, إنا لذائقو العذاب, نحن وأنتم, بما قدمنا من ذنوبنا ومعاصينا في الدنيا.
(فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32)
فأضللناكم عن سبيل الله والإيمان به, إنا كنا ضالين من قبلكم, فهلكنا; بسبب كفرنا, وأهلكناكم معنا.
(فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33)
فإن الأتباع والمتبوعين مشتركون يوم القيامة في العذاب, كما اشتركوا في الدنيا في معصية الله.
(إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34)
إنا هكذا نفعل بالذين اختاروا معاصي الله في الدنيا على طاعته, فنذيقهم العذاب الأليم.
(إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35)
إن أولئك المشركين كانوا في الدنيا إذا قيل لهم: لا إله إلا الله, ودعوا إليها, وأُمروا بترك ما ينافيها, يستكبرون عنها وعلى من جاء بها.
(وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36)
ويقولون: أنترك عبادة آلهتنا لقول رجل شاعر مجنون؟ يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37)
كذَبوا, ما محمد كما وصفوه به, بل جاء بالقرآن والتوحيد, وصدَّق المرسلين فيما أخبروا به عنه من شرع الله وتوحيده.
(إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الأَلِيمِ (38)
إنكم -أيها المشركون- بقولكم وكفركم وتكذيبكم لذائقو العذاب الأليم الموجع.
(وَمَا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39)
وما تجزون في الآخرة إلا بما كنتم تعملونه في الدنيا من المعاصي.
(إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (40)
إلا عباد الله تعالى الذين أخلصوا له في عبادته, فأخلصهم واختصهم برحمته؛ فإنهم ناجون من العذاب الأليم.
(أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (41)
أولئك المخلصون لهم في الجنة رزق معلوم لا ينقطع.
(فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (42) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (43)
ذلك الرزق فواكه متنوعة, وهم مكرمون بكرامة الله لهم في جنات النعيم الدائم.
(عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (44)
ومن كرامتهم عند ربهم وإكرام بعضهم بعضًا أنهم على سرر متقابلين فيما بينهم.
(يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (47)
يدار عليهم في مجالسهم بكؤوس خمر من أنهار جارية, لا يخافون انقطاعها, بيضاء في لونها, لذيذة في شربها, ليس فيها أذى للجسم ولا للعقل.
(وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (48) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (49)
وعندهم في مجالسهم نساء عفيفات, لا ينظرن إلى غير أزواجهن حسان الأعين, كأنهن بَيْض مصون لم تمسه الأيدي.
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50)

فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون عن أحوالهم في الدنيا وما كانوا يعانون فيها, وما أنعم الله به عليهم في الجنة, وهذا من تمام الأنس.
(قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51)
قال قائل من أهل الجنة: لقد كان لي في الدنيا صاحب ملازم لي.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 150.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 144.34 كيلو بايت... تم توفير 5.83 كيلو بايت...بمعدل (3.88%)]