أسباب كثرة غريب الحديث - ملتقى الشفاء الإسلامي ملتقى الشفاء الاسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 33 )           »          الوقـف الإســلامي ودوره في الإصلاح والتغيير العهد الزنكي والأيوبي نموذجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أفكار للتربية السليمة للطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          لزوم جماعة المسلمين يديم الأمن والاستقرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          منهجُ السَّلَف الصالح منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ ولا ينحصِرُ بمكانٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 38 - عددالزوار : 1190 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 16903 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 15 )           »          الخواطر (الظن الكاذب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         
[حجم الصفحة الأصلي: 161.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 160.13 كيلو بايت... تم توفير 1.82 كيلو بايت...بمعدل (1.12%)]

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 22-02-2020, 04:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي أسباب كثرة غريب الحديث

أسباب كثرة غريب الحديث
د. سيد مصطفى أبو طالب




بيَّن الخطابي السببَ الذي من أجله كثر غريبُ حديث النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن ذكر ضروبًا من فصاحته صلى الله عليه وسلم وأنها تكفي سببًا لكثرة ما يوجد من الغريب في حديثه، قال: " إنه صلى الله عليه وسلم بُعِث مبلغًا ومعلمًا، فهو لا يزال في مقام يقومه، وموطن يشهده، يأمر بمعروف، وينهى عن منكر، ويَشْرع في حادثة، ويُفْتِي في نازلة، والأسماع إليه مصغية، والقلوب لما يَرُدّ عليها من قوله واعية، وقد تختلف عنها عباراته ويتكرر فيها بيانه؛ ليكون أوقع للسامعين، وأقرب إلى فهم من كان أقل فقهاً، وأقرب بالإسلام عهدًا، وألو الحفظ والإتقان من فقهاء الصحابة يرعونها كلها سمعاً، ويستوفونها حفظاً، وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش وللعاهر الحجر)[1]، وفي رواية أخرى (وللعاهر الإثلب)[2] وقد مر بمسامعي ولم يثبت عندي: (وللعاهر الكثكث).


وقد يتكلم صلى الله عليه وسلم في بعض النوازل وبحضرته أخلاط من الناس، قبائلهم شتى، ولغاتهم مختلفة، ومراتبهم في الحفظ والإتقان غير متساوية، وليس كلهم يتيسر لضبط اللفظ وحصره، ويتعهد لحفظه ووعيه، وإنما يستدرك المراد بالفحوى، ويتعلق منه بالمعنى، ثم يؤديه بلغته، ويعبر عنه بلسان قبليته، فيجتمع في الحديث الواحد إذا انشعبت طرقه عدة ألفاظ مختلفة موجبها شيء واحد.[3]


فيرجع الخطابي السبب في ذلك إلى:
1- ما خُصَّ به النبى من مزيد الفصاحة والبيان فيما أوتيه من مجامع الكلم وذلك أنه قد تكلم بألفاظ قد ضبطها لم تسمع من العرب قبله، ولم توجد في مُتَقَدِّم كلامها، كقوله: "مات حتف أنفه"، وقوله: "حمي الوطيس".
ومنها: أنه يوجد في كلامه الغريب الذي يندر استعماله، فكان يعبأ به قومه وأصحابه، وعامتهم عرب صرحاء، لسانهم لسانه، ودارهم داره، من ذلك ما ذكره وقد سئل صلى الله عليه وسلم: مَنْ أهل النار؟ فقال صلى الله عليه وسلم (كل قَعْبَرِيٍّ) قيل: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما القعبري؟ قال صلى الله عليه وسلم: (الشديد على الأهل، الشديد على العشيرة، الشديد على الصاحب)[4]
2- اختلاف الرواة وتعددهم باختلاف المقامات، وتعدد الأحوال، فكان كل منهم يروي الحديث بحفظه، فتختلف الألفاظ، بل كان منهم من يرويه بالمعنى بلغته، أو لسان قبليته، فتجتمع ألفاظ مختلفة متحدة المعنى.


كما ذكر ابن الأثير الدواعي التي أدت إلى وضع هذا الفن، وخلاصتها:
1- كأنّ اللّه عزّ وجل قد أعْلَم نبيه ما لم يكن يَعْلَمُه غيرُه، وكان أصحابُه ش يعرفون أكثرَ ما يقوله، وما جَهِلوه سألوه عنه فيوضحه لهم، ولم يتيسر ذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
2- كان اللسان العربي في عصر الصحابة ش صحيحاً لا يتداخله الخلل إلى أن فُتِحَت الأمصار، وخالط العرب غير جنسهم، فامتزجت الألسن، فتعلم الأولاد اللسان العربي ما لابد لهم، وتركوا ما عداه.
3- استحال اللسان العربي أعجمياً في عصر التابعين، فصرف العلماء طرفًا من عنايتهم، فألفوا فيه حراسة لهذا العلم.[5]
ويمكن تقسيم هذه الأسباب إلى أسباب ذاتية (داخلية) ترجع إلى اللفظ نفسه، وأسباب خارجيه لا تتعلق بذات اللفظ، وإنما ترجع إلى تغير ظروف استعماله:

أولاً: الأسباب الذاتية:
وهي الأسباب التي تتعلق باللفظ ذاته بغض النظر عن ظروف استعماله.[6]
وهذه الأسباب هي:
أ‌- المشترك.
ويعني المشترك: أن يدل اللفظ على معنيين مختلفين فأكثر دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة.[7]
ولا شك أن الاشتراك وإن كان خلاف الأصل؛ فإن له فائدة كبرى لمستخدمي اللغة، أشار إليها بعض المحدثين بقوله: "إن تعدد المعاني للفظ الواحد يفتح مجالات متعددة أمام الناطقين باللغة؛ ليعبروا عما يحتاجون إليه من ألفاظ مرنة تطاوعهم على ما يشاءون، وتجري حسب ما يريدون، ولا شك أن لذلك أثرًا كبيرًا في ثراء اللغة ونموها، يفيد منه بخاصة الأدباء والشعراء وأرباب البيان"[8]
وهو مع ذلك سبب من أسباب غموض اللفظ وغرابته، ومن ذلك؛ على سبيل المثال:
قال أبو عبيد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في دعائه يقول: رَبِّ تَقَبّل تَوبتي واغْسِلْ حَوْبتي.[9]


وقد ذكر أبو عبيد المعاني الآتية للفظ الحوبة:
(أ‌) المأثم.
(ب) الأم خاصة.
(ج) كل حرمة تُضَيَّع إن تركت من أم أو أخت أو بنت أو غير ذلك.[10]
وقد ذكر الجوهري والمديني معنيين آخرين هما: الحوبة بمعنى التضرع، والحوبة بمعنى الهم والحزن، [11] والحوبة بمعنى المسكنة والحاجة.[12]
وقال ابن قتيبة في حديث عمّار رضي الله عنه اِنَّه قال: الجَنَّة تحت البَارِقَة.[13]


وقد ذكر ابن قتيبة معنيين للفظ (البارقة)، وهما:
(أ) السيوف.
(ب) السحابة يكون فيها برق.[14]
وقد ذكر ابن قتيبة المعنى المراد، وهو: (السيوف)، وذلك كقولهم: (الجنة تحت ظلال السيوف).
كما ذكر بيت شعر للأعشى يبين ذلك المعنى، وهو قوله: يخاطب امرأته: (الطويل).[15]
وَبِينِي فَإِنَّ البَينَ خَيرٌ مِن العصا ♦♦♦ وَإِلّا تَزالُ فَوقَ رَأسِكِ بارِقَه
قال الحربي: " أَنَّ مُعَاذًا رضي الله عنه لَمَّا قَضى نَحْبَهَ انْطَلَقَ الحَارِثُ إلى أَبِى الدَّرْدَاءِ فَقَالَ: إِنَّ مُعَاذاً أَوْصَى بِى إِلَيْكَ"[16]


وقد ذكر الحربي للفظ (النحب) دلالات عدة هي:
(أ‌) الموت.
(ب) النذر.
(ج) الاجتهاد في السير.[17]
ولم يحدد الحربي الدلالة المرادة، ولعل المراد الموت، بدليل ذكر قوله (أوصى بي)، والمعنى: أنه لما مات ذهب الحارث إلى أبي الدرداء لينفذ فيه أبو الدرداء وصية معاذ ط.
وقال السرقسطي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا "[18]


وقد ذكرالسرقسطي معنيين للفظ (الدخيل) هما:
(أ‌) الضيف.
(ب) دخيل الرجل الذي يداخله في أموره كلها.[19]
ولم يعين الدلالة المرادة، ولعلها بمعنى (الضيف) لأنه معنى الحديث، أي: ليس من أهلك، وهو كالضيف عندك، وإنما نحن أهله، فيفارقك ويلحق بنا.
وقال الخطابي في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الرجل الذي يدخلُ الجنةَ آخِرَ الخلْق; قال: فيسألُ ربَّه فيقول: أي ربِّ قدِّمني إلى الجنة فأكون تحت نِجَاف الجنَّة.[20]


ثم ذكر للفظ (النِّجَاف) معنيين، هما:
(أ‌) القطعة من الجلد أو الخصفة تربط على التيس إذا كرهوا سفاده؛ لئلا يسفد.
(ب) أُسْكُفَّة الباب. [21]
وقد ذكر أن المعنى الأول غير داخل في دلالة اللفظ ها هنا حيث قال: والنجاف في غير هذا القطعة..... إلخ.
ومما سبق يتبين أن الشراح تارة يحددون الدلالة المرادة من الدلالات المذكورة، وتارة أخرى لا يحددون، وذلك قد يوقع اللبس، بسبب غرابة اللفظ الذي أتته من جهة اشتراكه بين هذه الدلالات.

ب‌- الاختلافات اللهجية:
توزعت اللغة العربية إلى عدة لهجات، فهذه قرشية، وتلك هذلية، وأخرى تميمية...إلخ.
وقد جاء الإسلام والحال هذه، واقتضت طبيعة الاحتكاك البشري أن يتحدث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحاب اللهجات، فكان صلى الله عليه وسلم يخاطب أبناء القبائل المختلفة بلهجاتهم التي يفهمونها، فكان يستعمل ألفاظًا خاصة بهم قد لا يتيسر فهمها على غيرهم من الحاضرين، فَيَعُدّ من لا يفهم اللفظ غريبًا.
لقد لفتت هذه الظاهرة نظر الخطابي، فجعلها سببًا من أسباب وجود الغريب، فقال: "والوجه الآخر: أن يراد به كلام من بعدت به الدار، ونأى به المحل من شواذ قبائل العرب"[22]


ومن أجل ذلك نجد الإمام عليًا رضي الله عنه يستمع إلى الحوار المتبادل بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين طَهْفَة بن أبي زُهَيْر النَّهْدِيّ [23]، نجده يقول: يا رسول الله، نراك تكلم وفود العرب بما لا نفهم أكثره ونحن بنو أب واحد، فقال صلى الله عليه وسلم: "أدبني ربي فأحسن تأديبي"[24].


"وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي حال المخاطبين من أصحاب اللهجات المحلية الذين نَأَتْ بهم ديارهم، وبَعُدَت مواطنهم، كان صلى الله عليه وسلم يراعي أصحاب اللهجات الاجتماعية، أي: تلك الطبقات الاجتماعية في البيئة المحلية الواحدة، إذ يختلف أبناء تلك الطبقات في طرائق كلامهم، وفي الثورة اللغوية التي يستعملونها، فلأهل البادية طريقة تختلف عن أهل الحاضرة، وللرعاة أسلوب في الكلام يختلف عن أسلوب التجار وهكذا"[25]
وقد كشف عن هذه الحقيقة الجاحظ في البيان والتبيين، فقال: "إنه كما لا ينبغي أن يكون اللفظ عَامِّيًّا سَاقِطًا سُوقِيًّا، فكذلك لا ينبغي أن يكون غريبا وحشيا إلا أن يكون المتكلم بدويا أعرابيا فإن الوحشي من الكلام يفهمه الوحشي من الناس، كما يفهم السوقي رطانة السُّوقِيّ، وكلام الناس في طبقات كما أن الناس في أنفسهم طبقات".[26]


ويقرر الإمام الخطابي مراعاة الرسول صلى الله عليه وسلم لطبقات الناس حال الخطاب، فيقول: " لما كان قد بعث مبلغًا ومعلمًا فهو لا يزال في كل مقام يقومه وموطن يشهده يأمر بمعروف وينهى عن منكر ويشرع في حادثة ويفتي في نازلة، والأسماع إليه مصغية والقلوب لما يرد عليه من قوله واعية، وقد تختلف عباراته، ويتكرر فيها بيانه؛ ليكون أوقع للسامعين وأقرب إلى فهم من كان منهم أقل فقهاً وأقرب بالإسلام عهدًا ".[27]


لقد اشتمل الغريب الذي أورده علماء الغريب في الكتب موضوع البحث على الكثير من الألفاظ التي اتسمت بالطابع اللهجي، ومن ذلك:
قال أبو عبيد: في حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه كتب لوائل بن حجر الحضرمي وقومه: من محمد رسول الله إلى الأقيال العَبَاهلة من أهل حضرموت بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة على التِّيعة شاة والتيمة لصاحبها... إلخ[28]
وقد فسر أبو عبيد الألفاظ الغريبة الواردة في الحديث ومنها: الأقيال، وهم ملوك اليمن دون الملك الأعظم، واحدهم: قَيْل، والعباهلة: الذين قد أُقِرُّوا على ملكهم لا يُزَالون عنه.[29]
وقد أوردالخطابي هذا الحديث وأورده بألفاظ فيها اختلاف عما ذكره أبو عبيد فقال: قال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب لوائل بن حجر، من محمد رسول الله إلى الأقيال العباهلة والأَرْوَاع المَشَابِيب، من أهل حضرموت بإقام الصلاة المفروضة، وأداء الزكاة المعلومة عند محلها، في التيعة شاة، ... ووائل بن حجر يتَرَفَّلُ على الأقيال، أمير أَمَّرَه رسول الله فاسمعوا وأطيعوا"
ثم فسر الألفاظ الغريبة في هذا الحديث.[30]
ومن ذلك أيضًا ما أورده ابن قتيبة من حديث ذي المشعار مالك بن نَمَط الهمداني، قال ابن قتيبة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم "إنَّ وفْدَ هَمْدان قدموا عليه، .... فكتَب لهم النبي صلى الله عليه و سلم " هذا كتابٌ من محمد رسولِ الله لمِخْلاف خَارف وأَهْل جِناب الهَضْب وحِقاف الرمْل.... [31]
ثم فسر ابن قتيبة الغريب في هذا الحديث.[32]

من هذه النماذج يتضح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخاطب هؤلاء بلغاتهم = (لهجاتهم) التي يفهمونها، ولا شك أن كثيراً من الألفاظ الواردة في هذه الأحاديث وأمثالها كانت غامضة في دلالاتها غريبة على كثير من الصحابة الذين لا يعرفونها.


ومن الأمثلة أيضًا:
ما قال الحربي: لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنْ الحَبَشَةِ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: أَخْبِرْنِى بِأَعْجَبِ شَىْءٍ رَأَيْتَهُ. قَالَ: رَأَيْتُ أمْرَأَةً عَلى رَأَسِهَا مِكْتَلُ طَعَامٍ فَمَرَّ بَها فَارِسٌ يَرْكُضُ فَأَذْرَاه."[33]
قال الحربي: تَذْرُوُه الرَّيحُ وَتُذْرِيهِ: لُغَتَانِ، وعَنِ الفَرَّاءِ: تَذْرُوُهُ مِنْ ذَرَوْتُ وَذَرَيْتُ لُغَة.[34]
فقد لحقت الغرابة باللفظ من جهة اشتقاقها الناتج عن اختلاف اللهجات.


وقال السرقسطي في حديث عمر ط: " أنه خطب إلى علي بنته، فقال: إني أُرْصِد من كرامتها ما لا يُرْصِدُه غيري".[35]
قال أبو زيد: فيه لغات، يقال: رصدت له بالخير وغيره، أَرْصُدُه به رَصْداً، وأنا راصد بالخير، وأرصدت له بالخير إرصاداً، أنا مُرْصِد له بذلك، وفي القرآن: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [التوبة: 107].[36]
فتفسير السرقسطي للفظ (أرصد) قائم على التفسير اللهجي أن من العرب من ينطق باللفظ على صيغة (فعل) = (رصد)، ومنهم من ينطق به على صيغة (أفعل) = (أرصد) وبها جاء القرآن الكريم.
وأخيرًا فإن الغرابة الواقعة من جهة اختلاف اللهجات لم تكن للمخاطبين، وإنما بالنسبة لغيرهم ممن لا يعرف هذه الألفاظ، فيمكن على ذلك القول بأن الغرابة نسبية، ولم تكن من قبيل اللفظ النبوي الشريف نفسه، وإنما هذا كلام القوم وبيانهم، ومن ثم تكون الغرابة متوجهة إلى غير من يتوجه إليهم الخطاب، أي غير أصحاب هذه اللهجات.

ج- كون اللفظ أعجميًا في الأصل = (معربًا)
ويقصد بالتعريب: " أن تًتًفًوَّه به العرب على مناهجها"[37]
وعرفه الجواليقي بأنه: "ما تكلمت به العرب من الكلام الأعجمي، ونطق به القرآن المجيد، وورد في أخبار الصحابة والتابعين، وذكرته العرب في أشعارها وأخبارها"[38]
فتعريفه هذا يفيد اقتصار التعريب على عصور الاحتجاج، الذي على أساسه وضعت قواعد اللغة.
وعرفه السيوطي: بأنه ما استعملته العرب من الألفاظ الموضوعة لمعان في غير لغتها.[39]
وعرفه الشهاب الخفاجي بقوله: نقل اللفظ من العجمية إلى العربية.[40]
وإذا اعتبرت اللغة كائنًا حيًا، أو كالكائن الحي، فإنها تؤثر في غيرها وتتأثر هي بغريها فتعطي غيرها مفردات وتأخذ هي أخرى، "وليست اللغة العربية بِدْعًا من اللغات الإنسانية، فهي جميعًا تتبادل التأثر والتأثير، هي جميعًا تُقْرض غيرها وتقترض منه متى تجاورت أو اتصل بعضها ببعض على أي وجه[41]، وبأي سبب، ولأي غاية"[42]
ويُعَدُّ اللفظ المُعَرَّب – غالبًا- لفظا غريبا؛ ولعل ذلك لحداثة استعماله الفعلي مقارنة باللفظ العربي الأصيل، "وربما أضيف إلى ذلك سبب آخر: وهو أن الكلمات الأعجمية لا يشتق منها في الغالب، ومن ثم فإن إدراك معنى الكلمة يتوقف على استعمالها بذاتها، أما في الكلمات العربية الأصل فإن المشتقات غالباً تساعد على فهم ما لم يسمع منها إذ يتاح للقياس اللغوي حينئذ أن يعمل عمله، فيقيس المرء ما لم يسمع على ما سمع وهكذا".[43]

لقد ذكر أصحاب كتب غريب الحديث موضوع البحث الكثير من الألفاظ المعربة وشرحوها، وكانوا تارة يذكرون الأصل الذي منه أخذت، وتارة لا يفعلون.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 161.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 160.13 كيلو بايت... تم توفير 1.82 كيلو بايت...بمعدل (1.12%)]