السنن الإلهية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 322 - عددالزوار : 116062 )           »          قصص من التاريخ الإسلامي للأطفال كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          التحذير من فتنة المال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 104 )           »          زاد الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 630 )           »          كن مفتاح خير مغلاق شر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 101 )           »          آفاق التنمية والتطوير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 21 - عددالزوار : 10848 )           »          عقيدة الرافضة في الأئمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 115 )           »          هل الأمر بالأمر بالشيء أمر بالشيء) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 166 )           »          فجاءتْ كسِنِّ الظَّبْيِ، لم أَرَ مِثْلَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 178 )           »          كتاب “الإسلام والإعاقة: نظرات في العقيدة والفقه” (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 190 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 21-09-2024, 09:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 143,350
الدولة : Egypt
افتراضي رد: السنن الإلهية

السنن الإلهية (11) سنة الله في المكر والماكرين (قانون المكر)


يصفني صاحبي بـ(البيتوني)، قلما تجدني خارج المنزل بعد صلاة العشاء، إلا لتلبية دعوة زفاف، أو قضاء حاجة ضرورية، أو مع الخواص بين فترة وأخرى.
دعاني للعشاء بمناسبة منزله الجديد، كانت دعوة خاصة مع صديق مشترك بيننا، ورابع لم ألتقه من قبل (أبو وائل)، بعد التعارف والمعتاد من الأحاديث، سألني: - أنا من المتابعين لكتاباتك، وأكثر ما أحببت كلامك عن الأسماء والصفات؛ حيث كنت من المتخوفين من الخوض في هذا الباب؛ لأنه يتعلق بالله -عز وجل-، تعرف الشعور بأنك ترغب أن تتعلم وفي الوقت نفسه تخاف أن تقرأ شيئا وتفهمه بطريقة خطأ، فتوقف؟.. هكذا كان موقفي من هذا الباب، بصراحة.
أعجبني صدق أبى وائل، مع أنني لم ألتقه من قبل، تابع حديثه، بينما كنا أنا وأبو أحمد وأبو سعد نستمع: - مثلا، قوله -تعالى-: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال:30)، وقوله -تعالى-: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (آل عمران:54)، كنت أتوقف عند هاتين الآيتين وأمثالها، و(أخاف) أن أقرأ تفسيرها، فأتركها وأؤمن بها، مع أن في النفس شيئا.
سكت قليلا، ينتظر تعليقنا، كان مضيفنا (أبو أحمد)، أول المعلقين.
- لقد اطلعت على ما قبل في هذه الآية، من سورة الأنفال، وذلك أن أولها: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
في اللغة، المكر تدبر بالخفاء يفضي بالممكور به إلى ما لا يحب؛ فالكفار كانوا يخططون لأسر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قتله أو إخراجه خفية، والله محيط بما يعملون، وفي المقابل يأتي تدبير الله بحفظ نبيه ونجاته ويُسقَط في أيدي من أرادوا المكر به، فنسبة المكر لله، صفة مدح وثناء؛ لأنه يدبر لصالح أوليائه، وضد أعدائه، واستخدم اللفظ ذاته من باب المماثلة، ولا يمكر الله -عز وجل- إلا بمن يستحق ذلك؛ فهي صفة مقيدة بفئة محددة من أعداء الله.
تدخلت هنا. - ولله -عز وجل- سنة نافذة، في المكر والماكرين، بمعنى قانون ثابت لا يتغير ويتعطل ولا يحابي، مجمل هذا القانون، {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (فاطر:43).
طلب (أبو سعد) تفصيلا، تدخل مضيفنا.
تابعت حديثي: - حتى نفهم الموضوع نبدأ بهاتين الآيتين وتمامهما: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} (فاطر).
وقوله -تعالى- في سورة الأنعام: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (الأنعام:123). في هذه الآية يبين الله -عز وجل- أن (أكابر المجرمين) هم الذين يمكرون بالناس؛ وذلك حتى لا يظهر الحق، وحفاظا على رئاستهم ومكانتهم وجاههم وسلطانهم، كما يفعل (الملأ)، من كل قوم، ووردت كلمة (المكر) بتصريفاتها أربعا وأربعين مرة، في كتاب الله، وبتتبع الآيات نجد أن المكر وقع في الماضي، للأنبياء والصالحين، وسوف يقع دائما في المجتمعات، إلى يوم القيامة، ومكر الطغاة والظالمين بأهل الحق، ويرجع عليهم، دائما، وهذا (قانون إلهي)، {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} (النحل:26)، ويغفل هؤلاء الماكرون أن مكرهم مرصود، معلوم، ولكنهم لا يفقهون: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُم مَّكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ} (يونس:21)، فهو خزي لهم في الدنيا، وعذاب لهم يوم القيامة.
{مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} (فاطر:10).
قاطعني (أبو سعد): - أفهم من كلامك أن المكر يقوده (الأكابر) و(الملأ)، وعلية القوم الذين لهم القوة والسلطة والسطوة؟! - نعم، وذلك أنهم يريدون أن يخفوا ويغلفوا أذاهم وعذابهم للصالحين والمصالحين وأهل الحق، كما قال -تعالى-: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (النمل:48-52)؛ فالأقوام الذين مكروا بالأنبياء أهلكهم الله، وجعلهم عبرة، وبعد ختام الأنبياء، من يمكر بأهل الحق والمصلحين من الناس، ينال جزاء مكره، (وكل مكر سيء يرجع على أهله) حتى بين عامة الأفراد! {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}! وهذه الآيات تبعث الطمأنينة في قلوب المؤمنين، أن أعداء الله يمكرون بأهل الحق، والله -عز وجل- يمكر بأعداء الحق، وشتان بين مكر الأفراد، ومكر الله، وهذا المحور يثبته الله بقوله: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال:30)، {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} (فاطر:43)، فهو قانون ثابت نافذ إلى يوم القيامة، في تفسير المنار، للشيخ محمد رشيد رضا: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (آل عمران).
{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ} أي ومكر أولئك الذين أحس عيسى منهم الكفر به، فحاولوا قتله وأبطل الله مكرهم فلم ينجحوا فيه، وعبر عن ذلك بالمكر على طريق المشاكلة، كذا قال الجمهور.
ولكن ورد في سورة الأعراف إضافة المكر إلى الله - تعالى - من غير مقابلة بكر الناس، قال: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}، والمكر في الأصل: التدبير الخفي المفضي بالممكور به إلى ما لا يحتسب، ولما كان الغالب أن يكون ذلك في السوء؛ لأن من يدبر للإنسان ما يسره وينفعه لا يكاد يحتاج إلى إخفاء تدبيره، غلب استعمال المكر في التدبير السيئ وإن كان في المكر الحسن والسيء جميعا قال -تعالى-: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، ووجه الحاجة إلى المكر الحسن أن من الناس من إذا علم بما يدبر له من الخير أفسد على الفاعل تدبيره جهله فيحتاج مربيه أو متولي شؤونه إلى أن يحتال عليه ويمكر به ليوصله إلى ما لا يصح أن يعرفه قبل الوصول؛ إذ يوجد في الماكرين الأشرار والأخيار والله خير الماكرين؛ فإن تدبيره الذي يخفى على عباده إنما يكون لإقامة سننه وإتمام حكمه، وكلها خير في نفسها، وإن قصر كثير من الناس في الاستفادة منها بجهلهم وسوء اختيارهم.
فالذين كانوا يمكرون السيئات لمقاومة إصلاح الرسل حرصا على رياستهم وفسقهم وفسادهم لم يكونوا يشعرون بأن عاقبة مكرهم تحيق بهم لجهلهم بسنن الله -تعالى- في خلقه، وهم جديرون بهذا الجهل، وأما قوله -تعالى-: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، فهو بيان حالتهم العامة الدائمة في معاملته - صلى الله عليه وسلم - هو ومن اتبعه من المؤمنين بعد التذكير بشر ما كان منها في مكة، ولذلك لم يقل: (ويمكرون بك) أي: وهكذا دأبهم معك، ومع من اتبعك من المؤمنين، يمكرون بكم ويمكر الله لكم بهم كما فعل من قبل؛ إذ أحبط مكرهم، وأخرج رسوله من بينهم إلى حيث مهد له في دار الهجرة، ووطن السلطان والقوة، {والله خير الماكرين}؛ لأن مكره نصر للحق، وإعزاز لأهله، وخذل للباطل، وإذلال لأهله، وإقامة للسنن، وإتمام للحكم، ومن الدعاء المرفوع: «وامكر لي ولا تمكر علي» (صحيح ابن ماجه).



اعداد: د. أمير الحداد





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 297.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 295.36 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (0.56%)]