مقاصد سورة هود - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12603 - عددالزوار : 220446 )           »          إذا كانت الملائكة لا تقرب جيفة الكافر فكيف ستسأله في القبر ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 130 - عددالزوار : 15814 )           »          حرف القاف (نشيد للأطفال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          نوادر الفقهاء في مدح سيد الشفعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الجامع في أحكام صفة الصلاة 4 كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3959 - عددالزوار : 398561 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4428 - عددالزوار : 864914 )           »          أنماط من الرجال لا يصلحون أزواجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          أيها الأب صدر موعظتك بكلمة حب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-01-2021, 04:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,346
الدولة : Egypt
افتراضي مقاصد سورة هود

مقاصد سورة هود
أحمد الجوهري عبد الجواد







نور البيان في مقاصد سور القرآن








"سلسلة منبريّة ألقاها فضيلة شيخنا الدكتور عبد البديع أبو هاشم رحمه الله، جمعتها ورتبتها وحققتها ونشرتها بإذن من نجله فضيلة الشيخ محمد عبد البديع أبو هاشم".











(11) سورة هود



الحمد لله رب العالمين، نحمده سبحانه وتعالى ونستعينه ونستهديه ونتوب إليه ونستغفره، ونعوذ به سبحانه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، فإنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ولن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ينصر دينه، ويُعز جنده، وله في خلقه وفي قدره شئون، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفوته من خلقه وخليله، بلغ رسالة ربه، وأدى أمانته، ونصح لأمته، وكشفت الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات ربنا وتسليماته على نبينا وقدوتنا وأسوتنا سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.







أما بعد:



أيها الإخوة المسلمون الكرام، فاليوم موعدنا مع سورة هود، وهي السورة التالية لسورة يونس، والتي تسبق سورة يوسف، ثلاثة أنبياء يلي ذكر بعضهم بعضًا، عنواناً على هذه السور الثلاث المتتابعة، ونتعرف على السورة من خلال اسمها فهذا هو اسمها على اسم نبي الله هودٍ عليه السلام، وهذه التسمية إنما هي من عند الله، سمى الله السورة هكذا منذ أن أنزلها وبقي عليها اسمها إلى الآن وإلى أن تقوم الساعة، ومعنى كلمة هود هي اسمٌ من هاد يهود إذا عاد ورجع[1]، كما جاء في قول الله تعالى ﴿ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ﴾ [الأعراف: 156] أي عدنا إليك، وتبنا إليك[2]، وكما هو معروفٌ هو اسمٌ لنبيّ من أنبياء الله وهو الذي بعثه الله إلى قوم عاد إرم، كما قال ربنا: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ﴾ [هود: 50]، ولكن وضع هذا الاسم وهو لنبيٍّ سابق عنواناً على هذه السورة وفيها ذكر هودٍ ونوحٍ وصالح ولوط وإبراهيم وموسى وغيرهم من الأنبياء، سيدنا شعيب عليهم جميعاً وعلى نبينا الصلاة والسلام، اختيار هذا الاسم بالذات ليكون عنوانًا على السورة له دلالة وله حكمة، وهذه السورة لها فضلٌ عظيمٌ من خلال القرآن الكريم، فهي من كلام الله وهي وحدها معجزةٌ من المعجزات القرآنية، كما قال ربنا: ﴿ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾ [البقرة: 23] فلم يستطيعوا أن يأتوا بمثل سورة من سور القرآن ولا سورة هود، ومن قرأها كمن قرأ غيرها من القرآن له بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، فالقرآن كله له أفضالٌ عظيمة وفضائل كريمة، هذه السورة نجملها في ثلاث نقاط، وتنقسم إلى ثلاثة أجزاء، حين تقرأها أخي الكريم تجد أربعاً وعشرين آيةً منها ومن أولها تتحدث عن ركائز العقيدة الإسلامية، تقرير أن القرآن حق مُنزَّل من عند الله، كتابٌ حكيم، تقرير أن النبي صلى الله عليه وسلم مُرسلٌ من عند الله فعلاً ونبي الله حقاً، لم يكذب ولم يفتر، وإنما هو رسول صدقٍ ونبي حق، فيها تقريرٌ كذلك بربوبية الله وألوهيته، هو الذي ربى الجميع بنعمه وبالتالي وجبت له ألوهيته، وينبغي أن تنصرف عبادة الخلق إليه، جزاءً على ذلك، كما أن في أولها أيضاً تذكيرٌ بيوم القيامة الذي فيه يقف الناس أمام رب العالمين سبحانه وتعالى، ويُرجعون إليه فينبئهم بما عملوا ويعرض عليهم أعمالهم، ويصرف بعضهم إلى الجنة، جعلنا الله في مقدمتهم، ويصرف الآخرين إلى النار وبئس القرار.







والجزء الثاني منها وهو جزءٌ طويل من الآية الخامسة والعشرين وإلى الآية الخامسة عشرةً تقريباً بعد المائة، ما يقارب مائة آية تعرض حركة العقيدة الإسلامية في أجيال البشرية، من خلال قصص الأمم السابقة مع أنبيائها ورسالة ربها، كيف فعلت، وماذا جرى بين النبي وبين أمته، وكيف انتهى أمر الأمة، وكيف فعل الله بالكافرين؟ عِبَر وعظات وتثبيتٌ لقلب وفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال ربنا: ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ [هود: 120]، تثبيتٌ لقلب النبي عليه الصلاة والسلام حينما يرى نصرة إخوانه من الأنبياء السابقين والمؤمنين معهم مهما كانوا قلة، ومهما طال الزمان بهم وأحدقت الأخطار بهم، فإن نهاية أمرهم إلى نصرٍ وعزة، فالنصر قادمٌ والبشرى ثابتةٌ في القرآن الكريم من خلال هذا القصص العظيم ليثبت قلب النبي صلى الله عليه وسلم، ليثبت قلوب الدعاة، ليثبت قلوب الأمة والمؤمنين، اطمئناناً إلى صدق وعد الله ومجيء نصر الله عز وجل.







ثم تُختم السورة بآيات قلائل بعد ذلك، وفيها ينبّه الله تعالى إلى أربع نقاط، وكأنها منهجٌ مطلوبٌ في مثل هذه المرحلة، حينما يكون المؤمنون مستضعفين ويقع عليهم الظلم وتحدق بهم الأخطار، فعليهم أن يلتزموا هذا المنهج في أربع آياتٍ متتالية من أواخر السورة إذ يقول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 112 - 115]، منهجٌ كامل فاستقم، ولا تركنوا إلى الذين ظلموا..، وأقم الصلاة..، واصبر..، كلمات رنانة، كلمات تجيش في القلب وتثير فيه الإيمان بالله تبارك وتعالى والاعتصام به.







أولاً: الاستقامة على أمر الله تعالى، الداعية ومن معه ومن وراءه، فاستقم أنت يا نبي الله وهو مستقيم ولكن اثبت على استقامتك، ازدد منها، كن هكذا دائماً ومن تاب معك فليستقيموا أيضاً على أمر الله وعلى منهج الله الذي أمرك به ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [هود: 112] لا كما ترى، لا كما تظن، ﴿ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود: 112].







ولنا مع هذه الأربع آيات وقفة، بهذه الموضوعات ومن خلالها نستطيع أن نستشف هدف السورة، تلك الجملة القصيرة التي نلخص فيها السورة، من خلال اسمها ومن خلال طرفيها، أولها وآخرها، اسمها هود من الهَود وهو العَوْد والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، وفي أولها يقول الله تعالى: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ [هود: 3] دعوةٌ إلى الاستغفار والتوبة فالذنوب كثيرة، والتوبة قليلة، والاستغفار عابر غير خاشع ولا حاضر، إنما ينبغي أن تستحضروا قلوبكم مع الاستغفار، وأن تحققوا التوبة حقيقةً عن الذنوب الكثيرة وعن الآثام الكبيرة، وترجعوا إلى الله تبارك وتعالى ساعتها يؤت كل ذي فضلٍ فضله، ويمتعكم متاعاً عظيماً، يمتعكم متاعاً حسناً بنظرة الله، برؤية الله، لا الحسن الذي تعرفونه ذلك الحسن القاصر، إنما متاعاً حسناً كما يرى الله ويرضى سبحانه وتعالى، ﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ [هود: 3] الله يجعلنا أصحاب فضل ولسنا كذلك، بمجرد أننا استغفرناه من ذنوبنا وتبنا إليه من مخالفاتنا، وصفنا بأننا سنكون أصحاب فضل ﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3].







ومن تولى ويعرض ﴿ وَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾ [البقرة: 137] يعني فإن تتولوا ﴿ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ * إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [هود: 3، 4]، إلى الله مرجعكم جميعاً، رجعة إلى الله بالتوبة قبل أن نرجع إليه بكل شيء، بالبدن والروح، بالأعمال كلها، نعرض عليه يوم القيامة، هذا في أول السورة، وفي آخرها من يصدق على ذلك في قول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [هود: 123].







هكذا أول السورة وآخرها يدعو إلى العودة إلى الله، إلى الرجعة إلى الله واسمها معناه كذلك، إذاً السورة بملخصها تدعو الناس إلى رجوعهم إلى الله تعالى، فإن في ذلك الخير العظيم، والنصر العميم، والعزة العالية، والكرامة الرفيعة، فالله تعالى سوف يتولى الأمر بذاته، لن يتركه لأيدينا لقوتنا أو ضعفنا، لأسلحتنا أو لأيدينا المجردة، إنما سيتولاها بقدرته ﴿ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3]، ومهما أعرض الناس وتولوا فهم راجعون في النهاية إلى الله، بل كل شيء راجع إليه، ﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ ﴾ [هود: 123]، فعودوا إلى الله وتوبوا إلى الله أيها المؤمنون لعلكم تفلحون، توبوا إلى الله توبةً صادقة، أكثروا من الاستغفار، سورة هودٍ تدعونا إلى ذلك، الرجوع إلى الله تعالى في الدنيا قبل أن نُرجع رغم أنوفنا إليه في الآخرة على حالنا صالحاً كان أو غير ذلك، لا نجد عملاً ولا فرصةً لعمل، وإنما نجد الجزاء والحساب بالثواب أو بالعقاب.







سورةٌ بهذا الشكل بالتأكيد هي سورةٌ مكية[3]، مما نزل من القرآن قبل الهجرة النبوية ليؤسس في نفوس الناس الارتباط الصحيح بالله تبارك وتعالى، بالعلاقة الأكيدة بين المخلوق والخالق، ومتى يكون الله لنا ومعنا، ومتى لا يكون كذلك بل يكون على الناس، فهي سورةٌ مكية تتناسب مع سورة يونس قبلها بما ذكرناه سابقاً من أن سورة يونس تذكر العقيدة الإسلامية السليمة وتفصيل ذلك وتحقيقه، أي أن هذه عقيدة حقَّة وصحيحة، وهي الواجب اعتناقها واعتقادها، سورة هود مكيةٌ مثلها تحكي حركة هذه العقيدة في الأمم، كيف تحركت البشرية واستقبلت هذه العقيدة أو أدبرت عنها، من خلال قَصَص الأمم السابقة، قوم فلان فعلوا كذا وجرى لهم كذا، قوم فلان فعلوا كذا ووقع بهم كذا، وهكذا على طول سورة هود، فالقصص فيها أطول، وسورة هودٍ وهي تدعو إلى العودة إلى الله فإن سورة يوسف عليه السلام تذكر لنا مثالاً بيوسف عليه السلام منذ صغر سنه إلى أن أتم الله عليه النعمة، كيف كان موصولاً بالله تبارك وتعالى، وكيف نفعته هذه الصلة، كيف عند أول فتنةٍ قال فيها: ﴿ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾ [يوسف: 23]، وتورع عن دعوة امرأة العزيز، كيف حينما اجتمعت عليه النسوة عند زليخة، وراودنه مراودةً جماعية غالبةً بالقوة تمنَّع وقال: ﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ [يوسف: 33]، كيف لم ينس ربه في السجن وذكر فضله عليه وهو يكلم صاحبيه في الرؤيا، يقول لهم: ﴿ ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ﴾ [يوسف: 37]، وفي نهاية مدة السجن لهذين السجينين وقد حكم على أحدهما بالإعدام وعلى الآخر بالبراءة، يذكِّر البريء ويقول له: ذكِّر ربك وسيدك الملك بقضيتي ليعيد النظر فيها، فربي عليم، وربي معي، ولما جاءته البشرى ليخرج من السجن لم يعجِّل بذلك فرحاً بالخروج قبل أن يثبت براءته مما يغضب الله عز وجل عند الناس؛ لأن ربه عليمٌ ببراءته ﴿ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 50]، إلى آخر المطاف وجمعه الله بوالديه وبإخوته فتذكر نعمة الله عليه ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]، فمنذ نعومة أظفاره إلى ختام حياته وهو مع الله، وهكذا رفعه الله من جُبٍّ إلى حياة ولكن في عبودية، إلى سجنٍ ولكن بعيداً عن الفواحش والمظالم، ثم إلى كرسي المُلك ليكون وزيراً على أقوات الناس، وما أعظمه من مُلك، وتختم حياته بذلك بعد النبوة وبعد تعليم تأويل الرؤى وأحاديث النفس وهكذا، فمن كان مع الله كان الله معه بالكلمة البسيطة التي نسمعها كثيراً.







هكذا تتدرج السور وتتناسب مع بعضها، ولنا أن نرى فيها لمحةً أخرى بهذا التسلسل الجميل، فإن سورة يونس أيضاً ذكرت لنا أنه لم ينفع إيمانٌ قريةً من القرى آمنوا بعد أن جاءهم العذاب في الدنيا إلا قوم يونس ﴿ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ﴾ [يونس: 98]، فهؤلاء قوم يعتبروا مثالاً لمن نفعه إيمانه في الدنيا ورفع عنه الغضب والكرب والعذاب، لأنهم أدركوا أنفسهم في الوقت المناسب، وسورة هودٍ تذكر عديداً من الأمم لم يؤمنوا ولم ينفعهم إيمانهم وإن كانوا يدَّعون الإيمان بشكلٍ من الأشكال، فراحوا في عذاب الله، وقطع الله دابرهم بعقابه في الدنيا وأعد لهم في الآخرة عذاباً عظيمًا، وسورة يوسف بعد ذلك مثالٌ لفردٍ من الأفراد بعد أمة يونس كأمة فردٍ من الأفراد نفعه إيمانه ونفعته صلته بربه، مهما ضاقت به الأمور في الدنيا، مهما عقد الناس وأقرب الناس إليه نواياهم على قتله والغدر به، إلا أن إيمانه نفعه ونجاه من كل مخاطر الحياة.







أحبتي الكرام! هذه سورة هود مجملةً، ولنا معها موقفان اثنان، أولهما الذي أشرت إليه في تلك الآيات الأربعة المتوالية في أواخر سورة هود وكأنها منهج، وباعتبارنا مستضعفين في هذه الأيام لا نملك غير الكلمة نضرع بها إلى الله تعالى بالنصرة وطلب العزة وهَلَكة العدو، فنحن أشبه ما نكون في حالة استضعاف، نعم الناس مستعدون للجهاد ولكن ممنوعون من ذلك، فصحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم في أواخر العهد المكي كانوا يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لهم في الجهاد في مواجهة الكافرين، فيقول لهم: لم أؤمر بذلك بعد[4]، فكان لهم العذر، وكان للنبي العذر صلى الله عليه وسلم، ولعل لنا العذر الآن وليس لمن يمنعنا عذر، الله أعلم بحاله، لكن الحال يشبه الحال، فلنا أن نتمثل هذه الآيات في مثل هذه الأحوال، هذا هو الذي نستطيعه، هذا هو الذي في أيدينا ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ [هود: 112] استقيموا على أمر الله تعالى، ولك أن تعجب معي أخي الحبيب حينما تقرأ قول الله تعالى ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ﴾ [هود: 112] أمرٌ بالاستقامة ونهيٌ عن الطغيان، أي طغيان في الاستقامة؟ كان يُنتظر أن يقال في غير القرآن فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تتهاونوا، ولا تهنوا، ولا تتكاسلوا، ولا تتراجعوا، ولا تتمنعوا، إنما ولا تطغوا؟! يقول المفسرون: نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام عن أن يطغوا في الاستقامة بمعنى أن يبالغوا فيها، فلو استقاموا على الصلاة وعلى الصيام وغير ذلك من أعمال لا يزيدوا فيها زيادةً تشغلهم، زيادةً ترهقهم، زيادةً تقطع أنفاسهم وأعمالهم قبل بلوغ المقصد، وهذا هو ما يعرف بالبدع[5]، وهذا يشير إلى الهمة العالية التي رآها الله في الأصحاب الكرام، أن عندهم من القوة ما قد يدفعهم في الاستقامة إلى أن يزيدوا على ما أمر الله، سيفعلون ما أُمروا من قبل الله وأكثر من ذلك، فضبط الله سرعتهم وهمتهم، ولا تطغوا، أرى أن الأمر لو توجه إلينا في هذه الأيام لن يُقال لنا هذا، فالهمة فاترةٌ باردةٌ جدّاً، فبعض المسلمين يرون أن هؤلاء المستضعفين من إخواننا المسلمين يستحقون ذلك وأكثر، فقد باعوا قضيتهم، أهملوا في كذا، كثيرٌ منهم تركوا أوطانهم ورحلوا، يجمعون لهم جمعاً كبيراً حافلاً من المساوئ والمعايب وبالتالي فهم يستحقون ذلك، لو كانوا يستحقون ذلك ما أعطاهم الله الشهادة، وما جعل الشهادة فيهم، لكن هؤلاء قومٌ يصطفيهم الله في هذه الأيام ويتخذ منهم شهداء إذاً هم قومٌ على خير، على الأقل مستضعفون حقّاً ويستحقون النصرة لا الملامة، فهذا الخاطر وهذا الفهم عند بعض المسلمين يدلّ على أننا لا نُوجَّه بمثل هذا التوجيه، إنما فاستقم كما أمرت ومن تاب معك واشدد أزرك وشد مئزرك واجتهد، لأن مثل هذا الأمر حين يوجه إلينا لا يجد عندنا الهمة الكافية لبلوغ نهايته، فنحتاج إلى دفعةٍ أخرى ودفعات، ولا تطغوا فإن طغياننا سيكون بالتقصير لا بالزيادة، وهذا هو المُشاهَد، لم نوفّ حق الله تعالى علينا، وسيظهر هذا من خلال الملحظ الثاني إن شاء الله، لكن هذا هو ملحظ أول ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [هود: 112] المنهج استقم كما أمرك الله، انظر في القرآن والسنة، وإلا فاسأل العلماء بالقرآن والسنة، العلماء الشرعيين، اسألهم كيف أستقيم على أمر الله؟ بماذا أمرني الله في كذا؟ وبماذا أمرني في كذا؟ غالباً لا يسأل الناس إلا بعد أن يقع في ورطة، وأن يتورط في حال فيسأل ليخرج وينجو، ويقدم المعاذير ليعذره من يفتيه، كنت غضباناً يا شيخ واستفزتني زوجتي فقلت لها: أنت طالقٌ بالثلاث وأنت محرمةٌ عليَّ كأمي وأختي وأنت.. وأنت.. وأنت..، كيف يكون الأمر، ماذا يقول الشيخ في هذا الخلط العجيب بين حدود الله تبارك وتعالى، طلاق في ظهار في سب في شتمٍ ولعنٍ وغير ذلك، وحُل يا شيخ هذا اللغز الصعب، كيف يحل؟ ولو لم يقع في هذا التوريط الذي ورَّط نفسه فيه ما سأل الشيخ، إنما ينبغي أن نسأل قبل أن نفعل، يذهب إلى الشيخ أولاً ويقول له: أريد أن أطلق زوجتي، فقد ضيَّقت صدري، وضاقت عليّ نفسي ماذا أفعل وكيف أطلقها؟ يفتيه الشيخ بالفتوى الصحيحة قبل أن يفعل، فالعلم يسبق العمل، ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [هود: 112].



يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-01-2021, 04:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,346
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مقاصد سورة هود

الأمر الثاني: طالما استقمت على أمر الله فأنت مع الله والله معك، فلا تركن لغيره، وخاصةً لا تركن لظالم أي كافر ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾ [هود: 113] وذكر بعض المفسرين كالإمام القرطبي رحمه الله أن من الركون إلى الظالمين أن أعمل معهم أو عندهم في عملٍ دنيوي[6]، وينبغي أن يعمل المسلمون عند المسلمين ومع المسلمين لتكون لهم قوة، وليكون ولاؤهم بينهم، فقد رأينا الكافرين يوالي بعضهم بعضاً علينا، فلا عيب ولا حرج ولا فتنة في أن يوالي بعضنا بعضاً على عدونا، هذا واجب ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ [هود: 113]، ما النتيجة؟ وماذا يحصل لو فعلنا؟ ﴿ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ﴾ [هود: 113] لن ينصركم أحد، ولن يتولى أمركم أحدٌ بعد الله لو تخلى عنكم، ثم مهما طال الزمان، مهما بعدت الأحداث ﴿ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [هود: 113] فمن لم ينصره الله فلا ناصر له، ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [آل عمران: 126] سبحانه وتعالى، ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [هود: 112].







﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾[هود: 113] لا تحبهم، لا تتودد إليهم، اذكر دائماً أنهم أعداؤك، إن كان لهم حقٌ عندك فأعطهم حقهم، ولكن لا محبة، لا مودة، لا ولا..، بيننا وبينهم.







الثالثة - وهي بعدها مباشرةً -: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ﴾ [هود: 114] أوله وآخره ﴿ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ﴾ [هود: 114] في جوف الليل، في بعض الوقت من الليل قم وصلي لله تبارك وتعالى، الصلاة ليست فقط بل الصلاة قيامٌ لله، الصلاة عبادةٌ لله فكن قائماً لله دائماً بالليل والنهار، كن قائماً على أمر الله في ليلٍ أو نهار، صم نهارك، قم ليلك، أدّ الصلوات المفروضة، وأدّ الفرائض الأخرى مثلها في واجبات الإسلام، هذا رمز، هذا تذكير ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ﴾ [هود: 114] ولعل قائداً من قواد إسرائيل - أخذهم الله أخذ عزيزٍ مقتدر - قالها يوماً من الأيام في خطابٍ سياسي لو تذكروه، قال لن تنصروا علينا حتى تكون المساجد في صلاة الفجر مثل صلاة الجُمُعة، حين يهتم الناس بصلاة الفجر مثل اهتمامهم بصلاة الجمعة وتعمر المساجد هكذا يأتي نصر الله ويتحقق وعد الله عز وجل، هم يعرفون ذلك ولذلك هم مطمئنون الله، يضربون ويعلمون أن المسلمون راكنون، هيِّنون مستهينون بأنفسهم، غير مقبلين، بدلاً من هذه المظاهرات المنددة في كل مكانٍ بدون فائدة فالنعملها مظاهرات داخل المساجد لله بالدعاء والصلاة، نضرع إلى الله تبارك وتعالى، عمِّروا المساجد في الفروض كلها، في الفرائض الخمس لعل الله تبارك وتعالى يغير شيئاً في حياتنا مقابل هذا التغيير في عبادتنا، ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114] حين تقبل على الله تعالى بالطاعة والعبادة فالله يمحوا لكم ومن حياتكم السيئات والذنوب، فتكونون طاهرين تائبين عابدين، وساعتها الله يتولى أمركم، ذلك ذكرى للذاكرين.







الآية الرابعة والأخيرة في هذا الملحظ: ﴿ وَاصْبِرْ ﴾ [هود: 115] واصبر على ماذا؟ إذاً هناك مخاوف، هناك مخاطر، هناك تضحيات، قد يضحي المسلم ببيته يهدم بيته، بأهله يقتلون، بنفسه يموت ويقتل في سبيل الله، بالمال يذهب، اصبر في كل ذلك واصبر ﴿ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 115] كل ما يذهب من المسلمين في سبيل الله فالله تعالى يحفظه عنده إحساناً منا، في ميزان حسناتنا، لن يضيع أجره، فلتذهب الدنيا إذاً، فليذهب الإنسان بنفسه وبماله وولده وأزواجه والناس أجمعين في سبيل أن ننال عند الله رضاً في الآخرة، وهذا هو المنتهى، إليه يُرجع الأمر كله، سنموت في الدنيا سنموت وتذهب أموالنا وكل شيء، ونعود إلى الدار الآخرة حتماً بحرب أو بغير حرب، سوف نرجع إلى الله، فإذا قدَّر الله تعالى رجوعنا إليه على طاعة وشهادة فنعم بها، وسعيدٌ من ختم الله له حياته بخير، سعيدٌ من اختار الله له ميتة طيبة فأنهى حياته بشهادةٍ تواصل حياته في الدار الآخرة ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169].







﴿ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 115] هكذا أحبتي الكرام ينبغي أن نحفظ هذه الكلمات، هي أربع آيات في أواخر سورة هود بادئة بهذه البدايات ﴿ اسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ﴾ [هود: 112]، ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾ [هود: 113]، ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ [هود: 114]، ﴿ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 115]، فالطريق إلى الجنة وعر، الطريق إلى الجنة ليس سهلاً، فاصبروا على ما يجري، ولله أمرٌ ولله قدرٌ آتٍ وغالب لا محالة، ويأبى الله أن يُقهر دينه، ويأبى الله أن يُهزم دينه ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33]، ومع الملحظ الثاني بعد جلسة الاستراحة.







نسأل الله تبارك وتعالى أن يُسمعنا الخير دائماً، وأن يوفقنا لنتبع أحسن ما سمعناه، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم.







الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد فأوصيكم عباد الله بتقوى الله العظيم ولزوم طاعته، وأحذركم ونفسي عن عصيانه تعالى ومخالفة أمره، فهو القائل سبحانه وتعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.







أما بعد:



أيها الإخوة المسلمون الكرام، فهذا هو الملحظ الأول وليس الوحيد في السورة ولكن هو الذي وقعت عليه العين والتفت إليه النظر، لما فيه من توافقٍ مع حالنا في هذا الزمان، منهج للخروج من هذه الأزمة: ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [هود: 112]، ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ [هود: 113]، ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ﴾ [هود: 114]، ﴿ وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 115].







أما الملحظ الآخر، وليس الأخير أيضاً في السورة، ولكن مما فيها من خير ودروس، ذلك الموقف العجيب في قصة نبي الله نوحٍ عليه السلام، وهي أول قصةٍ تطالع عين القارئ في هذه السورة، حيث إن الله تعالى ذكر الأنبياء في هذه السورة بالترتيب الزمني الذي كانوا فيه، هذا أولاً وهذاً ثانياً وهذا آخراً، فكان أول نبيّ هو نوحٌ عليه السلام، وفي قصته عجب، لبث في قومه ألف سنةً إلا خمسين عاماً، يعني تسعمائة عامٍ وخمسين عاماً، داعياً إلى الله مصححاً للوضع الذي كانوا عليه، مغيراً للشرك الذي انغمسوا فيه وتمسكوا به وصار جزءاً من تصورهم عن هذه الحياة، ألف سنةً إلا خمسين عاماً مكثها نوحٌ داعياً في قومه وفي نهاية المطاف يقول الله تعالى ﴿ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [هود: 40]، ويُقدر العلماء هذا القليل من خلال ما ورد إليهم من روايات، فيقولون كانوا اثني عشر رجلاً، وبعضهم زاد إلى ثمانية عشر رجلاً، عشرون رجلاً، مائة رجل، هذا من عندنا افتراضاً وليس خبراً صحيحاً، وليس روايةً واردة[7]، ولكن أقول افتراضاً فليكونوا مائة رجل آمنوا مع نوح عليه السلام بعد ألف سنة إلا خمسين عاماً، نسبةٌ في غاية الضآلة والقلة والنّدرة، ما هذا؟! لم يكن في كل سنةٍ رجل، النسبة لا تكافئ هذا ولا تنتجه، ليس في كل عامٍ رجل، كأنه كانت تمر أعوام ولم يؤمن أحد، والدعوة مستمرة مستميتة متنوعةً متغيرة، ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا * فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴾ [نوح: 5 - 10]، دعوةٌ من كل اتجاه، في كل وقت، على كل صعيد، على كل شكل، وبعد ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً لم يؤمن إلا اثنا عشر رجلاً، أو ثمانية عشر رجلاً، أو أقول افتراضاً مائة رجل، مائة رجل في البشرية كلها فكانت البشرية يومها قليلة، وكلها هي أمة نوحٌ عليه السلام، لم تكن هناك أقوامٌ أخرى في جنبات الأرض، هذه سلالة آدم عليه السلام، ونوحٌ أول نبي يبعث من بعد آدم، وقوم نوح عليه السلام أول قوم يعبدون الأصنام في الدنيا من دون الله، فهذه هي البشرية كلها، كل من على الأرض، فيهم اثنا عشر رجلاً مسلماً لله، متبعاً لنبي الله نوح عليه السلام، تخيل كم مضى في الدعوة؟ تسعمائة وخمسين عاماً، والله يصبر عليهم، ورسولهم بينهم عليه السلام يدعوهم ويبصرهم ويعلمهم ويذكرهم وينذرهم ويحذرهم، والله يحلم عنهم ويصبر عليهم هذه المدة الطويلة، إذا كان قد صبر كل ذلك عليهم وأخرهم واجل عذابهم هذه المدة الطويلة وفيهم من يعلمهم وينذرهم ويحذرهم، فكم صبر عليهم قبلها؟ لا شك أنها كانت مدةً أطول، لعلهم يعقلون بأنفسهم، لعلهم يدركون أن هذه الأصنام أحجارٌ لا تنفع ولا تضر والعقل يفيد ذلك، فلا يحتاج الأمر إلى بعثة رسولٍ ولا إنزال كتاب، فلما أصروا واستمروا وحلم الله عليهم فترةً طويلةً عظيمة ولم يتغيروا ولم يرجعوا إلى الله أرسل إليهم نوحاً عليه السلام، وصبر عليهم وهو معهم ألف سنة تقريباً، ثم جاءهم العذاب ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾ [القمر: 16] كيف كان عذاب الله عز وجل، عجب العجاب، اثنا عشر رجلاً من أجلهم يغير الله كل الدنيا، يغير وجه الأرض، يغير حالة السماء، يغير البشر والبشرية كلها، يغير العلوم فيعلم نوحاً ما لم يكن يعلم، الأقدار كلها توجهت نصرةً لاثني عشر رجلاً، لكن أظن أنهم آمنوا إيماناً صحيحاً، أعتقد أنهم آمنوا بالاستقامة وعدم الركون للكافرين، فاعتزلوهم ولم يوالوهم، وأقاموا دين الله وأمر الله تبارك وتعالى طرفي النهار وبالليل، وصبروا على ما أوذوا ولاقوا من قومهم، فكانت النصرة بالعجب ﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ﴾ [القمر: 11] السماء كلها أبوابٌ ينهمر منها الماء، لقد غير الله تعالى سنن الكون، المطر معروف كيف ينزل وربما متى ينزل، نحن مثلاً نُمطَر شتاءً، هذا جاء على غير وقت، على غير فصلٍ من الزمان، نُمطَر مطراً قطراً، قطرات تنزل بسيطة خفيفة أو غزيرة، ونُمطَر في الجبال والصحاري بالسيول، هذا نظام الله فينا وسنته الحكيمة، ولكن جاء الماء منهمراً من كل صوب في السماء، فوق كل بيت، فوق كل أرض ﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا ﴾ [القمر: 11، 12] الأرض جعلها الله بساطاً، جعلها يابسة جامعة وفيها عيون، فيها عيون وآبار فيها مواضع للماء، لم يفجر الله هذه العيون بل فجر الأرض اليابسة أيضاً عيوناً ﴿ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا ﴾ [القمر: 12] صارت كلها عيوناً تنبع بالماء وتنفر، غيَّر كل شيء من أجل اثني عشر رجلاً، أخشى والله أن لا يكون في العالم الإسلامي هذا العدد بهذا الوصف الإيماني الصحيح، أخشى من ذلك، لذلك يستبطئ بعض الناس نصر الله تعالى، ولكن أقول: لا تستبطئ لقد حلم الله على قوم نوح ألف سنة إلا خمسين عاماً وفيهم نبي، ونحن ليس فينا نبي وليس في بني إسرائيل نبي، ولم يمر عليهم هذا الوقت الطويل الألف عام، إذاً اصبروا ﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ﴾ [القمر: 11، 12]، وأوحى الله تعالى إلى نوحٍ أن يصنع السفينة ﴿ وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا ﴾ [هود: 37] لملاحظاتنا، وعيننا تنظرك وترعاك وتعلمك وتصوّب لك، ﴿ وَوَحْيِنَا ﴾ [هود: 37]، ما كان نوح عليه السلام يعلم صناعة السفن، فعلمه الله بالوحي، اصنعها هكذا وهكذا وهكذا، حتى أتم صنع السفينة، وكان القوم يسخرون منه، الكفار، لأنه يصنع سفينةً في أرض يابسة لا ماء فيها، فأين تذهب يا نوح بهذه السفينة، ماذا تصنع بها يا نوح، أتسير بها في الرمال، وعبارات السخرية تتوالى ﴿ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ﴾ [هود: 38]، قال بكل ثبات وصبر ﴿ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ * فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [هود: 38، 39] سوف ترونه العذاب.. وهكذا.







إن هذا أحبتي في الله يعطينا ملامح الطريق من بعيد، لينصر الله اثني عشر رجلاً من المسلمين، إذاً إسلامهم هذا إسلامٌ يرضي الله، إيمانٌ رضي الله عنه فنصره الله، وأعزه الله فيهم وبهم، ومهما طال الأمد فلا نيأس ستأتي النجاة إن شاء الله، ستأتي النجاة وتأتي النصرة، وربما بل غالباً من حيث لا نحتسب، كل أهل التحليل السياسي والتعليق السياسي وغير ذلك يقرءون ملامح الأمر وملامح المشهد الحالي فيتوقعون كذا وكذا وكذا وكذا، ولكن جاء الله بالنصرة بواسطة سفينة صُنعت في وسط الرمال ولا ماء حولها، من حيث لا نحتسب، وهذا شأن الله دائماً، ولابد أن يفعل هذا لأنه إله يأتي بشيء من غير حسبان البشر، فنصر الله هذه الفئة القليلة جداً، المعزولة وبدون مواجهة، لم يحملوا سلاحاً ولم يواجهوا عدواً وإنما رفعهم الله تعالى في الفلك ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾ [هود: 42] ولا يخشون شيئاً، ولا تتلاطمهم الأمواج، وإنما أهلكت الأمواج من تعرفه مستحقاً لذلك، لأنها أمواجٌ مأمورة من قبل الله تبارك وتعالى فأخذت الكافرين جميعاً، وأراد الله تعالى وحقق إرادته أن تكون هذه القلة هي صاحبة الاستخلاف في الأرض وهي الدولة الباقية، بل بذرة البشرية كلها من بعدها، نحن الآن من ذرية هذه الفئة المؤمنة القليلة، كل الدنيا الآن حتى بحيواناتها بحشراتها بنباتاتها الكل؛ لأن الله أوحى إلى نوح ﴿ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ﴾ [هود: 40] أي من كل شيء زوجين اثنين ذكراً وأنثى، ومن بعد الطوفان تناسلت الحياة والأحياء من جديد، من بذور صالحة، من بذور إيمانية، من بذور عرفت ربها وخالقها سبحانه وتعالى.







إن هذا الموقف ليملأ القلب بالأمل مهما كان الواقع سيئاً شديدًا على القلب، مهما كان المستقبل مظلماً حسب القراءات البشرية، لكن بقراءة وحي الله وبفعل قدر الله في الأمم السابقة نأخذ أملاً جديداً لا تراه العيون، ولا تصل إليه الخيالات، من كان يصدق أن قوم نوحٍ في تلك الصحراء العريضة يركبون سفينةً في ماء وينجون بها من الظالمين؟! إنه قدر رب العالمين.







نسأل الله عز وجل أن يحقق لنا هذا الأمل، نسأل الله تبارك وتعالى لهذه الأمة النصرة والعزة، اللهم أعز أمتنا، اللهم أعز أمتنا، وانصر ديننا، وارفع رايتنا، اللهم ارفع رايتنا، انصر جندنا، انصر إخواننا، ارفع عنهم الهوان والذلة يا رب العالمين، اللهم ارفع رؤوسهم وسدد رميهم، اللهم ارفع رؤوسهم وسدد رميهم، وثبت أقدامهم، واقبل شهيدهم، واحفظ حيهم، اللهم احفظ حيهم، اللهم احفظ حيهم، وبارك لهم في أموالهم، وبارك لهم في حياتهم، أهلك عدونا وعدوهم وعدوك يا رب العالمين، اللهم أهلك عدونا وعدوهم، اللهم أهلك عدونا وعدوهم، اللهم أهلكه بددا وأحصه عددا، ولا تبقي فيهم أحدا، اللهم أرنا في اليهود ومن عاونهم آية، ولا ترفع لهم أبداً راية، اللهم أرنا في اليهود ومن عاونهم آية، ولا ترفع لهم أبداً راية، واجعلهم لمن سواهم آية، برحمتك وحولك وقوتك يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك يا ربنا أن ترد عنا عدونا، اللهم رد عنا عدونا، اللهم رد عنا عدونا، رداً مخزيا، رداً مخزيا، اللهم ردهم رداً مخزيًا، اللهم لا ترد عنهم بأسك الذي لا يُرَّد عن القوم المجرمين، اللهم تولهم بِهَلَكتك يا رب العالمين، اللهم تولهم بانتقامك يا رب العالمين، اللهم أرنا المسجد الأقصى، اللهم أرنا المسجد الأقصى محرراً صالحاً سليماً معافاً يا رب العالمين، طاهراً مطهرا، ارزقنا يا ربنا الصلاة فيه قبل الممات، اللهم فك الحصار عن فلسطين بمن فيها وما فيها، اللهم فك الحصار عن فلسطين بمن فيها وما فيها، وعن كل إخواننا المستضعفين في أرجاء العالم، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وارفع بحولك وقوتك رايتي الحق والدين، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، نسألك القبول منا والمغفرة لنا والرضا عنا يا رب العالمين، اللهم استخدمنا لدينك، اللهم استخدمنا لدينك، وانصر بنا دينك، اللهم انصر بنا دينك، وارزقنا شهادةً في سبيلك، في مدينة رسولك، وأنت على كل شيء قدير، اللهم ارزقنا يا ربنا ما يرضيك عنا، وما يقربنا منك يا ربنا، اغفر اللهم للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مجيب الدعوات ورافع الدرجات، برحمتك يا رب العالمين، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أعمالنا أواخرها، وأوسع أرزاقنا عند كبر سننا، وخير أيامنا يوم نلقاك يا أرحم الراحمين.







عباد الله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، اذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم.. وأقم الصلاة.









[1] انظر: لسان العرب (3/ 439).




[2] انظر: الجامع لأحكام القرآن (1/ 433).




[3] هي مكية كلها عند الجمهور، وروي ذلك عن ابن عباس وابن الزبير وقتادة إلا آية واحدة وهي ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ﴾ [هود: 114] إلى قوله: ﴿ لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114]، وقال ابن عطية: هي مكية إلا ثلاث آيات نزلت بالمدينة، وهي قوله - تعالى: ﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ﴾ [هود: 12]، وقوله: ﴿ أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ﴾ [هود: 17] إلى قوله: ﴿ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ [هود: 17] قيل: نزلت في عبد الله بن سلام، وقوله: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ﴾ [هود: 114] الآية، قيل: نزلت في قصة أبي اليسر كما سيأتي، والأصح أنها كلها مكية، وأن ما روي من أسباب النزول في بعض آيها توهم لاشتباه الاستدلال بها في قصة بأنها نزلت حينئذ كما يأتي، على أن الآية الأولى من هذه الثلاث واضح أنها مكية. أهـ التحرير والتنوير (11/ 311).




[4] رواه الحاكم في المستدرك (2/ 307) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.




[5] انظر: الجامع لأحكام القرآن (9/ 94).




[6] لم أقف عليه هناك، ومعنى الآية يتناوله، وانظر: تفسير الطبري (15/ 500)، والقرطبي (9/ 95)، وابن كثير (4/ 354)، وفي الحديث: "إذا وقفَ العبادُ على الصراطِ يومَ القيامةِ نادَى الله تعالى وقال: أنَا الله، أنَا الملك، أنا الديان، وعِزَّتي وجلالي لا يغادرُ هذا الصراطَ واحدٌ من الظالمين، ثم ينادِي ملَك من قِبَل الله تعالى فيقول: أينَ الظلَمَة؟ أين أعوانُ الظلَمَة؟ أين مَن برى لهم قلمًا؟ أين مَن ناولهم دَواةً؟ ثم تنادي جهنّمُ على المؤمنين فتقول: يا مؤمِن أسرع بالمرور عليَّ فإنَّ نورَك أطفأ ناري"، أخرجه أحمد في الورع [مجمع الزوائد (1/ 133)]، والحارثُ بنُ أبي أسامة (45) والحاكم (2/ 437)، وهو حديث حسن، انظر: تغليق التعليق (5/ 355)، للحافظ ابن حجر.




[7] انظر: تفسير الطبري (15/ 325- 327)، قال فيه: "والصواب من القول في ذلك أن يقال كما قال الله: ﴿ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ﴾ [هود: 40]، يصفهم بأنهم كانوا قليلًا ولم يحُدّ عددهم بمقدار، ولا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيح، فلا ينبغي أن يُتَجاوز في ذلك حدُّ الله؛ إذ لم يكن لمبلغ عدد ذلك حدٌّ من كتاب الله، أو أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". أهـ.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 97.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 95.19 كيلو بايت... تم توفير 2.17 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]