|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
لا لتنحية العربية عن التدريس الجامعي
لا لتنحية العربية عن التدريس الجامعي أ. عاهد الخطيب كانت شكوى لغة العرب الفصحى - ولا تزال - ندرةَ استخدامها من أصحابها، وتقديم لهجاتِهم العامية عليها في سائر بلدان العرب دون استثناء، أما الهمُّ الأول في وقتنا هذا، فهو الخشيةُ على كلام العرب - فصيحِه وعامِّيِّه - من غزوِ لغات وثقافات أجنبية، وفي مقدمتها - طبعًا - اللغةُ الإنجليزية التي أثرت في كل لغاتِ العالم وثقافاته بسبب الكمِّ الكبير من التسمِيَات والمصطلحات التي تُستحدَث كل يوم، خصوصًا في المجالينِ العلمي والصناعي كنتيجة طبيعية للتطور التكنولوجي الهائل الذي تشهَدُه بلدان العالم المتقدم في كل مناشط الحياة، فنحن نستفيق كل صباحٍ لنجدَ كلمات أجنبيةً مستجدة، يتم تداولُها في أوساطِنا لمخترعات ومكتشفات جديدة، أو مصطلحات في كل حقول العلوم والمعارف الإنسانية، وخصوصًا مجال تقنية المعلومات. عمِلت مجامعُ اللغة العربية منذ نشأتها على تعريبِ واستيعاب ما يستجدُّ من هذه التسميات والمصطلحات ضمن لغتِنا الفصيحة، بالاستعانة بكلِّ ما هو متاحٌ مِن وسائل إنماء للغة، وإثرائها بألفاظ جديدة، ولكن وعلى الرغم من كلِّ هذه الجهود، فإن كثيرًا من هذه التسميات والمصطلحات المعرَّبة لم تجد طريقَها للاستخدام في التدريس الجامعي في مجالات العلوم التطبيقية؛ كالطب والهندسة؛ حيث ظلَّتْ معظمُ كليات التعليم العالي في الوطن العربي تعتمد لغاتٍ أجنبية لتدريس هذه المواضيع العلمية؛ فسادَتْ الإنجليزية في دول المشرق العربي، والفَرنسية في مَغربِه، حتى إن بعض المواضيع الأخرى غير العلمية تدرس بلغات أجنبية في بعض البلدان العربية. شجع هذا الوضعُ القائمُ البعضَ على التمادي في مطالباتهم بمدّ اعتماد الإنجليزية لتدريس المواضيع العلمية في المراحل الثانوية من المدارس، بحجة تهيئتهم للوضع الجامعي، ولا شك أن الاستجابة لمطلبٍ كهذا هو بمثابة طعنةٍ لِلُغة القرآن، وتكريس للمقولة الظالمة بحقها من مُبغِضيها بأنها عاجزة عن أن تكون لغةَ علم تواكب التطورات المتسارعة في كل حقول العلم والمعرفة. يعي الخبراءُ والمختصُّون من المتبحِّرين في لغة العرب والحريصين عليها: أن جوهرَ المشكلة ليس في اللغة نفسها، وإنما في أصحابِها الذين تفصِلُهم هُوةٌ واسعة عن الشعوب الأخرى المتقدمة في كلِّ مجالات العلوم الدنيوية، أما والحال على ما هو عليه، فهل يعني ذلك أن نجمِّدَ لغتنا لحين تحقيق الحُلم بالتقدُّم العلمي المنشود، الجواب القاطع بطبيعة الحال يجب أن يكون بـ: لا؛ لأن لغتَنا العربية فيها من مقومات ووسائل النمو أكثر من أيِّ لغة أخرى، ما يجعل منها قادرةً على تخطِّي الصِّعاب في ظروف كهذه، وأبرز ما نحن بحاجة إليه فعلاً هو تنحية التردُّد جانبًا، واتخاذ قرارات حاسمة على أعلى المستويات لتبنِّي برامجَ قويةٍ لتعريب كلِّ ما يستجدُّ على الصعيد العِلمي، وأن يرافقَ ذلك حركة ترجمة قوية ونشِطة للكُتب الجامعية، والمراجع الهامة في كلِّ الفروع والتخصُّصات العِلمية وغيرها إن لزِم، فنحن والحمد لله من هذه الناحية نمتلك كلَّ الخبرات الفنية القادرة على إنجاحِ هذا المشروع، ولن تكون تجربتنا فريدةً من نوعها؛ فقد سبقَتْنا دولٌ أخرى لتطبيق مشاريع مماثلة لحماية لغاتها من طغيانِ وهيمنة اللغة الإنجليزية، والثقافةِ الأمريكية عمومًا التي غزت العالَم أجمعَ عبر العولمة، وأبرز مثال على ذلك: فرنسا، التي هي واحدة من دول النُّخبة في العِلم والصناعة والاقتصاد، ولغتُها وثقافتها منتشرةٌ في العديد من الدول الأخرى، ومع ذلك أقرَّتْ تشريعاتٍ صارمة تُلزم دوائرَها ومؤسساتها الرسمية باستخدام لغة البلد، حتى إنها عمَدت إلى تنظيم مسابقاتٍ بين طلبة المدارس لإيجاد بدائلَ فرنسية لمصطلحات إنجليزية شائعةٍ في مجال الإعلام وتكنولوجيا المعلومات.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |