التكبير لسجود التلاوة في الصلاة - ملتقى الشفاء الإسلامي

القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية

 

الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 70 - عددالزوار : 16816 )           »          لماذا نحن هنا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          يغيب الصالحون وتبقى آثارهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الهواتف الذكية تحترف سرقة الأوقات الممتعة في حياة الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 34 - عددالزوار : 1150 )           »          استشراف المستقبل من المنظور الشرعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 10 )           »          من شبهات اليهود وأباطيلهم «أن تحويل القبلة أنهى مكانـة المسـجد الأقصى عند المسلمين»!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          لماذا يكذب الأطفال؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          وأنت تقرأ القرآن أو تسمعه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الشيخوخة وتأثيرها على عملية التعلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-04-2020, 10:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,988
الدولة : Egypt
افتراضي التكبير لسجود التلاوة في الصلاة

التكبير لسجود التلاوة في الصلاة


محمد لطفي الدرعمي









مقدمة:

إن الحمدَ للهِ، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يَهْدِهِ اللهُ، فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه، ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.



﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].



﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].



﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].



أمَّا بعدُ:

فإن أصدقَ الحديثِ كلامُ اللهِ عز وجل، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وإن شرَّ الأمورِ محدثاتها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ.



وبعدُ:

فقد رأيت فاضلينِ اختلفا في مسألة التكبيرِ لسجود التلاوة والرفع منه في الصلاة؛ فقائلٌ بأنه لا بدَّ من التكبير لسجود التلاوة، وللرفع منه، وقائلٌ: إنه غير صحيح، ولا يُكبر عند الرفع، واستدلَّ الأخير بأن الشيخ الألباني رحمه الله قال ذلك في تمام المنَّة، وانتصر له؛ فرجعتُ إلى ذلك، وإلى أقوال أهل العلم من أصحاب الأئمة الأربعة، وغيرهم، بعد الرجوع للسنة المطهَّرة، لنرى أي القولين أصح.



وسوف نعرضُ كلام كلٍّ، ثم نُقيِّمه علميًّا دون تحيُّزٍ، ثم نصل إن شاء الله إلى القول الصحيح بالأدلة، وهذا أوان الشروع في المقصود، والله من وراء القصد.





أولًا قولُ مَن لا يرى التكبير عند الرفع:

استدلَّ - كما قلتُ - بأنه قول الألباني في تمام المنة[1]، وهذا نصُّ كلامه رحمه الله، قال: "ومِن (سجود التلاوة) قوله: عن ابنِ عمرَ قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقرأُ علينا القرآنَ؛ فإذا مرَّ بالسجدةِ كبَّر وسجد وسجدنا؛ رواه أبو داود والبيهقي (2 /325)، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.



قلتُ: فيه ملاحظتان:

الأولى: أن الحديث ضعيفٌ؛ لأن في سنده عند أبي داود - وعنه رواه البيهقي - عبدَاللهِ بنَ عمرَ العُمَريَّ، وهو ضعيف، كما قال الحافظ في التلخيص؛ ولذلك قال في بلوغ المرام: سنده فيه لِين، وقال النووي في المجموع [4 /64]: "إسنادُه ضعيفٌ"، وقد روى جمعٌ من الصحابة سجودَه صلى الله عليه وسلم للتلاوةِ في كثيرٍ من الآيات في مناسباتٍ مختلفة، فلم يذكر أحدٌ منهم تكبيرَه عليه السلام للسجود؛ ولذلك نَمِيل إلى عدم مشروعية هذا التكبير، وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله"؛ اهـ.



وقال أيضًا[2]: "وأخرج [ابن أبي شيبة (1 /435)] عن أبي قلابة وابن سيرين أنهما قالا: إذا قرأ الرجل السجدة في غير الصلاة قال: الله أكبر، قلتُ: وإسناده صحيح، ورواه عبدالرزاق في المصنف (3 /349 /5930) بإسناد آخر صحيح عنهما نحوه، ثم روى التكبيرَ عند سجود التلاوة هو والبيهقيُّ عن مسلمِ بنِ يَسَارٍ، وإسناده صحيح"؛ اهـ.



يتَّضح من كلام الألباني الآنف:

أن حديث ابن عمر ضعيف عنده[3].



أنَّه لا يرى مشروعيةَ التكبيرِ لسجودِ التلاوةِ، والظاهر أنه يقصد في غير الصلاة، وذلك في قوله: "وقد روى جمعٌ من الصحابة سجودَه صلى الله عليه وسلم للتلاوةِ في كثير من الآيات، في مناسباتٍ مختلفة، فلم يذكر أحدٌ منهم تكبيرَه عليه السلام للسجود".



صحَّ عند الألباني عن أبي قلابة، وابن سيرين، ومسلم بن يسار: التكبيرُ في غير الصلاة.



ليس في كلام الألباني ما يدل على عدم مشروعية التكبير لسجود التلاوة في الصلاة.



هذا ما يتعلق بقول مَن استدل بكلام الألباني.



واستدل المانع للتكبير أيضًا بقول النووي في المجموع[4]، وهاك نصَّه:

"قال المصنف رحمه الله: (وحكم سجود التلاوة حكم صلاة النفل، يفتقر إلى: الطهارة، والسِّتارة، واستقبال القبلة؛ لأنها صلاة في الحقيقة، فإن كان في الصلاة، سجَد بتكبير، ورفَع بتكبير، ولا يرفع يديه، وإن كان السجودُ في آخر سورة، فالمستحب أن يقوم ويقرأ من السورة بعدها شيئًا ثم يركع، فإن قام ولم يقرأ شيئًا وركع، جاز، وإن قام من السجود إلى الركوع ولم يقم، لم يجز؛ لأنه يبتدئ الركوع من قيام).



قال أصحابنا: حكم سجود التلاوة في الشروط حكم صلاة النفل...، فإن سجد للتلاوة في الصلاة، لم يكبر للافتتاح؛ لأنه متحرِّم بالصلاة، لكن يستحب أن يُكبِّر في الهُوِي إلى السجود، ولا يرفع اليدَ؛ لأن اليد لا ترفع في الهُوي إلى السجود، ويكبر عند رفعه رأسه من السجود، كما يفعل في سجدات الصلاة، وهذا التكبير سنَّة ليس بشرط، وفيه وجهٌ لأبي عليِّ ابنِ أبي هريرةَ، حكاه الشيخ أبو حامد وسائر أصحابنا عنه: أنه لا يُستحَب التكبيرُ للهُوي ولا للرفع، وهو شاذ ضعيف"؛ اهـ.



قال الرافعي[5]: "فإن كان خارج الصلاة، ينوي ويُكبِّر للافتتاح؛ لِما رُوي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا مرَّ في قراءته بالسجود كبَّر وسجد"؛ اهـ.



وقال العظيم آبادي[6]: "(إذا مر بالسجدة كبَّر وسجد وسجدنا)، قال الخطابي: فيه من الفقه أن المستمع للقرآن إذا قرئ بحضرته السجدة سجد مع القارئ...، وفيه أن السنة أن يُكبِّر للسجدة، وعلى هذا مذهب أكثر أهل العلم، وكذلك يكبر إذا رفع رأسه...، قال المنذري: في إسنادِه عبدالله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وقد تكلم فيه غيرُ واحد من الأئمة، وأخرج له مسلم مقرونًا بأخيه عبيدالله بن عمر رضي الله عنهم.



(لأنه كبَّر)؛ أي: لأنه فيه ذكر التكبير، وما جاء ذكر التكبير في سجود التلاوة إلا في هذا الحديث، وأخرجه الحاكم من رواية العُمَري أيضًا، لكن وقع عنده مصغرًا، والمصغر ثقة؛ ولهذا قال: على شرط الشيخين، قال الحافظ: وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر بلفظ آخر"؛ اهـ.



وهذا الحديث، بغضِّ النظر عن صحته أو ضعفه، إنما هو في غير الصلاة، كما بوب لذلك أبو داود في سننه، وكما هو صريح في لفظ ابن نمير عند أبي داود وغيره، وإنما البحث في الصلاة، لا خارجها[7].






أقوال المذاهب الأربعة:

1- مذهب الحَنَفِيَّةِ:

قال ابن مودود الموصلي[8]: "باب سجود التلاوة، وهو واجب على التالي والسامع...، وإذا أراد السجود كبَّر وسجد، ثم كبَّر ورفع رأسه"؛ اهـ.



وقالالملا خسرو[9]: "(باب سجود التلاوة)...، مَن أراد سجودَها، كبَّر ولم يرفع يديه وسجد، ثم كبَّر ورفع رأسه، اعتبارًا بسجدة الصلاة، وهو المروي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه"؛ اهـ.



وقال داماد أفندي[10]: "وكيفية سجود التلاوة (أن يسجد بشرائط الصلاة)، اعتبارًا بسجدةِ الصلاة، خلافًا لابن عمر رضي الله تعالى عنهما؛ فإنه يسجد على غير وضوء، كما في الشمني، (بين تكبيرتين) واحدة عند الوضع، وأخرى عند الرفع"؛ اهـ.






2- مذهبُ المَالِكِيَّةِ:

قال الخرشي[11]: "(فصل في سجود التلاوة)، (قوله: بخلاف سجود السهو)؛ أي: فيحتاج إلى إحرامٍ وسلامٍ ورفعِ يدينِ، وهو غير مُسلَّمٍ في الكلِّ؛ وذلك لأنه كما لا يرفع يديه في سجود التلاوة، لا يرفعهما في سجود السهو، وكما لا يحتاج هنا لتكبير زائد على تكبير الهُوِي لا يحتاج في سجود السهو إلى تكبير زائد على تكبير الهوي"؛ اهـ.



وقال الدسوقي[12]: "(فصل في سجود التلاوة)، (سجد) سجدة واحدة (بشرط الصلاة) من طهارةِ حدثٍ وخبث، وسترِ عورةٍ، واستقبالٍ (بلا إحرامأي: تكبير زائد على تكبير الهوي، وبلا رفع يدين"؛ اهـ.






3- مذهبُ الشَّافِعِيَّةِ:

قالالنووي[13]: "قال المصنف رحمه الله: وحكم سجود التلاوة حكم صلاة النفل، يفتقر إلى: الطهارة، والسِّتارة، واستقبال القبلة؛ لأنها صلاة في الحقيقة، فإن كان في الصلاة، سجد بتكبير، ورفع بتكبير، ولا يرفع يديه...، قال أصحابنا: فإن سجد للتلاوة في الصلاة، لم يكبر للافتتاح؛ لأنه مُتحرِّم بالصلاة، لكن يستحبُّ أن يُكبِّر في الهوي إلى السجود، ولا يرفع اليد؛ لأن اليد لا ترفع في الهوى إلى السجود، ويكبر عند رفعه رأسه من السجود، كما يفعل في سجدات الصلاة، وهذا التكبير سنَّة ليس بشرط، وفيه وجهٌ لأبي عليِّ ابنِ أبي هريرةَ، حكاه الشيخ أبو حامد، وسائر أصحابنا عنه: أنه لا يستحب التكبير للهُوي ولا للرفع، وهو شاذ ضعيف"؛ اهـ.



وقال النووي أيضًا[14]: "فصل في شرائط سجود التلاوة وكيفيته...، وأما كيفيته، فله حالان: حال في غير الصلاة، وحال فيها؛ فالأول: يَنوي ويُكبِّر للافتتاح ويرفع يدَيْه في هذه التكبيرة حذو مَنكبَيْه، كما يفعل في تكبيرة الافتتاح في الصلاة، ثم يُكبِّر أخرى للهوِي من غير رفع اليد، ثم تكبير الهوي مستحبٌّ ليس بشرط...، ثم يرفع رأسه مكبرًا، كما يرفع من سجود الصلاة...، الحال الثاني: أن يسجد للتلاوة في الصلاة، فلا يكبر للافتتاح، لكن يستحب التكبير للهوي إلى السجود من غير رفع اليدين، فكذا يُكبِّر عند رفع الرأس، كما يفعل في سجدات الصلاة، ولنا وجهٌ شاذٌّ: أنه لا يكبر للهوِي ولا للرفع؛ قاله ابن أبي هريرة"؛ اهـ.



وقال النووي أيضًا[15]: "ومَن سجد فيها [يعني الصلاةَ]، كبَّر للهوي وللرفع، ولا يرفع يديه"؛ اهـ.



علَّق الشيخ زكريا الأنصاري قائلًا[16]: (ويُكبِّرُ) المصلِّي (كغيرِه) ندبًا (لهوي ولرفع) من السجدة (بلا رفع يد، ولا يجلس) المصلي (لاستراحة) بعدها؛ لعدم وروده"؛ اهـ.



وقال الجمل معلقًا عليهما[17]: "(قولُه: ويُكبِّر المُصلِّي للهوِي)، وينبغي له أن يقفَ بعد فراغ الآية وقفةً لطيفةً؛ للفصلِ بينها وبين هوِي السجود، كما قيل به قبل هوي الركوع... (قوله: ولرفع إلخ) أعاد اللام؛ ليفيدَ صريحًا أن لكلٍّ مِن الهوِي والرفع تكبيرًا، ولو أسقطها لتُوهِّم خلاف ذلك"؛ اهـ.



وقال البكري الدمياطي[18]: "أما المُصلِّي إذا أراد أن يسجد، فليسجدْ مِن غير نيةٍ، وتكبيرِ تحرم، وسلامٍ، ويُندَب له أن يُكبِّر للهوِي إليها والرفع منها"؛ اهـ.



وقال الرافعي[19]: " كيفية سجود التلاوة...، وأما الكيفية، فهو:إما أن يكون في الصلاة أو خارج الصلاة، فإن كان خارج الصلاة يَنوي ويُكبِّر للافتتاح؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا مرَّ في قراءته بالسجود كبَّر وسجد، ويرفع يديه حذو منكبيه في هذه التكبيرة، كما يفعل ذلك في تكبيرة الافتتاح في الصلاة، ثم يكبر تكبيرة أخرى للهوي من غير رفع اليدين، كما في الهوي إلى السجود الذي هو من صُلب الصلاة، ثم تكبير الهوي مستحب، وليس بشرط...، والمستحب أن يقوم ويُكبِّر وينوي قائمًا، ثم يهوي من قيام... وأما في الصلاة، فلا يُكبِّر للافتتاح، ولكن يستحب له التكبير للهوِي إلى السجود من غير رفع اليد، وكذلك يُكبِّر عند رفع الرأس كما يفعل في سجدات الصلاة"؛ اهـ.






4 مذهبُ الحَنَابِلَةِ:

قال ابن قدامة[20]: "(ويُكبِّر إذا سجد)، وجملة ذلك: أنه إذا سجد للتلاوة، فعليه التكبير للسجود والرفع منه، سواءٌ كان في صلاة أو في غيرها، وبه قال ابن سيرين، والحسن، وأبو قلابة، والنخعي، ومسلم بن يسار، وأبو عبدالرحمن السُّلَمي، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وقال مالك: إذا كان في صلاة، واختلف عنه إذا كان في غير صلاة"؛ اهـ.



قال أبو الخطاب الكلوذاني[21]:"ومَن سجد للتلاوةِ في الصلاة، كبَّر في السجودِ، ورفع يديه، نص عليه - وقال شيخنا: لا يرفع؛ لأن محل الرفع في ثلاثة مواضع - ويكبر للرفع منه، ويجلس ويسلم، ولا يفتقر إلى تشهد"؛ اهـ.



وقال ابن مفلح[22]: "ويُكبِّر إذا سجد، ويُكبِّرُ إذا رفع، هذا هو المذهب"؛ اهـ.



وقال البهوتي[23]: "(يُكبِّرُ) في سجود التلاوة تكبيرتين، سواء كان في الصلاة، أو خارجها: تكبيرة (إذا سجد و) تكبيرة (إذا رفع)؛ كسجود صلب الصلاة والسهو"؛ اهـ.






وفي الموسوعة الفقهية الكويتية[24]:

"(كيفية سجود التلاوة)، اتَّفق الفقهاء على أن سجودَ التلاوة يحصُلُ بسجدةٍ واحدةٍ، وذهب جمهورهم إلى أن السجدة للتلاوة تكون بين تكبيرتينِ...، لكنهم اختلفوا في تفصيل كيفية أداء السجود للتلاوة اختلافًا يحسن معه إفراد أقوال كل مذهب ببيان:

ذهب الحنفية إلى أن سجودَ التلاوةِ سجدةٌ بين تكبيرتين مسنونتين جهرًا، فمَن أراد السجود كبَّر ولم يرفع يديه وسجد، ثم كبَّر ورفع رأسه اعتبارًا بسجدة الصلاة؛ لِما روي عن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال للتالي: إذا قرأتَ سجدةً، فكبِّرْ واسجُدْ، وإذا رفعتَ رأسَك، فكبِّرْ[25]، والتكبيرتانِ عند الهُوِي للسجود وعند الرفع منه مندوبتانِ لا واجبتان، فلا يرفع الساجد فيهما يديه؛ لأن الرفع للتحريم، ولا تحريم لسجود التلاوة.



وعند المالكية تؤدَّى بغير تكبير للإحرام مع رفع اليدين عنده زيادة على التكبير للهوي والرفع، وبلا سلام على المشهور.



وعند الشافعية في الصلاة يستحب له أن يكبر في الهوي إلى السجود، ولا يرفع اليد؛ لأن اليد لا ترفع في الهوي إلى السجود في الصلاة، ويكبر عند رفعه رأسه من السجود كما يفعل في سجدات الصلاة.



وعند الحنابلة: مَن أراد السجود للتلاوة، يُكبِّر للهُوِي لا للإحرامِ، ولو خارج الصلاة، ويُكبِّرُ الساجد للتلاوة إذا رفع من السجود؛ لأنه سجود مفرد، فشُرِع التكبير في ابتدائه وفي الرفع منه، كسجود السهو وصلب الصلاة".






وفي فتاوى اللجنة الدائمة[26]: "يُشرَع للمصلي إذا كان إمامًا أو منفردًا، ومر بآية سجدة: أن يُكبِّر ويسجد سجود التلاوة، ثم يُكبِّر عندما ينهض من السجدة؛ لأن التكبير يكون في كل خفض ورفع، أما إن كان القارئ خارج الصلاة ومرَّ بالسجدة، فإنه يشرع له أن يكبر ويسجد، ولا يشرع له بعد ذلك تكبير ولا سلام؛ لعدم ورود الدليل على ذلك، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".



وفيها[27]:"الذي ورد التكبير في الخفض لسجود التلاوة لا للرفع منه، إلا إذا كان سجود التلاوة وهو في الصلاة، فيكبر للخفض والرفع؛ لعموم الأحاديث الصحيحة الواردة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يكبر في كل خفض ورفع".






خلاصة البحث:

أن فقهاء المذاهب الأربعة اتفقوا على أن الأصل في سجودِ التلاوة في الصلاة هو التكبيرُ هاويًا ورافعًا، وهو مندوب، لا واجب.



وإن كان خارج الصلاة، فقد اختلفوا، والصواب أنه لا تكبير ولا تسليم ولا تشهد؛ لعدم وجود الدليل.



والدليل على أن الأصل هو التكبير لسجود التلاوة في الصلاة، هو:

قول ابن مسعود رضي الله عنه: "رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم يُكبِّر في كل رفعٍ وخفض، وقيام وقعود"[28].



وما رواه أحمد[29] عن عكرمةَ، قال: رأيتُ رجلًا يُصلِّي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يُكبِّر إذا سجد، وإذا رفع، وإذا خفض، فأنكرتُ ذلك، فذكرتُه لابن عباس؟ فقال: لا أمَّ لكَ، تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.



ربَّنا لا تُزِغْ قلوبَنا بعد إذ هديتَنا، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان

ولا تجعَلْ في قلوبنا غِلًّا للذين آمنوا

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد وآله





[1] تمام المنة في التعليق على فقه السنة للألباني، ص267، ط/ دار الراية.




[2] تمام المنة ص 269.




[3] هذا حديث مختلف في تضعيفه، وإن كان الأغلب على تضعيفه، انظر: البدر المنير (4/ 260).




[4] المجموع (4/ 63).




[5] فتح العزيز شرح الوجيز (4/ 192).




[6] عون المعبود (4/ 228)، ط/ 2 للمكتبة السلفية بالمدينة المنورة، سنة 1388هـ، 1968م.




[7] وقد ورد صريحًا في رواية مسلم للحديث [104 - (575)].




[8] الاختيار لتعليل المختار (1/ 75).




[9] درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 155).




[10] مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 236).




[11] شرح مختصر خليل (1/ 348).




[12] حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 178).




[13] المجموع شرح المُهَذَّب (4/ 63).




[14] روضة الطالبين (1/ 321،322).




[15] منهج الطالبين (1/ 35).




[16] شرح منهج الطلاب لزكريا لأنصاري (1/ 65).




[17] الحاشية (1/ 474).




[18] إعانة الطالبين (1/ 245).




[19] فتح العزيز شرح الوجيز (4/ 192 - 195).




[20] المغني (2/ 359).




[21] الهداية على مذهب الإمام أحمد ص 91.




[22] المبدع في شرح المقنع (2/ 38).




[23] شرح منتهى الإرادات (1/ 253).




[24] (24/ 221 - 224) بتصرُّف.




[25] في معناه عند ابن أبي شيبة (1/ 453)، وفيه عطاء بن السائب.




[26] (7/ 165)، الفتوى رقم (13206).




[27] (7/ 261) الفتوى رقم (2437).




[28] رواه أحمد (1/ 386، 442، 443)، والنسائي (1/ 164، 172)، والترمذي (2/ 34)، وقال: حديث حسن صحيح.




[29] (3101)، وصححه أحمد شاكر.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 90.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 88.49 كيلو بايت... تم توفير 2.10 كيلو بايت...بمعدل (2.31%)]