في قديم الزمان لم يكن الأولاد إلا حكاية واحدة يروونها لهم في كل البلاد. هذه الحكاية كانت تأتيهم من مملكة بعيدة، ألفها لهم رب أسرة من أربعة أولاد، تولی كل ولد منهم سردها خلال أسبوع بكامله ، أمام الملك والحاشية وجموع الناس والأولاد في باحة القصر الملكي… وما إن ينتهي الأسبوع الأول في رواية القصّة حتى يعيدها الولد الثاني في الأسبوع الثاني من الشهر، ثم الولد الثالث في الأسبوع الثالث ، والرابع في رابع أسبوع من الشهر. ومع أبتداء الشهر الجديد تعاد الكرة كما في الشهر السابق وما قبله..
هذه القصة الوحيدة كانت حوادثها تدور في إحدى القرى.. في قرية، ذهب فتی یملأُ جرته بالماء، وبدلاً من ملئها من النهر العذب، ملأها من ماء البحر المالح، فعاقبته أمه ومنعته من اللّعب.. مرّت سِنون عديدة على هذه المملكة، والأولاد لا يعرفون سوى هذه القصة، حتى بدت المملكة بأسرها مملة ضجرة. ففي كل مساء، أثناء سرد القصّة ، يتثاءب الملك مرارا، وينام الجنود والخدم،
حدوته قصيرة قبل النوم ويتعارك الصغار فيما بينهم، وتتضجّر الأمهات منهم، وينفر الآباء من الضّجيج، وتذبل الأزهار وتيبس الأشجار، وتجف المياه وتغادر الطيور أعشاشها.