شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 5 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 19-08-2021, 02:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها

صــ 1إلى صــ13
الحلقة (41)

شرح سنن أبي داود [020]

لقد بين لنا الصحابة رضوان الله عليهم صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى كل مسلم ومسلمة أن يعرفها حتى تكون طهارته صحيحة كاملة، ومن أجمع من روى صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه في حديثه المعروف.
صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم
[شرح حديث عثمان في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم.حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان أنه قال: (رأيت عثمان بن عفان توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا فغسلهما ثم تمضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثا، وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا، ثم اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثا ثم اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا ثم قال: من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه)].
أورد أبو داود رحمه الله بابا في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اعتنى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بضبط كيفية وضوئه صلى الله عليه وسلم وبينوها للناس بالأقوال وبالأفعال، وقد جاء عن عثمان وعلي رضي الله تعالى عنهما روايات متعددة في وصفهم لوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفعل،
وأنهم توضئوا والناس يرونهم وقالوا: إن هذه صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه بيان السنن بالقول والفعل.أورد أبو داود رحمه الله روايات عديدة عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه الصفة تتعلق ببيان الكيفية من أول الوضوء إلى آخره،
وحاصل ما ورد في ذلك:
المضمضة والاستنشاق ثلاثا أولا، ثم غسل الوجه ثلاثا، ثم غسل اليدين إلى المرفقين ثلاثا، ثم مسح الرأس مرة واحدة، ثم غسل الرجلين إلى الكعبين ثلاثا، هذا هو الحد الأعلى الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي لا يجوز الزيادة عليه وهو التثليث، وجاء عنه ما يدل على الاكتفاء بأقل من ذلك، فجاء الوضوء مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وسيعقد أبو داود رحمه الله أبوابا لهذه الأعداد، وقد جاءت في حديث عثمان وحديث علي وغيرهما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.قوله: [(رأيت عثمان بن عفان توضأ)].
يعني: حصل منه الوضوء وهو يراه ثم فصل ذلك الوضوء الذي رآه يفعله.
قوله: [(فأفرغ على يديه ثلاثا فغسلهما)].
يعني: لم يغمس يده في الإناء، وهذا يدلنا على استحباب غسل اليدين قبل غمسهما في الإناء عندما يريد الإنسان أن يتوضأ في أي وقت، إلا ما تقدم عند القيام من الليل فإنه يتعين الغسل وفي غير ذلك يستحب، وهذا الذي جاء في حديث عثمان رضي الله عنه يدل على أنه مستحب وليس بواجب.والذي جاء في القرآن كما هو معلوم هو غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين، هذه هي الفروض التي جاءت في القرآن، وليس فيه ذكر غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، ولكن جاء ذلك في السنة.إذا: هو من قبيل المستحبات وليس أمرا متحتما وليس أمرا لازما إلا عند القيام من نوم الليل.
قوله: [(ثم تمضمض واستنثر)].
يعني: استنشق؛ لأن الاستنثار هو إخراج الماء بعد إدخاله في الأنف، وإدخاله في الأنف استنشاق،
يعني:
أنه وجد منه الاستنثار بعد أن وجد الاستنشاق، وفي بعض الروايات ذكر الاستنشاق ولم يذكر الاستنثار، ومن المعلوم أن واحدا منهما يكفي عن الآخر.فيأتي ذكر الاستنشاق وحده ويأتي ذكر الاستنثار وحده والمقصود به إدخال الماء إلى الأنف وجذبه بقوة النفس ثم إخراجه بعد أن دخل في الأنف.
فقوله:
(ثم تمضمض واستنثر) يعني: أدخل الماء في فمه وأداره فيه ثم مجه وأخرجه، وكذلك أدخل الماء في أنفه وجذبه بالاستنشاق ثم استنثره،
أي:
أخرجه،
وقد جاء في الحديث:
(وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما) لأن الإنسان إذا كان صائما وبالغ في الاستنشاق فقد يدخل الماء إلى جوفه عن طريق أنفه.جاء في بعض الأحاديث وبعض الروايات ذكر العدد وأنه تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا.
قوله: [(ثم غسل وجهه ثلاثا)].وهذا ظاهر.
قوله:
[(وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا)].(إلى) هي بمعنى (مع) يعني: أن الغاية داخلة في المغيا،
ولهذا جاء في بعض الأحاديث:
(حتى شرع في العضد) يعني: غسل ذراعه حتى تجاوز المرفقين، فالغاية داخلة في المغيا وليست خارجة عنه، فالمرفقان مغسولان تبعا لليدين.قوله: [(ثم اليسرى مثل ذلك)].
يعني:
غسلها ثلاثا.
قوله: [(ثم مسح رأسه)].
يعني: لم يذكر عددا بل أطلق،
وقد جاء في بعض الروايات:
(مرة واحدة) وهذا هو الذي يناسب بالنسبة للرأس،
أي: المسح وليس الغسل بدون تكرار؛ لأن تكرار المسح هو بمثابة الغسل؛ فإذا كرر المسح فكأنه غسله، والرأس حكمه المسح وليس الغسل، والمسح يبدأ من مقدمة رأسه إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه، وهذه تكون مسحة واحدة.
قوله: [(ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثا، ثم اليسرى مثل ذلك)].
يعني: إلى الكعبين ثم اليسرى فعل فيها مثل ما فعل في اليمنى.
قوله:
[(ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئي هذا)].توضأ والناس يرون،
ثم قال:
إن الرسول صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئه، وهو إنما فعل ذلك ليبين لهم كيفية وضوئه صلى الله عليه وسلم.قوله: [(ثم قال: من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه)].
يعني:
ركعتين بعد الوضوء،
يعني:
أنه إذا توضأ وصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه فإن الله تعالى يغفر له ما تقدم من ذنبه، والمقصود من ذلك الصغائر، أما الكبائر فإنه لابد فيها من التوبة؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أن التكفير بالأعمال الصالحة إنما يكون للصغائر وأما الكبائر فإنه لابد فيها من التوبة حتى تغفر، فإذا توضأ وضوءا على هذه الهيئة وصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه وهو مصر على كبيرة من الكبائر فإن ذلك لا يكفرها وإنما تكفرها التوبة، ولهذا جاء في بعض الأحاديث ما يدل على التقييد،
حيث قال صلى الله عليه وسلم:
(الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر) ويقول الله عز وجل: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} [النساء:31].
وقوله: (لا يحدث فيهما نفسه) المقصود بحديث النفس هو أن يحدث نفسه بأمور الدنيا، يكون شغله وتفكيره في أمور الدنيا، أما لو حصل هجوم خاطر على الإنسان ثم دفعه وانصرف عنه وأقبل على صلاته، فإن ذلك يكون معفوا عنه إن شاء الله ويحصل ذلك الأجر.
[تراجم رجال إسناد حديث عثمان في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]
قوله: [حدثنا الحسن بن علي الحلواني].
الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري اليماني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن يزيد الليثي].
عطاء بن يزيد الليثي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حمران بن أبان].
حمران بن أبان مولى عثمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عثمان].
عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه أمير المؤمنين وثالث الخلفاء الراشدين ذو النورين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[شرح حديث عثمان في صفة وضوء النبي من طريق ثانية]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن المثنى حدثنا الضحاك بن مخلد حدثنا عبد الرحمن بن وردان حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن حدثني حمران قال: (رأيت عثمان بن عفان توضأ فذكر نحوه ولم يذكر المضمضة والاستنشاق، ومسح رأسه ثلاثا، ثم غسل رجليه ثلاثا ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ هكذا، وقال: من توضأ دون هذا كفاه، ولم يذكر الصلاة)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه من طريق أخرى وفيه قال: (فذكر نحوه، ولم يذكر المضمضة والاستنشاق) يعني: نحو ما تقدم من حديث عطاء بن يزيد الليثي عن حمران، لكن عطاء بن يزيد ذكر المضمضة والاستنشاق ولم يذكر عددا، وهنا في الرواية الثانية التي هي رواية عبد الرحمن بن وردان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن حمران ولم يذكر المضمضة والاستنشاق التي ذكرها في الإسناد الأول.
قوله: (ومسح رأسه ثلاثا).في الرواية الأولى ذكر أنه مسح رأسه ولم يذكر عددا، وهذه زيادة فيها ذكر العدد، ولكن أكثر الرواة الذين رووا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذكروا العدد، وكما هو معلوم هذا الحديث في إسناده من تكلم فيه وهو عبد الرحمن بن وردان.قوله: (ثم غسل رجليه ثلاثا،
ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ هكذا، وقال: من توضأ دون هذا كفاه)
يعني: دون الثلاث،
وهذا معناه: أن الثلاث هي حد الكمال ونهاية الكمال، ولكن لو أن إنسانا توضأ دون ذلك، بمعنى أنه توضأ مرتين أو مرة واحدة، فإن ذلك يكفي، لكن المرة الواحدة لا بد فيها من استيعاب الأعضاء كلها، بحيث تكون كافية لا بد من مرور الماء على جميع أعضاء الوضوء.فإذا: من توضأ دون الثلاث بأن غسل مرتين أو غسل مرة واحدة أو بعض الأعضاء مرة وبعضها مرتين، فإن كل ذلك سائغ، فله أن يغسل ثلاثا وله أن يغسل اثنتين وله أن يغسل واحدة، وله أن يخالف أيضا في العدد بين أعضاء الوضوء، بأن يغسل بعضها اثنتين وبعضها ثلاثا وبعضها مرة واحدة، كل ذلك لا بأس به.
قوله: (ولم يذكر الصلاة) يعني: لم يقل: (ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه) فهذا اللفظ لم يأت في رواية عبد الرحمن بن وردان عن أبي سلمة.
[تراجم رجال إسناد حديث عثمان في صفة وضوء النبي من طريق ثانية]
قوله:
[حدثنا محمد بن المثنى].
هو محمد بن المثنى العنزي البصري أبو موسى الملقب ب الزمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فإنهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[حدثنا الضحاك بن مخلد].
الضحاك بن مخلد هو أبو عاصم النبيل مشهور بكنيته، ويأتي ذكره باسمه ونسبه كما هنا؛
لأنه قال هنا:
الضحاك بن مخلد، ويأتي في بعض الروايات أبو عاصم، فيذكر بكنيته أحيانا ويذكر باسمه أحيانا، وقد ذكرت فيما مضى أن معرفة الكنى من الأمور المهمة في علم مصطلح الحديث، وفائدة ذلك ألا يظن الشخص الواحد شخصين، بحيث لو ذكر مرة باسمه ومرة بكنيته فإن الذي لا يعرف أن صاحب الكنية هو صاحب هذا الاسم يظن أن هذا شخص وهذا شخص، لكن من عرف لا يلتبس عليه الأمر، فإن جاءه أبو عاصم عرف أنه الضحاك بن مخلد، وإن جاء الضحاك بن مخلد عرف أنه أبو عاصم.
[حدثنا عبد الرحمن بن وردان].
عبد الرحمن بن وردان مقبول، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني حمران قال: رأيت عثمان بن عفان].
حمران وعثمان قد مر ذكرهما.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #42  
قديم 19-08-2021, 02:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها

صــ 1إلى صــ13
الحلقة (42)

[شرح حديث عثمان في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن داود الإسكندراني حدثنا زياد بن يونس حدثني سعيد بن زياد المؤذن عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي قال: سئل ابن أبي مليكة عن الوضوء فقال: (رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء فدعا بماء، فأتي بميضأة فأصغاها على يده اليمنى، ثم أدخلها في الماء فتمضمض ثلاثا، واستنثر ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يده اليمنى ثلاثا، وغسل يده اليسرى ثلاثا، ثم أدخل يده فأخذ ماء فمسح برأسه وأذنيه، فغسل بطونهما وظهورها مرة واحدة، ثم غسل رجليه، ثم قال: أين السائلون عن الوضوء؟ هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ).أورد أبو داود رحمه الله حديث عثمان رضي الله عنه من طريق ابن أبي مليكة، وفيه التنصيص على أعداد لم يأت ذكرها في الروايات السابقة، مثل المضمضة والاستنشاق جاء أنه تمضمض واستنشق ثلاثا، وفيه مسح الرأس، وفيه ذكر غسل بطون الأذنين وظهورهما مرة واحدة.
قوله: [قال ابن أبي مليكة: (رأيت عثمان بن عفان سئل عن الوضوء، فدعا بماء، فأتي بميضأة).
يعني: سئل عن كيفية الوضوء فأراد أن يبينه بالفعل من أجل أن الناس يشاهدونه ويعاينونه، ويعرفون الهيئة والكيفية التي يكون عليه الوضوء، والميضأة: هي إناء فيه ماء يكفي للوضوء، أو ماء على قدر الوضوء،
ولهذا قال: ميضأة،
يعني:
فيها ماء وضوء.قوله: [(فأصغاها على يده اليمنى)].
يعني:
أنه لم يغمس يده في الإناء، بل أصغى الإناء حتى أفرغ على يده اليمنى ثم غسل يديه.
قوله:
[(ثم أدخلها في الماء)].
يعني:
بعدما غسل يديه خارج الإناء صار يدخل يديه بعد ذلك ويغرف.
قوله: [(فتمضمض ثلاثا، واستنثر ثلاثا)].وهذا فيه بيان كون المضمضة ثلاثا والاستنشاق ثلاثا.
قوله: [(وغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يده اليمنى ثلاثا، وغسل يده اليسرى ثلاثا، ثم أدخل يده فأخذ ماء فمسح برأسه وأذنيه فغسل بطونهما وظهورهما مرة واحدة)].
يعني:
أنه أخذ ماء وجعله في يديه ومسح به على رأسه ومسح به أذنيه بطونهما وظهورهما؛ وذلك بأن تكون السبابة في داخل الأذنين والإبهام على ظهور الأذنين في وقت واحد فيمسح عليهما، وهذا فيه دليل على أن الأذنين حكمهما حكم الرأس، وليس حكمهما حكم الوجه، فحكمهما المسح تبعا للرأس، وليس حكمهما الغسل تبعا للوجه، فهما ممسوحتان لا مغسولتان،
كما في الحديث:
(الأذنان من الرأس)،
يعني:
أن حكمهما حكم الرأس في الوضوء يمسحان ولا يغسلان.
قوله:
[(ثم غسل رجليه)].لم يذكر العدد، ولكنه جاء في الرواية الأخرى ذكر أنه غسلهما ثلاثا.
قوله:
[(ثم قال: أين السائلون عن الوضوء؟ هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ)].وهذا فيه بيان الوضوء بالفعل ثم بالقول؛
لأنه توضأ ثم قال:
(هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ).
[تراجم رجال إسناد حديث عثمان في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة]
قوله: [حدثنا محمد بن داود الإسكندراني].
هو محمد بن داود الإسكندراني المصري وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي.
[حدثنا زياد بن يونس].
زياد بن يونس ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة.
[حدثني سعيد بن زياد المؤذن].
سعيد بن زياد المؤذن مقبول، أخرج حديثه أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة.
[عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي].
عثمان بن عبد الرحمن التيمي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي.
[قال سئل ابن أبي مليكة].
هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[رأيت عثمان بن عفان].
عثمان بن عفان رضي الله عنه قد مر ذكره.
[ترجيح أبي داود لروايات الاقتصار على مسح الرأس مرة واحدة]
[قال أبو داود رحمه الله: أحاديث عثمان رضي الله عنه الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة؛ فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا، وقالوا فيها: ومسح رأسه، ولم يذكروا عددا كما ذكروا في غيره]
.
وهذا الكلام من أبي داود رحمه الله فيه أن الذين ذكروا صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لم يذكروا العدد، ولكن يستثنى من ذلك عند أبي داود نفسه ما نص عليه، كما مر في رواية عبد الرحمن بن وردان عن أبي سلمة، وكما سيأتي أيضا في رواية أخرى فيها ذكر المسح ثلاثا، ولكن كلام أبي داود رحمه الله هنا يشير إلى ترجيح الروايات التي فيها الاقتصار على المرة الواحدة، وقوله: ما ذكروا العدد غير ما استثني، يقصد بذلك غير ما ذكره هو نفسه.
ورواية: (ثلاثا) إما أن تكون ضعيفة وإما شاذة.
[شرح حديث عثمان في صفة وضوء النبي من طريق رابعة]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى أخبرنا عبيد الله -يعني ابن أبي زياد - عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبي علقمة: (أن عثمان دعا بماء فتوضأ، فأفرغ بيده اليمنى على اليسرى ثم غسلهما إلى الكوعين، قال: ثم مضمض واستنشق ثلاثا، وذكر الوضوء ثلاثا، قال: ومسح برأسه ثم غسل رجليه، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل ما رأيتموني توضأت)، ثم ساق نحو حديث الزهري وأتم].أورد أبو داود حديث عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه من طريق أخرى، وفيه ذكر بعض ألفاظه وإحالة إلى حديث متقدم، وهو حديث الزهري.
قوله: (أن عثمان رضي الله عنه دعا بماء فتوضأ، فأفرغ بيده اليمنى على اليسرى ثم غسلهما إلى الكوعين)].
يعني: أنه أفرغ من الإناء خارج الإناء وغسل يديه إلى الكوعين، والمقصود غسل الكف فقط، والذراع لا تدخل في ذلك، يعني: أن الكف قبل الوضوء لا تدخل في الغسل وإنما تغسل الكف فقط إلى الكوعين،
والكوع:
هو العظم الذي في طرف الذراع مما يلي الإبهام،
والطرف الثاني الذي يلي الخنصر يقال له: الكرسوع، فهما عظمان في طرف الذراع،
فالذي يلي الإبهام يقال له:
الكوع، والذي يلي الخنصر يقال له: الكرسوع،
ولهذا يقول العوام في المثل على الشخص الذي لا يعرف شيئا: لا يعرف كوعه من كرسوعه،
يعني:
لا يميز بين الكوع والكرسوع.
قوله: [(ثم مضمض واستنشق ثلاثا)].وهذا فيه مثل ما تقدم في حديث ابن أبي مليكة، يعني: أنه استنشق واستنثر، وهنا عبر بالاستنشاق بدل الاستنثار وهما متلازمان،
فالاستنشاق:
هو إدخال الماء في الأنف،
والاستنثار:
هو إخراجه، وكل واحد منهما يستلزم الآخر، فالاستنشاق يعقبه استنثار والاستنثار يسبقه استنشاق.قوله: [(وذكر الوضوء ثلاثا)].
يعني: أنه غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا.
قوله: [(ومسح برأسه ثم غسل رجليه)].ولم يذكر العدد، وهذا يحمل على أنه مرة واحدة، لأن تكرار المسح يصير بمثابة الغسل، والحكم هو المسح وليس الغسل.قوله: [(ثم غسل رجليه)].
يعني: غسل رجليه ثلاثا.
قوله: [(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل ما رأيتموني توضأت)، ثم ساق نحو حديث الزهري وأتم].
يعني: حديث الزهري الذي تقدم.
[تراجم رجال إسناد حديث عثمان في صفة وضوء النبي من طريق رابعة]
قوله: [حدثنا إبراهيم بن موسى].
هو إبراهيم بن موسى الرازي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عيسى].
هو عيسى بن يونس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عبيد الله يعني ابن أبي زياد]
.
عبيد الله بن أبي زياد ليس بالقوي، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن عبد الله بن عبيد بن عمير].
عبد الله بن عبيد بن عمير ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[عن أبي علقمة].
هو أبي علقمة المصري مولى بني هاشم وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.[أن عثمان].عثمان مر ذكره.
[شرح حديث عثمان في صفة وضوء النبي من طريق خامسة]
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل عن عامر بن شقيق بن جمرة عن شقيق بن سلمة قال: (رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا، ومسح رأسه ثلاثا، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا).قال أبو داود: رواه وكيع عن إسرائيل قال: (توضأ ثلاثا فقط)].أورد أبو داود حديث عثمان رضي الله عنه من طريق أخرى مختصرا وفيه أنه غسل ذراعيه ثلاثا ومسح رأسه ثلاثا، وهذه هي الرواية الثانية عند أبي داود التي فيها ذكر المسح للرأس ثلاثا، والرواية الأولى هي التي فيها عبد الرحمن بن وردان، وهو مقبول، وهذه الرواية فيها شخص ضعيف.
قوله: (رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ومسح رأسه ثلاثا،
وقال:
رأيت رسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا)
].هذا فيه اختصار فليس فعل الرسول صلى الله عليه وسلم هو هذا فقط، وإنما ذكر الوضوء كاملا ولكنه اختصره هنا.
[تراجم رجال إسناد حديث عثمان في صفة وضوء النبي من طريق خامسة]
قوله: [حدثنا هارون بن عبد الله].
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي، والحمال لقب، وهو بغدادي ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا يحيى بن آدم].
يحيى بن آدم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا إسرائيل].
هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عامر بن شقيق بن جمرة].
عامر بن شقيق بن جمرة لين الحديث، أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن شقيق بن سلمة].
شقيق بن سلمة هو أبو وائل، وهو مشهور بكنيته ومشهور باسمه، فيأتي كثيرا أبو وائل ويأتي في بعض الأحيان شقيق بن سلمة كما هنا، وهذا من قبيل معرفة الكنى والأسماء، وفائدتها ألا يظن الشخص الواحد شخصين، بحيث لو جاء أبو وائل مرة في إسناد وجاء في إسناد آخر شقيق بن سلمة فإن الذي لا يعرف يظن أن هذا شخص وهذا شخص، ومن يعرف أن شقيق بن سلمة كنيته أبو وائل لا يلتبس عليه الأمر، وهو ثقة مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من كبار التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال: رأيت عثمان بن عفان].
عثمان رضي الله عنه قد مر ذكره.[قال أبو داود: رواه وكيع عن إسرائيل قال: (توضأ ثلاثا فقط)].
يعني: ذكر أبو داود رحمه الله أن وكيعا رواه عن إسرائيل وقال: (توضأ ثلاثا فقط)،
يعني:
أنه غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا وهكذا.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #43  
قديم 19-08-2021, 02:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها

صــ 1إلى صــ24
الحلقة (43)

شرح سنن أبي داود [021]
لقد روى صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم عدة من الصحابة، فذكروا أن أعضاء الوضوء منها المغسول ومنها الممسوح، ومنها ما فيه التثليث والتثنية والإفراد، فأعلى الكمال التثليث وأوسطه التثنية وأدناه الإفراد، بخلاف الرأس، فإن الراجح أن المسح مرة واحدة فقط، وذكر العدد فيه غير صحيح.
تابع صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم
[شرح حديث علي في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن خالد بن علقمة عن عبد خير قال: (أتانا علي رضي الله عنه وقد صلى، فدعا بطهور، فقلنا: ما يصنع بالطهور وقد صلى؟ ما يريد إلا ليعلمنا، فأتي بإناء فيه ماء وطست، فأفرغ من الإناء على يمينه فغسل يديه ثلاثا، ثم تمضمض واستنثر ثلاثا، فمضمض ونثر من الكف الذي يأخذ فيه، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يده اليمنى ثلاثا، وغسل يده الشمال ثلاثا، ثم جعل يده في الإناء فمسح برأسه مرة واحدة، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا، ورجله الشمال ثلاثا، ثم قال: من سره أن يعلم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا)].
سبق أن مر ذكر جملة من الطرق للأحاديث الواردة عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد هذا بدأ الإمام أبو داود رحمه الله بذكر الطرق الواردة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وهذه أول طريق من تلك الطرق الواردة عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهي كغيرها من الطرق المتقدمة عن عثمان رضي الله عنه، وكذلك الطرق التي ستأتي عن جماعة من الصحابة في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يغسل يديه قبل إدخالهما الإناء ثلاث مرات، وقد ذكرنا أن هذا مستحب، لأنه يجب عند القيام من نوم الليل،
أي:
غسل اليدين قبل إدخالها في الإناء ثلاثا، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنثر ثلاثا، وعرفنا أن المضمضة هي إدخال الماء في الماء وتحريكه فيه ثم مجه، وأن الاستنثار والاستنشاق لفظان متلازمان؛ لأن الاستنشاق يعقبه الاستنثار، والاستنثار يسبقه استنشاق، فمن ذكر الاستنثار اقتصر على ما يكون في آخر الأمر، وهو إخراج الماء من الأنف بعد إدخاله فيه بالاستنشاق، ومن ذكر الاستنشاق اقتصر على ما يكون في أول الأمر، وهو إدخال الماء في الأنف.والمقصود من ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أدخل الماء في أنفه ثلاث مرات وأخرجه ثلاث مرات، كل مرة يستنشق ثم يستنثر، وهذا يدل على ما دلت عليه الأحاديث أو الطرق المتعددة بأن المضمضة والاستنشاق مطلوبان.
وقد اختلف العلماء في حكمهما:
فمنهم من قال بوجوبهما تبعا للوجه، ومنهم من قال باستحبابهما.
قوله: (ثم غسل وجهه ثلاث مرات)،
أي:
أن الغسل للوجه يكون ثلاث مرات،
ثم الغسل لليد اليمنى إلى المرفقين أي:
مع المرفقين ثلاث مرات، واليسرى كذلك، ثم المسح على الرأس مرة واحدة، ثم غسل الرجل اليمنى ثلاثا، ثم غسل الرجل اليسرى ثلاثا، وهذا هو الحد الأكمل لصفة الوضوء، وذلك بأن يغسل الإنسان ثلاث مرات عدا الرأس فإنه يمسح مرة واحدة، ولا يجوز الزيادة على ذلك، بل هذا هوا لحد الأعلى، وإن غسل مرتين مرتين، أو مرة واحدة أو غسل بعض الأعضاء مرة وبعضها مرتين وبعضها ثلاثا، فإن ذلك كله سائغ، والحد الأدنى هو غسلة مستوعبة للأعضاء، بحيث لا يترك شيئا من فروض الوضوء إلا وقد استوعبته، وإن فعل ثانية مع الواحدة فهو حسن، وإن فعل ثالثة مع الاثنتين فهو حسن، ولكنه لا يجوز الزيادة على ذلك.وحديث علي رضي الله عنه هو كالأحاديث المتقدمة التي فيها بيان هذا الوصف لوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلي رضي الله عنه وأرضاه جاءهم بعدما صلى، ودعا بطهور، والطهور هو الماء الذي يتوضأ به، وهو بفتح الطاء، كالوضوء،
أي: الماء الذي يتطهر به ويتوضأ به، والطهور بالضم هو فعل الوضوء وفعل التطهر، ولما طلب ماء ليتوضأ وقد صلى فهموا أنه ما أراد إلا أن يعلمهم الوضوء، وأنه أراد أن يتوضأ والناس يرونه ويشاهدونه؛ حتى يعرفوا كيفية وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم من الحرص على بيان السنن وكمال النصح للأمة، وأنهم قد أدوا الشيء الذي تلقوه من رسول الله عليه الصلاة والسلام على التمام والكمال، فهم رضي الله عنهم أرضاهم الواسطة بين الناس وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عرف الناس حقا وهدى إلا عن طريقهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
فكونه رضي الله عنه يطلب ماء ليتوضأ وقد فرغ من الصلاة والناس يشاهدونه ويعاينونه فهم فهموا هذا الفهم وقالوا: ما يريد إلا ليعلمنا، ثم إنه أفرغ على يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا، وهذا يدلنا على استحباب هذا الفعل حتى ولو كانت اليد طاهرة ولا نجاسة فيها، إلا أن هذا مستحب، ولكن إذا علم فيها نجاسة فيجب غسلها خارج الإناء، وألا تدخل في الإناء إلا وهي نظيفة، ويدخل في ذلك القيام من نوم الليل كما ذكرنا قبل أنه يجب غسلها قبل إدخالها الإناء.
قوله: [قال عبد خير: (أتانا علي رضي الله عنه وقد صلى فدعا بطهور، فقلنا: ما يصنع بالطهور وقد صلى؟ ما يريد إلا ليعلمنا)].يعني: أنهم قالوا هذا إما في أنفسهم أو أنه أسر بعضهم إلى بعض وتحدث بعضهم إلى بعض، وقالوا: ما يصنع بالطهور وقد صلى؟ ثم قالوا: ما يريد إلا أن يعلمنا.
قوله: [(فأتي بإناء فيه ماء وطست)].
الطست هو:
إناء، وفي الغالب أنه يكون واسعا.
وعطف الطست على الإناء قيل: إنه من عطف الترادف، وأن المقصود بذلك أن الطست هو الذي فيه الماء،
وقد جاء في بعض الروايات:
(أن الطست فيه ماء).
وقيل:
عطف الطست على الإناء؛ لأن الإناء فيه ماء وهو يريد أن يتوضأ بحيث تتساقط قطرات الماء من الأعضاء في الطست.لكن القول الأول هو الأظهر من جهة أن ذكر الطست قد جاء في بعض الروايات أنه كان فيه الماء، فيكون المقصود أنه أتي بإناء هو طست، وفيه ماء للوضوء فتوضأ به.
قوله: [(فأفرغ من الإناء على يمينه فغسل يديه ثلاثا، ثم تمضمض واستنثر ثلاثا، فمضمض ونثر من الكف الذي يأخذ فيه)].وهذا فيه أن المضمضة والاستنشاق تكون من كف واحدة، بحيث يأخذ غرفة من ماء فيجعل بعضها في فمه للمضمضة والباقي يستنشقه في أنفه ويخرجه، فيتمضمض ويستنشق من كف واحدة، يفعل ذلك ثلاث مرات بثلاث غرفات.
قوله: [(ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يده اليمنى ثلاثا، وغسل يده الشمال ثلاثا، ثم جعل يده في الإناء فمسح برأسه مرة واحدة، ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا ورجله الشمال ثلاثا)].
وهذا بيان صفة الوضوء الكامل لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو غسل جميع الأعضاء ثلاثا إلا الرأس، فإنه يمسح مرة واحدة ولا يغسل ولا يكرر؛ لأن المقصود هو المسح، ولو كرر لكان التكرار غسلا وفرضه المسح، ويكون المسح مرة واحدة.
قوله: [(ثم قال: من سره أن يعلم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا)].
أي: الذي فعلته وأنتم تنظرون، وهذه الكلمة التي قالها في آخر الحديث وفي آخر العمل تبين الذي فهموه من فعله وأنه أراد أن يعلمهم.والمضمضة والاستنشاق من الواجبات، وقد جاء تخصيصهما والتنصيص عليهما.
[تراجم رجال إسناد حديث علي في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله: [حدثنا مسدد].
هو مسدد بن مسرهد وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا أبو عوانة].
هو أبو عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي عوانة، وهو غير أبي عوانة المتأخر الذي استخرج على صحيح مسلم.
والذي له الكتاب الذي يقال له: (صحيح أبي عوانة)،
ويقال له:
(مستخرج أبي عوانة)،
ويقال له: (مسند أبي عوانة) وهو كتاب واحد، فهو مسند؛
لأنه أتى بالأسانيد قال:
حدثنا فلان، وهو مستخرج؛ لأنه بناه على صحيح مسلم، والمستخرج هو الذي يأتي به الراوي أو المحدث ويلتقي مع صاحب الكتاب في شيوخه ومن فوقهم، ولا يمر بصاحب الكتاب، هذا هو المستخرج،
ويقال له:
(صحيح أبي عوانة)؛ لأنه مستخرج على الصحيح.فـ أبو عوانة اليشكري متقدم، وذاك متأخر.
[عن خالد بن علقمة].
خالد بن علقمة وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة وعلق له الترمذي في الطهارة في باب وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان.ومجرد التعليق بالنسبة لصحيح البخاري لم يكونوا يذكرونه في الرجال، وذلك باعتبار أنه روى له تعليقا، ولم يرو له في الأصول، ويميز بين من يعلق عنه البخاري ومن روى له في الأصول، فيرمز بـ (خ) لمن روى له في الأصول، ويرمز لمن روى له تعليقا بـ (خت)، أما غيره فالذي يظهر أنهم ما كانوا يرمزون لهذا، وقد سبق أن مر بنا بعض الإضافات أو الإشارات التي ذكرها أبو داود عن بعض الرواة الذين لم يرو لهم في الأصول.
[عن عبد خير].
هو عبد خير بن يزيد الهمداني وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[قال: أتانا علي].
هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين أبو الحسنين صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[حكم التعبيد لغير الله عز وجل]
وعبد خير الهمداني اسمه عبد خير، والتعبيد إنما يكون لله عز وجل، وقد أجمع أهل العلم على تحريم كل اسم معبد لغير الله،
قال ابن حزم:
حاشا عبد المطلب؛
لأنه جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول:
(أنا ابن عبد المطلب).ومن المعلوم أن هذا شيء كان متقدما ولا يمكن تغييره، لكن جاء في بعض الصحابة من اسمه عبد المطلب ولم يغير الرسول صلى الله عليه وسلم اسمه، كما غير بعض الأسماء التي هي معبدة لغير الله،
قالوا: فدل هذا على أن اسم عبد المطلب مستثنى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يغيره، ولكن كما هو معلوم عند التسمية يختار الاسم الذي لا إشكال فيه، وأما هذا ففيه إشكال، كيف وقد جاء فيه أنه معبد لغير الله؟ لكن كون الرسول صلى الله عليه وسلم أقره وكان في بعض أقاربه من يسمى عبد المطلب ولم يغير النبي صلى الله عليه وسلم اسمه، فدل على أن التسمية في ذلك جائزة، لكن الأولى خلافها، وذلك بأن يكون التعبيد لله عز وجل فقط.
[شرح حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق ثانية]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة حدثنا خالد بن علقمة الهمداني عن عبد خير قال: (صلى علي رضي الله عنه الغداة ثم دخل الرحبة، فدعا بماء، فأتاه الغلام بإناء فيه ماء وطست، قال: فأخذ الإناء بيده اليمنى فأفرغ على يده اليسرى وغسل كفيه ثلاثا، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا)، ثم ساق قريبا من حديث أبي عوانة، قال: (ثم مسح رأسه مقدمه ومؤخره مرة) ثم ساق الحديث نحوه].
أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه من طريق أخرى، وأحال فيها على الطريق المتقدمة، إلا أن فيها بعض الفروق، فمن الفروق التي فيها: أنه بين كيفية مسح الرأس، وأن المسح يكون للرأس كله المقدم والمؤخر، وجاء بيان ذلك بأنه يقبل ويدبر يبدأ من مقدم رأسه حتى ينتهي إلى قفاه، ثم يرجع إلى المكان الذي بدأ منه مرة واحدة.
قوله: [عن عبد خير قال: (صلى علي رضي الله عنه الغداة)].
الغداة: هي الفجر،
يعني:
أنه صلى بالناس الفجر ثم جاء إلى الرحبة، والرحبة مكان بالكوفة.
قوله:
(ثم دخل الرحبة فدعا بماء، فأتاه الغلام بإناء فيه ماء وطست، قال: فأخذ الإناء بيده اليمنى، فأفرغ على يده اليسرى وغسل كفيه ثلاثا)].وهذا فيه مثل ما في الذي قبله، يعني: أنه غسل كفيه ثلاثا إلا أنه أخذ الإناء باليمنى ووضع الماء في اليسرى، ثم استعمل اليدين بحيث غسلهما بتلك الكف أو ذلك الماء الذي صبه في الكف اليسرى.
قوله: (ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فمضمض ثلاثا).
يعني: أنه بعدما غسل يديه ثلاثا خارج الإناء أدخل يده اليمنى في الإناء؛ لأنها بعدما حصلت لها النظافة بغسلها غمسها، واستخرج ماء ليتمضمض منه فتمضمض ثلاثا.
قوله:
[ثم ساق قريبا من حديث أبي عوانة].
أي: المتقدم في الطريق السابقة.
قوله: [(ثم مسح رأسه مقدمه ومؤخره مرة)].هذا فيه بيان أن المسح مرة واحدة، وأنه يكون لجميع الرأس وليس لبعضه دون بعضه، بل له كله مقدمه ومؤخره.
قوله:
[ثم ساق الحديث نحوه].
يعني: نحو حديث أبي عوانة المتقدم.
[تراجم رجال إسناد حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق ثانية]

قوله: [حدثنا الحسن بن علي الحلواني].
الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا الحسين بن علي الجعفي].
الحسين بن علي الجعفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زائدة].
هو زائدة بن قدامة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا خالد بن علقمة الهمداني عن عبد خير قال: صلى علي].
قد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #44  
قديم 19-08-2021, 03:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها

صــ 1إلى صــ24
الحلقة (44)

[شرح حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة]
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[حدثنا محمد بن المثنى حدثني محمد بن جعفر حدثني شعبة قال: سمعت مالك بن عرفطة سمعت عبد خير قال: (رأيت عليا رضي الله عنه أتي بكرسي فقعد عليه، ثم أتي بكوز من ماء فغسل يديه ثلاثا، ثم تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد) وذكر الحديث].
أورد أبو داود حديث علي من طريق أخرى واختصره بحيث أشار إلى أوله وأنه غسل يديه ثلاثا، ثم تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد، فهو مثل ما تقدم أنه يتمضمض ويستنشق من كف واحدة، وذكر الحديث على نحو ما تقدم في رواية أبي عوانة المتقدمة.
قوله: (ثم أتي بكوز من ماء) الكوز قيل: هو الإناء الذي له عروة،
قالوا:
وإذا كان ليس له عروة يقال له: كوب،
يعني:
فتوضأ من ذلك الإناء، وهذا يبين أن ما تقدم في الرواية من ذكره الإناء والطست أنهما شيء واحد،
لأنه هنا قال:
كوز،
يعني:
إناء.
[تراجم رجال إسناد حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة]

قوله:
[حدثنا محمد بن المثنى].
محمد بن المثنى هو الملقب بـ الزمن وكنيته أبو موسى وهو:
العنزي البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فإنهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، ومثله محمد بن بشار ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، فإن هؤلاء الثلاثة شيوخ لأصحاب الكتب الستة، وقد ماتوا في سنة واحدة، قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، حيث توفوا جميعا سنة (252هـ) وكانت وفاة البخاري سنة (256هـ) وهم من صغار شيوخ البخاري، وهم من رجال الكتب الستة.
[حدثنا محمد بن جعفر].
محمد بن جعفر وهو الملقب غندر وهو كثير الرواية عن شعبة ويروي عنه محمد بن المثنى ومحمد بن بشار كثيرا، هو محمد بن جعفر ولقبه غندر البصري وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثني شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي البصري وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[قال: سمعت مالك بن عرفطة].
هذا وهم من شعبة؛ فإنه وهم في خالد بن علقمة فقال عنه: مالك بن عرفطة، وليس هناك شخص يقال له: مالك بن عرفطة وإنما هو خالد بن علقمة، وقد جاء أيضا عن أبي عوانة أنه كان يقول ذلك، وجاء عنه خلاف ذلك، فكان أولا يهم فيه ويقول: مالك بن عرفطة وأخيرا كان يقول: خالد بن علقمة كما سبق أن مر بنا، وقد ذكر ذلك الحافظ في التقريب، وقال: إن شعبة يخطئ في اسمه واسم أبيه، وإن أبا عوانة حصل له ذلك ورجع عنه، وعلى هذا فالمقصود به خالد بن علقمة الذي سبق أن مر في الإسناد المتقدم.وفي بعض الزيادات في بعض النسخ أن أبا داود نبه إلى هذا الوهم، لكنها ليست من روايته، وهكذا النسائي ذكر في السنن وكذلك الترمذي ذكر أيضا: أن شعبة وهم في اسمه واسم أبيه فكان يقول: مالك بن عرفطة وهو خالد بن علقمة.
[سمعت عبد خير قال: رأيت عليا].
عبد خير وعلي قد مر ذكرهما.
[شرح حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق رابعة]
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو نعيم حدثنا ربيعة الكناني عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش أنه سمع عليا رضي الله عنه وسئل عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وقال: (ومسح على رأسه حتى الماء يقطر، وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا، ثم قال: هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم)].أورد أبو داود رحمه الله حديث علي رضي الله من طريق أخرى وفيه الإحالة على ما تقدم.
قوله: [(ومسح على رأسه حتى الماء يقطر)].
يعني:
مسح على رأسه مرة واحدة، وليس معنى ذلك أنه غسله حتى تقاطر الماء من رأسه لأنه مغسول، ولكنه وجد البلل في الرأس من هذه المسحة، لكون اليد كان فيها ماء فيمكن أنه تقاطر منها،
وفي بعض النسخ:
(حتى لما يقطر) يعني: أنه لم يحصل التقاطر، وهذا هو الذي يتوافق مع المسح،
والرواية التي فيها:
(حتى الماء يقطر) قد تكون مصحفة عن (لما) فإن الرسم متقارب.قوله: [(وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا، ثم قال: هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم)].يعني: أنه غسل كل رجل ثلاث مرات، وقال: هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[تراجم رجال إسناد حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق رابعة]

قوله:
[حدثنا عثمان بن أبي شيبة].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا أبو نعيم].
هو أبو نعيم الفضل بن دكين الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ربيعة الكناني].
هو ربيعة بن عتبة الكناني وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي في مسند علي.
[عن المنهال بن عمرو].
المنهال بن عمرو صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.والبخاري إنما روى عنه في تفسير سورة فصلت أثرا عن ابن عباس، وهو أثر طويل فيه أن شخصا سأله عن أسئلة، وقد أتى به البخاري على طريقة تخالف طريقته،
وهي أنه أورد المتن ثم أتى بالإسناد فقال:
حدثناه فلان عن فلان، وفيه المنهال بن عمرو، وذكر الحافظ في الشرح أنه ما روى له إلا هذا الحديث.
[عن زر بن حبيش].
زر بن حبيش ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع عليا].
علي رضي الله عنه قد مر ذكره.
[شرح حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق خامسة]
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[حدثنا زياد بن أيوب الطوسي حدثنا عبيد الله بن موسى حدثنا فطر عن أبي فروة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (رأيت عليا رضي الله عنه توضأ فغسل وجهه ثلاثا، وغسل ذراعيه ثلاثا، ومسح برأسه واحدة، ثم قال: هكذا توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث علي من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى وفيه: أنه (غسل وجهه ثلاثا وغسل ذراعيه ثلاثا) يعني: أنه غسل يديه ثلاثا، ومما ينبغي أن يعلم أن غسل اليدين يكون من أطراف الأنامل مع المرفقين،
يعني:
لا يكتفي فيهما بالغسل الأول الذي كان قبل غسل الوجه، بمعنى أن غسلهما في الأول أمر مستحب، ولو لم يوجد لم يكن هناك محذور ويكون الأفضل أن يوجد، أما في الوضوء فعلى على الإنسان أن يغسل اليدين من أطراف الأصابع ولا يكتفي بالغسل الأول الذي حصل؛ لأن ذلك خارج عن فروض الوضوء ولا يدخل فيه، وإنما الذي يدخل في فروض الوضوء هو ما يكون بدءا من المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه، ثم يأتي غسل اليدين بكاملهما؛ لأن غسل اليدين يأتي عقب غسل الوجه، والغسل لليدين يكون من أطراف الأصابع إلى نهاية المرفق بحيث تدخل المرافق مع الذراعين في الغسل.
[تراجم رجال إسناد حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق خامسة]
قوله:
[حدثنا زياد بن أيوب الطوسي].
زياد بن أيوب الطوسي ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا عبيد الله بن موسى].
هو عبيد الله بن موسى الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا فطر].
هو فطر بن خليفة وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[عن أبي فروة].
هو مسلم بن سالم النهدي أبو فروة الأصغر الكوفي ويقال له:
الجهني مشهور بكنيته، وهو صدوق من السادسة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن عبد الرحمن بن أبي ليلى].
هو عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال: رأيت عليا].
علي رضي الله عنه قد مر ذكره.
[شرح حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق سادسة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد وأبو توبة قالا: حدثنا أبو الأحوص ح وحدثنا عمرو بن عون أخبرنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي حية قال: (رأيت عليا رضي الله عنه توضأ، فذكر وضوءه كله ثلاثا ثلاثا، قال: ثم مسح رأسه، ثم غسل رجليه إلى الكعبين، ثم قال: إنما أحببت أن أريكم طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث علي من طريق أخرى، وفيه: (أنه توضأ ثلاثا ثلاثا، ومسح رأسه) يعني: مرة واحدة.قوله: (وغسل رجليه) وليس فيه ذكر العدد، ولكنه جاء مبينا في الروايات الكثيرة التي فيها: (أنه غسل رجليه ثلاثا)، أي: يغسل اليمنى ثلاثا ثم يغسل اليسرى ثلاثا.
وقوله: (إنما أحببت أن أريكم طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم).
[تراجم رجال إسناد حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق سادسة]

قوله:
[حدثنا مسدد وأبو توبة].
مسدد مر ذكره وأبو توبة هو الربيع بن نافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[قالا: حدثنا أبو الأحوص]
.هو سلام بن سليم الحنفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ح وحدثنا عمرو بن عون].
ح هي للتحول من إسناد إلى إسناد، وعمرو بن عون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا أبو الأحوص عن إبي إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي حية].
هو أبو حية بن قيس الوادعي الهمداني وهو مقبول، أخرج له أصحاب السنن.
[قال: رأيت عليا].
علي رضي الله عنه وقد مر ذكره.وهنا قال: (فغسل رجليه إلى الكعبين) وجاء في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم أنه قال: (غسل رجليه حتى أشرع في الساق) ولا تنافي بينهما؛ لأنه غسل الكعبين وأشرع في الساق، يعني: أنه دخل في الساق، مثلما أشرع في العضد، يعني: أن نهاية ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإشراع في العضد أو الساق، وهذا هو التحجيل، والسنة أن الإنسان يستوعب الكعبين بحيث يدخلان، وإذا شرع في الساق فهذا هو فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه التحقق من استيعاب الكعبين.
[شرح حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق سابعة]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني حدثنا محمد -يعني ابن سلمة - عن محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن عبيد الله الخولاني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (دخل علي علي -يعني ابن أبي طالب - وقد أهراق الماء، فدعا بوضوء، فأتيناه بتور فيه ماء حتى وضعناه بين يديه، فقال: يا ابن عباس! ألا أريك كيف كان يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى.قال: فأصغى الإناء على يده فغسلها، ثم أدخل يده اليمنى فأفرغ بها على الأخرى، ثم غسل كفيه، ثم تمضمض واستنثر، ثم أدخل يديه في الإناء جميعا، فأخذ بها حفنة من ماء فضرب بها على وجهه، ثم ألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه، ثم الثانية ثم الثالثة مثل ذلك، ثم أخذ بكفه اليمنى قبضة من ماء فصبها على ناصيته فتركها تستن على وجهه، ثم غسل ذراعيه إلى المرفقين ثلاثا ثلاثا، ثم مسح رأسه وظهور أذنيه، ثم أدخل يديه جميعا فأخذ حفنة من ماء فضرب بها على رجله وفيها النعل ففتلها بها، ثم الأخرى مثل ذلك، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين، قال: قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين، قال قلت: وفي النعلين؟ قال: وفي النعلين)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو يختلف عن الطرق المتقدمة في بعض الألفاظ وفي بعض الصفات لوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، يختلف عنها من جهة أنه جعل مسح الأذن بعضه يكون مع الوجه وبعضه يكون مع الرأس، ويحتمل أن يكون المقصود بما أقبل من أذنه ما دون الأذن، وأنه اعتبر ذلك تابعا للوجه، وحكمه الغسل، وأما الأذن فإن حكمها المسح سواء كان داخلها أو ظاهرها، وكذلك كونه أخذ حفنة من ماء وضرب بها وجهه وفعل ذلك ثلاث مرات، ثم أخذ ماء ووضعه على ناصيته حتى سال على وجهه بعد الثلاث الأولى، وهذا فيه إشكال من ناحية أن فيه زيادة على الغسلات الثلاث، ثم بعد ذلك غسل ذراعيه إلى المرفقين ثلاثا ثلاثا، ثم مسح رأسه وظهور أذنيه، مع أن الذي تقدم معناه أن داخل الأذنين يكون مع الوجه، والذي جاء في الروايات أنه مسح داخلهما وظاهرهما مع مسح الرأس،
وقد جاء في الحديث:
(الأذنان من الرأس)،
يعني:
أنهما يمسحان تبعا للرأس ولا يغسلان تبعا للوجه، فهذا من الألفاظ التي فيها مخالفة هذه الرواية لغيرها من الروايات عن علي رضي الله عنه.
ثم أدخل يديه جميعا فأخذ حفنة من ماء فضرب بها على رجله وفيها النعل ففتلها بها وفي بعض النسخ:
فغسلها،
يعني:
فغسلها بهذه الحفنة.ثم الأخرى مثل ذلك أخذ حفنة من ماء وضرب بها عليها، وهذا أيضا مشكل إلا إذا كان المقصود بأن هذه الحفنة استوعبت الرجل غسلا داخلها وظاهرها، وكذلك ما يكون في النعل منها بحيث يأتي عليها الماء، أما إذا كان المقصود بذلك المسح، فإن هذا يخالف الروايات الكثيرة التي جاءت عن علي وعن غيره،
والتي فيها: (أنه كان يغسل رجليه ثلاثا)، يعني: غسل وليس مسحا، وكذلك أيضا ما جاء في الحديث الذي سبق أن مر حيث قال عليه الصلاة والسلام: (ويل للأعقاب من النار) وذلك لما رأى أعقابهم تلوح فيها مواضع لم يصبها الماء، فلو كان المسح مجزئا كيف يكون الوعيد الشديد على من يترك شيئا من عقبيه وهو مؤخر القدم لا يصيبها الماء؟! إذا: فإن كان المقصود من ذلك أنه غسل رجله وهي في النعل وقد استوعب الغسل الرجل كلها فلا إشكال، وإن كان المقصود به المسح فإن هذا يخالف ما ثبت عن علي رضي الله عنه وعن غيره من الصحابة الذين وصفوا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يغسل رجليه ثلاثا ويستوعبهما بالغسل ولا يمسحهما مسحا.وقد أجاب العلماء عما في هذا الحديث من الإشكال، فذكروا أن هذا مما تفرد به بعض الرواة وأنه مخالف للروايات الأخرى، فهو إما أن يكون ضعيفا وإما أن يكون شاذا.وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في حاشيته على السنن وتعليقه على تلخيص المنذري وجوها عدة ومسالك عديدة للإجابة عن الإشكال الذي ورد في هذا الحديث، وكلها تدور على أن الفرض هو الغسل وليس المسح، وأن الحديث إن صح فإنه يحمل على أنه غسل كل رجل بالحفنة التي ضرب بها رجله وفيها النعل،
أي:
أنه قد استوعبها غسلا، وليس فيه دليل للرافضة الذين يقولون: إن الرجل فرضها المسح وليس الغسل؛ لأن عليا رضي الله عنه وغيره من الصحابة كلهم رووا صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نصوا على غسل الرجلين ثلاثا، فهذه الرواية المشكلة إما أن تكون محمولة على الغسل مرة واحدة كافية، أو تكون شاذة ضعيفة لا يحتج بها لمخالفتها الروايات الكثيرة التي جاءت عن علي وغيره من الصحابة رضي الله تعالى عنهم في بيان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وما جاء عن بعض العلماء من أن الرجلين يمسحان وأن ذلك نسب إلى ابن جرير الطبري أنكره بعض أهل العلم ومنهم ابن القيم حيث قال: إن كتبه وتفسيره واضح في خلاف ما قيل عنه، ولكن الذي جاء عنه القول بالمسح هو رافضي يوافق ابن جرير في اسمه واسم أبيه، وكل منهما يقال له: محمد بن جرير، قال ابن القيم: وقد اطلعت على بعض كتبه -يعني: ذلك الرافضي- وهو محمد بن جرير بن رستم.وقد ذكر الحافظ ابن حجر ترجمته في لسان الميزان بعدما ذكر ترجمة ابن جرير الطبري، وقال: إن ما نسب إلى ابن جرير الطبري من مسح الرجلين لا يصح، وإن الذي حصل منه ذلك هو هذا الرافضي الذي هو محمد بن جرير بن رستم.
ومن المعلوم أن الرافضة خالفوا المسلمين في هذا العمل حيث يمسحون ظهور أقدامهم ويقولون:
إن في الرجل الواحدة كعب واحد وهو العظم الناتئ في ظهر القدم، مع أن كل رجل فيها كعبان؛ لأنه صلى الله عليه وسلم غسل رجله إلى الكعبين، كما جاء في بعض الروايات: (غسل رجله اليمنى إلى الكعبين، وغسل الرجل الأخرى إلى الكعبين) فلكل رجل كعبان؛ وهما العظمان الناتئان في مفصل الساق من القدم، وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من الوعيد في حق الذين لم يغسلوا أعقابهم حيث قال: (ويل للأعقاب من النار) يوضح ذلك، بالإضافة إلى الأحاديث الكثيرة في بيان صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم، وما جاء في القرآن من القراءة: (وامسحوا برءوسكم وأرجلكم) فإنه لا يكون حكم الرجلين المسح الذي للرأس، بل قيل: إن المقصود بذلك على هذه القراءة هو الغسل الخفيف، والغسل الخفيف يقال له: مسح، ويقال له: رش،
وقالوا:
إن كون الرجلين يمسحان أو يغسلان غسلا خفيفا إنما هو لأن الرجلين هي آخر الأعضاء، فقد يكون في ذلك مظنة الإسراف في غسلهما، فجاء على إحدى القراءتين ذكر المسح معطوفا على الرأس فيكون المقصود به الغسل الخفيف وليس المسح الذي هو مثل مسح الرأس، أو أنه مجرور بالمجاورة، فيكون الحكم الغسل ولكنه عطف على الرأس وجر عطفا عليه؛ لأنه مجاور له،
وإلا فإن حكمه الغسل كما بينته القراءة الأخرى التي هي بفتح اللام:
{وأرجلكم} [المائدة:6] وكما بينته الأحاديث الكثيرة في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسنة تبين القرآن وتوضحه وتدل عليه.
والحاصل: أن الرافضة بعدوا عن الحق والهدى ولم يوفقوا لاتباع ما جاء في الكتاب والسنة من غسل الرجلين، فصاروا بذلك لا حظ لهم فيما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أنه يعرف أمته غرا محجلين من أثر الوضوء؛ لأنهم لا يغسلون أرجلهم، فليست فيهم هذه العلامة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي يعرف بها أمته، وهذا يدل على خذلانهم وبعدهم عن الحق والهدى.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #45  
قديم 19-08-2021, 03:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها

صــ 1إلى صــ24
الحلقة (45)

[تراجم رجال إسناد حديث علي في صفة وضوء النبي من طريق سابعة]
قوله: [حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني].
عبد العزيز بن يحيى الحراني صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي.
[حدثنا محمد يعني ابن سلمة].
هو محمد بن سلمة الباهلي الحراني وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن، وهناك محمد بن سلمة المرادي، وكلاهما يأتي ذكرهما عند أبي داود وكذلك عند النسائي وعند بعض أهل العلم في الأسانيد، وهما في طبقتين؛ فـ محمد بن سلمة المرادي الذي مر ذكره في الدرس السابق مع أحمد بن عمرو بن السرح المصري من طبقة شيوخ أبي داود، وأما محمد بن سلمة الباهلي الحراني فهو من طبقة شيوخ شيوخه كما هنا؛ لأنه يروي عنه بواسطة.
[عن محمد بن إسحاق].
هو محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق يدلس، وحديثه أخرجه البخاري تعليقا ومسلم وأصحاب السنن، واحتمال التدليس في هذا الإسناد لا يضر؛ لأنه قد جاء التصريح بالسماع عند البزار، والتدليس من القوادح لو لم يصرح المدلس بالسماع.
[عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة].
محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي في الخصائص وابن ماجة.
[عن عبيد الله الخولاني].
هو عبيد الله بن الأسود الخولاني وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[عن ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[قال: دخل علي علي].
علي رضي الله عنه قد مر ذكره.
[ذكر الطرق لحديث علي في صفة وضوء النبي]
[قال أبو داود: وحديث ابن جريج عن شيبة يشبه حديث علي؛ لأنه قال فيه حجاج بن محمد: عن ابن جريج: (ومسح برأسه مرة واحدة).وقال ابن وهب فيه: عن ابن جريج: (ومسح برأسه ثلاثا)].
ذكر أبو داود رحمه الله في باب صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم الطرق المتعددة عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عقبها بالطرق المتعددة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كذلك،
وبعد أن ختم وأنهى الطرق المتعددة عن علي رضي الله عنه عقبه بقوله: وحديث ابن جريج عن شيبة يشبه حديث علي، ثم ذكر أن فيه من طريق حجاج بن محمد أنه مسح رأسه مرة، ومن طريق عبد الله بن وهب أنه مسح رأسه ثلاث مرات، والعبارة هذه فيها إشكال؛ لأنه قال: حديث ابن جريج عن شيبة يشبه حديث علي والمقصود به: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد ذكر صاحب عون المعبود أن الحديث الذي أشار إليه أبو داود موجود عند النسائي،
وذكره بإسناده عن حجاج عن ابن جريج عن شيبة وهو:
ابن النطاح، لكن قوله: يشبه حديث علي مشكل؛ لأن حديث علي رضي الله عنه ليس فيه ذكر هذه الكيفيات لمسح الرأس ثلاثا، أما ذكر المرة الواحدة فهي موجودة فيه، لكن حديث عثمان هو الذي جاء فيه ذكر مسح الرأس مرة واحدة وهي رواية الأكثر، وجاء في روايتين ذكر المسح ثلاثا، وحديث علي رضي الله عنه ليس في رواياته ذكر شيء يتعلق بالمسح ثلاثا، بل الذي فيها المسح مرة واحدة، أو المسح وعدم التنصيص على مرة أو أكثر من مرة فتكون محمولة على المرة الواحدة، فالذي يبدو والله أعلم أن العبارة فيها إشكال؛
لأن قوله: حديث شيبة يشبه حديث علي، هو عن علي، يعني: أن حديث ابن جريج عن شيبة بن نصاح هو عن علي وليس عن غيره، فكيف يكون يشبهه؟! يحتمل أن يكون أبو داود رحمه الله بعدما ذكر حديث عثمان وفيه ذكر المسح مرة واحدة والمسح ثلاثا، وحديث علي ليس فيه ذكر المسح ثلاثا أشار بعد ذلك إلى شيء عند علي يشبه ما جاء عن عثمان الذي تقدم من أنه جاء عنه مرة وجاء عنه ثلاثا، وعلى هذا فتكون العبارة معناها أن حديث ابن جريج عن شيبة عن علي يشبه حديث عثمان.وأحاديث علي التي تقدمت ليس فيها ذكر المسح ثلاثا،
فلعل أبا داود رحمه الله أراد أن ينبه إلى أن الذي جاء عن عثمان من قبل من جهة المرة والثلاث المرات قد جاء عن علي مرة من طريق حجاج بن محمد عن ابن جريج عن شيبة وفيه:
(ومسح مرة واحدة) وجاء مرة من طريق عبد الله بن وهب عن ابن جريج عن شيبة وفيه: (ومسح ثلاث مرات)،
فتكون القضية أن ما عند ابن جريج عن علي يشبه ما جاء عن عثمان يعني:
من ذكر الثلاث.وشيبة الذي يروي عنه ابن جريج هو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، وهذا يوضح ما سبق أن قلت فيما مضى: إن الذين علق عنهم أبو داود لا يذكرون في كتب الرجال التي تتعلق بالكتب الستة؛ لأنه عند النسائي وحده.
فإذا:
هذا يدلنا أن الذين يشير إليهم أبو داود أو يعلق عنهم أبو داود وليس لهم رواية في الأصول المتصلة أنه لا يذكرهم أهل التراجم وأصحاب المؤلفات في التراجم الذين ألفوا على الكتب الستة كالكمال وما تفرع عنه، كتهذيب الكمال، ثم الكتب التي تفرعت بعد ذلك.
وقوله:
[وحديث ابن جريج عن شيبة يشبه حديث علي].
وقوله: [قال فيه حجاج بن محمد عن ابن جريج: (ومسح برأسه مرة واحدة)] يعني: أن حجاج بن محمد روى عن ابن جريج عن شيبة وقال فيه: (ومسح برأسه مرة واحدة)، وهذا يتفق مع الروايات الكثيرة التي جاءت عن علي وجاءت عن عثمان، وجاءت عن غيرهم من الصحابة.وقوله: [وقال ابن وهب فيه عن ابن جريج: (ومسح برأسه ثلاثا)].
يعني: أن ابن وهب قال في حديث ابن جريج عن شيبة: (ومسح برأسه ثلاثا)،
وقد قلنا:
إن ما جاء من الروايات في مسح الرأس ثلاثا إما أن تكون ضعيفة وإما أن تكون صحيحة من حيث الإسناد ولكنها شاذة لمخالفتها الروايات الكثيرة التي هي الاقتصار على مرة واحدة.
[شرح حديث عبد الله بن زيد بن عاصم في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال لـ عبد الله بن زيد بن عاصم وهو جد عمرو بن يحيى المازني -: (هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فقال عبد الله بن زيد: نعم، فدعا بوضوء فأفرغ على يديه فغسل يديه ثم تمضمض واستنثر ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين، ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه)].أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث من طريق الصحابي عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله تعالى عنه في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أن يحيى بن عمارة المازني وهو أبو عمرو بن يحيى المازني قال لـ عبد الله بن زيد: (هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فقال: نعم، فدعا بوضوء -يعني: دعا بماء يتوضأ به- فأفرغ على يديه فغسل يديه) وما ذكر العدد، لكنه جاء في الروايات الأخرى أنه غسلها ثلاثا.
قوله: [(ثم تمضمض واستنشق ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين)] يعني: أنه غسل كل يد مرتين إلى المرفقين.وفي هذه الرواية ذكر التثليث والتثنية؛ لأنه ثلث في غسل الوجه وفي المضمضة، وثنى في غسل اليدين،
يعني:
كل يد غسلها مرتين، وهذا فيه التفاوت في العدد بين أعضاء الوضوء، وأنه يمكن أن يكون بعضها ثلاثا وبعضها اثنتين وبعضها واحدة؛ لأن التثليث جاء فيها كلها إلا الرأس، وجاءت التثنية وجاءت المرة الواحدة، وجاء اختلاف العدد بين عضو وعضو؛ فإنه هنا جعل غسل الوجه ثلاثا وجعل غسل اليدين مرتين، وكل ذلك صحيح.
قوله: [(ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر)] يمكن أن يفسر الإقبال على أنه بدأ بمؤخر رأسه حتى انتهى إلى الأول ثم رجع من الخلف مقبلا، ثم أدبر يعني: رجع إلى الخلف، ومنهم من قال: إن الواو في قوله: (وأدبر) لا تقتضي الترتيب،
بل يمكن أن يكون المقصود أنه أدبر وأقبل فيكون من جنس التفصيل الذي جاء بعده حيث قال:
(بدأ بمقدم رأسه حتى انتهى إلى قفاه ورجع إلى المكان الذي بدأ منه) يعني: كونه يبدأ بمؤخرة رأسه حتى ينتهي إلى أول ثم يرجع لا يتفق مع هذا القول، لكن يمكن أن يتفق معه على تفسير آخر بأن يقال: (أقبل) يعني: مسح المقدم الذي هو الجهة الأمامية، (وأدبر) يعني: مسح المكان المتأخر كما يقال: أنجد وأتهم يعني: إذا مشى في نجد ومشى في تهامة، وعلى هذا التفسير يتفق ما جاء في أول الحديث وآخره.
فإذا:
كلمة (أقبل وأدبر) إما أن تفسر بأن الواو لا تقتضي الترتيب، أو أن (أقبل) معناه: مسح المقدم، و (أدبر) مسح المؤخر.
وقوله: [(ثم غسل رجليه)] ولم يذكر عددا، لكنه جاء في الروايات الأخرى المتعددة أنه غسلهما ثلاثا.
[تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة].
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك]
.هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن يحيى المازني].
عمرو بن يحيى المازني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
أبوه هو يحيى بن عمارة المازني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أنه قال لـ عبد الله بن زيد بن عاصم].
هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[شرح حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي من طريق ثانية]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا خالد عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصم بهذا الحديث، قال: (فمضمض واستنشق من كف واحدة، يفعل ذلك ثلاثا) ثم ذكر نحوه].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن زيد بن عاصم من طريق أخرى وأحال فيه على الطريق المتقدمة إلا أنه ذكر ما يتعلق بالمضمضة والاستنشاق أنه فعل ذلك من كف واحدة، يعني: أنه يأخذ كفا من الماء فيضع في فمه بعضه ثم يستنشق الباقي، فذكر أنه مضمض واستنشق من كف واحدة فعل ذلك ثلاث مرات.
[تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي من طريق ثانية]

قوله:
[حدثنا مسدد].
هو:
مسدد بن مسرهد وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا خالد].
هو خالد بن عبد الله الطحان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصم].

قد مر ذكر الثلاثة.
[شرح حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة]

قال المصنف رحمه الله تعالى:
[قال حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن حبان بن واسع حدثه أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم المازني يذكر أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر وضوءه وقال: (ومسح رأسه بماء غير فضل يديه، وغسل رجليه حتى أنقاهما)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن زيد بن عاصم المازني وأشار إليه حتى انتهى إلى آخره فذكر أنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه، يعني: أنه أخذ ماء جديدا وليس بالماء الذي علق بعدما غسل اليدين، ومسح به رأسه، وأما بالنسبة لمسح الرأس مع الأذنين فإن الأذنين تمسحان بماء الرأس؛ لأن حكمهما حكم الرأس يمسحان كما يمسح الرأس ويكون ذلك بماء واحد.
قوله:
[(وغسل رجليه حتى أنقاهما)].وليس فيه ذكر العدد، وإنما فيه ذكر التنظيف والإنقاء، وذكر الإنقاء بالنسبة للرجلين؛ لأن الرجلين هي التي تباشر الأرض ويصيبها الغبار ويحصل فيها الأوساخ، ولكن ليس هذا أنها تغسل بماء كثير يتجاوز الثلاث، بل في حدود الثلاث، كما جاءت الروايات الأخرى مبينة، وكما جاء النهي عن التعدي والزيادة على الثلاث.
[تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة]

قوله:
[حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح].
هو أحمد بن عمرو بن السرح المصري وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.
[حدثنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن الحارث].
هو عمرو بن الحارث المصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن حبان بن واسع حدثه].
حبان بن واسع صدوق، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والترمذي.
[أن أباه حدثه].
أبوه هو واسع بن حبان قيل: إنه صحابي ابن صحابي،
وقيل: بل ثقة، يعني: أنه إذا لم يكن صحابي فهو ثقة؛
لأن الصحابي لا يحتاج إلى أن يوثق وإنما يكفيه أن يقال:
صحابي، لكن على القول بأنه غير صحابي فهو ثقة؛ لأن غير الصحابة هم الذين يحتاجون إلى تعديلهم وتوثيقهم وبيان أحوالهم، وأما الصحابة فإنه لا يحتاج معهم إلى شيء من هذا بعد تعديل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لهم، فلا يحتاجون بعد ذلك إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أنه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم].
عبد الله بن زيد بن عاصم قد مر ذكره.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #46  
قديم 19-08-2021, 04:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله


شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها

صــ 1إلى صــ31
الحلقة (46)

شرح سنن أبي داود [022]
من الأمور المهمة والواجبة على كل مسلم معرفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم جمع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ومنهم المقدام بن معد يكرب ومعاوية بن أبي سفيان والربيع بنت معوذ وأبو أمامة وغيرهم رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
تابع صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم
[شرح حديث المقدام بن معد يكرب في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا أبو المغيرة حدثنا حريز حدثني عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي سمعت المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه قال: (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ: فغسل كفيه ثلاثا، ثم تمضمض واستنشق ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا، ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما)].أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث من طريق المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه، وذلك أنه بعدما فرغ من الأحاديث التي جاءت عن طريق عبد الله بن زيد بن عاصم أتى بالأحاديث التي جاءت من رواية المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه.
وفي هذا الحديث قال: (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ: فغسل يديه ثلاثا، وتمضمض واستنشق ثلاثا، وغسل وجهه ثلاثا، وغسل يديه إلى المرفقين ثلاثا ثلاثا -أي: كل يد ثلاثا ثلاثا- ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما)، يعني: مرة واحدة وانتهى عند هذا الحد، ولم يذكر غسل الرجلين،
أي:
أنه ذكر الحديث مختصرا.وذكر في المسح أنه مسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما،
يعني:
مرة واحدة، ومسح الأذنين يكون مع الرأس؛ لأن الأذنين من الرأس، فيمسحان ولا يغسلان، وقد جاء بيان كيفية مسحهما، وأنه يضع السبابة في داخل الأذنين والإبهام على ظهر الأذنين فيمسح بهما باطن الأذنين وظاهرهما، باطنهما بالسبابة وظاهرهما بالإبهام، كما جاء في بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تبين أنه توضع السبابة في داخل الأذنين والإبهام في خارج الأذنين، ومسحهما يكون مع مسح الرأس.
[تراجم رجال إسناد حديث المقدام بن معد يكرب في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]
قوله: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل].
أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو المغيرة].
أبو المغيرة هو عبد القدوس بن حجاج وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حريز].
هو حريز بن عثمان الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثني عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي].
عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي مقبول، أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة.
[سمعت المقدام بن معد يكرب الكندي].
المقدام بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه صحابي، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن.
[شرح حديث المقدام في صفة وضوء النبي من طريقة ثانية]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد ويعقوب بن كعب الأنطاكي لفظه قالا: حدثنا الوليد بن مسلم عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم رأسه فأمرهما حتى بلغ القفا ثم ردهما إلى المكان الذي منه بدأ)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه،
وفيه: (أنه توضأ حتى وصل إلى رأسه فوضع كفيه على مقدم رأسه وأمرهما إلى آخره، ثم رجع إلى المكان الذي منه بدأ) وهذا يتفق مع ما تقدم في حديث عبد الله بن زيد بن عاصم في قوله: (بدأ بمقدم رأسه حتى انتهى إلى قفاه ثم رجع إلى المكان الذي بدأ منه) ففيه بيان كيفية مسح الرأس، وأنه يكون له كله بحيث يستوعب في المسح، فلا يسمح بعضه ويترك بعضه، وأن طريقة المسح أن يبدأ بالمقدم حتى ينتهي إلى الآخر ويرجع إلى المكان الذي بدأ منه مرة واحدة.
[تراجم رجال إسناد حديث المقدام من طريقة ثانية]

قوله: [حدثنا محمود بن خالد].
هو محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[ويعقوب بن كعب الأنطاكي].

يعقوب بن كعب الأنطاكي ثقة، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[لفظه].
يعني:
أن اللفظ الموجود هو للشيخ الثاني الذي هو يعقوب بن كعب الأنطاكي، فالضمير يرجع إلى يعقوب بن كعب الأنطاكي، يعني: أن اللفظ لفظه، وليس لفظ الشيخ الأول الذي هو محمود.
[قالا: حدثنا الوليد بن مسلم].

هو الوليد بن مسلم الدمشقي ثقة يدلس ويسوي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن المقدام بن معد يكرب].

قد مر ذكر هؤلاء الثلاثة.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[قال محمود: قال: أخبرني حريز].
لما قال أبو داود رحمه الله تعالى:
إن اللفظ لفظ يعقوب أشار إلى شيء عند محمود الذي لم يسق لفظه وهو تصريح الوليد بن مسلم بالإخبار عن حريز بن عثمان، وعلى هذا فيكون التدليس الذي يخشى من الوليد بن مسلم -لأنه مدلس- قد زال بتصريحه بالإخبار الذي جاء من طريق محمود بن خالد الذي هو شيخ المصنف الأول؛ لأنه ساقه على لفظ الشيخ الثاني وفيه الرواية بالعنعنة؛ لأن طريق يعقوب بن كعب الأنطاكي فيها: الوليد عن حريز،
لكن لفظ محمود:
أخبرني حريز،
فقوله:
أخبرني حريز هذه تصريح بالسماع، فينتفي احتمال التدليس، ولهذا أشار أبو داود رحمه الله إلى لفظ محمود بن خالد وأن فيه تصريح الوليد بن مسلم بالسماع من حريز بن عثمان، فاحتمال كونه دلس في هذا الحديث قد زال بالتصريح بالسماع.فـ الوليد صرح بينه وبين شيخه بالتحديث، لكن بقي بعد ذلك تدليس التسوية؛ لأنه يدلس ويسوي، يعني: أن عنده تدليس إسناد وتدليس تسوية.
[شرح حديث المقدام في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد وهشام بن خالد المعنى قالا: حدثنا الوليد بهذا الإسناد قال: (ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما) زاد هشام: (وأدخل أصابعه في صماخ أذنيه)].
أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب من طريق أخرى وفيه: (ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما) وزاد هشام الذي هو الشيخ الثاني: (وأدخل أصابعه -يعني: السبابتين- في صماخ أذنيه) يعني: في الثقب أو في شق الأذن،
وقد جاء في بعض الروايات:
(أنه يجعل السبابة في داخلهما والإبهام في خارجهما)، وهنا فيه الإشارة إلى أنه أدخل الأصابع -أي: السبابتين- في صماخهما، يعني: في شق الأذنين.
[تراجم رجال إسناد حديث المقدام من طريق ثالثة]

قوله: [حدثنا محمود بن خالد وهشام بن خالد].
محمود بن خالد مر ذكره، وهشام بن خالد صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[المعنى].

يعني:
أن هذين الشيخين لم يتفقا في الألفاظ في حديثهما، ولكنهما اتفقا في المعنى، وهذه طريقة أبي داود رحمه الله، وقد سبق في موضع أنه ذكر ثلاثة من شيوخه،
ثم قال:
المعنى، يعني: أنهم متفقون في المعنى مع اختلافهم في الألفاظ، وهنا ذكر شيخين وقال: المعنى.أي: أنهما متفقان في المعنى مع اختلافهما في بعض الألفاظ.
[قالا: حدثنا الوليد بهذا الإسناد].
أي:
بالإسناد الذي تقدم.
[شرح حديث معاوية في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الله بن العلاء حدثنا أبو الأزهر المغيرة بن فروة، ويزيد بن أبي مالك: (أن معاوية رضي الله عنه توضأ للناس كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء فتلقاها بشماله حتى وضعها على وسط رأسه حتى قطر الماء أو كاد يقطر، ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره، ومن مؤخره إلى مقدمه)].
بعدما ذكر أبو داود رحمه الله حديث المقدام بن معد يكرب أتى بحديث معاوية رضي الله عنه، وأنه توضأ للناس، يعني: أنه أراد أن يريهم الوضوء وكيفية الوضوء، وهذا كما ذكرت من كمال نصح الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وحرصهم على بيان السنن للناس، بالقول والفعل، فإن عثمان رضي الله عنه توضأ للناس، وعلي رضي الله توضأ وكان قد صلى،
فقالوا:
إنما يريد أن يعلمنا.ومعاوية رضي الله عنه توضأ للناس يريد أن يريهم كيفية وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما جاء إلى رأسه أخذ بيده اليمنى غرفة من ماء وجعلها في يده اليسرى، ثم وضعها على وسط رأسه، ثم مسح بمقدم رأسه إلى قفاه.وهذا فيه بيان أن الرأس يمسح بماء جديد،
يعني: غير فضل اليدين الذي يبقى بعد غسل اليدين إلى المرفقين، وإنما مسحه بماء جديد فوضع ذلك على رأسه ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره ومن مؤخره إلى مقدمه.يعني: أنه بدأ بالمقدم حتى انتهى بالمؤخر ورجع إلى المكان الذي بدأ منه.
[تراجم رجال إسناد حديث معاوية في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله:
[حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني].
هو مؤمل بن الفضل الحراني الجزري صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي.
[حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الله بن العلاء].

الوليد بن مسلم قد مر ذكره، وعبد الله بن العلاء ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[حدثنا أبو الأزهر المغيرة بن فروة].

أبو الأزهر المغيرة بن فروة مقبول، أخرج له أبو داود.
[ويزيد بن أبي مالك].

هو يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[أن معاوية].

هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه أمير المؤمنين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #47  
قديم 19-08-2021, 04:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها

صــ 1إلى صــ31
الحلقة (47)


[حكم أخذ ماء جديد لمسح الرأس والأذنين]
أما أخذ ماء جديد للأذنين هل هو على الوجوب أو الاستحباب؟ فلا أعلم فيه شيئا يفيد الأخذ، وإنما فيه أنه صلى الله عليه وسلم مسحهما بماء الرأس، فلا أعرف شيئا يدل على أنه يأخذ ماء جديدا لهما.وأخذ ماء جديد للرأس الذي يبدو أنه يجب؛ لأنه جاءت الأحاديث بأنه صلوات الله وسلامه عليه لم يمسحهما بالماء المتبقي بعد غسل اليدين إلى المرفقين، بل أخذ ماء جديدا.
[شرح حديث معاوية في صفة وضوء النبي من طريق ثانية وتراجم رجال إسنادها]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد حدثنا الوليد بهذا الإسناد قال: (فتوضأ ثلاثا ثلاثا، وغسل رجليه) بغير عدد].أورد المصنف رحمه الله حديث معاوية رضي الله عنه من طريق أخرى وفيه أنه توضأ ثلاثا ثلاثا، وغسل رجليه بغير عدد، يعني: أنه لم ينص على ذكر العدد، ولكن العدد جاء مبينا في الرواية الأخرى، وجاء أنه لا يزاد على ثلاث، فإذا جاء بغير عدد فمعناه أنه يكون في حدود ما قد ورد، فرواية بغير عدد إما أن تكون مقيدة في حدود ما ورد أو تكون شاذة.
قوله: [حدثنا محمود بن خالد حدثنا الوليد].
محمود بن خالد والوليد قد مر ذكرهما.
[شرح حديث الربيع بنت معوذ في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا.فحدثتنا أنه قال: اسكبي لي وضوءا، فذكرت وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فيه: فغسل كفيه ثلاثا، ووضأ وجهه ثلاثا، ومضمض واستنشق مرة، ووضأ يديه ثلاثا ثلاثا، ومسح برأسه مرتين يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما: ظهورهما وبطونهما، ووضأ رجليه ثلاثا ثلاثا).قال أبو داود: وهذا معنى حديث مسدد].
أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث الذي جاء من طريق الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله تعالى عنها، وهو في بيان صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء إليهم في بيتهم،
وأنه قال:
(اسكبي لي وضوءا -يعني: صبي أو أفرغي من الإناء الكبير في إناء يتوضأ به- فسكبت له وضوءا فتوضأ) ثم ذكرت كيفية وضوء رسول الله فقالت: (فغسل كفيه ثلاثا -يعني: قبل إدخالها في الإناء- ثم وضأ وجهه ثلاثا، ومضمض واستنشق مرة واحدة)، وذكر المضمضة والاستنشاق بعد الوجه لا يعني أنهما تكونان بعد ما يفرغ من الوجه، بل يكونان قبل البدء في غسل الوجه، كما تقدم ذلك في الأحاديث أنه يتمضمض ويستنشق ثم يغسل وجهه، وفيه أنها مرة واحدة، وقد جاء أنها ثلاث مرات، وكل ذلك سائغ.قوله: [(ووضأ يديه ثلاثا)].يعني: غسل يديه ثلاثا.قوله: [(ومسح برأسه مرتين)].
يعني: إذا كان قوله: (مسح برأسه مرتين) يقصد به الإقبال والإدبار وأنهما حسبا شيئين فهذا لا إشكال فيه؛ لأنه لم يخرج عن المسحة الواحدة؛ لأن المسحة الواحدة فيها إقبال وإدبار، وإن كان المقصود أكثر من مسحة بحيث يأخذ ماء ثم يمسح ثم يأخذ ماء ثم يمسح، فيكون في ذلك زيادة في العدد، وهذا خلاف ما ثبت في الروايات الكثيرة من أن المسح يكون مرة واحدة،
لكن يمكن أن يحمل قوله:
(مرتين) بما يتفق مع الروايات؛ وذلك بأن يكون الإقبال حسب مرة والإدبار مرة، وعلى هذا لا إشكال إذا كان هذا هو المعنى، أما إن كانت المسحة الثانية مستقلة عن الأولى فيكون فيه زيادة عن المرة الواحدة، وهذا خلاف الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلاف المحفوظ في الروايات الكثيرة في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم.قوله: [(يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما: ظهورهما وبطونهما)].
هذا أيضا مشكل على ما تقدم من الروايات:
(أنه يبدأ بمقدم رأسه حتى ينتهي إلى قفاه ثم يرجع إلى المكان الذي بدأ منه)، وبعض أهل العلم قال: إن ذلك سائغ؛ لأن المهم أن يمسح الرأس، سواء بدأ بالمقدم أو المؤخر.لكن الروايات الكثيرة جاءت مبينة أن المسح يكون بالبدء بمقدم الرأس حتى الانتهاء إلى القفا ثم الرجوع إلى المكان الذي بدأ منه.
قوله: [(ووضأ رجليه ثلاثا ثلاثا)].
يعني:
غسلهما ثلاثا ثلاثا.
[تراجم رجال إسناد حديث الربيع بنت معوذ في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله:
[حدثنا مسدد].
مسدد هو:
ابن مسرهد مر ذكره.
[حدثنا بشر بن المفضل].
بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل].

هو عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، وهو صدوق في حديثه لين، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن الربيع بنت معوذ بن عفراء].

الربيع بنت معوذ بن عفراء صحابية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
[قال أبو داود: وهذا معنى حديث مسدد].

يعني: أن الحديث ذكره أبو داود بالمعنى ولم يذكره باللفظ؛ لأن الحديث كله جاء من طريق واحد من طريق مسدد،
لكنه قال:
وهذا معنى حديث مسدد،
يعني: ليس لفظه، وكأن أبا داود لم يضبط اللفظ، ولكنه ضبط المعنى، فأتى به وأشار إلى أن الذي أثبته هنا إنما هو بالمعنى وليس باللفظ، ومن المعلوم أن اللفظ إذا أمكن ضبطه والمحافظة عليه فهذا هو الذي لا ينبغي العدول عنه؛ لأن ألفاظ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يحافظ عليها، وألا يتصرف فيها إلا عند الحاجة، ولكن إذا لم يضبط الراوي اللفظ ولكنه ضبط المعنى فيتعين عليه أن يؤديه على الوجه الذي تمكن منه، فإذا لم يتمكن من اللفظ وتمكن من ضبط المعنى ومن فهم المعنى فإنه يرويه بالمعنى؛ لقوله عز وجل: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن:16]، ولا يتركه لكونه لم يضبط اللفظ، بل إذا كان قد ضبط المعنى فيرويه بالمعنى، وبعض أهل العلم يجيز الرواية بالمعنى،
لكن بشروط منها:
أن يكون ذلك من شخص عارف بمقتضيات الألفاظ وبما يحيل المعاني، ولكن مهما يكن من شيء فإن المحافظة على ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم والإتيان بها كما جاءت هذا هو الذي لا ينبغي العدول عنه.
[شرح حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق ثانية]

قال المصنف رحمه الله تعالى:
[حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان عن ابن عقيل بهذا الحديث يغير بعض معاني بشر، قال فيه: (وتمضمض واستنثر ثلاثا)].أورد المصنف حديث الربيع من طريق أخرى وأشار إلى أن لفظه قريب من لفظ بشر وأنه غير بعض الألفاظ التي جاءت في حديث بشر، ومما جاء فيه (أنه تمضمض واستنشق ثلاثا)، والذي تقدم في حديث بشر: (أنه تمضمض واستنشق مرة واحدة).وقوله ([وتمضمض واستنثر ثلاثا)].
الاستنثار والاستنشاق متلازمان كما ذكرنا؛ فالاستنشاق هو: جذب الماء إلى داخل الأنف،
والاستنثار هو:
إخراجه من الأنف، وكل منهما ملازم للثاني، فالاستنشاق يعقبه استنثار، والاستنثار يسبقه استنشاق، فهما شيئان متلازمان.
[تراجم رجال إسناد حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق ثانية]
قوله:
[حدثنا إسحاق بن إسماعيل].
هو إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وهو ثقة، أخرج له أبو داود.
[حدثنا سفيان].

سفيان هو: ابن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عقيل].

ابن عقيل هو عبد الله بن محمد بن عقيل الذي مر ذكره.
[شرح حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد الهمداني قالا: حدثنا الليث عن ابن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها، فمسح رأسه كله من قرن الشعر كل ناحية لمنصب الشعر، لا يحرك الشعر عن هيئته)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها من طريق أخرى، وفيه ذكر الإشارة إلى كيفية مسح الرأس.قوله: [(فمسح رأسه كله من قرن الشعر)].ق
رن الشعر هو:
مقدم الرأس.قوله: [(كل ناحية بمنصب الشعر)].
يعني: الجهات التي يسترسل وينزل معها الشعر، ومنصب الشعر هو: المكان الذي ينزل معه الشعر.
قوله: [(لا يحرك الشعر عن هيئته)].
يعني:
أنه لا يجعل يده تحركه، وإنما هو على هيئته التي هو عليها، أي: أنه يمسح على رأسه كله من جميع الجوانب بحيث يستوعبه مسحا، يبدأ من مقدم رأسه إلى منصب الشعر الذي هو الجوانب التي ينزل فيها الشعر حتى ينتهي إلى القفا دون أن يحرك الشعر، بمعنى: أنه لا يجعل يده تدخل مع الشعر، أو تتخلل في الشعر، وإنما يترك الشعر على هيئته وعلى وضعه.
[تراجم رجال إسناد حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق ثالثة]

قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد].
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ويزيد بن خالد الهمداني].

يزيد بن خالد الهمداني ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[قالا: حدثنا الليث].

هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عجلان].

ابن عجلان هو محمد بن عجلان المدني صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقا ومسلم وأصحاب السنن.
ومحمد بن عجلان هذا قيل: إن أمه حملت به أربع سنين.
[عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء].

عبد الله بن محمد بن عقيل والربيع قد مر ذكرهما.
[شرح حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق رابعة]
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر - يعني: ابن مضر - عن ابن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبيه: أن ربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها أخبرته قالت: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ، قالت: فمسح رأسه ومسح ما أقبل منه وما أدبر، وصدغيه وأذنيه مرة واحدة)].
أورد المصنف حديث الربيع بنت معوذ من طريق أخرى، وهو يتعلق بمسح الرأس، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم مسح ما أقبل وأدبر وصدغيه وأذنيه،
يعني:
أنه مسح الرأس كله، ولم يترك منه شيئا، بل استوعبه مسحا المقدم والمؤخر والأذنين والصدغين.والصدغ هو: الذي بين العين والأذن.
قوله:
[مرة واحدة].
يعني:
أنه مسحه مرة واحدة، وهذا تنصيص على أن المسح يكون مرة واحدة.
[شرح حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق خامسة]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن سفيان بن سعيد عن ابن عقيل عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يده)].
مر في هذا الباب باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم عن جماعة من الصحابة بيان صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مرت جملة من الطرق التي فيها صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله تعالى عنها، وهذه طريق أخرى من طرق حديثها في بيان صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام،
وفي هذه الطريق:
(أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يديه)،
والمقصود من ذلك:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من ماء بقي في يديه بعد أن غمسهما في الإناء، فيكون ذلك الفضل الذي كان في يديه ليس فضل غسل اليدين إلى المرفقين، بل أخذ ماء جديدا ولكنه ما أخذه وصبه على رأسه صبا، وإنما كانت يداه مبلولة بفضل ماء جديد وليس مما بقي في اليدين من الرطوبة بعد غسل اليدين إلى المرفقين.وقد ذكرنا فيما مضى كيفية مسح الرأس وأنها جاءت بمسحه كله من أوله إلى آخره، وأن طريقة المسح تكون بالبدء من مقدمه إلى مؤخره، ثم الرجوع من مؤخره إلى مقدمه، وهو المكان الذي بدأ منه، هذا هو الحكم في مسح الرأس، وأنه يستوعب الرأس مسحا، ويكون مسحه بالبدء من مقدمه حتى الانتهاء إلى مؤخره، ثم الرجوع إلى المكان الذي بدأ منه، وأن الأذنين من الرأس، وأنهما يمسحان بالماء الذي يمسح به الرأس؛ لأنهما من الرأس في حكم المسح، فهما يمسحان، ولا يغسلان.
[تراجم رجال إسناد حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق خامسة]
قوله: [حدثنا مسدد].
هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا عبد الله بن داود].
هو عبد الله بن داود الخريبي، وهو ثقة عابد، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[عن سفيان بن سعيد].

هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عقيل].
ابن عقيل هو: عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب الهاشمي، وهو صدوق في حفظه لين، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن الربيع بنت معوذ].
هي الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله تعالى عنها صحابية من صغار الصحابة، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #48  
قديم 19-08-2021, 04:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها

صــ 1إلى صــ31
الحلقة (48)

[شرح حديث الربيع في صفة وضوء النبي من طريق سادسة]
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[حدثنا إبراهيم بن سعيد حدثنا وكيع حدثنا الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فأدخل أصبعيه في جحري أذنيه)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الطريق من حديث الربيع، وفيه اختصار؛ لأنه ما ذكر منه إلا ما يتعلق بمسح الأذن، وأنه أدخل أصبعيه في جحري أذنيه، يعني: أنه أدخلهما -كما مر في بعض الروايات- في الصماخ،
يعني:
في الثقب والشق، وقد مر في بعض الروايات أنه جعل فيها أصابعه،
والمقصود بذلك:
أصبعيه السبابتين، وقد جاء في بعض الروايات تفصيل كيفية مسح الأذنين وذلك أن السبابتين يكونان في داخل الأذنين والإبهامين يمسحان ظاهرهما، فتكون السبابتان تمسحان داخلهما، والإبهامان تمسحان ظاهرهما، وسيأتي في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص تفصيل ذلك في بيان أن السبابتين تكونان في الداخل، والإبهامين يكونان للخارج.
وقوله:
[(في جحري أذنيه)] في بعض النسخ: (حجري أذنيه) فلا أدري أيهما أصوب، ولكن إن كان (حجري أذنيه) فالمقصود به: الخرق والثقب،
وإن كانت الرواية بلفظ:
(حجري) فحجر الشيء هو: داخله مثل حجر الإنسان يعني: ما يكون بين رجليه، فإذا كانت ثابتة بهذا اللفظ فيمكن تفسيرها على وجه يكون له معنى،
والمقصود:
أنه هذا الشيء الداخل في الأذن؛ لأن الأذن فيها شيء بارز وفيها شيء داخل، والأصبع إنما يدخل في ذلك الداخل الذي هو جحر أو صماخ أو ثقب أو حجر إذا كانت الرواية صحيحة، لكن إطلاق الحجر غالبا لا يكون إلا على حجر الإنسان.
[تراجم رجال إسناد حديث الربيع بنت معوذ في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من طريق سادسة]

قوله:
[حدثنا إبراهيم بن سعيد].
هو إبراهيم بن سعيد الجوهري، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا وكيع].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الحسن بن صالح].
الحسن بن صالح بن حي ثقة أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع].

عبد الله بن محمد بن عقيل والربيع قد مر ذكرهما.
[شرح حديث: (رأيت رسول الله يمسح رأسه مرة واحدة حتى بلغ القذال)]قال المصنف رحمه لله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى ومسدد قالا: حدثنا عبد الوارث عن ليث عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه مرة واحدة حتى بلغ القذال -وهو: أول القفا-) وقال مسدد (مسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره حتى أخرج يديه من تحت أذنيه)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث جد طلحة بن مصرف وهو كعب بن عمرو أو عمرو بن كعب، وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه -يعني: عندما توضأ- حتى بلغ القذال)،
والقذال هو:
أول القفا، وهذا في رواية أحد الشيخين لـ أبي داود، ورواية الشيخ الثاني وهو مسدد: (أنه مسح من مقدم رأسه ومؤخره حتى أخرج يديه من تحت أذنيه)،
يعني:
أنه استوعب الرأس كله، وقد سبق في الأحاديث العديدة الكثيرة التي فيها مسح الرأس كله أنه يمسح من أوله إلى آخره ثم يرجع من آخره إلى أوله، وهذا الذي جاء في بعض الروايات (أول القفا) إذا لم يكن المقصود به استيعاب الرأس إلى آخره فإنه يكون مخالفا للأحاديث المتقدمة.وهذا الحديث غير صحيح؛ لأن في إسناده رجلا مجهولا، وهو والد طلحة بن مصرف الذي هو مصرف بن عمرو بن كعب أو مصرف بن كعب بن عمرو، فالحديث غير صحيح، لكن ما يتعلق بكيفية المسح وأنه مسح الرأس مقدمه ومؤخره -كما جاء في رواية مسدد - مطابق لما جاء في الرواية الأخرى التي فيها استيعاب الرأس مسحا، وعدم الاكتفاء بمسح شيء منه أو جزء منه.
[تراجم رجال إسناد حديث: (رأيت رسول الله يمسح رأسه مرة واحدة حتى بلغ القذال)]

قوله:
[حدثنا محمد بن عيسى].
هو محمد بن عيسى الطباع البغدادي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقا وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة.
[ومسدد].
مسدد قد مر ذكره.
[قالا: حدثنا عبد الوارث].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ليث].
هو ليث بن أبي سليم، وهو صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك؛ لأن المختلط إذا عرف ما كان من حديثه قبل الاختلاط وتميز ما كان قبل الاختلاط عما بعد الاختلاط فإن ما كان بعد الاختلاط يرد، وما كان قبل الاختلاط هو الذي يقبل، ولكنه إذا لم يتميز بأن اختلط وما عرف المتقدم من المتأخر فإنه يترك حديثه؛ لأنه ما عرف المتقدم على الاختلاط حتى يؤخذ به فصار مجهولا، وعلى هذا فيكون غير معتبر؛ لأنه غير متميز ما كان قبل الاختلاط عما كان بعد الاختلاط.فهذا الحديث فيه جهالة والد مصرف، وأيضا فيه ليث بن أبي سليم.فإذا كان ليث بن أبي سليم هو الذي في سند هذا الحديث فإنه يصير علة أخرى مع جهالة والد طلحة؛ لأنه اختلط ولم يتميز حديثه فترك، لكن أنا رأيت أن الكلام كله يدور حول رواية طلحة عن أبيه عن جده، وما ذكروا ليث بن أبي سليم فلا أدري هل هو اكتفاء بذكر المجهول وأن ذلك وحده يكفي في عدم قبول الحديث، أو أن الليث هو غير الليث بن أبي سليم، فهذا يحتاج إلى معرفة ليث بن سعد هل من شيوخه طلحة بن مصرف ومن تلاميذه عبد الوارث بن سعيد أم لا؟
[عن طلحة بن مصرف].
طلحة بن مصرف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].

أبوه مصرف مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[عن جده].

جده صحابي أخرج حديثه أبو داود وحده، وبعضهم يقول: إنه مجهول، يعني: أنه ليس بصحابي، لكن في الحديث هنا يقول: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه) وهذا إن ثبت يدل على الصحبة.
[قال أبو داود: قال مسدد: فحدثت به يحيى فأنكره].

قال أبو داود: قال مسدد: فحدثت به يحيى بن سعيد القطان فأنكره، يعني: اعتبر هذا الحديث منكرا.
[وقال أبو داود: وسمعت أحمد يقول: إن ابن عيينة زعموا أنه كان ينكره ويقول: إيش هذا: طلحة عن أبيه عن جده؟!].

يعني: أنه أنكر هذا ولم يعتبره شيئا، والسبب كما هو معلوم ليس من جهة طلحة، ولكن من جهة أبيه الذي هو مصرف؛ إذ هو مجهول.
[شرح حديث: (أن النبي مسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة)]قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عباد بن منصور عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ) فذكر الحديث كله ثلاثا ثلاثا، قال: (ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ وذكر الحديث وقال: ثلاثا ثلاثا)، يعني: الحد الأعلى في الوضوء الذي هو الإسباغ،
وقوله:
(ثلاثا ثلاثا)، يعني: من غير الرأس؛ لأن الرأس جاءت الأحاديث الكثيرة بأنه يمسح مرة واحدة.فإذا: قوله: (ثلاثا ثلاثا) يحمل على ما عدا الرأس؛ لأنه يمسح ولا يغسل.
قوله: [قال: (ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة)].
يعني:
أن الماء الذي مسح به جمع فيه بين مسح الرأس ومسح الأذنين، والأذنان من الرأس كما ذكرنا، ولذا يمسحان كما يمسح الرأس، ويكون الماء الذي تمسح به الأذنان هو ما تبقى بعد مسح الرأس في اليدين.
[تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي مسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة)]

قوله:
[حدثنا الحسن بن علي].
هو الحسن بن علي الحلواني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي.
[حدثنا يزيد بن هارون].

هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا عباد بن منصور].

عباد بن منصور صدوق، أخرج له البخاري تعليقا وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عكرمة بن خالد].

عكرمة بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن سعيد بن جبير].

سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].

عبد الله بن عباس رضي الله عنهما صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[شرح حديث أبي أمامة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد ح وحدثنا مسدد وقتيبة عن حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة رضي الله عنه وذكر وضوء النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح المأقين.قال: وقال: الأذنان من الرأس)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي أمامة رضي الله عنه:
(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح المأقين، أو الماقين) والمأقان أو الماقان هما: طرفا العين أو جانبا العين مما يلي الأنف، ومن المعلوم أن الوجه كله يغسل ولا مسح فيه، وإنما المسح للرأس وللأذنين.
قوله:
[وقال: (الأذنان من الرأس)] فيه أن الأذنين من الرأس في حكم المسح، وليستا من الوجه في الحكم بحيث تغسلان كما يغسل الوجه، وإنما هما من الرأس فتمسحان كما يمسح الرأس،
يعني:
أن حكمهما المسح كالرأس وليس حكمهما الغسل كالوجه.
[تراجم رجال إسناد حديث أبي أمامة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]

قوله:
[حدثنا سليمان بن حرب].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا حماد].

حماد هو ابن زيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ح وحدثنا مسدد].

ح يؤتى بها للتحويل من إسناد إلى إسناد آخر، ومسدد قد مر ذكره.
[وقتيبة].

هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف، وهو ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة].
سنان بن ربيعة صدوق فيه لين، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[عن شهر بن حوشب].

شهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي أمامة].
هو أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[الخلاف في رفع: (الأذنان من الرأس) ووقفه]قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال سليمان بن حرب: يقولها أبو أمامة.قال قتيبة: قال حماد: لا أدري هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من أبي أمامة.يعني: قصة الأذنين].
يعني:
أن هذا القول: (الأذنان من الرأس) هو من قول أبي أمامة، وقال قتيبة: قال حماد بن زيد: لا أدري هل هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي أمامة.يعني: (الأذنان من الرأس الأذنان).يعني: أن حماد بن زيد تردد وشك هل هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام أبي أمامة.
[أهمية معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه]

[قال قتيبة: عن سنان أبي ربيعة قال أبو داود: وهو ابن ربيعة كنيته أبو ربيعة].

يعني: أن قتيبة قال في حديثه: عن سنان أبي ربيعة وقال مسدد وسليمان بن حرب: سنان بن ربيعة.
قال أبو داود: ولا إشكال في ذلك؛ لأن سنان بن ربيعة هو أبو ربيعة فوافقت كنيته اسم أبيه، ومعرفة من وافقت كنيته اسم أبيه نوع من أنواع علوم الحديث،
وفائدة ذلك:
دفع احتمال التصحيف؛ لأنه إذا كان معروفا بأنه سنان بن ربيعة ولا يدري بعض الناس أن كنيته أبو ربيعة فلو جاء في الإسناد سنان أبي ربيعة فإن الذي لا يعرف سيقول: (أبي) مصحفة عن (ابن) والذي يعرفه سيقول: هذا كلام صحيح فهو سنان بن ربيعة وهو سنان أبو ربيعة؛ لأن كنيته وافقت اسم أبيه،
يعني:
أن أبا سنان اسمه ربيعة وكنيته أبو ربيعة،
فإن قيل:
عن سنان أبي ربيعة فهو كلام صحيح،
وإن قيل:
سنان بن ربيعة فهو أيضا كلام صحيح ولا تصحيف؛ لأن الذي لا يفهم يظن أن (أبي) مصحفة عن (ابن) والرسم قريب بين (ابن) و (أبي).ففائدة معرفة هذا النوع من أنواع علوم الحديث دفع احتمال التصحيف أو توهم التصحيف بين كلمة (أبي) و (ابن)، ولهذا قال أبو داود بعد ذلك: سنان هو ابن ربيعة.
وهو أبو ربيعة فمن قال: سنان بن ربيعة ومن قال: سنان أبو ربيعة كله كلام صحيح.
وحديث:
(الأذنان من الرأس) جاء عن جماعة من الصحابة، وصححه بعض أهل العلم،
وقالوا:
مما يؤيده ويوضحه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الكثيرة أنه كان يمسح الأذنين تبعا للرأس،
وفي ذلك توضيح وبيان لهذا المعنى الذي هو قوله:
(الأذنان من الرأس) يعني: أنهما ممسوحتان لا مغسولتان.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #49  
قديم 14-09-2021, 01:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها

صــ 1إلى صــ24
الحلقة (49)

شرح سنن أبي داود [023]
من سعة دين الإسلام وتيسيره أن جاء بعبادات على أوجه متنوعة، ومن ذلك صفة الوضوء؛ فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بأوجه متعددة، فجاء أنه توضأ مرة مرة، وجاء أنه توضأ مرتين مرتين، وجاء أنه توضأ ثلاثا ثلاثا، فيجوز الوضوء بأي صفة من هذه الصفات، لكن الأفضل والأكمل هو الوضوء ثلاثا ثلاثا.
الوضوء ثلاثا ثلاثا
شرح حديث وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا ثلاثا
قال المصنف رحمه الله تعالى [باب الوضوء ثلاثا ثلاثا.حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: (أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا، ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا، ثم قال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة:
[باب الوضوء ثلاثا ثلاثا].
يعني: كونه يتوضأ ويغسل الأعضاء ثلاثا ثلاثا، وقد سبق أن مر جملة من الأحاديث التي تدل على هذه الترجمة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا، ولكن ذلك في غير الرأس؛ لأنه يمسح مرة واحدة ولا يكرر فيه المسح، فالمقصود من الترجمة ذكر أعداد الغسلات التي تكون في الوضوء وأنها ثلاث، وهذا هو الحد الأعلى، ولهذا أتى بترجمة الوضوء ثلاثا، والوضوء مرتين، والوضوء مرة؛ لأن الأحاديث وردت في هذه الأمور الثلاثة، فيجوز الوضوء إما ثلاثا وإما مرتين وإما مرة، والكمال والحد الأعلى هو الثلاث والثنتان متوسطة، والواحدة هي المجزئة وهي الحد الأدنى.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل وقال: يا رسول الله! كيف الطهور؟) يعني: كيف يتوضأ الإنسان؟ والطهور بالضم؛ لأن المراد به الفعل الذي هو الوضوء، فالرسول صلى الله عليه وسلم دعا بماء وتوضأ والسائل يراه وينظر إليه.وهذا فيه بيان السنن بالفعل، وقد جاء عن عدد من الصحابة أنهم توضئوا والناس يرون وضوءهم؛ لأن قدوتهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في هذا الحديث؛ لأنه لما سأله رجل طلب ماء يتوضأ فتوضأ وذلك الرجل ينظر إليه،
وقال: (إن هذا هو الطهور) فما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم من التوضؤ أمام الناس إنما قدوتهم في ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام كما جاء في هذا الحديث.
قوله: [(ودعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا)].
يعني: قبل أن يبدأ بالوضوء، وهذا مقدمة الوضوء، وليس غسل اليدين من فروض الوضوء، وإنما يبدأ بتنظيفهما قبل أن يدخلهما في الإناء، وقد ذكرنا أن هذا مستحب إلا إذا علم أن في اليد نجاسة فيجب غسلها، وإلا إذا كان الإنسان قائما من نوم الليل فإنه يجب عليه أن يغسل يديه ثلاثا قبل إدخالها الإناء، وأما في غير ذلك فيكون الأمر مستحبا، والرسول صلى الله عليه وسلم عندما توضأ أفرغ على يديه وغسلهما ثلاثا.
قوله:
[(ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل ذراعيه ثلاثا، ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في إذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه)].
ذكر المسح على الرأس، ولم يذكر عددا فيه، وقد ذكر أنه غسل غيره ثلاثا ثلاثا، وبين كيفية المسح، وأن الأذنين من الرأس، وقد مسحهما بهذه الكيفية حيث أدخل السباحتين -وهما السبابتان- في أذنيه ومسح بهما داخل أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، فهذا فيه بيان كيفية مسح الأذنين، وأن السبابتين يمسح بهما داخلهما والإبهامين يمسح بهما خارجهما.
قوله:
[(ثم غسل رجليه ثلاثا ثلاثا،
ثم قال:
هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء)
].
يعني:
أنه بعدما توضأ والسائل وغير السائل يرون قال بعد ذلك: (هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم)، وهذا يدلنا على أن الزيادة على الثلاث لا تجوز، وأنها إساءة وعدوان وظلم، وأنه يجب الاقتصار على الثلاث.لكن يبقى الإشكال بذكر النقص؛ لأنه قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرتين مرتين، وتوضأ مرة مرة،
والحديث الذي معنا فيه:
(توضأ ثلاثا ثلاثا)، فهذا فيه إشكال،
فمن أهل العلم من قال:
إن ذكر النقص شاذ؛ لأنه مخالف للروايات الأخرى،
ومنهم من قال: إن المراد به فيما إذا نقص عن مرة واحدة بحيث إن بعض الأعضاء لم يصل إليها الماء، أو بقي شيء يسير من عضو من الأعضاء لم يصل إليه الماء؛ فإن هذا فيه إساءة وظلم؛ لأنه لم يحصل بذلك الوضوء، وأما إذا توضأ الإنسان مرة واحدة مستوعبة ولا يبقى شيء لم يصل إليه الماء من أعضاء الوضوء -وكذلك المرتان- فهذا ليس من الإساءة، بل جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ففي أحاديث كثيرة جاء: أنه توضأ مرة مرة،
وجاء:
أنه توضأ مرتين مرتين،
وفي بعضها:
أنه توضأ ثلاثا ثلاثا.فذكر النقص إما أن يكون شاذا أو يكون المراد به حصول التقصير في وصول الماء إلى بعض الأعضاء.وعلى هذا يستقيم ذكر النقص.
تراجم رجال إسناد حديث وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا ثلاثا
قوله:

[حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة].
مسدد مر ذكره، وأبو عوانة هو الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن موسى بن أبي عائشة].
موسى بن أبي عائشة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده].

عمرو بن شعيب هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن الأربعة.وأبوه شعيب صدوق أيضا، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وفي الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.وجده هو عبد الله بن عمرو بن العاص، وليس جده محمدا؛ لأنه لو كان جده محمدا فسيكون الحديث منقطعا ويكون مرسلا؛ لأن كون محمد يضيف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا يكون مرسلا فيه انقطاع، لكن المقصود بالجد هو عبد الله بن عمرو، وقد ذكر الحافظ أن شعيبا صح سماعه من جده عبد الله بن عمرو، فيكون الرجال الثلاثة الذين في الإسناد هم عمرو وشعيب وعبد الله بن عمرو الذي هو الجد، وليس محمد بن عبد الله؛ فإنه لو كان هو المذكور في السند لكان الحديث مرسلا وفيه انقطاع، ولكن الحديث متصل،
والعلماء يقولون:
إن الحديث إذا صح إلى عمرو بن شعيب فإنه يكون حسنا؛ لأنه صدوق وحديثه حسن، وأبوه صدوق وحديثه حسن، وإنما الكلام فيما دون عمرو بن شعيب، فمن دونه هو الذي ينظر فيه، وإذا وصل الحديث إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فإنه يكون حسنا ولا انقطاع فيه؛ لأن شعيبا صح سماعه من جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما.وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الوضوء مرتين
[شرح حديث: (أن النبي توضأ مرتين مرتين)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الوضوء مرتين.حدثنا محمد بن العلاء حدثنا زيد -يعني: ابن الحباب - حدثنا عبد الرحمن بن ثوبان حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين)].
أورد أبو داود رحمه الله باب الوضوء مرتين،
يعني: مرتين مرتين؛ بحيث يغسل الأعضاء كلها من مرتين.وقد جاء الغسل ثلاثا ثلاثا، وجاء مرتين مرتين، وجاء مرة مرة، وجاء التفاوت بحيث يكون بعضها مرتين وبعضها ثلاثا.
وهنا أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
(أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين) يعني: غسل وجهه مرتين، وغسل يديه إلى المرفقين مرتين، ومسح رأسه مرة واحدة، وغسل رجليه مرتين، فهذا فيه ذكر أن الأعضاء تغسل مرتين وهذا مما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي توضأ مرتين مرتين)]
قوله:
[حدثنا محمد بن العلاء].
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا زيد يعني: ابن الحباب].
زيد بن الحباب صدوق يخطئ في حديث الثوري، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا عبد الرحمن بن ثوبان].
عبد الرحمن بن ثوبان هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان منسوب إلى جده، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[حدثنا عبد الله بن الفضل الهاشمي].
عبد الله بن الفضل الهاشمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
الأعرج لقب، واسمه عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو رضي الله عنه وأرضاه أكثر الصحابة حديثا على الإطلاق.
[شرح حديث ابن عباس في بيان صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر حدثنا هشام بن سعد حدثنا زيد عن عطاء بن يسار قال: قال لنا ابن عباس رضي الله عنهما: (أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فدعا بإناء فيه ماء فاغترف غرفة بيده اليمنى فتمضمض واستنشق، ثم أخذ أخرى فجمع بها يديه، ثم غسل وجهه، ثم أخذ أخرى فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ أخرى فغسل بها يده اليسرى، ثم قبض قبضة من الماء ثم نفض يده، ثم مسح بها رأسه وأذنيه، ثم قبض قبضة أخرى من الماء فرش على رجله اليمنى وفيها النعل،
ثم مسحها بيديه:
يد فوق القدم ويد تحت النعل، ثم صنع باليسرى مثل ذلك)
].أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولكنه ليس واضحا في مطابقة الترجمة؛ لأنه ليس فيه ذكر المرتين مرتين، وإنما فيه ذكر المرة الواحدة؛ لأنه كان يأخذ غرفة ويغسل بها وجهه، وغرفة يغسل بها يده اليمنى، وغرفة يغسل بها يده اليسرى وهكذا، فهو لا يتفق مع الترجمة هذه،
وإنما يتفق مع الترجمة التي بعدها وهي:
باب الوضوء مرة مرة.
قوله: [عن عطاء بن يسار قال: قال لنا ابن عباس رضي الله عنهما: (أتحبون أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ؟ فدعا بإناء فيه ماء فاغترف غرفة بيده اليمنى فتمضمض واستنشق، ثم أخذ أخرى فجمع بها يديه، ثم غسل وجهه)].
يعني:
أن الغرفة بدل ما كانت في يد وحدة جعلها في اليدين وغسل وجهه باليدين.
قوله: [(ثم أخذ أخرى فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ أخرى فغسل بها يده اليسرى، ثم قبض قبضة من الماء ثم نفض يده، ثم مسح بها رأسه وأذنيه)].
يعني:
أن الماء الذي كان للرأس ليس ماء محمولا في اليدين إلى الرأس حتى يصب عليه، وإنما بل اليدين في الماء، ومسح رأسه بما بقي في يديه من الماء، وهذا يطابق ما سبق أن تقدم أنه مسح رأسه بفضل ماء بقي في يديه، كما في رواية الربيع التي سبق أن مرت.قوله: [(ثم قبض قبضة أخرى من الماء فرش على رجله اليمنى وفيها النعل،
ثم مسحها بيديه:
يد فوق القدم ويد تحت النعل، ثم صنع باليسرى مثل ذلك)
].وهذا الذي ذكر فيما يتعلق بقضية الرجلين-أي: أنه رش عليهما ومسحها يد فوق القدم ويد تحت النعل- غير صحيح؛ لأنه مخالف لما جاء في الروايات الأخرى من أنه غسلهما، وأن الرجلين تغسلان ولا تمسحان،
وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:
(ويل للأعقاب من النار) فحكمهما الغسل وليس المسح،
ولكن يمكن أن يقال:
إن المسح المذكور في بعض الروايات المراد به الغسل الخفيف، وليس المراد به المسح الذي هو مثل المسح على الخفين ويكون في جهة معينة، بل الغسل يكون للرجل كلها حتى تستوعب، ولكن يكون الغسل خفيفا،
والغسل الخفيف يقال له:
مسح، لكن كونه يرش على رجليه وهما في النعلان ويجعل يده تحت نعليه ويده الأخرى فوق قدميه أو فوق رجله هذا لا يتفق مع الرواية الأخرى التي فيها غسل الرجلين.
[تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في بيان صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم]
قوله:

[حدثنا عثمان بن أبي شيبة].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[حدثنا محمد بن بشر].
هو محمد بن بشر العبدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام بن سعد].
هشام بن سعد صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقا ومسلم وأصحاب السنن.
[حدثنا زيد].
هو زيد بن أسلم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن يسار].
عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال: قال لنا ابن عباس].
ابن عباس رضي الله عنه مر ذكره.
وكما قلت:
هذا الحديث لا يطابق الترجمة التي هي باب الوضوء مرتين، وإنما يطابق الترجمة التي بعد هذه، فلعل الحديث تحت الترجمة الثانية، وأن الترجمة هذه تأخرت عن مكانها وأن مكانها كان قبل حديث ابن عباس، فإذا كانت الترجمة تأخر مكانها أو تأخرت عن مكانها، وأن مكانها كان قبل حديث ابن عباس فإن ذلك يستقيم، وأما دخولها تحت الوضوء مرتين فليس فيه ما يدل على الترجمة؛ لأنه ليس فيه إلا الوضوء مرة واحدة.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #50  
قديم 14-09-2021, 01:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها

صــ 1إلى صــ24
الحلقة (50)

الوضوء مرة مرة
[شرح حديث وضوء النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الوضوء مرة مرة.حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ألا أخبركم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فتوضأ مرة مرة)].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمة الله عليه باب الوضوء مرة مرة.وسبق أن مر باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، وباب الوضوء مرتين مرتين، وهذه الترجمة معقودة لبيان الوضوء مرة مرة،
أي: أن الإنسان يغسل أعضاء الوضوء مرة واحدة وهذا هو الحد الأدنى الذي لا بد منه، وما زاد عليه فهو كمال، ونهاية الكمال ثلاث مرات، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه الوضوء ثلاثا ثلاثا، وجاء عنه الوضوء مرتين مرتين، وجاء عنه الوضوء مرة مرة، وكل هذا يدل على أن هذه الأمور الثلاثة كلها سائغة ومشروعة وبعضها أكمل من بعض.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال:
(ألا أريكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فتوضأ مرة مرة) والمقصود: أن الوضوء يكون مرة مرة، وهذا هو الحد الأدنى، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه صفات متعددة، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يبينون صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ما جاء عن الصحابة يعزونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجه صحيحة، فإن ذلك يدل على تعدد الأفعال والرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذه الأمور لبيان الجواز ولبيان الأكمل والأفضل، فالوضوء مرة مرة هو الحد الأدنى، وهو الفرض الذي لا بد منه، وما زاد على ذلك فهو كمال، فيكون الوضوء مرتين مرتين، أو ثلاثا ثلاثا، لكن لا يزاد على ثلاث؛
لأنه سبق أن مر في الحديث:
(من زاد على ذلك فقد أساء وظلم) ولا ينقص الوضوء عن أي عضو من الأعضاء ولو كان قليلا؛ لأنه قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ويل للأعقاب من النار) لأنهم غسلوا أرجلهم ولكنهم ما استوعبوا الغسل فبدت أعقابهم لم يمسها الماء،
ولما رآها رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: (ويل للأعقاب من النار).
إذا:
الأمر الواجب اللازم هو مرة واحدة مستوعبة بحيث لا يبقى من أعضاء الوضوء شيء لم يصل إليه الماء، وما زاد على ذلك فهو كمال، وأعلى الكمال ثلاث بحيث لا يزاد عن ذلك.وأورد أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة حديث ابن عباس، ولكن سبق أن ذكرت أن الحديث الثاني من الحديثين اللذين أوردهما أبو داود تحت ترجمة الوضوء مرتين مرتين لا يدل على الوضوء مرتين مرتين، وإنما يدل على الوضوء مرة مرة وهو يطابق هذه الترجمة ولا يطابق الترجمة السابقة، ولعل الترجمة تأخرت عن مكانها وكان من حقها أن تتقدم على الحديث الذي قبل هذه الترجمة حتى يكون الحديثان الدالان على الوضوء مرة مرة، تحت ترجمة الوضوء مرة مرة، فإن حديث ابن عباس هذا فيه اختصار وأنه توضأ مرة مرة، ولكن حديث ابن عباس المتقدم فيه تفصيل،
وأنه غسل كل عضو مرة واحدة:
غسل وجهه مرة واحدة، وغسل يده اليمنى مرة، ثم أخذ غرفة وغسل يده اليسرى، ثم غرف غرفة ومسح رأسه وغسل رجله اليمنى مرة وغسل رجله اليسرى مرة، وهذا يدل على أن الغسل إنما يكون مرة واحدة، فهذا يفيد بأن الحديث السابق مطابق لهذه الترجمة، وليس للترجمة السابقة.
[تراجم رجال إسناد حديث وضوء النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة]

قوله:

[حدثنا مسدد].

هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[حدثنا يحيى].
يحيى هو ابن سعيد القطان البصري، وهو ثقة إمام من أئمة الجرح والتعديل، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة فقيه وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.[حدثني زيد بن أسلم].
هو زيد بن أسلم المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء بن يسار].
عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عباس].

هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الفرق بين المضمضة والاستنشاق
[شرح حديث الفصل بين المضمضة والاستنشاق]

قال المصنف رحمه الله تعالى:
[باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق.حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا معتمر قال: سمعت ليثا يذكر عن طلحة عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (دخلت -يعني: على النبي صلى الله عليه وسلم- وهو يتوضأ والماء يسيل من وجهه ولحيته على صدره، فرأيته يفصل بين المضمضة والاستنشاق)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي [باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق]،
يعني:
الفصل بينهما، وأنه يتمضمض على حدة ويستنشق على حدة، وليس المقصود بيان الفرق بينهما من حيث المعنى؛ فإن المقصود هو ما جاء في نفس الحديث الذي أورده المصنف من ذكر الفصل بين المضمضة والاستنشاق بأن يأخذ ماء للمضمضة وماء للاستنشاق، هذا هو الفصل بينهما،
يعني:
أنه يفرق بينهما،
أي:
أنه عكس أو ضد الجمع بينهما، وقد سبق أن مرت أحاديث عديدة فيها الجمع بين المضمضة والاستنشاق من كف واحد، وهذا الذي في الترجمة يقابل ذلك الذي تقدم من الجمع بينهما، وهو الفصل بحيث يتمضمض بماء مستقل، ثم يأخذ ماء ويستنشق به.وأورد فيه أبو داود رحمه الله حديث كعب جد طلحة بن مصرف وهو كعب بن عمرو أو عمرو بن كعب، وفيه أنه جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فرآه يفصل بين المضمضة والاستنشاق، لكن الحديث ضعيف من جهة والد طلحة بن مصرف وهو مجهول، وكذلك أيضا من جهة الراوي عن طلحة وهو ليث بن أبي سليم، وكذلك أيضا فيه اختلاف في جد طلحة،
فمن العلماء من قال:
إنه صحابي،
ومنهم قال: إنه مجهول، ومن المعلوم أن جهالة الصحابة لا تؤثر، ولكن الجهالة تؤثر في غيرهم، فالجهالة إنما تؤثر في غير الصحابة، ولكن والد طلحة بن مصرف مجهول فيكفي في رد الحديث وعدم قبوله،
ولكن بعض أهل العلم يقول:
جاءت بعض الأحاديث تدل على الفصل، لكنها في الحقيقة ليست صريحة، مثل بعض الأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم تمضمض ثلاثا، واستنشق ثلاثا، وكونه نص على المضمضة ثلاثا، والاستنشاق ثلاثا،
معناه:
أنه بعد ما فرغ من المضمضة ثلاث مرات أخذ في الاستنشاق ثلاث مرات،
قالوا:
وهذا فصل بين المضمضة والاستنشاق،
بمعنى: أنه يتمضمض ثلاثا أولا ويستنشق ثلاثا بعد ذلك، وهذا فصل، وذكروا بعض الأحاديث التي من هذا النوع، والجمع لا شك أنه هو القوي والواضح الذي دلت عليه الأحاديث، وفيه التنصيص على أنه تمضمض واستنشق من كف واحدة كما جاء في بعض الروايات الصحيحة التي سبق أن مرت من طرق متعددة،
يعني:
أنه تمضمض ببعض ما في كفه، ثم استنشق بالباقي، فتكون الكف الواحدة منها مضمضة ومنها استنشاق،
لكن بعض أهل العلم يقول:
إن كلا من الفصل والوصل في المضمضة والاستنشاق ثابت، ولكن الأحاديث التي جاءت بالوصل صريحة وواضحة وجلية وقوية والأحاديث التي جاءت في الفصل بين المضمضة والاستنشاق ليست صريحة، والأمر في ذلك واسع، فلو أن الإنسان تمضمض من كف واستنشق من كف أخرى لم يكن بذلك بأس إن شاء الله.
قوله:
[(والماء يسيل من وجهه ولحيته على صدره)].
يعني: أنه كان يغسل وجهه ولحيته، وأن الماء لكثرته كان يتساقط على صدره من وجهه ولحيته.
[تراجم رجال إسناد حديث الفصل بين المضمضة والاستنشاق]

قوله:
[حدثنا حميد بن مسعدة].

حميد بن مسعدة صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا معتمر].
هو معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[سمعت ليثا].

ليث هو ابن أبي سليم، وسبق أن مر في حديث مضى قبل هذا فيه رواية ليث غير منسوب عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده،
وقلنا:
إنه ليث بن أبي سليم وفي تهذيب التهذيب في ترجمة ليث بن أبي سليم أن من تلاميذه معتمر بن سليمان.لكن بعض الذين تكلموا عن الحديث اكتفوا بالكلام في تضعيفه بوالد طلحة بن مصرف، وهو مصرف بن عمرو بن كعب أو ابن كعب بن عمرو، وليث بن أبي سليم علة أخرى يعل بها الحديث.فالحديث ضعيف.وليث بن أبي سليم صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك.
يعني:
أنه صدوق ولكنه حصل له الاختلاط، ولم يتميز ما كان قبل الاختلاط مما كان بعد الاختلاط فترك ولم يحتج بحديثه،
يعني: على سبيل الاستقلال، أما لو جاء عنه ما يدل على ما جاء عن غيره فهذا أمره واضح، ولكن حيث يكون الشيء ما جاء إلا من طريقه فإنه لاختلاطه وعدم تميز ما كان قبل الاختلاط مما كان بعد الاختلاط لا يعول عليه، والمختلط إذا عرف ما روي عنه قبل الاختلاط فإنه يقبل؛ لأن الاختلاط طرأ بعد ذلك، وقد سمع عنه قبل الاختلاط، فالذي عرف أنه من حديثه قبل الاختلاط يقبل، وما كان بعد اختلاط يرد، لكن إذا لم يتميز حديثه الذي قبل الاختلاط والذي بعد الاختلاط مثل ليث بن أبي سليم فإنه لا يعول عليه، لكن إذا جاء ما يشهد له، أو جاء شيء يعضده فيكون له أصل، وأما إن جاء من طريق ليث بن أبي سليم وقد اختلط ولم يتميز حديثه فإنه لا يعول على ما يأتي به منفردا.وليث أخرج حديثه البخاري تعليقا ومسلم وأصحاب السنن.
[عن طلحة عن أبيه عن جده].
طلحة هو طلحة بن مصرف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وأبوه هو مصرف بن عمرو أو كعب بن عمرو، وهو مجهول، أخرج حديثه أبو داود، وجده هو عمرو بن كعب أو كعب بن عمرو، وهو صحابي، أخرج له أبو داود.
ما جاء في الاستنثار
شرح حديث: (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الاستنثار.حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة في الاستنثار، والاستنثار ملازم للاستنشاق، حيث يأتي التعبير بالاستنشاق ويأتي التعبير بالاستنثار، فهما متلازمان؛ لأن الاستنشاق يعقبه استنثار، والاستنثار يسبقه استنشاق؛ فإن إدخال الماء إلى الأنف وجذبه بقوة النفس استنشاق، ودفعه حتى يخرج بحيث ينظف ما كان داخل الأنف استنثار.وحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه هذا فيه ذكر الجمع بينهما؛
لأنه قال: (فليجعل في أنفه ماء -وهذا هو الاستنشاق- ثم لينثر)،
يعني:
يخرج ذلك الماء الذي أدخله في أنفه بحيث يخرج ذلك الماء الشيء الذي هو غير نظيف من أنفه، فالمضمضة فيها تنظيف الفم، والاستنشاق فيه تنظيف الأنف.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر)

قوله:
(حدثنا عبد الله بن مسلمة.)

هو عبد الله بن مسلمة القعنبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[عن مالك].

هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المعروف المشهور.
[عن أبي الزناد].
أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان، لقبه أبو الزناد، وهو لقب على صيغة الكنية وليس أبو الزناد كنيته، وإنما كنيته أبو عبد الرحمن، وهو مدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعرج].
الأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والأعرج لقبه، واسمه عبد الرحمن بن هرمز، ويأتي أحيانا بلقبه الأعرج كما هنا، ويأتي أحيانا باسمه عبد الرحمن بن هرمز، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثا على الإطلاق.
شرح حديث: (استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا وكيع حدثنا ابن أبي ذئب عن قارظ عن أبي غطفان عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اسنتثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا) يعني: ثلاثا ليست بهذا الوصف، فتكون الثالثة في مقابل اثنتين بالغتين،
يعني:
أن اثنتين بالغتين تعادل ثلاثا ليس فيهما مبالغة، ويحتمل أن يكون في ذلك شك من الراوي،
يعني:
أنه قال هذا أو هذا.
تراجم رجال إسناد حديث: (استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا)

قوله:

[حدثنا إبراهيم بن موسى].

هو إبراهيم بن موسى الرازي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا وكيع].

هو وكيع بن الجرح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن أبي ذئب].

ابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب مشهور بهذه النسبة إلى أحد أجداده، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن قارظ].

هو قارظ بن شيبة، وهو لا بأس به، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة، ولا بأس به تعادل صدوق إلا عند ابن معين فإنها بمعنى ثقة،
ولهذا يقولون: لا بأس به عند ابن معين توثيق، يعني أنها تعادل ثقة، وأما عند غيره فالمشهور أنها بمعنى صدوق،
والصدوق هو:
ما قل عن درجة الثقة ممن يحسن حديثه.
[عن أبي غطفان].
هو أبو غطفان بن طريف أو ابن مالك المري، قيل: اسمه سعد، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود و **النسائي وابن ماجة.
[عن ابن عباس].
ابن عباس رضي الله عنه مر ذكره.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 285.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 279.42 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (2.12%)]