مقامة المغتربين - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3943 - عددالزوار : 386416 )           »          عرش الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أسلحة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16182 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3123 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 102 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-11-2019, 07:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي مقامة المغتربين

مقامة المغتربين



عبدالله بن عبده نعمان العواضي




حكى مسلم بن عبد الله قال: برَّح بي شوق إلى البيت الحرام، وطوَّح بي الحنين إلى ذلك المرام، وتطاول بي حبل الوجد من عام إلى عام، وأنا أرى وفود الزائرين من حُجاج ومعتمرين، يغدون ويروحون، حاملين معهم لظى أحزاني وأشواقي عند الوداع ويوم التلاقي، حتى برق في سماء النفس تحققُ مطلبها، وهطل في أرضها نيلُ مأربها، فركبتُ مطايا الحنين، وجمعتُ أشواق السنين، وعلى صهوات طريق التعب وصلتُ إلى مكة المكرمة، ومدينةِ الإسلام المعظَّمة، وعلى أبوابها اتقد الشوق اتقادا، وازداد خفقانُ القلب ازديادا؛ إذ عما قريب تقر العين برؤية ما كانت تهواه، وتلقى النفس ما كانت تتمناه، ويعانق القلب هنالك رجواه، ويصل الحبيب إلى ما أحب لُقياه. فلما سطعتْ للطرْف أنوارُ الكعبة السَّنِيَّة، وبدت أمامه مخايلُ عظمتها العليَّة، سالت دموع العينين على الوجنتين، وبرقت دلائل الفرح على الشفتين، وما كنت قبل هذا أعرف دمعًا غير دمع الوجع والترح، فرأيت مني اليوم دمع السعد والفرح، فلم يمهلني لساني وأنا بين أحضان الحيرة والعجب، وبلوغِ نفسي هذا الأرب، حتى قال:


هنا قبلةُ الإسلام والمجد والسَّنا

ومطلعُ نورِ الحق إذْ هلَّ من هُنا



ومهوى فؤادِ الصَبِّ من كل بلدة

ووجهةُ أهلِ الحق من سائر الدُنى



وموضعُ سكْبِ الدمع حُزنًا لتركه

وسعداً بمرآه العزيزِ على المُنى



فيا قلبُ هذا منزلُ الشوق قد بدا

ويا عينُ هذا مشهد الغيب قد دنا



فأنعمْ بهذا اليوم يومًا حييتُه

وأكرم بهذا البيت للروح موطنا





فجاوزت الصفوف بعد الصفوف، وطفقت حول الكعبة أطوف، وأنا في سعادة شاملة، وخُطى فرحةٍ متواصلة، فلما فرغت من الطواف، مضيت إلى تخوم المطاف، فصليت خلف مقام إبراهيم ركعتين، وفارقتهما وتحللت منهما بتسليمتين، ثم رمقتْ عيناي المسعى عن قرب، فدلفت إلى الطواف بين الصفا والمروة، فسعيت وبكيت، ودعوت عند توجهي إلى البيت، ثم أنهيت عمرتي، ومقصد رحلتي، بحلق شعر راسي، وحلَّ لي خلع إحرامي وارتداء لباسي، فسمعت حينئذ إقامة الصلاة، والدعوةَ إلى اجتماع الصفوف للمناجاة، فانتظمت في سلكهم، ودرت في فُلْكهم، فكانت أول صلاة أصليها في هذا البيت العتيق، وأشاهد هذا الجمع الأنيق، الذي جاء أكثره من كل فج عميق، فما كان أحسنها من صلاة أصليها، وأجملها من مناجاة تلذذت فيها، فلما سلمت من صلاتي، وقضيت استغفاري وتسبيحاتي، عرّفت إلى رجل نفسي بمصافحة وابتسامة، فعرفني نفسه وعلى وجهه قتامة، فعجبت لحزنه ووجومه، فأحببت النفاذ لاستخرج مكتومه، فقلت له: يا فلان، ما لي أرى الغمَّ يطوِّق منظرك، والكآبةَ تحتل مظهرك؟!

فقال: كيف لا أحزن ولا أكتئب، ولا أبكي ولا أنتحب، ولا يقيدني البؤس في أغلاله، ولا يحتويني الهم في غلاله، وأنا مغترب عن أولادي ووطني، وزوجي وسكني، وأحبابي وأصحابي، وإخوتي وجيراني، وأبي وأمي، وأقاربي وبني عمي، فلا أراهم إلا لَمَاما، وكم أجد لذلك آلاما.

فكم مات منهم من قريب، وفارقَ الدنيا من حبيب، وأنا في كفِّ النوى لا أستطيع تشييع جنائزهم، ولا حضور مآتمهم وولائمهم، وكم تركت زوجي حاملاً، فلا أعود إلا وقد صار ذلك الجنين طفلاً يدب، بل يسعى ويخب، فأسرعُ إلى احتضانه مسرورا، فيفر مني مذعورا؛ إذ لم ترني من قبل عيناه، ولم يقابل مرآيَ مرآه، فأتركه زمنًا حتى يعتاد منظري في البيت، وقد برد وهج شوقي بعدما أوريت. وأنا هنا أعاني مرَّ الغربة، ولظى العُزبة، وأتنقل من كربة إلى كربة، فماذا تنفعني الأموال الوفيرة، وأنا أذوق المرارات الكثيرة، وما أفيد من جمع الأموال، وقد فُرِّق بيني وبين الأهل والعيال؟! ثم رفع عقيرته منشدا، وتغنَّى بشعره مرددا:


عشتُ الغمومَ وذقتُ الضر والكمدا

لمَّا تركتُ ورائيْ الأهل والولدا



لقد طلبتُ رخاء العيش من سفري

ورمتُ من فرقة الأحباب أن أجدا



وأن أعيش سعيداً بعد فرقتهم

ولا أرى البؤسَ في أرض النوى أبدا



لقد غنيتُ ولكنْ مسني عوز

إلى السعادة لما صرتُ منفردا



قل للأُلى حسدوا للمال مغتربًا

لو تعلمون الأسى لم تحملوا الحسدا





يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-11-2019, 07:29 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مقامة المغتربين

فلما سمعت صوته الشاكي، ورأيت طرفه الباكي، وجدتُ لوجده، ورثيت لبؤسه وبُعده. وبينا نحن في بساط الشكوى، وحديث البلوى، إذ أطلّ علينا رجل كان يحاذي مجلسنا، فقال: هل تأذنون لي بالجلوس، ومنادمة الكرام الجلوس؟ فقلنا: على الرُحْب والسَّعة نزلت، وعلى محبتنا وتوقيرنا حللت، فقال: نعمَ القوم أنتم، وحبذا الحديث الذي تحدثتم، أما أنا فإن لي رأيًا يباين زميل الاغتراب، ورفيق البين للأحباب؛ فأنا في كنف الغربة منذ سنين، وفي خيرات هذا البلد الأمين، أعيش بين إخواني سعيدا، وإن كنت عن أهلي بعيدا، وأذوق هنا طعم الراحة والطمأنينة، وترفل نفسي تحت ظلال السكينة، وأجد من الأفراح أكثر من الأتراح، ومن الرخاء والهناء، أعظم من الشدة والعناء، وقد ألفيت في غربتي غنًى بعد فقر، وجبراً بعد كسر، وغادرتني كتائب الهموم والأحزان، ودخلت تحت سلطان الراحة والاطمئنان، فأنا اليوم مشرق الروح والبدن، رخيُ البال في الأهل والوطن، موفور العيش من غير حاجة لأحد، هادئ النفس من مخالطة كمد، أهلي وولدي في عافية وسعة، وأحوالٍ مجتمعة، وكفّي بالإحسان ممدودة، وصدقاتي للأقارب والأباعد غير معدودة، وقد كنت قبل اغترابي في ضيق حال، وكسوف بال، حتى ملتني الزوجة والعيال، ولم يحتفل بي جيران ولا آل، والديون تلازمني، والهموم تضاجعني، فأستيقظ ومؤجرُ البيت على الباب يطالب بحقه، ولم يكن لي بدٌ من كذبه بدل صدقه، فأحيله على مليء المواعيد، من شهر إلى شهر ومن عيد إلى عيد، حتى مرت الأيام بمُرّها، وجاء ما يزيل شدةَ ضرها، فتسامع جميع من ذكرتُ باقتراب سفري، ومفارقة حضري، ففرحوا بذلك أيما فرح، فهنأ من هنأ ومدحَ مَن مدح، ومازالوا على فرحهم بي ما دمت في هذه البلاد الكريمة، وسحابة الخير فوق رؤوسهم عميمة، فكيف لا أحمد الله على نعمة الاغتراب، وتجاوزي لتلك المشكلات الصعاب، ثم أسمعنا قريض جُمَله، ومنظومَ جَذَله فقال:

ولقد لبستُ من التنعم حُلَّة

منسوجةً بسعادتي وهنائي



وخلعتُ يوم البين ثوبَ شقاوتي

ودفنتُ خلفي كربتي وعنائي



ووُلِدتُ للعيش الكريم بُعيدَ ما

أشرفتُ قبلُ على شفير فَنائي



فلربيَ الحمدُ الجزيل فإنما

بعطائه ولَّى ظلامُ مسائي



فأويتُ بعدُ إلى صباح مسرَّتي

فوجدتُ من داء الشقاء دوائي





وحينما خلبَ هذا المتغرب قلبي بحديثه، وبقرَ لي شأنَه بنثيثه، احترتُ في الحُكم على الغربة، أهي راحة أم كربة! وبينما أنا أتداول بين الأمرين، وأتردد في حال المغتربين، إذ هلَّ علينا شيخ مهيب الطلعة، بهيُّ النَّزعة، فقرأتُ على وجهه سيما الحكمة والخبرة، وحدثني مرآه عما يكتنز من العبرة، فعرضت عليه حديث صاحبيَّ المختلف؛ لعلي أن أجد لديه ما به يأتلف.

فقال: اسمعوا يا أبنائي قولي؛ فإنه ليس بحولي ولا طولي، ولكنها أمانة المشورة، وزكاة الحِكم المأثورة، والتجربة المستقاة، من مرور الزمان ولُقياه. إن الإنسان في هذه الحياة القصيرة، والمدة اليسيرة، يتقلب بين أحضان الأحوال؛ من فقر إلى مال، ومن سعة إلى إقلال، ومن حزن إلى سلوان، ومن راحة إلى أحزان، فليس يعدم المرءُ في هذه الدنيا من كدرٍ في نعمائه، ومن ألطاف في بلوائه، فالحياة مشوبة بالحال وضدها، ولا يملك أحد شيئًا لردها، فالغربة وإن كان فيها أحزان ومنغصات، وذكريات تستدر الدمعات، إلا أن فيها مصالح عظيمة، ودفعًا لمضرات جسيمة، والإقامة مع الزوجة والعيال، والأقارب والآل، وترك الغربة - إيثاراً لهذه المنافع، وحرصًا على الأوطان والمرابع -؛ إلا أنها على بعض الناس فقر وإقلال، وهمٌّ وإملال. فلا أحسن من الرضا بما عليه الإنسان من الحال، وتكييف نفسه على ما قُدِّر لها من الأحوال، ومدافعة ما ينغص على المرء هناه، ويكدر عليه صفو الحياة، فمن رأى أن الغربة خير له فليصبر على آلام فراق الزوجة والبنين، وتطاول الشهور والسنين، وعلى أوجاع التعزب والحنين، ومن رأى أن الإقامة أفضل له من الظعن، وهجر الأهل والسكن، فليصبر على ما قد ينزل به من غموم القلة، ولفحات الحاجة والعيلة، ثم أنشأ يقول:


إذا ما شئت أن تحيا سعيدا

قليل الهم مرتاح الفؤادِ



طليقَ البال من قيد المآسي

فلا تسخط شؤونك في الرشادِ




وعانِقْ بالرضا المقدورَ واقطع

شَعاعَ القلبِ من وادٍ لوادِ



فما أحلى الحياة وحالتَيْها

لراضٍ – ظلَّ - عن ربِّ العبادّ






وهنا هطل على القلوب نثرُ الشيخ ونظمه، وقضى فيما جرى حُكمُه وعِلمه، فسمعنا ووعينا، ودعونا وشكرنا، فلما انفضّ المجلس عرفت من حديث الشيخ شخصه، ولم أحتج بعد دُرر حكمته فحصه، فإذا هو شيخنا الحارث بن همام، وإن أخفته عنا الأعوام تلو الأعوام.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.06 كيلو بايت... تم توفير 2.39 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]