|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
صعوبة علم أصول الفقه والتزهيد فيه: رؤية تقويمية
صعوبة علم أصول الفقه والتزهيد فيه: رؤية تقويمية عمرو عبدالله ناصر بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وآله وصحبه أجمعين، أما بعد: ♦ فقد جاءت شريعة الله سمحةً سهلةً، ويلزم من كونها كذلك يُسْرُ علومها المُوصلة إلى مرادها ومقصودها.وعليه فما قد يُدعى إليه من ترك علم أصول الفقه بحُجَّة أنه علم عسر وعر شابَهُ ما ليس منه ونحو ذلك من النزعات التي تُزهِّد في علم أصول الفقه فليست حكيمة ولا صائبة؛ فإنها لا تسلم من إشكالات في النظر والعمل. وعلماء الإسلام لم ينتظموا على الغفلة عن التَّصحيح والتَّصويب فيما قد يشوب بعض العلوم من الدَّخيل والغريب، ومظانُّ ذلك معروفة. ♦ ويُسر علوم الشريعة في الجملة لا يلزم منه ألا ترِد مسائل دقائق تكون من عويص العلم ومُشكل المباحث. فلا تَظهر غوامضها ومفصّل معانيها لآحاد الناظرين؛ فثَم قدر من العلم لا يدركه إلا من أوتي توفيقًا وقدَمًا راسخة في العلم. فإن كتاب الله العظيم -وهو أشرف علم- قد حوى مسائلَ وجُملًا لا يصيب مرادها إلا من أوتي في العلم حظًّا عظيمًا؛ كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: 7]. ♦ وعليه فلا تُنكر الصعوبة التي تصدُق في بعض مسائل أصول الفقه؛ ففي كل علم ثَمَّ قدر من المسائل لا يتأتَّى بلوغ مرامها إلا للمحقِّقين والراسخين، وتكثر وتقلُّ بحسب ذلك العلم؛ لكن هذا لا يلزم منه وصف علم الأصول جملةً بالصعوبة والعُسْر؛ ومن ثَمَّ يُنبَذ ويُطَّرح. ثم إنَّ الصعوبة التي تُقال في علم الأصول هي على قسمين: الأول: المسائل الغوامض التي تستدعي دقةً في الفهم وإحكامًا في النظر؛ فهذا يقع في كافة العلوم، وتقلُّ تلك المسائل وتكثُر بحسب ذلك العلم؛ لذا جاء في الشريعة مدح الراسخين في العلم وامتاز شأنهم ومنزلتهم عن سائر الخَلق. الثاني: المسائل الدخيلة التي أُقحِمت في علم الأصول إقحامًا وهي ليست منه من القضايا الناشئة عن المعارف المنطقية والمناهج الكلامية والطرائق الجدلية المقولة بأوجه من الفلسفات والنظريات الطارئة والمُباعدة سَنن الشريعة، ثم طالت هذه الوثبة علومًا أخرى كعلم العقيدة وعلم البلاغة وبعض علوم الحديث[1]. قال ابن الصلاح منكرًا فعلة الغزالي بخلطه علم المنطق بعلم أصول الفقه: (ولقد أتى بخلطه المنطق بأصول الفقه بدعةً عظُم شُؤمها على المتفقِّهة؛ حتى كثُر بعد ذلك فيهم المتفلسفة، والله المستعان)[2]، وبعد: فإن علم أصول الفقه من علوم الإسلام الجليلة الموصلة إلى فهم كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ونَبذُه مفضٍ إلى التخبُّط في الجَهلاء، فقد قال القرافي: (لولا أصول الفقه لم يثبت من الشريعة قليلٌ ولا كثيرٌ)[3]. وعلى من أوتي علمًا وتفهيمًا أن يدفع عن ذلك العلم الشريف؛ فمن شروط العالِم بعلمٍ أن يكون قادرًا على درْءِ الشُّبه والإشكالات الموجهة إليه والواردة عليه[4]. وأن يُمهِّد أصول هذا العلم ويُيسِّر تراتيب تعلُّمه وفِقْهه؛ لتعيه قلوب الآخذين وتتلقَّاه أفئدةُ الطالبين. [1] ينظر: غمرات الأصول لمشاري الشثري (53). [2] طبقات الفقهاء الشافعية (1 /254). [3] نفائس الأصول (1/ 100). [4] ينظر: الإفادات والإنشادات للشاطبي (107)، والموافقات له (1/ 140).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |