كيف نجاهد أنفسنا - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 33 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 55 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 23 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 340 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 730 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-09-2008, 06:49 PM
الصورة الرمزية خاطب الحور
خاطب الحور خاطب الحور غير متصل
إيمان لا يحطمه إرهاب العدو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: خنجر في نحر اليهود
الجنس :
المشاركات: 309
افتراضي كيف نجاهد أنفسنا



الْحَمْدُ لِلَّهِ نحمده و نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وحده لا شريك له ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بعد:
المقدمة:
كثيرا ما نقرأ موضوعات غريبة، أو نطلع على مشكلات خطيرة بالأمس وفي الأيام الماضية قرأنا عن فتيات خدعن بذئاب بشرية، وارتكبت بعضهن الفواحش والموبقات ووقعن في الزنى باختيارهن وسموه بالزواج العرفي!
واطلعنا على مشاكل للبنات والأولاد و الكل يشتكي من الوقوع في مختلف الذنوب و المنكرات كالاطلاع على الأفلام أو المواقع الإباحية، والكل يتسائل ماذا نفعل وكيف يتصرف الأبوان؟
الشباب يجري وراء المغريات، ويرتكب الذنوب، ويقترف المعاصي، وبعضهم يفتخر بفعل المنكرات وبعضهم يجهر بارتكاب المحرمات، ويتنافسون في التفنن في إيقاع الفتيات الساذجات، وقد يستيقظ بعضهم ويسأل أو يتساءل، كيف ابتعد عن السوء وأهله وكيف أستقم على طاعة الله، الأم تتسائل كيفي يمكنني إشغال الأولاد بالخير والحق. وإبعادهم عن الشر والسوء .
والشاب أو الفتاة الداخلة لطريق التوبة تستفهم كيف أستمر على فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات
فكنت أجيب باختصار، ثم فكرت أن أكتب موضوعا مطولا يرشدنا جميعا لكيفية جهاد أنفسنا.
التمهيد: أهمية مجاهدة النفس:
فلابد للأب والأم، ولابد للجميع الشباب والفتيات العمل على مجاهدة النفس وتزكيتها والانتصار عليها.
فالبشر يقعون في المعاصي، ويرتكبون الذنوب والمخالفات وكل بني آدم خطاء، وقد يرزق الإنسان بصديق صالح يساعده على الخير ويبعده عن الشر أحيانا، ولكن بين أعضاءه تعيش في جنباته وتستولي على خلجاته، نفسه التي تحتاج لمجهود شاق وتعلم مستمر، هذا الموضوع مهم للجميع و لمن لم يفلح في تربية نفسه وإلزامها طاعة الله تعالى، مهم للأباء والأمهات والشباب، والفتيات، بل للأولاد والبنات أو لأولياء أمورهم وذلك لسبب مهم جدا وهو أن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، والنفس البشرية بطبيعتها تحب الراحة والكسل وتميل إلى الدعة والسكون ، وتنفر من البذل والاجتهاد والعطاء ، فهي تأمر بكل سوء وتنهي عن كل خير ،وهذه الحقيقة قررها لنا رب العزة والجلال بقوله إن النفس لأمارة بالسوء ) [ يوسف : 53] وما دام الأمر كذلك فاعلم يا أخي/ أختي أنك متى تركت لنفسك الزمام وأرخيت لها العنان، وأعطيتها ما تشتهي وأجبتها إلي كل ما تريد ؛ فإنها تقودك إلي كل شر وبلاء وتؤدي بك إلي التهلكة، ومن هنا يتعين على المرء أن يجاهد نفسه على طاعة الله ويكرها عليها، ولو نفرت منها، ويجبرها على ملازمة الإيمان والتقوى، من المعلوم أن للنفس صفات سيئة وأخلاقاً مذمومة، وأنه ينبغي السعي لإزالتها، ولكن صفات النفس الذميمة لا تزول بالأماني ولا بمجرد الاطلاع على حكم تزكيتها أو قراءة كتب الأخلاق والسلوك، بل لابد لها فوق ذلك من مجاهدة وتزكية عملية ، وفَطْمٍ لنزواتها الجامحة وشهواتها العارمة.
والنفسُ كالطفلِ إنْ تُهملهُ شبَّ على حُبِّ الرضاعِ وإنْ تفطمهُ ينفطم
والموضوع قسمته إلى عناصر بخلاف المقدمة والتمهيد، وذلك لتغطية الموضوع بصورة شبه كاملة وأرجو ممن يقرأه أن يدعو لي بظهر الغيب، وينشره، و يمكن أن يطبعه، ويوزعه بصورة غير تجارية لنشر الخير، وجزاكم الله خيرا.
أولا: في معنى المجاهدة والجهاد ومراتبه، ومعنى النفس في اللغة والشرع.
المجاهدة لغة: مصدر جاهد يجاهد جهاداً ومجاهدة، وهو مأخوذ من مادة ( ج هـ د ) التي تدل على المشقة، وبذل الجهد.
أما الجهاد في الشرع فيدور معناه عند أغلب الفقهاء: على قتال المسلمين للكفار بعد دعوتهم إلى الإسلام أو الجزية ثم إبائهم، وهناك أنواع أخرى قد أطلق عليها الشارع اسم الجهاد مع خلوها من القتال كجهاد المنافقين، وجهاد النفس .
الانتصار على النفس أولاً:
ولما كان جهاد أعداءِ الله فرعًا على جهادِ العبد نفسه في ذاتِ الله ، كان جهادُ النفس مُقدَّماَ على جهاد العدوِّ ؛ فإن من لم ينجح في جهاد نفسه أولاً لتفعل ما أُمِرَتْ به، وتترك ما نُهيت عنه، ويُحارِبها في الله، لم يستطع جهادُ عدوه ، فكيف يُمكِنُهُ جهادُ عدوه ، وعدوُّه الذي بين جنبيه قاهرٌ له، متسلطٌ عليه، لم يُجاهده، ولم يُحاربه في الله، بل لا يمكن الخروجُ إلى العدو ، حتى يُجاهد نفسه على الخروج•
العدو الثالث: فهذان عدوَّانِ قد امتُحِنَ العبدُ بجهادهما (النفس والأعداء)، وبينهما عدوٌ ثالث، لا يمكنه جهادُهما إلا بجهاده، وهو واقف بينهما يُثَبِّطُ العبدَ عن جهادهما، ويُخَذِّلُه، ويُرجِفُ به، ولا يزالُ يُخَيِّل له ما في جهادهما من المشاق، وترك الحظوظ، وفوت اللذات، والمشتهيات، ولا يُمكنه أن يُجاهِدَ هذين العدويْنِ إلا بجهاده، فكان جهادُه هو الأصل لجهادهما، وهو الشيطان؛ قال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً )(فاطر: من الآية6). والأمر باتخاذه عدوًا تنبيه على استفراغ الوسع في محاربته ومجاهدته، كأنَّهُ عدو لا يفتر،ولا يُقصِّر عن محاربة العبد على عدد الأنفاس .
مراتب الجهاد:
ذكر العلماء أن للجهاد أربع مراتب:جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين.
فجهاد النفس أربع مراتب أيضاً:
إحداها: أن يجاهدها على تعلُّم الهُدى، ودين الحق الذي لا فلاح لها، ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به، ومتى فاتها عِلمُه، شقيت في الدَّارين•
الثانية: أن يُجاهدها على العمل به بعد علمه، وإلا فمجرَّدُ العلم بلا عمل إن لم يَضُرَّها لم ينفعْها•
الثالثة: أن يُجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه، وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهُدى والبينات، ولا ينفعه علمُهُ، ولا يُنجِيه من عذاب الله•
الرابعة: أن يُجاهدها على الصبر على مشاقِّ الدعوة إلى الله، وأذى الخلق، ويتحمَّل ذلك كله لله• فإذا استكمل هذه المراتب الأربع، صار من الرَّبَّانِيينَ؛ فإن السلف مجمِعُونَ على أن العَالِمَ لا يستحقُّ أن يُسمى ربانيًا حتى يعرف الحقَّ، ويعمل به، ويُعَلِّمَه، فمن علم وعَمِلَ وعلَّمَ فذاك يُدعى عظيماً في ملكوت السماوات•
وأما جهاد الشيطان، فمرتبتان:
إحداهما: جهادُه على دفع ما يُلقي إلى العبد من الشبهات والشكوكِ القادحة في الإيمان•
الثانية: جِهادهُ على دفع ما يُلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات ، فالجهادُ الأول يكون بعُدة اليقين، والثاني يكون بعُدة الصبر؛ قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24).
وأما تعريف المجاهدة: فطام النفس عن الشهوات، ونزع القلب عن الأماني والشهوات. فالمجاهدة هي تقوية الإرادة ، وتدريب النفس على ترك المحرّمات ، وأداء الواجبات ، واكتساب الفضائل ، وتحاشي الوقوع في الرذائل . لذلك كانت المجاهـدة عملية شـاقّة (كما سيأتي) ، ومرتبة عالية من مراتب الجهاد ، لأنها محاولة عقلية وإرادية للانتصار على الذات والغريزة ، وترويضها على قبول الحق وفعل الخير والبعد المنكر .
وتعريف النفْس في اللغة تطلق على الروح، والدم والجسد والعين.
وفي الاصطلاح: هي الجوهر البخاري اللطيف الحامل لقوة الحياة والحس و الحركة الإرادية.
مجاهدة النفس هي إذن: فطمها وحملها على خلاف هواها المذموم وإلزامها تطبيق شرع الله تعالى أمراً ونهياً.
ومجاهدة النفس كذلك: هي ترويض النفس وتدريبها وتربيتها على الالتزام بخط الإسلام، والتطابق الإرادي والنفسي مع منهاجه القويم .
ودليلها من الكتاب قوله تعالى: ( والذينَ جاهدوا فينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) . وهذه الآية من سورة العنكبوت ، وهي سورة مكية ، ومن المعلوم أن جهاد الكافرين شرع في المدينة النبوية ، وهذا يدل على أن المراد من الجهاد هنا جهاد النفس ، وبما أن تزكية النفس فرض عين ، وهي لا تتمّ إلا بالمجاهدة ، فإن المجاهدة تكون فرض عين ، إذ إن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن مجاهدة النفس وإكراهها على الطاعات من أفضل أنواع الجهاد في سبيل الله ، وسيأتي الدليل على ذلك الدليل من السنة .
وتربية النفس وتزكيتها ضرورة واجبة، وهو استجابة لأمر الله عز وجل ؛ إذ إن الله تعالى قد أمرنا أجمعين أن نزكي أنفسنا، وأن نقيها الذنوب والمعاصي حيث قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً﴾، وقد ربط الله عز وجل فلاح هذه الأنفس بتزكيتها وتربيتها في غير ما موطن في القرآن الكريم، فيقول الله تعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) .
ثانيا: الأمر بالمجاهدة في القرآن الكريم :
وقد أمرنا الله تعالى بمجاهدة أنفسنا لله فقال تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ، وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج )[سورة الحج:77-78]، وحق الجهاد يكون بفعل مراتب الجهاد الأربع السابقة .
نتيجة المجاهدة : وعد الله تعالى من جاهد نفسه وخالف هواه وجعل هدفه السعي إلى مرضاة الله ؛ وعده الله تعالى بالمعونة والنصر والتأييد والهداية للطريق القويم ، فقال سبحانه وتعالى : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) [ العنكبوت : 69]
ثالثا ـ الأمر بالمجاهدة في الحديث والآثار : وعن " فضالة بن عبيد " رضى الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( والمجاهد من جاهد نفسه في الله ) [ رواه ابن حبان والترمذي في كتاب فضائل الجهاد وصححه ورواه أحمد وانظر السلسة الصحيحة للألباني (549)] ،
و قال " عمر بن عبد العزيز " رحمه الله :" أحب الأعمال إلي الله ما أكرهت عليه النفوس " .
وقال عبد الله بن المبارك " رحمه الله : " إن الصالحين قبلنا كانت تواتيهم أنفسهم ( أي تعينهم وتوافقهم ) على فعل الخير ونحن لا تواتينا أنفسنا إلا أن نكرها " فسبحان الله ماذا سيقول ابن المبارك لو أدرك زماننا هذا ؟!!
رابعاـ خطورة عدم مجاهدة النفس :
فقد اتفق علماء السلف على أن النفس تحجز بين القلب وبين الوصول إلى الرب، وأنها لا تستطيع أن تصل إلى مرضاة الله عز وجل والنجاة يوم القيامة إلا بعد تهذيبها والسيطرة عليها، قال تعالىونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ،قد أفلح من زكاها ،وقد خاب من دساها ) الشمس : 7_ 10وقال تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ) آل عمران :30.
تتمثل خطورة ترك مجاهدة النفس في أن صلاحها وفسادها لا يؤثر على حياة الفرد ومصيره فحسب، بل يؤثر على المسلمين عامة وعلى الدعاة خاصة.
والمثال على ذلك ما أصاب المسلمين في غزوة أحد ما أصابهم من القرح الشديد حيث قتل سبعون من الصحابة وجرح الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وتساءل بعض الصحابة رضوان الله عليهم ما سبب الهزيمة ألسنا نقاتل في سبيل الله ومعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وعدنا الله تعالى بالنصر؟ فأنزل الله عز وجل قوله تعالى: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير ) آل عمران : 165سبب الهزيمة من أنفسكم، بسبب مخالفة الرماة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
أيها الأخوة الكرام/ أيتها الأخوات الفاضلات:
إنه بالرغم ما للنفس من خطورة وأهمية كبيرة إلا أنه وللأسف
1. يترك كثير من الناس نفوسهم ولا يهتمون بتزكيتها ومجاهدتها ولا تطهيرها.
2. ومن الناس من يعرف في نفسه الصفات الذميمة والأمراض الكثيرة كالبخل أو الكبر أو الرياء أو حب الرياسة والسيطرة على الآخرين أو حب الانتصار للنفس في الباطل أو العجب وحب الظهور أو الاعتزاز الشديد بالرأي الشخصي، ولكنه لا يقاوم تلك الصفات، بل ويتساهل مع ما تدفعه إليه من أعمال، فتنمو تلك الصفات، ويصعب عليه السيطرة على نفسه.
3. والصنف الثالث من الناس لا يملك قوة على مواجهة نفسه ولا يريد أن يعترف أنه مصاب بتلك الصفات الذميمة، وبالتالي لا يفكر أساسا في علاجها، فهل هذه حال أناس يدركون أهمية صلاح نفوسهم؟
الوقوف مع النفس : إننا يجب أن نعيد النظر في اهتمامنا بتزكية النفس لنقضي على تلك المظاهر السابقة أو لتقليلها في صفوف المسلمين، وإلا فالنتيجة وخيمة لا يرضى بها إلا عدو، وليس من المبالغة في القول إننا يجب أن نقف كثيرا مع نفوسنا نحاسبها كما يحاسب الشريك المتخوف شريكه، وأن نخطو بقوة وعزيمة كما يخطو الجندي المهاجم على عدوه، ولعل المقام يسمح بإلقاء الضوء على بعض خطوات إصلاح وتزكية النفس.
خامساً ـ خطوات إصلاح النفس وبيان أنواعها
:
أما الخطوة الأولى لإصلاح النفس وتزكيتها : هي معرفة موقع النفس ودرجتها، لقد وصف الله سبحانه تعالى النفس في القرآن الكريم بثلاثة صفات أو ذكر لها ثلاث درجات.
أما الصفة الأولى وهي أدنى وأخس درجة هي النفس الأمارة، وهي التي تأمر صاحبها بما تهواه من الشهوات والملذات الحسية ، أو تأمر صاحبها بالأخلاق القبيحة كالظلم أو الحقد أو الفخر وغير ذلك من مخالفات للشرع، فإن أطاعها العبد قادته لكل قبيح ومكروه قال تعالى: (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي ) يوسف : 53، فأخبر سبحانه وتعالى عن تلك النفس أنها أمارة وليست آمرة لكثرة ما تأمر بالسوء، ولأن ميلها للشهوات والمطامع صار عادة فيها إلا إذا رحمها الله عز وجل وهداها رشدها ، وهذه هي النفس التي يجب مجاهدتها .
أما الصفة الثانية أو الدرجة التي يمكن للنفس أن تعلو إليها فهي النفس اللوامة، وهي النفس التي تندم على ما فات وتلوم عليه، وهذه نفس رجل لا تثبت على حال فهي كثيرة التقلب والتلون، فتذكر مرة وتغفل مرة، تقاوم الصفات الخبيثة مرة، وتنقاد لها مرة، ترضي شهواتها تارة، وتوقفها عند الحد الشرعي تارة.
أما الصفة الثالثة أو أعلى مرتبة يمكن أن تصل إليها نفسك وترقى هي النفس المطمئنة، وهي تلك النفس التي سكنت إلى الله تعالى واطمأنت بذكره وأنابت إليه وأطاعت أمره واستسلمت لشرعه واشتاقت إلى لقائه، كرهت كل معصية وأحبت كل طاعة وتخلصت من الصفات الخبيثة من الشح والأنانية واللؤم والخيانة واستقرت على ذلك فهي مطمئنة، وهذه النفس هي التي يقال لها عند الوفاة (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي )
.
هذه هي أحوال النفس التي تتردد عليها والنفس تكون تارة أمارة وتارة لوامة وتارة مطمئنة، بل في اليوم الواحد والساعة الواحدة يحصل منها هذا وهذا ، وها هنا موضع مجاهدة النفس وتزكيتها فمجاهدة النفس تعني أن تنقل نفسك من حمأة النفس الأمارة إلى يقظة النفس اللوامة ثم إلى نقاء وطهارة النفس المطمئنة والثبات على ذلك وحتى تعرف أين موقع نفسك أمام هذه الدرجات وأين يقف المؤشر فانظر إلى الصفة الغالبة.
الخطوة الثانية: في إصلاح نفسك: هي الاعتراف بالعيوب والتعرف عليها، فإن اعتراف الإنسان أن به عيوبا خطوة هامة في طريق الإصلاح لأن الإعراض عن معرفة العيوب هو ضعف ونقص وفقدان للشجاعة في مواجهة النفس، بل هي إحدى صفات المعرضين عن رسل الله عز وجل حيث قال تعالى: (ولكن لا تحبون الناصحين ) وإن مما يجعلك ترفض الاعتراف بالعيب الشعور بأنك قد بلغت مرحلة من الصلاح لا تحتاج فيها إلى تذكير ونصح لكثرة ما قرأت وعلمت في إصلاح النفوس، وتطمئن إلى هذه المعرفة دون أن تقف مع نفسك وقفة حازمة لترى هل تخلصت فعلا من الأخلاق الذميمة، لقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه المبشر بالجنة يقول:"رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي"، وكان يذهب إلى حذيفة ليعرف هل هو من المنافقين أم لا، وكان أحد تلاميذ سفيان الثوري يدعو الله عز وجل ويقول: اللهم عرفني نفسي. وقال محمد بن كعب القرطي: إذا أراد الله بعبد خيرا جعل فيه ثلاث خصال: فقها في الدين، وزهادة في الدنيا، وبصرا بعيوبه.
هذا وإن من أهم الوسائل التي تعين على معرفة عيوب النفس باختصار : طلب العلم والمواظبة عليه، ومصاحبة الأخ الناصح الرفيق : الذي يبصرك بعيوبك ويرى أن ذلك واجبا عليه عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : (الدين النصيحة) , والاطلاع على كلام أعدائك وخصومك فإنهم يتلمسون دائما معايبك.
الخطوة الثالثة: لإصلاح النفس ينبغي مجاهدة الصفات الذميمة أو القبيحة في النفس، والصفات الذميمة التي في النفس كثيرة مثل الحقد، الحسد، البخل، التكبر عن قبول الحق، الخيانة، الرياء، احتقار الآخرين لميزة يراها الإنسان في نفسه لعلم أو مال أو جاه، و الاغترار بالرأي الشخصي
.
ولتتمكن من مقاومة تلك الصفات عليك أن تثق تماما أنها ستمنعك مما فيه صلاحك في الدنيا والآخرة، وأنها ستجلب غضب الله عز وجل فلا تستجيب لندائها ولتفعل ما يقتضيه مخالفتها قال الشاعر
:
إذا طالبتك النفس يوما بشهوة و كان إليها للخلاف طريق
فدعها وخالف ما هويت فإنما هواك عدو والخلاف صديق

وخذ عندك مثلا لذلك، قد يهم الإنسان بالإنفاق في سبيل الله إعانة الدعوة أو التصدق على الفقراء والمساكين أو غير ذلك، فيحول الشح والبخل المتأصل في النفس دونك ودون الإنفاق، وتتولد في نفسك المعاذير لئلا تنفق، وتبدأ نفسك تكثر أمامك الحاجة الملحة للمال حتى تمسك يدك عن الإنفاق في سبيل الله.
خذ مثالا آخر قد تتولد عندك في فترة من فترات الراحة والارتخاء دافع قوي للصلح مع ذلك الأخ الذي تشاحنت معه وتأزمت بينك وبينه العلاقة وتمثلت أمامك الآية التي يقول الله عز وجل فيها: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) فصلت : 34،35، وإذا بالنفس الأمارة وبكبرها وحقدها تقف أمامك لتحول بينك وبين مصالحة أخيك. كيف وكيف وكيف وهو الذي أخطأ في حقك ؟ كيف وأنت لم تمس له كرامة؟ وأنت الذي ما قصرت في حق من حقوقه؟ وإذا بهمتك المندفعة للخير تقف وتشل بفعل نفسك الأمارة إن لم تزدك حقدا . وقد يهم البعض بأن ينطلق في ميدان الدعوة إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعليم والتعلم، فلا يكاد يبدأ حتى تخرج عند طبيعة نفسية هي غلبة حب الكسل والراحة والخمول، فتقعده عن هذا المجال العظيم وتؤخره عنه، وقد يوجد عند بعض الناس في نفوسهم شيء من العجب أو الرياء، فلا ينشط إلا في المجالات التي يكون فيها فرصة للظهور والبروز، فإذا ما أصبح وحيدا كسل عن كثير من العبادات والطاعات والسنن التي كان يفعلها أمام الناس، فينبغي لمثل هذا أن يعلم أن نفسه ستوقعه في الهلاك وستهدم عليه كل ما يقيمه من أعمال إلا أن يقاومها ويجاهدها ويقف لها بالمرصاد وليكثر من عمل الطاعات في الخفاء ليعود نفسه الإخلاص والصدق في العمل.
والنفس تعلم أني لا أصادقها ولست أرشد إلا حين أعصيها
قال ابن الجوزي: وما زلت أغلب نفسي تارة وتغلبني تارة، فخلوت يوما بنفسي فقلت لها: ويحك اسمعي أحدثك إن جمعت شيئا من وجه فيه شبهة أ فأنت على يقين من إنفاقه؟ قالت: لا. قلت لها: فالمحنة عند الموت أن يحظى به غيرك ولا تنالين إلا الكدر العاجل والوزر. ويحك اتركي هذا الذي يمنع الورع لأجل الله، أَوَ مَا سمعت أن من ترك شيئا لله عوضه الله خير منه.
ثم هذا هو يجاهد نفسه وقد أصابه نوع من العجب بعلمه قال: وجدت رأي نفسي في العلم حسنا إلا إني وجدتها واقفة مع صورة التشاغل بالعلم فصحت بها: فما الذي أفادك العلم؟ أين الخوف أين الحذر؟ أَوَمَا سمعت بأخبار الصالحين في تعبدهم واجتهادهم أَوَمَا كان الرسول صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين ثم قام حتى ورمت قدماه؟ أما كان أبو بكر رضي الله عنه شجي النشيج كثير البكاء؟ أما كان في خد عمر رضي الله عنه خطان من آثار الدموع
؟
__________________
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى و لهذا يقال: ما خلا جسد من حسد، ولكن اللئيم يبديه، والكريم يخفيه
(المجموع ١٠ / ١٢٤)
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-09-2008, 09:45 PM
goldman680 goldman680 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
مكان الإقامة: morocco
الجنس :
المشاركات: 16
الدولة : Morocco
افتراضي

بورك فيك اخي وجزاك الله كل خير واعاننا على مجاهدة انفسنا و حتها على الطاعات و ترك الشهوات
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28-09-2008, 01:26 AM
الصورة الرمزية بنت فلسطين
بنت فلسطين بنت فلسطين غير متصل
مشرفة ملتقى حراس الفضيلة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
مكان الإقامة: حتى الان لم اصل للاقصى
الجنس :
المشاركات: 942
الدولة : Italy
افتراضي



اهلا اخي الكريم بك بيننا
موضوع رائع و اختيار مميز
بوركتم و رزقتم كل خير
اعاننا الله و اياكم على مجاهدة النفس و تهذيبها
دمتم في حمى الرحمان


__________________
انضموا لنا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28-09-2008, 02:54 PM
الصورة الرمزية خاطب الحور
خاطب الحور خاطب الحور غير متصل
إيمان لا يحطمه إرهاب العدو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: خنجر في نحر اليهود
الجنس :
المشاركات: 309
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة goldman680 مشاهدة المشاركة
بورك فيك اخي وجزاك الله كل خير واعاننا على مجاهدة انفسنا و حتها على الطاعات و ترك الشهوات


اللهم آمين ... وفيك بارك الله أخي الفاضل
__________________
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى و لهذا يقال: ما خلا جسد من حسد، ولكن اللئيم يبديه، والكريم يخفيه
(المجموع ١٠ / ١٢٤)
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28-09-2008, 05:30 PM
ابو مصعب المصرى ابو مصعب المصرى غير متصل
مشرف سابق
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
مكان الإقامة: egypt
الجنس :
المشاركات: 2,577
الدولة : Egypt
افتراضي

بوركت اخى خطاب
__________________
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28-09-2008, 05:52 PM
أمين السلام أمين السلام غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
مكان الإقامة: تحت ظلال السلام و بر الأمان
الجنس :
المشاركات: 12
047

الســلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أخانا الفـاضل الحبيب "خطـاب" ...
أحسن الله إليـك وجــزاك خيرا على موضوعك الطيب ...
ربمـا ذكرت أصل الأصول وسلم الوصول ومفتاح الدخـول لجنـات الخلد ...
فلا شهادة بدون جهاد نفس ولا أمل في النجـاح بدون مخالفتـا التي هي "الامارة بالســوء" ...

أنــار الله قلبك ودربك وقبرك وغفر ذنبــك وشرح صدركـ ...
حفظك ربــي ورعاك ومن الصالحين اجتبــاك ...

والســلام ختام وأفضل الصـلاة والسلام على محمد خير الأنــام ...
الســلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 30-09-2008, 05:57 AM
الصورة الرمزية oummati2025
oummati2025 oummati2025 غير متصل
مشروع حراس الفضيلة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
مكان الإقامة: morocco
الجنس :
المشاركات: 877
الدولة : Morocco
افتراضي

بارك الله فيك أخي الكريم خطاب و جزاك كل خير يا رب
__________________
أحيانا نحتاج وقفة من اللهاث المتسارع، لنعيد التصالح مع أنفسنا وإعادة حساباتنا في الحياة الدنيا، وتصحيح المسار والقناعات والمفاهيم لتناسب حقيقة الحياة ومآلها وما ينتظرنا من سعادة أو شقاء والعياذ بالله

أختكم: نزهة الفلاح
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-10-2008, 06:26 PM
الصورة الرمزية خاطب الحور
خاطب الحور خاطب الحور غير متصل
إيمان لا يحطمه إرهاب العدو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: خنجر في نحر اليهود
الجنس :
المشاركات: 309
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وجزاكم الله مثله أخوتي وأخواتي

وشكر الله مروركم العطر

وكل عام وأنتم بخير

__________________
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى و لهذا يقال: ما خلا جسد من حسد، ولكن اللئيم يبديه، والكريم يخفيه
(المجموع ١٠ / ١٢٤)
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02-10-2008, 10:17 PM
الصورة الرمزية هبه بنت الفاروق
هبه بنت الفاروق هبه بنت الفاروق غير متصل
رٍضـــاكَ والجـــنة
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
مكان الإقامة: ღ҉§…ღ مجموعة زهرات الشفاء ღ …§҉ღ
الجنس :
المشاركات: 2,016
الدولة : Morocco
افتراضي

جزاك الله كل خير


نفع الله بك الاسلام والمسلمين
__________________

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 07-10-2008, 06:13 PM
الصورة الرمزية خاطب الحور
خاطب الحور خاطب الحور غير متصل
إيمان لا يحطمه إرهاب العدو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: خنجر في نحر اليهود
الجنس :
المشاركات: 309
افتراضي

اللهم آمين ... وشكر الله مرورك أختاه هبة بنت الفاروق
__________________
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى و لهذا يقال: ما خلا جسد من حسد، ولكن اللئيم يبديه، والكريم يخفيه
(المجموع ١٠ / ١٢٤)
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 117.48 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 111.36 كيلو بايت... تم توفير 6.12 كيلو بايت...بمعدل (5.21%)]