مراتب تمحيص المؤمن من ذنوبه - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3952 - عددالزوار : 390917 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4419 - عددالزوار : 856324 )           »          حق الجار والضيف وفضل الصمت.محاضرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          حبل الله قبل كلّ سبب وفوقه .! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          اضربوا لي معكم بسهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ونَزَعْنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُر متقابلين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          أنت وصديقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          التشجيع القوة الدافعة إلى الإمام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          شجاعة السلطان عبد الحميد الثاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          نظرات في مشكلات الشباب ومحاولة الحل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-04-2019, 10:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,974
الدولة : Egypt
افتراضي مراتب تمحيص المؤمن من ذنوبه

مراتب تمحيص المؤمن من ذنوبه

د. محمد بن إبراهيم النعيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
إنه من المعلوم أن الجنَّة طيبة، لا يدخلها إلا طيب؛ كما قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ﴾ [النحل: 32]، وقوله تعالى: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73]، والذي يقترف الذنوب والمعاصي لا يكون طيبًا؛ وإنما يلزم تمحيصه وتطييبه من تلك الذنوب والآثام؛ لكي يدخل الجنَّة ممحصًا من الذنوب؛ كتمحيص الذهب والفضة من خبثهما، وهذا التمحيص إما أن يكونَ في الدنيا بأربعة أشياء، أو يكونَ في القبر بثلاثة أشياء، أو يكونَ في الموقف - بأرض المحشر في يوم مقداره خمسون ألف سنة - بأربعة أشياء.
وإذا لم تَفِ تلك الأمور، لا يبقى سوى النَّار - عياذًا بالله - لدخولها؛ للتمحيص من تلك الذنوب؛ كإدخال الذهب في الكير لتمحيصه من الشوائب.
أما التمحيص الذي يكون في دار الدنيا، فهو بأربعة أشياء: بالتوبة، والاستغفار، وعمل الحسنات الماحيات، والمصائب المكفِّرة، فإن محصته هذه الأربعة؛ كان من الذين تتوفَّاهم الملائكة طيبين، وإن لم تَفِ هذه الأربعة بتمحيصه وتخليصه من ذنوبه، حيث لم تكن التوبة نصوحًا مثلًا، ولم يكن الاستغفار كاملًا تامًّا، وهو المصحوب بمفارقة الذنب والندم عليه، ولم تكن الحسنات وافيةً بالتكفير، ولا المصائب كذلك، فإنه سيُمحص في القبر بثلاثة أشياء:
أحدها: صلاة أهل الإيمان عليه، واستغفارهم له، وشفاعتهم فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ، فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ))؛ رواه مسلم.
الثاني: تمحيصه بفتنة القبر، وروعة الفتان، والعصرة، والانتهار، وتوابع ذلك من أنواع عذاب القبر.
الثالث: ما يُهدي إخوانه المسلمون إليه من هدايا الأعمال؛ من الاستغفار، والدعاء له، والصدقة عنه، والحج عنه، والصيام عنه، ونحو ذلك، وجعل ثواب ذلك له.
فإن لم تَفِ هذه بالتمحيص، مُحِّص بين يدي ربِّه عز وجل في الموقف بأربعة أشياء: أهوال يوم القيامة، وشدة الموقف، وشفاعة الشفعاء، وعفو الله عز وجل.
فإن لم تُفِدْ هذه الثلاث مراحل بتمحيصه؛ وهي مرحلة الدنيا، ومرحلة البرزخ، ومرحلة المحشر، فلا بُدَّ له من دخول الكير رحمة في حقِّه؛ ليتخلص ويتمحَّص ويتطهر في النَّار، فتكون النَّار طُهرةً له وتمحيصًا لخبثه، ويكون مكثه فيها على حسب كثرة الخبث وقلَّته، وشدَّته وضَعْفه وتراكُمه، فإذا خرج خبثه، وصُفِّي ذَهَبُه، وصار خالصًا طيبًا، أُخرج من النَّار، وأُدخِل الجنَّة؛ لأن الجنة لا يدخلها إلا طيب؛ ا ه، تهذيب مدارج السالكين بتصرُّف (صفحة 102).
قال تعالى: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73]، فمن اقترف ذنبًا، فليبادر إلى التوبة؛ ليُكفر عنه ما اقترفته يداه، وإلا فإن عقوبة ذلك الذنب سوف تُلاحقه في الدنيا، أو في البرزخ، أو في يوم القيامة؛ إلا أن يعفو الله تعالى؛ ولذلك أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرورة المبادرة إلى التوبة بقوله صلى الله عليه وسلم: ((اتَّقِ اللهَ حيثما كنت، وأتبِع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخُلُق حَسَن))؛ رواه أبو داود، والترمذي عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه.
والسعيد مَنْ يُعاقبه الله تعالى بذنبه في الدنيا؛ لأن عذاب الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة؛ حيث روى أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ، عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ، حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))؛ رواه الترمذي.
وروى عبدالله بن مغفل رضي الله عنه، قال أن رجلًا لقي امرأةً كانت بغيًّا في الجاهلية، فجعل يُلاعبها حتى بسط يده إليها، فقالت: مَهْ، فإن الله قد أذهب الشرك، وجاء بالإسلام، فتركها وولَّى، فجعل يلتفت خلفه، ينظر إليها حتى أصاب الحائط وجهه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر، فلم يُوبِّخه النبي صلى الله عليه وسلم على فعله، ولم يشمت به، وقد جاءه ووجهه يسيل دمًا؛ كما في رواية أخرى؛ وإنما قال له: ((أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللهُ بِكَ خَيْرًا، إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا، عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرًّا، أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ))؛ رواه الطبراني وصحَّحه الألباني.
فمَنْ عاقبَه الله عز وجل في الدنيا بحَدٍّ شرعي أو مصيبة أو نحوها، فإنه لا يعاقب في الغالب في الآخرة؛ حيث روى عُبَادَة بْن الصَّامِتِ رضي الله عنه، قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَجْلِسٍ، فَقَالَ: ((تُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَسْرِقُوا، وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ))؛ رواه البخاري ومسلم.
وهذا الحديث لا يفيد أن يتمنَّى المسلم أن يعاقب في الدنيا على ذنوب، بل يسأل الله دائمًا العافية؛ لذلك لا يجوز الدعاء بتعجيل العقوبة على النفس في الدنيا؛ لحديث أنس رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَادَ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ، فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ))؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((سُبْحَانَ اللَّه، لا تُطِيقُهُ، أَوْ لا تَسْتَطِيعُهُ! أَفَلا قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ؟))، قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ"؛ رواه مسلم.
لذلك فإن الله عز وجل كثيرًا ما يُعجِّل عقوبة بعض الصالحين في الدنيا؛ ليتوبوا وليمحصهم ببلاء الدنيا عِوَضًا عن عذاب الآخرة.
نظر أحد العباد إلى صبي فتأمَّل محاسنَه، فأتي في المنام، وقيل له: لتجدن عاقبتها بعد حين، وبعد أربعين سنة نسي حفظ القرآن، وقال بعض السلف: إني لأعصي الله، فأرى ذلك في خلق دابَّتي وامرأتي؛ (الداء والدواء، صفحة 74).
أي: مَنْ أحبَّه الله تعالى فعصى الله؛ عسَّر الله عليه أمرَه، فلا يتوجَّه إلى أمر، إلا وجده مغلقًا دونه أو متعسِّرًا؛ لعله يتوب ويستغفر؛ لأن الله يحبُّه، فيعاقبه في الدنيا بدلًا من الآخرة.
إننا نرى كثيرًا من الناس يغالط نفسه، ويقول: ها أنا عملت ذنوبًا، ولم أرَ لها تأثيرًا فيَّ وفي حياتي، وما علم المسكين أن الذنب لا ينساه الله عز وجل، وسيرى أثره ولو بعد حين في الدنيا أو في قبره، أو في محشره، أو أنه مستدرج؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: ((اعْبُدُوا اللَّهَ كَأَنَّكُمْ تَرَوْنَهُ، وَعُدُّوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الْمَوْتَى، وَاعْلَمُوا أَنَّ قَلِيلًا يُغْنِيكُمْ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ يُلْهِيكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْبِرَّ لَا يَبْلَى، وَأَنَّ الْإِثْمَ لَا يُنْسَى))؛ ا.هـ (مصنف ابن أبي شيبة 34580).
ومن ناحية أخرى ليس كل من أذنب عاقبه الله عز وجل في الدنيا؛ إذ لو فعل ذلك سبحانه وتعالى لأهلك مَنْ في الأرض جميعًا؛ ألم تسمعوا قول الله عز وجل: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا ﴾ [فاطر: 45]، فينبغي أن نعلم سنن الله عز وجل في عباده، فقد يكون هذا العبد مستدرجًا، وماذا نعني بمستدرج؟
الاستدراج: سنة ربانية يجهلها أو يغفل عنها كثيرٌ من الناس، فإذا رأيت نفسك ترفل في نعم الله وأنت مقيم في معصية الله، فاعلم أنك مستدرج؛ فقد روى عُقْبَةُ بْن عَامِرٍ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ؛ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ، ثُمَّ تَلا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44]؛ رواه الإمام أحمد.
إن بعض الناس قد يعمل معصية أو يُقصِّر في عمل، فيقول: ما دام أنه لم تأتني مصيبة أو رؤيا في المنام؛ فهذا يدل على رضا الله عني، أو تغاضيه عن جرمي، ومنهم من يقول: لو كنت قد ارتكبت جرمًا عظيمًا يغضب الله عز وجل، لرأيتُ على سبيل المثال مَنْ ينهاني أو يُنبِّهني إلى ذلك ولو في المنام، أو لأصابني الله تعالى بالمصائب ونحو ذلك، وقد يستدل هذا الجاهل بحديث ضعيف غير صحيح روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا عاتبه في منامه))، فهذا أولًا حديثٌ غير صحيح؛ فلا يستدلُّ به، كما ينبغي أن تعلم بأنك لست بنبيٍّ أو وليٍّ حتى يُعاملك الله بما أردت أو تمنَّيْت؛ إذ قد تكون مستدرجًا - عياذًا بالله - بذنبك، أو أن عقوبة ذنبك لا زالت مدخرة لك إلى حينٍ، في الدنيا أو في البرزخ أو في الموقف؛ لذلك إذا وقعت في معصية، فبادر إلى التوبة منها، وعمل الحسنات الكثيرات؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114]، فإن لم تفعل، فإن ذلك الذنب سيُلاحقك لا محالة، إما في الدنيا، أو في القبر، أو في أرض المحشر، إلا أن يعفو الله عنك.
وتفكر في كثير من السلف الذين وقعوا في بعض المعاصي كيف كفَّروا عنها بكثرة العتق والصيام والصدقة والاستغفار؛ خوفًا أن يُلاحقهم ذلك الذنب في قبورهم أو آخرتهم.
انظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلح الحديبية عندما عارض رسول الله صلى الله عليه وسلم الرأي، فقد غضب رضي الله عنه عندما أحسَّ بأنَّ الصُّلْح الذي عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قريش فيه إجحاف، وعدم إنصاف للمسلمين، وتنازل عن حقوقهم، فجاء إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه قائلًا له: أليس برسول الله؟ قال: بلى، قال: أولسنا بالمسلمين؟ قال: بلى، قال: أوليسوا بالمشركين؟ قال: بلى، قال: فعلامَ نُعطي الدنية في ديننا؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا عمر، الزم غرزه؛ فإني أشهد أنه رسول الله؛ متفق عليه.
فكفَّر عن مقولته تلك بالشيء الكثير؛ حيث قال رضي الله عنه: ما زلت أصوم، وأتصدَّق، وأصلِّي، وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت يومئذٍ؛ ا.هـ (السيرة النبوية).
وتأمَّل يا عبدالله إلى فعل عائشة رضي الله عنها عندما حلفت ألَّا تُكلِّم ابنَ أختها عبدالله بن الزبير رضي الله عنه، فتوسَّط بعض الصحابة، وأكثروا عليها التذكير والتحريج، فقالت: "إِنِّي نَذَرْتُ، وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ، فَلَمْ يَزَالا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتْ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَتَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا"؛ رواه البخاري.
فبادر إلى التوبة من الذنوب قبل الممات؛ لئلا تذوق عاقبتها، فإن للذنوب عواقب في الدنيا، وفي البرزخ، وفي أرض المحشر.
جعلني الله وإيَّاكم من الذين يستمعون القول، فيتَّبعون أحسنه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.22 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]