|
|
ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
طفلي وعبادة التفكر
طفلي وعبادة التفكر داليا رفيق بركات بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: فلا شك أن عبادة التفكر من العبادات المهمة، وأنفعها للعبد، فهي دالة على وحدانية الله وعظمته، وجميل صفاته وسَعة علمه وقدرته جل وعلا؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 190، 191]. فالتفكر والتأمل في خلْق الله، يزيد الإيمان واليقين، ويُشعر العبد بعظمة الله ونِعَمه وفضله جل وعلا عليه، وكيف أن هذا الكون معجزٌ مُحكَم ومتقن، فكيف بصفات مَن خلَقه وأوجَده من عدم؟! وفِي ظل ما يشاهده الطفل من مشاهد في أفلام الكرتون، أصبح شعوره بعظمه هذا الكون وإعجازه قليلًا، فهناك من أخرج النبات وحرَّك السحاب، وأنزَل المطر بتحريك عصا، أو بكلمات مبهمة وغيرها، فأصبح الطفل يشاهد مَن يأتي بمثل هذا الخلق العظيم ولو في عالم افتراضي غير ملموس. ولا يَخفى على أحد مخالفة المشاهد لتوحيد الربوبية، بأن هناك مَن يخلق ويدبِّر ويتصرف في الخلق غير الله عز وجل، لذا وجب الحذرُ من تلك الأفلام والمشاهد، وتعويد الطفل على التأمل والتفكر في خلق الله؛ ليشعر بإعجاز هذا الكون وعظمة خالقه، وأنه يستحيل أن يأتي أحدٌ بمثله؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ﴾ [الحج: 73]، وقال الله تعالى: ﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾ [لقمان: 11]. فلا نكتفي أن نذكر للطفل أن الله هو الذي خلقه، بل ينظُر إلى نفسه كيف خلقه في أحسن تقويم، فكان نطفه بلا ملامح، ثم أصبح له عين تُبصر، وأنف يشم، ويد تلمس وتُمسك، وقدم صغيره تتحمَّله ليمشي بها، وأُذن تسمع. كيف يتنفس؟ كيف يأكُل ويتذوق أنواع الطعام؟ وغيرها من الأمور، فلينظُر إلى نفسه أولًا؛ انطلاقًا من قوله تعالى: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الذاريات: 21]، ثم يتأمل ما حوله من طعامه وشرابه؛ قال تعالى: ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 24 - 32]. كيف أتى ووصل إليه، وهكذا والحيوانات والأنعام ومنافعها؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [المؤمنون: 21]، ويتأمل غيرها من مخلوقات الله، بل حتى يتدبر المواقف الحياتية العامة، كيف سارت الأمور بفضل الله وتدبيره؟ كيف رزَقه؟ كيف يسَّر الله له العسير وحفِظه؟ وهكذا! والأجمل أن ترتبط تلك التدبرات بأسماء الله وصفاته؛ ليشعر الطفل بمعيَّة الله له وفضله عليه، فمثلًا عندما يتأمل في نفسه، يستحضر أسماء الله الخالق البارئ المصور، الذي صوَّره في أحسن تقويم، عندما يتأمل في طعامه وشرابه، يستحضر أسماء الله الرزاق المعطي الجوَاد الكريم. مثلًا عندما يمر بموقف ما ولَم يحدُث له مكروه، يتأمَّل هذا الموقف، ونذكِّره بأن الله هو الحافظ المعين. عندما يرى السماء العظيمة، وما فيها من نجوم وكواكب، وتعاقُب الليل والنهار، فالله هو العظيم القدير، والأمثلة لا تنتهي. ويُراعى في ذلك استخدامُ الجمل البسيطة والقصيرة؛ حتى يستطيع الطفل استيعابها وفهمها دون تعقيد، فالكون كله رسائل لنا، علينا أن نجعل أطفالَنا يقرؤونها بعيدًا عما يُشوِّه عقولهم وفِطرتهم، وتذكَّر دومًا: لله في الآفاقِ آياتٌ لعلَّ أقلَّها هو ما إليه هداك ولعل ما في النفسِ مِن آياته عَجبٌ عُجابٌ لو ترى عيناك والكونُ مشحونٌ بأسرارٍ إذا حاولتَ تفسيرًا لها أعْيَاك
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |