العدول عن الخطبة.. مشكلات وحلول - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ماذا يأكل المسلمون حول العالم؟ استكشف سفرة عيد الأضحى من مصر إلى كينيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 121 )           »          طريقة عمل الفتة بخطوات سريعة.. الطبق الرسمى على سفرة عيد الأضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 93 )           »          مقاصد الحج (ليشهدوا منافع لهم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 105 )           »          آللَّهِ ما أَجْلَسَكُمْ إلَّا ذَاكَ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 88 )           »          أحكام وفضائل يوم النحر وأيام التشريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 106 )           »          أحكام الأضحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 106 )           »          يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 118 )           »          الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 103 )           »          خطبة الأضحى 1445 هـ: الكلمة مغنم أو مغرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 99 )           »          خطبة عيد الأضحى: { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 127 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-09-2023, 07:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,519
الدولة : Egypt
افتراضي العدول عن الخطبة.. مشكلات وحلول

العدول عن الخطبة.. مشكلات وحلول
نجاح عبدالقادر سرور

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله؛ أما بعد:
فقد كثُرت كثرة هائلة وقائعُ العدول عن الخِطبة، وازدادت مشكلات هذا العدول ازديادًا كبيرًا، وانتشرت الخلافات بين الأُسَرِ، وانقلبت العلاقة بين الأُسَرِ من وُدٍّ ومحبة، إلى عداوات سافرة، والسبب في ذلك يرجع في المقام الأول إلى البعد عن تعاليم شرعنا الإسلامي الحنيف وبساطته، فعقَّدنا أمور الخِطبة وما يتعلق بالزواج تعقيدًا عظيمًا؛ بدءًا من سوء الاختيار، مرورًا بتعقيدات الشَّبْكة والجهاز والأثاث، مع طول مدة الخِطبة التي ربما دامت سنوات، وانتهاءً بالاحتفالات التي في معظمها مخالفات، ناهيك عن البذخ والإسراف المشين، لقد خرجنا - في معظمنا - عن النصِّ، وابتعدنا عن بساطة التشريع الإسلامي التي كانت هي الأساس في عصورنا القديمة الزاهية، فجَنَيْنَا من هذه التعقيدات انعدام البركة، وانتشار الخلافات والعداوات، والخصام والقطيعة، فماذا عن مشكلات العدول عن الخِطبة؟ وما الحلول الشرعية لهذه المشكلات؟ نجتهد في بيان ذلك في نقاط محددة مختصرة مدعومة بالأدلة:
الخِطبة وعدٌ بالزواج وليست زواجًا، وهذا الوعد غير مُلْزِمٍ عند جمهور الفقهاء[1]؛ يقول د/ محمد بلتاجي: "وقد حسمت محكمة النقض المصرية هذا الأمرَ حين قررت أن الخِطبة ليست إلا تمهيدًا لعقد الزواج، لا يُقيَّد أحدٌ من المتواعدين به، (نقض في 14 ديسمبر 1939)"[2].

الصحيح عند فك الارتباط بين الخاطب ومخطوبته أن نقول: العدول عن الخِطبة، وليس فسخ الخِطبة؛ لأن الفسخ لا يكون إلا للعقود، والخِطبة ليست عقدًا، بل مجرد وعد بالزواج.

من حق الخاطب والمخطوبة العدولُ عن الخِطبة دون إبداء الأسباب؛ وقد استدل الحنفية والحنابلة الذين قالوا بجواز العدول عن الخِطبة - وهو رأي الجمهور- بما يلي:
أولًا: عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خِطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب))[3].

فقوله صلى الله عليه وسلم: ((حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب)) يُثْبِتُ للخاطب الأول حقَّ التَّرْكِ، وأجاز له التنازل للخاطب الثاني، فالنبي صلى الله عليه وسلم يجوِّز العدول عن الخِطبة، ويصوِّر هذا العدول بصورتين: الترك، أو إعطاء الإذن للغير كي يتقدم لخطبة الفتاة، وفيه إشعار بإسقاط الحق، النابع من العدول عن الخِطبة، ولم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم جواز الترك معلَّقًا على سبب، بل جعله حقًّا للخاطب الأول.

ثانيًا: إن عليًّا رضي الله عنه خطب بنت أبي جهل، فلما أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عليٌّ عن الخِطبة[4].

عند العدول عن الخِطبة يجب ردُّ ما دُفِعَ من المهر (الشبكة)، وكذلك الأشياء الثمينة كالشقة والأطيان، والمحمول واللابتوب، وما إلى ذلك، إذا قال الخاطب بيمينه أنه أعطاها لخطيبته كجزء من المهر، ولم يُعْطِها إياها على سبيل الهدية؛ يقول ابن قدامة: "إذا قدَّم الخاطب لخطيبته مالًا أو هدايا ثمينة، ثم عدلا عن الخِطبة أو أحدهما واختلفا، فهو يدَّعي أنه دفعها صداقًا، وهي تدَّعي أنه دفعها هبة، وليس هناك عرف يضبط المسألة، فالقول قوله مع يمينه عند الحنفية والشافعية؛ لأن الهدية لا تصح بغير قول، وعند الحنبلية: القول قوله بلا يمين؛ لأنه أعلم بما نواه، ولا تطلع المرأة على نيته"[5]، ونص الحنفية - وكذا في سائر المذاهب - على أن للخاطب أن يسترد ما دفعه على حساب المهر عينًا إن كان قائمًا، أو عوضه إن كان قد هلك أو استُهلك"[6]، والأصل في ذلك حديث: ((لا ضررَ ولا ضِرَار))[7].

عند العدول عن الخِطبة الهدايا المستهلَكة والمستعمَلة لا تُرَدُّ، والهدايا التي لم تُستعمل تُرَدُّ؛ سواء كان العدول من جهة الخاطب أو من جهة المخطوبة، والفقهاء انقسموا إلى فريقين في حكم الهدايا حال العدول عن الخِطبة:
الفريق الأول: يجيز للمُهدي الرجوع مطلقًا؛ وهم الحنفية وبعض الشافعية.

وقد استدل هذا الفريق الأول على جواز الرجوع في الهبة بالسنة المطهرة؛ فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من وهب هِبَةً فهو أحقُّ بها ما لم يَثُب منها))[8]، فقد جعل الواهبَ صاحبَ حقٍّ، بل له الأولوية في هِبَتِهِ ما لم يصل إليه العِوَض من الموهوب له.

الفريق الثاني: يجيز للمهدي الرجوع إذا لم يكن هو المتسبب في العدول، بل كان العدول من الطرف الآخر، وذهب إليه المالكية في المعتمد عندهم، وبعض الشافعية، وهو قول الحنابلة، واستدل هذا الفريق الثاني بأن الْمُهْدِي قد قدم هَدِيَّتَه بشرط إتمام الزواج، والطرف الْمُهْدَى إليه قد فوَّت هذا الغرض على الواهب؛ فلا يجمع بين فوات الغرض وذهاب هديته[9].

عند العدول عن الخِطبة، ما مصير الأموال النقدية البسيطة التي أعطاها الخاطب لمخطوبته على سبيل الهدية، وهو ما يسمى (الموسم)؟ هذه الأموال لا تُرَدُّ؛ لأنها هدية، وليست قرضًا، وليست من المهر.

العدول عن الخِطبة شيء مستقل تمامًا عن الأفعال التي يمكن أن تكون سبَّبت ضررًا للطرف الآخر.

العادل عن الخِطبة لا يُحاسَب على مجرد عدوله عن الخِطبة، وإنما يُحاسَب على الأفعال المستقلة التي سبَّبت ضررًا للطرف الآخر؛ مثل: التشهير، أو السب، أو ما إلى ذلك؛ يقول د/ محمد بلتاجي: "وقد حسمت محكمة النقض المصرية هذا الأمرَ حين قررت أن الخِطبة ليست إلا تمهيدًا لعقد الزواج، لا يُقيَّد أحد من المتواعدين به، فلكلٍّ منهما أن يعدل عنه دون أن يكون مهدَّدًا بالتعويض بسبب هذا العدول ذاته، ولكن إذا كان الوعد بالزواج والعدول عنه – باعتبار أنهما مجرد وعد فعدول – قد لازمتهما أفعال أخرى مستقلة عنهما استقلالًا تامًّا، وكانت هذه الأفعال قد ألحقت ضررًا ماديًّا أو أدبيًّا بأحد المتواعدين، فالوعد والعدول في ذاتهما ليسا مستوجِبَينِ للتعويض، لكن هذه الأفعال بغض النظر عن العدول المجرد أفعال ضارة موجبة للتعويض (نقض في 14 ديسمبر 1939)"[10].

لا يحاسب العادل عن الخِطبة على العدول، حتى وإن طالت مدة الخِطبة؛ لأن هذا تم بالرضا والقبول، مع العلم بأن من حق كل طرف ترك الخِطبة في أي وقت، إذا أحس بأنه لا توافق مع الطرف الآخر؛ يقول د/ محمد بلتاجي مستشهدًا بحكم لمحكمة النقض: "مجرد العدول عن الخِطبة لا يُعَد سببًا موجِبًا للتعويض مهما استطالت مدة الخِطبة، إلا إذا اقترن هذا العدول بأفعال أخرى مستقلة عنه ألحقت ضررًا بأحد الخطيبين (نقض في 15 نوفمبر 1962)، واستقرت أحكام النقض على هذا المبدأ"[11].

الحكم على الناس في الدنيا يكون بالظواهر وليس بالنيات، فلا يقال للعادل عن الخِطبة: إن نيتك كانت مُبيَّتة للعدول لغرض في نفسك، فهذا قول باطل، فنحن لا نحكم على الناس بالنيات ولكن بالظواهر والوقائع، ومشهور حديث أسامة بن زيد قال: ((بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَرِيَّةٍ، فأدركت رجلًا فقال: لا إله إلا الله، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها خوفًا من السلاح، قال: أفَلَا شَقَقْتَ عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ فما زال يكررها عليَّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذٍ))[12]، وأيضًا الحديث المتفق عليه؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: ((إني لم أُومَرْ أن أنقِّب عن قلوب الناس ولا أشقَّ بطونهم))[13].

من الواجب في بدايات الخِطبة وأثناء الاتفاق على ما يخص هذا الأمر من تحديد للمواعيد، ومقدار المهر، ونوعية الأثاث، وما إلى ذلك، من الواجب أن يتم أيضًا وضع النقاط على الحروف دون حرج، والاتفاق على ما يتم إذا لم يشأ الله إتمام هذا الزواج، وتم العدول عن الخِطبة، وبيان حق كل من الخاطب والمخطوبة إذا تم هذا العدول، ليكون ذلك مبعدًا عن النزاع والخلاف، والأهم من كل ذلك الأخذ بما قلناه في صدر هذا المقال من العودة إلى بساطة شرعنا الإسلامي السمح الحنيف؛ لأن في ذلك الخير كل الخير.

هذا والله أعلم، وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

[1] بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله لفتحي الدريني 2/ 514.

[2] أحكام الأسرة في التشريع الإسلامي، د/ محمد بلتاجي، ص65.

[3] البخاري، الجامع الصحيح، 5/ 1975، برقم (4848).

[4] ابن حجر، فتح الباري، 7/ 86.

[5] المغني، لابن قدامة، 7/ 181.

[6] التعليقات المرضية، المادة (110)، ص36.

[7] أحمد 5/ 55.

[8] المستدرك على الصحيحين للحاكم 2/ 60.

[9] الهيتمي، الفتاوى الكبرى، 4/ 94.

[10] أحكام الأسرة في التشريع الإسلامي، د/ محمد بلتاجي، ص64- 65.

[11] أحكام الأسرة في التشريع الإسلامي، د/ محمد بلتاجي، ص65.

[12] مسلم 1/ 96.

[13] البخاري 5/ 163، ومسلم 2/ 742.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.44 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.15%)]