|
|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
مرويات البصريين عن معمر بن راشد في الصحيحين
مرويات البصريين عن معمر بن راشد في الصحيحين أ. د. حسن محمد عبه جي تقدم عند الكلام على ضبط معمر: أن رواية أهل البصرة عنه تشتمل على أوهام وأغاليط، فهل ردَّ الأئمة بناء عليه كلَّ ما روي من هذه الطريق؟ والجواب بأن في المسألة تفصيلاً: فقد ردَّ الأئمة ما روي من هذه الطريق عند وجود الوهم، وذلك يتحقَّق في صورتين: الصورة الأولى: إذا روى أهل البصرة عن معمر حديثاً على وجه يخالف رواية غيرهم عنه. مثال ذلك: حديث: كوى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أسعد بن زُرارة من الشوكة. أخرجه الترمذي[1]من طريق يزيد بن زُريع قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أنس. فهذا الحديث من رواية بصري عن معمر. قال أبو حاتم[2]: (( هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، إنما هو عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل، أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد، مرسل )). وقال ابن رجب[3]: (( رواه معمر باليمن عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل مرسلاً، ورواه بالبصرة عن الزهري، عن أنس، والصواب المرسل )). وحديث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مُتعة النساء. يرويه إسماعيل ابن عُليَّة، عن معمر، عن الزهري، عن علي بن محمد بن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء[4]. قال أحمد: (( إنما هو عبدالله وحسن ابنا علي، عن أبيهما، ولكن كذا قال معمر[5])) يعني في البصرة، فإسماعيل ابن عُليَّة بصري، وقد خولف: فرواه عبد الرزاق[6]عن معمر، عن الزهري، عن الحسن وعبد الله ابني محمد بن علي، عن أبيهما محمد بن علي، أنه سمع أباه علي بن أبي طالب. ورواه أحمد[7]عن سفيان، عن الزهري، بمثل ماتقدم عند عبد الرزاق. الصورة الثانية: إذا روى معمر بالبصرة حديثاً على وجه يخالف رواية غيره من الثقات. مثال ذلك: حديث تقديم الأيمن في الشرب، وفيه: فقال عمر: أعط أبا بكر يارسول الله عندك. فأعطاه الأعرابيَّ الذي عن يمينه... الحديث. أخرجه البخاري[8]من طريق شعيب، عن الزهري، عن أنس بن مالك. وأخرجه الإسماعيلي من طريق وهيب، عن معمر، عن الزهري، عن أنس. وفيه: (فقال عبد الرحمن بن عوف) بدل (فقال عمر). قال ابن حجر[9]: (( والأول هو الصحيح، ومعمر لما حدَّث بالبصرة حدَّث من حفظه فوهم في أشياء، فكان هذا منها، ويحتمل أن يكون كل من عمر وعبدالرحمن قال ذلك؛ لتوفر دواعي الصحابة على تعظيم أبي بكر )). قلت: الاحتمال الثاني مقبول لولا اتِّحاد المخرج في هذه الرواية، فشعيب ومعمر يرويانه عن الزهري، عن أنس، ويبعد أن يكون الزهري حدَّث شعيباً فذكر عمر، وحدَّث معمراً فذكر عبدالرحمن بن عوف! ويبقى وهم معمر في البصرة هو السبب، والله أعلم. وحديث: (( مَنْ يُرِدِ الله به خيراً يُفَقِّهْهُ في الدِّين )). أخرجه البخاري[10]ومسلم[11]من طريق يونس، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن معاوية، مرفوعاً. قال الدارقطني[12]: (( ويرويه البصريون عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: عبدُ الواحد بنُ زياد، وغيرُه )). قلت: رواية عبد الواحد عن معمر، أخرجها الطبراني[13]، وقال[14]: (( لم يروه عن الزهري عن سعيد بن المسيب إلا معمر، تفرَّد به عبد الواحد بن زياد )). ودعوى تفرُّد عبد الواحد بالرواية عن معمر تردُّها رواية عبد الأعلى عنه عند ابن ماجه[15]، وهو بصري أيضاً. قال الدارقطني[16]: (( والصحيح حديث حميد عن معاوية )) انتهى، إلى غير ذلك من الأمثلة. وقبل الأئمة مارواه أهل البصرة عن معمر عند الأمن من الخطأ والوهم، وذلك بموافقة ثقة من غير أهل البصرة لما رواه البصري عن معمر، نصَّ على هذا الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله. فقد روى عبد الرزاق الصنعاني[17]حديث غيلان الذي أسلم وتحته عشر نسوة، عن معمر، عن الزهري، مرسلاً. وروى البصريون[18]هذا الحديث عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، موصولاً. قال الإمام مسلم: (( أهل اليمن أعرف بحديث معمر من غيرهم، فإنه ـ يعني معمراً ـ حدَّث بهذا الحديث عن الزهري، عن سالم، عن أبيه بالبصرة، وقد تفرَّد بروايته عنه البصريون، فإن حدَّث به ثقة من غير أهل البصرة صار الحديث حديثاً، وإلا فالإرسال أولى )) أخرجه البيهقي[19]. فقد أوضح مسلم الشرط الذي تقبل به مرويات البصريين عن معمر، وهو: موافقة ثقة من غير أهل البصرة لما رواه أهل البصرة عن معمر. وقد وجدنا في الصحيحين أحاديث لمعمر رواها عنه بصريون، وهنا نتساءل: هل التزم الشيخان بالشرط المذكور، أم حصل منهما تساهل في تطبيقه؟. أما الإمام مسلم فهو الذي نصَّ على هذا الشرط ـ كما تقدم ـ، وأما البخاري فيقول عنه الحافظ ابن حجر[20]: (( ولم يُخَرِّج له ـ يعني لمعمر ـ من رواية أهل البصرة عنه إلا ماتوبعوا عليه عنه )) انتهى. وللتَّحقُّق من توفُّر الشرط المذكور لمرويات البصريين عن معمر في الصحيحين، كان لا بدَّ من جمع تلك المرويات والنظر فيها. وقد تتبَّعْتُها في الصحيحين فبلغ عددها (38) ثمانياً وثلاثين رواية، اشترك الشيخان في (4) أربع روايات، وانفرد كل منهما بـ (17) سبعة عشر رواية، وإليك هذه الروايات مع ذكر متابعاتها من الكتابين. [1] الترمذي: محمد بن عيسى بن سَوْرة، أبو عيسى - ت 279 - (( سنن الترمذي )): كتاب الطب - باب ماجاء في الرخصة في ذلك - يعني التداوي بالكي - 4: 390 (2050) وقال: (( وفي الباب عن أُبَيّ وجابر، وهذا حديث حسن غريب )). تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرين (بيروت، مصورة دار إحياء التراث العربي). [2] (( علل الحديث )) 2: 261. [3] (( شرح العلل )) 2: 767-768، وفيه أمثلة أخرى. [4] (( العلل ومعرفة الرجال )) 2: 589 (3797). [5] المرجع السابق. [6] (( المصنف )) 7: 501 (14032)، ورواه عنه أحمد في (( المسند )) 1: 142. [7] (( المسند )) 1: 79. [8] البخاري: كتاب الشرب والمساقاة ـ باب من رأى صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة (2352). [9] (( فتح الباري )) 5: 39. [10] البخاري: كتاب العلم - باب من يرد الله به خيراً... 1: 197 (71). [11] مسلم: كتاب الزكاة - باب النهي عن المسألة 2: 719 حديث 100 (1037). [12] (( العلل الواردة في الأحاديث النبوية )) تحقيق د. محفوظ الرحمن زين الله السلفي 7: 59 (1210). (الرياض، دار طيبة، الأولى 1405). [13] الطبراني (( المعجم الأوسط )) تحقيق الدكتور محمود الطحان 6: 202 (5420)، (الراياض، مكتبة المعارف، الأولى 1415). و(( المعجم الصغير )) 2: 18 (بيروت، دار الكتب العلمية). [14] (( المعجم الصغير )) 2: 18. [15] ابن ماجه، محمد بن يزيد، أبو عبدالله القزويني - ت 275هـ - (( سنن ابن ماجه ))، طبعة محمد فؤاد عبدالباقي 1: 80 (220)، (القاهرة، دار الحديث). [16] (( العلل )) 7: 60 (1210). [17] (( المصنف )) 7: 162 (12621). [18] (( صحيح ابن حبان )) بترتيب ابن بلْبان 9: 463 (4156) تحقيق شعيب الأرنؤوط (بيروت، مؤسسة الرسالة، الثانية 1414). [19] (( السنن الكبرى )) 7: 182-183. [20] (( هدي الساري مقدمة فتح الباري )) ص 467.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |