مظلوم أنت أيها النثر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16157 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3109 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 94 )           »          أحكام شهر الله المحرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أحاديث صوم المحرم في الكتب الستة رواية ودراية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          عاشوراء.. مدرسة الولاء والبراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-07-2019, 10:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,558
الدولة : Egypt
افتراضي مظلوم أنت أيها النثر

مظلوم أنت أيها النثر



حسب الله مهدي فضله




مظلوم أنت أيها النثر،
أيها الفنُّ الجميل العظيم، كم تعاني وتتجرَّع مرارةَ الظلم والاضطهاد! وهما السمتان اللتان أصبحتا من أهم مميزات عصرنا الحاضر، ولكنك عانيتَ مرارتهما وحدَك منذ مئات السنين، كلُّ دعوات وثورات التحرُّر مرتْ على هذا العالم، واستفاد منها من استفاد؛ لكنك وحدك لم تجد أثرًا لهذه الاستفادة، إن كلَّ ما نلته من هذا التحرر يتمثل في فكِّ بعض القيود التي أثقلك بها بعضُ البشر في فترة من الفترات، ثم أحسُّوا بثقل هذه القيود على أنفسهم، قبل ثقلها عليك، فعادوا وحطَّموها، وادَّعَوْا أنهم بذلك قد قدَّموا إليك منَّةً عظيمة، وأسدَوْا إليك يدًا ينبغي أن تقابلها بالشكر والإذعان، مع أنهم لو وجدوا في أنفسهم استمتاعًا بهذه القيود التي أثقلوك بها، لما فكَّر أحد منهم في تخليصك منها؛ ولكنها الأنانية المفرطة، والاستبداد الذي جُبِلَتْ عليه نفوسُ البشر، والتمسوا له المبررات الواهية من قبيل قول أحدهم: إِنَّمَا العَاجِزُ مَنْ لاَ يَسْتَبِدّ.

نعم أيها النثر، لقد جرَّني الحديثُ، وكدتُ أبتعد عن قضيتك المصيرية التي أريد أن أنصفك فيها، ولكن ها هو غريمُك ينبِّهني إليها من خلال هذا الشطر الذي قذفه على لساني (من ديوان ابن أبي ربيعة)؛ ليثبت أنه ما زال سيدَ الساحة، وأنه هو الذي يُكسِب الكلامَ جمالَه ورونقه، وأن الكلام مهما كان جميلاً، إذا خلا منه، فهو كالحسناء العاطلة عن الحلي والزينة، إلى آخر تلك الادِّعاءات التي استطاع تمريرَها وترسيخَها في الأذهان، من خلال سيطرته على وسائل الإعلام المختلفة قديمًا وحديثًا، والإعلام كما تعلم - عزيزي النثر - أصبح من أخطر الأسلحة التي تحقِّق الانتصارات بأقل قدر من التكاليف، أو على الأقل بأقصى قدر من التستر عليها.

نعم أيها النثر، إن قضيتك المصيرية التي تستحق أن تناضل من أجلها، وتطالِبَ العالمَ بالاعتراف بها - هي قضية مساواتك بالشعر، أو بالأحرى، هي حقُّك في الاستقلال الكامل غير المشروط عن هذا الغريم، المدعو "الشعر"، الذي أصبح يملي عليك شروطه، ويفرض عليك أن تتقمص شخصيته، وترتدي شعاره، وتكون تابعًا له في كل شيء.

إن مأساتك - يا عزيزي - ليست وليدة اليوم؛ بل إن لها جذورًا ضاربة في أعماق التاريخ، منذ أن انحاز العرب إلى صفِّ الشعر، واعتبروه ديوانَهم الأول - وهذا من حقهم أن يختاروا لهم ديوانًا يعجبهم - لكن أليس من الغريب أن يبلغ تحيُّز هؤلاء العرب إلى جانب صديقهم المدلل "الشعر"، إلى درجة أن يصرُّوا على تجريدك من ذلك الوسام الرباني الذي شرفك الله به، حين أنزل بك أعظم الكتب، واختارك وسيلةً لتبليغ كلامه القديم إلى الناس كافة؟! وما أعظمَها من منقبة! وما أجلَّه من تكريم!

إن هؤلاء العرب المتحيزين للشعر استعظموا أن يوجد كلام على هذا المستوى العظيم من الإعجاز، وهذا السمو البلاغي، دون أن يكون للشعر فيه مجال، ودفع بهم التعصب الأعمى إلى قلْب الحقائق، فأعلنوا أن هذا الكلام شعر، برغم معرفتهم التامة بحقيقة الشعر، وأنه أبعد ما يكون عن أسلوب هذا الكلام المعجز الخالد، ولكنه التعصب والجهل يُعمي الأبصارَ، فلا تستطيع التمييزَ بين الليل والنهار.

وإذا كان لهؤلاء بعضُ العذر، المتمثِّل في اتصافهم بصفة (الجاهلية)، وسوَّغ لهم هذا الانحراف العقدي والفكري والفني، بإطلاقهم صفةَ الشعر على القرآن، فما عُذر بعض إخواننا في هذا العصر، عصر التنوير والتحرير، وعصر الانفتاح، وعصر الحقوق، وعصر… وعصر... إلخ، ما عذر هؤلاء حين يصرون على تجريدك من كل سمات الجمال والإبداع، حين يفرضون عليك مرة أخرى أن تكون تابعًا ذليلاً لذلك الغريم القديم "الشعر"؟!

أليس من الغريب أن يستغلَّ هؤلاء الأقوامُ طبيعتَك المتدفقة التي لا تعرف القيود والحدود، فيكتبوا بك بعض المقالات الرائعة المحلقة في سماوات الإبداع، والتي كان من حقك أن ترفع بها صوت الفخر والاعتداد، وتجر ذيلك فخرًا وتيهًا، وتكاد بأخمصك أن تطأ الثريَّا؛ لكنهم يعودون فيخذلونك في آخر لحظة، وينتزعون منك هذه المفخرة، فيهجنون ما كتبوه، ملتمسين من غريمك أن يمنَّ على إبداعهم هذا بنعمة التبنِّي؛ ليكتسب بها صفة السمو والخلود، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء الإجابة على هذا التساؤل البريء: ألا يستحق الإبداع النثري صفة الروعة والخلود، إلا إذا ارتدى ثوبًا مستعارًا من غيره، فوصف بأنه (قصيدة)؟!

ترى، لماذا يصرون على تجريدك من كل خصائص الروعة والجمال، ويحرمونك من جميع عناصر الجاذبية والتشويق؟!

لقد تنافستَ مع غريمك الشعر على هذه العناصر، واستعان عليك بمؤيديه القدامى، الذين حاولوا أن يجردوك من جميع هذه الخصائص؛ من خيالٍ محلِّق، وعاطفة جياشة، وبيان مبدع، وغير ذلك، وقصروا دورك على معالجة المواضيع العقلية المحضة، ولكنك انتصرتَ عليهم جميعًا، حين أثبتَّ أن هذه العناصر يمكنها أن تجد في ظلالك الوارفةِ كلَّ وسائل الرعاية، ومقومات النمو السليم، دون أن تضطر للجوء إلى التمسح بأعتاب الشعر، وأن تستجدي منه مشروعية أو اعترافًا.

أما الخاصية الوحيدة التي تنازلتَ عنها لغريمك، ليس من باب العجز، وإنما رغبةً في التميز والتفرد، فتلك خاصية الوزن والقافية، أو لنقُلْ: خاصية الإيقاع الموسيقي، التي رأيتَ أنك لست بحاجة إليها؛ لأنها هي الخط الفاصل بين شخصيتك المتميزة، وبين شخصية غريمك، ولو أنك سعيت إلى تحصيلها، لكنت شيئًا آخرَ غير النثر، وهذا ما لا ترضاه لنفسك، ولا ترضاه لخصمك الذي تعامله بكل تجرد وموضوعية، دون أن تدفعه لإلغاء شخصيته، أو أن تذوب أنت فيها.

لكن روحك المتسامحة، وموضوعيتك الرائعة هذه، يبدو أنها أغرت بعض "المغرضين" من أنصار الشعر، أو أنصارك المفتونين بالبريق الإعلامي للشعر، فأصبحوا يُغِيرون على رياضك الغنَّاء، يقطفون منها الأزهار العطرة، والثمار اليانعة، ثم يهرعون بها إلى ركاب الشعر، فيتزلفون إليه، ليحصلوا منه بشق الأنفس على تصريح مقتضب بأن هذه الأزهار يمكنها أن تنال شرف الانتساب إليه، وأن في شرايينها أو خلاياها قدرًا من (جينات الشاعرية)، فيعودون فرحين مستبشرين، معلنين عن ميلاد نوع أدبي جديد هجين - ولا أقول: مستهجن - يسمى (قصيدة النثر!).

عفوًا - عزيزي النثر - لا أريد أن أثير شجونك بهذا الحديث، ولا أريد أن أدفعك إلى الاشمئزاز أو التألُّم؛ وإنما أريد أن أواسيك بألاَّ تبتئس ولا تحزن لهذا الإجحافِ، والجحودِ، والتنكرِ لحقوقك المشروعة في ضمِّ هذا الفرع الأدبي الرائع إلى مكانه الطبيعي، بين أفراد أسرتك الواسعة، باعتباره ابنًا شرعيًّا لك لا ينافسك فيه منافس، مهما ألبس من أثواب مستعارة، فليس فيه حتى شبهة الأرحام المستأجرة؛ ليدَّعيه غيرك.

لكن أود أن أطمئنك - عزيزي النثر - أنك لستَ الضحيةَ الوحيدة لمثل هذه الإغارة أو انتقاص الحقوق؛ فهذه سمة سائدة في عصرنا الحاضر، تأذَّتْ منها الدول الكبيرة والصغيرة، والأفراد والمؤسسات، على حد سواء، حتى في عالم الاقتصاد، نجد كثيرًا من الشركات تُصَنِّع وتنتج في دولةٍ ما، ثم تلصق على إنتاجها شعارًا مستوردًا، لتقول إنه: (صنع في اليابان) مثلاً، دون أن يكون لهذا الشعار أيُّ أثر في محتوى الإنتاج، إلا هذا الاسم الإعلامي.

وأخيراً:
أهمس لك بسرٍّ خطير بيني وبينك عند كتابتي لهذا المقال، أكشف لك عن مؤامرة؛ لكنها لا تمتُّ بصلة إلى (نظرية المؤامرة) المشهورة، إنها مؤامرة أدبية، فقد علمتْ (مملكة عبقر) من جواسيسها المنبثين في صدري بنبأ رغبتي في الكتابة عن هذا الموضوع، فما كان منها إلا أن أرسلتْ إليَّ بعض عملائها؛ ليفاوضني في إخراج هذه الفكرة في قالب شعري؛ أي: أن أكتب هذا المقال على نسق (قصيدة الشعر) - إن صح التعبير - وقد بذلتْ لي مملكة عبقر كلَّ وسائل الإغراء، ووعدتْ بأن تهيئ للقصيدة إخراجًا فنيًّا راقيًا، تستحق أن تنال به لقب (قصيدة عصماء).

وصدِّقني - عزيزي النثر - لقد استهوتْني الفكرة، وكدتُ أن أقع في الفخ (الشعري) الذي نسجه لي (جواسيس عبقر)، ولكني انتبهتُ في اللحظة الأخيرة إلى مضمون هذه الخدعة، لقد أرادت عبقر أن تدفعني إلى كتابة (قصيدة) في الدفاع عن النثر؛ لتتباهى مرة أخرى بأن النثر لا يزال عالةً على الشعر، حتى الدفاع عن حقوقه المشروعة، لا يجده إلا تحت غطاء من الشرعية الدولية، أقصد الشرعيةَ الأدبية العليا، التي أصبحت في ظلِّ سيادة (أدب القطب الواحد) تقف دون مداراة أو تستُّر، إلى جانب غريمك أو (شقيقك اللدود) الشعر، وما أدراك ما الشعر؟!



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 56.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.06 كيلو بايت... تم توفير 1.92 كيلو بايت...بمعدل (3.37%)]