النحو العربي عند ابن مالك بين التيسير والتقعيد - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12485 - عددالزوار : 213276 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-09-2019, 01:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,863
الدولة : Egypt
افتراضي النحو العربي عند ابن مالك بين التيسير والتقعيد

النحو العربي عند ابن مالك بين التيسير والتقعيد



بومدين الحاج










الملخص:


تحدثت في هذا المقال عن جهود ابن مالك في مجال العلوم اللغوية عمومًا، وفي مجال النحو خصوصًا، والمتمثلة أساسًا في وضع الأحكام النحوية وفق منهج ميسر وواضح؛ حيث يركز ابن مالك في معالجة المسائل النحوية على الأمور المهمة التي يحتاجها المتعلم، كما يلجأ إلى الإيجاز والاقتصار على ما يحتاجه المتعلم فقط.



هذا ويعد ابن مالك رائدًا من رواد الشعر التعليمي، فقد استعان به ليقدم النحو بصورة جميلة تساعد المتعلم على إدراك القضايا النحوية من غير تعقيد ولا تكلف.

الكلمات المفتاحية:
التيسير النحوي - الشعر التعليمي - ابن مالك - السهولة والإيضاح.

تمهيد:
ظهر النحو العربي في ظل الأداء القوي للغة العربية، فلم يكن هناك ما يشكل عائقًا أمام فهمه، بحيث كانت الملكة اللغوية تتلاءم وطبيعته.



ورغم هذا كله ظهرت بعض المحاولات في ذلك الزمن تريد تيسير النحو، ومن هنا يظهر لنا أن محاولات تيسير النحو في تراثنا اللغوي كان دافعها تعليميًّا في الأساس.

ومع ازدياد الصعوبة والتعقيد في النحو، ازدادت الدعوات المطالبة بتيسيره، خاصة بعد أن بلغ تعقيد النحو مبلغًا كبيرًا، واعترته بعض الشوائب، بعضها يتصل بالمنهج وبعضها الآخر يتعلق ببعض القضايا الجزئية، حتى أصبحت كتب النحو عبارة عن ألغاز، الأمر الذي زاد في تعب الباحث والمتعلم على حد السواء.

وفي ظل هذا التنازع الذي كان حاصلًا بين النحويين، أصبح لزامًا على المنشغلين بالنحو أن يبتكروا عوامل تساعد على تيسير النحو، وينتهجوا مناهج أخرى تجعل النحو وسيلة سهلةً توصل إلى تعلم اللغة العربية لا غاية يصعب الوصول إليها، وهذا ما قام به نحاة المدرسة الأندلسية، الذين سعوا في تيسير النحو العربي من خلال إسهاماتهم الكبيرة والمتمثلة في شرح الكتب السابقة والتأليف ونظم المتون، وكان على رأس هؤلاء ابن مالك.


لقد كان لابن مالك دور كبير في تيسير النحو وتقريبه للمتعلمين، حتى أصبحت كتبه مرجعًا لمن أراد أن يتعلم النحو، ولعل أبرز مظاهر التيسير النحوي عند ابن مالك ما يلي:
تنظيم موضوعات النحو وتسهيلها للمتعلمين: فتجربة ابن مالك الطويلة في تعليم النحو وتدريسه، جعلته يفهم وظيفته والهدف منه؛ إذ كان المقصود من ذلك تقويم الألسنة وصرفها عن الخطأ، ولا شك في أن تحقيق ذلك يتم إذا خلت قواعده من التعقيد والتكلف والابتعاد عن الافتراض والتقدير.


فابن مالك يختار الرأي الأسهل البعيد عن التكلف، ولقد نص على ذلك في مواضع مختلفة من كتبه، فمن ذلك قوله عند الحديث عن إعراب الأسماء الستة - وبعد أن ذكر جميع الأقوال - قال: "ومنهم من جعل إعرابها بحروف المد على سبيل النيابة عن الحركات، وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف".

وعند الحديث عن (السين) و(سوف) يقول: "والقول بأن (السين) فرع (سوف) لا يفضي إلى مثل ذلك، فوجب قبوله والتمسك به؛ لأنه أبعد عن التكلف"[1].


فهو عند ذكر أقوال النحاة يختار الأسهل والأبعد عن التكلف، ويجعل ذلك سببًا من أسباب اختياراته[2].


وينص بعض معاصري ابن مالك بأن مؤلفاته البعيدة المسائلِ الكثيرةِ الفوائدِ، استطاعت أن تبين المعالم الطامسة، وتحقق ما لم يكن تبين منه ولا تحقَّق[3]، فعندما ألَّف ابن مالك ألفيته راعى فيها وضع المبتدئين الذين لا يستطيعون فهم النحو كما جاء به النحاة القدامى إلا بعد جهد جهيد ومشقة كبيرة؛ إذ يسهل على الطلبة حفظها واسترجاعها، وتعد تيسيرًا على الطلاب والناشئة في بدايات حياتهم التعليمية[4].

وما اختيار كلمة التسهيل عنوانًا لكتابه إلا دليل واضح على اتجاه ابن مالك فيه، لذلك ابتعد عن الشاذ واتجه نحو السهل المعروف المتداول[5].



ومن العوامل التي ساعدت ابن مالك ليكون نحوه سهلًا وواضحًا: تنظيمه لموضوعات البحث وحسنُ تقسيمه لها، وهذا يظهر في معظم مؤلفات ابن مالك التي تعتبر مثلًا أعلى يحتذى به في فن التأليف، فقد كان ابن مالك يتبع منهجية منظمة اعتمدت على المناسبة وارتباط اللاحق بالسابق.

والظاهر أن اشتغال ابن مالك بالتدريس أكسبه خير الطرق؛ لتكون مؤلفاته نافعة، فاستنبط المعضلات وجمع المتفرقات وشرح الغامض من المسائل، وأحسن النظم والترتيب[6].


فابن مالك يضع منهجًا محددًا للكتاب يجعل مقدمته توضح فكرته، ثم يأخذ في أبواب وفصول متتالية يتحدث عنها، جامعًا النظير إلى نظيره، وهو يفعل هذا ليقرب إلى الأفهام ما بعد من المسائل، وهو حين يكتب لا يكتب لنفسه، وإنما يكتب لنشر العلم وإحيائه وتقريبه للمتعلمين.

فهو يعتمد على التدرج في التأليف، فـ(الألفية) تلخيص لكتبه السابقة بنظرة أوفى، (وتسهيل الفوائد وتكميل المقاصد) في التفصيلات، ثم تأليف ما يُعد اختصارًا لما سبق أن ألفه في كتابه (عمدة الحافظ وعدة اللافظ)[7].

وإلى جانب حسن التبويب والتدرج في التأليف - وتسهيلًا لمتعلمي النحو - فإن ابن مالك يحدد الموضوع الذي يتناوله في مؤلفاته، فعلى الرغم من تفاوت مؤلفات ابن مالك بين الطول والقصر، فإنه لا يكاد يوجد بين مؤلفاته كتابٌ ولا رسالةٌ لم يبدأ بتحديد موضوع بحثه وتعيين خطته في الدراسة، وبيان الهدف الذي قُصد من وراء تأليفه؛ يقول ابن مالك في كتابه إكمال الإعلام بتثليث الكلام: "رأيتُ أن أبذل جهد المستطيع في نظم كتاب يحيط بما لا يُطمع في المزيد عليه ... فاقتصرتُ على ذكر الكلمة مصرحًا بشرحها، مفتتحًا مردفًا بكسرها ثم بضمها، فلْتُعلم الحركات وإن لم أسمها ومحل الحركات الواقع بها التثليث في الكلمة، وقد يكون ثانيها أو ثالثها أو أولها وثالثها، ولكون التثليث في الأول غالبًا أستغني عن التنبيه عليه، بخلاف غيره، فلا بد من تعيين التَّثْلِيث منه"[8].


ومن مظاهر التنظيم عند ابن مالك أيضًا أنه إذا ذكر شيئًا قبل موضعه أو في غير بابه أجل بيانه إلى الموضع الخاص به، فعند الكلام عن وقوع الضمير بعد "إلا" مثلًا قال: "وهذا متعلق بالاستثناء، فأخرت استفاء الكلام فيه إلى بابه حتى نأتيه إن شاء الله تعالى"[9]، وعند الكلام على الصلة إذا كانت ظرفًا أو جارًّا أو مجرورًا يقول: "وتقدير الفعل هنا مجمعٌ عليه بخلاف تقديره في غير صلة، ففيه خلاف يُذكر في باب المبتدأ إن شاء الله تعالى"[10]، لقد كان ابن مالك عالِمًا بمختلف علوم اللغة والنحو، ولا يستطيع أحد مجاراته في هذا المجال، فقد تميَّز بنظم ألفيته التي سماها "الخلاصة"، والتي جمع فيها قواعد النحو والصرف، فكانت بمثابة المؤلف الذي ألم بمختلف جوانب هذا العلم؛ حيث حاول ابن مالك أن يأتي بمنهج جديد يسهل النحو، ويجعله في المسلك الذي وُجد من أجله.


وإلى جانب ألفيته نجد أن كتابه "تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد"، نال نفس القيمة فكان كتابًا جامعًا لموضوعات النحو وأبوابه[11]؛ قال أبو حيان في البحر المحيط: "وأحسن ما وضعه المتأخرون من المختصرات، وأجمعه للأحكام كتاب تسهيل الفوائد"[12]، ويقول أيضًا في مقدمة شرحه لكتاب التسهيل: "فإن كتاب تسهيل الفوائد لبلدينا أبي عبدالله محمد بن عبدالله بن مالك الطائي الجياني مقيم دمشق رحمه الله، أبدع كتاب في فنه أُلِّف، وأجمع موضوع في الأحكام النحوية صُنِّف، فهو كما قال مصنفه فيه: جدير بأن يُلبي دعوته الألباء، ويجتنب منابذته النجباء، وكان رحمه الله كثيرًا ما يُعنى بتحريره، ويولع بتهذيبه وتغييره"[13].


وهذا ليس غريبًا على ابن مالك الذي دأب على النظر في كتبه بعد تأليفها وقراءتها عليه، فيغير فيها ويصلح؛ مما جعل كتبه أكثر وضوحًا ودقة، وكان الدافع وراء هذه الإصلاحات هو شعور ابن مالك أن هناك قصورًا يجب تفاديه ونقصًا يجب إكماله[14].


ويعتبر ابن مالك من أدق العلماء تصنيفًا، وعُدت تآليفه في مقدمة المصنفات التي خطت بالمؤلفات العربية خطوات واسعة نحو الكمال.

وإذا كان ابن مالك قد قضى حياته بين التدريس والتأليف، فلا عجب أن يوجه اهتمامه إلى وضع كتب في موضوعات بعينها، فيؤلف في (الظاء) و(الضاد) و(المقصور) و(المهموز) و(الأفعال الثلاثية)، و(فيما يهمز ولا يهمز) [15].


وكان ابن مالك حين يتناول موضوعًا من الموضوعات، يتناوله بدقة وسهولة ويستقصيه استقصاءً كاملًا مع دعمه بما يحتاج إليه من دليل وشاهد، ومما يكشف عن إحاطته بالموضوع الذي يتناوله قوله مثلًا: "وأول من عُنِيَ بهذا الفن - يعني فن المثلثات - محمد بن المستنير (قطرب)، ولكنه لم يتأتَّ له منه إلا قدر يسير ... وقد عُنِيَ بعد ذلك جماعة من الفضلاء وأكابر الأدباء أحقهم بالإحصاء، وأوثقهم بالاستقصاء أبو محمد بن السيد البطليوسي، فإنه صنف فيه كتابًا أنبأ عن غزارة فضله، وكاد يعجز الإتيان بمثله"[16].


ومن مظاهر الإحاطة بالموضوع عند ابن مالك أيضًا ذكر المحترزات بعد التعريف، وهو أمر يبدو واضحًا في كتب ابن مالك يدركه القارئ في كل باب وفي كل موضوع، فعندما يعرف الكلمة مثلًا يقول: "الكلمة لفظ مستقل دال بالوضع تحقيقًا أو تقديرًا أو منوي معه، وهي اسم وفعل وحرف"[17]، ثم يأخذ في بيان معنى الكلمة ولماذا صدر التعريف باللفظ؟ ويبين المراد بالمستقل، ولِمَ قيد الدلالة بالوضع؟، ومم احترز بذكر التقدير؟ ولِمَ قال: أو منوي عنه؟ حتى يستوفي الموضوع وحتى لا يترك مجالًا لقولٍ[18].


ومن مميزات ابن مالك أنه لا يكتفي برأيه في الموضوع، بل يذكر الآراء المختلفة، ويرجح ما يراه مناسبًا، فعند الحديث عن إعراب الأسماء الستة يقول: "في إعراب هذه الأسماء خلاف: فمن النحويين من زعم أن إعرابها مع الإضافة كإعرابها مجردة، وأن حروف المد بعد الحركات ناشئة عن إشباع الحركات، والحركات قبلها هي الإعراب، ومنهم من يجعل إعرابها بالحركات والحروف معًا، ومنهم من زعم أن الحركات التي قبل حروف المد منقولة منها، فسلمت (الواو) في الرفع لوجود التجانس، وانقلبت في غيره بمقتضى الإعلال.... ومنهم من جعل إعرابها بحروف المد على سبيل النيابة عن الحركات، وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف"[19].



وإلى جانب ذكر الآراء المختلفة، فابن مالك يذكر في بعض الأحيان اللغات المختلفة، ومن ذلك قوله: "في الفم تسع لغات، فتح (الفاء)، وكسرها وضمها مع تخفيف (الميم) والنقص، وفتحها وضمها مع تشديد (الميم)، وفتحها وكسرها وضمها مع التخفيف والقصر"[20].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 15-09-2019, 01:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,863
الدولة : Egypt
افتراضي رد: النحو العربي عند ابن مالك بين التيسير والتقعيد



وليعطي الموضوع حقه، ويحيط به من كل الجوانب، فإن ابن مالك إذا رأى بعض الكلمات تحتاج إلى شرح، فإنه يقوم بشرحها، وهذا من تمام إحاطته بالموضوع، فعند الحديث عن (الحَم) مثلًا يقول: "والحَمُ هو زوج المرأة وغيره من أقاربه، هذا هو المشهور، وقد يطلق على أقارب الزوجة"[21].

يعد ابن مالك إمام النظم في علوم العربية، فهو صاحب الباع الطويل في هذا الميدان ذو ثقافة واسعة وأسلوب عربي سليم، مكَّناه من القدرة على استيعاب النحو العربي بمسائله وقضاياه التركيبية والتصريفية إلى جانب الأمثلة والشواهد المتنوعة وصوغها في هيئة منظومة دون أن يفلت منه الوزن[22].

فهو أشهر من ألف في الشعر النحو التعليمي، وأن ألفيته في النحو والصرف خير دليل على ذلك، فقد جمع فيها أبواب النحو والصرف بصورة سهلة، وبعيدًا عن الخلاف والتعقيد.

وإذا كانت الألفية أشهر منظومات ابن مالك، فقد استمدت شهرتها من أنها خلاصة دقيقة لأهم قواعد العربية، فاهتم العلماء بشرحها والتعليق عليها، ولكنها ليست الوحيدة، وإنما هناك عدة منظومات لابن مالك حاول من خلالها التطرق إلى عدة مواضيع بطريقة سهلة وواضحة؛ مثل: الإعلام بمثلث الكلام، وهي أرجوزة في نحو ألفين وسبعمائة وخمسين بيتًا، جاءت المقدمة في ستة وثلاثين بيتًا، والخاتمة في أربعة، واختص مثلث اللفظ متحد المعنى من الأسماء بستة وثمانين بيتًا، ومن الأفعال باثنين وعشرين، والباقي قسمه على ثمانية وعشرين بابًا من المثلث المختلف المعاني، وقد جاء هذا القسم مرتبًا وَفق ترتيب حروف الهجاء.


ولابن مالك منظومة أخرى هي "تحفة المودود في المقصور والممدود"، وهي قصيدة أبياتها مائة واثنان وستون بيتًا التزم فيها ابن مالك قافية واحدة هي الهمزة[23].

وله منظومتان في الفرق بين (الظاء) و(الضاد)؛ هما: "الاعتضاد"، و"تحفظ الإحظاء"، تقع الأولى في اثنين وستين بيتًا من البحر البسيط، واشتملت الثانية على مقدمة وثلاثة فصول، وعدد أبياتها أربعة وتسعون، إضافة إلى "لامية الأفعال"، وهي قصيدة من البحر البسيط، أبياتها أربعة عشر ومائة، وكذلك "النظم الأوجز فيما يهمز ولا يهمز"، وهي منظومة عدد أبياتها تسعة عشر ومائتان.

وتكمن أهمية هذه المنظومة في كونها تجسد في دقة بالغة خلاصةَ التجربة اللغوية التي عاش ابن مالك حياته لها، والمتمثلة في تسهيل النحو العربي وتقريبه للمتعلمين[24].

ولا شك أن الاستعانة بنظم القواعد النحوية والصرفية، يسهل حفظها وضبطَ إعراب الكلمات، وتصويرَ حركاتها، والألفيات لها شأن عظيم في هذا المجال، ولكنَّ تحقُّقَ ذلك لن يتم إلا بأن يتوفر[25] للقاعدة النحوية عنصر البساطة، وأن يتوفر للمنظومة عنصر الوضوح.

وإن هذا النظم نوع خاص، فليس شعرًا كي تظهر فيه الزينة، وليس نثرًا عاديًّا تتوالي فيه الكلمات، بل هو نوع من النظم يجمع بين المعنى الهادف والكلام الذي يحتاج الوعاء الخاص للتبليغ، فإذا تصفحنا الألفية - على سبيل المثال - نجد أن المعنى دائمًا هو المراعى، وأن الوزن في بعض المواضع تطغى عليه الجوازات[26].

وإلى جانب هذا كله فقد كان ابن مالك راوية لأشعار العرب، ملمًّا بها عارفًا بكل الأشعار العربية التي يستشهد بها في المجالات النحوية، لدرجة أن الأئمة الأعلام كانوا يتعجبون من أين يأتي به[27].

ولم يكتف ابن مالك بالاستشهاد بأشعار العرب، بل كان يُكثر من الاستشهاد بالقرآن الكريم والحديث الشريف والأمثال العربية[28]؛ إذ استشهد في شرحه للتسهيل فقط بـ (1502) من الآيات القرآنية، و(211) من الأحاديث النبوية الشريفة، و(130) من الأمثال العربية؛ إذ الإكثار من الشواهد يساعد على ضبط المعلومة وتسهيلها للمتعلمين[29].

ومن مظاهر التيسير النحوي عند ابن مالك التي كان لها أثر فعَّال في تقريب النحو، وجعله سهلًا: حذف ما لا يدخل في صميم النحو من الزيادات، والاكتفاء بالمهم وتجريده من المسائل المتعلقة بعلوم أخرى، فمن ذلك قول ابن مالك في شرح الكافية الشافية مثلًا: "حروف الإبدال المبوب عليها في كتب التصريف، هي الحروف التي تبدل من غيرها لغير إدغام، وهي التي لا بد من ذكرها، وهي هذه التسعة ..... وما سواها مما ذكره الزمخشري وغيره مستغنى عنه؛ كـ(اللام)، و(النون)، و(الجيم)، و(السين) إلى أن قال: وهذا النوع من الإبدال جدير بأن يُذكر في كتب اللغة لا كتب التصريف، وإلا لزم ذكر (العين)؛ لأن إبدالها من الهمزة المتحركة مطرد في لغة بني تميم، ويسمى ذلك عنعنة، وإنما يعنى في الإبدال التصريفي بما لو لم يبدل وقع في الخطأ أو مخالفة الكثير...[30].

هذا ويعتمد ابن مالك على الإيجاز لتقريب النحو إلى المتعلمين وتسهيله، فلا ريب أن ابن مالك نظر في منظومته الكافية الشافية، فوجدها مفرطة في الطول، فضلًا عما اشتملت عليه أبياتها من شواهد وأمثلة كثيرة، مع بسط الأحكام والقواعد النحوية، وهذا ما نص عليه في مقدمتها حيث يقول:
فمعظم الفن بها مضبوط *** والقول في أبوابها مبسوط

فاختصرها مكتفيًا بالأحكام والقواعد النحوية المهمة في ألفيته التي تُعد اختصارًا للكافية الشافية [31]؛ يقول ابن مالك في نهاية الألفية:
تقرب الأقصى بلفظ موجز *** وتبسط البذل بوعد منجز

حيث جاءت الألفية رائقة صافية، فتلقاها الناس بالقبول، وكأنه انزاح عنهم عبء ثقيل ألا وهو الكافية[32]، يقول ابنه بدر الدين عند شرحه للبيت السابق: "إن هذه الألفية مع أنها حاوية المقصد الأعظم من علم النحو؛ لما فيها من المزية على نظائرها أنها تقرب إلى الأفهام المعاني البعيدة بسبب وجازة اللفظ، وإصابة المعنى وتنقيح العبارة، وتبسط البذل؛ أي: توسع العطايا لما تمنحه من الفوائد لقرائها، واعدة بحصول مآربهم، وناجزة بوفائها"[33].

كما سلك ابن مالك في كتابه التسهيل طريقًا ابتعد فيه عن الإسهاب في مسائل الخلاف وتدوينها، وحشو كتابه بما لا فائدة مرجوة منه، فهو لا يحصي مجلدات بقدر ما يقدم مادته في صورة مباشرة بعيدة عن الإطناب، وهذا ما جعل هذا الكتاب موجزًا صغيرًا في حجمه، عظيمًا في فائدته وأسلوبه[34].

والأمر ذاته نلاحظه في كتابه الفوائد المحوية الذي يهدف إلى وضع مختصر يعين الأذكياء على إدراك قضايا النحو ومسائله في أوجز عبارة[35].

الخاتمة:
إن النحو العربي وعلى الرغم من مكانته العالية وأهدافه السامية، أصبح اليوم يعيش واقعًا أليمًا، فهو بين متشدد جعل النحو هدفًا يصعُب الوصول إليه، وبين متساهل زهد في تعليم النحو، وقلَّل من شأنه، وبين هذا وذاك يتعين على القائمين عليه والمنشغلين به تبني منهج ابن مالك في الواقع العملي والاستفادة منه، فهذا حري أن يعيد للنحو العربي مجده الضائع، ويساعد على تعلم اللغة العربية التي أصبحت غريبة في وطنها.

ويمكن إيجاز مجهودات ابن مالك في مجال تيسير النحو في النقاط التالية:
♦ تجريد النحو من الخلافات والصراعات النحوية.
♦ تنظيم الموضوعات وسهولة عرضها: (التدرج في التأليف، تنظيم موضوعات النحو).
♦ توظيفه للشعر التعليمي من أجل تقريب النحو للمتعلمين (الكافية الشافية، الألفية).
♦ انتقاء الشواهد النحوية (القرآن الكريم، الأحاديث النبوية، فصيح كلام العرب).
♦ جعل القرآن الكريم على رأس مصادر النحو العربي.
♦ دفاعه عن القراءات القرآنية وأصحابها.
♦ دفاعه عن الأحاديث النبوية وجعلها مصدرًا من المصادر المعتمدة في إثبات القواعد النحوية.
♦ الاعتماد على القياس في إثبات القواعد النحوية.
♦ تعليلات ابن مالك تتسم بالميل إلى السهولة والبعد عن الإطالة.


[1] الأندلسي ابن مالك؛ شرح التسهيل، ج1، ص 25.

[2] علي بن علوي الشهري؛ أسباب ترجيحات ابن مالك النحوية في شرح التسهيل، جامعة أم القرى، مكة السعودية 1435هـ، ص 7.

[3] صالح بلعيد؛ ألفية ابن مالك في الميزان، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1995، ص 12.

[4] حفيظة يحياوي؛ إسهامات نحاة المغرب والأندلس في تأصيل الدرس النحوي العربي خلال القرنين السادس والسابع الهجريين، منشورات مخبر الممارسات اللغوية في الجزائر، 2011، ص 131.

[5] فادي صقر؛ جهود نحاة الأندلس في التيسير النحوي، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماجستير جامعة النجاح، نابلس، فلسطين، 2006، ص 74.

[6] غنيم غانم؛ ابن مالك اللغوي، مذكرة ماجستير، جامعة الملك عبدالعزيز مكة، السعودية، 1979، ص 145.

[7] صالح بلعيد؛ ألفية ابن مالك في الميزان، ص 58.

[8] الأندلسي ابن مالك؛ إكمال الإعلام بتثليث الكلام؛ تحقيق سعد الغامدي، ط1 مكتبة المدني، جدة السعودية، 1984، ج1، ص 4.

[9] الأندلسي ابن مالك؛ شرح التسهيل، ج 1، ص 152.

[10] المرجع نفسه، ج1، ص 211.

[11] يحياوي حفيظة؛ إسهامات نحاة المغرب والأندلس في تأصيل الدرس النحوي، ص 134.

[12] الأندلسي أبو حيان البحر المحيط؛ تحقيق الشيخ عادل أحمد وعلي معوض، دار الكتب العلمية، ج 1، ص 106.

[13] الأندلسي أبو حيان التذييل والتكميل في شرح التسهيل؛ تحقيق حسن هنداوي، دار القلم، دمشق سوريا، ج1ص 6.

[14] عبدالعزيز العويني سيرة ألفية ابن مالك تأليفًا وإبرازًا وتحقيقًا، مجلة الدرعية، السنة الثانية عشرة، العدد 46 جمادى الآخرة، 1430، ص 146.

[15] غنيم غانم الدراسات اللغوية عند ابن مالك بين فقه اللغة وعلم اللغة، ص 167.

[16] الأندلسي ابن مالك إكمال الأعلام في تثليث الكلام، ج1، ص 04.

[17] الأندلسي ابن مالك شرح التسهيل، ج 1، ص 3.

[18] الأندلسي ابن مالك؛ شرح التسهيل، مقدمة التحقيق ص 32.

[19] نفسه، ج 1، ص43.

[20] نفسه، ج1، ص 47.

[21] نفسه، ج1، ص 44.

[22] ممدوح عبدالرحمن؛ المنظومة النحوية، دراسة تحليلية، دار المعرفة الجامعية، 2000م، ص 48.

[23] غنيم غانم؛ ابن مالك اللغوي، ص 148.

[24] نفسه، ص 148.

[25] ممدوح عبدالرحمن؛ دراسة في منظومة الألفية، ص 48.

[26] صالح بلعيد؛ ألفية ابن مالك في الميزان، ص 58.

[27] ينظر: ممدوح عبدالرحمن؛ دراسة في منظومة الألفية، ص 47.


[28] علي بن علوي الشهري؛ أسباب ترجيحات ابن مالك النحوية في شرح التسهيل، جامعة أم القرى، مكة السعودية 1435هـ، ص 96.

[29] المرجع نفسه، ص 10.

[30] الأندلسي ابن مالك شرح الكافية الشافية، تحقيق عبدالمنعم هريدي، دار المأمون للتراث، مكة السعودية، ج، 4 ص2070.

[31] عبدالله علي محمد؛ ألفية ابن مالك تحليل ونقد، مذكرة ماجستير، جامعة أم القرى، السعودية، 1989، ص 28.

[32] عبدالله علي محمد؛ ألفية ابن مالك تحليل ونقد، مذكرة ماجستير، جامعة أم القرى، السعودية 1989م، ص43.

[33] ابن الناظم بدر الدين محمد؛ شرح ألفية ابن مالك، منشورات تناصر، بيروت لبنان، ج1، ص3.


[34] فادي صقر؛ جهود نحاة الأندلس في التيسير النحوي، ص72.

[35] الأندلسي ابن مالك؛ الفوائد المحوية في المقاصد النحوية، (مقدمة التحقيق)، مذكرة تخرج لنيل شهادة ماجستير، من إعداد الطالبة وداد يحيى، جامعة أم القرى، السعودية، 1406هـ، ص30.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.58 كيلو بايت... تم توفير 2.35 كيلو بايت...بمعدل (2.94%)]