|
|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
المسافر في نهار رمضان يجوز للمسافر في نهار رمضان أن يفطر، فالعذر ثابت للمريض والمسافر؛ لقول الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]؛ وفي هذه الآية محذوف تقديره: من كان مريضاً فأفطر لزمه أن يقضي، وهذا نوع من أنواع الدلالات، وهي دلالة الاقتضاء، فالكلام فيه حذف أو شيء مضمر والمقام يقتضي أن نعبر عنه بذلك.إذاً من كان منكم مريضاً فأفطر أو على سفر فأفطر، لكن المريض الذي لم يفطر، أو المسافر الذي لم يفطر ليس عليهما عدة من أيام أخر، وهذه تسمى دلالة الاقتضاء: من كان منكم مريضاً فأفطر لزمه أن يقضي مكان اليوم الذي أفطره.روى أصحاب السنن عن أنس بن مالك الكعبي -غير أنس بن مالك الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه- قال: (أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدى فقال: ادن فكل -أي: يتناول طعام الإفطار في الصباح، والغداء في الغدو، ونحن نقول: الغداء أي: طعام الظهر، ولكن الغداء أصلاً معناه طعام الصبح وهو الإفطار- قال: فقلت: إني صائم، فقال صلى الله عليه وسلم: ادن أحدثك عن الصوم، إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم، وشطر الصلاة) أي: رخص الله عز وجل للمسافر أن يفطر وعليه أن يقضي، وطالما أنه سيصلي فليس عليه قضاء؛ لأنه قد أتى بشطر الصلاة. وهذا حديث حسن صحيح.فإن كان سفره فوق مسافة القصر على اختلاف بين العلماء في مسافة القصر فنقول: ابتداء إذا كان السفر مسافة قصر وليس سفر معصية فله الفطر في رمضان، والسفر قد يكون واجباً، وقد يكون مستحباً، وقد يكون مباحاً، وقد يكون مكروهاً، فللمسافر أن يفطر في ذلك، أما إذا كان سفر معصية فليس له أن يفطر فيه؛ لأن الإفطار في السفر إعانة على مشقة السفر، وهذا الذي يسافر ليعصي المفترض أن يمنع من السفر، كأن يسافر ليشتري خمراً، أو يزني، فالأصل أن يمنع، ولا يجوز له أن يفطر أو يقصر؛ لأنه بهذه الرخصة أعين على المعصية.إذاً: إذا كان سفره فوق مسافة القصر، وليس السفر في معصية فله الفطر في رمضان؛ لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184] سواء كان سفر حج أو جهاد أو تجارة، وأنواع السفر: سفر حج، وهذا قد يكون فريضة، وقد يكون مستحباً، وسفر جهاد وهذا قد يكون فرض عين أو كفاية أو قد يكون مستحباً، أو سفر تجارة فقد تكون مستحبة أو مباحة أو مكروهة، ونحو ذلك من الأسفار.ومذهب الأئمة الأربعة: أنه يجوز للمسافر أن يصوم وأن يفطر، فالأيسر عليه يفعله.وأما في الصلاة فقد استحب الجمهور قصرها في السفر، وذهب الأحناف إلى أنه يجب القصر. والمسافر تجب عليه الصلاة ولا يصح أن يقال له: إذا رجعت من السفر فاقضها كالصيام، ولكن له أن يصلي الرباعية ركعتين، لكن الصوم لا يقال له: صم نصف الصوم، فإما أن يصوم أو يفطر، وإذا أفطر لزمه القضاء وبقي متعلق بذمته، وإذا صام فليس عليه قضاء. اختلاف العلماء في أيهما أفضل في السفر الصوم أو الفطر اختلف العلماء في أيهما أفضل: الصوم في السفر أو الإفطار؟ والراجح في ذلك: هو أن الأيسر عليه يفعله سواء الصوم أو الإفطار.روى البخاري ومسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار، حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة)، والمعنى أن هذا الصوم كان فريضة في رمضان، فالذي كان صائماً هو النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة وبقية الصحابة كانوا مفطرين.وعن جابر كما في الصحيحين: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلل عليه فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم، فقال: ليس من البر الصوم في السفر)، وهذا الحديث لا يؤخذ الجزء الأخير منه من غير نظر إلى سببه، فلا يقال: إن قوله: ليس من البر الصوم في السفر تعتبر قاعدة عامة؛ لأنه إنما قال ذلك نتيجة سبب من الأسباب، فلا ينبغي أن يلغى السبب ويؤخذ بالنتيجة، فالنبي صلى الله عليه وسلم، صام في السفر، ولكنه رأى صلى الله عليه وسلم رجلاً صائماً في السفر وحوله أناس مزدحمين كل يقدم له خدمة، فقال: (ما هذا؟) فقالوا: صائم. إذاً: كان القوم مسافرين، والسفر قطعة من العذاب، وكل واحد مشغول بنفسه، وهذا الصائم شغلهم وضيق عليهم بحيث وصل إلى مشقة لا يقدر معها على الصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس من البر الصيام في السفر)؛ لأنه ليس من التقرب إلى الله أن تشق على صاحبك وتجعل الناس يخدمونك.إذاً هذا الحديث فيما إذا كان الصائم سيشق على نفسه وعلى رفقته.وعن أنس -كما في الصحيحين- قال: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، فلا الصائم يعيب على المفطر، ولا المفطر يعيب على الصائم، فطالما الصائم لا يتعب غيره فلا بأس أن يصوم، قال الله عز وجل: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]، فالأفضل هو الأيسر، والله يريد بنا اليسر. وأيضاً عن ابن عمر -كما في المسند مرفوعاً-: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته)، فالله يكره من عبده أنه يأتي المعصية، كذلك يحب من عبده أن يأتي الرخصة.وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام -والمعنى أن الرجل كان كثير الصيام في غير رمضان، فلما جاء عليه شهر رمضان سأل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك- فخيره النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر)؛ لأنه إذا أفطر في رمضان لزمه القضاء بعد رمضان، كسائق السيارة من الإسكندرية إلى القاهرة فهو مسافر دائماً، فله أن يفطر في رمضان، وله أن يصوم، وإذا أفطر لزمه القضاء بعد رمضان، ولعله يكون مسافراً أيضاً، فالذي يتيسر له من الأمرين يفعله سواء كان الصوم أو الإفطار.كذلك في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة، فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه ليريه الناس، فأفطر صلى الله عليه وسلم)، فظل صائماً إلى أن وصل إلى عسفان، وبعد ذلك بلغه أن الناس شق عليهم الصوم، فأفطر صلى الله عليه وسلم أمام الناس. وكان ذلك في فتح مكة في رمضان.وفي رواية: (أن ذلك كان بعد العصر) .إذاً النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقتدي به الناس أفطر بعد العصر وإن كان الوقت قد قرب من المغرب، ولكنه وجد أن ذلك سيشق على الناس فأفطر صلوات الله وسلامه عليه حتى يفطر الناس، فكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر -يعني في السفر- فمن شاء صام ومن شاء أفطر.ويذكر الحافظ ابن حجر مذاهب العلماء في الصوم أو الإفطار في السفر، فأكثرهم كـمالك والشافعي وأبي حنيفة على أن الصوم أفضل لمن لم يشق عليه؛ لأنه إذا صام لا يتعلق بذمته. وقال كثير من العلماء: الفطر أفضل؛ عملاً بالرخصة، فإذا كان الإنسان لم يرفض الرخصة أصلاً ولكن خاف ألا يتمكن من القضاء، والأداء سهل عليه كان الصوم أفضل له.وقال آخرون: هو مخير بين الأمرين، وقال آخرون: أفضلهما أيسرهما، وهذا الأرجح، فإذا تيسر الصوم صام، وإن شق الصوم أفطر، وإن كان الصيام أيسر كمن يسهل عليه الأداء ويشق عليه القضاء بعد ذلك فالصوم في حقه أفضل، وكثير من الناس يسهل عليهم الصيام، فإذا دخل رمضان اعتاد على الصيام، وصام مع الناس وارتاح من القضاء.وآخر يشق عليه وهو مسافر أن يصوم، فقد يمرض أو يعطش عطشاً شديداً لا يقدر معه على أن يقضي حاجته في سفره، فهذا الأفضل في حقه أن يفطر؛ حتى يتمكن من قضاء حاجاته، ثم يقضي بعد ذلك.فالفطر أفضل لمن اشتد عليه الصوم وتضرر به كما ذكرنا، كذلك من ظن أنه رغب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ورفض الرخصة، فالأفضل أن يأخذ بالرخصة التي رخصها الله عز وجل له.إذاً: الذي قبل الرخصة وصام له ذلك، والذي قبل الرخصة وأفطر له ذلك، لكن الذي رد الرخصة ورفضها فالأفضل في حقه أنه لا يعرض عن رخصة رخصها الله له ولو بالقول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من رغب عن سنتي فقد رغب عني، أو فليس مني).كذلك من خاف على نفسه العجب أو الرياء، فقد يكون مسافراً مع الناس، والكل مفطر فيخاف أن يصيبه العجب من كلام الناس، فالأفضل في حقه أنه يبتعد عن الرياء وأن يفطر، وغيره يجوز له أن يصوم ويجوز له الإفطار كما قدمنا.روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثرنا ظلاً الذي يستظل بكسائه، وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئاً، وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا).فالصائمون في تلك الحالة فائدة صيامهم مقتصرة عليهم لا تتعدى إلى غيرهم، لكن الذين أفطروا قاموا وخدموا الجميع وأحضروا الطعام، وبعثوا الركاب، وامتهنوا أي: قاموا بالمهنة وبقضاء حوائج المسافرين، فكان نفعهم متعدياً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) .فإذا كان الصائمون لهم أجر على قدر صيامهم، فالأجر العظيم أخذه المفطرون الذين قاموا بأمر السفر، ويسروا على غيرهم، وقاموا بما طلب منهم، فكان لهم الأجر العظيم، فكأنه إذا قورن أجر الصائم بأجر هؤلاء في تعبهم وامتهانهم لكان أجر الصائم قليلاً بالنسبة لأجر ذلك المفطر، وليس معنى ذلك أن الصائم ليس له أجر، بل له أجر عظيم، ولكن أجر أولئك الذين قاموا بالخدمة أعظم.أيضاً أخرج مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام -أي: في فتح مكة في رمضان- فنزلنا منزلاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا -فكانت رخصة- فمنا من صام ومنا من أفطر).ومعنى (إنكم قد دنوتم) أي قربتم من العدو، فالفطر أقوى لكم؛ حتى تقدروا على قتال أعدائكم، فمنهم من صام ومنهم من أفطر، قال: (فنزلنا منزلاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا، فكانت عزيمة) أي: أن الصبح هو موعد القتال، وربما يصعب عليهم القتال وهم صائمون، فأمرهم بالإفطار صلى الله عليه وسلم؛ لأن الفطر أقوى لهم. ففي المرة الأولى كانت رخصة؛ لأن العدو مازال بعيداً فلم يعزم عليهم، لكنهم لما أصبحوا لقتال العدو قال لهم: أفطروا، قال: (فأفطروا إلا قليلاً منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم -لما سمع أن فلاناً وفلاناً ما أفطروا-: أولئك العصاة) وهذا دليل على أن أمره لهم كان عزيمة. فقد كانوا ذاهبين إلى مكة مكان الكفر ليحولوه إلى بلد للإسلام، وقد لا يقدرون مع الصوم على ذلك، فعليهم أن يفطروا، وإذا أفطر أحدهم وقاتل حتى قتل فإنه في هذه الحالة لم يتمكن من القضاء، فما عليك شيء، ولا يصوم عنه وليه، فكان الأفضل لهؤلاء أن يفطروا؛ لأنه أقوى لهم، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم عمن لم يفطروا: (أولئك العصاة).ونسبته صلى الله عليه وسلم الصائمين إلى العصيان؛ لأنه عزم عليهم أن يفطروا؛ لأنهم مصبحوا العدو، فأصبحوا صائمين.وكذلك الحديث الذي رواه النسائي عن جابر بلفظ: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل في ظل شجرة يرش عليه الماء فقال: ما بال صاحبكم هذا؟ قالوا: صائم يا رسول الله، فقال: إنه ليس من البر أن تصوموا في السفر، وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوه) فقد قال هذا الكلام لسبب معين فما كان مثله كان كذلك. مسافة القصر الراجح في مقدار السفر الذي يجوز فيه الفطر والقصر أنه ما يسمى سفراً، وخرج فيه الإنسان من مكان إلى مكان آخر، أو من بلدة إلى أخرى فله أن يفطر وله أن يقصر من الصلاة فيه، فما سمي سفراً عرفاً سواء كان قصيراً أو طويلاً يجوز فيه القصر والفطر، بشرط ألا يقل السفر عن أقل مسافة قصر فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فأقل المسافات التي قصر فيها النبي صلى الله عليه وسلم كما جاءت في الحديث: (أنه كان يقصر صلى الله عليه وسلم إذا سافر ثلاث فراسخ أو ثلاثة أميال)، وفي هذه الرواية شك، وفي بعض الروايات: (ثلاثة أميال) بغير شك، فعلى ذلك يحطاط بثلاثة فراسخ، ومقدارها نحو ستة عشر كيلو من آخر عمران البلد، أي: بعد آخر البيوت التي يعيش فيها، فإذا كان بين قرية وأخرى مسافة ستة عشر كيلو فما فوقها فله أن يقصر وأن يفطر.قال يحيى بن يزيد الهنائي : (سألت أنساً عن قصر الصلاة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين).لكن العلماء أخذوا بأطول من ذلك، فذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أنه مسيرة يومين على الإبل أو الأقدام، قالوا: وتقديرها بستة عشر فرسخاً أي: بمقدار واحد وثمانين كيلو متراً تقريباً.واختار البخاري أنها مسيرة يوم وليلة، وكأنه على النصف من ذلك، أي: بمقدار أربعين كيلو متراً.وقال أبو حنيفة : أنها مسيرة ثلاثة أيام، وبعض فقهاء الأحناف يقولوا: أنها تقدر بخمسة عشر فرسخاً، وذلك ست وسبعون كيلو متراً.إذاً من العلماء من يرى أنها ستة عشر فرسخاً، والبعض يرى أنها خمسة عشر فرسخاً، ولكن الحديث على أنها ثلاثة فراسخ أو ثلاثة أميال، فإذا احتطنا في الأخذ بالحديث تكون ثلاثة فراسخ، وتقدر بستة عشر كيلو، ويقيد ذلك بأن يسمى سفراً عرفاً.وقد يكون ما بين آخر العمران الذي بين بلد وآخر حوالي ستة عشر كيلو.يقول ابن تيمية رحمه الله: تنازع العلماء: هل يختص القصر والفطر بسفر دون سفر، أم يجوز في كل سفر؟ قال: وأظهر القولين أنه يجوز في كل سفر، قصيراً كان أو طويلاً، كما قصر أهل مكة خلف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات ومنى، وبين مكة وعرفة نحو بريد، يعني: أربعة فراسخ، بما يقدر بواحد وعشرين كيلو متراً، والمعنى: أنه قصر أهل مكة وكانوا وراء النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات، ولم يأمرهم بإتمام الصلاة.يقول: ولم يحد النبي صلى الله عليه وسلم مسافة القصر بحد لا زمنه ولا مكانه، والأقوال مذكورة في ذلك ومتعارضة، وليس على شيء منها حجة، والواجب أن يطلق ما أطلقه صاحب الشرع -يعني: النبي صلى الله عليه وسلم- ويقيد ما قيده، فيقصر المسافر الصلاة في كل سفر، وكذلك في جميع الأحكام المتعلقة بالسفر من القصر، والصلاة على الراحلة، والمسح على الخفين، ومن قسم الأسفار إلى سفر طويل وقصير، وخص بعض الأحكام بهذا وبعضها بهذا فليس معه حجة يجب الرجوع إليها.هذا كلام شيخ الإسلام رحمه الله وهو كلام قوي متين، فالراجح: أنه إذا سمي السفر سفراً، أو سميت المسافة التي يقطعها الإنسان من بلد إلى أخرى سفراً فيجوز له أن يقصر من الصلاة، وأن يفطر، والله أعلم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - الفطر في رمضان ومن لا يرخص له فيه وأحكام الكفارة - للشيخ : ( أحمد حطيبة ) (11) يجب على المسلم أن يعرف أحكام العبادات التي يتعبد بها ويتقرب بها إلى ربه سبحانه وتعالى، حتى تكون هذه العبادات صحيحة فيقبلها رب العالمين، ومن أهم العبادات فريضة الصيام فهي الركن الرابع من أركان الإسلام، ومع أهمية الصيام ومكانته في دين الله، فإنك تجد كثيراً من الناس يجهل بعض أحكامه، فيجب علينا أن نتنبه لهذا الأمر. مسائل في الصيام حكم من أفطر ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.أما بعد: فإن الصائم إذا أفطر ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً، فإن صومه صحيح، وعليه أن يكمل صومه ذلك، والدليل على ذلك في النسيان قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا نسي الصائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه)، وكذلك ما جاء في سنن ابن ماجة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، فإذا أخطأ الإنسان فأكل، أو نسي فأكل، أو أكره على ذلك فأكل مكرهاً، فإنه مجرد ما يرجع إلى حالته الأولى يلزمه أن يمسك ويتم صومه.فإذا كان جاهلاً بالصيام، وهذا لا يتصور في إنسان يعيش في بلد إسلامي، ولكن في بلاد الكفر قد يتُصور ذلك، فقد يصوم كما يصوم أهل الكتاب، فهذا جاهل، فلا يجب عليه إلا أن يمسك، والأحوط له أن يعيد ما أفطره، لكن إن لم يعد فلا شيء عليه؛ لأنه جاهل.كذلك المكره، ففي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، فإذا أكره إنسان من قبل قوم بأن جعلوا بداخل فمه ماء أو طعاماً أو أدخلوه في الماء بحيث أنه يضطر أن يشرب من هذا الماء، فهذا كله لا يبطل صومه، بل ويكمله بعد ذلك إن استطاع.أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، وذرعه أي: غلبه القيء، فهذا إكراه من نفسه؛ لأن المعدة هاجت فأفرغت ما فيها، فمن ذرعه القيء فليس عليه قضاء، وإنما القضاء على من استقاء عمداً، وكذلك الحكم في الطعام والشراب ونحو ذلك، فإن الإنسان إذا أكره عليها ولا يد له في ذلك، أي: أكره إكراهاً ملجئاً بآلة أو سلاح أو نحوها، فلا شيء عليه وليكمل صومه.كذلك إذا أكره إنسان على الوطء، بأن قيل له: جامع في نهار رمضان وإلا قتلناك، لو حدث هذا الشيء وفعل المكره ما أكره عليه فالراجح أيضاً أنه لا يفطر ولا قضاء عليه في ذلك. حكم المضمضة والاستنشاق للصيام المضمضة والاستنشاق مشروعان للصائم باتفاق العلماء، وجاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينتثر) ولم يقيد لغير رمضان فهو على إطلاقه، فهذا يعني: أنه إذا كان الإنسان في رمضان أو في غير رمضان وأراد الوضوء، فليجعل في أنفه ماءً أي: يدخل ماء في أنفه، ثم لينتثر، يعني: يخرج بقوة الزفير هذا الماء الذي دخل في أنفه.لكن قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث لقيط: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)، فهنا استثناء واحتراز وهو أنك إذا كنت صائماً فلا تبالغ في المضمضة أو الاستنشاق، فنهى عن المبالغة فيها، ولم ينه عنها بالكلية، وأما حكمها فقد قدمناه فيما مضى. حكم من أفطر بلا عذر في نهار رمضان لو أن إنساناً أفطر في نهار رمضان، بطعام أو بشراب أو بجماع وكان معذوراً مريضاً أو مسافراً، فعليه أن يقضي هذه الأيام ولا إثم عليه في ذلك؛ لأنها رخصة من الله سبحانه تبارك وتعالى، ولكن الذي يفطر بغير عذر فهذا إثمه عظيم جداً، وسمعنا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم، فإنهم يعلقون كالذبيحة من أعقابهم في نار جهنم والعياذ بالله، منكوس، مشققة أشداقه تسيل دماً، والسبب هو أنه كان يفطر متعمداً في نهار رمضان بغير عذر، فإذا أفطر وجب عليه أن يتوب من هذا اليوم الذي أفطر فيه، ويجب عليه أن يمسك؛ لأنه ليس من حقه أن يفطر طالما أنه قادر على الصيام ولا رخصة له ولا عذر، ويجب عليه أن يقضي يوماً مكان هذا اليوم، ولكن هل يجب عليه مع القضاء الكفارة؟ أي: هل يجب عليه مع هذا القضاء أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو بإطعام ستين مسكيناً؟الراجح أن الدليل خص حالة واحدة من حالات الإفطار وهي الإفطار بالجماع في نهار رمضان، ولا يلحق غيره به، فمن جامع في نهار رمضان فهذا الذي جاء فيه نص النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالقضاء مع الكفارة.فالذي تعمد الإفطار في نهار رمضان يلزمه أن يمسك بقية يومه، وإن كان إمساكه ليس صوماً، ولكن لمراعاة حرمة اليوم. حكم الجماع في نهار رمضان الذي يفطر بجماع، هذه الصورة الوحيدة التي يلزمه فيها القضاء والكفارة، سواء جامع أهله أو جامع غيرها، أي: وقع في الزنا أو في اللواط وإن كانا حراماً في رمضان وفي غيره لكن كلامنا هنا فيما يجب على من فعل ذلك، فيجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن يمسك بقية هذا اليوم، وعليه القضاء والكفارة أيضاً، والدليل على ذلك ما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله! هلكت، قال صلى الله عليه وسلم: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ فقال: لا، -بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بذكر الرقبة فدل على أن الكفارة على هذا الترتيب الذي ذكره صلى الله عليه وسلم- فقال للرجل: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ فقال الرجل: لا، - لم يقل له: حاول لعلك تستطيع؛ لأن الشخص أدرى بنفسه إن كان يقدر أو لا يقدر - ثم قال صلى الله عليه وسلم: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا، فمكث النبي صلى الله عليه وسلم - أي: سكت وانتظر - فبينما نحن على ذلك، أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: أين السائل؟ قال: أنا، قال: خذها فتصدق بها، فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك).هنا أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة، ولم يذكر زوجة الرجل وما الحكم بالنسبة لها، ولذلك اختلف العلماء هل الكفارة خاصة بالرجل فقط أم أنها تجب على كل من الرجل والمرأة؟ فالبعض يقول: تجب على الاثنين؛ لأن الرجل سأل عن حكم نفسه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، والمرأة تقاس على الرجل فيها، والبعض يقول: لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بكفارةٍ واحدة، وقد علم أنه جامع أهله، ومع ذلك لم يذكر الكفارة على الزوجة، والراجح في هذه المسألة أن الشخص إذا أكره امرأته على ذلك فوافقته خوفاً منه، فيكون عليه القضاء والكفارة وهي عليها القضاء فقط، وإذا دعته هي إلى ذلك، فتكون هي مطيعة ومريدة للمعصية، فيلزم الاثنين القضاء والكفارة.فالرجل إن استطاع أن يعتق رقبة فليفعل وعليه مع ذلك أن يقضي يوماً مكان اليوم الذي جامع فيه، وإذا لم يقدر على عتق رقبة ينتقل إلى صيام شهرين متتابعين، فإذا لم يكن يقدر على ذلك ينتقل إلى إطعام ستين مسكيناً، فإذا لم يقدر في الوقت الحاضر يصبر وينتظر حتى يقدر، وإذا لم يقدر فإنه مع العجز الدائم يسقط عنه ذلك.والمرأة إذا كانت تقدر على العتق لزمها، وإذا كانت لا تقدر على العتق وتقدر على الصيام لزمها، فلا تعلق لكفارة الرجل بكفارة المرأة، فقد يكون الرجل فقيراً والمرأة غنية؛ ولذلك جاز إذا كان الزوج فقيراً والمرأة غنية ولها مال أن تعطي زكاة مالها لزوجها، ولم يجز العكس، فالرجل إذا كان غنياً لا يجوز أن يعطي زكاة ماله لامرأته؛ لأنه يجب عليه أن ينفق عليها، فالمقصود أن الشخص يكفر عن نفسه، سواء أكان الرجل أم المرأة بما يقدر عليه، على الترتيب الذي ذكر في الحديث. وإذا كان الشخص متزوجاً أربع نسوة، ووطئ الأربع في نهار رمضان، فالراجح أن عليه كفارة واحدة مع القضاء، وعليه ذنب عظيم لانتهاك حرمة اليوم بذلك، والنساء فيهن التفصيل الذي ذكرناه آنفاً، وهو أن المطاوعة له في ذلك عليها القضاء والكفارة، أما المغلوبة على أمرها فإن عليها أن تقضي فقط.لكن لو أن المرأة قاومت ولم ترد هذا الشيء فأجبرها بالقوة، فنرجع إلى حكم الإكراه، وهو أنها إذا كانت مكرهة لا تقدر على الفكاك ولا المقاومة، فإنها تبقى على صيامها وليس عليها القضاء إلا أن تخاف منه فتمكنه، أي: إذا ألجأها لذلك فليس عليها شيء، ففرق بين أن تكره إكراهاً ملجئاً وبين أن لا تكون كذلك. حكم من طلع عليه الفجر وهو مجامع من طلع عليه الفجر وهو مجامع فاستدام الجماع مع العلم بذلك، فإن عليه القضاء والكفارة؛ لأنه أفطر بجماع في يوم من أيام رمضان وهو يعلم بحرمة ذلك، أما إذا كان مجامعاً وأذن الفجر فنزع، فلا شيء عليه. الجهل عذر في عدم وجوب الكفارة من المهم أن نعلم أن الجهل يكون عذراً في عدم الكفارة، ومثال ذلك إذا أكل شخص في نهار رمضان ناسياً، وجهل أن الأكل ناسياً لا يبطل الصوم، فظن أنه قد أفطر بذلك، فذهب وجامع أهله، فهنا عليه القضاء فقط وليس عليه كفارة في هذه الحالة؛ لأنه يجهل أن النسيان لا يبطل الصوم. حكم من جهل تحريم الجماع في نهار رمضان إذا وطئ في نهار رمضان وقال: جهلت تحريمه، ففي هذه الحالة: نفرق بين إنسان في بلاد المسلمين وفي غير بلاد المسلمين، ففي غير بلاد المسلمين قد يسمع عن الصيام بأنه الامتناع عن الأكل والشرب، ولم يسمع عن الجماع وحكمه في نهار رمضان، فأمسك عن الطعام والشراب وجامع في نهار رمضان، فالراجح أن هذا الإنسان ليس عليه شيء لجهله، ولكن الأحوط أن يقضي يوماً مكان هذا اليوم، أما الكفارة فليس عليه شيء، أما في بلاد المسلمين فلا عذر بالجهل بذلك؛ لأنه معلوم واضح. ترتيب الكفارة وكيفيتها الكفارة على الترتيب، إما أن يعتق رقبة إذا وجدها وقدر عليها، فإذا لم يقدر على ذلك أو لم يجدها، فيصوم شهرين متتابعين، بحيث لا يفصل بينهما ولو بيوم، فإن فصل بينهما استأنف من جديد إلى أن يكمل الشهرين، فإذا بدأ من نصف الشهر فيكمل ستين يوماً، وإذا بدأ من أول شهر عربي فيكمل شهرين عربيين، سواء كان أحد الشهرين تسعة وعشرين يوماً والثاني ثلاثين يوماً أو كان كلاهما ثلاثين يوماً.فإذا لم يقدر على العتق ولا على الصيام، فيطعم ستين مسكيناً، والراجح أن الإطعام يكون وجبة لكل مسكين، فيعطي كل مسكين مداً، والمد يقدر بربع صاع إذا كان من تمر، ففي التمر يكون الصاع كيلو وربع الكيلو، إذاً فالمد من التمر سيكون أربعمائة جرام تقريباً، فإذا كان من القمح أو من الأرز ونحو ذلك سيكون أكثر من نصف كيلو بقليل، فإذا أعطى كل مسكين نصف كيلو من الأرز أو من القمح أو نحو ذلك، فالراجح أنه يجزئ عنه ذلك، وإن كان الأفضل أنه يعطي للمساكين من جنس الذي يأكل. حكم من جامع وهو صائم قضاءً عن رمضان لو أن إنساناً كان يصوم عن رمضان في أي شهر من الشهور، فأفطر بجماع، فهذا يأثم؛ لأنه انتهك حرمة صوم الواجب، والواجب عليه في مثل هذه الحالة قضاء الأصل؛ لأن صيام هذا اليوم قد فسد بالجماع، ولا يلزمه الكفارة؛ لأنها لحرمة رمضان. حكم النوم والإغماء والجنون في نهار رمضان لو أن إنساناً نام في نهار رمضان أو أغمي عليه أو جن، نقول: لو نام جميع النهار وكان قد نوى من الليل أنه سيصوم غداً، فالراجح أن هذا صومه صحيح؛ لأن النائم يستشعر الجوع والعطش ويستشعر من حوله، ولو أيقظته استيقظ، فهو يختلف عن المغمى عليه، ومن باب أولى إذا نام بعض النهار، فإنه لا شيء عليه. فقد أجمع العلماء على أنه لو استيقظ لحظة من النهار -مهما كانت قليلة ولو دقيقة واحدة- ونام بقية يومه صح صومه، وأما إذا نام جميع النهار فهنا المسألة فيها خلاف باعتبار أنه لم يستيقظ وأن حكمه حكم المغمى عليه، ولكن الراجح -كما قلنا- إن هناك فرقاً بين المغمى عليه وبين النائم، فالمغمى عليه لا يشعر مهما عملت معه ومهما حاولت أن تصحيه إلا أن يشاء الله سبحانه تبارك وتعالى؛ لأنه فاقد العقل، أما الإنسان النائم فعقله موجود وإنما ذهبت بعض أحاسيسه فقط. فالمغمى عليه لو نوى الصيام من الليل ثم أغمي عليه جميع النهار، لم يصح منه صوم؛ لأنه لم يوجد منه إلا النية فقط، أما الشعور فلا يوجد؛ لأنه ذاهب العقل بسبب هذا الإغماء، فيقضي يوماً مكان هذا اليوم الذي أغمي عليه فيه.ولو أن إنساناً تصيبه نوبات من الجنون في النهار كالصرع ونحو ذلك، فالراجح أنه لو كان جزءاً من النهار فلا شيء عليه طالما أنه نوى بالليل الصيام وبعض النهار كان صائماً ممسكاً، وإنما عرض له الجنون في جزء من النهار، وكذلك الحكم بالنسبة للإغماء في جزء من النهار.أما من جن وذهب عقله النهار كله، فهذا ذاهب العقل غير مكلف، فلا يلزمه القضاء ولا يجب عليه، فنفرق بين هؤلاء الثلاثة: النائم اليوم كله، والمغمى عليه اليوم كله، والمجنون اليوم كله.فالنائم اليوم كله: صومه صحيح طالما نوى الصيام من الليل.والمغمى عليه اليوم كله: صومه باطل، ويلزمه القضاء؛ لأن حكمه حكم المريض.والمجنون اليوم كله: يعتبر فاقد أهلية التكليف؛ لعدم وجود العقل، فلا يخاطب وهو في حالة جنون، ولا يلزم بالقضاء، بخلاف ما إذا ذهب عقله في بعض اليوم فإن صومه في باقي اليوم صحيح. حكم المرأة إذا حاضت أو نفست في أثناء الصيام لو حاضت الصائمة في أثناء النهار أو نفست بطل صومها، ولو ولدت ولم تر دماً، وهذا نادر جداً، فصومها صحيح، فعليها أن تبقى صائمة ولا شيء عليها. حكم صيام من ارتد وهو صائم ثم تاب لو أن إنساناً صائماً ارتد، فقد أبطل عمله، فلذلك يبطل صومه وعليه القضاء إذا تاب وعاد إلى الإسلام، فإذا كان الطعام أو الشراب في نهار رمضان معصية يبطل بها الصوم، فكيف بالكفر بالله عز وجل؟! نسأل الله العافية والسلامة. حكم من ذهب عقله بفعل نفسه في نهار رمضان لو نوى الصوم من الليل ثم شرب دواءً فزال عقله نهاراً بسبب هذا الدواء، فهذا حكمه حكم المغمى عليه فيلزمه القضاء إذا ذهب عقله جميع النهار، أما إذا زال عقله بعض النهار فإنه يكمل صومه ولا قضاء عليه. ولو أن إنساناً شرب مسكراً بالليل وبقي سكره إلى النهار، فهذا لا يصح منه صيام ويلزمه التوبة إلى الله عز وجل والقضاء. جواز غطس الصائم في الماء يجوز للصائم أن ينزل إلى الماء يغطس فيه إذا احتاج إلى ذلك؛ لأن ذلك قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى أبو بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر وقال: (تقووا لعدوكم)، وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الذي حدثني: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج -مكان قرب مكة- يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر، فهذا يدل على أن الصائم له أن يغسل رأسه للتبرد أو لتقليل شدة العطش، وله كذلك أن ينزل في الماء ويغطس فيه، فلو أنه نزل في ماء ودخل بعض الماء -رغماً عنه- إلى أنفه أو إلى فمه، فالراجح أنه يلزمه إخراج هذا الماء، فإن لم يقدر فصومه صحيح؛ لأنه أكره على ذلك أو دخل وهو مخطئ غير متعمد، والله أعلم.نكتفي بهذا القدر، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم.وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - الوصال في الصيام - للشيخ : ( أحمد حطيبة ) (12) لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الوصال في الصوم؛ إبقاء عليهم، ورحمة بهم، ورخص لهم في ذلك إلى السحر، وقد كان صلى الله عليه وسلم يواصل اليومين والثلاثة، فقد أعطاه الله قوة الطاعم والشارب.وقد جاءت الأحاديث الدالة على استحباب تعجيل الفطور وتأخير السحور، وذلك دليل على خيرية هذه الأمة، وظهورها على أعدائها. حكم الوصال في الصوم الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين. جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فقالوا: إنك تواصل، فقال صلى الله عليه وسلم: إني لست مثلكم؟! إني أطعم وأسقى) وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: (وأيكم مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني) وهذا عن أبي هريرة رضي الله عنه.ومعنى الوصال: أنه يظل صائماً يوماً مع الليل لا يفطر ويجمع إليه اليوم التالي، وهذا الفعل فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ونهى أصحابه أن يفعلوا ذلك؛ إبقاء عليهم وشفقة عليهم، ورحمة بهم، فهو بالمؤمنين رءوف رحيم صلوات الله وسلامه عليه، والصحابة كانوا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم ويحبون ما يفعله، فيريدون أن يقتدوا به في كل شيء، فبين لهم وقال: (إني لست مثلكم) فالنبي صلى الله عليه وسلم مخصوص بهذا الشيء، فإنه عند ربه يطعمه ويسقيه، فالله عز وجل يجعل له طعاماً وشراباً محسوساً، وفي رواية ابن عمر قال: (إني أطعم وأسقى) وقال صلى الله عليه وسلم في رواية أبي هريرة في الصحيحين أيضاً: (إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)، فالله عز وجل أعطاه قوة الإنسان الطاعم الساقي، فبعض العلماء قال: إن الله يطعمه ويسقيه حقيقة. فقوله صلى الله عليه وسلم: (إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني) يعني: أن الله عز وجل يعطيه قوة الطاعم الشارب صلوات الله وسلامه عليه، ويعينه على ذلك عليه الصلاة والسلام، فهو يصوم ويجمع أياماً وليالي من غير أن يفطر، فالصحابة أحبوا أنهم يقلدون النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء في صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال: (فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً، ثم رأوا الهلال) يعني: كان ذلك في آخر شهر رمضان. فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما وصلوا إلى آخر الشهر، وجدوا النبي صلى الله عليه وسلم يواصل الصيام، فإذا بهم يريدون أن يواصلوا في آخر الشهر معه صلى الله عليه وسلم، ومن رحمة رب العالمين لهذه الأمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الوصال، ولكن الظاهر أن النهي منه صلى الله عليه وسلم لم يكن للتحريم؛ لأنه لو كان على التحريم لفهموا ذلك، ولما صام الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم ليله مع نهاره، ولكن كأنهم فهموا أنه نهاهم صلى الله عليه وسلم ولم يعزم عليهم، فأرادوا أن يواصلوا، فصام النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فصاموا معه، فواصل بهم اليوم الذي يليه فرأوا الهلال، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (لو تأخر الهلال لزدتكم، كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا)، ولو كان ذلك معصية لقال لهم: إن هذه معصية، فيسلمون لذلك، ولكن لم يفعل صلى الله عليه وسلم وإنما واصل بهم يوماً ويوماً ويوماً فظهر الهلال رحمة من رب العالمين، فكان العيد فأفطروا رضوان الله تعالى عليهم. فهذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم ذلك عليهم، وإنما رحمهم وأشفق عليهم صلى الله عليه وسلم بذلك، فأمرهم أن يصوموا ويفطروا كما أمر الله، وهذه الزيادة له صلى الله عليه وسلم، زيادة قربى إلى الله عز وجل. وهنا في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة بهم، فقالوا: إنك تواصل؟ قال: إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني). وفي الصحيحين عن أنس قال: (واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول شهر رمضان فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك فقال لهم: لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم) يعني: لو زاد الشهر لكنا واصلنا وصالاً حتى يدع المتعمقون تعمقهم، ثم قال: (إنكم لستم مثلي أو فإني لست مثلكم إني أظل يطعمني ربي ويسقيني)، ففيه الذي ذكرناه. إذاً: الوصال المنهي عنه: هو أن تواصل يوماً وليلة وتصبح صائماً، لكن الوصال الجائز: هو أنك تؤخر الإفطار إلى السحور، فذلك لك، وإن كان الأفضل أنك تفطر وقت الإفطار بعد غروب الشمس، لما سيأتي من حديث عنه صلى الله عليه وسلم. وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر، فقالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي طاعم يطعمني وساق يسقيني) يعني: الله عز وجل يجعل له قوة الطاعم الشارب، أو يجعل له من يطعمه، وهذا شيء معنوي له صلوات الله وسلامه عليه، وفي الحديث الآخر: (إني أظل) يعني: لو كان يطعم حقيقة من عند الله، لأفطر في نهار رمضان صلى الله عليه وسلم، ولكن جعل الله له قوة الطاعم الشارب عليه الصلاة والسلام. حكم السحور وبيان وقته وفضله السحور سنة، جاء في الصحيحين عن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تسحروا؛ فإن في السحور بركة) والسحور: هو طعام السحور، وفي رواية لـأحمد عن أبي سعيد : (السحور أكله بركة، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء؛ فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين)، لذلك جاز لك إذا أردت الوصال ألا تفطر، لكن تأكل عند السحر، فلا تضيع هذه الفضيلة، وهي أن الله يصلي ويسلم على المتسحرين. وفي سنن أبي داود عن العرباض بن سارية قال: (دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور في رمضان، فقال: هلم إلى الغداء المبارك)، وهنا واضح من قوله: (هلم إلى الغداء) أنه قرب الصلاة، فكان سحور النبي صلى الله عليه وسلم قرب الفجر، ولذلك كان يتسحر ويخرج إلى صلاة الفجر صلوات الله وسلامه عليه. كذلك حث عليه كما في صحيح مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر).أما وقت السحور فقد ورد في الصحيحين عن أنس (أنهم تسحروا عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم قاموا إلى الصلاة، قال: انظر كم بينهما؟ قال: قدر قراءة خمسين أو ستين آية) إذاً: يستحب أن يكون السحور في آخر الليل. مشروعية اتخاذ مؤذنين لصلاة الفجر في رمضان جاء في الصحيحين: (أن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) يعني: أن بلالاً كان يؤذن الأذان الأول، وكان يقول فيه: الصلاة خير من النوم، وهو الذي كان يقيم الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم، فـبلال كان يؤذن بليل، فلكم أن تأكلوا وتشربوا، أما ابن أم مكتوم فكان إذا أذن امتنعوا عن الأكل والشرب. نقول لو أنك سمعت الأذان الأول أو سمعت الأذان الثاني وشككت هل المؤذن أذن قبل الوقت؟ فلك أن تشرب، لكن لو عرفت أن الفجر قد طلع فليس لك أن تأكل ولا أن تشرب. ثم قال: (ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا) لم يكن الأذان من فوق المسجد، إنما كان من فوق بيت قريب من المسجد، وهذا البيت هو لامرأة من الأنصار، وكان بلال يصعد فوق هذا البيت ويؤذن، فإذا نزل بلال من فوق البيت صعد ابن أم مكتوم وأذن الأذان الثاني، وذهاب ابن أم مكتوم وصعوده على البيت يكون في حوالى ربع ساعة أو ثلث ساعة أو عشر دقائق، ولكن هذا قد يرجع في البلاد إلى حاجة الناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد الوقت بينهما، وإنما يكون بحسب مصلحة الناس، ففي بعض البلاد مثل: السعودية الفرق بين الأذان الأول والثاني ساعة تقريباً، حتى يتجهز الناس لذلك لكن في بعض المساجد يكون الفرق بين الأذانين قدر ربع ساعة أو ثلث ساعة، وهذا بحسب حاجة الناس، فلا يقال: إن الساعة هي السنة؛ لأن الذي جاء في هذا الحديث أن الزمن ما بين الأذانين قليل، وهو أن ينزل هذا ويصعد هذا، فالسنة أن الوقت قليل. الحكمة من الأذان الأول والأذان الثاني حكمة الأذان الأول أنه كانت عادة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فكانوا يقومون فيصلون من الليل، إما في نصف الليل وإما في الثلث الأخير، وإذا صلى في أول الليل نام في آخر الليل، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (إن بلالاً يؤذن بليل؛ ليرجع قائمكم ويوتر نائمكم) يعني: حتى يستيقظ النائم ليصلي صلاة الفجر في وقتها، والأذان الثاني هو الأذان لصلاة الفجر، وبعد الأذان الثاني لا يجوز أن تصلي أكثر من ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تصلي بعد أذان الفجر إلا ركعتي السنة فقط. وبعض الناس لعله يأتي إلى المسجد بعد الأذان الثاني فيصلي ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين، ويطيل فيها، مع أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم صلاة ركعتين فقط بعد أذان الفجر الثاني.أما الأذان الأول فله أن يصلي بعده ما شاء أو يجلس يدعو الله عز وجل، لكن الأذان الثاني لا يصلي إلا ركعتين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يطيل فيهما، وإنما كان يقرأ الفاتحة وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1]، والفاتحة وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]. استحباب تعجيل الفطر يستحب تعجيل الإفطار، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) فدليل خيرية هذه الأمة أنهم يعجلون الفطر، ورمضان شهر أحبه الله سبحانه وتعالى، فله أول وله آخر، فقبله يوم الشك وهو منهي عن صيامه، وبعده يوم العيد وهو منهي عن صيامه، ويوم رمضان بعده الليل فنهى عن مواصلة الصيام، وجاء في الحديث (للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه)، والله يعجبه من عبده أن يفرح وقت فطره، فأنت صمت عما منعك الله عز وجل عليه، وأفطرت على ما أحل الله عز وجل لك عند وقت الإفطار، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر). وجاء في صحيح مسلم من حديث أبي عطية قال: (دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة، قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قال: قلنا: عبد الله -يعني: ابن مسعود - قالت: كذلك كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم) يعني: النبي صلى الله عليه وسلم كان يعجل الإفطار، وأحياناً كان يواصل الصيام صلوات الله وسلامه عليه. وفي سنن النسائي هذا الحديث وفيه: فقال: (رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر يؤخر الإفطار ويعجل السحور، فقالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور؟ قال: قلت: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع) يعني: من سنن النبي صلى الله عليه وسلم تعجيل الإفطار وتأخير السحور، يعجل الإفطار حتى يتفرغ بعد ذلك لصلاة العشاء والعشاء وقيام الليل، ويؤخر السحور عليه الصلاة والسلام ليكون في النهار على الصيام وعلى العمل وعلى الدعوة إلى الله عز وجل. أيضاً يحث المؤمنين على تعجيل الإفطار بقوله: (لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر؛ فإن اليهود والنصارى يؤخرون). استحباب الإفطار على رطب أو تمر إذا أفطرت فالمستحب أن تفطر على رطبات البلح الرطب، وفي حديث أنس (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء) يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم عند غروب الشمس كان يفطر على رطبات، وهو البلح الأسود، فإذا كان البلح أو الرطب موجوداً أفطر عليه، فإذا لم يوجد فعلى تمرات، فإذا لم تكن حسا حسوات من ماء، والتمر أو الرطب فيه سعرات حرارية عالية، والصائم عند غروب الشمس تكون كمية السكر في مخه قليلة، والمخ يحتاج إلى سكر حتى يشتغل، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يفطر على رطبات، وفيها أعلى السعرات الحرارية، أو تمرات، فإذا لم يكن هذا أو ذاك أفطر على ماء. استحباب الإكثار من الدعاء للصائم والذكر عند الإفطار كان صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: (ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله) فيستحب للصائم بعدما يفطر أن يقول ذلك؛ لأن الله هو الذي أذهب عنه الظمأ، وبل له عروقه، وأعطاه الأجر إن شاء الله سبحانه. كذلك يستحب للصائم الإكثار من الدعاء؛ لأن الصائم دعوته مستجابة، فأكثروا من الدعاء، سواء بطلب حاجة، أو أنك تدعو بخيري الدنيا والآخرة، أكثر من الدعاء في وقت الرخاء حتى يستجاب لك في وقت البلاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر) فيستحب للصائم أن يكثر من الدعاء، لعل الله عز وجل يستجيب له، ومن أفضل ما يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]. استحباب إطعام الصائم يستحب للمسلم أن يدعو أخاه المسلم ليفطر عنده؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من فطر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء)، فالصائم أجره كامل ومضاعف عند الله عز وجل لمن يشاء، والذي أطعم هذا الصائم يؤجر مثل هذا الذي كان صائماً، لذلك يستحب للإنسان أنه يعطي الصائمين طعاماً ليفطروا عليه، ويعطي للفقراء والمساكين، وأن يطعم إخوانه وأقرباءه، وأن يطعم من يحتاج إلى الطعام، فيؤجر على ذلك هذا الأجر، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (اعبدوا الرحمن، وأطعموا الطعام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجنة بسلام) ، فحض على إطعام الطعام.إذاً: على المؤمن في رمضان وفي غير رمضان أن يعود نفسه على أن يعطي المحتاجين، فإذا فطر صائماً أعطاه طعام الإفطار، أو دعاه ليأكل عنده، فهذا فيه أجر عظيم، فإن لك صومك ولك مثل أجر صوم من أطعمته. نسأل الله عز وجل أن يعيننا على الإنفاق في سبيله، وعلى ذكره وشكره وحسن عبادته. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
__________________
|
#16
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
__________________
|
#17
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
__________________
|
#19
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
__________________
|
#20
|
||||
|
||||
رد: شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان الشيخ أحمد حطيبة يوميا فى رمضان
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |