مكارم الأخلاق - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 774 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 128 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 90 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-01-2020, 05:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي مكارم الأخلاق

مكارم الأخلاق (1)


خالد سعد النجار



بسم الله الرحمن الرحيم
مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم .. سنة الأنبياء، وصراط العقلاءِ، ومختار النبلاءِ، ومجد الفضلاء .. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِي اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ» [البيهقي]
وقد أدرك حكيم العرب (أكثم بن صيفي) سر دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- .. فقد روى الحافظ أبو يعلى: أن أكثم بن صيفي بلغه مخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- فأراد أن يأتيه، فأبى قومه أن يدعوه وقالوا: أنت كبيرنا لم تكن لتخُف إليه، قال: فليأته من يبلغه عني ويبلغني عنه، فانتدب رجلان، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقالا: نحن رسل أكثم بن صيفي، وهو يسألك من أنت وما أنت؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « أما من أنا فأنا محمد بن عبد اللّه، وأما ما أنا فأنا عبد اللّه ورسوله، قال: ثم تلا عليهم هذه الآية»: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[النحل:90]، قالوا: ردد علينا هذا القول، فردد عليهم حتى حفظوه، فأتيا أكثم فقالا: أبى أن يرفع نسبه، فسألنا عن نسبه فوجدناه زاكي النسب، وسطاً في مضر - أي شريفاً - وقد رمى إلينا بكلمات قد سمعناها، فلما سمعهن أكثم قال: إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن مَلائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤوساً ولا تكونوا فيه أذناباً. [أي أسرعوا إلى اتِّباعه تكون لكم فضيلة الأسبقية، ولا تتأخروا فتكونوا أذناباً مؤخرين].
وساحة الأخلاق الكريمة لا يرتادها إلى ذوي النفوس الجليلة .. فقد أخرج ابن عساكر عن سعيد بن العاص: "لو أن المكارم كانت سهلة لسابقكم إليها اللئام لكنها كريهة مرة، لا يصبر عليها إلا من عرف فضلها".
يقال أن من تمام ثبات القلب أن ينعس في المعركة، قال تعالى: { {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ} } [الأنفال:11]
ومشاهير الشجعان في الإسلام كانوا ينعسون وسط المعركة علامة على قوة قلوبهم، وقد ذكر ابن كثير في «البداية والنهاية» عن (شبيب بن يزيد) الخارجي البطل الكبير وهو من قوادهم أنه ما سُمع بأشجع منه بعد الصحابة، كان في ستين رجلاً يلقى ثلاثة آلاف فيهزمهم، وكان ينعس قبيل المعركة على بغلته، وهذا من شجاعة قلبه ومن حماسته ينعس والصفوف أمامه، حتى إن زوجته واسمها غزالة كانت مثله في ثبات القلب، دخلت الكوفة، فأرهبت الكوفة كلها، والحجاج كان أمير الكوفة في ذاك الوقت، فلما دخلت من باب الكوفة الشرقي خرج هو من الغربي، فدخلت بعمود في يديها تضرب باب الإمارة وتقول للحجاج: اخرج يا عدو الله، ثم ارتقت منبر الجامع، فخطبت خطبة، فقال أحد المسلمين للحجاج: يا ذليل تقتل علماء المسلمين وتقتل ضعفاء المسلمين، ولما أتت غزالة الخارجية هربت منها.
وقال شاعر الخوارج الشهير (عمران بن حطان) في الحجاج حين دخلت غزالة الخارجية مسجد الكوفة:
أسد علي وفي الحروب نعامة ... فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى ... بل كان قلبك في جوانح طائر
صَدَعت غزالة قلبه بفوارس ... صدع الزجاجة ماله من جابر
وكان عمران بن حِطّان من رؤوس الخوارج، قيل عنه: مفتي الخوارج وزاهدها وشاعرها وخطيبها الأكبر، وهو الذي مدح ابن مُلْجِمٍ لقتله على بن أبى طالب في أبيات قال فيها:
يا ضربة من تقيّ ما أراد بها .. إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره حيناً فأحسبه .. أوفى البرية عند الله ميزانا
فعارضه شاعر أهل السنة فقال:
يا ضربة من شقي ما أراد بها .. إلا ليبلغ من ذي العرش خسرانا
إني لأذكره حيناً فألعنه .. لعناً وألعن عمران بن حطّانا
ومعلوم أن شر الذين يبغضون علي -رضي الله عنه- هم الخوارج الذين كفَّروه، واعتقدوا أنه مرتد عن الإسلام، واستحلُّوا قتله تقرباً إلى الله تعالى.
فأخذ الحجّاج يطارد عمران بن حطان ويطلبه طويلاً حتى ظفر به. فقال للحارس: اضرب عنق ابن الفاعلة. فقال عمران: بئسَ ما أدَّبك أهلُكَ يا حجاجُ، أكنتَ أمِنتَ أن أُجيبك بمثل ما لَقيتَني به؟ أبعدَ الموت منزلةٌ أصانعُك عليها؟
فأَطرق الحجاجُ استحياءً، وقال: خلُّوا عنه، فخرج إلى أصحابه. فقالوا: ما أطلقكَ إلا اللهُ، فارجعْ إلى حربِه معنا. فقال: هَيهاتَ، غلَّ يداً مُطلقُها، واسترقَّ رقبةً مُعتقها. ثم قال:
أأُقاتل الحجَّاجَ عن سُلطانهِ ... بيدٍ تُقرُّ بأنَّها مَولاتهُ
إني إذا لأخو الدناءة والذي ... عفَّتْ على عرْفانِه جَهَلاتُهُ
ماذا أقولُ إذا وقفتُ موازياً ... في الصفِّ واحتجَّتْ له فَعَلاتُهُ
وتدَّثَ الأكفاءُ[تراموا بالكلام]أنَّ صنائعاً ... غُرستْ لديَّ فحنْظلتْ نَخَلاتُهُ

د/ خالد سعد النجار
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-01-2020, 05:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مكارم الأخلاق


مكارم الأخلاق (2)


خالد سعد النجار


بسم الله الرحمن الرحيم
مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم .. سنة الأنبياء، وصراط العقلاءِ، ومختار النبلاءِ، ومجد الفضلاء .. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِي اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ» [البيهقي]
في حرب البسوس الشهيرة قاد الْحَارِثِ بْنِ عُباد قبائل بكر لقتال تغلب وقائدهم مُهَلْهِلِ بْنِ رَبِيعَةَ [الزير سالم] الذي قتل ولد الحارث «بُجَيْرَ» حين أرسله ليصلح بين بكر وتغلب .. قتل بجير وقال: (بؤ بشسع نعل كليب) [أي أنت تساوي نعل كليب، ولا يكفيني في كليب إلا قتل آل مرّة جميعا]، فأسر الحارث مهلهلاً وهو لا يعرفه فقال له: دلني على مهلهل بن ربيعة وأخلي عنك، فقال له: عليك العهد بذلك إن دللتك عليه، قال: نعم. قال: فأنا هو، فجز ناصيته وتركه. وهذا وفاء نادر ورجولة تستحق الإكبار.
كما حُكي أن النعمان بن المنذر ملك الحيرة باني الخورنق [من أفخم قصوره] جعل لنفسه في كل سنة يومين (نعمه وبؤسه) فإذا خرج فأول من يطلع عليه في يوم نعمه يعطيه مائة من الإبل ويغنيه، وفى يوم بؤسه يقتله.
وكان سبب اتخاذه يوم البؤس من عامه أنه كان له (عمرو بن مسعود) و(خالد بن نضلة) نديمين يستلذ حديثهما. فبينما هو ذات يوم يشرب معهما، جرت على لسانه أبيات شعر. فقال: قولا على هذه العروض، فقالا، فساء الملك بعض قولهما، وقد سكر فقتلهما. فلما صحا دعا بهما فأخبر بشأنهما فاشتد ندمه وكثر أسفه عليهما، واتخذ يوم قتلهما يوم البؤس من عامه.
ثم إن النعمان خرج يوما في صيد، فهاجت ريح رعبت الناس وخلعت القلوب وانقطع من أصحابه وألجأه المبيت إلى رجل من طيء يقال له (عمرو بن الأخنس) فلم يأله إكراماً لما رأى من جماله وشارته وتضوع من طيب رائحته، ولم يعرفه، حتى إذا أصبح غشيته الخيل فارتاع الرجل فقال: لا ترع، أنا النعمان فأقدم علي أمولك. فتوانى الرجل وألحت عليه امرأته فخرج يريد النعمان فصادفه يوم بؤسه وقد ركب فأمر بذبحه، فقال له: أنا الطائي أبو مثواك ليلة الريح، وإنما جئت لوفاء موعدك. فأدناه النعمان ورحب به وقال: أوصني بكل أرب لك ووطر، غير أنه لابد من القتل. فقال له الطائي: ما لي حاجة ولا أرب دون نفسي، فهب لي نفسي. فقال: لابد من القتل، فقال الطائي: إن لي وصايا وديوناً وعندي ودائع لا يعلمها أحد غيري، فدعني حتى ألحق بأهلي وأوصيهم بما أريد وأرجع إليك، قال: فمن يكفل بك؟ فسأل الطائي عن أكرم الناس عليه، فقيل له: (شريك بن عمير)، وهو ابن عمه وصهره، فاهتز لذلك شريك ومضى إلى النعمان فكفل له به، فأجل له النعمان وضمنه شريكاً بدمه، فانطلق الطائي إلى أهله وأوصاهم وودعهم ولبس أكفانه وتحنط، وأقبل يريد النعمان.
ولما أصبح النعمان يوم أجل الطائي دعا شريك ليقتله فقال له: أيها الملك اجعل لي يومي هذا إلى انقضائه، ووطن شريك نفسه على القتل وودع أهله، فلم يلبثوا أن طلع عليهم الطائي في أكفانه متحنطاً، فاشتد تعجب النعمان منه وقال: ما أدري أيكما أكرم، فأخبرني يا طائي ما حملك على الوفاء وأنت تعلم أنك مقتول، قال: حملني على ذلك ديني، قال: وما دينك؟ قال: النصرانية، فوصف له الدين وتوحيد الله تعالى، فظهر له صحة ما وصف، وقبله بفطنته وتنصر، وقال: لا بؤس ولا يوم بؤس بعد هذا، ووصل الطائي وأحسن إليه.
وحكاية كسرى (أبرويز) مع (النعمان بن المنذر) من عجب العجاب، فإن والده (المنذر بن النعمان) احتضن جد كسرى أبرويز (بهرام بن يَزدَجِرد) فقام بتربيته ورعايته ولما مات أبوه (يَزدَجِرد) أراد عظماء المملكة حجب الملك عنه فجهز (المنذر) عشرة آلاف -وقيل ثلاثين ألف- فارس من فرسان العرب وذوي البأس والنجدة بقيادة ابنه (النعمان) ووجههم إلى (المدائن) مما جعل الفرس يذعنون للأمر ويتوجون (بهرام) ملكاً عليهم. فكان الجزاء أن قتل حفيده (أبرويز) (النعمان بن المنذر) وسلبه ملكه!!.
فإنه لما غضب كسرى من النعمان لأنه طلب الزواج من ابنته، أرسل إليه يطلبه فلم يستطع أي حي من أحياء العرب أن يحميه من كسرى، فاضطر النعمان أن يمتثل للأمر، فأودع أسلحته [وكان في جملة وديعته "ألف شكة ويقال أربعة آلاف شكة، والشكة السلاح] وحرمه إلى هانئ بن مسعود الشيباني، ورحل إلى كسرى فبطش به، حيث وضع في يده القيد وزج به في سجن من سجونه المظلمة حتى هلك، ويقال أنه قتله تحت أقدام الفيلة، وولي على الحيرة بدلا منه إياس بن قبيصة الطائي، ثم أرسل إلى هانئ يطلب منه ودائع النعمان فأبى، فسير إليه كسرى جيشاً لقتاله فجمع هانئ قومه آل بكر وخطب فيهم فقال: يا معشر بكر، هالك معذور، خير من ناج فرور، إن الحذر لا ينجي من القدر، وإن الصبر من أسباب الظفر، المنية ولا الدنية، استقبال الموت خير من استدباره، الطعن في ثغر النحور، أكرم منه في الأعجاز والظهور، يا آل بكر قاتلوا فما للمنايا من بد.
وانتصر على الفرس في موقعة «ذي قار»، فهذا الرجل احتقر حياة الذل والاستكانة، ورأى الموت شرفاً في ساحة العز.
د/ خالد سعد النجار
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28-01-2020, 05:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مكارم الأخلاق

مكارم الأخلاق (3)


خالد سعد النجار

بسم الله الرحمن الرحيم
مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم .. سنة الأنبياء، وصراط العقلاءِ، ومختار النبلاءِ، ومجد الفضلاء .. عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِي اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ»[البيهقي]
من القصص الدالة على وفاء العرب، قصة وفاء السَمَوأْل بأدرع امرئ القيس .. فامرؤ القيس كان من أشهر شعراء العرب على الإطلاق. يماني الأصل، وكان أبوه ملك أسد وغطفان. وأمه أخت المهلهل الشاعر، فلقنه المهلهل الشعر، فقاله وهو غلام، وجعل يشب ويلهو ويعاشر صعاليك العرب، فبلغ ذلك أباه، فنهاه عن سيرته فلم ينته. فأبعده إلى حضرموت، موطن آبائه وعشيرته، وهو في نحو العشرين من عمره. فأقام زهاء خمس سنين، ثم جعل يتنقل مع أصحابه في أحياء العرب، يشرب ويطرب ويغزو ويلهو، إلى أن ثار بنو أسد على أبيه وقتلوه، فبلغ ذلك امرأ القيس وهو جالس للشراب فقال: "رحم الله أبي! ضيعني صغيرا، وحمّلني دمه كبيرا، لا صحو اليوم، ولا سكر غدا! اليوم خمر وغدا أمر!".
ونهض من غده فلم يزل حتى ثأر لأبيه من بني أسد، وقال في ذلك شعراً كثيراً. وكانت حكومة فارس ساخطة عليه فأوعزت إلى المنذر ملك العراق بطلب امرئ القيس، فابتعد، وتفرق عنه أنصاره، فطاف قبائل العرب حتى انتهى إلى السَمَوأْل، فأجاره. ثم رأى أن يستعين بالروم على الفرس. فقصد الحارث بن أبي شمر الغساني والي بادية الشام فسيره هذا إلى قيصر الروم في القسطنطينية، فولاه فلسطين، ولقبه «فيلارق» أي الوالي، فرحل يريدها. فلما كان بأنقرة ظهرت في جسمه قروح، وما لبث أن توفي؛ ولذلك عُرف بذي القروح، وكذلك: الملك الضليل.
أما السَمَوأْل الأزدي فشاعر جاهلي حكيم. من سكان خيبر (في شمال المدينة) كان يتنقل بينها وبين حصن له سماه (الأبلق). أشهر شعره لاميته التي مطلعها:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم.. عرضه، فكل رداء يرتديه جميل
وهي من أجود الشعر
من وفائه أن امرأ القيس لما أراد الخروج إلى قيصر استودع السموأل دروعا فلما مات امرؤ القيس غزاه ملك الشام (الحارث بن أبى شمر الغسانى) فتحرز منه السموأل، فأخذ الملك ابنا له وكان خارجا من الحصن، فصاح الملك بالسموأل فأشرف، فقال: "هذا ابنك في يدي، وقد علمت أن امرأ القيس ابن عمي ومن عشيرتي وأنا أحق بميراثه، فإن دفعت إلي الدروع وإلا ذبحت ابنك"، فقال أجلني فأجله فجمع أهل بيته نساءه فشاورهم، فكل أشار عليه أن يدفع الدروع ويستنقذ ابنه، فلما أصبح أشرف عليه، فقال: "ليس إلى دفع الدروع سبيل، فاصنع ما أنت صانع" فذبح الملك ابنه وهو مشرف ينظر إليه ثم انصرف الملك بالخيبة راجع.
وكان العرب أمة نشأت على الأنفة، فلم تخضع لحكومة أجنبية ولم تألف الرق والعبودية واستعباد الإنسان للإنسان مثل الأمم المعاصرة لهم، الذين حرموا من إبداء الرأي فضلاً عن النقد وإبداء الملاحظة، يأنفون من الذل ويأبون الضيم والاستصغار والاحتقار.
قال عنترة:
لا تسقني ماء الحياة بذلة ... بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم ... وجهنم بالعز أطيب منزل
روي أنه جلس (عمرو بن هند) ملك الحيرة لندمائه وسألهم: هل تعلمون أحداً من العرب تأنف أمه خدمة أمي؟ قالوا: نعم أم عمرو بن كلثوم الشاعر الصعلوك.
فدعا الملك عمرو بن كلثوم لزيارته، ودعا أمه لتزور أمه، وقد اتفق الملك مع أمه أن تقول لأم عمرو بن كلثوم بعد الطعام: ناوليني الطبق الذي بجانبك، فلما جاءت قالت لها ذلك فقالت: لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها، فأعادت عليها الكرة وألحت، فصاحت ليلى أم عمرو بن كلثوم: واذلاه يا لتغلب.
فسمعها ابنها فاشتد به الغضب فرأى سيفاً للملك معلقاً بالرواق فتناوله وضرب به رأس عمرو بن هند، ونادى في بني تغلب وانتهبوا ما في الرواق، ونظم قصيدة يخاطب بها الملك قائلاً:
أَلاَ لاَ يَجْهَلَنَّ أَحَدٌ عَلَيْنَا .. فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِيْنَا
بِأَيِّ مَشِيْئَةٍ عَمْرُو بْنَ هِنْدٍ .. نَكُوْنُ لِقَيْلِكُمْ فِيْهَا قَطِيْنَا
بِأَيِّ مَشِيْئَةٍ عَمْرَو بْنَ هِنْدٍ .. تُطِيْعُ بِنَا الوُشَاةَ وَتَزْدَرِيْنَا
تَهَدَّدُنَا وَتُوْعِدُنَا رُوَيْداً .. مَتَى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِيْنَا
فَإِنَّ قَنَاتَنَا يَا عَمْرُو أَعْيَتْ .. عَلى الأَعْدَاءِ قَبَلَكَ أَنْ تَلِيْنَا
[القيل هو الملك دون الملك الأعظم، والقطين هم الخدم، والقتو خدمة الملوك]
إلى أن يقول في آخر معلقته: ...
إذا ما المَلْك سام الناس خسفاً ... أبينا أن نقر الذل فينا
وعن خلق الصدق يروى العرب بيتا خالدا من الشعر والنحويون زادوه خلودا:
إذَا قَالَتْ حَذامِ فَصَدِّقُوهَا ... فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالَتْ حذَامِ
وقصته أن (عاطس الحميري) سار إلى الريان في جموع من العرب -خثعم وجعفي وهمدان- فلقيهم الريان في عشرين حياً من أحياء -ربيعة ومضر- فاقتتلوا وصبروا لا يُوَلي أحد منهم دُبُرَه، وفي الليل رجع عاطس الحميري إلى معسكره وهرب الريان تحت ليلته فسار ليلته وفي الغد ونزل الليلة الثانية فلما أصبح عاطس الحميري ورأى خلاءَ معسكرهم أتبعهم جملةً من حماة رجاله وأهل الغناء منهم فجدُوا في إتباعهم فانتبه القطا في إسرائهم من وقع دوابهم فمرت على الريان وأصحابه عرفاً عرفاً فخرجت حذام بنت الريان إلى قومها فقالت :
أَلا يَا قَوْمَنَا ارْتَحِلُوا وَسِيرُوا ... فَلَوْ تُرِكَ القَطَا لَيْلاً لَنَاما
فقال ديسم بن ظالم الأعصري :
إذَا قَالَتْ حَذامِ فَصَدِّقُوهَا ... فَإنَّ القَوْلَ مَا قَالَتْ حذَامِ
فارتحلوا حتى اعتصموا بالجبل، ويئس منهم أصحاب عاطس فرجعوا عنهم
قال أبو تمام:
إذا جَارَيْتَ في خُلُقٍ دَنِيئاً .. فأنتَ ومنْ تجارِيه سواءُ
رأيتُ الحرَّ يجتنبُ المخازي .. ويَحْمِيهِ عنِ الغَدْرِ الوَفاءُ
وما مِنْ شِدَّة ٍ إلاَّ سَيأْتي .. لَها مِنْ بعدِ شِدَّتها رَخاءُ
لقد جَرَّبْتُ هذا الدَّهْرَ حتَّى .. أفَادَتْني التَّجَارِبُ والعَناءُ
إذا ما رأسُ أهلِ البيتِ ولى .. بَدا لهمُ مِنَ الناسِ الجَفاءُ
يَعِيش المَرْءُ ما استحيَى بِخَيرٍ .. ويبقى العودُ ما بقيَ اللحاءُ
فلا واللهِ ما في العيشِ خيرٌ .. ولا الدُّنيا إذا ذَهبَ الحَياءُ
إذا لم تخشَ عاقبة َ الليالي .. ولمْ تستَحْي فافعَلْ ما تَشاءُ

د/ خالد سعد النجار

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.58 كيلو بايت... تم توفير 2.85 كيلو بايت...بمعدل (3.83%)]