توازن وتلوث البيئة في القرآن الكريم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 260 - عددالزوار : 13005 )           »          معيار التغيير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          الفراغ أول طريق الضياع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          الهـــوى وأثره في الخلاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 55 )           »          القاضي الفاضل وفضله على أهل مصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          حوار مع كتاب :«الرؤى عند أهل السنـة والجـماعـة والمخالفـين» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          تدخـل الأهــل في نزاعات الزوجين.. تهديد لاستقرار الأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          ثعبان يتحرَّك بخُبْث من تحت أقدامنا ونحن غافلون..التنصـــير ودعوات الكفر والإلحاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          مفهوم البطولة في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 48 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 79 - عددالزوار : 18237 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-06-2021, 02:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,562
الدولة : Egypt
افتراضي توازن وتلوث البيئة في القرآن الكريم

توازن وتلوث البيئة في القرآن الكريم



توازن البيئة في القرآن:
إن الفقه الإسلامي يَنظُر إلى البيئة باعتبارها الكونَ المحيط بالإنسان، بما فيها من حيوان ونبات وماء عَذْب ومالِح وتُرْبة، تَشمَل الجبال والهِضاب والسهول والوديان والصخور، وعناصر مناخ مختلفة من: حرارة وضغْط ورياح وأمطار، وأحياء مختلفة.

وهذه البيئة أحكم الله خلْقَها، وأتقن صُنْعَها كمًّا ونوعًا ووظيفة؛ قال تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88]، وقال - جل شأنه -: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2]، وقال أيضًا: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49].

وهذه الآيات الكريمة تعني أن البيئة الطبيعية في حالتها العادية، دون تدخُّل مُدمِّر أو مُخرِّب من جانب الإنسان، تكون مُتوازِنة على أساس أن كلَّ عنصرٍ من عناصر البيئة الطبيعية، قد يُخلَق بصفات محدَّدة وبحجم مُعيَّن، يَكفُل تَوزُان البيئة، ويُؤكِّد ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ * وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ} [الحجر: 16 - 23].

ومن معاني الآيات السابقة أن الجبالَ الرواسي تُحافِظ على تَوازُن الأرض، والنبات أخرجه اللهُ بأعداد وأنواع تكون بالكم الذي يَسُد احتياجات الكائنات الحية، التي تتغذَّى عليه، دون إخلال بالتوازن البيئي، ومن ثَمَّ يُمكننا القول: إن مفهوم التوازن البيئي يعني: بقاء عناصر أو مكوِّنات البيئة الطبيعية على حالها كما خلَقها الله، دون تغيير جوهري يُذكَر، فإذا حدث أيُّ نقْص اضطرب تَوازنُها، بحيث تُصبِح غير قادرة على إعادة الحياة بشكل عادي.

ومن العوامل الرئيسة التي تتسبَّب في اضطراب التوازن البيئي: التلوث:

• تلوث البيئة في القرآن:
يُعَد التلوث أحد صُور الفساد، الذي يتسَّبب فيه الإنسان؛ نتيجة لإخلاله بتوازن النُّظم البيئية.

وسبق أن ذكرنا أن القرآن الكريم عبَّر عن التلوث بلفظ الفساد، الذي هو أشمل وأوسع وأدق من كلمة تلوث، وقد جاء القرآن الكريم بآيات كثيرة تَحدَّثت عن الفساد الذي يُحدِثه الإنسان في الأرض، والتي ذكرنا بعضَها عند عرْضنا للمفهوم الشرعي للتلوث، ونَذكُر هنا البعض الآخر دون تَكرار.

تأمَّل قولَه تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251].

وقوله أيضًا: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32].

وقوله - كذلك -: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: 64].

وأيضًا: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [الأعراف: 74].

{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 85]، {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 103]، {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ}[الفجر: 9 - 12]، {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل: 88]، {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم: 41][1]، والآيات السابقة وإن حفَلت بالحديث عن أنواع الفساد الذي يُحدِثه الإنسان في الأرض من: معصية، أو كُفْر، أو تفريق الناس عن الدين أو الإيمان، كما كان يفعل فرعون وقوم عاد وثمود، أو من الجور والظلم وانتهاك الإنسان لحقوق أخيه الإنسان، إلا أنها تَحدَّثت كذلك عن التلوث الذي يُحدِثه الإنسان بالأرض، والذي يدخل تحت معنى الفساد، وذكرت أن الله خَلْق الكونَ على أكمل صورة وأحسن حال، وأمرنا ألا نُفسِد في الأرض بعد إصلاحها، وأن المعاصي حينما ظهرت في البرِّ والبحر حبَس الله عنهما الغيثَ، وأغلى سعرهم - أي: العاصين - ليُذيقهم عقابَ بعض الذي عمِلوا؛ لعلهم يتوبون.

وقد أوضحت الآية الأخيرة من سورة الروم أن هذا الفسادَ سينتاب البر والبحر، وأن الإنسان هو السبب الرئيس في حدوثه، وهو المُتضرِّر الأول منه أيضًا، فقد سخَّر الله كلَّ ما في البيئة لخدمة الإنسان، ومن ثَمَّ فإن أي ضررٍ يَحيق بمكوِّنات البيئة وما فيها من مخلوقات، سيَنعكِس بدوره سلبيًّا على الإنسان نفسه، وهكذا نجد أن القرآن الكريم قد تَحدَّث عن مشكلة تلوُّث البيئة، قبل وقوعها بنحو أربعة عشر قرنًا، وأشار إلى أنها ستكون نتيجة لما تصنعه يدُ الإنسان، كما بيَّن أيضًا أن العذاب والويل الذي يَحُل بالإنسان إنما هو نتيجة فِعْله هذا؛ {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} [الروم: 41].

ومن ذِكْر الواقع الرديء أن نُقرِّر هنا أن الإنسان في ظلِّ الحضارة المعاصرة، درَج على التعامل مع البيئة ومع الحياة من مُنطلَق نظرة فردية أنانية غير أخلاقية، ولم يأبه الإنسانُ وقد أخذت الأرض زخرفها، وازيَّنت له بالعواقب الوخيمة، التي يمكن أن تنعكس عليه سلبيًّا، وأن تتسبَّب في تدميره والقضاء عليه، بل إنه راح يَعبَث في مقوِّمات الحياة؛ فلوَّث الماءَ الذي يَشربه، وأفسد الهواءَ الذي يتنفَّسه، وأهلك الحَرْثَ والنَّسلَ بالكيماويات والسموم؛ قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} [البقرة: 204، 205].

حتى التربة الزراعية تسبَّب الإنسان في خُبْثها، فلم تَعُد تُنْبِت إلا نَكِدًا؛ قال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} [الأعراف: 58].

ولم يكن المناخ العالمي بأحسن حال من الماء والهواء والتربة، فقد طالته يدُ الفساد هو الآخر، حتى أصبحت الأحوال الجوية غير مستقرة في السنوات الأخيرة؛ فتارة تُداهِمنا الأمطارُ في غير مواعيدها، وأحيانًا تَهُب الرياح الساخنة في فصلَي الخريف والشتاء، وهناك بُلدان كان يأتيها رزق ربها رغدًا، فأذاقها الله لباسَ الجوع والفقر؛ حيث صارت موجات الجفاف والقحط تضربها شــهورًا وسنوات دون رحمة، وثمة بلاد كانت آمنة مطمئنَّة أصبحت عُرْضة للأعاصير والفيضانات التي تَكتَسِح كلَّ ما يُصادِفها، وكم هناك من مناطق زراعية وجُزر ومدن تُهدِّدها مياه البحر بالغَرَق، وفي غمرة هذه التغيرات المناخية الكبيرة تُطالِعنا وسائل الإعلام ومراكز البحث العلمي بأخبار مثيرة عن العصر الساخن، الذي سوف تُقبِل عليه البشرية في السنوات المُقبِلة؛ حيث سترتفع درجة حرارة الجو إلى حدٍّ لا يُطاق، وسوف يتأثَّر الإنسان من ذلك وتتأثَّر الحيوانات والزواحف والدواب والأشجار والأزهار والخضروات والبحار والأنهار والأمطار.

[1] "اختلف العلماء في معنى الفساد في البر والبحر؛ فقال قتادة والسُّدي: الفساد: الشرك، وهو أعظم الفساد، وقال ابن عباس: وعكرمة ومجاهد: فساد البَرِّ: قتَل ابن آدم أخاه (قابيل قتل هابيل)، وفي البحر بالمَلِك الذي كان يأخذ كلَّ سفينة غصبًا، وقيل: الفساد: القَحْط، وقلة النبات، وذَهاب البركة، ونحوه: قال ابن عباس: هو نُقصان البركة بأعمال العباد كي يتوبوا - قال النحاس: وهو أحسن ما قيل في الآية، وعنه أيضًا: إن الفسادَ في البحر انقطاع صيده بذنوب بني آدم، وقال عطية: فإذا قلَّ المطرُ قلَّ الغوصُ عنده، وأخفق الصيادون وعَمِيت دواب البحر، وقيل: الفساد: كساد الأسعار، وقلة المعاش، وقيل: الفساد: المعاصي، وقَطْع السبيل والظلم؛ أي صار هذا العمل مانعًا من الزرع والعمارات والتجارات والمعنى كله مُتقارِب"؛ انظر: الجامع لأحكام القرآن؛ للقرطبي.

__________________________________________
الكاتب: د. عوض الله عبده شراقه


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.87 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.16 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.18%)]