05-01-2021, 05:33 AM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,012
الدولة :
|
|
زوج بلقب.. ناشز!
زوج بلقب.. ناشز!
هدى محمد نبيه
جالسة في قاعة المحكمة في إحدى مدن مصر منتظرة أن يبدأ القاضي الجلسة، شاغلة نفسي بقراءة المرافعة الخاصة بالقضية التي سوف أترافع فيها، وإذا بعيني تقع على سيدة تجاوزت الخمسين، ولقد شد انتباهي إليها مسحة الحزن التي تغطى محياها، وتلك الدموع التي تجاهد حتى لا تتساقط على وجنتيها، أفقت من تأملاتي تلك على صوت حاجب المحكمة معلنا بدء الجلسة، وسارت الجلسة على خير ما يرام بين تأجيلات، ومطالعة أوراق، وحجز قضايا للحكم، إلى أن نادى الحاجب على قضية السيدة حواء، وإذا بها تلك السيدة التي شدت انتباهي في أول اليوم، وجدتها تقف أمام القاضي وليس معها محامى يتكلم عنها، فتعجبت كثيراً، وازداد عجبي حينما سألها القاضي: ما هي طلباتك يا سيدة حواء؟
حواء: أريد حكماً بنشوز زوجي.
تعالت الهمهمات في قاعة المحكمة بين مستنكر ومتعجب من قولها، ماذا تقول هذه المرأة؟ كيف تجرؤ على هذا القول؟
القاضي: لماذا تطلبين هذا الطلب؟
حواء: لقد سمعت كثيراً عن نشوز المرأة إذا ما خالفت زوجها وأغضبته، لكن على ماذا يحكم على الزوج إذا ما أهان زوجته وأهملها وقصر في واجباته تجاهها؟
القاضي: أرجو منكِ توضيح وجهة نظرك.
حواء: تزوجت وأنا فتاة صغيرة، وكنت وقتها لا أعمل، وبعد الزواج وإنجاب الأطفال بدء زوجي بالتغيب عن المنزل لأيام، وحينما كنت أسأله كان يتجهم في وجهي ويرد على: وماذا تريدين من وجودي جوارك؟
حواء: أريد السكن والمودة والإنفاق.
الزوج: يكفيك ما أحضره لكِ من مأكل ومشرب وليس لكي أن تحاسبيني على أفعالي فأنا القوام ولست أنت.
حواء: وهل القوامة تعنى أن تهجر بيتك بالأيام والأسابيع؟ وهل القوامة معناها أن تترك أولادك بلا نفقه أو توجيه؟
فما كان من زوجي بعد أن سمع كلامي إلا أن صفعني على وجهي، مقرراً أنني زوجة ناشز، واستحق التأديب.
ومن ذلك اليوم بدء يقلل من صرفه على المنزل إلى أن خرج، وانتظرت طويلاً مجيئه إلا أنه لم يعد، ما اضطرني للخروج للعمل، فما وجدت غير الخدمة في بيوت علية القوم، فأرى ألوان من العذاب، فهناك بشر لا يرحمون، وعيون لا تخشى الله.
تمسح حواء دموعها التي أغرقت وجهها وتكمل قصتها مع زوج لا يرحم.
حواء: استمريت في العمل إلى أن حصل ابني الكبير على بكالوريوس التجارة وسافر إلى المملكة العربية السعودية للعمل، كما تخرج ابني الأصغر من كلية الآداب وعمل بمهنة التدريس، بارك الله فيهما أجلساني في المنزل وقاما بالصرف على.
القاضي: وأين زوجك من كل هذا؟
حواء: طوال السنين الماضية لم يقم بواجب النفقة علي ولا على أولاده، كان يسافر للعمل ويسهر ويمرح مع أصدقائه، ولقد صبرت وفوضت أمري إلى الله.
القاضي: إذا ما الذي جعلك تلجئين إلى القضاء؟
حواء: بعد صبري طوال تلك السنوات، وبعد أن أثمر مجهودي بولدين بارين، أرسل لي ابني الأكبر لكي الحق به في السعودية لأداء فريضة الحج، وعند إنهاء إجراءات سفري كان لا بد من أخذ أذن الزوج لكي أسافر، فما كان منه إلا أن رفض، وطلب مني أن أدفع له مبلغ كبير من المال حتى يوافق على سفري.
أبعد كل هذا الصبر؟ أبعد كل هذا الهوان والحرمان؟ وحينما أجد أخيراً ما يفرح قلبي الذي أنهكته السنين، اصطدم بهذا الزوج الذي لم أجد منه غير كل ألم ومعاناة.
بعد هذه الصدمة قررت أن أضع حدا لآلامي، وقررت أن أطلب من القضاء وضع حداً لما أنا فيه من عذاب، فهل أجد عندكم ما يريح سيدة وأم من تسلط وإهمال ونشوز هذا الزوج؟
القاضي: هل تطلبين انفصالك عن هذا الزوج؟
حواء: نعم.
القاضي: في هذه الحالة عليكِ أن تعيني أحد المحامين ليرفع دعوى خلع وتردين إلى زوجك مهره.
حواء: نعم سوف أفعل.
وحينما خرجت حواء من قاعة المحكمة التف حولها العديد من المحامين، كل واحد منهم يريد أن يكون محاميها لكي يعيد لها بسمتها مرة أخرى لتلحق بابنها حاجة بيت الله الحرام.
خرجت من قاعة المحكمة متذكرة كم المعارضات التي واجهت قانون الخلع حينما صدر، فكثير من الرجال عارضوه، والكثيرات من النساء استغلوه أسوء استغلال، فلو علم كلا من الزوجين أحكام الشرع في التعامل فيما بينهما، ومراعاة كلا منهم لحقوقه وواجباته، والالتزام بالأخلاق الإسلامية من جانب كلا منهما لما حدثت كل تلك المشكلات، وما كنا لجئنا إلى القضاء لفض منازعات سبق وأن ناقشها وحلها ديننا الإسلامي الحنيف.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|